|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
28-09-10, 07:13 PM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
رحلة الى بلاد الأشواق -بلغنا الله وإياكم الخلود فيها -تابعوا السلسلة
بسم الله الرحمن الرحيم رحلة إلى بلاد الأشواق " 1 " فضيلة الشيخ : خالد ابن عبد الرحمن الشايع الحمد لله الذي جعل جنات الفردوس لعباده المؤمنين نُزُلا.. ويسّرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها .. فلم يتخذوا سواها شُغُلا .. والحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رُسُلا .. وباعث الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .. إذ لم يخلقهم عبثا ولم يتركهم سُدى ولم يغفلهم هملا , بل خلقهم لأمر عظيم .. وهيأهم لخطب ٍجسيم .. وعمّر لهم دارين فهذه لمن أجاب الداعي ولم يبغي سوى ربه الكريم بدلا .. وهذه لمن لم يجب دعوته , ولم يرفع بها رأسا ًولم يعلق بها أملا .. وأشهد أن محمدا ًعبده ورسوله وأمينه على وحييه , وخيرته من خلقه , أرسله رحمة ًللعالمين , وقدوة ًللعاملين , ومحجة ًللسالكين , وحجة ًعلى العباد أجمعين .. بعثه للإيمان مناديا , وللخليقة هاديا , وإلى دار السلام داعيا ... أما بعــــــــــد... فيشرّفني أن أستعرض وإياكم جوانب من دار كرامة الله تعالى التي أعدّها لعباده المؤمنين , فهذا البرنامج جل المقصود منه إشارة أهل السنة لما أعدَّ الله لهم في الجنة , فإنهم مستحقون للبشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة , ونعم الله عليهم باطنة وظاهرة , وهم أولياء الرسول وحزبه ومن خرج عن سنته فهم أعداءه وحربه , لا تأخذهم في نصرة سنته عليه الصلاة والسلام ملامة اللوّام , ولا يتركون ما صح عنها لقول أحد من الأنام .. والسنة أجلّ في صدورهم من أن يقدّموا عليها رأيا ًفقهيا ..أو بحثا ًجدليا .. أو خيالا ًصوفيا .. أو تناقضا ًكلاميا .. أو قياسا ًفلسفيا .. أو حكما ًسياسيا .. فمن قدّم عليها شيئا ً من ذلك فباب الصواب عليه مسدود .. وهو عن طريق الرشاد مسدود.. أيها الأخوة في الله .. إنّ جنات النعيم التي أعدّ الله تعالى لعباده مما ينبغي أن يجتهد العبد في معرفتها ومعرفة الطريق الموصل إليها .. وهذا ما سأستعرضه وإياكم في حلقات هذا البرنامج الذي أسأل الله تعالى أن يجعله مبـــــــــاركا .. ويحسن في بادئ هذه الحلقات أن نوضح ما درج عليه المؤلفون في هذا الباب , كما صنع العلامة ابن القيم رحمه الله وغيره من التقدمة لوصف الجنة ببعض المقدمات , ومن ذلك: أن الجنة موجودة مخلوقة الآن , وفي هذا يقول العلامة ابن القيم :{ لم يزل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون وتابعوهم وأهل السنة والحديث قاطبة ًوفقهاء الإسلام على اعتقاد ذلك وإثباته , مستندين في ذلك إلى نصوص الكتاب والسنة , وما عُلم بالضرورة من أخبار الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم , فإنهم دعو الأمم إليها وأخبروا بها , إلى أن نبغت نابغة من القدرية والمعتزلة فأنكرت أن تكون مخلوقة الأن , وقالوا : بل الله ينشئها يوم المعاد , وحملهم على ذلك أصلهم الفاسد الذي وضعوا به شريعة لما يفعله الله , وأنه ينبغي له أن يفعل كذا , ولا ينبغي له أن يفعل كذا , وقاسوه على خلقه في أفعالهم , فهم مشبّهة ٌفي الأفعال ودخل التجهّم فيهم ,فصاروا مع ذلك معطلة في الصفات , وقالوا : خلق الجنة قبل الجزاء عبث , فإنها تصير معطلة ممددا ً متطاولة ليس فيها سكانها . فحجّروا على الرب تبارك وتعالى بعقولهم الفاسدة , وآراءهم الباطلة , وشبّهوا أفعاله بأفعالهم , وردّوا من النصوص ما خالفوا هذه الشريعة الباطلة التي وضعوها للرب , أو حرّفوها عن مواضعها , وظننّوا وبدّعوا من خالفهم فيها , والتزموا فيها لوازم , واضحكوا عليهم فيها العقلاء .. ولهذا يذكر السلف في عقائدهم أن الجنة والنار مخلوقتان , ويذكر من صنّف في المقالات أن هذه مقالة أهل السنة والحديث قاطبة ًلا يختلفون فيها ..} . ثم قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا السياق: مقررا ً وجود الجنة وخلقها , والمقصود حكايته عن جميع أهل السنة والحديث أن الجنة والنار مخلوقتان , وقد دل على ذلك من القرءان قول الله تعالى (( ولقد رآه نزلة ً أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى )) , وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى ورأى عندها الجنة كما في الصحيحين من حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه في قصة الإسراء وفي آخره :{... ثم انطلق بي جبريل حتى أتى سدرة المنتهى , فغشيها ألوان لا أدري ما هي . قال : ثم دخلت الجنة , فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ , وإذا ترابها المسك }جنابذ اللؤلؤ ما يشبه القباب , لان بيوت الجنة على هيئة البيوت المقببة وكلها من اللؤلؤ .. وجاء في الصحيحين من حديث عبد الله ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{ إنّ أحدكم إذا مات عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة , وإن كان من أهل النار فمن أهل النار .. فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله تعالى يوم القيامة .} . وثبت في المسند والمستدرك للحاكم وصححه ابن حبّان من حديث البراء ابن عازب قال :{ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ...فذكر الحديث بطوله وفيه : فينادي مناد ٍمن السماء أن صدق عبدي ,فأ فرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة ,وافتحوا له بابا ًإلى الجنة ,قال : فيأتيه من روحها وطيبها ...وذكر الحديث }. وثبت في الصحيحين من حديث أنس ابن مالك قال :{ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن العبد إذا وضع في القبر , وتولّى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم , قال : فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟؟ قال : فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله . قال : فيقولان له : انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا ًمن الجنة . قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : فيراهما جميعا }. وجاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت :{ خُسِفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكرت الحديث إلى أن قالت : ثم قام فخطب الناس , فأثنى على الله بما هو أهله , ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته , فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة ..وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت في مقامي هذا كل شيء وعِدته , حتى لقد رأيتني آخذ قطفا ًمن الجنة حين رأيتموني أُقدّم , ولقد رأيت جهنّم يحطم بعضها بعضا ًحينما رأيتموني تأخّرت .. }. وثبت في صحيح مسلم من حديث جابر في هذه القصة , قال عليه الصلاة والسلام :{ عُرض عليّ كل شيء تولجونه , فعرضت عليّ الجنة حتى تناولت منها قطفا , فقصرت يدي عنه , وعُرضت عليا النار فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تعذّب في هرّة لها ....وذكر الحديث } . وجاء أيضا ًفي الموطّأ والسنن من حديث كعب ابن مالك رضي الله عنه قال :{ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما نسمة المؤمن طيرٌ تعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة } وهذا صريح في دخول الروح الجنة قبل يوم القيامة .. إلى غير ذلك من الأحاديث التي تدل على هذا المعنى , وكذلكم الآيات الكريمات في كتاب الله العزيز التي تدل أيضا ًعلى أن الجنة موجودة ومخلوقة الأن .. ولذلك فإنه مما ينبغي أن يُعتقد أن الجنة التي وعد الله تعالى بها عباده المؤمنين موجودة الأن كما دلّ على ذلك كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام .. أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من أهل الجنــــــــة .. وأن يكرمنا برؤية وجهه الكريم .. إنه سبحانه برٌ رحيم .. وإلى لقاء الحلقة الثانية بإذن الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... من بريدي.. التعديل الأخير تم بواسطة طالبة الرضوان ; 28-09-10 الساعة 07:26 PM |
28-09-10, 07:16 PM | #2 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
بسم الله الرحمن الرحيم رحلة إلى بلاد الأشواق "2" خالد ابن عبد الرحمن الشايع الحمد الله رب العالمين .. صلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعـــــــــــــد .... لازلت أوطئ بعون الله تعالى للحديث عن الجنة ونعيمها , بذكر شيء مما يتعلق بها من المسائل الكلية , وكنت قد بحثت من قبل بمسألة وهي أن الجنة مخلوقة وموجودة الأن , وفي هذه الحلقة أذكر مسألة ثانية : وهي مكـــــان الجنة ..وأين هي .. إضافة إلى بيان سعة الجنة وعظمها .. في هذه المسألة "مكان الجنة وأين هي " : توقف عن الجزم فيها عدد من أهل العلم لعدم صراحة الأدلة لديهم في تجليتها , وقد بحث العلامة ابن القيم رحمه الله ونص على أن الجنة في غاية العلو والارتفاع , ومن كلامه في ذلك :{ قال الله تعالى (( ولقد رآه نزلة ًأخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى )) وقد ثبت أن سدرة المنتهى فوق السماء , وسميت بذلك لأنها ينتهي إليها ما ينزل من عند الله جلّ وعلا فيُقبض منها , وما يصعد إليه فيُقبض منها , قال الله تعالى (( وفي السماء رزقكم وما توعدون )) وقد فسّر بعض أهل العلم قوله تعالى (وفي السماء رزقكم ) بأنه المطر , وقوله ( وما توعدون ) بأنه الجنة . وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ إنّ في الجنة مئة درجة .. ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض .. أعدّها الله للمجاهدين في سبيله ] قال : وهذا يدل على أنها في غاية العلو والارتفاع .. ثم قال العلامة ابن القيم:{ والجنة مقببة ..أعلاها أوسعها .. ووسطها هو الفردوس وسقف العرش , كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : إذا سألتم الله فسألوه الفردوس , فإنه وسط الجنة وأهل الجنة وفوقه عرش الرحمن , ومنه تُفجّر أنهار الجنة }.. رواه البخاري والله أعلم. سعة الجنة وعظمها : والمسألة الثانية هي أن الجنة في سعتها وعظمها فوق ما يتصوّره المرء أو يخطر في خياله , ومن الأدلة على ذلك قول الحق تبارك وتعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتقين )) .. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :{ قد قيل أن معنى قوله تعالى (عرضها السماوات والأرض ) تنبيه عن اتساع طولها , كما قال في صفة فرش الجنة ( بطائنها من إستبرق ) أي فما ظنّك في الظهائر, وقيل بل عرضها كطولها لأنها قبــــــة تحــت العـرش , والشيء المقبب والمستدير عرضه كطوله .. وقد دلّ على ذلك ما ثبت في الصحيح : { إذا سألتم الله الجنة فسألوه الفردوس , فإنه أعلى الجنة , وأوسط الجنة , ومنه تُفجّر أنهار الجنة , وسقفها عرش الرحمن } وهذه الآية كقوله تعالى في سورة الحديد (( وسابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض )) . وثبت في المسند أن هرقل كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم { إنك دعوتني إلى جنة عرضها السماوات والأرض فأين النار ؟؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سبحان الله !! فأين الليل إذا جاء النهار ؟!! }قال ابن كثير إسناده لا بأس به ..ثم قال : وهذا يحتمل معنيين : أحدهما أن يكون المعنى في ذلك أنه لا يلزم من عدم مشاهدة مالليل إذا جاء النهار أن لا يكون في مكان وإن كنا لا نعلمه , وكذلك النار تكون حيث يشاء الله عز وجل .. الثانية : أن يكون المعنى أن النهار إذا تغشّى وجه العالم من هذا الجانب , فإن الليل يكون من الجانب الآخر , فكذلك الجنة في أعلى عليين , فوق السماوات تحت العرش , وعرضها كما قال الله عز وجل كعرض السماء والأرض .. والنار في أسفل سافلين .. فلا تنافي بين كونها كعرض السماء والأرض وبين وجود النار.. انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن كثير , وقد رجح رحمه الله المعنى الأول . وفي هذا السياق أيضا .. يقول العلامة ابن القيم رحمه الله:{ ولعظم سعة الجنة وغاية ارتفاعها يكون الصعود من أدناها إلى أعلاها بالتدرّج شيئا ًفشيئا , درجة فوق درجة , كما يقال لقارئ القرءان : اقرأ وأرقى ورتّل كما كنت ترتل في الدنيا , فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها } رواه ابن داوود والترمذي وابن ماجه وأحمد في المسند . وهذا يحتمل شيئين : أن تكون منزلته عند آخر حفظه , أو أن تكون منزلته عند تلاوته لمحفوظه .. والله أعلم . وبعــــد ...فذلك مكان الجنة في أعلى عليين , وذلكم سعتها وعظمها , وما أعدّ الله تعالى فيها من النعيم المقيم .. أسأل الله تعالى أن يقرّ عيني وأعينكم برؤية هذا النعيم .. وأعظمه رؤية وجه ربنا الكريم جل وعلا .. ويشمل في ذلك والينا وإخواننا المسلمين .. إنه سبحانه برٌ رحيــــــــــم .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة الرضوان ; 28-09-10 الساعة 07:20 PM |
28-09-10, 09:13 PM | #3 |
|نتعلم لنعمل|
|
بارك الله فيكي أختي الحبيبة طالبة الرضوان
كم تشتاق قلوبنا الي الجنة أسأل الله العظيم أن يرزقنا الفردوس الأعلي من الجنة |
28-09-10, 10:09 PM | #4 |
~نشيطة~
|
بارك الله فيك غاليتي
أسأل الله أن يجعلنا من أهل الفردوس |
29-09-10, 12:12 PM | #5 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
اللهم آمييين..
بارك الله فيكما .. |
29-09-10, 12:16 PM | #6 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
بسم الله الرحمن الرحيم رحلة إلى بلاد الأشواق "3" فضيلة الشيخ : خالد ابن عبد الرحمن الشايع الحمد الله رب العالمين .. الرحمن الرحيم .. مالك يوم الدين .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بـــــــــــعـد ... مرحبا ًبكم أيها الأحبة الكرام .. في هذه الحلقة الجديدة في رحلتي وإياكم إلى بلاد الأشواق .. في هذه الحلقة ..أواصل التمهيد للبدء في وصف الجنة .. وكنت قد ذكرت في حلقات ماضية , ما يتعلق بأن الجنة مخلوقة وموجودة الأن , وأن جاء الحديث عن مكان الجنة وأين هي وجاء الحديث عن بيان سعة الجنة وعظم خلقها .. في هذه الحلقة نُفصّل الحديث في مسألة أخرى وهي : "بيان أسماء الجنة ومعانيها واشتقاقاتها ".. هذه المسألة بحثها العلامة ابن القيم رحمه الله , مفصّلة في كتابه "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " ومنه ألخص ذلك وهو مرجع أصيل في وصف الجنة كما نبهّت من قبل .. يقول رحمه الله :{ ولها عدّة أسماء باعتبار صفاتها ومسمّاها واحد باعتبار الذات , فهي مترادفة من هذا الوجه , وتختلف باعتبار الصفات , فهي متباينة من هذا الوجه .. وهكذا أسماء الرب تبارك وتعالى وأسماء كتابه وأسماء رسوله وأسماء اليوم الآخر وأسماء النار .. أما الاســـم الأول في جنات النعيم : " الجنـــــّـــــة " فهو الاسم العام المتناول لتلك الدار , وما اشتملت عليه من أنواع النعيم , واللذة والبهجة والسرور وقُرّة الأعين , وأصل اشتقاق هذه النقوة من الستر والتغطية , ومنه الجنين لاستتاره عن العيون , والمِجَن لستره ووقايته الوجه , والمجنون لاستتار عقله وتواريه عنه , ومنه سمي البستان جنة لأنه يستر داخله بالأشجار ويغطيه . الاسـم الثــــــــاني : "دار الســــــــــــلام " وقد سمّاها الله بهذا الاسم بقوله سبحانه ((لَهُم دارُ السلامِ عندَ رَبّهِم)) وفي قوله (( واللهُ يَدعُو إلى دارِ السّلامِ)) وهي أحق بهذا الاسم , فإنها دار السلام من كل بليّة وآفة ومكروه , وهي دار الله واسمه سبحانه وتعالى السلام الذي سلّمها وسلّم أهلها . الاســم الثــــــــــــالث : " دار الخلــــــــــــد " وسميت بذلك لأن أهلها لا يضعنون عنها أبداً ولا ينتقلون , قال الله تعالى ((ومَا هم مِنهَا بِمُخرجِين)) وقال سبحانه ((أكُلُهَا دَائِمٌ وظِلُهَا)) . الاســـم الرابــــــــع : " دار المقامــــــــــــة " قال الله تعالى حكايةً عن أهلها ((وقالوا الحمد للهِ الذي أذهبَ عَنا الحَزنَ إنّ رَبنا لغفورٌ شكور الذي أحلّنا دارَالمُقامةِ من فضلهِ لا يمسُّنا فِيها نَصَبٌ ولا يمسّنا فِيها لُغُوب)) . الاســــــــــم الخامـــــــــــــس : " جنّــــــــــــة المأوى " قال الله تعالى ((عِندها جنّةُ المَأوى)) وقال سبحانه ((وأمَّا مَن خافَ مقامَ ربّهِ ونَهَىَ النّفسَ عنِ الهَوى فَإنَّ الجنّةَهِيَ المَأوى)) والمأوى مفعل من أوى يأوي إذا انضم إلى المكان وصار إليه واستقر به . الاســم الســــــــــادس : " جنّــــــــــات عــــــــــدن " قال الله تعالى ((جناتُ عَدْنٍ التي وعَدَ الرحمنُ عبادهُ بالغيبِ )) والاشتقاق من عدن من عَدَنَ بمعنى أقام ولم يبرح. الاســـــــم الســــــــابع : " دار الحيــــــــــــوان " قال الله تعالى ((وإنَّ الدارَ الآخرةَ لهيَ الحيوان)) والحيوان بمعنى الحيـــــــــاة الدائمة الحق التي لا زوال لها ولا انقضاء , بل هي مستمرة أبد الآباد . الاســـــــــــــم الثــــــــــــامن : " الفــــــــردوس " قال الله تعالى ((أولائكَ هُمُ الوارِثُون اللذينَ يرثُونَ الفِردَوسَ هُم فِيهَا خالِدُون)) وأصل الفردوس البستان , قالوا : وحقيقته أنه البستان الذي يجمع كل ما يكون في البساتين . الاســــــم التــــــــــاسع : " جنّـــــــــــــات النعـــــــــــيم " قال الله تعالى ((إنَّ اللذينَ آمَنوا وعَمِلُوا الصَالِحَات لَهُم جنّاتُ النّعِيم)) وهذا أيضاً اسم جامع لجميع الجنات , وذلك لما تضمنته من الأنواع التي يُتنعّم بها من المأكول والمشروب والملبوس والصور , ومن الرائحة الطيبة والمنظر البهيج , والمساكن الواسعة , وغير ذلك من النعيم الظاهر والباطن . الاســـــــــم العاشـــــــــــر : " المقام الأمـــــــــــــين " قال الله تعالى ((إنَّ المتّقينَ في مقامٍ أمين في جناتٍ وعيون)) والمقام موضع الإقامة , والأمين الآمن من كل سوء وآفة ومكروه , وهو الذي قد جمع صفات الأمن كلها , فهو آمن من الزوال والخراب وأنواع النقص , وأهله آمنون فيه من الخروج والنقص والنكد . وتأمل كيف ذكر سبحانه الأمن في قوله تعالى ((إنَّ المُتّقينَ في مقامٍأمين)) وفي قوله تعالى ((يدعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنين)) فجمع لهم بين أمن المكان وأمن الطعام , فلا يخافون انقطاع الفاكهة ولا سوء عاقبتها ولا مضرّتها . وجمع لهم أيضاً أمن الخروج منها فلا يخافون ذلك , وأمن الموت فلا يخافون فيها موتــــــــا .. الاســـــــــــم الحادي عشـــــــر والثـــــــاني عشـــــــر : " مقعـــــــد الصــــــــدق وقـــــــدم الصــــــدق " قال الله تعالى ((إنَّ المُتّقينَ في جنّاتٍ ونَهر في مَقعدِ صدقٍ عند مليكٍ مقتدر)) فسمّى الجنّة مقعد صدق لحصول كل ما يراد من المقعد الحسن فيها , كما يقال مودّة صادقة إذا كانت ثابتةً تامّة . قال ابن كثير رحمه الله :{ في مقعد صدق أي في دار كرامة الله ورضوانه وفضله وامتنانه وجوده وإحسانه }. قال ابن القيم :{ ومنه قدم الصدق ولسان الصدق ومدخل الصدق ومخرج الصدق , وذلك كله للحق الثابت المقصود الذي يُرغب فيه إفلات الكذب الباطل الذي لا شيء تحته ولا يتضمن أمراً ثابتا } , وفسّر قول ( قدم صدق ) بالجنة , وفُسّر بالأعمال الصالحة التي تُنال بها الجنة , وفُسّر بالسابقة التي سبقت لهم من الله , وفُسّر بالرسول الذي على يده وهدايته نالوا ذلك ..هذا التفسير بقوله سبحانه ((وبشّرِ اللذينَ آمنوا أنّ لَهم قدمَ صدقٍ عند ربّهِم)) , قال ابن القيم :{والتحقيق أن الجميع حق , فإنهم سبقت لهم من الله الحسنى بتلك السابقة أي بالأسباب التي قدّرها لهم على يدي رسوله وادّخر لهم جزاءها يوم لقاءه }. وبعد .. أيها الكرام .. فتلك جملة من أسماء الجنة , ومن المعلوم أن كثرة الأسماء للشيء تدل على شرفه وعظيم شأنه .. وفي تلك الأسماء ما يُشوّق النفوس إلى نيل الجنة ويجعلها تعمل على دخولها .. فنسأل الله الكريم أن يدخلنا وإياكم الجنة وأن ينجّينا من النار ووالدينا والمسلمين .. إنه سبحانه برٌ رحيـــــــــم .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... |
29-09-10, 12:19 PM | #7 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
بسم الله الرحمن الرحيم رحلة إلى بلاد الأشواق " 4 " خالد ابن عبد الرحمن الشايع أحمد الله تعالى .. وأصلي وأسلم على خير خلقه نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعــــــــــد ... لازلت وإياكم أيها الإخوة في الله في هذه الرحلة الكريمة ..إلى بلاد الأشواق .. أسأل الله تعالى أن يجمعنا جميعا ًفي رحابها .. تقدّم الحديث عن عظمة هذه الدار الكريمة , وما أعدّ الله تعالى ووعد فيها من الخيرات , هذه الدار العظيمة فيها ولها أبــــــــــــواب , جاء وصفها في كتاب الله تعالى وفي سنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام , جاءت الإشارة إلى جملة الأبـواب في القرءان الكريم وبيّنت السنة المطهرة عــــدد تلك الأبـــواب .. وفي هذا يقول الرب سبحانه وتعالى ((وسِيقَ اللذينَ اتقَوا رَبَّهُم إلى الجنّةِ زُمرَا حتى إذا جَاءُوهَا وفُتِحَت أبوابُهاوقالَ لَهُم خَزَنَتهَا سلامٌ عَليكُم طبتم فادخُلوهَا خَالِدين)) وها هنا بحث لأهل العلم فيما يتعلق بالواو (وفتحت أبوابها) والصحيح أن الجواب محذوف , وقوله سبحانه (وفتحت أبوابها ) عطف على قوله ( جاءوها ) . قال المبرّد :{ وحذف الجواب أبلغ عند أهل العلم } , بقي أن يقال فما السر في حذف الجواب في آية أهل الجنة ,وذكره في آية أهل النار ؟! ويقال هذا أبلغ في الموضعين , كما يقول العلامة ابن القيم :{ فإن الملائكة تسوق أهل النار إليها وأبوابها مغلقة , حتى إذا وصلوا إليها فتحت في وجوههم ففاجأهم العذاب بغتة .. أما الجنّة فإنها دار الله تعالى ودار كرامته , ومحل خواصّه وأولياءه , فإذا انتهوا إليها صادفوا أبوابها مغلقة فيذهبون إلى صاحبها ومالكها أن يفتحها لهم , ويستشفعون إليه بأولي العزم من رسله ,فكلهم يتأخر عن ذلك , حتى تقع الدلالة على خاتمهم وسيدهم وأفضلهم فيقول : { أنا لها } فيأتي إلى تحت العرش , ويخرّ ساجدا ًلربه , فيدعه ما شاء أن يدعه ثم يأذن له في رفع رأسه , وأن يسأل حاجته فيشفع إليه سبحانه في فتح أبوابها , فيُشفّعه ويفتحها تعظيما ًلخطرها وإظهارا ًلمنزلة رسوله وكرامته عليه .. وإن مثل هذه الدار التي هي دار ملك الملوك رب العالمين , إنما يُدخل إليها بعد تلك الأهوال العظيمة التي أولها من حين عقل العبد في هذه الدار إلى أن انتهى إليها , وما ركبه من الأطباق طبقا ًبعد طبق , وقاساه من الشدائد شدّة ًبعد شدّة , حتى أذن الله تعالى لخاتم أنبياءه ورسله وأحب خلقه إليه أن يشفع إليه في فتحها لهم , وهذا أبلغ وأعظم في تمام النعمة وحصول الفرح والسرور , مما يُقدر عليه بخلاف ذلك . ولئن لا يتوهم الجاهل إنها بمنزلة الخان الذي يدخله من شاء , فجنة الله عالية غالية , بين الناس وبينها من العقبات والمفاوز والأخطار ما لا تنال إلا به , فما بمن أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني , ولهذه الدار فليعد عنها إلى ما هو أولى به و قد خُلق له وهُيئَ له } كما يقول ابن القيم رحمه الله .. وتأمل ما في فوت الفريقين إلى الدارين زمرا ًمن فرحة هؤلاء بإخوانهم وسيرهم معهم كل زمرة على حدا , مشتركين في عمل , متصاحبين فيه على زمرتهم وجماعتهم , مستبشرين أقوياء القلوب كما كانوا في الدنيا وقت اجتماعهم على الخير , كذلك يؤنس بعضهم بعضا , ويفرح بعضهم ببعض . وقال خزنة الجنة لأهلها ( سلام عليكم ) فبدءوهم بالسلام المتضمّن للسلامة من كل شر ومكروه , أي سلمتم فلا يلحقكم بعد اليوم ما تكرهون ,ثم قالوا لهم ( طبتم فادخلوها خالدين ) أي سلامتكم ودخولها بطيبكم فإن الله تعالى حرمها إلا على الطيبين , فبشّروهم بالسلامة والطيب والدخول والخلود . وتأمل قوله سبحانه ((جنّات ِ عدنٍ مفتحةً لهمُ الأبواب متكئينَ فيهَا يدعونَ فيها بفاكهةٍ كثيرةٍ وشراب )) كيف تجد تحته معنا ًبديعا وهو أنهم إذا دخلوا الجنة لم تُغلق عليهم أبوابها , بل تبقى مفتّحة ًكما هي .. وأيضا ًفإن تفتيح الأبواب لهم إشارة إلى تصرّفهم وذهابهم وإيابهم وتبوءهم من الجنة حيث شاءوا , ودخول الملائكة عليهم كل وقت بالتحف والألطاف من ربهم , ودخول ما يسرّهم عليهم كل وقت . وأيضا ًإشارة إلى أنها دار أمن لا يحتاجون فيها إلى غلق الأبواب , كما كانوا يحتاجون إلى ذلك في الدنيا .. وقد جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم عن بيان بعدد تلك الأبواب , ففي الصحيحين من حديث سهل ابن سعد رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{ في الجنة ثمانية أبواب , باب منها يُسمّى الريّان لا يدخله إلا الصائمون }, وثبت في صحيح مسلم عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :{ ما منكم من أحد يتوضأ فيُبلّغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا ًعبده ورسوله إلا فُتّحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء }زاد الترمذي بعد التشهد { اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين } وسنده جيد .. وجاء أيضا ًعن رتبة ابن عبد السلمي رضي الله عنه أنه قال :{ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من مسلم متوفى له ثلاث من الولد لم يبلغوا الحلم ( لم يدركوا ولم يبلغوا التكليف ) إلا تلقّوه من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل } رواه الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما وحسنه العلامة الألباني رحمه الله .. وجاء في الصحيحين أيضا ًما يبيّن عدد أبواب الجنة , والأعمال التي يُدخل بها , ففي الحديثين المتقدمين إشارة إلى أن هذا الذكر بعد الوضوء[ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا ًعبده ورسوله , اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ] أنه سبب لتفتيح أبواب الجنة ودخولها بإذن الله , وكذلك أيضا ًمن صبر على وفاة أولاده وذهابهم وقد ماتوا وهم صغارا ً, أن الله تعالى يجعلهم يتلقونه عند أبواب الجنة .. أيضا ًجاء في الحديث الآتي ما يبين شيء من الأعمال , ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :{ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنفق زوجين من شيءٍ من الأشياء في سبيل الله , دُعِيَ من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير , فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة , ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد , ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة , ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريّان ..فقال أبوبكر رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله , ما أنا من دعي من تلك الأبواب من ضرورة , فهل يُدعا أحد من تلك الأبواب كلها ؟؟ فقال : نعـــــــــــم , وأرجو أن تكون منهم } .. وبعـــد .. أيها الكرام .. فهذه إشارة إلى هذه الأبواب العظيمة وإلى عددها , وإلى شيء من الأعمال التي يدخل بها إليها , وفي حديث أبوبكر الصديق رضي الله عنه الأخير جملة من الفوائد التي فيها إشارة إلى هذا الموضوع .. أسأل الله تعالى أن يجعلنا ووالدينا والمسلمين من الداخلين من تلك الأبواب كلها .. إنه سبحانه بـــــــرٌ رحـــيــم .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... |
24-11-10, 04:12 PM | #8 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة رحلة إلى بلاد الأشواق "9" فضيلة الشيخ : خالد ابن عبد الرحمن الشايع الحمد لله رب العالمين .. وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين .. نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعـــــــــد .... فهاهي رحلتنا بعون الله إلى دار كرامته ..تنتقل بنا إلى مرحلة جديدة ,حيث مررنا بأبواب ووصفها في الكتاب والسنة , حتى كأننا نرى تلك الحشود العظيمة وهم يجاوزون الأبواب ، منطلقين إلى مساكنهم وأهليهم فيها ... وهاهي مباني الجنة وتلكم تربتها , وذلكم حصباءها تأخذ بألباب المؤمنين اللذين كانوا يوعدون في الدنيا الجنة ويوصف لهم نعيمها , فهاهم الأن في جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب .. لكن الذي يشاهدون لم يخطر لهم على بال أبدا.. فيا لعظمة ذلك البناء .. ويا لبهاء تلك الأفياء.. ويا لعلو تلك الغرف والقصور .. ولكأني بهذا المؤمن وهو يتحسس تلك الجدران ويرفع من تراب أرض الجنة .. فلا الجدار من اسمنت ولا رخام ولا غيره , ولا التراب كذلك مما عهد في الدنيا , ولكنه شيء لم تره عينه ولم يشم لمثل طيب ريحه شيئاً ًمن قبل . يقول أبو هريرة رضي الله عنه : { قلنا يا رسول الله ..حدثنا عن الجنة !ما بناءها ؟! قال : لبنة ذهب ولبنة فضة..وملاطها المسك (الملاط هو الذي يكون بين اللبنات ) وحصباءها اللؤلؤ والياقوت , وترابها الزعفران ..منيدخلها ينعم ولا يبأس , ويخلد لا يموت , لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه } الحديث رواه أحمد وغيره وصححه ابن حبّان وغيره . وروى ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة موقوف قال :{ حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ودرجها الياقوت واللؤلؤ }قال { وكنا نُحدّثأن رضراض أنهارها اللؤلؤ وترابها الزعفران} صححه الألباني .والرضراض هو ما يكون في مجرى الماء . وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال :{ خلق الله تبارك وتعالى الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك ,وقال لها تكلمي .. فقالت : قد أفلح المؤمنون ..فقالت الملائكة : طوبى لك منزل الملوك} رواه الطبراني والبزار واللفظ له مرفوعا ًوموقوفا ً والصحيح وقفه . ولما شاهد المؤمن مادة بناء مساكن الجنة , نظر لما تحت قدميه وما تمشي عليه رجلاه , فإذا به شيء يفوق خياله في الدنيا , يوضح هذا خبر المصطفى صلى الله عليه وسلم في قصة الإسراء والمعراج قال :{... ثم أدخلتالجنة .. فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ .. وإذا ترابها المسك }رواه الشيخان ..(الجنابذ هي القباب ,واحدتها جنبذة ,وأما اللؤلؤ فمعروف). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :{ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة ..فقال : من يدخل الجنة يحيا فيها لا يموت , وينعم فيها لا يبأس , لا تبلى ثيابه , ولا يفنى شبابه .. قيل يا رسول الله ما بناءها ؟ قال : لبنةمن ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك وترابها الزعفران , وحصباءها اللؤلؤ والياقوت } رواه ابن أبي الدنيا والطبراني وإسناده حسن بمجموعه . قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : { قوله ( وإذا ترابها المسك) المراد والله أعلم أن رائحة ترابها رائحة المسك وأما لونه فمشرق مبهج كالزعفران ,يدل عليه ما في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{الجنة ملاطهاالمسك وتربتها الزعفران } رواه أحمد وغيره .. والملاط هو التراب الذي يختلط بالماء فيصير كالطين ,فلونه لون الزعفران في بهجته وإشراقه, وريحه كريح المسك , وطعمه كطعم الخبز يؤكل , يدل على ذلك ما في صحيح مسلم عن أبي سعيد قال :{ قال رسول الله صلىالله عليه وسلم لابن صياد :ما تربة الجنة ؟ قال : درمكة بيضاء مسك يا أبا القاسم . قال : صدقت } وجاء في رواية أن ابن صياد هو الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهي في صحيح مسلم أيضا . وفي المسند عن جابر قال :{قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود : إني سائلهم عن تربة الجنة وهي درمكة بيضاء, فسألهم فقالوا: هي خبزة يا أبا القاسم ,فقال صلى الله عليه وسلم :الخبز من الدرمك, وهذا يدل على أن لونها أبيض, وقد يكون منها ما هو أبيض ومنها ماهو أصفر كالزعفران ,والله أعلم.. }انتهى كلام ابن رجب . فهذه ثلاث صفات في تربتها : * أنه من زعفران . * ومن مســــــــك . * ومن درمك أو من الدرمك وهو الدقيق الحواري الخالص البياض. ولا تعارض بينها فذهبت طائفة من السلف إلى أن تربتها متضمنة للنوعين المسك والزعفران , ويحتمل معنيين أخرين أحدهما : أن يكون التراب من زعفران فإذا عُجن بالماء صار مسكا . والثاني : أن يكون زعفراناً باعتبار اللون مسكاً باعتبار الرائحة ,وهذا من أحسن شيء يكون في البهجة والإشراق في لون الزعفران والرائحة في رائحة المسك.. وكذلك شبهها بالدرمك وهو الخبز الصافي الذي يضرب لونه إلى صفرة مع لينها ونعومتها , وإلى هذا المعنى أشار العلامة ابن القيم في نونيته الرائعة حيث قال : وبناءها اللبنات من ذهب وأخرى فضّة نوعان مختلفان وقصورها من لؤلؤ وزبرجد أو فضّة أو خالص العقيان وكذاك من درّ وياقوت به نُظم البناء بغاية الاتقان والطين مسك خالص أو زعفران جا بذا أثران مقبولان ليس بمختلفين لاتنكرهما فهما الملاط لذلك البنيان وعند أصحاب الذوق الرفيع والاستمتاع والتأمل رؤية مبهجة لمنظر الحصباء حين تكون صغيرة نظيفة منظومة ,هذا في الدنيا وأما حصباء الجنة فهي كما تقدّم شدرات اللؤلؤ ودرر الياقوت, وحسبك بذلك بهجـــــــــة وحبورا.. قال ابن القيم :{ حصباءها در و ياقوت كذاك لألئ نثرت كنثر جمان }. وما أن ينتبه المؤمن من تأمله في هذه المناظر الممتعة, والروائح المبهجة, والمشاعر السارّة بخاطره , حتى يتوجه بنظره إلى الأعلى وهو في أولى خطواته في هذه الجنة العظيمة , رفع بصره فشاهد الدرجات العالية من الجنة التي لا ينتهي إليها بصره , هناك حيث الغرف من فوقها الغرفات ,ومن فوقها القصور والخيام . وفي وصفها ما لم ترى عين , ولم يخطر على قلب بشر , وستكون لنا بإذن الله تعالى جولة في أنحاء الغرف والخيام والقصور , نستجلي صفاتها ونستمتع بحسنها وطيبها بإذن الله .. أسأل الله تعالى أن ينزلنا وإياكم تلك الجنات العالية ووالدينا والمسلمين ..إنه بــــر رحيم .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد ..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... |
17-11-13, 12:34 AM | #9 |
|تواصي بالحق والصبر|
|
بارك الله فيكِ أختي طالبة الرضوان ونفع بكِ
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|