العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . معهد العلوم الشرعية . ~ . > ๑¤๑ أرشيف الدروس العلمية في معهد العلوم الشرعية๑¤๑ > أرشيف الأنشطة الإثرائية > قسم الدورات العلمية المكثفة

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-12-09, 03:19 PM   #31
أم جهاد وأحمد
|علم وعمل، صبر ودعوة|
c8

الحديث الثاني والعشرون: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:(‏(‏الماء طهور لا ينجسه شيء)‏)‏‏ [رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي]‏.‏
نعم، في حديث أبي سعيد، هذا الحديث الذي يدل على أن الأصل في الماء من أي مصدرٍ كان سواء نبع من الأرض، أو نزل من السماء فإنه على الأصل، الأصل فيه أنه طهور، لا ينجسه شيء، وجاء الاستثناء من حديث أبي سعيد وحديث أبي أمامة: ((إلا ما غلب على لونه أو طعمه أو ريحه لنجاسة تحدث فيه)) لكن هذه الزيادة ضعيفة باتفاق الحفاظ؛ لكن أهل العلم أجمعوا على أن الماء المتغير بالنجاسة أنه نجس، يبقى الحديث على عمومه، إلا ما استثني، ودليل الاستثناء الإجماع، وإلا فالزيادة ضعيفة، والإجماع عند أهل العلم لا بد أن يكون له مستند، ولو لم نقف على هذا المستند، ومنهم من يقوي هذه الزيادة المتفق على ضعفها بالإجماع، كما يقوي الترمذي الأخبار والأحاديث بالعمل، بعمل أهل العلم، وعليه العمل عند أهل العلم.
على كل حال المسألة متفق عليها بين أهل العلم، لم يخالف أحد في أن الماء إذا تغير بنجاسة أنه نجس، سواء كان التغير في اللون أو الطعم أو الريح؛ لأن المستعمل لهذا الماء المتغير مستعمل لنجاسة، إن الماء طهور لا ينجسه شيء، وهذا الحديث عمومه يقتضي أن الماء لا ينجس إلا إذا تغير، قلّ أو أكثر، عمومه يقتضي أن الماء لا ينجس إلا بالتغير قلَّ أو كثُر، هذا العموم وهو استدلال بالمنطوق إلا أنه بالعموم معارض بمفهوم حديث ابن عمر، حديث القلتين: ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) مفهومه أنه إذا لم يبلغ القلتين فإنه يحمل الخبث، فعندنا تعارض بين منطوقٍ عام ومفهومٍ خاص، فإذا نظرنا إلى النصين من حيث العموم والخصوص لا شك أن الخاص مقدم على العام، وهذا أمر متفق عليه؛ لكن إذا نظرنا إليهما من باب المنطوق والمفهوم، لا شك أن المنطوق مقدم على المفهوم، ولذا اختلف أهل العلم في التفريق بين القليل والكثير، هل نفرق بين القليل والكثير بناءً على حديث ابن عمر في القلتين أو لا نفرق عملاً بإطلاق حديث أبي سعيد؟ لأن في كل حديثٍ جهة قوة وجهة ضعف، عموم الحديث ضعف، وكونه منطوق قوة، وفي حديث القلتين منطوقه أو مفهومه فيه ضعف، وخصوصه فيه قوة، إذا جاء عندنا تعارض في مثل هذا فهل نقدم المنطوق على المفهوم ونلغي المفهوم ويكون حديث ابن عمر لا مفهوم له لأنه معارض لمنطوق حديث أبي سعيد؟ أو نلغي العموم نقصر عموم حديث أبي سعيد على بعض أفراده لمعارضته بالخاص من مفهوم حديث ابن عمر؟ والمسألة من المضايق، لا بد من أن ننتبه لمثل هذا، الآن لما يختلف الأئمة أبو حنيفة والشافعي وأحمد يفرقون بين القليل والكثير، مالك لا يفرق، ما عنده مالك، طاهر وطهور واحد، طاهر ونجس، طاهر يشرب، طاهر يتوضأ به، وإلا نجس، والفارق عنده التغير، الثلاثة عندهم لا، قد يكون الماء لم يتغير لكنه لقلته لكونه أقل من القلتين عند الشافعية والحنابلة أو لكونه أقل من عشرة في عشرة غدير كما يقول محمد بن الحسن، أو حرك طرفه لم يتحرك الطرف الآخر عند الحنفية تفاصيل معروفة، لكن هم في عداد من يفرق بين الكثير والقليل، فالثلاثة في جهة، ومذهب مالك في جهة، الآن إذا نظرنا إلى مذهب مالك رجح قوله بأي شيء؟ بالعمل بمنطوق حديث أبي سعيد، وهذا المنطوق مقدم على المفهوم، لكن أولئك رجحوا مذهبهم بخصوص حديث ابن عمر المأخوذ من المفهوم على عموم حديث أبي سعيد، المسألة لا بد من فهمها يا إخوان، هؤلاء أئمة كبار، يعني الإنسان سهل عليه قال شيخ الإسلام ما في واسطة، طاهر ونجس، ولا يوجد في النصوص ما يدل على أن هناك واسطة، يعني من السهل أن نقول مثل هذا الكلام؛ لكن إذا فهمنا وجهات نظر الأئمة، أئمة كبار فحول، وكل مذهب فيه وجه قوة، فلا بد من فهم، شيخ الإسلام -رحمه الله- تعالى يرجح مذهب مالك، ويصحح حديث القلتين؛ لكنه يعمل بمنطوقه ولا يعمل بمفهومه؛ لأن مفهومه معارض بمنطوق حديث أبي سعيد، من جهةٍ أخرى من قال بالقول الآخر قال: عندنا مفهوم يخصِص؛ لأن التخصيص يكون بأدنى شيء، التخصيص ما هو مثل النسخ رفع كلي للحكم، هذا رفع جزئي، والتخصيص يكون بالعقل أحياناً، أحياناً التخصيص يكون لمجرد استرواح لرفع التعارض بين النصوص يقال: هذا عام وهذا خاص، فالأئمة الثلاثة رجحوا مذهبهم بأن عموم حديث أبي سعيد مخصوص بمفهوم حديث ابن عمر؛ لكن لو أتينا للنظائر وجدنا أن أهل العلم يلغون المفهوم إذا عورض بمنطوق، فمثلاً {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ}[(80) سورة التوبة]مفهومه أنه لو استغفر واحد وسبعين غفر لهم؟ لكن هذا المفهوم معارض بقوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء]لو استغفرت ألف مرة، فألغينا المفهوم لأنه عورض بالمنطوق، ما قلنا: إن عموم {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء] مخصوص بمفهوم{إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة] فألغينا المفهوم، وهذه نظيرتها تماماً {لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً}[(130) سورة آل عمران] يعني لو كانت نسبة الربا عشرة بالمائة عشرين بالمائة خمسين بالمائة، ما صارت أضعاف، مفهوم هذه الآية أن الربا إذا لم يصل إلى الأضعاف فإنه يكون حلالاً، لكن النصوص كلها التي جاءت في الباب تدل على أن الربا قليله وكثيره حرام، فألغي مفهوم هذه الآية بمنطوق النصوص الأخرى، ولا شك أن المفهوم معتبر عند جمهور العلماء؛ لكن يبقى أنه إذا لم يعارض بمنطوقٍ أقوى منه، ومثلما ذكرنا أن النصين بينهما عموم وخصوص، باعتبار المنطوق والمفهوم بينما أيضاً وجه قوة للنص الآخر من حيثيةٍ أخرى، فما الراجح من القولين؟ يعني إذا نظرنا إلى النظائر التي ذكرناها رجحنا رأي مالك، وأن المنطوق أقوى من المفهوم، رجحنا رأي مالك بآية {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة] وآية {أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} [(130) سورة آل عمران] كلها نظيرة مع الإمام مالك، أيضاً القول بالتفريق بين القليل والكثير، أولاً: حديث القلتين الكلام فيه كثير جداً؛ من حيث الثبوت، حتى حكم عليه أهل العلم بالاضطراب في سنده ومتنه؛ لكن على القول بصحته وهو مصحح عند جمع من أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية يصححه، ابن حجر يصححه، لكن شيخ الإسلام يصححه ويعمل بمنطوقه دون مفهومه؛ لأن المفهوم معارض، طيب القول بالتفريق الذي يراه الأئمة الثلاثة لزم عليه من الحرج والضيق في كثيرٍ من المسائل بحيث صار بعض المسائل لا يمكن تصورها يعني في باب المياه مثلاً مسائل معقدة جداً، يعني أهل العلم أصحاب النظرة الواسعة يقولون: أن الشرع لا يأتي بمثل هذه المسائل، فيها شيء من التعقيد، طيب لو جئنا بمثال، هذا المثال ذكره النووي في المجموع، يقول: هذا برميل يسع قلتين، ومملوء يعني على اصطلاحهم كثير وإلا قليل؟ كثير، وقع فيه نجاسة، وما غيرت شيء من لونه وطعمه ولا ريحه، جئنا بدلو وغرفنا منه بحيث ينقص عن القلتين، وش يقول لك النووي والشافعية؟ يقولون: أن الذي في جوف الدلو طاهر وإلا نجس؟ طاهر لأنه أكثر من قلتين، قلتين فأكثر، لكن الذي يتساقط منه، الذي صار فيه بعد أن نقص عن القلتين، يقول أهل العلم: هل يأتي الشرع بمثل هذا؟ تأتي بدلو تغرف من ماء طاهر عندك فيكون ما في جوفه طاهر، وما يتساقط منه من برى نجس؟ ولذا الغزالي في الإحياء تمنى أن لو كان مذهب الشافعي مثل مذهب الإمام مالك، على شان يتخلصون من هذه القضايا، وهذه المسائل المشكلة، وما الذي دعا الغزالي وهو بالنسبة للشافعية إمام من أئمتهم، ما الذي دعاه أن يتمنى؟ التزامه بتقليد المذهب، وإلا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- قال: ما علينا من المذهب، رجح ما يرجحه الدليل من وجهة نظره، وما يعتقده، وما يدين الله به ولا عليه، فلا شك أنه نشأ عن التفريق بين الطاهر والطهور، مسائل يعني لا يستوعبها كثير من طلاب العلم، ولا يأتي شرع سمته اليسر والسهولة وعدم الشدة والوضوح لا يأتي بمثل هذه الصورة، وعلى كل حال يبقى مذاهب الأئمة محترمة، والأئمة محل تقدير، ويعترف لهم بالفضل، وأما بالنسبة للترجيح فالإنسان يرجح ما يدين الله به -جل وعلا-، فأنت وقعت هذه النجاسة لا ترى لها أثر إن الماء طهور لا ينجسه شيء، حديث: ((إن الماء طهور)) يعرف بحديث؟ بئر بضاعة، وبئر بضاعة جاء فيها أنها بئر يلقى فيها النتن، ولحوم الكلاب، الحيض، نجاسات، لكنها لم تتغير، فإذا وقعت نجاسة يسيرة بمثل هذا الماء ولا أثرت فيه إن الماء طهور لا ينجسه شيء، ولماذا نضيق على أنفسنا؟ نعم إذا شككت أو تورعت هذا شيء ثاني؛ لكن يبقى أنك ما تمنع الناس وتضيق عليهم؛ لأن الاحتياط في مثل هذا لا يمكن، ما يمكن الاحتياط، شخص ما عنده إلا هذا الماء الذي في البرميل، ووقع فيه نجاسة، كيف تحتاط؟ وافترض المسألة في شخص ما عنده إلا هو، إما أن يتوضأ في هذا الماء الذي هو طاهر عند مالك، أو يعدل إلى التيمم، وعنده واجد من الماء، الآن من كون الشخص عنده هذا الماء المشكوك فيه، والمختلف فيه، وعنده ماء ثاني يمكن أن يتوضأ به، هذا يتورع لا بأس؛ لكن إذا كانت المسألة بين أن يعدل إلى التيمم وواجب للماء هنا لا بد من حسم الموضوع، ولا يرد في مثل هذا احتياط ولا ورع، الورع والاحتياط فيما إذا وجد غيره، الماء طهور لا ينجسه شيء، هذا الأصل في الماء، فإذا كان عندك ماء هذا وصفه، باقي على خلقته، غير متغير، وشككت فيه هل وقع فيه نجاسة أو لم تقع؟ فتبني على الأصل، أن الأصل فيه الطهارة، إن الماء طهور لا ينجسه شيء.



توقيع أم جهاد وأحمد
اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص في القول والعمل
أم جهاد وأحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-09, 04:10 PM   #32
أم جهاد وأحمد
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

الحديث الثالث والعشرون: عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الهرة‏:‏ (‏(‏إنها ليست بنجس، إنها من الطوّافين عليكم والطّوّافات)‏)[رواه مالك وأحمد وأهل السنن الأربع]‏.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن أبي قتادة وهو الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الهرة: ((إنما ليست بنجس)) والعلة في ذلك: ((إنها من الطوافين عليكم والطوافات)) يعني العلة المنصوصة، الهرة ليست بنجسة، هذا الحكم الشرعي، والعلة في ذلك كونها من الطوافين عليكم والطوافات، فهذه الطوافة من هذه الهرة لا شك أن الطوافة تقتضي مشقة التحرز، وكانت البيوت تعج بمثل هذه الحيوانات، لا يستطيع أحد أن يتحرز منها، الآن خفت في البيوت لإحكام الأبواب، الأبواب محكمة؛ لكن مع ذلك تبقى من الطوافين، والعلة منصوصة، نقول: العلة المنصوصة، والعلل المنصوصة تدور مع الأحكام، فإذا وجدت هذه الطوافة من أي حيوانٍ كان بحيث يشق التحرز منه فإنه يأخذ نفس الحكم بالقياس، منهم من يقول: يأخذ الحكم بعموم العلة، ومنهم من يقول: بالقياس والعلة تجمع بينهما، الرابط العلة، أهل العلم نظروا إلى النص باعتبار أن الطوافة من لازمها المشقة، فإذا كان من يخالط الناس ويطوف عليهم بحيث يشق عليهم التحرز منه تسليةً له، ولذا قالوا: "وسؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر" كيف نظروا إلى الخلقة؟ يعني لو جاءت فأرة وشربت من ماء نقول: طاهر وإلا نجس؟ طاهر ليش؟ لأنها دون الهرة، ويشق التحرز منها، لماذا لم ينظروا إلى ما هو أعظم من الهرة من الطوافين؟ لأن ما هو أعظم من الهرة لا يشق التحرز منه، يعني الهر لصغر حجمه، وما دونه في الخلقة من باب أولى، يمكن يغالب الناس ويدخل من حيث لا يشعرون؛ لكن حيوان كبير سهل ترده عن دخول البيت، أو عن دخول مكان الطعام سهل التحرز منه، فنظروا إلى أن المشقة في صغار الحجم، وحددوا الحجم بالهرة التي جاءت فيها النص، وقالوا: إن ما فوق الهرة لا يشق التحرز منه، يعني لو كان عند إنسان كلب، كلب وهو فوق الهرة بالحجم، في بيت مرابط له؛ لكن مثل هذا الكلب لا يشق التحرز منه لكبر حجمه، الأبواب ترده، ترده الأبواب، أما الهر لصغر حجمه، وكانت الأبواب ليس فيها من الإحكام مثل أبوابنا الآن، سهل يعني تدخل يدك وتفتح لو ما عندك مفتاح في الأبواب الأولى، وسهل أنه يدخل عليك الباب ولا يتأثر؛ لأن فيها فجوات بحيث تدخل فيها ومعها، والأمور مبنيات على اليسر والسهولة في أمور المسلمين؛ لكن الآن شغل غلق والأبواب بحيث يحجب الهواء ما يدخل، الهواء ما يدخل، وكل شيء له ضريبة، إن قفل على إصبع قطع الأصبع، إن أنقفل على بزر البزر خطر عليه، كل شيء له ضريبة، صحيح أنها نافعة ومفيدة وتمنع الهواء وتمنع الغبار؛ لكن لها ضرائب، نعود إلى الأبواب في الماضي يدخل الهر من تحت، يدخل الهر من عند الكوة سهل، لكن لو جاء أكبر من الهر ما يقدر يدخل، فهم نظروا إلى الحجم من هذه الحيثية؛ لأن ما كان أكبر من الهر يمكن التحرز منه، يعني لو عندهم في الفناء كلب وإلا حمار سهل أن يغلق عنه باب الصالة، بينما الهرة لخفتها وصغر حجمها وقل أسهل منها بالنسبة للفأر، فالمشقة قاعدة عند أهل العلم أنها تجلب التيسير، ما دام يشق التحرز من هذه الأمور خفف فيها، وحكم بطهارتها، ولو حكم بنجاسة الهرة لحصل من المشقة والعنت الشديد ما لا يتصور، هناك أيضاً من الحشرات ما هو طاهر، وهو ما النفس له سائلة، يعني ما فيه دم، الذي ما فيه دم عند أهل العلم طاهر حياً وميتاً، الذباب مثلاً طاهر وش الدليل؟ إذا وقع الذباب في طعام أحدكم أو في شراب أحدكم فليغمسه، إذا كان الطعام حار بيموت، فدليل على طهارة ما له نفس سائلة عند أهل العلم؛ لأن السبب المنجس بعد الموت هو احتقان الدم، وهذه لا دم فيها، وأيضاً لو حكم بنجاستها لوجد العنت والمشقة الموجودة في تنجيس الهرة لو قيل به، جاء الأمر بغسل ما ولغت فيه الهرة مرة واحدة؛ لكنه محمول على الاستحباب عند من يقول بثبوته، وإلا فهي طاهرة، أما الكلاب فقد جاء الأمر بغسل ما ولغ فيه الكلب سبعاً إحداها أو أولاهن أو إحداهن أو أخراهن، أو عفروه الثامنة بالتراب.
أم جهاد وأحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-09, 04:33 PM   #33
أم جهاد وأحمد
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

الحديث الرابع والعشرون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏(الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر‏)‏) [رواه مسلم]‏.‏
((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة)) الصلوات الخمس التي تتكرر في كل يوم وليلة، والجمعة التي تتكرر في كل أسبوع، ((ورمضان إلى رمضان)) الذي يتكرر في كل سنة ((مكفرات لما بينهما)) وجاء أيضاً: ((العمرة إلى العمرة مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر)) وفي لفظٍ: ((ما لم تغش كبيرة)) فالكبائر لا بد لها من التوبة، أما الصغائر فتكفرها الصلوات الخمس، تكفرها صلاة الجمعة إلى الجمعة، يكفرها صيام رمضان إلى رمضان، مجرد اجتناب الكبائر كفيل بتكفير الصغائر، {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [(31) سورة النساء] يعني الصغائر، وهذا من فضل الله -جل وعلا-، وإلا لو كانت هذه الأمور لا تكفر الصغائر، والإنسان يزاول من الذنوب والمعاصي من الصغائر الشيء الذي لا يخطر له على بال، ولا يلقي له بال يتساهل فيه ويتسامح؛ لكن هذه الأمور من فضل الله -جل وعلا- أنه جعل هذه الحسنات والأعمال الصالحة تكفرها ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)) هذه حسنات مكفرة، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [(114) سورة هود] وقصة من جاء بعد أن ألم بشيءٍ من الصغائر، وصلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((صليت معنا؟)) قال: نعم، قال: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [(114) سورة هود] ولا يعني هذا أن الإنسان يسترسل في الصغائر، ويقول: أنا بصلي وتروح، لا يا أخي أنت إذا نظرت إلى قدر من عصيت ما أقدمت على معصية، ولا شك أن الاستخفاف بالمحرمات ولو كانت صغائر قد يجعلها عظائم؛ لأنك لا بد أن تنظر إلى من عصيت، فليحذر المسلم من هذه المعاصي، يبقى النظر في هذه العبادات المكفرة، هل الصلاة المكفرة لهذه الذنوب والجمعة المكفرة والصيام المكفر أي صلاة؟ وأي صيام؟ يعني هل هي الصلاة المسقطة للطلب؟ هل هي الصلاة التي ليست للمصلي إلا عشرها هذه تكفر شيء؟ نأخذ النص يعني بعمومه وننظر إلى خفايا الأمور، نغفل عن خفايا الأمور، شيخ الإسلام -رحمه الله- تعالى يقول: "هذه الصلاة التي لم ينصرف صاحبها من الأجر بشيء أو بالعشر مثلاً هذه أن كفرت نفسها بركة" فلننتبه لمثل هذا، لا نقول: الحمد لله صلينا وانتهينا، وبعض الناس يسترسل في الجرائم والمنكرات في الفواحش والموبقات ويقول: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [(114) سورة هود] يا أخي وما يدريك أن حسناتك مقبولة؟ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] ولا شك أن هذا من تلبيس الشيطان، لا شك أن الاستدلال بالنص هو الأصل؛ لكن يبقى أن النصوص لها ما يحتف بها، وتؤخذ النصوص مجتمعة لا نأخذ بنصٍ يرضينا ونترك نص يحكم علينا، لا بد أن ينظر إلى الأمور بشمول، الذي قال: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[(114) سورة هود] الله -جل وعلا-، والسيئات لا تقضي على الحسنات إلا عند الإحباطية من الخوارج والمعتزلة، وهذا من فضل الله -جل وعلا- يعني الحسنة على ما سيأتي بعشر أمثالها مضاعفات وأضعاف كثيرة، وتبقى أن السيئة سيئة لا تضاعف؛ لكن يبقى أن يكون الإنسان خائفاً وجلاً فإذا كان حال الصحابة أنهم يأتون بالحسنات وبالطاعات، ومع ذلك يخافون من عدم القبول {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [(60) سورة المؤمنون] خائفة، تقول عائشة: "أهم الذين يزنون ويشربون ويسرقون؟" قال: ((لا يا ابنة الصديق هم الذين يصلون ويصومون ويحجون لكنهم وجلون يخافون أن ترد عليهم أعمالهم)) فعلى الإنسان أن يخاف في مثل هذه الأمور، ولا يقدم على السيئات باعتبار أن الصلوات تكفر والجمعة تكفر، أولاً: الاستخفاف بالمعاصي شأنه عظيم، والأمر الثاني: أنه لا بد من اجتناب الكبائر لتكفر الصغائر، بقي أن الحديث فيه إشارة إلى أن الذنوب متفاوتة بدءً مما يخرج من الملة إلى المحقرات، فهي متفاوتة، والحديث يدل على أن هناك كبائر وهناك صغائر، والكبائر متفاوتة من الموبقات ومنها ما دون ذلك، والصغائر أيضاً متفاوتة، وأهل العلم يختلفون اختلاف كبير في الحد والضابط الذي يضبط الصغيرة من الكبيرة، فمنهم من يرى أن الكبيرة: ما رتب عليه حد الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو غضب أو لعن أو تعود عليه بنار، أو قيل فيه: "ليس منا" أو لا يدخل الجنة، أو لم ير رائحة الجنة، هذه في حيز قسم الكبائر، وما دون ذلك فهي صغيرة، يقول ناظم الكبائر الحجاوي في منظومة الكبائر لما ذكر القيد هذا قال :
وزاد حفيد المجيد أو جاء وعيده *** بنفي لإيمانٍ أو بلعن مبعدِ
بنفي لإيمان –لا يؤمن أحدكم-، المقصود أن أهل العلم تكلموا في هذا كلاماً طويلاً، منهم من يفرق بين الكبائر والصغائر يجعل الكبائر فيما كانت تحريمه تحريم غايات ومقاصد، ويجعل الصغائر ما كان تحريمه من باب تحريم الوسائل، ويبقى أن هذا ليس بضابط؛ لأن ما يعتبر وسيلة عند قوم هو غاية عند آخرين، ويختلفون في تحديد الوسيلة والغاية، وجاءت نصوص قوية جداً في بعض الوسائل، فمثلاً التصوير جاء: ((أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)) هل نستطيع أن نقول: التصوير صغيرة؟ لا يمكن، ومع ذلكم يقرر أهل العلم أن التصوير يعني ما هو لذاته، لما فيه من مضاهاة خلق الله، وخشية أن تعبد؛ لأنها هي السبب الأول لانتشار الشرك، ويبقى أنها محرمة لذاتها، كما دل على ذلك النص.
أم جهاد وأحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-09, 04:53 PM   #34
أم جهاد وأحمد
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

الحديث الخامس والعشرون: عن مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(‏(‏صلُّوا كما رأيتموني أصلّي، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم‏)‏) [متفق عليه]‏.
حديث مالك بن الحويرث وقد وفد إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ورأى صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحفظ عنه صفة الصلاة، وجاء عنه في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يرد عن غيره، فنقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) هذا الميزان الشرعي للصلاة، أن نصلي كما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن فعله -عليه الصلاة والسلام- بيان للواجب، وبيان الواجب واجب، ويبقى أن هذا البيان لكونه فعل جاء في بعضه ما يدل على التأكد، وفي بعضه ما يدل على التوسط، وفي بعضه ما يدل على التساهل والتسامح بنصوصٍ أخرى، ولذا قسم أهل العلم أفعال الصلاة إلى أركان، وإلى واجبات، وإلى سنن، مالك بن الحويرث رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي، رآه يقف، يكبر، يقرأ، يكبر، يركع، يكبر ويقول: سمع الله لمن حمده، يركع، يسجد، ورآه أيضاً يجلس بين الركعة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، نقل عنه هذا، فهل هذه الأفعال التي رآها مالك بن الحويرث على حدٍ سواء؟ لا، جاءت النصوص الأخرى المبينة لهذا الفعل، فمثلاً تكبيرة الإحرام هل نقول: أن تكبيرة الإحرام مثل رفع اليدين في الحكم؟ لا، هل نقول: أن الجلسة بين السجدتين مثل الجلسة التي يسميها بعضهم جلسة الاستراحة؟ لا، هل نقول: أن الركوع أو السجود مثل التورك أو الافتراش؟ لا، أفعال الصلاة المتفاوتة أهل العلم قسموها إلى أقسام، تبعاً لما ورد من النصوص المقسمة والموزعة والمفرقة لأفعاله -عليه الصلاة والسلام-، وإلا فالأصل أن هذه قاعدة أن نصلي كما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن فعله بيان لما أجمل في القرآن، الأمر بالصلاة في القرآن مجمل يحتاج إلى بيان، بينه النبي -عليه الصلاة والسلام- بفعله وبقوله، لكن أفعاله منها ما حمل على الركنية، ومنها ما حمل على الوجوب، ومنها ما حمل على الاستحباب، ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) لأنه هو القدوة وهو الأسوة، وليس لأحدٍ أن يجتهد مع ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، نعم للعلماء أن يجتهدوا في فهم كلامه -عليه الصلاة والسلام-، وفي فهم فعله، أو في تنزيل قوله وربطه بفعله، لهم أن يجتهدوا وينظروا، ولذا وجد الخلاف، وإلا قد يقول قائل: كيف يختلف الأئمة ويختلف الصحابة وهم يرون النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي في اليوم والليلة خمس مرات؟ يصلي أضعاف ذلك من النوافل يشوفون شلون اختلفوا؟ يختلفون في الفهوم، النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يطيل، وقد يقصر، وقد يستعمل بعض السنن، وقد يترك بعض السنن لبيان الجواز، المقصود أن صلاته -عليه الصلاة والسلام- بيان لما أجمل من الأوامر في القرآن والسنة، والأصل أن هذا البيان واجب لأنه جاءت فيه النصوص ما يدل على أن مفردات هذا البيان الفعلي منها ما هو متأكد جداً بحيث يصل إلى حد الركنية الذي تبطل الصلاة بتركه، أو الواجب التي تبطل الصلاة بعمد تركه ويجبر بسجود السهو مع السهو والنسيان، وما لا يلزم بتركه شيء كالسنن، وأهل العلم فصلوا هذا تبعاً للنصوص الواردة في ذلك.
((وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم)) حضرت الصلاة، الأذان يعرفه أهل العلم بأنه الإعلام بدخول وقت الصلاة، فقوله: إذا حضرت الصلاة يعني حضر وقتها، فالأذان إعلام لدخول الوقت، فلا يصح الأذان قبل دخول الوقت إلا في صلاة الصبح، إن بلالاً يؤذن بليل، طيب بعد طلوع الوقت مثلاً هل يؤذن أو ما يؤذن؟ يعني نام شخص أو مجموعة ناموا، استيقظوا بعد طلوع الشمس يؤذنون وإلا ما يؤذنون؟ نعم يؤذنون، بعد الوقت، لو الإنسان حبس في منصرفه من عرفة إلى مزدلفة حتى انتصف الليل، يعني ما هو قال أهل العلم أن الأذان إعلام لدخول الوقت الآن قرب خروج الوقت، إذاً الأذان يكون أحياناً للوقت، وأحياناً يكون للإعلان للصلاة، فيما إذا ناموا عن الصلاة كما فعل -عليه الصلاة والسلام- لما نام عن صلاة الصبح. ((فليؤذن لكم أحدكم)) الأذان ما يشترط له من الشروط مثلما يشترط للإمامة، الأذان يكون صيت، ثقة، أمين، عارف بالأوقات؛ لكن لا يشترط له أكثر من هذا، بينما الإمامة ((وليؤمكم أكبركم)) الإمامة لها شروط، ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) فالأقرأ هو الأولى بالإمامة، وإن حمله الأكثر على أن المراد به الأفقه، الحديث: ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سلماً)) أقدمهم هجرة، أكبرهم سناً، المقصود أن لها أوصاف، الأولى بها الأمكن في هذه الأوصاف، فيؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، وأعلمهم به، وأحفظهم له، وأضبطهم لقراءته، والأكثر يرون أن المراد بالأقرأ هو الأفقه، ولو كان غيرها أكثر من القرآن؛ لأن الإمام يعرض له في صلاته أمور إن لم يكن أفقه لا يستطيع أن يتخلص من هذه الأمور التي عرضت له، ولو كان حافظاً لكتاب الله، مجوداً له، لكن النص نص واضح بأن المقدم الأقرأ لكتاب الله، وإن كان غيره أفقه منه، بدليل أن الفقه لا سيما فقه الصلاة جله مأخوذ من السنة، والسنة مرتبة ثانية بعد الأقرأ، كما في النص، إذاً المقدم مطلقاً هو الأقرأ، ثم الأعلم بالسنة، ولنقل: الأفقه؛ لأن فقه الصلاة مأخوذ من السنة، ثم الأكبر، أقدمهم سلم إسلام، وهنا يقول: ((وليؤمكم أكبركم)) وجاء تقديم الكبير في أماكن، ولا شك أن الشرع جعل للكبير ميزة، لما أراد أن يتحدث ولي الدم قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كبر كبر)) ولا شك أن الكبر كبار السن مقدم في شريعة الإسلام؛ لكن مع التساهل، لا نقول: يؤم الأكبر مع وجود من هو أقرأ منه، لا، الترتيب مطلوب، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أم جهاد وأحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-12-09, 11:52 AM   #35
أم جهاد وأحمد
|علم وعمل، صبر ودعوة|
c8

أخواتي على هذا الرابط تجدن تفريغ الشريط الرابع :
http://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?t=31710
أم جهاد وأحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-12-09, 03:16 PM   #36
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الثامن: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏يأتي الشيطان أحدكم فيقول‏:‏ من خلق كذا‏؟‏ من خلق كذا‏؟‏ حتى يقول‏:‏ من خلق الله‏؟‏ فإذا بلغه فليستعذ بالله، وَلْيَنْتَهِ)‏)‏‏ متفق عليه، وفي لفظ: ‏(‏(فليقل‏:‏ آمنت بالله ورسله)‏)‏ متفق عليه‏، وفي لفظ: (‏(‏لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولون‏:‏ من خلق الله‏؟‏‏)‏‏).
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يأتي الشيطان أحدكم)) والشيطان يطلق ويراد به الشيطان الأكبر إبليس لعنه الله، ويطلق ويراد به واحد الشياطين، وكما أن في الجن شياطين في الإنس شياطين، فالاحتمال قائم أنه الشيطان الأكبر أو أحد الشياطين من شياطين الإنس والجن، ((يأتي الشيطان أحدكم)) يعني من المسلمين، وشياطين الإنس تسلطوا على المسلمين في مثل هذه الأسئلة، ومثل هذه الشبهات، كانت مثل هذه الأسئلة أمور نفسية وخواطر وهواجس؛ لكن الآن بيوت المسلمين الآن من يحصنها من مثل هذه الشبهات؟ تلقى إليهم من خلال القنوات، الإنسان امرأة لا تقرأ ولا تكتب تستمع لمثل هذه الشبهات، وشاب أو شابة يلقى إليهم من الشبهات والشهوات ما تشيب لها الذوائب، نسأل الله السلامة والعافية، فمقاومة مثل هذه الشرور بأمور: أولاً: يجاهد الإنسان بقدر الإمكان ألا يستعمل من هذه الآلات شيئاً، ولو كان فيها شيء من النفع؛ لأن مفاسدها أعظم، ويحذر الناس منها، ويقدَم للناس ابتداءً ما يحصنهم من هذه الشهوات والشبهات، وإلا فالأمر جد خطير؛ لأنه يوجد الآن تأثير واضح جداً على كبار السن فضلاً عن الصغار، شياب، سبعين، ثمانين، كانوا عمار مساجد لا يحضرون الصلوات في المسجد، الليل كله سهر على القنوات، ويقلبون من قناة إلى أخرى وكذا وينظرون لمثل هذه الأمور، شياب بدؤوا بالأسفار على شان إيش يسافرون؟ لأنهم لا يتمكنون من حصول ما يريدون في هذه البلاد، ولله الحمد، الله المستعان.

((يأتي الشيطان أحدكم)) وتيسرت الآن الأسباب لشياطين الإنس والجن، وحدث ولا حرج الآن، شياطين الإنس مثلما تشوفون من خلال وسائل الإعلام شيء ما يخطر على البال ولا أحد يقف في وجوههم، وشياطين الجن تسلطت على البيوت بسبب البعد عن ذكر الله، وجلب الأسباب التي تدعو إلى مخالطة هذه الشياطين ومشاركتهم للمسلمين في بيوتهم في أكلهم وشربهم ومسكنهم، الأمر يا إخوان من كل فج، تكالب على المسلمين من كل وجه، يعني شخص بيته مملوء بصور تمنع من دخول الملائكة، وفيه مزامير تجلب الشياطين، ولا ذكر، ولا قراءة قرآن، ولا زيادة نوافل، يعني إن أدى الصلاة فبلا روح، يعني مثل هذا وش اللي يمنع أنه يكون مركز من مراكز الشياطين؟! كثير من الناس يشكو، يرى في النوم مفزعات، ولده يفعل كذا، وبنته تسوي كذا، يا إخوان الأمر خطير، من يطرد هذه الشياطين من البيوت إلا الذكر؟ شخص خطب امرأة، يعني هذه وقائع، فرفضته، فذهب إلى ساحر، وقال: هذه مائة ألف ودبر هذه؟ قال: أمهلني أسبوع، بس شياطينه عجزت، كل ما أرادوا أن يصلوا ردوا، جاءه قال: أسبوع ثاني ومثله، وثالث ومثله، قال: يا أخي هذه المرأة عجزنا عنها، عجزنا عنها البتة، امرأة صالحة، محصنة بالأوراد والأذكار، ماذا صنع هؤلاء الشياطين لما عجزوا عن هذه المرأة الصالحة؟ ذهبوا إلى أخت الخاطب فابتليت بهم، والله المستعان.
شخص من الشباب الصالحين لما تمت الساعة اثنا عشر ونصف دوخل، دخله جني، فاستدعي واحد من طلاب العلم من جيرانه ليقرأ عليه فرقاه، تكلم الجني قال: "ما الذي جعلك تدخل في هذا المسكين عبد صالح محافظ على الأذكار محافظ على كذا، قال: "والله أنظرته إلى الساعة الثانية عشرة ليقرأ آية الكرسي ما قرأ آية الكرسي ودخلت، فالمسألة تحتاج إلى عناية أيها الإخوان، عندنا حصون نتحصن بها، ومع ذلك نترك، العمر يمضي كله في القيل والقال وهذه أمور، يعني الذكر هل يكلف شيء؟ أنت جالس قائم نايم في مجلس خالي، ما يكلفك شيء، ((سبق المفردون)) ((الذاكرون الله كثيراً والذاكرات)) {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [(35) سورة الأحزاب] إلى أن قال: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [(35) سورة الأحزاب] المسألة يعني أمور لا تكلف شيء، وآثارها عظيمة، فوائد الذكر شيء لا يخطر على البال، يعني مما أحصاه ابن القيم ما يقرب من مائة فائدة، لكن وراء ذلك أضعاف مضاعفة، يعني الإنسان هل هو مبرأ من الذنوب والمعاصي في مثل هذه الظروف؟ يعني ما الذي يضيره أن يقول: سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر؟ يعني في دقيقة ونصف لا تزيد، فلنتحصن من هؤلاء الشياطين؛ وليكن حذرنا من شياطين الإنس أشد؛ لأن شياطين الجن نستطيع أن نحصن بالأذكار؛ لكن شياطين الإنس لا بد أن نفر منهم فرارنا من الأسود.
((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟)) يستدرج، من خلق كذا؟ من خلق الدنيا؟ من خلق الجبال؟ من خلق الأرض؟ من خلق السماء؟ من خلق الجنة؟ من خلق النار؟ إلى أن يستدرج بالإنسان، يجيب المسلم الله الله، خلقها الله، حتى يقول: من خلق الله؟ اعتماداً على ما من مخلوق إلا وله خالق؟ الإنسان في الذهن لا يمكن أن يوجد نفسه، من خلق الله؟ وهنا هل يستطيع الإنسان بعقله الضعيف أن يستمر في هذه الأسئلة؟ لا بد من حسم المادة، وحسمها يكون بثلاثة أمور، ذكرت في الحديث، إذا بلغ إلى هذا الحد فليستعد بالله من هذا الشيطان الذي أغواه وأضله، ولينته مباشرةً ما يتجاوز، ما يقول: هذا السؤال صعب هات اللي بعده، لا لا، خلاص يحسم الموقف، ولينته فوراً، ثم بعد ذلك في اللفظ الآخر يقول: ((آمنت بالله ورسله)) لا بد من التسليم التام المطلق، وقدم الإسلام كما قرر أهل العلم لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، لا بد أن يكون هذا آخر المطاف، (آمنت بالله ورسله) آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله، فلا بد للإنسان أن يقف مهما كان، وهؤلاء الذين يدعون إلى المناقشات والمحاورات والمناظرات وتلقى في بيوت الناس مناظرات تظلهم هؤلاء لا شك أن أهدافهم سيئة، وإلا هناك أمور لا بد أن يقف، صاحب الحق لا بد أن يقف؛ لأنها إن كانت المناظرة مع من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، ومحمداً نبياً، لا بد أن يقف إلى هذا الحد؛ لكن إن كانت من شياطين الإنس والجن يتجاوزون الحد، المسلم عنده أمور لا بد أن يسلم بها ولو لم يحتملها عقله؛ لأن عقل الإنسان محدود، يعني الشبهات التي أثيرت على حديث النزول مثلاً، نحن نقطع بأن الله -جل وعلا- ينزل في آخر كل ليلة؛ لأن النصوص القطعية جاءت بذلك، ونجزم معتقدين لا يساورنا بذلك أدنى شك أن الله -جل وعلا- مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، كيف تجمع بين هذا وهذا؟ يقول شيخ الإسلام: "المقرر أنه ينزل في آخر كل ليلة على ما يليق بجلاله وعظمته، ولا يخلو منه العرش" يعني لو ناظرك جهمي وإلا شيء في مثل هذا بيقتنع؟ ممكن يقتنع بمثل هذا؟ أبداً ما في مثل حسم المادة مع هؤلاء، وفي لفظٍ: ((لا يزالون يتساءلون حتى تقولون: من خلق الله؟)) وهنا يبين هذا اللفظ أن هذا الذي يقول من شياطين الإنس، ولمسنا هذا واضح وظاهر من خلال هذه القنوات، من خلق الله؟ ويكون الجواب بالثلاثة الأمور السابقة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



توقيع أم الخطاب78
كيف يكون هذا الود؟ وما هي أسبابه؟ وثمراته؟

أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-09, 11:17 AM   #37
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

شرح جوامع الأخبار (5)
شرح حديث: ((أعطيت خمساً)) و‏حديث (‏(إن الدين يُسْر)) وحديث: ((حق المسلم على المسلم ست)) وحديث: ((إذا مرض العبد أو سافر)) وحديث: ((سرعوا بالجنازة))‏ وحديث: ((ليس فيما دون خمسة أوسق)) وحديث: ((ومن يستعفف يُعفّه الله))
الشيخ/ عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تفضل:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، قال المؤلف العلامة الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله تعالى-:
الحديث السادس والعشرون: عن جابر بن عبد الله --رضي الله عنه-ما- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي‏:‏ نصرت بالرُّعبِ مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً‏،‏ فأيُّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحدٍ قبلي،‏ وأعطيت الشفاعة‏،‏ وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة‏)‏) [متفق عليه]‏.
هذا الحديث، حديث جابر في الخصائص النبوية وخصائصه -عليه الصلاة والسلام- منها ما هو خاص به لشخصه، ومنها ما يتناول الأمة دون سائر الأمم، خصائص النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيرة جداً ألفت فيها المؤلفات، الخصائص النبوية، منها هذه الخمسة: ((أعطيت خمساً)) يعني من الخصال ((لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر)) بعض الروايات: ((شهرين)) ولا شك أن الشهر ذاهباً وإياباً يكون شهرين، ((نصرت بالرعب)) يقذف الله -جل وعلا- في قلوب أعدائه الرعب من هذه المسافة البعيدة الطويلة، فهل هذا خاص بشخصه -عليه الصلاة والسلام- كما أعطي الشفاعة أو هو له ولأمته دون سائر الأمم كما في قوله: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً))؟ بمعنى أنه مهما كانت الأمة من الالتزام والاستقامة، وكان قائدها أقرب إلى تحقيق الأوامر والنواهي من غيره، وأقرب إلى تطبيق سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- هل ينصر بالرعب تبعاً لنبيه -عليه الصلاة والسلام-، ويكون نصره بالرعب بقدر ما عنده من استقامة، بحيث لو كان مفرطاً ينصر بالرعب مسيرة نصف شهر، مسيرة عشرة أيام، مسيرة يوم مثلاً، أو نقول: إن هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- كما في قوله: ((وأعطيت الشفاعة))؟ لا شك أن الرعب موجود في كل من اقتدى به -عليه الصلاة والسلام-، والهيبة التي يقذفها الله -جل وعلا- في قلوب العباد وإن كان هذا الشخص في ظاهره صاحب خلق، وصاحب ابتسامة، وصاحب لين جانب؛ لكن بقدر ما عنده من الاستقامة يجعل الله في قلوب غيره من الرهبة له والهيبة ما يجب، وكل له نصيبه بقدر اقتدائه بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا شيء مشاهد، تجد شخص من أهل العلم، وإن كان من أسهل الناس، ومن أطيبهم خلق، وأكثرهم بشاشة، تجده أحياناً تريد أن تسأله خمسة أسئلة تضيع أربعة، إيش بيسوي بك؟ ما هو مسوي شيء؛ لكن هذا رعب، هذه هيبة، وهذا حاصل، تأتي إلى الشخص وهو من خير الناس، من العباد والزهاد تسأله، والله إيش السبب؟ بيده سيف وإلا.... ما بيده شيء، لا شك أن مثل هذه هيبة يضعها الله -جل وعلا-، وضعها للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ووضعها في أتباعه، وكل بحسبه، وإلا فالنبي -عليه الصلاة والسلام- من أسهل الناس خلق، وألينهم جانب، عرف بالرفق واللين والحكمة، والله المستعان.
((نصرت بالرعب مسيرة شهر)) وعلى هذا لو كان في الأمة ما يؤهلها لمثل هذا الرعب ما وصلت إلى هذا الحد، وجاء في حديث في آخر الزمان: ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها)) أمن قلة يا رسول الله؟ قال: ((لا أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، ولينزعن الله المهابة من قلوب أعدائكم)) هذا دليل على أننا لما انصرفنا نزعت المهابة، لو استقمنا وجدت المهابة، وهذه المهابة هي الرعب، ما تسلط علينا الأعداء إلا بعد أن وقعنا في المخالفات؛ لكن لو استقمنا حسب لنا العدو حسابات، والله المستعان.
((نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً طهوراً، فأيما رجلٍ من أمتي أدركته الصلاة فليصل)) يعني في أي مكان؛ لأنها مسجد، وإذا لم يجد الماء يتيمم طهور، وجاء في بعض الألفاظ في مسلم: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) اللفظ الذي معنا استدل به من يقول: أنه يتيمم على كل ما على وجه الأرض، ((جعلت الأرض مسجداً وطهوراً)) كل ما فيه مسجد طهور، تيمم على أي شيءٍ على وجه الأرض، كل ما على وجه الأرض من صعيد تيمم به أياً كان، اللفظ الآخر: ((جعلت تربتها لنا طهوراً)) استدل به من يقول: أنه لا يصح التيمم إلا بترابٍ له غبار يعلق باليد، بدليل: (تربتها) ((جعلت لي الأرض كلها مسجداً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل)) هذا عام مخصوص، جاء ما يخصصه مثلاً الصلاة في المقبرة تصح وإلا ما تصح؟ عموم الحديث يتناول المقبرة؛ لكن جاء ما يدل على تخصيص بعض البقاع.
طيب، هنا مسألة ويتبناها ابن عبد البر بقوة، وهي أن أحاديث الخصائص لا تقبل التخصيص، لماذا؟ لأن الخصائص تشريف لهذا النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-، الخصائص تشريف للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والتخصيص الذي هو تقليل أفراد العام، تقليل لهذا التشريف، إذاً أحاديث الخصائص لا تقتضي التخصيص، فعند ابن عبد البر يجوز أن تصلي في المقبرة لأنك خصصت حديث الخصائص، وقللت هذا التشريف، إذاً تصلي في المقبرة؛ لأن أحاديث التخصيص لا تقبل التخصيص، هذا الكلام مقبول وإلا غير مقبول؟
طالب:.......
لماذا؟ نعم، كيف؟ مصادم لنص، لكن خلونا نتنزل على رأيه، نقول: هذا تشريف وتكريم للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن المحافظة على حقوق المصطفى -عليه الصلاة والسلام- لا بد منها؛ لكن إذا تعارضت حقوقه -عليه الصلاة والسلام- مع حقوق الله -جل وعلا-، والمنع من الصلاة في مثل هذا المكان صيانةً لحق الله -جل وعلا-، ولا شك أن المحافظة على حق الله -جل وعلا- أولى من المحافظة على حقه -عليه الصلاة والسلام-، عند التعارض لا سيما وأن الحق الإلهي يدعمه النص الخاص، إذاً نخصص ((وجعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً)).
والرواية الأخرى: ((وتربتها)) طيب وش اللي بين التراب والأرض؟ بينهما عموم وخصوص وإلا إطلاق وتقييد؟ يعني من قال: أنه لا يتمم إلا بالتراب هل نقول: أنه قال الخاص مقدم على العام، أو قال المطلق يقيد بالمقيد؟ مطلق ومقيد، وإلا عام خاص؟ وش الفرق بينهما؟ من أي البابين؟ عام وخاص وإلا مطلق ومقيد؟ إيش الفرق بين التقييد والتخصيص؟ التقييد في الأوصاف، والتخصيص في الأفراد، إذاً هل الأرض ذات أفراد أو ذات أوصاف؟ لأن الحكم يختلف اختلاف جذري إذا قلنا: تقييد وإذا قلنا: تخصيص، إيش يقول؟
طالب:.......
ذات أفراد، إذاً عموم وخصوص أو ذات أوصاف؟ لأن الحكم يختلف تبعاً لهذا، الذين قالوا: لا يصح التيمم إلا بالتراب جعلوا ذلك من باب التقييد، والذين قالوا: يصح التيمم بجميع ما على وجه الأرض فإما أن يحكموا على الزيادة بأنها شاذة (تربتها) أو يقولوا: من باب العموم والخصوص، والتنصيص على بعض أفراد العام بحكمٍ موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، إنما التخصيص إذا اختلف حكم العام على الخاص.
طالب:.......
ها، انتهينا وإلا ما انتهينا، ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) والنص الآخر في الصحيح في مسلم: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) هل نقول: أن التراب فرد من أفراد الأرض أو وصف من أوصافها؟ يعني إذا قلنا: "فتحرير رقبة" إذا قيل: أعتق رقبة، ثم قيل: أعتق زيداً، أو قيل: أعتق مؤمناً، زيد فرد من أفراد العام، والمؤمن وصف من أوصافها، فرق بين هذا وهذا، إذا قلنا: أعتق رقبة، ثم قلنا: أعتق زيداً، نقول: زيد فرد من أفراد الرقبة، وعلى هذا لو أعتقنا رقبة غير زيد لكن ينبغي أن يكون زيد أولى من غيره؛ لأن التنصيص على بعض الأفراد للحكم الموافق لا يقتضي التخصيص، بخلاف ما لو قال: أعتق رقبة ولا تعتق زيداً، قلنا: لا ما يمكن أن نعتق زيد؛ لأنه خاص مقدم على العام؛ لأن الحكم مخالف؛ لكن لما يقول: أعتق رقبة، وأعتق مؤمنة، نحمل المطلق على المقيد، فرق بين هذا وهذا، هذا فرد من أفراد العام، وهذا وصف من أوصافه. وعلى كل حال تحرير الموضوع بدقة لا تجده عند أحد، يعني مشكل، يلوكون في مثل هذا، ويقول: أطلق في وصف الأرض ثم خصص، إيش معنى أطلق ثم خصص؟ هذا موجود في بعض الشروح، ولذلك تبقى المسألة إما أن نقول: إن كانت من باب العموم والخصوص فالتنصيص على التراب يقتضي أنه أولى من غيره، العناية بشأنه والاهتمام به لكن التيمم بغيره مجزئ لا سيما وأنه يتصور أنه لا يوجد تراب، تجد رمل، نجد صخر، نجد شيء، فإلزام الناس بالتراب مشقة، والتيمم إنما عدل عن الوضوء إلى التيمم دفعاً للمشقة، وهذا هو اللائق أن نقول: أنه من باب العموم والخصوص التنصيص على التراب لكونه أولى، ولا يعني هذا أنه لا يتمم بغير التراب؛ لأن العدول عن الوضوء إلى التيمم إنما هو رفع للمشقة، طيب أنت في مكان ما فيه تراب إما جبال وإلا رمال وإلا شيء؟ تبي تركب السيارة تدور تراب؟ يا أخي اركب السيارة دور ماء أفضل لك، ما ارتفعت المشقة حينئذٍ، وعلى هذا إذا قلنا: من باب العموم والخصوص يكون التراب أولى من غيره، بحيث لو كان عندك يمينك تراب وبيسارك حجارة وإلا رمل تيمم بالتراب أفضل؛ لأن التنصيص عليه يقتضي الاهتمام بشأنه، وإذا قلنا: مطلق ومقيد كما يقول الشافعية والحنابلة وقعنا في الحرج، فلا تتيمم إلا بالتراب.
((وأحلت لي الغنائم)) الغنائم أحلت للنبي -عليه الصلاة والسلام- ولم تحل لأحدٍ من قبله، تترك، إن كانت مقبولة جاءت نار فأحرقتها، وإن كانت غير مقبولة تركت وفسدت، المقصود أنها لم تحل لأحد من الأنبياء قبل النبي -عليه الصلاة والسلام-، بل هي أفضل المكاسب على الإطلاق؛ لأن العلماء يختلفون في أفضل المكاسب، منهم من يقول: الصناعة؛ لأنها مهنة بعض الأنبياء، ومنهم من يقول: الزراعة، وجاء في فضل الزراعة نصوص، ومنهم من يقول: الرعي؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رعى الغنم، وما من نبي إلا رعى الغنم؛ لكن يبقى أن الغنائم هي أطيب وأفضل المكاسب على الإطلاق؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)) فهي أطيب المكاسب، ((وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحدٍ من قبلي، وأعطيت الشفاعة)) والمراد بها الشفاعة العظمى التي تخلص الناس من شدائد الموقف، ويعتذر عنها الأنبياء، يعتذر عنها أولو العزم، ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أنا لها)).
((وكان النبي يبعث إلى القوم خاصة، وبعثت إلى الناس عامة)) الأنبياء كلهم دعواتهم خاصة، ولذا يسوغ للشخص أن يتعبد على ديانة موسى مع وجود عيسى؛ لأن عيسى بعث إلى قومه، يسوغ للخضر أن يتعبد ويخرج عن شريعة موسى؛ لأن موسى ليست رسالته عامة؛ لكن هل يسوغ لأحدٍ الآن بعد بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يتعبد بغير ما شرعه الله على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-؟ لا يمكن، ومن زعم أنه يسعه الخروج عن شريعة محمد -عليه الصلاة والسلام- كما وسع الخضر أن يخرج عن شريعة موسى هذا ناقض من النواقض، كافر، طيب الذين يتعبدون على ملة موسى وعلى ملة عيسى، هؤلاء كفار وإلا غير كفار؟ كفار، ويقرر أهل العلم أن من شك في كفرهم كفر إجماعاً، لا يمكن أن يعبد الله بغير شريعة محمد -عليه الصلاة والسلام-، حتى عيسى -عليه السلام- إذا نزل في آخر الزمان يحكم بشريعة محمد -عليه الصلاة والسلام-.
((وبعثت إلى الناس عامة)) ((وما من يهودي ولا نصراني...)) إلا إيش؟ الحديث صحيح ((ما من يهودي ولا نصراني يسمع بي ولم يؤمن بي إلا دخل النار)) بلا شك يبقى مسألة وهي: هل مثل هؤلاء من اليهود والنصارى هم كفار بلا شك يبقى هل نقول لهم: مشركون؟ أو نقول: إنهم كفار وإن كان فيهم شرك؟ إيش الفرق بين القولين؟ الآن ما جاء التخفيف في ذبائحهم؟ وجاء التخفيف في جواز نكاح نسائهم؟ جاء التخفيف فيه، إذاً ليسوا مثل الكفار من كل وجه، {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [(1) سورة البينة] لا شك أن الشرك وقع فيهم، الشرك وقع في اليهود والنصارى؛ لكن هل هم مشركون؟ فنحتاج إلى مخصص في نكاح المشركات، {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [(221) سورة البقرة] نحتاج إلى مخصص فنبحث عن مثل قوله -جل وعلا-: {وَالْمُحْصَنَاتُ} [(24) سورة النساء] المقصود أننا إذا قلنا: أنهم مشركون لا بد أن نبحث عن مخصص، لا شك أن فيهم شرك، وهم كفار، نسأل الله السلامة والعافية؛ لكن الذي يقرره جمع من أهل العلم أنهم وإن كانوا كفاراً لا يوصفون بأنهم مشركون، وإنما هم كفار فيهم شرك، يعني فرق بين أن يقال: فلان مشرك، وبين أن يقال: فيه شرك، وفرق بين أن يقال: منافق، وبين أن يقال: فيه نفاق، وبين أن يقال: جاهلي ، وبين أن يقال: أبو ذر فيه جاهلية، يعني فرق بين هذه الأمور، فبعض أهل العلم لحظ هذا وفرق بينهم وبين غيرهم، وعلى كل حال هم كفار، والله المستعان.
أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-09, 11:17 AM   #38
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث السابع والعشرون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ "‏أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث‏:‏ صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام"‏ [متفق عليه]‏.
هذه وصية من النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي هريرة ولغيره من الصحابة، أوصى بها أبا ذر، وأبا الدرداء كأبي هريرة، ووصيته -عليه الصلاة والسلام- لواحد من أمته هي للجميع؛ لأن ما يطلب من أبي هريرة يطلب من غيره، وحكمه على الواحد حكمه على الجميع، إلا ما دل الدليل على اختصاص، وهنا لا دليل، يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: "أوصاني خليلي" وجاء ما يدل على أنه لم يتخل خليلاً -عليه الصلاة والسلام-، كونه يُتّخَذ خليل لا يعني أنه اتخذ خليلاً، "أوصاني خليلي" والخلة كمال المحبة وغايتها، وينبغي أن يكون كل مسلم يحب النبي -عليه الصلاة والسلام- غاية المحبة، أكثر من حبه لنفسه، والمراد بالمحبة المحبة التي بها يؤثر أمره ونهيه وشرعه على هوى نفسه، وولده ووالده والناس أجمعين.
"أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث" ثلاث خصال، ثلاث خلال "صيام ثلاثة أيام من كل شهر" وهذا يعدل صيام السنة؛ لأن كل يوم بعشرة أيام، الحسنة بعشر أمثالها، فصيام ثلاثة أيام على ثلاثين يوم، فإذا صام الإنسان ثلاثة أيام من كل شهر كأنه صام الدهر، فكأنما صار الدهر، صيام ثلاثة أيام ممدوح وإلا مذموم؟ ممدوح، صيام الدهر ممدوح وإلا مذموم؟ مذموم، كيف يشبه الممدوح بالمذموم؟ نعم، كيف؟ في الأجر، يعني التشبيه لا يلزم أن يكون من كل وجه، قد يكون المشبه به له أكثر من وجه للشبه، فيشابهه من وجه دون وجه، يعني تشبيه رؤية الباري برؤية القمر هل هي من كل وجه؟ لا، تشبيه رؤية برؤية، لا المرئي بالمرئي، تشبيه الوحي وهو محمود بصلصلة الجرس المذموم من الوجه المحمود لا الوجه المذموم، وقل مثل هذا في تشبيه تقديم اليدين على الركبتين ببروك البعير، والمسألة تطول يعني لو أخذنا أفرادها وفصلنا من انتهت؛ لكن هنا شبه صيام ثلاثة أيام بصيام الدهر في الأجر والثواب، لا على ما يترتب على صيام الدهر من الذم الوارد في النص، صيام ثلاثة أيام جاء تقييدها بأنها الأيام البيض، الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، جاء في حديث مقبول، لا بأس به، يمكن أن يعتمد عليه، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، لكن لو صام الاثنين ما يتيسر له صيام البيض مثلاً، أيام متوالية، وصام الاثنين أو الخميس مثلاً لأنه إجازته صام ثلاث خميسات وإلا ثلاث اثنينات كفاه، حصل له الأجر الموعود -إن شاء الله تعالى-.
"صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى" ركعتي الضحى أوصى بها النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه، أكثر من واحد من الصحابة، وجاء في حديث: ((يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة..)) والإنسان فيه من السلامة ثلاثمائة وستين مفصل، عليه أن يتصدق بثلاثمائة وستين صدقة، ويكفي عن ذلك ركعتان تركعهما من الضحى، فإذا صلى الإنسان هاتين الركعتين نفذ هذه الوصية، وتصدق عن جسده وبدنه ومفاصله، وبرئ من عهدة هذه المفاصل، فركعتا الضحى لهما شأن عظيم، فمن جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى انتهى الإشكال، وإن لم يثبت عنده حديث: ((من جلس الصبح في جماعة ثم جلس ينتظر حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له كأجر حجةٍ تامة)) يعني إن لم يثبت عنده هذا فهذا، يجلس، النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت أنه يجلس في مصلاه حتى ترتفع الشمس، من فعله، هذا في الصحيح ما لأحدٍ كلام، فإذا صلى ركعتين امتثالاً لهذه الوصية وش نقول ابتدع؟! وإن كان ممن يقبل مثل ذلك الخبر، وقد صحح عند بعضهم، وحسنه بعضهم، والمسألة قابلة يعني في مثل هذا الباب، يتسامح أهل العلم في قبول مثل هذا، وعمل به يرجى له ثوابه، أما ابن القيم -رحمه الله تعالى- في طريق الهجرتين شرح حال المقربين، وذكر برنامجهم اليومي، وشرح حال أصحاب اليمين، وهم دونهم في المنزلة، هؤلاء لهم برنامج وهؤلاء لهم برنامج، وشرح حال المقربين كأنه يحكي واقعه، يصور حياته -رحمه الله- ومع ذلكم يقسم -رحمه الله تعالى- أنه ما شمّ لهم رائحة، وهو معروف بالعبادة، معروف بالانقطاع، ومؤلفاته تفوح بشيءٍ من هذا، يقسم أنه ما شمّ لهم رائحة، لما شرح حال المقربين بالنسبة لأصحاب اليمين قال: يجلسون بعد صلاة الصبح حتى تنتشر الشمس، ثم يصلون ركعتين ويخرجون، لما شرح حال المقربين وهم أعظم شأناً، وأنهم يتقدمون، ويصلون وراء الإمام، ويتدبرون في قراءة الإمام، وصلاة الصبح مشهودة، وقرآن الفجر مشهود، يجلسون إلى أن تنتشر الشمس فإن شاؤوا صلوا ركعتين، وإن شاؤوا قاموا بدون صلاة، لماذا فرق بين هؤلاء وهؤلاء؟ أصحاب اليمين انتهوا، بيرحون لأعمالهم، لدنياهم، فيصلون هاتين الركعتين، المقربين وين يبون؟ يبون يروحون لأعمال عبادات أخرى، منها صلاة النوافل، يعني ما انتهوا.
"وركعتي الضحى" ووقتها من ارتفاع الشمس إلى ما قبل الزوال، وأقلها ركعتان عند أهل العلم، وأكثرها ثمان؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى يوم الفتح ثمان ركعات، منهم من يقول: أن هذه صلاة الفتح، ومنهم..، وجاء كلام كثير جداً في ركعتي الضحى، وجاء عن بعض الصحابة أنه ما كان يداوم عليها، المقصود أن مثل هذا الحديث يقرر المشروعية، وأنها وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا ينبغي للمسلم لا سيما طالب العلم أن يفرط فيها.
"وأن أوتر قبل أن أنام" الوتر حق وجاء الأمر به، وهو من آكد العبادات، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يتركه سفراً ولا حضراً، وأقله ركعة؛ لأنه ثبت عن بعض أنه أوتر بركعة، وأكثره إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، كما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء عنه أيضاً صلاة الليل مثنى مثنى، وهذا يقتضي إطلاق العدد ولو مائة ركعة؛ لأنه قال: ((صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة)) تصلي واحدة توتر لك ما قد صليت، المقصود أنه ليس هناك عدد محدد لا يزاد عليه ولا ينقص؛ لأن عائشة تقول: ما زاد -عليه الصلاة والسلام- عن إحدى عشرة، وثبت بالفعل أنه زاد، يعني هذا على حد علمها، وإطلاق الخبر مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) يدل على أنه لا حد، لكن من تقيد بغالب أحواله -عليه الصلاة والسلام-، وهو الإحدى عشرة كماً وكيفاً، لا شك أنه أفضل، كماً وكيفاً، ما يقول لي: إحدى عشرة ويصليهن بعشر دقائق، يقول: خلاص هذا قيام النبي -عليه الصلاة والسلام-! لا يا أخي قرأ في الركعة الأولى البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، وش بتسوي أنت؟ تقول لي: خلاص أن اقتديت وينتهي، نعم إذا اقتديت بالكم، تنظر إلى الكيف، وإلا جاء في النصوص ما يدل على أن على المسلم أن يكثر من التعبد، أعني على نفسك بكثرة السجود، والإكثار من التعبد ما لم يكن عائقاً عما هو أهمّ منه مشروح، يبقى أن هناك موازنة بين الفضائل، وأثر عن سلف هذه الأمة الركعات في اليوم والليلة بالمئات، وإن كان بعضهم يذكر أعداد قد لا يستوعبها الوقت، لما قال صاحب منهاج الكرامة الرافضي ابن مطهر الحلي يقول: "أن علي بن أبي طالب يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة" قال شيخ الإسلام: الوقت لا يستوعب؟ يستوعب ألف ركعة؟! لكن أثر عن الإمام أحمد أنه يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، إذا قلت: ثلاثمائة ركعة، والركعة المجزية يعني أقل قدر مجزئ تؤدى بدقيقة، فيحتاج إلى ست ساعات، إذا قلنا: دقيقتين يبي أثنا عشر يبي يطمئن اثنا عشر ساعة، والله المستعان، والإنسان إذا عرض هذه الأمور وهذه الأحوال على حاله وفعله وطريقته يعني يكاد يجزم بأن هذا مستحيل؛ لكن هناك أمور مجربة ظُنت مستحيلة وصارت من أيسر الأمور، كنا إلى عهدٍ قريب أن حفظ عشرة آلاف حديث مستحيل، ما يمكن يحاط بها، والآن يوجد من الشباب من يحفظ عشرة آلاف حديث، فكنا نظن أن ما في أحد يمكن يجلس ويقرأ القرآن بجلسة مستحيل، وجلس من طلوع الشمس إلى أذان الظهر وختم، وكنا نقول: وين اللي يقرؤون؟ خلاص انتهى، ما عندنا جلد ولا صبر، وجد من يقرأ اثنا عشر ساعة في الكتب، المسألة مسألة تحتاج إلى تعرف على الله في أوقات الرخاء وتقدم لنفسك ويعينك ربك، والنفس تحتمل وتنقاد إذا روضت على مراد الله -جل وعلا-.
"وأن أوتر قبل أن أنام" وهذا بالنسبة لمن يخشي أن لا يقوم من آخر الليل، وقد كان أبو بكر -رضي الله عنه- يوتر قبل أن ينام؛ لأنه يخشى أن تغلبه عيناه فيفوته الوتر، وعمر -رضي الله عنه- يوتر من آخر الليل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يوتر آخر الليل، وصلاة آخر الليل أفضل، ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) والصلاة في الثلث الأخير في وقت النزول الإلهي لا شك أنها أفضل.

أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-09, 11:18 AM   #39
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الثامن والعشرون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -‏:‏ ‏(‏(إن الدين يُسْر، ولن يَشادَّ الدينَ أحد إلا غلبه، فسَدِّدوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغُدْوة والروحة، وشيء من الدُّلَجة‏))‏ [متفق عليه]‏‏ وفي لفظ: ‏(‏(والقصدَ القصدَ تَبْلُغوا)‏)‏‏ [‏متفق عليه].
هذا الحديث حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الدين يسر)) الدين يسر، وليس فيه عسر، ((يسرا ولا تعسرا)) {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا} [(286) سورة البقرة] فديننا يسر، وهذه الكلمة ينبغي أن تنزّل في منزلها، في منزلتها اللائقة بها، ليس للإنسان أن يتنصل من التكاليف والواجبات استدلالاً بأن الدين يسر، إذا خرج عن المألوف وشق عليه قال: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(78) سورة الحـج] نعم الدين لا شك أنه يسر، بمعنى أن جميع التكاليف ولاحظ كلمة تكاليف مع قوله -جل وعلا-: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] إذاً فيه تكليف، ليس معنى كونه يسر أنه لا يأتي بما لا تهواه النفوس، ويشق أحياناً على بعض الناس؟ لا، فيه تكاليف، وفيه ما يشق على النفوس، وفيه خلاف ما تهواه القلوب، وما جبلت عليه النفوس؛ لأن الدين دين تكاليف، وحفت الجنة بالمكاره، وصيام الهواجر في شدته لا بد منه؛ لكن إذا وصل الأمر إلى حدٍ لا يطيقه الإنسان لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أما أن يأتي ويقول: أنا والله لا أستطيع أترك الشاهي في نهار رمضان يقول: الدين يسر؟ نقول: لا يا أخي، أو أسوأ من ذلك أن يقول: لا أستطيع أن أترك الدخان، فلذا لا أصوم لأن الدين يسر، نقول: لا ما هو صحيح ، صيام رمضان ركن من أركان الإسلام لا بد منه، ولو كان على خلاف ما تهواه؛ لكن إذا وصل إلى حدٍ لا يطيقه الإنسان لا يمكن أن.... دين بشيءٍ لا يستطيع الإنسان الإتيان به، إن الدين يسر؛ لأن هذه الكلمة الآن صارت تتداول، يتداولها بعض من يروج للخروج من الدين، والانسحاب من الدين من أهل الزيغ، من المفتونين، يروجون بالنصوص الصحيحة الصريحة وينسون تكاليف، يعني يصل الحد ببعض العشاق مثلاً إلى قريب من الموت، نقول: الدين يسر اتصل بمن عشقت؟ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وأنت ما تستطيع، افعل ما شئت، ما هو صحيح أبداً، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه، مهما كان الأمر، والدين يسر تقول: أنا والله ما أقدر أصلي مع الجماعة، الدين يسر، والرسول قال: ((صل قائماً، فإن لم تستطيع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) يبي يصلي فوق الفراش؟ نقول: لا يا أخي، حيث ينادى بها، ومع ذلك الدين يسر، ما كلفك بأمرٍ لا تطيقه، ما قال: صلاة الظهر ثلاث ساعات، صلاة الظهر ما تزيد على عشر دقائق، هل في هذا ما يشق؟ هل في هذا ما لا تطيقه الأبدان؟ لا، ومع ذلكم الدين تكاليف، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، نعم تأتي إلى المشروعات فتزيد عليها تنقطع، شيء شرعه الله -جل وعلا- فتزيد عليه، تقوم الليل كله، تصوم النهار كله، لا بد أن تنقطع، تكون كالمنبت، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، الدين يسر في جميع تكاليفه، عقائد، أصول الدين ميسرة مسهلة واضحة ولله الحمد، وكذلك فروعه، الصلوات في حدود المقبول والمعقول المطاق، واجعل لك فسحة إذا كنت تستطيع الزيادة من التنفل فانفع نفسك، وأكثر من ذلك إذا لم تستطع شغلك شاغل معذور، اشتغلت بأمرٍ مهم كذلك، اشتغلت بالأهم كذلك؛ لكن أما أن تترك كل شيء وتقول: الدين يسر، هذا أخذ إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعضه، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، دخل النبي -عليه الصلاة والسلام- على عائشة وعندها امرأة اسمها الحولاء بنت تويت، تذكر من صلاتها وصيامها، ولها حبل إذا تعبت تستمسك به، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((مه مه، اكففوا، عليكم من الدين ما تطيقون، فإن الله -جل وعلا- لا يمل حتى تملوا)) ولا شك أن الإكثار الذي يخرج عن حد المشروع مآله إلى الانقطاع، فسددوا وقاربوا وأبشروا، سددوا وقاربوا، وتنوع العبادات مقصود شرعي، تنوع العبادات من مقاصد الشرع، شرع نوافل الصلاة، شرع نوافل الصدقات، شرع النوافل للصيام، أما الأمور المفروضة الواجبة التي مكتوبة لا بد من القدر المشترك فيها على جميع المكلفين إلا العاجز، يبقى أن ما زاد على ذلك من النوافل تنوعت العبادات رحمةً ورفقاً بالعباد؛ لأن الناس يتفاوتون في ميولهم واتجاهاتهم، بعض الناس عنده استعداد يصلي مائة ركعة ولا يدفع ريال واحد، وبعض الناس عنده استعداد يصوم الأيام المتتابعة الهواجر ولا يدفع نزر يسير من ماله، وبعض الناس مستعد يدفع الأموال الطائلة ولا يصلي ركعتين، هذا لا شك أنه من رحمة الله بعباده، الذي له ميول إلى الإنفاق ينفق، الذي له ميول إلى العبادات البدنية يتعبد، الحمد لله، ويبقى أن القدر المشترك بين الجميع الفرائض لا بد منها، والتفاوت هذا في النوافل، وأنتم تدركون أحياناً الإنسان عنده استعداد يجلس ساعتين ثلاث يقرأ عشرة أجزاء من القرآن، ثم جاء إلى صلاة الركعتين من أصعب الأمور، تشاهدون طلاب ومر عليكم مذاكرة وما مذاكرة، يجلس إلى الثلث الأخير من الليل، ثم يكون الوتر عليه ولو بثلاث ركعات أشق من الجبل، فالنفس أحياناً تنشط، وأحياناً تكسل، أحياناً تميل إلى العمل هذا، وأحياناً تميل...، وهذا التنوع نعمة ورحمة من الله -جل وعلا- بعباده، فسددوا وقاربوا، التسديد والمقاربة مطلوبة، يعني ابن عمر جاءه شخص مقبل راغب في العبادة وقال: إنه يريد أن يقرأ القرآن في كل يوم، قراءة القرآن في كل يوم ممكنة، وأثرت عن بعض السلف، وجاء عن عثمان أنه قرأ القرآن في ركعة وجاء عن كثير من التابعين أنهم يقرؤون القرآن في كل يوم، لا سيما في المواسم، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في شهر)) يا رسول الله أطيق أكثر من ذلك، ((اقرأه في الشهر مرتين)) ((اقرأ القرآن ثلاث مرات في الشهر)) ثم قال له: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) في هذا درس ينبغي أن ينتبه له المربون، إذا جاءك شخص مندفع أكثر عليه يا أخي؛ لأنك لو أعطيته...، قال: أبا أقرأ القرآن في كل يوم اقرأ القرآن في ثلاث مثلاً، الرغبة تحدوه إلى أن يقرأ القرآن في كل يوم، وش اللي صار من ابن عمر؟ صار يقرأ القرآن في ثلاث، وأخيراً قال: ليتني قبلت وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا جاءك شخص مندفع تمتص منه شيء؛ لأنك إذا أعطيته شيء بيزيد، وهذه طبيعة النفس، جبلت النفوس على هذا، إذا جاءك شخص متراخي ما يفتح القرآن يا أخي تقول: عثمان يقرأ القرآن في ركعة، وين أنت ما تفتح القرآن إلا في رمضان، إن تيسر لك جلست قبل الإقامة، وأنت طالب علم، والسلف حالهم مع القرآن كذا، تشجعه وتنهض من همته، فالمسألة مسألة علاج، وهكذا ينبغي أن يكون حال الداعية مع اختلاف المدعوين، أحياناً يكون الداعية في أوساط مفرطة متشددة، هؤلاء يحسن بالداعي أنه يلقي عليهم النصوص الواضحة في الوعد، فيهم من التشديد وفيهم من الشبه من الخوارج وفيهم كذا، يلقي عليهم نصوص الوعد، ويكثر من هذه النصوص ليمتص بعض ما عندهم، إذا كان بالمقابل في مجتمع متفلت ضايع، مفرطين، هؤلاء يعالجهم بنصوص الوعيد، ولذا جاءت النصوص الشرعية بهذا وهذا، وإلا بالإمكان أن ينزل القرآن على صفةٍ واحدة، على وصفٍ متوسط، لا إفراط ولا تفريط، لا وعد ولا وعيد على القدر المطلوب، لا؛ لأن النفوس ليست واحدة، النفوس ليست واحدة، لأنها لو جاءت على وتيرة واحدة كلها بالتوسط فلا بد من أن يشط يمين وإلا يسار، خليه يشط لليمين يعالج بنصوص اليسار، إن شط لليسار يعالج بنصوص اليمين، وبهذا تبرز وسطية هذه الملة، وسطية هذه الملة تبرز بمثل هذا، ولذا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لما أراد أن يبين وسطية أهل السنة والجماعة ذكر المذاهب من الجهتين، فإذا كان الداعية في مجتمع يغلب عليه الإرجاء، يكثر من نصوص الوعيد، والعكس إذا كان في مجتمع فيه بعض الخوارج يكثر من نصوص الوعد، ويعالج كل بما يناسبه، ((فسددوا وقاربوا)) سددوا: الزموا السداد في أقوالكم وأفعالكم، في عباداتكم، في معاملاتكم، وقاربوا: احرصوا على القرب من الكمال، ((وابشروا)) بالوعد الذي رتب على هذه الأفعال.
((واستعينوا بالغدوة والروحة)) الغدوة السير أول النهار، والروحة السير آخر النهار، ((وشيء من الدلجة)) من الليل، فبهذا تقطع المسافات الحسية، فلنقطع هذه المسافة المعنوية في سيرنا إلى الله -جل وعلا- مستعينين بهذه التوجيهات النبوية، فنستغل أول الوقت الذي هو محل البركة، بعد صلاة الصبح إلى انتشار الشمس، يعني يستغله طالب العلم بما يقربه إلى الله -جل وعلا-، وليكن نصيب القرآن في هذا الوقت هو الأوفر، وآخر النهار يتركه لما يقربه أيضاً من الله -جل وعلا- من علومٍ أخرى، ومن عباداتٍ متنوعة، ويأخذ من الليل نصيبه والباقي لشؤونه وحياته، ((وشيء من الدلجة)) وفي لفظ: ((القصد القصد تبلغوا)) المنبت يأتي حديث عهد استقامة والتزام، وعنده ردة فعل مما بدر منه من ارتكاب لبعض المحرمات، وترك لبعض الواجبات، وتساهل في بعض الأمور، تجده يأتي متحمساً؛ لكن يقال له: القصد القصد يا أخي؛ لأن مثل هذا إذا جاء مندفع لا يؤمن أن يمل ويترك، يقال له: القصد القصد.

أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-09, 11:19 AM   #40
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث التاسع والعشرون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ‏:‏ ‏(‏(حق المسلم على المسلم ست))‏‏ قيل‏:‏ وما هنّ يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ((إذا لقيته فسلّم عليه‏،‏ وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشَمِّته‏،‏ وإذا مرض فعُدْه، وإذا مات فاتْبَعه‏)‏) [رواه مسلم]‏.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث التاسع والعشرين، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((حق المسلم على المسلم ست)) ست خصال وبالاستقراء في النصوص نجد أن الحقوق كثيرة، والحصر في هذه الست لا شك أنه للعناية بها، ولا يليق بمسلمٍ أن يقول مثلما قال بعضهم في حديث: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) يقول: في هذا الحصر نظر، وهو ينظّر في كلام من؟ كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم ثبت أنه تكلم أكثر من ثلاثة؛ لكن هذا سوء أدب مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، في الوقت الذي تكلم به النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يخبر إلا بهؤلاء الثلاثة؛ لأنه لا يعلم الغيب، ثم أخبر بعد ذلك بغيرهم، وهنا نقول: أن الحقوق كثيرة من أهمها هذه الست، التي تجمع خير الدنيا والآخرة، وتجلب الألفة والمودة بين المسلمين، ((لا تدخل الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)) ولهذا قال في الخصلة الأولى: ((حق المسلم على المسلم ست)) قيل: يا رسول الله وما هن؟ فتصور أن واحد من الصحابة يسمع حق المسلم على المسلم ست ثم يخرج ما يعرف هذه الست، ما يمكن، لا بد أن يسأل، ولا بد أن يتثبت، ولا بد أن يستفصل، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيته فسلم عليه)) هذا هو الذي ينشر المودة والمحبة بين المسلمين، إذا لقيته فسلم عليه، في بلاد المسلمين الأصل في الناس الإسلام، في البلدان المختلطة على حسب ما يغلب على الظن، إن غلب على ظنك أن هذا مسلم ابدأه بالسلام، أما إذا بدأك بالسلامة فلا مندوحة لك عن الإجابة، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [(94) سورة النساء] لا، إذا ألقى عليك السلام تجيب، فإن غلب على ظنك أنه مسلم تقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإن غلب على ظنك أنه ليس بمسلم تقول: وعليكم، الجواب لا بد منه، إذا لقيته فسلم عليه، السلام له آداب والتوجيه الشرعي جاء بالأولى بالبداءة، الصغير يسلم على الكبير، والراكب على الماشي، والماشي على الجالس، والعدد القليل على الكثير، وهكذا؛ لكن إذا حرم الأولى مرّ شخص كبير وشخص صغير ما سلم الصغير، نقول: خيرهما الذي يبدأ بالسلام؛ لأن بعض الناس تأخذه العزة بالإثم يقول: لا، الحق لي، وهذا يستعمله تستعمل في الأقارب بكثرة، تجد هذا أكبر من هذا يقول: لا أنا ما أزوره الحق لي، تجد هذا عمه وهذا ابن الأخ العم ما يزور ابن أخيه يقول: لا الحق لي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)) ((إذا لقيته فسلم عليه)) السلام سنة مؤكدة عند أهل العلم، ورده واجب، {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] فإذا قال المسلم: السلام عليكم يقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله، إن زاد وبركاته في كل جملةٍ عشر حسنات، يخير المسلم بين التعريف والتنكير، فيقول: السلام عليكم، أو يقول: سلام عليكم، هذا بالنسبة في السلام على الحي، يخير بين التعريف والتنكير، السلام على غير المسلم، بداءته بالسلام، السلام الذي هو السلام المشروع في حق المسلمين لا تجوز بدائتهم بالسلام؛ لكن إذا سلم عليه بمثل ما جاء في القرآن والسنة، السلام على ما اتبع الهدى، هذا هو الأصل، ورد السلام ينبغي أن يكون بالأحسن، أو أقل الأحوال بالمثل، قال: السلام عليكم تقول: وعليكم السلام، والأحسن أن تقول: ورحمة الله وبركاته، ولا يجزئ عن هذا غير هذه الجملة، فإذا سلم فقال: السلام عليكم بعض الناس يقول: صباح الخير، بعض الناس يقول: أهلاً وسهلاً، كثير من الناس يقول: أهلاً وسهلاً، أو يقول: مرحباً، وثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أم هانئ جاءت وسلمت عليه، وأيضاً فاطمة ابنته، أم هانئ تقول: السلام عليك يا رسول الله فقال: من أنت؟ قالت: أم هانئ، قال: مرحباً بأم هانئ، وما نقل أنه رد السلام بلفظه، فمن أهل العلم من يرى أن الرد يجزئ بمثل هذا مرحباً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رد بهذا، ويسقط به الواجب، والجمهور على أنه لا يسقط الواجب بمرحباً فقط، ولو لم تنقل للعلم بها، ما نقلها الرواة للعلم بها، ما نقلها الرواة للعلم بها؛ ولأنها وردت في أحاديث كثيرة.
((إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه)) نعم، تجبر خاطره، تجيب دعوته، إذا لم يكن عليك مشقة أو ضرر أو يكن ثم منكر لا يمكن تغييره، لا سيما ما يتعلق بوليمة العرس، وقد أوجب الإجابة إليها أهل العلم؛ لكن شريطة أن لا يكون هناك منكر لا يستطاع تغييره، كثير من الأعراس في زماننا تشتمل على منكرات يوجد بعضها عند الرجال، وأكثر هذه المنكرات عند النساء، ومع الأسف الشديد أنه يوجد من نساء المسلمين وبنات المسلمين من يحضر مثل هذه الاجتماعات، كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كاسيات عاريات)) وما يحصل من المنكرات والجرائم، وأمور لا تخطر على البال يعرفها إخواننا أهل الحسبة، فهذه مصائب يجر بعضها إلى بعض، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه، ويحتاط لأهله، إجابة الدعوة مستحبة عموماً، متأكدة، أوجبها أهل العلم بالنسبة لوليمة العرس، ((وإذا دعاك فأجبه)) ((إذا دعا أحدكم أخوه فليجبه، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل)) إن كان صائماً فليصل، يعني يدعو، الصلاة اللغوية، وإن كان قال بعضهم أن المراد به الصلاة الشرعية يصلي ركعتين وينصرف، على كل حال إجابة الدعوة إذا لم يكن هناك منكر وإلا فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وأيضاً إذا كان الداعي ماله حلال، أما إذا كان ماله وكسبه حرام، فمثل هذا لا ينبغي إجابة دعوته، وإذا دعاك فأجبه، الصحابة -رضوان الله عليهم- دعا بعضهم بعضاً وأجابوا، ورجع بعضهم بسببٍ يسير، في أعيننا لا شيء، وجد ستاير على الجدران، سلمان وأبو الدرداء دعاهم ابن عمر فلما دخلوا وجدوا ستاير على الجدران، فرجعوا، ما كانوا يظنون بمثل ابن عمر الزاهد بزهده وورعه يضع ستائر على الجدران، وش ذا المنكر ذا الذي في عرفنا إيش يصير هذا؟ فيما نسمع وما نرى من منكرات يتداولها الناس من غير نكير، والله المستعان.
((وإذا استنصحك فانصح له)) تقدم في حديث الدين النصيحة ما يغني عن كثرة الكلام في كل الجملة، على كل حال إذا استنصحك طلب منك النصيحة، أراد أن يدخل في مشروع علمي وإلا تجاري وإلا أي... تنصحه، تمحضه النصيحة، إذا أراد أن يستشيرك في مصاهرة فلان، أو التزوج من فلانة أو ما أشبه ذلك يجب عليك أن تمحضه النصيحة، وأن تحب له ما تحب لنفسك.
((وإذا عطس فحمد الله فشمته)) إذا عطس، العطاس معروف، تخرج معه الأبخرة من الدماغ التي لو تراكمت لأضرت بالإنسان، فهذه نعمة، العطاس نعمة، العاطس يحمد الله شكراً على هذه النعمة ويستحق أن يشمّت، فإذا عطس فقال: الحمد لله يشمت فيقال: يرحمك الله، ويجيب العاطس: يهديكم الله ويصلح بالكم، فهذه دعوات يتبادلها المسلمون، تدعو إلى الألفة والمحبة والمودة، وتجلب الأجور؛ لأن الإنسان إذا دعا لأخيه ثبت لهم من الأجر مثله.
((وإذا مرض فعده)) زيارة المريض وعيادته تظافرت بها النصوص، إن كانت زيارته وهو سليم ليس بحاجةٍ إليك من أفضل الأعمال، فكيف بعيادته إذا مرض اطمئناناً على صحته، وتأنيساً له، وتذكيراً له؟! ونقل النووي الإجماع على أن عيادة المريض سنة؛ لكن الإمام البخاري ترجم في قوله: باب وجوب عيادة المريض، وهنا الأمر صريح ((وإذا مرض فعده)) فعيادة المريض متأكدة لا سيما في حق من له عليك حق من الأقارب، والمعارف والأصهار وأهل الخير والفضل، ومن تريد أن تسدي له نصيحة في مثل هذا الظرف، عله أن يتدارك ما فات، فالأجور تتضاعف بما يحتف بها، ((وإذا مرض فعده)) ويعاد المريض ولو كان لا يعي، بعض الناس يقول فلان بالعناية جيت وإلا ما جيت ما في فرق، عدناه وإلا ما عدناه هو ما يدري عنا، وزيارة المغمى عليه سنة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- زار جابراً وهو مغمىً عليه، المقصود أن مثل هذا ينبغي أن تفطن له، ولا يحرم الإنسان نفسه، تجد كثير من الناس تمر عليه السنة ما زار المستشفيات، ولا زار المقابر مثلاً، القبور واتعظ وتذكر، ودعا لإخوانه، ولا عاد زار أقاربه ولا تبع جنازة، هذا حرمان، ونجد من بعض المسلمين من يتتبع الجنائز، ويصلي عليها، ويتبعها للأجر الثابت في ذلك، فيعود المرضى، ويحافظ على الواجبات، ويأتي بجميع ما ندب إليه من المستحبات، أو بجلها أو كثيرٍ منها، ويقرأ ويعلم، وهو أيضاً في عمله يعني البركة ما لها نهاية، ويوجد من المسلمين من يداوم الدوام الكامل، وله نصيب وافر من قراءة القرآن، ويدرس في كل يوم في آخر النهار، ويزور القبور، ويزور المرضى، ويجيب الدعوات، وله نصيب من قيام الليل، ومن التأليف، بعض الناس يقول: وش نلحق؟ تلحق يا أخي، بس مرن نفسك على برنامج معين، وانتهى الإشكال.
((وإذا مات فاتبعه)) تصلي عليه تحصل على القيراط وشيّعه، شارك في دفنه لتحصل على القيراط الثاني، لا يفرط في مثل هذه الأجور إلا محروم، والله المستعان.

أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
برنامج تفريغ الأشرطة (الإصدار الذهبي) أم خــالد الأرشيف 19 01-02-14 07:09 PM


الساعة الآن 07:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .