العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑

الملاحظات


๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ 1427-1430 هـ

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-01-07, 03:59 PM   #1
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي الدرس الثالث في شرح متن ثلاثة الأصول ( المفرغ )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياكن الله أخواتي طالبات الدورة العلمية الثانية

بين أيديكن تفريغ الدرس الثالث من شرح ثلاثة الأصول لفضيلة الشيخ سليمان اللهيميد حفظه الله تعالى

جزى الله الأخت الكريمة التي قامت بتفريغ الدرس خير الجزاء وبارك الله في جهدها وتقبل الله منها هذا العمل خالصا لوجهه سبحانه



------------------------------------------------------
الدرس الثالث في شرح متن ثلاثة الأصول ( المفرغ )
------------------------------------------------------



بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا,من يهده الله فلا مضل له,ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,وأشهد أن محمدا عبده ورسوله,صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما"
ضمن دروس العقيدة,وضمن دروس شرح الأصول الثلاثة,فهذا هو الدرس الثالث من هذه الدروس,نسـأل الله تبارك وتعالى العلم النافع والعمل الصالح والرزق الطيب,نسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى.
وقد انتهى بنا الدرس الماضي عند قول المصنف رحمة الله تعالى عليه,قال:
اعلم ,رحمك الله,أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ثلاث هذه المسائل والعمل بهن :
الأولى : أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً بل أرسل إلينا رسولاً فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار . والدليل قوله تعالى : "إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً" (المزمل:15-16)
هذه هي المسألة الأولى من هذه المسائل الثلاث التي ذكرها المصنف رحمة الله تعالى عليه.
إن هذه المسائل هي من أهم المسائل التي تتعلق بالتوحيد,والتي يجب على كل مسلم,على كل مكلف,من ذكر وأنثى وحر وعبد,أن يتعلمهن وأن يعتقد ما في هذه المسائل وأن يعمل بما فيها فإن العمل هو ثمرة العلم.
المسألة الأولى هي أن الله خلق الخلق,وخلقهم لحكمة عظمى ,هذا مقصود المسألة الأولى. فقال,رحمه الله,أن الله خلقنا:أي أن الله تبارك وتعالى هو الذي خلق الكون,وهو الذي خلق الناس,خلقهم من العدم, كما قال الله تعالى:"هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض"
الدليل على أن الله هو الخالق,الأدلة من القرآن والسنة كثيرة جدا,يقول الله تبارك وتعالى:"هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون" ويقول الله عز وجل:"ولقد خلقناكم ثم صورناكم" ويقول الله عز وجل:"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"هذه الآية عظيمة تبين أن الله عز وجل هو الذي خلقنا,وتبين أن الله عز وجل خلقنا لحكمة كما سيأتي بعد قليل.لكن هذه الآية فيها فوائد نذكرها ونرجو تسجيلها لأنها مهمة.
في قول الله تعالى:"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون":هذه الآية فيها فوائد:

أولا:إثبات وجود الجن.والجن وجودهم ثابت بالقرآن والسنة,كما قال الله تعالى:"يا معشرالإنس والجن ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي".وأيضا جاء في الحديث الذي في البخاري,قال قال صلى الله عليه وسلم:"لا يسمع صوت المؤذن إنس ولا جن إلا شهد له يوم القيامة". هذه الفائدة الأولى
.
الفائدة الثانية: الآية دليل على أن الجن مكلفون,مأمورون ومنهيون, وهذا باتفاق العلماء,وأنهم خلقوا لنفس الغاية التي خلق من أجلها الإنس.

الفائدة الثالثة:أن من كفر من الجن دخل النار,بالإتفاق,.بنص القرآن, كما قال الله تعالى:"ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس"

الفائدة الرابعة:أن من آمن منهم فإنه يدخل الجنة,وهذا قول أكثر العلماء,لعموم قول الله تبارك وتعالى:"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نُزلا",ولقوله تعالى:"لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان"

وأما الدليل العقلي على أن الله خلقنا,سبحانه وتعالى,فقد جاءت الإشارة في قول الله تبارك وتعالى:"أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون",نرجو الانتباه لهذه النقطة,من المعلوم أن القسمة تقتضي واحد من ثلاثة أمور:

1. إما أننا خلقنا من غير خالق..وهذا مستحيل,هذا لا يمكن.
2. أو أننا خلقنا أنفسنا.وهذا فاسد,لماذا؟لأننا كنا معدومين, والمعدوم لا يمكن أن يكون قادرا على إيجاد نفسه. فتعين الأمر الثالث وهو:
3. أننا مخلوقون,وأن الله عز وجل هو الذي خلقنا. نعم,فإن الناس وهذا النظام والكون لا يمكن أن يوجد صدفة,لا بد له من خالق.

نعم,"أن الله خلقنا ورزقنا" أي:أعطانا النعم ورزقنا النعم فلم يتركنا جياعا ولا عراة,كما قال الله تعالى:"إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين". وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين:"يبعث إليه ملك فيؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد" وهذا الحديث في الصحيحين.كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال:حدثنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم..والحديث مشهور وهو موجود في الأربعين النووية.
وقال تعالى:"وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها".إذن الله عز وجل هو الذي رزقنا,والفائدة من ذلك:أن نعلم وأن نستيقن أن الله تعالى هو الذي رزقنا ونطلب الرزق من الله عز وجل,ممن يملك الرزق,الغني:"أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد" ولذلك في الحديث الطويل الذي يُسمى حديث أبي ذر,في قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي:يقول الله تبارك وتعالى:"يا عبادي,لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته,ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر"والحديث مشهور عظيم وقد رواه الإمام مسلم في صحيحه.

فالمقصود,أن الله عز وجل هو الذي رزقنا. وللفائدة أذكر أسبابا ثبتت أنها من أسباب الرزق,كما جاءت في السنة:

أولا:الاستغفار.والدليل,قال تعالى مخبرا عن نوح عليه السلام:"فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا"

السبب الثاني:التقوى,كما قال الله تبارك وتعالى:"ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب"

السبب الثالث:التوكل على الله تبارك وتعالى: أن يتعلق القلب بالله تبارك وتعالى,فلا يعتمد على وظيفة,ولا يعتمد على فلان وفلانة, وإنما يعلم أن الرازق والمانع والمعطي هو الله عز وجل,ولذلك الدليل على أن التوكل من أسباب الرزق:حينما يتوكل الإنسان على الله عز وجل:قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله,لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا"
معنى خماصا:أي جياعا.وتروح آخر النهار بطانا:أي عظيمة البطن أي شباعا.

السبب الرابع:التفرغ لعبادة الله تبارك وتعالى. وأذكر الجميع بأهمية ذكر الدليل,فينبغي على المبتدئ وطالب العلم أن يتعلم الدليل,ما دام أنه في بداية طلبه,حتى يتعلم على الدليل أفضل وأحسن.
التفرغ لعبادة الله عز وجل,والدليل: ما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله تعالى يقول: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإلا تفعل ملأت يدك شغلا ولم أسد فقرك"

الخامس من أسباب الرزق: المتابعة بين الحج والعمرة,والدليل: جاء في الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة"

السبب السادس,حتى لا أطيل,:صلة الرحم,كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من سرّه أن يُبسط له في رزقه(يعني يُوسع) وأن يُنسأ له في أثره (يعني يُطول في عمره) فليصل رحمه"

السبب السابع:الإنفاق في سبيل الله: نعم,فإن من أنفق لله تبارك وتعالى وعلم أن الله يخلفه فإنه يخلفه الله عز وجل ,قال تعالى :"وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه". ولذلك نذكر الجميع بالحديث المشهور:أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من يوم يصبح العباد فيه ، إلا ملكان ينزلان ، فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا".
فينبغي على الإنسان أن يحرص عليها,وأن يطبقها,وليبشر برزق الله تبارك وتعالى.

ولم يتركنا هملا :أي أن الله عز وجل خلقنا ولم يتركنا عبثا ولعبا,بل خلقنا لحكمة عظيمة,قال الله عز وجل:"أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو" يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره:أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا:أي أفظننتم أنكم مخلوقون عبثا بلا قصد ولا إرادة منكم ولا حكمة منا. وقيل: للعبث أي لتلعبوا وتعبثوا كما خُلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب, ولذلك قال الله عز وجل:"أيحسب الإنسان أن يترك سدى" ما معنى سدى؟ قيل: لا يُبعث. وقيل: لا يُؤمر ولا يُنهى.وكلاهما صحيح: أيظن الإنسان أن يترك سدى لا يبعث ولا يؤمر ولا ينهى.

وأما الدليل العقلي على أن الله خلقنا لحكمة وهي عبادته سبحانه وتعالى:أن وجود هذه البشرية:تحيى ثم تتمتع كما تتمتع الأنعام ثم تموت ثم لا بعث ولا حساب: هذا أمر لا يليق بحكمة الله تبارك وتعالى, بل هو عبث محض.ولا يمكن أن تقتضي حكمة الله عز وجل أن يخلق هذه الخليقة ويرسل إليها الرسل ويبيح لها دماء المعارضين المخالفين للرسل ثم تكون النتيجة لا شيء:هذا مستحيل على حكمة الله تبارك وتعالى,لأن الله عز وجل منزه عن النقائص,هذه فائدة:الله منزه عن النقائص:منزه عن النوم"لا تأخذه سنة ولا نوم"منزه عن الموت "وتوكل على الحي الذي لا يموت",منزه عن كل عيب ونقص,منزه أن يخلق لغير حكمة,عن العبث منزه سبحانه وتعالى ولذلك قال:"أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو" ولذلك قال :( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ) .

إن من يعلم أنه مخلوق للعبادة,ويعلم أن الله لم يخلقه هملا,هل يقضي وقته في اللهو واللعب؟
إن من يعلم أنه مخلوق لأمر عظيم:خلقه الله عز وجل للعبادة,هل يعصي رب الأرض والسماء؟
إن من يعلم أنه مخلوق لله عز وجل:خلق للطاعة,خلق للعبادة,خلق في هذه الأيام المعدودة التي سوف يودع فيها الدنيا , هل يقضي أوقاته في الأمورالمحرمات وفي الأمور المنكرات وفيما يُعصى فيه رب الأرض والسماء؟
إن الإنسان حينما يعلم هذه الحقيقة ويوقن بها,ينبغي عليه أن يعرفها وأن يطبقها وأن يعلم أنه مخلوق للعبادة لا لأمر آخر: تكفل الله برزقنا,تكفل الله بحياتنا,نحن مطالبون بعبادة الله عز وجل التي فيها السعادة في الدنيا والآخرة.
سبحان الله,مخلوقون للعبادة: كيف تصرف العين لغير الله؟!!! كيف تصرف الأذن لغير الله؟!!! كيف يصرف اللسان لغير الله؟!! إن هذه الأعضاء وهذه الجوارح خلقها الله لحكمة:أن تعبد الله عز وجل,اللسان بذكر الله تبارك وتعالى, الأذن أن تسمع الطيب أن تسمع قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم, اليد أن تتصدق أن تنفق, العين أن تنظر في الحلال أن تنظر في مخلوقات الله,لا أن تنظر في المحرمات والقنوات الملعونة وغيرها من المجلات الفاسدة.
نعم,ولذلك هذه الأعضاء,وانتبهوا معي,هذه الأعضاء ستكون شاهدة علينا,إما لنا أو علينا. نعم, هذه الأعضاء هذه الجوارح,خلقها الله تبارك وتعالى لنطيعه بها,لنقيم بها دينه عز وجل,لننشر دين الله تبارك وتعالى,لا أن نعصيه سبحانه بها,
يعطينا الأعين لننظر للحرام؟!!! يعطينا اللسان لنتكلم بالغيبة والنميمة والحسد والشتم؟!!! يعطينا الآذان,نعمة عظيمة,لنسمع الحرام والغناء والغيبة وغيرها؟!!! ولذلك يقول الله تبارك وتعالى في آية عظيمة:"ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون"
هذه هي الشهود,الأعضاء هي التي تشهد,نعم: العين تشهد وتقول:كنت أنظر إلى الحرام,كنت أجلس الساعات الطويلة عند القنوات الفاسدة وعند المجلات الفاسدة وإلى الأمور المحرمات.
الأذن تشهد وتقول: كنت أستمع إلى الغيبة,كنت أستمع إلى النميمة,كنت أستمع إلى المحرمات إلى الغناء.
اللسان يشهد ويقول: كنت أتكلم بالغيبة,كنت أتكلم بالحرام,كنت أتكلم بالأمور التي لا ترضي الله.
نعم:"شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون"
"وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا" لماذا أيتها الأعضاء تشهدين علي؟!! لقد كنت أنظر إلى الحرام من أجلك أيتها الأعين!!!كنت أستمع إلى الحرام من أجلك أيتها الآذان!!!كنت أذهب بقدمي إلى الحرام وأسافر إلى الخارج للخمور والزنى وغيرها من أجلك!!! فلماذا تشهدين علي؟؟!! " قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء"
"كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا"
نعم, إذن خلقنا لحكمة,سأسألكم سؤال الآن: لو أن شخصا قيل له لماذا هذه الأعين؟ قال: لآكل بها.ماذا يقول الناس؟ سيقولون: مجنون. طيب. لو قلنا له: لماذا خلق الله الآذان؟ قال مثلا: لألعب بها أو لأكل بها. لعد مجنونا.
فالأعين للنظر والأذان للسمع,كذلك الخلق:لماذا خلقنا الله؟ خلقنا لنقضي الأوقات عند المحرمات؟؟!! خلقنا لنقضي الأوقات فيما لا يرضي الله عز وجل؟؟!! خلقنا ورزقنا وأعطانا حتى نتفرغ لطاعة الله عز وجل. أعطانا النعم والصحة والفراغ حتى نطيعه قبل أن يهجم علينا هادم اللذات.
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته* يوما على آلة حدباء محمول
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب* متى حط عن نعشه ذاك يركب
نعم,هذه المسألة الأولى,ولذلك أرسل الرسل كما قال المصنف رحمه الله: بل أرسل إلينا رسولا, هو محمد صلى الله عليه وسلم,أرسله ليبين للناس الحكمة من الخلق,وهي توحيد الله وإفراده بالعبادة وطاعته وإمتثال أوامره,فمن أطاعه دخل الجنة:من أطاع هذا الحبيب صلى الله عليه وسلم فله الجنة,تلك الدار التي أعدها الله تعالى لأوليائه الصالحين:جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر, جنة عظيمة:"فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون" فمن أطاع الرسول هنيئا له, ولذلك قال الله عز وجل:"وإن تطيعوه تهتدوا" فهنيئا لأهل الحديث,هنيئا لمن سمع حديثا فطبقه,هنيئا لمن حضر درسا فسمع حديثا فذهب وطبقه.

نعم,طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم,سواء في الأمور الواجبة أو المستحبة,نعم,يطبق,"قل إن كنتم تحبون الله" تدّعون المحبة,"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" اتبعوا محمدا. فالمحبة ليست بالكلام,فكل الناس..الكفار,ماذا قالوا:قال اليهود والنصارى:"نحن أبناء الله وأحباءه" الإدعاء كل يجيده,الإدعاء كل يستطيعه,كل الناس يقول أحب الرسول,لكن الدليل القاطع هو التطبيق,هو العمل,هو التضحية,هو الإستجابة لله ورسوله:"يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه"
نعم,إذن أرسل إلينا رسولا فمن أطاعه دخل الجنة:"وسارعوا
إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين" وقال تعالى:"ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا" وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى.قالوا ومن يأبى يا رسول الله؟ قال:من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى"
إن من يريد أن يتربى على طلب العلم,أن يجعل شيخه محمد صلى الله عليه وسلم. إن من يريد أن يتربى على العلم وأن يوفقه الله في سلم العلم وأن يوفقه في طلب العلم,إذا سمع حديثا يطبقه مباشرة ولا يقول مذهبي وفلان قال وفلان وقال كما نجد الآن في المنتديات وفي القنوات وغيرها.
أهل الحديث هم أهل النبي وإن لم يصحبوه فأنفاسه صحبوا
حب النبي بالتطبيق,نعم,فنسأل الله أن نكون من أتباع النبي قولا وفعلا.
ومن عصاه دخل النار ,نعم, كما قال تعالى:"ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين"

والدليل قوله تعالى:"إنا أرسلنا إليكم" أي يا أمة محمد, "رسولا" هو النبي صلى الله عليه وسلم," شاهدا عليكم" أي بأعمالكم, "كما أرسلنا إلى فرعون رسولا" فرعون الطاغية, "رسولا" وهو موسى عليه الصلاة والسلام." فعصى فرعون الرسول" أي فرعون عصى موسى وكذبه وهدده, "فأخذناه أخذا وبيلا" أي أخذنا فرعون أخذا شديدا وذلك بإغراقه هو وجنوده في البحر فلم يفلت منهم أحد. وهذه عاقبة المكذبين والضالين,فلتحذر أمة محمد صلى الله عليه وسلم من تكذيب رسولها,فيصيبها ما أصاب فرعون حيث أخذه الله أخذ عزيز مقتدر. نعم, أغرق الله فرعون ذلك الطاغية,"وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون" لتروا بأم أعينكم قوة الله تبارك وتعالى. وقال الله تعالى:"كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذناهم بذنوبهم" وقال الله تعالى:"النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب" وقال تعالى:"فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم"
نعم,أنقذه الله,لأن موسى دعا إلى التوحيد,وذلك حارب التوحيد فأهلكه,وهذه عاقبة كل ظالم,كل معتد,فإن الله عز وجل أهلك الأمم وأهل القرون بسبب ذنوبها.
قال ابن كثير:وأنتم أولى بالدمار والهلاك إن كذبتم رسولكم,لأن رسولكم أعظم وأشرف من موسى ابن عمران.
قال المصنف رحمه الله: الثانية : أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لا ملك مقرب ولا نبي مرسل والدليل قوله تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) (الجـن:18)
هذه هي المسألة الثانية من المسائل الثلاث المهمة التي تتعلق بالتوحيد والتي يجب على المسلم والمسلمة معرفتها جيدا,هي: أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد,أبدا, لا ملك مقرب ولا نبي مرسل,يعني فضلا عن غيرهما من سائر المخلوقات.لأن العبادة لا تصلح إلا إلى الله,الله هو الخالق,هوالرازق,هو المعطي ,هو النافع,هو الضار,إذن هو المستحق للعبادة,هو الذي يستحق أن يدعى وأن ينذر له وأن يذبح له. وهذه المسألة الثانية تتعلق بتوحيد الألوهية,لأن الشرك أعظم ذنب عصي به الله,كما سيذكر المصنف بعد قليل.فلذلك الشرك هضم للربوبية,سبحان الله,المخلوق الضعيف يشبه بالخالق العظيم:يعبد كما يعبد الخالق,نعم ولذلك الشرك هضم للربوبية,بل هو ظلم كما قال الله عن لقمان:"إن الشرك لظلم عظيم" وهل هناك أعظم من أن يجعل المخلوق الذي خلق من عدم ويلحقه زوال وضعيف من جميع الجوانب,أن يسوى بالله العظيم,أن يسوى بالله سبحانه وتعالى الخالق الرازق العليم العظيم... ولذلك الشرك هو ظلم,الشرك هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله, نعم ولذلك الشرك لا يرضاه الله, ولذلك ماذا قال المصنف؟ انظروا إلى قول المصنف: لا ملك مقرب ولا نبي مرسل,لا ملك مقرب حتى ولو كان جبريل الذي هو أشرف الملائكة وأفضلهم,فلا يجوز أن يجعل شريكا مع الله.انظروا عبارة المصنف,هذا شرك ما ينبغي لأحد حتى لو كان ملك مقرب,ولا نبي مرسل,حتى لو كان النبي صلى الله عليه وسلم,لا يجوز أن يجعل شريكا مع الله,وهو سيد البشر كما قال عليه الصلاة والسلام:"أنا سيد ولد ابن آدم ولا فخر" فمع ذلك لا يجوز أن يجعل شريكا مع الله تبارك وتعالى,لأن الألوهية خاصة بالله تبارك وتعالى,والعبودية خاصة بالله عز وجل,ولذلك كلما كان الإنسان أعظم عبودية لله كلما كان شأنه أرفع,وهذا معروف,ولذلك وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالعبودية في مقامات عديدة,أذكرها وهذه فائدة مهمة,فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالعبودية في ثلاث مواضع عظيمة:
أولا:في الإسراء:قال تعالى:"سبحان الذي أسرى بعبده"
الثانية:في مقام التحدي:قال الله عز وجل:"وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا"
الثالثة:في مقام الدعوة:"وأنه لما قام عبد الله " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما أنا عبد الله فقولوا عبد الله ورسوله".
نعم,فلذلك الشرك لا يجوز ولذلك أرسل الله الأنبياء من أولهم إلى آخرهم,لماذا؟ لمحاربة الشرك,الأنبياء من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم دعوتهم:"ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" "إن الشرك لظلم عظيم" وسيذكر المؤلف أعظم ما نهي عنه الشرك وسنتكلم عن الشرك لماذا هو أعظم الذنوب,إن شاء الله تعالى. ويكفي قول الخليل:"واجنبني وبني أن نعبد الأصنام" ابراهيم الخليل إمام الحنفاء,ابراهيم الذي عذب من أجل التوحيد,ابراهيم الذي قضى حياته بالتوحيد,ابراهيم النبي يخاف على نفسه الشرك...فكيف بأحوالنا في هذا الزمان؟!الله المستعان على أحوال المسلمين.
والشرك,كما هو معلوم,ينقسم إلى قسمين:أكبر وأصغر.
الأكبر:وسيأتي,وهو الذي لا يغفره الله عز وجل.وصاحبه إن لقي الله وهو عليه فهو خالد في النار أبد الآبدين ودهر الداهرين.قال الله تعالى:"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" وقال تعالى:"ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق"
الثاني:الشرك الأصغر:وصاحبه إن لقي الله من غير توبة فهو تحت المشيئة,إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة وإن شاء عذبه ولكن مآله إلى الجنة. لأن الشرك الأصغر لا يخلد صاحبه في النار, وليس معناه أصغر أنه صغير,لا,وإنما سمي أصغر بالنسبة للأكبر,فلينتبه لذلك,وإلا فهو شرك وذنب عظيم وكبيرة من الكبائر,ومن أمثلته:الحلف بغير الله إذا لم يقصد تعظيم المحلوف به,وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك". وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر.فسئل عنه,فقال:الرياء". سبحان الله, فعلا, كثير الناس الآن أعمالهم شهرة, حتى ممن ينتسبون للدعوة ويشتغلون بها.يعني ينبغي على الإنسان أن يهتم ألا يدخل إلى عمله الرياء,أصبح بعض الناس يهتمون بالشهرة ويهتمون بالمناصب,فيحذر الإنسان من الرياء. لماذا كان الإخلاص صعب؟هذا سؤال سأجيب عليه:لأن النفس لا حظ لها. معروف في الإخلاص النفس لا حظ لها,غير مشهورة,والنفس طاغية,تريد الشهرة وتريد أن تكون معروفة,فنسأل الله الإخلاص,فإن الرياء انتشر, وأصبح ممن ينتسبون للعلم يعملون من أجل المال أو من أجل الأمير أومن أجل الشهرة,فنسأل الله الإخلاص في العمل والقول.



توقيع أم اليمان
.....
قال نبينا -عليه الصلاة والسلام - : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله تبارك وتعالى : تُريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تُبَيِّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجينا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل . رواه مسلم .
.....
أم اليمان غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:02 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .