العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة الفقه وأصوله

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-11-11, 12:20 PM   #1
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
c9 ملف متكامل عن شهر الله المحرم





ppt/2.3 MB تحميل : 2440



بسم الله.... الحمد لله الّذي أنزل على عبده الكتاب، القائل عن القمر: {... وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ....}[يونس: 5] والصّلاة والسّلام على نبيِّنا محمِّدٍ، الّذي خرج من أطهر الأصلاب، وعلى آله وصحبه وكل من هاجر لله وتاب... أما بعد:

انعقاد الإجماع في خلافة عمر -رضي الله عنه- على التّأريخ بالهجرة
اعتمادًا على القمر

مقدمة حول بداية العام الهجري


أخي الحبيب:يشكل اليوم الأول من شهر محرم رأس السنة الهجريَّة التي تعتمد على التّقويم القمريّ، وقد هجر المسلمون هذا التّأريخ.
-إلا من رحم الله تعالى- وصاروا يعتمدون على السنة الميلادية التي تعتمد التقويم الشّمسيّ.
ولو علم المسلمون خطأ ما يفعلون، لعادوا سريعًا إلى التّأريخ بالهجرة؛ لأنَّه أرضى لله -تعالى-، ثمَّ هو: أرحم، وأدق، وأحكم، كما سنرى في هذا البحث بإذن الله -عزّ وجلّ-...

لمحةٌ تاريخيَّةٌ

عرف الإنسان التّأريخ منذ بدايته الأولى على سطح الأرض. ذلك أن التّأريخ حاجةٌ مهمَّةٌ جداً لحياة الإنسان. وكان لكلِّ شعبٍ من الشّعوب تقويمهم الخاصّ... فقد اعتمد اليهود على التّقويم القمريّ، وبدءوا تأريخهم من العام الّذي خرجوا فيه من مصر فرارًا من فرعون وجنده، بعد أن نجى الله -تعالى- نبيَّه موسى -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقومه من الغرق.

وكان النَّصارى يعتمدون على التَّقويم الشمسيّ بدءًا بميلاد المسيح -صلَّى الله عليه وسلَّم. كما أنَّه كان لكلٍ من الرّوم والفرس والهند والصين والفراعنة وغيرهم تقويمهم الخاص،ّ المرتبط بأحداث عظامٍ في حياتهم هذا، وقد اعتمد العرب في الجاهلية على التَّقويم القمريّ، وبدأوا تأريخهم بالوقائع المهمة في حياتهم مثل: انهيار سد مأرب.... عام الفيل... تجديد بناء الكعبة .... إلخ.

التَّقويم الشّمسيّ والتّقويم القمريّ

من نعم الله -تعالى- على الإنسان أن جعل له من الشّمس والقمر دليلًا يهتدي به إلى معرفة الأيام والشّهور والسّنين والحساب، وقد وجه الله -عزّ وجلّ- أبصار البشر إلى السّماء، وبالأخص إلى القمر؛ ليستنبطوا من حركته علم: قياس الزَّمن، ومعرفة عدد السّنين والحساب، قال -تعالى-:
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: 5].
اولاً لتّقويم الشّمس

التّقويم الشّمسيّ:
هو التّقويم الّذي يعتمد على حركة دوران الأرض حول الشّمس في حساب السّنّة، والّتي تساوى 365 يومًا تقريبًا.

التّقويم لدى الإمبراطورية الرّومانيَّة

أخي الحبيب: إنَّ التّأريخ الميلاديّ الحالي الّذي يعتمد على الشّمس، يعود في أصله إلى التّاريخ لدى الإمبراطوريَّة الرّومانيَّة، الّتي كانت تحسب السّنة على أنَّها 360 يومًا، (وكذلك كان البابليون قبلهم)، وهذا خطأٌ كبيرٌ مخالفٌ للواقع، إذ أنَّ السّنّة الفعليَّة هي 365 يومًا تقريبًا.
وهذا التَّفاوت يعني نقصًا قدره خمسة أيام في العام، وشهر كلّ ستِّ سنوات ولتلافي النّقص الحاصل في كلِّ عامٍ، أصدر يوليوس قيصر قرارًا بزيادة عدد الأيام في بعض الأشهر (حتى وصلت إلى 31 يومًا) وفي عام 1582م قام البابا غريغوري الثَّالث عشر بإلغاء عشرة أيام من تلك السّنة، وأصبح التَّقويم الميلاديّ يعرف بالتَّقويم الميلادي الغريغوري، ثم قام البابا بنديكت الرّابع عشر عام 1752م بإلغاء أحد عشر يومًا من تلك السّنة. وقد استمر الباباوات في تعديل التّقويم المسيحيّ الغريغوريّ، حتى يأتي عيد الميلاد (وهو أحد أعيادهم) في موقعه كما كان في بداية العام الميلاديّ.... كما هو شائع!!!!.

الأشهر مصطنعة في التّقويم الشّمسيّ

وتقسيمة أيام الأشهر في التّقويم الشّمسي تقسيمةٌ غير متساويَّة.... فهناك فبراير 28 يومًا أو 29 يومًا، وهناك شهران متتاليان (يوليو وأغسطس) 31 يومًا، وهذه التَّقسمية خضعت لأهواء الباباوات والقياصرة الّذين وضعوا هذا التَّقويم فبعض القياصرة حاول أن يخلد اسمه فسمي شهرًا من الشّهور باسمه، وجعله كبيرًا متميزًا... مثل يوليوس قيصر الّذي جعل شهره يوليو 31 يومًا...وهكذا.

فقام الباباوات بإنقاص شهر فبراير نقصانًا غير مفهومٍ، ولا مبررٍ؛ إرضاءً لهؤلاء القياصرة. وكان العدل أن تكون الشّهور كلها متساويَّة -ولن يستطيعوا ذلك-؛ لأن تقسيم 365 يومًا إلى 12 شهرًا سيكون النّاتج ثلاثون يومًا، ويبقى لدينا 5 أيام لا يمكن توزيعها على الشّهور بشكلٍ واقعيٍّ مقبولٍ؛ لأنَّ الشّهر سيكون ثلاثون يومًا من نصف اليوم تقريبًا، وهذا غير ممكن، مما يدل على أنَّ: الاعتماد على الشّمس غير صالحٍ لتقسيم الشّهور!!!

تنبيه:

نجد أن كثيرًا من المسلمين يستخدمون الأسماء الأجنبية للشَّهور، وهم لا يدرون أنَّ بعضها أسماء وثنية، فنجد مثلًا شهر يناير أسمًا لأحد آلهة الرُّومان، وكذلك فبراير ومارس.... وكذلك بعض الأيام (صن دي) يوم الشَّمس... (من دي) يوم القمر.... فينبغي على المسلمين استخدام الأسماء العربية للشُّهور مثل: محرم... صفر... إلخ... والأيام مثل: الأحد... الإثنين... إلخ.

ثانيًا: التَّقويم القمريّ

معلوم أنَّ القمر يدور حول نفسه وحول الأرض، ويدور هو والأرض حول الشّمس.... والقمر يشاهد بالعين المجردة. وقد لاحظ الإنسان منذ القديم أنَّ القمر يولد صغيرًا ثمَّ يكبر إلى أن يصل على أوج اكتماله بعد أربعة عشر يومًا، ثم يتناقص إلى أن يعود كما بدأ.... إلى أن يدخل في فترة الغياب فلا يُرى مُطلقًا وتسمى فترة المحاق ثمَّ يعود على الظّهور من جديد... وبين كلّ رؤيتين إمّا 29 يومًا، أو 30 يومًا.

ووجد الإنسان أن هذه الظَّاهرة يمكن أن يعتمدها في تقسيم الزّمن إلى وحدات أكبر من اليوم وأقل من السّنة فسماها شهرًا من: الاشتهار والمعرفة. إلا أن متوسط الشّهر لدى التَّوقيت القمريّ 29 يومًا ونصف اليوم تقريبًا، وذلك بسبب رؤية القمر، الّتي تختلف من شهر لأخر بتقدير الله -تعالى-، بخلاف التَّقويم الشّمسيّ الّذي يخضع لتعسف البشر، وأهوائهم.... وعلى ذلك فإنَّ إثنى عشر شهرًا تساوي 354 أو 355 يومًا، وهي فترة أقل من السَّنة الشّمسيَّة بأحدى عشر يومًا تقريبًا.

حكمة الاعتماد على التَّقويم القمريّ

أخي الحبيب:
ينبغي أن تعلم أنَّ الله -سبحانه وتعالى- أمرنا أن نعتمد على القمر في حساب الزَّمن، قال -تعالى-:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] وكذلك أمرنا رسولنا -صلَّى الله عليه وسلَّم- بالاعتماد عليه في جميع شؤوننا، مثل: تأريخ المعاملات، والمعاهدات ومواقيت العبادات كالصّوم مثلًا لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته...» [متفقٌ عليه].
ونحاول هنا أن نتلمس بعض الحكم: الشّرعيَّة والعلميَّة وفي هذا التّقويم القمريّ الربانيّ:

أولًا الحكم الشّرعيَّة... منها:

أولًا: أنَّ السّنة القمريَّة أرحم وأعدل بالعباد في باب التّكاليف الشّرعيَّة، حيث يتبدل المناخ فتجد أن الإنسان لا يحجُّ أو يصومُ أو يزكي دائمًا في الصَّيف، وإنَّما في كلِّ الفصول كلما مرّ عليه 33 عامًا... فالصّائم -مثلًا- لا يصوم طيلة حياته في الصّيف وفي اليوم الطّويل، وإنَّما يصوم في كلِّ الظّروف المناخية طول العام... ونفس الشّيء يحدث بالنّسبة للحجّ.

ثانيًا: أنَّها أرحم بالفقير في باب الزَّكاة؛ لأنَّها أقل من السّنة الشّمسيَّة.

ثالثاً: أنَّها أخفُّ على المكلفين من حيث: المُعتَّدة من طلاقٍ، أو من موتٍ، أو الّتي تريد أن يحكم لها بالفريق بسبب غياب زوجها، أو عنته (الضّعف الجنسيّ) بعد عامٍ كاملٍ، أو من حيث الحكم على المفقود والغائب بالموت. أو بالنِّسبة للذين يصومون شهرين متتابعين كفارة لخطأ من الأخطاء. فقد يصوم 62 يومًا بدلًا من 58 يومًا إذا اعتمد على التقويم الشّمسيّ ففي كلّ هذه الحالات فإنَّ الاعتماد على السّنة القمريَّة أرفق بالمسلم، مصدقاً لقوله -تعالى-:
{..... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ...} [الحجّ: 78].

رابعًا: أنَّ الدّورة الشّهريَّة للمرأة، والثَّوابت البيولوجيَّة الأخرى للإنسان وغيرها، مرتبطةً ارتباطًا وثيقًا بالقمر.

ثانيًا: الحكم العلميَّة... منها:

أولًا:
التَّقويم القمريّ يحسب الرَّؤية المجردة، ونسبة الخطأ فيه تكاد تكون معدومةٌ، وإن واقع الخطأ من جهة البشر، فبإمكان أي إنسانٍ أن يكتشف في غضون يومٍ أو يومين، ويتم تصحيحه تلقائيًّا.... بينما على العكس بالنسبة للشّمس...
فحسابه صعب، ونسبة الخطأ فيه كبيرةٌ...

ثانيًا: وجد العلماء أنَّ التّقويم الشّمسيّ بحاجة إلى تعديلٍ كل 128 سنة (بسبب تراكم الكسور) وذلك بحذف يوم واحد كبيسة، إلا أنَّهم وجدوا أنَّه من الأسهل أن يحذفوا ثلاثة أيام في كل 400 سنة.... بينما التَّقويم القمريّ ليس بحاجةٍ إلى تعديل أبدًا؛ لأنَّه يصحح (إن وجد الخطأ) كلّ شهرٍ.... الله أكبر....

ثالثًا: تقسيم أيام الأشهر في التَّقويم القمري ربانيٌّ، تحدده:
دورة القمر حول الأرض (بتدبير الله -عزّ وجلّ-).
وليس لأيِّ بابا أو ملك أو أمير من سلطان عليه تقديمًا أو تأخيرًا، على عكس التَّقويم الشمسي الّذي خضع لأهواء البشر!!!

رابعًا: الشّهور القمرية يمكن متابعتها في جميع بقاع الأرض حتى في المناطق القطبية الّتي تغيب عنها الشّمس ستة أشهر وتشرق فيها ستة أشهر. (أيّ يكون عندهم نصف العام ليل ونصفه الآخر نهار). فالقمر واضحٌ يستطيع الإنسان حتَّى في هذه الأماكن القطبيَّة أن يتابعه بسهولةٍ، فهو ليس محجوبًا بحالٍ من الأحوال، بخلاف الشّمس الّتي تغيب نصف العام.

خامسًا: معلومٌ أنَّ كمال البدور هو بين يومي (14، 15) في الشّهر القمريّ، فلو كانت الرّؤية خاطئةً في البداية فلن يكون القمر بدرًا في موعده.... الله أكبر، مما يساعد على مزيد من الضّبط للتّقويم القمريّ... بينما الشمس لا تصلح لاعتمادها في توقيت الشّهور؛ لعدم وجود العلامات الّتي تفرق بين شهرٍ وآخرٍ.

سادسًا: ظاهرتا المد والجزر مرتبطان بالتّقويم القمريّ، وهما ضروريتان جدًّا لحياة الإنسان، ولاسيما لأهل البحار من: الصّيَّادين، والتّجار، والمسافرين، والعسكريين... إلخ ، فإذا علمنا أن معظم البضائع تنقل عبر البحار، أدركنا أهمية الاعتماد على القمر كتقويمٍ عالميٍّ... والله -سبحانه وتعال- أعلم .

النَّتيجة:

لابد للإنسان من اعتماد (التّقويم القمريّ في التّأريخ) في حياته كلِّها.

التّاريخ الهجريّ في الإسلام يعتمد على التّقويم القمريّ

في عهد أمير المؤمنين (الفاروق) عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، رفع إليه صك مكتوب فيه: لرجلٍ على آخر دين يحلُّ عليه في شعبان ، فقال: أي شعبان؟ أمن هذه السّنة، أم الّتي قبلها، أم الّتي بعدها؟ ثم جمع النّاس فقال: ضعوا للناس شيئًا يعرفون فيه حلول ديونهم.... فأشار عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- وآخرون أن يؤرخ من هجرة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة على المدينة... فاستحسن ذلك أمير المؤمنين والصّحابة -رضي الله عنهم-، فانعقد الإجماع على ذلك
(ابن كثير- البداية والنّهاية (بتصرف يسير)).

ومعلومٌ أنّ السّنة في الإسلام تحسب على أساس القمر، كما أمر الله -تعالى- في كتابه.

ملاحظة:

الإسلام يعتمد على الشمس -أيضًأ في نطاق اليوم الواحد، من حيث مواقيت الصَّلاة ... فمثلًا: صلاة الصبح تبدأ بطلوع الفجر وينتهي وقتها بطلوع الشّمس... ويدخل وقت صلاة الضّحى وصلاة العيد بمقدار ارتفاع الشّمس قدر رمح أو رمحين... والظّهر عند زوال الشّمس عن قبة السّماء باتجاه الغرب... وكذلك المغرب عندما تغرب الشّمس... والعشاء عند غياب الشفق.
قال -تعالى-:
{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الرّوم: 17- 18].

لماذا أوقف العمل بالتّأريخ الهجري؟؟؟!!!!

ظلت الأمّة الإسلاميَّة تعتمد على التّأريخ الهجريّ -الّذي يعتمد على القمر- على أن جاءت الموجة الاستعماريَّة في العصر الحديث، وما تبعها من تغريبٍ وسلبٍ للهّوية وسقوط للخلافة الإسلاميَّة على يد: الماسوني مصطفى كمال أتاتورك الّذي ما لبث أن أصدر قراراً بإلغاء العمل بالتّأريخ الهجري واستبداله بالتّأريخ الميلاديّ سنة (1344هـ- 1926م)؛ تنفيذاً لمخطط دام قرونًا طويلةً، لقطع حاضر الأمة عن ماضيها المجيد، وتقليدًا لغير المسلمين..... إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

وأخيرًا:

أيُّها المسلمون:
إن تمسكنا بالتّأريخ الهجريّ، الّذي يعتمد على التّقويم القمريّ هو تمسك بمرضاة الله -سبحانه وتعالى- أولًا وآخرًا بالإضافة على أنّه تمسكٌ: بالعلم والحقِّ والعقل والمنطق... كما أنَّه اعتزازٌ بمبادئنا وغيظٌ لأعدائنا... ولله الحمد...

الّدين النّصيحة

لذا فإنَّنا نسأل الله -عزّ وجلّ- أن يلهم حكوماتنا، ومؤسساتنا، وأفرادنا، إلى اعتماد التّأريخ الهجري حتى يكونوا من المفلحين في الدّنيا والآخرة -بإذن الله تعالى-...
كما نهيب بأصحاب الشّركات وأرباب العمل أن يصرفوا رواتب موظفيهم على رأس كلّ شهرٍ قمريٍّ، سعيًّا لمرضاة الله -عزّ وجلّ-.

بشرى:

باعتماد التاريخ الهجري سيحصل العامل على أجر أحد عشر يومًا إضافيًّا في السّنة (بسبب الفرق بين السّنة القمريَّة والسّنة الشّمسيَّة)، فيما لو بقي الأجر ثابتًا، وإنَّ الله -تعالى- هو الرّزاق ذو القوة المتين، والحمد لله ربّ العالمين.

ملاحظة:

راجع هذه المطويَّة الدكتور صالح العجيري، ومجموعة من أهل العلم... جزاهم الله خيرًا.



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-11, 12:21 PM   #2
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي







هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 650x460.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 650x460.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 650x460.





















رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-11, 12:22 PM   #3
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي






بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.


أما بعد:

فغربة الأشهر العربية عند المسلمين هي من مظاهر غربة الإسلام وسط أهله وبنيه؛ فقلما تجد من يحصيها ويعرفها، أو تعرّف على وظائف أيامها وأحكامها. وبينما تجد الجميع يعرف شهر مارس وإبريل، تلمس الجهالة المطبقة بشهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة. ولا شك أنَّ الجهل بالأشهر العربية، وشيوع استخدام الأشهر التي تعتبرها العجم والروم والقبط قد أوقع المسلمين في كثير من المخالفات الشرعية؛ حيث أطلّت البدع برأسها، وهجر الناس الكثير من الطاعات والقربات بسبب ذلك، لذا كان لابد من القيام وبحقه نصحًا وبيانًا {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحج: 32].


وقد أُمر نبيّ الله موسى أن يُذكّر بني إسرائيل بأيام الله وما ارتبط بها من أحكام وعظات وعبر قال سبحانه: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ} [سورة إبراهيم: 5].


ولنا فيه أسوة حسنة وقدوة طيبة {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].


والوصية بالأشهر العربية هي من الوصية بتقوى الله تعالى التي أمر بها الأولين والآخرين {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ} [النساء: 131].


وهذه الأشهر هي على التوالي: "المحرم، صفر، ربيع الأول، ربيع الثاني، جمادى الأولى، جمادى الثانية، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة". قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ} [سورة التوبة: 36].


قال القرطبي: "هذه الآية تدل على أنَّ الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط، وإن لم تزد على اثنى عشر شهرًا؛ لأنها مختلفة الأعداد منها ما يزيد على ثلاثين، ومنها ما ينقص. وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين، وإن كان منها ما ينقص، والذي ينقص ليس يتعين له شهر، وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج" اهـ.


والشهر العربي يثبت برؤية الهلال أو إكمال عدة الشهر السابق ثلاثين يومًا لحديث أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» [رواه البخاري].


وقد ثبت العمل بالهلال وترتب الأحكام عليه بقوله تعالى:

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة: 189]

فأخبر سبحانه أنها مواقيت للناس، وهذا عام في جميع أمورهم، وخصّ الحج بالذكر تمييزًا له، ولأنَّ الحج تشهده الملائكة وغيرهم، ولأنه يكون في آخر شهور الحول فيكون عَلَمًا على الحول، كما أنَّ الهلال عَلَم على الشهر. أما الشمس فلم يعلق لنا بها حساب شهر ولا سنة وإنما علّق ذلك بالهلال فالشهر هلالي بالاضطرار ويُسن عند رؤية الهلال أو العلم به أن نقول: «اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة و الإسلام، ربي وربك الله» [صححه الألباني].


واليوم أوله من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، أما الليل فمن غروب الشمس إلى طلوع الفجر. ولم تكن الأمة تعمل في دخول الشهر وخروجه، وتحديد الليل والنهار، أو في معرفة وقت الفجر وغيره بالحسابات الفلكية. وقد وردت النصوص الشرعية بتحديد كل وقت على حدة، ومن ذلك ما رواه مسلم: «لا يغرنكم من سحوركم آذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتَّى يستطير هكذا»، ويستطير أي: ينتشر ضوؤه ويعترض في الأفق بخلاف المستطيل الذي يظهر ثم يختفي.


وقد أوضح العلماء أنَّ العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال لا يصح التعويل فيها على الحسابات، وهذا بالنص والإجماع، وعلى ذلك جرى العمل في قرون الخيرية الثلاثة، وما ذهب إليه بعض المتأخرين من جواز العمل بالحساب إذا غمَّ الهلال وفي حق نفس الحاسب فقط فهو قول شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه ولو صحَّ هذا القول - وهو غير صحيح - فيحمل على الإغمام ويختص بالحاسب أي أنه لا يجوز تعميمه أو إطلاقه على عواهنه.


يقول ابن تيمية - رحمه الله -: "والمعتمد على الحساب في الهلال، كما أنّه ضال في الشريعة مبتدع في الدين، فهو مخطئ في العقل وعلم الحساب، فإنَّ العلماء بالهيئة يعرفون أنَّ الرؤية لا تنضبط بأمر حسابي.. ولهذا تنازع أهل الحساب في قوس الرؤية تنازعًا مضطربًا وأئمتهم كبطليموس لم يتكلموا في ذلك بحرف لأنَّ ذلك لا يقوم عليه دليل حسابي.." اهـ.


وقال الشيخ ابن باز - رحمه الله -: "...أما توحيد التقويم بالحساب فلا مانع أن يعتمد عليه في المسائل الإدارية ونحوها، وللإيضاح والنصيحة وبراءة الذمة رأيت نشر هذا البيان"، وكان قد أوضح - رحمه الله - أنَّ إثبات الأهلة والأحكام الشرعية إنما يكون بالرؤية أو إكمال العدد. ومن هنا تُدرك خطأ تعليق الأحكام الشرعية على الحساب وولادة القمر واختراع التلسكوب والقمر الصناعي؛ فإنَّ مدار الأمر على ثبوت الرؤية بالعين البصرية. وقد اتفق العلماء على أنَّ من رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في منامه فقال له هذا اليوم هو أول يوم من رمضان أنه لا يعمل بهذه الرؤية المنامية إذْ مدار الأمر على ما ذكرنا، والواجب علينا أن ندور مع إسلامنا حيث دار، ولهذا ما زال العلماء يعدون من خرج عن ذلك إلى الأخذ بالحساب أو الكتاب، كالجداول وحساب التقويم والتعديل... قد أدخل في الإسلام ما ليس منه فيُقابلون هذه الأقوال بالإنكار الذي يُقابل به أهل البدع، وحسبك أن تكتفي بما أغناك الله وبيّنه لك.


لقد تفنن الأعداء وأذنابهم في تنفير المسلمين من كل شيء له علاقة بالدين كاللغة العربية والأشهر العربية، واستخدموا في ذلك كل أساليب الغزو الفكري حتَّى وصل بنا الحال إلى أن أصبحنا نُضاهي الغرب في كل شيء حتَّى في شهوره وما ارتبط بها من بدع وانحرافات. والثابت أنَّ الشرائع قبلنا إنما علقت الأحكام بالأهلة وإنما بدل من بدل من أتباعهم كما يفعله اليهود في جعل بعض الأعياد بالسنة الشمسية وكما تفعله النصارى في صومها وأعيادها. وما جاءت به الشريعة هو أكمل الأمور وأحسنها وأبينها وأصحها وأبعدها من الاضطراب، فلا يجوز بعد ذلك أن نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وإذا كان تبديل شهر عربي مكان آخر يُذم به فاعله كمن بدّل صفر مكان رجب، ورجب مكان صفر، فكيف بمن ترك العمل بالأشهر العربية جملة وتفصيلا واستبدلها بالأشهر الميلادية أو الإفرنجية قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 37].


قال ابن كثير - رحمه الله -: "هذا مما ذمَّ الله به المشركين من تصرفهم في شرع الله بآرائهم الفاسدة، وتغييرهم أحكام الله بأهوائهم الباردة وتحليلهم ما حرَّم الله وتحريمهم ما أحل الله.." اهـ. والنسيء المذموم هو تأخيرهم شهر المحرم إلى صفر لحاجتهم إلى شن الغارات، وطلب الثأر على نحو ما ذكره ابن إسحاق، أو هو تأخيرهم الحج عن وقته تحريًا منهم للسنة الشمسية. وقد حجَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم حجة الوداع بعد أن استدار الزمان ووقعت حجته صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة، فقال في خطبته المشهورة في الصحيحين وغيرهما: «إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة، ومحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» [رواه البخاري]. يقول ابن تيمية - رحمه الله -: "ومن عرف ما دخل على أهل الكتابين والصابئين والمجوس وغيرهم في أعيادهم وعباداتهم وتواريخهم وغير ذلك من أمورهم من الاضطراب والحرج، وغير ذلك من المفاسد، ازداد شكره على نعمة الإسلام مع اتفاقهم أنَّ الأنبياء لم يشرعوا شيئًا من ذلك، وإنما دخل عليهم ذلك من جهة المتفلسفة الصابئة الذين أدخلوا في ملتهم وشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، فلهذا ذكرنا ما ذكرنا حفظًا لهذا الدين عن إدخال المفسدين، فإنَّ هذا مما يخاف تغييره، فإنه قد كانت العرب في جاهليتها قد غيّرت ملة إبراهيم بالنسيء الذي ابتدعته.." اهـ.


وقد اعتبر العلماء أنَّ من جملة مظاهر موالاة الكافرين التأريخ بتاريخهم خصوصًا التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي، والذي هو عبارة عن ذكرى مولد المسيح عليه السلام، والذي ابتدعوه من أنفسهم، وليس هو من دين المسيح، فاستعمال هذا التاريخ فيه مشاركة في إحياء شعارهم وعيدهم، وإقامة الملة الحنيفية تقتضي مخالفة المشركين وسائر أصناف الجحيم وعدم التشبه بهم لقول النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: «من تشبَّه بقوم فهو منهم» [رواه أبو داود وصححه الألباني]، وتشابه الظواهر قد يجر إلى تشابه البواطن، ولذلك فالخطر عظيم في متابعتهم في أشهرهم الإفرنجية وترك الأشهر العربية.


وقد ابتدأ عمر رضي الله عنه التاريخ الهجري وذلك باتفاق الصحابة رضوان الله عليهم بالعام الذي هاجر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشهر الله المحرم، وقد فعلوا ذلك مع معرفتهم بتواريخ الفرس والروم فخالفوها عن عمد وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف، وما لم يكن يومئذ دينًا فليس باليوم دينًا، ولن يصلح آخـر هـذه الأمـة إلاَّ بما صلح به أولها كما قال الإمام مالك - رحمه الله -: "وقد حذر العلماء من الرقي بالأعجمية وبالكلمات الشركية والغير مفهومة، فقد تنطوي على مخالفات شرعية، ونفس الأمر يُقال في الأشهر الإفرنجية؛ فشهر إبريل (نيسان) وهو الشهر الرابع من السنة الإفرنجية كان يمثل مطلع الربيع وكان الرومان قد خصصوا اليوم الأول من هذا الشهر لاحتفالات (فينوز) وهي آلهة الحب والجمال وملكة المرح والضحك والسعادة عندهم، وأما الأقوام الساكسونية فكانت تحتفل في هذا الشهر بعيد آلهتهم "إيستر" وهي إحدى آلهتهم القديمة وهو الإسم الذي يُطلق عليه الآن (عيد الفصح) عند النصارى في اللغة الإنجليزية، وقد اقترن بهذا الشهر ما يُسمى بكذبة إبريل!!.


وعامـة الأشهـر الميلادية لا تقـل في فسـاد معناها عن شهر إبريل، فمن أراد اليوم أن يتكلم بشهر مارس وإبريل فليس له أن يتناسى شهر رجب وذي القعدة وعليه أن يحذر المعاني الفاسدة الموجودة في الأشهر الإفرنجية ويحذر منها الناس.


وقد سُئل الإمام أحمد فقيل له: "إنَّ للفرس أيامًا وشهورًا يسمونها بأسماء لا تعرف، فكره ذلك أشد الكراهة، رويَ عن مجاهد أنه كان يكره أن يُقال: آذارماه. وورد في الخبـر: "مـن يُحسـن أن يتكـلــم بالعربيــة فلا يتكلم بالعجمية، فإنه يورث النفاق"، وكان عمر رضي الله عنه ينهى عن الرطانة مطلقاً، ومنع الشافعي من التكلم بغير العربية. فالعمل بالأشهر العربية مسئوليتنا جميعًا وعلى الدعاة بصفة أخص أن يشيعوا مفاهيم الهدى في البلاد والعباد «ومن دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله» [رواه مسلم].


ولا يظن ظان أنَّ هذه الدعوة أشبه بالدعوة إلى القشور، فنحن لا نتبرم بإيضاح سُنَّة مهملة حتَّى وإن كانت مستحبة فضلاً عن أن تكون بهذا القدر الذي بينّاه، وفي الوقت ذاته ندرك أنَّ التهاون في المستحبات يجر إلى التهاون في الواجبات، وشأن من علت همّته أن يهتم بالواجب والمستحب في العلم والعمل والدعوة إلى الله ولا نقبل تقسيم الدين إلى قشر ولباب {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحج: 32].


والقشرة لابد منها لحفظ الثمرة؛ إذْ التفاحة تفسد إذا نُزعت قشرتها. فاحرص على اغتنام مواسم الفضل كالأشهر الحرم، وشهر شعبان ورمضان، ويوم عرفة، وعاشوراء، وأيام العيدين والتشريق.. وتقرَّب فيها إلى الله بكل طاعة يُحبها، واحذر من الابتداع كالاحتفال بالمولد النبوي، والهجرة وذكرى الإسراء والمعراج.. وأحسن المسير إلى ربك، واعلم أنَّ السَّنَةَ شجرة والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعة أوراقها، والأنفاس ثمرها، فمن كانت أنفاسه في طاعة، فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل، وإنما يكون الجذاذ يوم المعاد، فعند ذلك يتبيّن حلو الثمار من مرها كما ذكر ابن القيم - رحمه الله - .

والكل مسافر في هذه الدار إلى ربه، ومدة سفرك عمرك، والأيام والليالي مراحل، فالعاقل لا يزال مهتمًا بقطع المراحل فيما يقربه إلى الله ليجد ما قدم مُحضرًا، فكن أنت ذلك الرجل، وإن وفقت وسُددت فقل: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [سورة هود: 88].


وآخر دعوانا أن الحمد و رب العالمين.


للشيخ سعيد عبد العظيم


طريق السلف
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-11, 12:25 PM   #4
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 700x495.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 700x495.









هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 633x1013.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 633x1013.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 633x1013.



هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 800x600.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 800x600.هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 800x600.




رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-11, 12:37 PM   #5
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي





فضل صويام يوم عاشوراء ـ العام الجديد ـ ومحاسبة النفس


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن من نعم الله على عباده أن يوالي مواسم الخيرات عليهم على مدار الأيام والشهور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله، فما أن انقضى موسم الحج المبارك إلا وتبعه شهر كريم، هو شهر الله المحرم، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل } وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المحرم شهر الله دلالة على شرفه وفضله، فإن الله تعالى يخص بعض مخلوقاته بخصائص ويفضل بعضها على بعض.
وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى: ( إن الله افتتح السنة بشهر حرام واختتمها بشهر حرام، فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من شده تحريمه ).
وفي هذا الشهر يوم حصل فيه حدث عظيم، ونصر مبين، ظهر فيه الحق على الباطل، حيث أنجى الله فيه موسى عليه الصلاة والسلام وقومه وأغرق فرعون وقومه، فهو يوم له فضيلة عظيمة وحرمة قديمة، هذا اليوم العاشر من شهر الله المحرم وهو ما يسمى بيوم عاشوراء.

فضل يوم عاشوراء وصيامه

وردت أحاديث كثيرة عن فضل يوم عاشوراء والصوم فيه وهي ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:
في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن يوم عاشوراء فقال: ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يتحرى فضله على الأيام إلا هذا اليوم - يعني يوم عاشوراء - وهذا الشهر يعني رمضان ).
وكما أسلفنا من قبل أن يوم عاشوراء له فضيلة عظيمة وحرمة قديمة، وكان موسى عليه الصلاة والسلام يصومه لفضله، وليس هذا فحسب بل كان أهل الكتاب يصومونه، وكذلك قريش في الجاهلية كانت تصومه.
كان صلى الله عليه وسلم يصوم يوم عاشوراء بمكة ولا يأمر الناس بالصوم، فلما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له، وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به، صامه وأمر الناس بصيامه، وأكد الأمر بصيامه والحث عليه، حتى كانوا يصوّمونه أطفالهم. وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ما هذا اليوم الذي تصومونه } قالوا: ( هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً لله فنحن نصومه )، فقال صلى الله عليه وسلم: { فنحن أحق وأولى بموسى منكم } فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه ).
وفي الصحيحين أيضاً عن الربيع بنت معوذ قالت: ( أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: { من كان أصبح منكم صائماً فليتم صومه، ومن كان أصبح منكم مفطراً فليتم بقية يومه }. فكنا بعد ذلك نصوم ونصوّم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار ). وفي رواية: ( فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة نلهيهم حتي يتموا صمومهم ).
فلما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بصيام يوم عاشوراء وتأكيده فيه، لما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: ( صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك ذلك - أي ترك أمرهم بذلك وبقي على الاستحباب ). وفي الصحيحين أيضاً عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم، فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر }. وهذا دليل على نسخ الوجوب وبقاء الاستحباب.
من فضائل شهر الله المحرم أن صيام يوم عاشوراء فيه يكفر ذنوب السنة التي قبله، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء فقال: { أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله }.

أخي المسلم.. أختي المسلمة:

عزم النبي صلى الله عليه وسلم في آخر عمره على أن لا يصومه مفرداً بل يضم إليه يوماً آخر مخالفةً لأهل الكتاب في صومه، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى )، فقال صلى الله عليه وسلم: { فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع } [أي مع العاشر مخالفةً لأهل الكتاب] قال: ( فلم يأت العام المقبل حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
قالى ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد [2/76]:
( مراتب الصوم ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم ).
والأحوط أن يصام التاسع والعاشر والحادي عشر حتى يدرك صيام يوم عاشوراء.

بعض البدع والمخالفات التي تقع في هذا اليوم

اعلم أخي المسلم أنه لا يشرع لك أي عمل لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المخالفات التي تقع من بعض الناس في هذا اليوم: الاكتحال، والاختضاب، والاغتسال، والتوسعة على الأهل والعيال وكذلك صنع طعام خاص بهذا اليوم. كل هذه الأعمال وردت فيها أحاديث موضوعة وضعيفة.
وهناك أيضاً بدع تقع من بعض الناس في هذا اليوم منها: تخصيص هذا اليوم بدعاء معين، وكذلك ما يعرف عند أهل البدع برقية عاشوراء، وأيضاً ما تفعله الرافضة في هذا اليوم لا أصل له في الشرع. كما وأن من الأمور المنكرة الاحتفال ببداية العام الهجري وتوزيع الهدايا والورود واتخاذه عيداً سنوياً.

العام الجديد ومحاسبة النفس

حريٌ بالمسلم مع بداية العام الهجري الجديد أن يمف مع نغسه وقفة محاسبة سريعة ومراجعة دقيقة. وفي تلك الوقفة طريق نجاة وسبيل هداية، فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والفطن من ألزم نفسه طريق الخير وخطمها بخطام الشرع.
والإنسان لا يخلو من حالين، فإن كان محسناً ازداد إحساناً وإن كان مقصراً ندم وتاب قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ) [الحشر:18].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: ( أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ).
وقد أجمل ابن قيم الجوزية طريقة محاسبة النفس وكيفيتها فقال: ( جماع ذلك أن يحاسب نفسه أولاً على الفرائض، فإن تذكر فيها نقصاً تداركه، إما بقضاء أو إصلاح، ثم يحاسب نفسه على المناهي فإن عرف أنه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية، ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن كان قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال على الله ).
فبادر أخي المسلم مع فجر هذا العام الجديد بالتوبة والإقبال على الله فإن صحائفك أمامك بيضاء لم يكتب بعد فيها شيء. فالله الله أن تسودها بالذنوب والمعاصي. وحاسب نفسك قبل أن تحاسب وأكثر من ذكر الله عز وجل والاستغفار واحرص علي رفقة صالحة تدلك على الخير. جعل الله هذا العام عام خير على الإسلام والمسلمين وأطال أعمارنا ومد آجالنا في حسن طاعته والبعد عن معصيته وجعلنا ممن يتبوأ من الجنة غرفاً تجرى من تحتها الأنهار. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
موقع كلمات

رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-11, 12:37 PM   #6
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

جدول الأيام البيض لعام 1433 هـ - 2012 م

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة " رواه النسائي وصححه الألباني.







رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-12, 10:48 PM   #7
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
Icon70 ملف كامل عن شهر الله المحرم


هكذا نستقبل العام الجديد

راشد بن معيض العدواني

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فإن الليالي والأيام والشهور والأعوام تمضي سريعا وتنقضي سريعا هي محط أعمالنا ومقادير آجالنا.
وفي نهاية عام وفي بداية آخر حبذا أن يقدم الإنسان لنفسه توبة ناصحة ورجعة صادقة يغسل بها ما مضى ويستقبل بها ما أتى قال تعالى : (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).وقال (وإني لغفار لمن تاب و آمن.)
قطعت شهور العام لهوا وغفلة *** ولم تحترم فيما أتيت المحرما
فلا رجبا وافيت فيه بحقه *** ولا صمت شهر الصوم صوما متمما
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي *** مضى كنت قواما ولا كنت محرما
فهل لك أن تمحو الذنوب بعبرة *** وتبكي عليها حسرة وتندما
وتستقبل العام الجديد بتوبة *** لعلك أن تمحو بها ما تقدما
أيها الإخوة / أيتها الأخوات:
لقد فاضل الله بين الأوقات فجعل منها مواسم للخيرات ليجتهد الناس فيها بسائر الطاعات وأنواع العبادات
ومن هذه الأزمنة الفاضلة التي أشار القرآن إلى عظيم منزلتها وأظهرت السنة علو مكانتها شهر الله الحرام وسوف أتحدث عن فضله ومكانته في ضوء فضل الشهر عامة وفضل عاشوراء خاصة:


الأولى : لماذا سمي محرم.
يقول المؤرخون إن أول من سمى الأشهر العربية بهذه الأسماء هو كلاب الجد الخامس لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم
في عام 412هـ تقريبا. وشهر محرم سمي بذلك لأنه شهر محرم فيه القتال وسمي بذلك تأكيدا لحرمته.

الثانية : فضل شهر الله المحرم:
1- انه من الأشهر الحرم.
قال تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ). ومحرم من الأشهر الحرم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات : ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) رواه البخاري.
قال قتادة –رحمه الله- في تفسير الآية: اعلموا أن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا فيما سوى ذلك و إن كان الظلم في كل حال غير طائل ولكن الله تعالى يعظم من أمره ما يشاء ربنا تعالى).
ويقول القرطبي- رحمه الله-:خص الله تعالى الأربعة الأشهر الحرم بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفا لها.


2- إضافته هذا الشهر إلى الله:
لقد عظم الله هذا الشهر فأضافه إلى نفسه إضافة تشريف وتعظيم وهذا يدل على مكانته وعلو منزلته.
قال الإمام ابن رجب –رحمه الله-: وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المحرم شهر الله وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله؛ فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته).


3- فضل صيامه:
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم). رواه مسلم.
شهرُ الحرامِ مباركٌ ميمون والصومُ فيه مضاعفٌ مَسنونُ
وثوابُ صائمه لوجه إِلهه *** في الخُلد عند مَليكه مخْزُونُ.
قال أبو عثمان النهدي رحمه الله : كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان ، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من المحرم).
4- فضل صيام عاشوراء وفيه مسائل:
1- عاشوراء معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم كما قال القرطبي وغيره.
2- كان صيام عاشوراء مفروض على الأمة في صدر الإسلام قال ابن عباس رضي الله عنهما : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال ما هذا ؟ قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى. قال : فأنا أحق بموسى منكم . فصامه وأمر بصيامه.رواه البخاري. وهذا يدل على فضله حيث كان يصومه اليهود كما في هذا الحديث بل في رواية أخرى حتى أهل الجاهلية كانوا يصومون هذا اليوم كما في البخاري ومسلم
فلما فرض رمضان نسخ فرضه وبقي استحبابه.
قال ابن حجر –رحمه الله-: نقل ابن عبد البر –رحمه الله- الإجماع على أنه الآن ليس بفرض، والإجماع على أنه مستحب).


3-فضل صيامه:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: صيام عاشوراء احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) رواه مسلم.
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن صيام يوم عاشوراء فقال: ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوما يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم ولا شهرا إلا هذا الشهر يعني رمضان) رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية الطبراني رحمه الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم : لم يكن يتوخى فضل يوم على يوم بعد رمضان إلا عاشوراء.صححه الألباني في صحيح الترغيب.


3- كيفية صيامه:
قال ابن حجر- رحمه الله-:
صيام عاشوراء ثلاث مراتب:
أدناها أن يصام وحده.
وفوقه: أن يصام التاسع والعاشر.
وفوقه:أن يصام التاسع والحادي عشر أي مع العاشر.
ودليل المرتبة الأولى : فضل صيام اليوم العاشر مطلقا دون ذكر لصيام يوم قبله أو بعده..
ودليل المرتبة الثانية:قول النبي صلى اله عليه وسلم : (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) رواه مسلم.
ودليل المرتبة الثالثةخالفوا اليهود صوموا يوما قبله ويوما بعده) رواه البيهقي وسنده ضعيف.
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: وأما إفراد التاسع فمن نقص في فهم الآثار وعدم تتبع ألفاظها وطرقها وهو بعيد من اللغة والشرع .


كتبه
د. راشد بن معيض العدواني
عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام /فرع المدينة النبوية


</b></i>
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-12, 10:49 PM   #8
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي


شهر الله المحرم

علاء شعبان

إن شهر الله المحرّم شهرٌ عظيم مبارك ، وهو أول شهور السنة الهجرية ، وأحد الأشهر الحُرمِ التي قال الله فيها : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } [ التوبة : 36 ] .


وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ).[ أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 4662 ) ، ومسلم في " صحيحه " ( 1679 ) ].

وقوله تعالى : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } خَصَّ اللَّه تَعَالَى الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر الْحُرُم بِالذِّكْرِ , وَنَهَى عَنْ الظُّلْم فِيهَا تَشْرِيفًا لَهَا وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي كُلّ الزَّمَان . [ الجامع لأحكام القرآن ( 4/473 ) ]

مَا الْحِكْمَة فِي تَسْمِيَة الْمُحَرَّم شَهْر اللَّه وَالشُّهُور كُلّهَا لِلَّهِ ؟!

قال السيوطي في " شرح سنن النسائي " ( 1613 ) :


قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفَضْل الْعِرَاقِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ : مَا الْحِكْمَة فِي تَسْمِيَة الْمُحَرَّم شَهْر اللَّه وَالشُّهُور كُلّهَا لِلَّهِ ؟!

يَحْتَمِل أَنْ يُقَال : إِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ الْأَشْهُر الْحُرُم الَّتِي حَرَّمَ اللَّه فِيهَا الْقِتَال, وَكَانَ أَوَّل شُهُور السَّنَة أُضِيفَ إِلَيْهِ إِضَافَة تَخْصِيص وَلَمْ يَصِحّ إِضَافَة شَهْر مِنْ الشُّهُور إِلَى اللَّه –تَعَالَى- عَنْ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا شَهْر اللَّه الْمُحَرَّم . اهـ

فضل الإكثار من صيام النافلة في شهر محرّم :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ ) . [ أخرجه مسلم في " صحيحه " ( 1163 ) ]

( أَفْضَل الصِّيَام بَعْد شَهْر رَمَضَان شَهْر اللَّه الْمُحَرَّم ) : تَصْرِيح بِأَنَّهُ أَفْضَل الْمَشْهُور لِلصَّوْمِ . وَأَمَّا إِكْثَار النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَوْم شَعْبَان دُون الْمُحَرَّم فَجَوَابه مِنْ وَجْهَيْنِ :

أَحَدهمَا : لَعَلَّهُ إِنَّمَا عَلِمَ فَضْله فِي آخِر حَيَاته .

وَالثَّانِي : لَعَلَّهُ يَعْرِض فِيهِ أَعْذَار مِنْ سَفَر أَوْ مَرَض أَوْ غَيْرهمَا . كما في " عون المعبود " ( 2429 ) .

يوم عاشوراء وفضل صيامه :

هو اليوم الذي نجى الله تعالى فيه موسى من الغرق كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا يَعْنِي عَاشُورَاءَ فَقَالُوا : هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ فَقَالَ أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ) .


قال النووي في " المجموع " ( 6 / 433 - 434 ) :

" وَعَاشُورَاءُ وَتَاسُوعَاءُ اسْمَانِ مَمْدُودَانِ , هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ , وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَمْرِو الشَّيْبَانِيِّ قَصْرُهُمَا . قَالَ أَصْحَابُنَا : عَاشُورَاءُ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ , وَتَاسُوعَاءُ هُوَ التَّاسِعُ مِنْهُ, هَذَا مَذْهَبُنَا , وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : عَاشُورَاءُ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنْ الْمُحَرَّمِ , ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ , وَتَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ إظْمَاءِ الْإِبِلِ , فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْيَوْمَ الْخَامِسَ مِنْ أَيَّامِ الْوَرْدِ رِبْعًا - بِكَسْرِ الرَّاءِ - وَكَذَا تُسَمِّي بَاقِيَ الْأَيَّامِ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ فَيَكُونُ التَّاسِعُ عَلَى هَذَا عِشْرًا - بِكَسْرِ الْعَيْنِ - وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَهُوَ أَنَّ عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ, وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ اللَّفْظِ , وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ .

( وَأَمَّا ) تَقْدِيرُ أَخْذِهِ مِنْ إظْمَاءِ الْإِبِلِ فَبَعِيدٌ , وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَرُدُّ قَوْلَهُ ; لِأَنَّهُ قَالَ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَذَكَرُوا أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى تَصُومُهُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : إنَّهُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ يَصُومُ التَّاسِعَ ) وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ هُوَ التَّاسِعَ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ الْعَاشِرَ , وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ " اهـ ، وانظر " المغني مع الشرح الكبير " ( 3 / 57 – 58 ).

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ ) [ أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 2006 ) ] .

مَعْنَى " يَتَحَرَّى " أَيْ يَقْصِد صَوْمه لِتَحْصِيلِ ثَوَابه وَالرَّغْبَة فِيهِ . كما في " الفتح " .

وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ مرفوعاً : ( ... وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ) [ أخرجه مسلم في "صحيحه " ( 1162 ) ] .

قال النووي في " المجموع " ( 6 / 428 - 431 ) :

" قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : وَكُلُّ مَا يَرِدُ فِي الْأَخْبَارِ مِنْ تَكْفِيرِ الذُّنُوبِ فَهُوَ عِنْدِي مَحْمُولٌ عَلَى الصَّغَائِرِ دُونَ الْمُوبِقَاتِ ؛ هَذَا كَلَامُهُ .

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مَا يُؤَيِّدُهُ , فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا , إلَّا كَانَتْ لَهُ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً . وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

وَعَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ : ( الصَّلَاةُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مِنْ الذُّنُوبِ إذَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

( قُلْتُ ) وَفِي مَعْنَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَأْوِيلَانِ :

( أَحَدُهُمَا ) يُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ كَبَائِرُ , فَإِنْ كَانَتْ كَبَائِرَ لَمْ يُكَفِّرْ شَيْئًا لَا الْكَبَائِرَ وَلَا الصَّغَائِرَ .

( وَالثَّانِي ) وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ : أَنَّهُ يُكَفِّرُ كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ , وَتَقْدِيرُهُ : يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلَّا الْكَبَائِرَ .

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله : هَذَا الْمَذْكُورُ فِي الْأَحَادِيثِ - مِنْ غُفْرَانِ الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ - هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ , وَأَنَّ الْكَبَائِرَ إنَّمَا تُكَفِّرُهَا التَّوْبَةُ أَوْ رَحْمَةُ اللَّهِ .

فَإِنْ قِيلَ : قَدْ وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ وَوَقَعَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُهَا مِمَّا فِي مَعْنَاهَا , فَإِذَا كَفَّرَ الْوُضُوءُ فَمَاذَا تُكَفِّرُهُ الصَّلَاةُ ؟ وَإِذَا كَفَّرَت الصَّلَوَاتُ فَمَاذَا تُكَفِّرُهُ الْجُمُعَات وَرَمَضَانُ ؟ وَكَذَا صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ , وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ , وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .

فَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاءُ : أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ , وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ , وَذَلِكَ كَصَلَوَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالصِّبْيَانِ وَصِيَامِهِمْ وَوُضُوئِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عِبَادَاتِهِمْ , وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ , رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ " اهـ .

يستحب صوم التاسع والعاشر جميعاً :

وهذا لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صام العاشر ونوى صيام التاسع :

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ ) [ أخرجه مسلم في " صحيحه " ( 1134 ) ] .

قال النووي في " المجموع " ( 6 / 433 - 434 ):

وَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا :

( أَحَدُهَا ) أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ , وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَفِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : صلى الله عليه وسلم : ( صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ , وَخَالِفُوا الْيَهُودَ وَصُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا ) .

(الثَّانِي) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ , كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ , ذَكَرَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ .

(الثَّالِثَ) الِاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلَالِ , وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ . اهـ

وتأمل أخي دورة الأيام واستوحش من سرعة انقضائها فها نحنُ كنا من أيام نستفبل شهر رمضان ثم ما أسرع أن انقضى ؛ فاستقبلنا عشر ذي الحجة ويوم عرفة وما أدراك ما يوم عرفة ؛ ثم ما أسرع أن انقضى ، وها نحنُ قد استقبلنا شهر الله المحرم ويوم عاشوراء , فالبدار البدار قبل فوات الآوان ... وافزع إلى التوبة وصدق الالتجاء الى الله عز وجل ، وَوَطِّنْ أيها الحبيب نفسك على الطاعة وألزمها العبادة فإن الدنيا أيام قلائل ...

واعلم أنه لا يهدأ قلب المؤمن ولا يسكن روعة حتى تطأ قدمه الجنة ... فسارع إلى جنة عرضها السماوات والأرض وجنب نفسك ناراً تلظى لا يصلاها إلا الأشقى ... وعليك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ) أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 6464 ) ، ومسلم في " صحيحه " ( 2818 ) من أبي هريرة رضي الله عنه .

اللهم ثبتنا على الإيمان والعمل الصالح وأحينا حياة طيبة وألحقنا بالصالحين ... ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين ...

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

</b></i>
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-12, 10:50 PM   #9
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي


شهر محرم ويوم عاشوراء
د. نايف بن أحمد الحمد

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد:

فإن شهر محرم من الأشهر الحُرم التي ذكرها الله –تعالى-
( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) (التوبة:36)
وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: ( السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ، ثلاث متواليات : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ) رواه البخاري (4662)، ومسلم (1679) من حديث أبي بكرة – رضي الله عنه-.

وسمي هذا الشهر محرما لتحريم القتال فيه . المطلع على أبواب المقنع 1/150 الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 2/393 وقيل لتحريم الجنة فيه على إبليس . إعانة الطالبين 2/214 مغني المحتاج 4/66 والأول أصح .
قال تعالى ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر:2) قال ابن العربي رحمه الله تعالى : " في تعيينها أربعة أقوال : الأول : أنها عشر ذي الحجة ; روي عن ابن عباس , وقاله جابر , ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح . الثاني : عشر المحرم ; قاله الطبري . الثالث : أنها العشر الأواخر من رمضان . الرابع : أنها العشر التي أتمها الله لموسى عليه السلام في ميقاته معه " ا.هـ أحكام القرآن 4/333

ويشرع صيام شهر محرم ؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ) رواه مسلم (1163).

وفي هذا الشهر يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر منه لحديث عَبْد اللّهِ بْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قال : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ: إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، إِنْ شَاءَ اللّهُ، صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ ». قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّىٰ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللّهِ . رواه مسلم ( 2619) وهذا هو الصواب قال الزين بن المنير: الأكثر على أن عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم وهو مقتضى الاشتقاق والتسمية . فتح الباري 4/770 تنوير الحوالك 1/269 نيل الأوطار 2/313 تحفة الأحوذي 3/397

ويتأكد صيام يوم عاشوراء ؛ لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: ( ما رأيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان ) رواه البخاري(2006)، ومسلم(1132).

ولصيام هذا اليوم المبارك فضل عظيم كما في حديث أبي قتادة – رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- ( صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله ) رواه أحمد (5/296)، ومسلم (1163).

وصيام هذا اليوم سنة مؤكدة وليس واجباً ؛ لحديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ( إن عاشوراء يوم من أيام الله ، فمن شاء صامه ومن شاء تركه ) رواه مسلم (1136). وعن عائشةَ رضيَ اللّهُ عنها قالت: «كان عاشوراءُ يوماً تَصومهُ قريش في الجاهلية، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصومه. فلما قدِمَ المدينةَ صَامَهُ وأمرَ بصيامه، فلما نزلَ رمضانُ كان مَن شاءَ صامه، ومن شاء لا يَصومُه» رواه البخاري ( 3744).

ويستحب حث الصبيان على صيامه ؛ كما في حديث الربيِّع بنت معوذ – رضي الله عنها- قالت : أرسل رسول الله – صلى الله عليه وسلم- غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار ( مَن أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم ) قالت: فكنا نصومه بعد ونصوِّمه صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار . رواه البخاري (1690) ومسلم (1136).

كما يسن صيام يوم قبله أو بعده ؛ لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ( صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، وصوموا قبله يوماً أو بعده يوماً )رواه أحمد (1/241)، وابن خزيمة (2095) من طريق محمد بن أبي ليلى وفيه كلام وصح قال ابن رجب رحمه الله تعالى : " وصح عن ابن عباس من قوله " ا.هـ لطائف المعارف /108 وهذا في صيام يوم بعده أما صيام يوم قبله فقد صح ذلك كما ذكرته أعلاه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى " وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ولا سيما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان ، فلما فتحت مكة واشتهر أمر الإسلام أحب مخالفة أهل الكتاب أيضا كما ثبت في الصحيح ، فهذا من ذلك، فوافقهم أولا وقال: ( نحن أحق بموسى منكم ) ، ثم أحب مخالفتهم فأمر بأن يضاف إليه يوم قبله ويوم بعده خلافا لهم " ا.هـ فتح الباري 4/770 تحفة الأحوذي 3/397
وصيام يوم قبله أو بعده مستحب لا واجب قال ابن القيم – رحمه الله تعالى-: ( مراتب صومه ثلاث، أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم ) ا.هـ زاد المعاد (2/75).

وعلى المسلم أن لا يتكل على صيام هذا اليوم مع مقارفته للكبائر إذ الواجب التوبة من جميع الذنوب قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وكاغترار بعضهم على صوم يوم عاشوراء أو يوم عرفة حتى يقول بعضهم : يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر ولم يدر هذا المغتر أن صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجل من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر فرمضان والجمعة إلى الجمعة لا يقويا على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها فيقوي مجموع الأمرين على تكفير الصغائر فكيف يكفر صوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصر عليها غير تائب منها هذا محال على أنه لا يمتنع أن يكون صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء يكفر لجميع ذنوب العام على عمومه ويكون من نصوص الوعد التي لها شروط وموانع ويكون إصراره على الكبائر مانعا من التكفير فإذا لم يصر على الكبائر تساعد الصوم وعدم الإصرار وتعاونا على عموم التكفير كما كان رمضان والصلوات الخمس مع اجتناب الكبائر متساعدين متعاونين على تكفير الصغائر مع أنه سبحانه قد قال إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم فعلم أن جعل الشيء سببا للتكفير لا يمنع أن يتساعد هو وسبب آخر على التكفير ويكون التكفير مع اجتماع السببين أقوى وأتم منه مع انفراد أحدهما وكلما قويت أسباب التكفير كان أقوي وأتم وأشمل " ا.هـ الجواب الكافي /13

وسبب صيام هذا اليوم المبارك ما جاء في حديث ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: قدم النبي – صلى الله عليه وسلم- المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ( ما هذا ) ؟ قالوا: هذا يوم صالح ، هذا يوم نجا الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ، قال: ( فأنا أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه ) رواه البخاري (1900) وقد سبق أن ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صامه في مكة قال الباجي رحمه الله تعالى : " يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قُرَيْشٌ تَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ فَلَمَّا بُعِثَ تَرَكَ ذَلِكَ فَلَمَّا هَاجَرَ وَعَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ شَرِيعَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ نَسَخَ وُجُوبَهُ " ا.هـ المنتقى وقال ابن القيم رحمه الله تعالى : " إما الإشكال الأول وهو أنه لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوم عاشوراء فليس فيه أن يوم قدومه وجدهم يصومونه فإنه إنما قدم يوم الاثنين في ربيع الأول ثاني عشرة ولكن أول علمه بذلك بوقوع القصة في العام الثاني الذي كان بعد قدومه المدينة ولم يكن وهو بمكة هذا إن كان حساب أهل الكتاب في صومه بالأشهر الهلالية وإن كان بالشمسية زال الإشكال بالكلية ويكون اليوم الذي نجى الله فيه موسى هو يوم عاشوراء من أول المحرم فضبطه أهل الكتاب بالشهور الشمسية فوافق ذلك مقدم النبي المدينة في ربيع الأول وصوم أهل الكتاب إنما هو بحساب سير الشمس وصوم المسلمين إنما هو بالشهر الهلالي وكذلك حجهم وجميع ما تعتبر له الأشهر من واجب أو مستحب فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحن أحق بموسى منكم فظهر حكم هذه الأولوية في تعظيم هذا اليوم وفي تعيينه وهم أخطأوا تعيينه لدورانه في السنة الشمسية كما أخطأ النصاري في تعيين صومهم بأن جعلوه في فصل من السنة تختلف فيه الأشهر " ا.هـ زاد المعاد 2./70

وأختم بذكر بعض البدع التي أُحدثت في هذا اليوم مما ذكر أكثره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه .
فقد ذهب بعض العلماء إلى استحباب قيام ليلة عاشوراء ولا أعلم لهم دليلا على ذلك بل هي ليلة كسائر الليالي فمن كانت عادته قيام الليل قامها وإلا فلا يخصها بصلاة . انظر :مطالب أولي النهى 1/581 ومن البدع كذلك الاجتماع للصلاة هذه الليلة فتجتمع بدعتان . انظر : منح الجليل 1/345 مواهب الجليل 1/73 ومنها ما يُروى أنه من صلى ركعتين في يوم عاشوراء يقرأ فيهما بكذا وكذا كتب له ثواب سبعين نبيا قال ابن تيمية رحمه الله تعالى " هو عند أهل الحديث من الأحاديث الموضوعة " ا.هـ درء التعارض 1/150

ومن ذلك ما ذكره ابن تيمية – رحمه الله تعالى- بقوله : ( وصار الشيطان بسبب قتل الحسين – رضي الله عنه- يُحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ، والبكاء، والعطش، وإنشاد المراثي، وما يُفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنهم، وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب... وكان قصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة، فإن هذا ليس واجباً ولا مستحباً باتفاق المسلمين ، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم-) ا.هـ منهاج السنة (4/544) وقال رحمه الله تعالى : " النوع الثالث ما هو معظم في الشريعة كيوم عاشوراء ويوم عرفة ويومي العيدين والعشر الأواخر من شهر رمضان والعشر الأول من ذي الحجة وليلة الجمعة ويومها والعشر الأول من المحرم ونحو ذلك من الأوقات الفاضلة فهذا الضرب قد يحدث فيه ما يعتقد أن له فضيلة وتوابع ذلك ما يصير منكرا ينهى عنه مثل ما أحدث بعض أهل الأهواء في يوم عاشوراء من التعطش والتحزن والتجمع وغير ذلك من الأمور المحدثة التي لم يشرعها الله ولا رسوله ولا أحد من السلف لا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من غيرهم لكن لما أكرم الله فيه سبط نبيه أحد سيدي شباب أهل الجنة وطائفة من أهل بيته بأيدي الفجرة الذين أهانهم الله وكانت هذه مصيبة عند المسلمين يجب أن تتلقى به أمثالها من المصائب من الاسترجاع المشروع فأحدث بعض أهل البدع في مثل هذا اليوم خلاف ما أمر الله به عند المصائب وضموا إلى ذلك من الكذب والوقيعة في الصحابة البرآء من فتنة الحسين وغيرها أمورا أخرى مما يكرهها الله ورسوله وقد روي عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( من أصيب بمصيبة فذكر مصيبته فأحدث لها استرجاعا وإن تقادم عهدها كتب الله له من الأجر مثلها يوم أصيب ) رواه الإمام أحمد وابن ماجه فتدبر كيف روى مثل هذا الحديث الحسين بن علي رضي الله عنهما وعن بنته التي شهدت مصابه وأما اتخاذ أمثال أيام المصائب مأتما فليس هذا من دين المسلمين بل هو إلى دين الجاهلية أقرب ثم هم قد فوتوا بذلك ما في صوم هذا اليوم من الفضل.

وأحدث بعض الناس فيه أشياء مستندة إلى أحاديث موضوعة لا أصل لها مثل فضل الاغتسال فيه أو التكحل أو المصافحة وهذه الأشياء ونحوها من الأمور المبتدعة كلها مكروهة. وإنما المستحب صومه .

وقد روى في التوسع فيه على العيال آثار معروفة أعلى ما فيها حديث إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه قال بلغنا أنه " من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته " رواه ابن عيينة وهذا بلاغ منقطع لا يعرف قائله والأشبه أن هذا وضع لما ظهرت للعصبية بين الناصبة والرافضة فإن هؤلاء أعدوا يوم عاشوراء مأتما فوضع أولئك فيه آثارا تقتضي التوسع فيه واتخاذه عيدا وكلاهما باطل وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " سيكون في ثقيف كذاب ومبير " فكان الكذاب المختار بن أبي عبيد وكان يتشيع وينتصر للحسين ثم أظهر الكذب والافتراء على الله وكان فيها الحجاج بن يوسف وكان فيه انحراف على علي وشيعته وكان مبيرا وهؤلاء فيهم بدع وضلال وأولئك فيهم بدع وضلال وإن كانت الشيعة أكثر كذبا وأسوأ حالا لكن لا يجوز لأحد أن يغير شيئا من الشريعة لأجل أحد وإظهار الفرح والسرور , يوم عاشوراء وتوسيع النفقات فيه هو من البدع المحدثة المقابلة للرافضة وقد وضعت في ذلك أحاديث مكذوبة في فضائل ما يصنع فيه من الاغتسال والاكتحال وغير ذلك وصححها بعض الناس كابن ناصر وغيره ليس فيها ما يصح لكن رويت لأناس اعتقدوا صحتها فعملوا بها ولم يعلموا أنها كذب فهذا مثل هذا وقد يكون سبب الغلو في تعظيمه من بعض المنتسبة لمقابلة الروافض فإن الشيطان قصده أن يحرف الخلق عن الصراط المستقيم ولا يبالي إلى أي الشقين صاروا فينبغي أن يجتنب هذه المحدثات " ا.هـ اقتضاء الصراط المستقيم 1/299-301 وانظر : الفتاوى 13/354 وذكر رحمه الله أنه قد قابل قوم فعل الرافضة بفعل مضاد له، وهو جعل هذا اليوم يوم فرح وسرور وطبخ للأطعمة والتوسيع على العيال ، فقابلوا الفاسد بالفاسد ، والكذب بالكذب ، والشر بالشر ، والبدعة بالبدعة ، فوضعوا الآثار مقابل ما وضعها الرافضة. انظر: فتاوى ابن تيمية – رحمه الله تعالى- (25/310) ومما قاله ابن تيمية رحمه الله تعالى :" وقوم من المتسننة رووا ورويت لهم أحاديث موضوعة بنوا عليها ما جعلوه شعارا في هذا اليوم يعارضون به شعار ذلك القوم فقابلوا باطلا بباطل وردوا بدعة ببدعة وان كانت أحداهما أعظم في الفساد وأعون لأهل الإلحاد مثل الحديث الطويل الذي روى فيه من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام ومن اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام وأمثال ذلك من الخضاب يوم عاشوراء والمصافحة فيه ونحو ذلك فان هذا الحديث ونحوه كذب مخلق باتفاق من يعرف علم الحديث وان كان قد ذكره بعض أهل الحديث وقال انه صحيح وإسناده على شرط الصحيح فهذا من الغلط الذي لا ريب فيه كما هو مبين في غير هذا الموضع ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين الاغتسال يوم عاشوراء ولا الكحل فيه والخضاب وأمثال ذلك ولا ذكره أحد من علماء المسلمين الذين يقتدى بهم " ا.هـ الفتاوى 4/512
وفي البخاري (1294)، عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "ليس منَّا من لطم الخدود، وشقّ الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية".

قال ابن رجب – رحمه الله تعالى-: (أما اتخاذه مأتماً كما تفعله الرافضة لأجل قتل الحسين – رضي الله عنه-، فهو من عمل من ضلَّ سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعاً ولم يأمر الله ولا رسوله – صلى الله عليه وسلم- باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتما فكيف بمن دونهم ) ا.هـ (لطائف المعارف /13)،
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وقابلهم آخرون فاتخذوه يوم تألم وحزن والطائفتان مبتدعتان خارجتان على السنة وأهل السنة يفعلون فيه ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم ويجتنبون ما أمر به الشيطان من البدع " ا.هـ نقد المنقول /101 ( وقد ذكرت هذه الأقوال مع ما فيها من التكرار لما فيها من الفائدة )

أما حديث "مَن وسَّع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته" فقد رواه البيهقي في الشعب (3/365) والطبراني في المعجم الأوسط (9302)، والكبير (10007) قال حرب: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث ؟ فقال: لا أصل له وليس له إسناد يثبت. منهاج السنة (4/555)، وقال شيخ الإسلام: (حديث موضوع مكذوب) ا.هـ الفتاوى (25/300). وقال ابن القيم رحمه الله تعالى : " ومنها أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء والتزين والتوسعة والصلاة فيه وغير ذلك من فضائله لا يصح منها شيء ولا حديث واحد ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء غير أحاديث صيامه وما عداها فباطل وأمثل ما فيها حديث من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته قال الإمام أحمد لا يصح هذا الحديث وأما أحاديث الاكتحال والادهان والتطيب فمن وضع الكذابين " ا.هـ نقد المنقول /101
والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

كتبه د. نايف بن أحمد الحمد

</b></i>
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-12, 10:52 PM   #10
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي


عاشوراء والهجرة النبوية من أيام الله تعالى

طارق حميدة

قال تعالى ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ، وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) سورة إبراهيم : 5 ، 6 .
ربنا سبحانه يكلف موسى عليه السلام ، أن يخرج قومه من الظلمات إلى النور ؛ من ظلمات الذل والاستضعاف ، إلى نور العزة والكرامة والريادة بحمل راية التوحيد وإقامة الدين . وخلال ذلك ، ولأجل تحقيق ذلك ، يطلب منه أن يذكرهم بأيام الله .
والأيام كلها أيام الله لكن هذه الأيام لها خصوصية إذ تجلت فيها قدرة الله تعالى ، فنصر القلة المستضعفة ، وقصم الكثرة المتجبرة ، أو خذلها وردها بغيظها . إنها أيام ربما سبقها يأس وإحباط واستسلام لظن المستضعفين أنه لا قبل لهم بالفراعنة والطغاة .
وسرعان ما يقوم موسى عليه السلام ، خطيباً في قومه يذكرهم بيوم من أيام الله عظيم ، يوم أنجاهم سبحانه من فرعون وجنوده ، وقد كان آل فرعون يسومونهم سوء العذاب ويذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم . كي يستنهض هممهم ويقوي عزائمهم للمهمة العظيمة التي ستناط بهم من بعد خروجهم من مصر.
ولا يكتفي موسى عليه السلام بهذا التذكير ، بل يجعل من ذلك اليوم العظيم مناسبة سنوية يحتفي بها والمؤمنون معه ليترسخ المعنى ويتعمق في القلوب ، فيصومه عليه السلام ويصومه قومه ، ويستمر الاحتفاء بهذا اليوم وصيامه حتى زمان المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فيسألهم عن صومهم يوم عاشوراء فيقولون : " هذا يوم صالح ؛ هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى " ، فيقول النبي عليه السلام : " فأنا أحق بموسى منكم " ، فصامه وأمر بصيامه. والحديث في الصحيحين .
إن محمداً ، صلى الله عليه وسلم ، قد أمره ربه تعالى ، بما أمر موسى عليه السلام ، كما جاء في السورة نفسها: ( ألر، كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ..) سورة إبراهيم :1 . وإذا كان الهدف واحداً ،والبشر هم البشر على اختلاف الزمان والمكان ، فلا بد أن يكون المنهج هو المنهج ، والوسيلة هي الوسيلة ـ التذكير بأيام الله ـ وأهمها عاشوراء . يصومه المصطفى عليه السلام ، ويأمر بصيامه ، بل يتحراه وينتظره ويستعد له كما يفعل لشهر رمضان ، احتفاءً بهذه المناسبة العظيمة واستحضاراً لجليل معانيها .
والصيام خير معين للتفكر والتدبر والاستحضار فيما تعجز عن ذلك البطون المتخمة ، وانظر كيف قرن ربنا سبحانه بين صوم رمضان ونزول القرآن ، تأكيدا للتلازم بين النفوس الزكية والقلوب التقية والعقول المتفتحة لاستقبال النور الإلهي . فالقرآن الكريم مع أنه ( هدى للناس ) مؤمنهم وكافرهم إلا أنه لا يفيد منه إلا المتقون ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) .

وحين يقرر النبي عليه السلام أن يصوم التاسع مع العاشر ، فليس ذلك مخالفة لأهل الكتاب وتميزاً عنهم فحسب ، بل ـ وأيضاً فيما نرجح ـ لمزيد الاعتناء بهذا اليوم والاستعداد له روحياً وذهنياً .
إن النفوس المستبشرة بنصر الله تعالى وفرجه ، الموقنة بقدرته المنتظرة لرحمته ، هي التي يُرجى تحقق الإنجازات على أيديها ، أما النفوس اليائسة المنقبضة الكئيبة ، التي تبحث عن الحزن ومناسباته ، فليست بالتي يتوقع منها نصر ولا تقدم ولا إنجاز . ولقد أمر الله نبيه أن يدعو المؤمنين فيتجاوزوا عن الذين لا يرجون أيام الله : ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) الجاثية : 14 ؛ فهم مساكين لا يزال يقعد بهم اليأس فيخشون التحرك للتغيير ، ويخافون الفراعنة بل وربما عاونوهم ضد من يعملون لإنقاذهم ، وأساءوا إليهم .
ولعل ذلك المعنى الكبير ـ التذكير بأيام الله ـ هو الذي حدا بالفاروق رضي الله عنه ، وكرام الصحابة في خلافته ، إلى اختيار حدث الهجرة منطلقاً للتأريخ الإسلامي ، رافضين اتباع الروم أو الفرس ، ومؤثرين الهجرة على سائر المناسبات النبوية الأخرى كالمولد والبعثة والوفاة .
فلقد كانت الهجرة مفصلاً هاماً في تاريخ الدعوة الإسلامية ، حيث تحول المسلمون من جماعة مضطهدة مستضعفة ، إلى مجتمع ودولة ذات عزة ومنعة واستقلال . كان الرسول عليه السلام ، حتى الأمس القريب يرى أصحابه يعذبون فلا يملك إلا أن يدعوهم إلى الصبر واعداً إياهم بالجنة ، ثم هو بعد الهجرة يسيّر جيشاً إلى عقر دار الروم في مؤتة رداً على قتل عملاء الروم لأحد رسله .
لقد خلّد القرآن الكريم الهجرة النبوية واصفاً إياها بالنصر لرسوله : ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) ، وهذا شبيه ما جرى لموسى عليه السلام ، إذ كان البحر من أمامهم والفرعون بجنوده من ورائهم ، فأسقط في أيدي قومه وأيقنوا أنهم مدركون ، فرد عليهم موسى بكل ثقة وإيمان : ( كلا إن معي ربي سيهدين ) ، وقد كان .

إن كاتب هذه المقالة لا يقصد إلى الدخول في جدل حول شرعية الاحتفال بالهجرة النبوية ، وليس مع جعلها عيداً أو عطلة رسمية، ولكنه يدعو حمَلة اللواء لإخراج الأمة من الظلمات إلى النور ، ليكثروا من التذكير بأيام الله .


</b></i>
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شروط لا إله إلا الله أم اليمان روضة العقيدة 3 03-08-07 11:25 AM


الساعة الآن 08:15 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .