|
๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ 1427-1430 هـ |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
23-07-08, 05:00 PM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
مجمع الفوائد لدورة نواقض الإسلام
[COLOR="Black"]بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين تجمع هنا-بإذنه تعالى- الفوائد المتعلقة بدورة نواقض الإسلام ********* أهمية التوحيد ( التوحيد أولاً ) لماذا التوحيد أولاً ؟ لأن هذا هو منهج الله الذي شرعه لجميع الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - ، فما من رسول دعا أمته إلا وبدأ بالتوحيد ، وإن كانت دعوات الأنبياء تشمل كل خير للبشر ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ) فالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – يحملون كل السعادة إلى البشرية وكل ما يسعدهم ، ولكن يبدأون بالأهم فالأهم ، والذي يتأمل القرآن يرى أن دعوات الأنبياء اشتركت في أصول عظيمة جداً منها : التوحيد ، ومنها تقرير النبوات ، ومنها تقرير البعث والجزاء ، ولكن المحور الأساسي لدعواتهم والتي دار حولها الصراع بينهم وبين أممهم ؛ إنما هو التوحيد ، وتوحيد العبادة بالذات ، لأن توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات لا ترى في القرآن خلافاً بين نبي وبين أمته في شيء من هذا ، يكذبون بالبعث لا شك وينكرونه ، ولكن أشد ما يكذبون فيه هو : الدعوة إلى إخلاص الدين لله تبارك وتعالى ، فترى دعوات الأنبياء جميعاً . كما بين الله ذلك في كتابه ؛ أول شيء يبدأون به : إصلاح العقيدة ، إصلاح ما أخلُّوا به في باب توحيد العبادة . إذ الشيطان دبَّر أول مكيدة لبني آدم – بعد تدبيره لأبيهم آدم حيث أوقعه في أكل الشجرة – المكيدة الكبيرة التي كاد بها البشر كانت في توحيد العبادة ، إذ زيَّن لقوم نوح – عليه الصلاة والسلام – أن يتعلقوا بأشخاص صالحين ، وأن يصوروا لهم تماثيل ، فصوروا لهم تماثيل ، فلما فَنِيَ الجيل الذي يعرف هؤلاء الأشخاص ؛ جاءهم الشيطان مرة أخرى وقال : ما نُصبت هذه التماثيل لهؤلاء الصالحين إلا لتُعبَد ، واستمر نوح - عليه الصلاة والسلام - يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، كما قص الله ذلك في كتابه العزيز ، وكان شرَّ قوم هم قومُ نوح وأظلمَ قوم هم قوم نوح وأطغى قوم هم قوم نوح ، ولهذا دعاهم ألف سنة فما آمن معه إلا قليل ، كم من الأجيال ، كم من القرون قضاها نوح ، ألف سنة إلا خمسين عاماً وهم ما ازدادوا إلا عناداً وكبراً حتى دعا عليهم فأهلكهم الله تبارك وتعالى ، وأخرج الله من نوح ذرية مسلمة ، ولكن سرعان ما التف عليهم الشيطان وأركسهم في حمأة الشرك بالله عز وجل ، وهكذا كلما يأتي نبي ينقذ الله به من ينقذ من بني آدم فلا تمر فترات قصيرة إلا ويأتي الشيطان ويكيدهم نفس المكيدة التي كاد بها قوم نوح ، واستمر على هذه المكايد وسيستمر إلى يوم القيامة . فينبغي لكل من يتصدى للدعوة إلى الله عز وجل أن يجعل هذه الدعوة دعوة الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – في مواجهة هذه المكايد التي يكيد بها الشيطان بني آدم على طريقة الرسل ، واجهْ هذه المكايد . أول شيء تريد أن تبدأ به في إصلاح شعب من الشعوب هو البدء بالتوحيد ، سواء الشعوب الإسلامية أو غير الإسلامية عندها انحراف شديد في هذا الباب ، فالداعي المخلص الذي يريد أن يترسم خطى الأنبياء ويريد أن يصلح إصلاحاً صحيحاً فأول ما يبدأ به معالجة هذا الانحراف ، فإذا رأيت داعية يسير على خطى الأنبياء ويبدأ بما بدأوا به من الإصلاح؛ فثق أنه على هدى وعلى رشاد ، وإذا رأيته حاد يميناً ويساراً إلى السياسة وغيرها ؛ فهذا يكون موضع ريبة ولا شك ، كيف يحيد عن دعوة شرعها الله للأنبياء والتزمها الأنبياء من أولهم إلى آخرهم ، قال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )(النحل: من الآية36)، ما هو الطاغوت هنا ؟ لأن فيه الآن إطلاق الطاغوت على غير الطاغوت الذي يقصده القرآن ، (وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) : عبادة الأوثان والشرك بالله عز وجل ، فأصلح حطِّم هذه الطواغيت في نفوس أصحابها ، وبعد ذلك إذا صلحت عقائد الناس ؛ صلحت سائر شؤون حياتهم ، فإذا رضي المسلم بالله رباً ومعبوداً لا معبود بحق سواه ؛ سوف لا يخضع لقوانين شرق ولا غرب أبداً لأنه رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً فسيرفض القوانين والتشريعات البشرية ، أما أن تبدأ بالانحراف السياسي – فقط – وتشغل الشباب بهذه الأشياء وتسدل الستار على دعوة الأنبياء ؛ هذا خطأ فادح أول ما يصاب به الدعاة أنفسهم ، أول ما ينالهم شر هذه الدعوة ، فلست - والله - أعلم من الله ، ولست أرحم من الله ، ولست - والله - أغير من الله ، ولا أغير من رسل الله - عليهم الصلاة والسلام – مهما ادعيت . طريق الإصلاح واضح ، الأمة في كل زمان ، والأمة الإسلامية من قرون تحتاج إلى الإصلاح العقائدي لأن الفساد العقائدي دبَّ إلى المسلمين من قرون ، سواء في الأسماء والصفات التي أظن ما انحرفت فيها الأمم السابقة ، وفي توحيد العبادة ، إذا رحت تجوب بلاد العالم في أي بلد شئت ترى من الانحراف في عقائد المسلمين وأعمالهم حول القبور ما يخجل منه اليهود والنصارى والوثنيون ، كيف نتجاهل كل هذه الأشياء ونذهب نربي الشباب تربية سياسية فقط ، والشرك أمامهم ، الشرك الذي حاربه الأنبياء وأفنوا حياتهم في محاربته وأهلك الله الأمم لمخالفتهم للأنبياء في هذه المسألة بالذات ، ليست من أجل سياسة ولا غيرها ، أهلكهم من أجل مخالفة الأنبياء في هذا الباب ، فيا شباب الإسلام لا يخدعنكم بريق السياسة ومطامعها ومغرياتها ، عليكم بنهج الأنبياء ، ولهذا ترى أيَّ مصلح صادق مخلص عَرَفَ الإسلام حق المعرفة أول ما يبدأ بمعالجة هذه الأشياء ، ابن تيمية – رحمه الله – جاء وقد جثمت كوابيس الخرافات والبدع على الأمة الإسلامية شعوباً وحكومات ، فبدأ يعالج هذه الأمور ، الانحرافات الشركية والانحرافات في باب أسماء الله وصفاته ، بدأ بهذه الأمور . وجاء الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – الرجل الثاني والمجدد الثاني حق التجديد بعد ابن تيمية ، وانطلق من حيث انطلق الرسل ومن حيث انطلق المصلحون ، الذين يحملون رايات هذه الدعوات ولا يلتزمون هذا الباب ؛ ما عرفوا هذا الباب ولا عرفوا قيمته ولا عرفوا خطورة الشرك ، بكل صراحة ما عرفوا هذه الأشياء ، تربوا في بيئات لا تحفل بالعقائد ، وجدوا صراعات سياسية بين الأحزاب فأخرجوا أحزاباً تحمل شعارات إسلامية لا يعرفون دعوة الأنبياء فجاءوا وأطبقوا بسياستهم على شباب بلاد التوحيد ، وهم ما عرفوا التوحيد ولا عرفوا الشرك ولا أدركوا مكانة التوحيد ولا خطورة الشرك فمع الأسف انتشرت دعواتهم في بلاد التوحيد على خلاف منهج الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - ، وهذا والله غزو فكري مركز على أبناء التوحيد ، ونحن نكافح من سنين لتعود الأمور إلى نصابها ، ولكن الشباب مخدوعون – مع الأسف الشديد – وينقادون لمن يركض بهم في ميادين بعيدة عن ميادين الرسل – عليهم الصلاة والسلام -، وعن ميادين المصلحين ، فيجب على الشباب أن يفيق وأن يدرك أهمية التوحيد . والله لا نرى ولاء ولا براء في كثير من الشباب على توحيد الله ، وتجد كثيراً من الشباب يوالي عباد القبور وأعداء التوحيد ، ويحارب حملة راية التوحيد ، هذا موجود ، وما سببه إلا تلاعب هؤلاء الجهلة بعقول شباب التوحيد وأبناء التوحيد ، جهلة ما عرفوا توحيد الله ولا عرفوا دعوة الأنبياء ، ولا عرفوا مكانة هذه الدعوة ، ما عرفوها ، وجاءوا في وقتٍ أقام الإنجليز في الدول الغربية وفي بلاد المسلمين أحزاباً ، هذا بعثي ، وهذا شيوعي ، وهذا علماني ، وهذا كذا ، فقال السياسيون الإسلاميون : نقيم أحزاباً سياسية ، ويدخلون في صراعات مع الأحزاب هذه ومع الحكومات ، كله صراع سياسي ، والإسلام ، والإسلام ، والإسلام ، شعارات فقط ، وجدوا العلمانية ، الشيوعية ، البعثية ، منبوذة في بلاد المسلمين ، قالوا : نرفع شعارات إسلامية ، فرفعوا شعارات إسلامية لكنها جوفاء ، والله جوفاء ميتة ، لأنها خالية من الاهتمام بالتوحيد ومحاربة الشرك ، ولهذا ترى منابع هذه الدعوات التي غزت هذه البلاد ملوثة بالشرك ، ولم يغيروا في بلدانهم شيئاً ، وإلى يومك هذا يموت كبار أساطين هذه الدعوات يموتون على الخرافات والبدع ، بل ويذهبون إلى القبور ويقدمون لها النذور ويقدمون لها الزهور ويركعون لهذه القبور ، الشرك عندهم لا خطورة فيه أبداً ، والتوحيد هذا لا قيمة له عندهم ، بل يرون أنه يُفرِّق الأمة ، والله لو لا بقايا قوة دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب والمنهج السلفي – في هذا البلد – لرأيتَ الآن أهل هذا البلد يسجدون للقبور ، لكن هذه حمتهم ، ولكنها إلى حين – إن لم يُتدارك الأمر ، الأمر خطير والمسألة ليست بالسهلة حتى ننام عنها وندغدغ عواطف من يعبثون بعقول الشباب ونتملقهم ونسكت عنهم بل نؤيدهم ونشجعهم على هذا الانحراف السياسي الذي دهموا به هذه البلاد ، بلاد التوحيد . محمد بن عبد الوهاب وإخوانه وأبناؤه وأنصاره قد بذلوا جماجمهم لتصحيح معنى ( لا إله إلا الله ) ، أنا أكتفي بهذا القدر في توحيد العبادة ، وأريدكم أن تقرأوا القرآن ، القرآن مليء بتعظيم الله جل جلاله سبحانه وتعالى ، وهذا التعظيم كله يقودك إلى أن لا تعبد إلا الله ، ويقودك إلى أن تعرف معنى ( لا إله إلا الله ) حق المعرفة ، وتحترمه . منقول بتصرف من خطبة للشيخ ربيع بن هادي المدخلي التعديل الأخير تم بواسطة أم كلثوم ; 24-07-08 الساعة 07:15 PM |
24-07-08, 09:42 AM | #2 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
الموضوعٍ المهمٍّ الذي لا يبلغُه موضوعٌ آخر ولا يقاربُه في الأهمِّية، وهو موضوعُ التوحيد وأهميتُه الذي يقول فيه الإمامُ ابنُ تَيْمِيَةَ ـ رحمه الله ـ: <التوحيدُ سرُّ القُرآن، ولبُّ الإيمان>
ويقول الإمامُ ابنُ القيّم ـ رحمه الله تعالى ـ بعد أن تكلّم عن عقائدِ أهلِ الضَلال، من أهلِ الاتحاد ـ دعاةِ وَحْدَةِ الوجود ـ والجهمية والمعتزلة وغيرهم من الفرقِ الضالة قال: <إنّ التوحيدَ الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب فشيءٌ وراءَ ذلك كلِّه>. ثم قال: <التوحيدُ نوعان: توحيدٌ في المعرفةِ والإثبات وتوحيدٌ في الطلبِ والقصد، فالنوعُ الأوَّل: توحيدُ المعرفةِ والإثبات؛ فهو حقيقةُ ذاتِ الرّبِ وأسمائِه وصفاتِه، وأفعالِه، واستوائه فوق سماواتِه على عرشِه ـ سبحانه وتعالىـ، وإثباتُ عمومِ قضائه وقدرِه وحكمِه. وقد أفصحَ القرآنُ عن ذلك جِدَّ الإفصاح كما في أوَّلِ سُورةِ الحديد وأوَّلِ سورة طه وآخرِ سورة الحشر وأوَّلِ سُورة آل عمران وغيرِ ذلك من السُّور التي تضمّنت هذا النوعَ من التوحيد، وأما النوعُ الثاني فهو ما تضمنته سُورةُ الإخلاص و﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ﴾ ، وما تضمنَهُ قولُ الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِن دُونِ اللهِ﴾ [آل عمران: 64]، ومثل ما تضمّنته أوَّلُ سُورةِ ﴿تَنْزِيلُ الكِتاب…﴾ ،وجملةُ سورةِ الأنعام وأوَّلُ سُورةِ الأعراف وآخرُها، بل غالبُ القرآنِ في التوحيد، بل القرآنُ كلُّه في التوحيد، وذلك أنّ القرآنَ إمّا خبرٌ عن اللهِ وأسمائِه وصفاتِه وأفعالِه، فذلك هو التوحيدُ العلميُّ الخبري. وإمّا دعوةٌ إلى عبادتِه وحدَه ـ سبحانه وتعالى ـ، وخَلْعِ ما يُعْبَدُ من دُونِه، فهو توحيدُ الطلبِ والقصد. وإمّا أمرٌ ونهيٌ وإلزامٌ بطاعته في أمرِه ونهيِه، فذلك من مكمّلاتِ التوحيد. وإمّا خبرٌ عن أوليائه، وما كافأهم به في الحياة الدنيا وما يجزيهم به في الآخرة، فهذا جزاءٌ على التوحيد. وإما خبرٌ عن أهل الشرك وما نَزَل بهم من النَكالِ في الحياة الدنيا، وما يَحِلُّ بهم من العقابِ في الأخرى، فذلك جزاءُ من خَرَج عن حُكمِ التوحيد. فالقرآنُ كلُّه في التوحيد، وفي أهلِه وجزائِهم وفي من خالفَ التوحيدَ من أهل الشِّرك وجزائِهم،فأعاد القرآنَ كلَّه للتوحيد>. وهذا يدلّ دلالةً عظيمة جدًّا على أهمية التوحيد، ولا يَعرِف هذه الأهمية الكبيرة العظيمة إلاّ أئمةُ التوحيدِ من الرُسُلِ الكرام أولي العدل وغيرهم، ولا يعرفه إلاّ من حذا حذوهم في الاهتمام بهذا التوحيد والدعوة إليه. ذلكم أن اللهَ ـ تبارك وتعالى ـ ما خَلَقَ السّموات والأرض والجنّ والإنس والجنّة والنار، وشرع الجهادَ، وكثيرًا من الأمور العظيمة، إلا من أجل هذا التوحيد، وعلى رأسِ التوحيد كلمةُ التوحيد ـ لا إله إلاّ الله ـ على لسان كلِّ رسول وعلى لسان كلّ نبي، ويلهج به الملائكة الكرام، ويكفينا قولُ الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ ` مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ` إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات: 56 ـ 58]، فبيّن لنا أنّه لم يخلقنا لغرضٍ من الأغراض ـ جلّ وعزّ ـ وتَنَزَّه عن ذلك وإنّما خَلَقَنَا لعبادته، هذا الربُ العظيم الجليلُ الكبير الذي لا نستطيع أن نصفَه ولا نُخبر عن وصفه إلاّ بما أخبر به هوـ تعالى وتقدّسـ عن نَفْسِه . وكان صلى الله عليه وسلم يكتب إلى الأمراء وإلى غيرهم وكتب إلى قيصر ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾[4] [آل عمران: 64]، وكَتبَ إلى كسرى بنحو هذا الكلام. وكتب إلى غيره قريبًا من هذا المضمون ـ عليه الصلاة والسَّلام ـ بعدما قامت الدولة يدعوهم إلى التوحيد، وحينما بعث معاذًا إلى اليمن رتَّب له أمور الدَّعوة فقال: ( إنَّك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أوّلَ ما تدعوهم إليه شهادةُ أن لا إلهَ إلاّ اللهَ> ، أهل الكتاب يؤمنون بالجنّة يؤمنون بالنار يؤمنون بالله يؤمنون بالملائكة، ويقولون لا إله إلاّ الله، لكن أفسدوا معنى لا إله إلاّ الله فقال: <فلْيكُن أوّل ما تدعوهم إليه، شهادةُ أن لا إلهَ إلا الله، وأنّ محمّدًا رسولُ الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم ـ انتقل إلى مرحلة أخرى ـ أن الله افترضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أنّ الله افترضَ عليهم صدقةً تُؤْخَذُ من أغنيائهم فَتُلْقى إلى فقرائهم>[5]. هذه هي الطريقةُ الصحيحة للدعوةِ إلى اللهِ تبارك وتعالى، الآن العالَم الإسلامي تذهب إلى الشرق والغرب، تجد أوثانا وقبورًا، تجد مدنا من القبور، تدعى من دون الله، ويستغاث بها من دون الله، وتشدّ إليها الرحال كما تشدّ إلى البيت العتيق، ويطاف بهذه الأوثان، ويركع ويسجد لها، ويعتقدون فيها ما يخجل منه أبو جهل من أنّها تعلم الغيب وتتصرّف في الكون! وقد أتيت بعض البلدان ورأيت كيف الخشوع والخضوع والذلّ والطمع في أموات لا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا! والله ما رأيت هذا الخشوع عند بيت الله العتيق! ـ وربِّ السماء ـ ويَخُور بعضهم كما يخور الثور، ويخرُّ يهوي على عتبة الولي طمعًا ورجاءً وخوفًا ورغبةً! وينسى الله تبارك وتعالى! أمر عظيم! الدعوات الموجودة غير دعوة التوحيد؛ دعوة الإمام المجدِّد محمّد بن عبد الوهاب رحمه الله تقف تتفرّج أمام هذه المشاهد المخزية، ولا ترى هذه منكرًا، بل تؤيِّدها، بل يذهبون في أيّام الانتخابات إلى هذه الأوثان، أو إلى أكبرها، فيخرُّون لها راكعين ويقدِّمون لها الزهور والنذور إجلالاً وتعظيماً لها، بدل أن يدعوا إلى التوحيد، واللهِ يفعلون هذه الأمور وهم معدودون دعاةً إسلاميين! فيَضِلّون ويُضلّون الأمَّةَ ويغرقونهم ويغمسونهم غمسًا إلى الحضيض في الضلال والشرك بالله تبارك وتعالى، ولا تجدُ دعوةً تواجهُ هذه الوثنية إلاّ دعوة الله تبارك وتعالى. على كلِّ حال سأذكر لكم مقتطفات عن التوحيد وأُحِيلُكُم على كُتُبِ التوحيد، فإنَّ هذه المحاضرة إذا طالت لا تُغْني شيئًا، إنَّما نُوَجهكم ونُبيُّن لكم شيئًا من مكانة التوحيد وفضله وما شاكل ذلك، ادرسوا <كتاب التوحيد> للإمام محمّد ـ رحمه الله ـ وافهموه حقَّ الفهم، واقرأوا شُرُوحَه <تيسير العزيز الحميد>، وكتاب <فتح المجيد>، و<القول السديد>، و< قُرّة عيون الموحدّين>، وما شـاكل ذلك، واقرأوا <كشف الشبهات>، و<الأصول الثلاثة> للشيخ محمَّد كذلك، و<التوسل والوسيلة>، لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وكتاب <إغاثة اللهفان> للإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ، واقرأوا القرآن قبل كلّ هذه؛ فإنّه كتابُ التوحيد كما قال ابنُ القيم ـ رحمه الله ـ، واقرأوا كتبَ ابنِ تيمية عمومًا؛ فإنّه ما من مجالٍ يكتب فيه إلاَّ ويعرِّج على العقيدة ويَسْتَطردُ إليها لأهميتها عنده، واقرأوا كُتبَ ابنِ القيم أيضًا الأخرى مثل <زاد المعاد>؛ فإنّ له لمحات وإشارات وتوضيحات في هذا الباب. كلمة لا إله إلاّ الله: لو وُضِعَتْ السَّماوات السَّبع ومن فيهنَّ غيرُ الله في كِفَّة، والأرضون السّبع أيضًا ولا إله إلاّ الله في كِفَّة لمالت بهنَّ لا إله إلاّ الله، هذا جاء عن موسى ـ عليه الصلاة والسَّلام ـ وفي هذا الأثر شيءٌ من الضعف، ولكن يشدُّه وصيَّةُ نوحٍ لابنِه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أوصاه عند موته قال: <يا بُنَي آمُرُكَ بأن لا إله إلاّ الله؛ فإنّها لو وضعت في كِفَّة، ووضعت السماوات السبع والأرضون السبع في كِفَّة، لمالت بهنّ لا إله إلاّ الله>ـ وهذا حديث صحيح ـ فإذا قالها العبدُ صادقًا، مخلصًا لله تبارك وتعالى، عارفاً بمعناها عاملاً بمقتضاها تفتحت له أبوابُ الجنّة. خطورة الشرك، أنتقل الآن إلى هذه النقطة وسمعتم ما قرأنا من تهديد الله لأنبيائه ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: 65]، وقول إبراهيم ـ عليه الصلاة والسَّلام ـ وقال سبحانه وتعالى مخبراً عن دعاء رسوله إبراهيم ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [إبراهيم: 35]، هذا وإبراهيم أبو الأنبياء وإمامُ الموحدين وإمامُ الحُنفاء ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾، ويقول الله عزَّ وجلَّ عنه ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ ` أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 132]، وقال الله تعالى في المشركين:﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ [المائدة: 72]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج: 31]، إذا عرفت خطورةَ الشِّرك لا تزداد إن شاء الله إلاّ تشبثًا بالتوحيد ومعرفةً لمكانة التوحيد، أسأل الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يُثَبِّتَنَا وإيّاكم على توحيده وإجلالِه وتعظيمِه، وإخلاصِ الدِّين له، وأن يُجَنِّبَنَا وإياكم الشّرك والبدع والنفاق ما ظهر من كلّ ذلك وما بطن؛ إنَّ ربنّا لسميع الدعاء. وصلى الله على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه وسلّم. منقول بتصرف من شريط التوحيد أولاً للشيخ ربيع بن هادي المدخلي التعديل الأخير تم بواسطة أم كلثوم ; 24-07-08 الساعة 06:45 PM |
28-07-08, 01:00 AM | #3 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
لماذا كان الشرك الذنب الذي لا يغفره الله ؟
قال الحق جل في علاه : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره : يخبر تعالى: أنه لا يغفر لمن أشرك به أحدا من المخلوقين، ويغفر ما دون الشرك من الذنوب صغائرها وكبائرها، وذلك عند مشيئته مغفرة ذلك، إذا اقتضت حكمتُه مغفرتَه. فالذنوب التي دون الشرك قد جعل الله لمغفرتها أسبابا كثيرة: - كالحسنات الماحية -والمصائب المكفرة في الدنيا، والبرزخ ويوم القيامة - وكدعاء المؤمنين بعضهم لبعض - وبشفاعة الشافعين. ومن فوق ذلك كله رحمته التي أحق بها أهل الإيمان والتوحيد. وهذا بخلاف الشرك فإن المشرك قد سد على نفسه أبواب المغفرة، وأغلق دونه أبواب الرحمة، فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد، ولا تفيده المصائب شيئا، وما لهم يوم القيامة { مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ } ولهذا قال تعالى: { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } أي: افترى جرما كبيرا وأي: ظلم أعظم ممن سوى المخلوق -من تراب، الناقص من جميع الوجوه، الفقير بذاته من كل وجه، الذي لا يملك لنفسه- فضلا عمن عبده -نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا- بالخالق لكل شيء، الكامل من جميع الوجوه، الغني بذاته عن جميع مخلوقاته، الذي بيده النفع والضر والعطاء والمنع، الذي ما من نعمة بالمخلوقين إلا فمنه تعالى، فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟ ولهذا حتم على صاحبه بالخلود بالعذاب وحرمان الثواب { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ } وهذه الآية الكريمة في حق غير التائب، وأما التائب، فإنه يغفر له الشرك فما دونه كما قال تعالى: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } أي: لمن تاب إليه وأناب. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كيف تقيد الفوائد أثناء القراءة ؟ | أم البتول | روضة آداب طلب العلم | 13 | 11-12-13 01:03 AM |
كيف تقيد الفوائد أثناء القراءة ؟ | أم الخطاب78 | روضة آداب طلب العلم | 12 | 07-03-11 05:39 PM |
تقييد الفوائد ( موضوع قيم ) | أم اليمان | روضة آداب طلب العلم | 18 | 13-07-08 03:19 PM |