العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑

الملاحظات


๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ 1427-1430 هـ

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-03-07, 06:45 AM   #1
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي متن الدرس الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمدُ لله، وبعد:

فَأقَيِّدُ مَعَالمَِ هذه «الحِلْيةِ» المُبارَكَةِ عام 1408 هـ، والمسلمون – ولله الحمدُ – يُعايشون يَقظةً علميةً، تَتَهَلَّلُ لها سُبُحَاتُ الوجوه، ولا تزال تُنَشِّطُ - مُتَقَدِّمَةً إلى الترقِّي والنُّضوجِ - في أفئدةِ شبابِ الأُمَّةِ مَجْدَها ودَمَها المُجَدِّدَ لحياتِها؛ إذ نرى الكتائبَ الشبابيَّةَ تَتْرى، يتقلَّبون في أَعْطَافِ العلمِ مُثْقَلين بِحِمْلِهِ يَعُلُّون منه وَيَنهَلُون، فلديهم من الطُّموحِ، والجامعيةِ، والاطِّلاع المُدْهِش، والغَوْصِ على مكنونات المسائل، ما يَفْرَح به المُسلمون نَصْرًا، فَسُبحان مَن يُحْيِي ويُميت قلوبًا.

لكن؛ لا بُدَّ لهذه النواةِ المباركةِ من السَّقْيِ والتعهُّدِ في مَسَارَاتِها كافَّةً؛ نشرًا للضماناتِ التي تَكُفُّ عنها العَثَارَ والتعثُّرَ في مثاني الطَّلَبِ والعَمَلِ؛ من تموُّجاتٍ فكرِيَّةٍ، وعَقَدِيَّةٍ، وسلوكيَّةٍ، وطائفيَّةٍ، وحِزْبِيَّة...

وقد جعلتُ طَوْعَ أيديهم رسالةً في «التَّعالُمِ» تكشفُ المُندَسِّينَ بينهم خشيةَ أن يُرْدُوهم، ويُضَيِّعوا عليهم أَمْرَهم، ويُبَعْثِرُوا مسيرتَهم في الطلبِ، فيَسْتَلُّوهم وهم لا يَشْعرون.

واليومَ أخوك يشد عَضُدَك، ويأْخُذ بيدك، فأجعل طَوْعَ بنانِك رسالةً تحمِلُ « الصِّفة الكاشِفة »[1] لِحِلْيَتِكَ، فها أنَاْ ذَا أجعلُ سِنَّ القلمِ على القِرْطاس، فاتْلُ ما أرقُمُ لك أنْعَمَ اللهُ بك عَيْنًا[2]:

لقد توارَدَتْ مُوجِباتُ الشرعِ على أنَّ التحلِّي بمحاسنِ الآداب، ومكارمِ الأخلاق، والَهدْي الحسن، والسَّمْتِ الصالح: سِمَةُ أهل الإسلام، وأنَّ العلمَ - وهو أثمن دُرَّةٍ في تاج الشرع المُطَهَّر- لا يصلُ إليه إلاَّ المُتَحلِّي بآدابه، المُتَخَلِّي عن آفاتِهِ، ولهذا عناها العلماءُ بالبحث والتنبيه، وأفردوها بالتأْليف، إمَّا على وَجْه العموم لكافَّة العلوم، أو على وَجْهِ الخصوص؛ كآداب حَمَلة القرآن الكريم، وآداب المُحَدِّث، وآداب المُفتي، وآداب القاضي، وآداب المُحْتَسِب، وهكذا... والشأْن هنا في الآدابِ العامَّةِ لمن يسلُكُ طريقَ التعلُّمِ الشرعي.

وقد كان العلماءُ السابقون يُلَقِّنونَ الطلاب في حِلَق العلم آدابَ الطلبِ، وأدركتُ خَبَرَ آخرِ العِقْد في ذلك في بعض حَلَقَاتِ العلم في المسجد النبويِّ الشريف؛ إذ كان بعضُ المُدَرِّسين فيه، يُدَرِّسُ طُلاَّبه كتاب الزَّرْنُوجي (م سنة 593 هـ) رحمه الله تعالى، المسمى: « تعليم المُتَعَلِّم طريقَ التعلُّم »[3].

فعسى أن يَصِلَ أهلُ العلم هذا الحَبْلَ الوثيقَ الهادي لأقومِ طريق، فَيُدْرَجَ تدريسُ هذه المادَّةِ في فواتح دروس المساجد، وفي موادِّ الدراسة النظامية، وأرجو أن يكونَ هذا التقييدُ فاتحةَ خَيْرٍ في التنبيهِ على إحياءِ هذه المادة التي تُهَذِّبُ الطالبَ، وتَسْلُكُ به الجادَّةَ في آداب الطَّلبِ وحَمل العلم، وأدبه مع نفسِهِ، ومع مُدَرِّسِهِ، ودرسه، وزميله، وكتابه، وثمرةِ علمه، وهكذا في مراحل حياته.

فإليك حِلْيَةً تحوي مجموعةَ آدابٍ، نواقضُها مجموعةُ آفاتٍ، فإذا فات أدبٌ منها؛ اقترف المُفَرِّطُ آفةً من آفاتِهِ، فَمُقِلٌّ ومستكثرٌ، وكما أنَّ هذه الآدابَ دَرَجاتٌ صاعدةٌ إلى السُّنَّةِ فالوجوب؛ فنواقضُها دَرَكاتٌ هابطةٌ إلى الكراهةِ فالتحريمُ.ومنها ما يشملُ عُمومَ الخلقِ من كل مكلِّف، ومنها ما يختصُّ به طالبُ العلم، ومنها ما يُدْرَك بضرورة الشرع، ومنها ما يُعرف بالطبع، ويدلُّ عليه عمومُ الشرع؛ من الحمل على محاسن الآداب، ومكارم الأخلاق، ولم أعْنِ الاستيفاءَ، لكنَّ سياقَتَها تجري على سبيلِ ضرب المثال؛ قاصدًا الدلاَلة على المُهِمَّاتِ، فإذا وافَقَتْ نفسًا صالحةً لها؛ تناولت هذا القليلَ فَكَثَّرته، وهذا المُجْمَل فَفَصَّلته، ومن أخذ بها انتَفَع ونفع، وهي بدورِها مأْخوذةٌ مِن أدب مَن بارك اللهُ في عِلْمِهِم وصاروا أئمَّةً يُهتدَى بهم، جَمَعنا اللهُ بهم في جَنَّتِهِ، آمين[4].




بكر بن عبد الله أبو زيد
في 5/8/1408 هـ





--------------------------------------------------------------------------------

[1] - الصفة الكاشفة: هذه من مصطلحات كُتبِ الموادِّ لـ « لسان العرب ».ومنه ما في مادة (ظبأ) من « القاموس »؛ قال الزَّبيدي في « تاج العروس » (1 / 332): « الظبأة هي: الضبع (العرجاء) صفة كاشفة» اهـ.وهذا الوجه من الصفة هو الذي يراد به تمييز الموصوف الذي لا يُعلم؛ ليميز من سائر الأجناس بما يكشفه. انظر: حرف الصاد من « الكليات» (3/92).
[2] - أوضحتُ في حرف الألف من « معجم المناهي اللفظية» أنَّ هذا اللفظَ: (أنعم الله بك عينا) لا يصحُّ النهى عنه.
[3] - طُبع مرارًا، وهو مع إفادتِهِ فيه ما يقتضي التنبُّه، فَلْيُعْلَم، والله أعلم.
[4] - من هذه الكتب: «الجامع» للخطيب البغدادي رحمه الله تعالى، و«الفقيه والمتفقه» له، و«تعليم المتعلم طريق التعلم» للزَّرْنوجي، و«آداب الطلب» للشوكايى، و«أخلاق العلماء» للآجُرِّي، و«آداب المتعلمين» لسُحنون، و«الرسالة المفصِّلة لأحكام المتعلمين» للقابسي، و«تذكرة السامع والمتكلم» لابن جماعة، و«الحث على طلب العلم» للعسكري، و«فضل علم السلف على الخلف» لابن رجب، و«جامع بيان العلم» لابن عبد البر، و«العلم؛ فضله وطلبه» للأمين الحاج، و«فضل العلم» لمحمد رسلان، و«مِفتاح دار السعادة» لابن القيم، و«شرح الإحياء» للزَّبيدي، و«جواهر العِقْدَين» للسَّمْهودى، و«آداب العلماء والمتعلمين» للحسين بن منصور – منتخب من الذي قبله -، و«قانون التأْويل» لابن العَرَبي، و«العزلة» للخطَّابي، و«من أخلاق العلماء» لمحمد سليمان، و«مناهج العلماء» لفاروق السامرائي، و«التعليم والإرشاد» لبدر الدين الحَلَبي، و«الذخيرة» للقَرافي، الجزء الأول، والأول من«المجموع» للنووي، و«تشحيذ الهِمَم إلى العلم»لمحمد بن إبراهيم الشيبانى، و«رسائل الإصلاح» لمحمد الخَضِر حسين، و«آثار محمد البشير الإبراهيمي».
وغيرها كثير، أجزل الله الأجر للجميع آمين.



توقيع أم اليمان
.....
قال نبينا -عليه الصلاة والسلام - : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله تبارك وتعالى : تُريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تُبَيِّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجينا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل . رواه مسلم .
.....
أم اليمان غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:12 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .