|
15-01-07, 09:48 AM | #1 |
طالبة دورة تجويد
تاريخ التسجيل:
09-01-2007
المشاركات: 18
|
الوقاية من التشبه بالكفار (1)
سبل الوقاية من التشبه بالكفار:
إن من أجلّ نعم الله تعالى على المسلمين أن مَنَّ عليهم بالإسلام, وأرسل عليهم أفضل رسله، وأنزل عليهم أفضل كتبه، وهداهم إلى صراطه المستقيم، وبيّن لهم طريقه القويم, وكذلك أرشدهم كيف يصونون دينهم وعقيدتهم من الشرك والشبهات. ومعلوم أن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي التشبه بالكافرين[1]، لذا لم يقتصر الشارع على تحريم التشبه بالكفار فحسب, بل بادر بسد جميع السبل والمنافذ المؤدية إلى ذلك، وبيان ذلك فيما يلي[2]: أولاً: بناء شخصية الفرد المسلم: وذلك من خلال تكوين روح الاعتداد بالنفس وروح الجماعة وروح الاعتزاز بالدين لدى المسلم: 1- تكوين روح الاعتداد بالنفس لدى المسلم: إن مما يدفع بعض الناس إلى تقليد الآخرين والتشبه بهم ومحاكاتهم ضعف شخصيتهم وشعورهم بالهزيمة النفسية من الداخل، مما يجعلهم يفقدون الثقة بأنفسهم، فيتقاعسون عن القيام بواجباتهم، ويفتقدون الأخذ بزمام المبادرة والمسارعة إلى الأعمال واقتحام العقبات، فيكتفون باتباع النماذج الجاهزة من الكفار الذين يعتقدون فيهم القوة، ويرون أنهم القدوة التي ينبغي أن تحتذى. ومن هنا فإن الإسلام في سعيه إلى وقاية المسلم من التشبه بالكفار عمل على تقوية شخصيته الاستقلالية، عن طريق تحقيق فرديته أي: اعتداده بنفسه، والحفاظ على ذاتيتها واستقلالها، وذلك بتحقيق كرامته الإسلامية الإنسانية، وضمان حرياته العامة، وتقرير مسؤوليته الشخصية، وربط قلبه بالله وحده. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لا يكونن أحدكم إمّعة)، قالوا: وما الإمعة يا أبا عبد الرحمن؟ قال: (يقول: إنما أنا مع الناس، إن اهتدَوا اهتديت، وإن ضلّوا ضلَلت، ألا ليوطِّن أحدكم نفسه على إن كفر الناس أن لا يكفر)[3]. قال الزمخشري: "الإمّعة هو الذي يتبع كلَّ ناعق، ويقول لكل أحد: أنا معك، لأنه لا رأي له يرجع إليه"[4]. وقال القاري: "فيه إشعار بالنهي عن التقليد المجرّد حتى في الأخلاق, فضلاً عن الاعتقادات والعبادات"[5]. 2- تكوين روح الجماعة لدى المسلم: اعتنى الإسلام بتكوين روح الجماعة لدى المسلم إلى جانب تكوين روح الاعتداد بالنفس لديه، حتى يتكون المجتمع من أفراد أقوياء متعاونين متحابين متساندين صفًا واحدًا كأنهم بنيان مرصوص، تتكاتف جهودهم للعمل لهذا الدين والانتصار له وإقامة الأمة الإسلامية القوية المنيعة التي تتأبى على الذل والهوان، وتترفع عن الخضوع للكفار والتبعية لهم. ومن الطرق التي سلكها الإسلام لتكوين الروح الجماعية لدى المسلم ما يلي: أ- تقوية أواصر الأخوة الإسلامية بين المسلمين والتحذير من كلّ ما يزعزعها. ب- تكوين الوعي الكامل بوحدة الأمة الإسلامية وترابط مصالح الفرد والجماعة. ج- تقرير المسؤولية الجماعية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. د- التأكيد على الجماعة في الشعائر التعبدية المشروعة أداؤها جماعة كالصلاة المفروضة. هـ- الدعوة الصريحة إلى لزوم جماعة المسلمين وترك التفرق. وإذْ يَهْتم الإسلام هذا الاهتمام الكبير بأن يكون المسلم متآلفًا مع الجماعة، فإنه لا يترك هذه الروح الجماعية بدون شروط تجب مراعاتها، ولهذا جاءت النصوص الكثيرة تبين هذه الشروط التي يجب توفرها في تنمية الروح الجماعية، ولعل أهم هذه الشروط أن يكون الاجتماع والتآلف والتآخي على أساس الإيمان والتقوى والعمل الصالح، كما قال تعالى: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ?لصَّلَو?ةَ وَءاتَوُاْ ?لزَّكَو?ةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي ?لدّينِ} [التوبة:11]. ومن هذا الباب جاء الحث على اختيار الرفقة الصالحة حتى تكون وسيلة للتعاون على الخير والمحافظـة على شـخصية المسلم ووقايتها من الذوبان والانحلال الذي ربما جـر ـ والعياذ بالله ـ إلى التشبه بالكفار. فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثة))[6]. وإن الروح الجماعية وعملية اختيار الرفقة الصالحة إذا تم تكوينهما وترسيخهما في نفس المسلم تكون لهما آثار إيجابية في حياة المسلمين أفرادًا وجماعات ودولاً وشعوبًا، ومن تلكم الآثار ما يلي: أ- التعلم والتعليم واكتساب الخبرات. ب- اكتشاف صفات النفس. ج- التأدب والتأديب. د- بعث الأمل في النفس وتجديد النشاط. هـ- التعاون من أجل التمكين لدين الله في الأرض. و- حفظ الهيبة والكرامة الإسلامية. ز- بث روح التراحم والتوادد بين المسلمين. 3- تكوين روح الاعتزاز بالدين لدى المسلم: إن الإسلام في سعيه لتكوين روح الاعتزاز بالدين لدى المسلم يتعامل مع الفرد من خلال قواه المختلفة: قواه العقلية، وقواه العاطفية، فلا يكتفي بمخاطبة عقله دون وجدانه، ولا بمخاطبة وجدانه دون عقله، بل يتعامل مع هذا وذاك، يتعامل مع العقل لكونه مركز الإدراك والتمييز، ويتعامل مع الوجدان باعتباره وعاء المشاعر والأحاسيس, ويتعامل مع الإرادة لكونها مركز التوجيه واتخاذ القرار النهائي. يتعامل الإسلام مع الفرد من خلال هذه القوى ليصل إلى تأكيد انتمائه إلى الإسلام بعقائده وعباداته وأخلاقه ومعاملاته، بل أكثر من هذا ليصل به إلى أن يصبح معتزًا بهذا الانتماء إلى الإسلام بمعناه الواسع، فيكون محبًا له، متبعًا لأحكامه ومعرضًا عن اتباع ما سواه من الأديان والمناهج البشرية. والمقصود بالاعتزاز بالدين هو شعور المسلم بالرفعة والغلبة والقوة على أعداء الله وآلهتهم، الشعور بعلو الإيمان على الكفر، وبعلو الإسلام على سائر الأديان السماوية وعلى ملل الكفر كلها، والشعور بأن شعوب هذه الأمة الإسلامية هم الأعلون على سائر شعوب الأمم الأخرى ما تمسكوا بالإسلام، وشعور المسلم بمحبة الله تعالى له، وبمحبته هو لله ولرسوله ودينه، ثم توكله على الله سبحانه واستمداد العون منه وحده، قال تعالى: {ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى ?للَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ?لْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ?لْكَـ?فِرِينَ يُجَـ?هِدُونَ فِى سَبِيلِ ?للَّهِ وَلاَ يَخَـ?فُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذ?لِكَ فَضْلُ ?للَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَ?للَّهُ و?سِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54]. والله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاعتزاز بالدين، فقال سبحانه: {قُلِ ?دْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ m إِنَّ وَلِيّىَ ?للَّهُ ?لَّذِى نَزَّلَ ?لْكِتَـ?بَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ?لصَّـ?لِحِينَ} [الأعراف:195، 196]. والاعتزاز بالدين بهذا المعنى لا يتأتى إلا بمعرفة حقيقة هذا الدين، والتعرف على محاسنه ومزاياه، وعلى خصائصه وضرورته للإنسان واستغنائه به عن غيره. ذلك لأن الاعتزاز بالشيء ناتج عن محبته، ومحبة الشيء ناتجة عن معرفته. ومن طرق تكوين روح الاعتزاز بالدين لدى المسلم غرْس محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة الإسلام والأمة الإسلامية في القلوب، وكذلك دعوة المسلمين بالقول الصريح إلى طلب العزة من الله وحده والإعراض عما سواه، وإبراز محاسن أركان الإسلام الأساسية وفضائل هذه الأركان على غيرها في الأديان السماوية، فضلاً عن الأديان الوضعية. ومن أهم آثار ونتائج تكوين روح الاعتزاز بالدين لدى المسلم ما يلي: أ- تحقيق العبودية الكاملة لله عز وجل. ب- اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به. ج- إخلاص الولاء لله ورسوله وللمؤمنين. ثانيًا: تحصين وصيانة شخصية المسلم بعد بنائها وتكوينها: إن من محاسن الدين الإسلامي حفظ وصيانة شخصية المسلم بعد إعدادها وبنائها وتكوينها، وذلك من الانصياع والذوبان والتأثر بالكفار أو الخضوع لهم أو موالاتهم والركون إليهم. |
22-01-07, 05:39 AM | #2 |
~مشارِكة~
تاريخ التسجيل:
22-01-2007
المشاركات: 70
|
جزاك الله خيرا أختي "أم هنا" وشكر لك جهدك
موضوع مهم بالفعل ... |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أسس وضوابط في علاقة المسلمين بغير المسلمين | حسناء محمد | روضة العقيدة | 2 | 01-02-10 02:35 PM |
الحسد وأسباب الوقاية منه << مهــم جــداً في زمن كثر فيه الحسد والعين | أم أســامة | روضة الفقه وأصوله | 6 | 01-02-10 02:15 AM |
ضابط التشبه في لباس المرأة | أم اليمان | روضة الفقه وأصوله | 5 | 09-03-07 11:26 AM |
الوقاية من التشبه بالكفار (2) | أم هنا | روضة العقيدة | 0 | 15-01-07 09:50 AM |