العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑

الملاحظات


๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ 1427-1430 هـ

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-01-07, 12:33 AM   #1
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي الدرس الرابع في شرح متن ثلاثة الأصول ( المكتوب )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياكن الله يا طالبات العلم

بين أيديكن الدرس الرابع المكتوب لمن لم تتمكن من قرائته على هيئة (وورد)


ملحوظة : ما في الدرس المكتوب ليس كل ما هو موجود بالدرس المسموع فعليك أختي الطالبة أن تسجلي الفوائد أثناء استماعك للدرس حيث قد يأتي الاختبار من فوائد ذكرها الشيخ بالدرس المسموع

مع العلم بأن الدرس المكتوب من فضيلة الشيخ سليمان اللهيميد - جزاه الله خيرا-
---------------------------- -------------------------
الدرس الرابع في شرح متن ثلاثة الأصول ( المكتوب )
---------------------------- -------------------------






م / ( اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيـم أن تعبد الله مخلصاً له الدين وبذلك أمر جميع الناس وخلقهم لها كما قال تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، ومعنى يعبدون يوحدون ).
( اعلم أرشدك الله ) أي وفقك الله لما ينفعك في دنياك وآخرتك .
والرشد : الاستقامة على الطريق الحق ، ضـد الغي .
( لطاعته ) الطاعــة : موافقة المراد فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور .
( أن الحنيفية ) وهي الملة المائلة عن الشرك ، المبنية على الإخلاص لله عز وجل .
والحنيـف : مشتق من الحنف ، وهو الميل . فالحنيف : المائل عن الشرك قصداً إلى التوحيد.
والحنيـف : المستقيم المستمسك بالإسلام المقبل على الله المعرض عن كل ما سواه ، وكل من كان على دين إبراهيم .
قال تعالى : ﴿ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً ﴾ .
( الملة ) الدين .
( أن تعبد الله مخلصاً له الدين )
العبادة في اللغة : الذل والخضوع .
وفي الشـرع : قال شيخ الإسلام : ( اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ) .
قوله ( أن تعبد الله مخلصاً له الدين ) أي الحنيفية وشريعة الخليل إبراهيم  ، وجميع الأنبياء هي ما قررها المصنف
( أن تعبد الله مخلصاً له الدين ) فهذه هي حقيقة ملة إبراهيم عبادة الله بالإخلاص .
والإخـلاص : أن يقصد الإنسان بعمله رضا الله لا أمر دنيوياً .
قال تعالى ( أن أتبع ملة إبراهيم ) .
وقال تعالى ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين ) .
فتبرا أولاً من المعبودات الباطلة ، وأثبت العبودية للذي فطره وهو الله ( وهذا معنى لاإله إلا الله ) .
فالعبادة لا تسمى عبادة وتنفع صاحبها عند الله إلا إذا كانت خالصة لله ليس فيها شرك ولا رياء ولا سمعة .
قال تعالى : ﴿ فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص ﴾
وقال تعالى : ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ﴾.
وقال تعالى : ﴿ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ﴾ .
وفي الحديث يقول الله تعالى : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك , من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ) . رواه مسلم عن أبي هريرة
وعند ابن ماجه ( ... فأنا منه بريء وهو للذي أشرك ) .
ومن أعظم ثمرات الإخلاص أنه سبب للنجاة من الذنوب والسيئات .
كما قال تعالى ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) .
وسبب للنجاة من الشيطان .
كما قال تعالى ( إلا عبادك منهم المخلصين ) .
# وعبادة الله وإخلاص ذلك هي أول الواجبات على العبد ، وهي حق الله المقدم على سائر الحقوق .
قال تعالى : ﴿ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ... ﴾ .
وفي حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا معاذ ، أتدري ما حق الله على العباد ؟ وما حق العباد على الله ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً ) .
# وعبادة الله واجبة على الإنسان من حين يبلغ سن التكليف إلى أن يموت .
قال تعالى : ﴿ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ﴾ .
# من لم يعبد الله صار عبداً للشيطان .
قال تعالى : ﴿ ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ﴾
( وبذلك ) أي إخلاص العبادة لله . ( أمر جميع الناس ) أي جميع الخلق من الإنس والجن .
كما قال تعالى ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) .
( وخلقهم لها ) كما قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) .
م / ( وأعظم ما أمر الله به التوحيـد : وهو إفراد الله بالعبادة )
التوحيــد : عرفه المؤلف بأنه إفراد الله بالعبادة .
وهنـاك تعريـف أعم : وهو إفراد الله سبحانه بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات .
وإنما كان التوحيد أعظم ما أمر الله به :
 لأنه الأصل الذي ينبني عليه الدين كله .
 وهو حق الله ولهذا بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله وأمر من أرسله للدعوة أن يبدأ به .
 ولأن المخلوق مخلوق من أجل توحيد وعبادة الله تعالى .
وينقســم التوحيد ( كما هو معلوم ) إلى ثلاثـة أقســام :
الأول / توحيد الربوبية : وهو إفراد الله بالخلق والملك والتدبير .
الثاني / توحيد الألوهية : وهو إفراد الله تعالى بالعبادة .
الثالث / توحيد الأسماء والصفات : وهو إفراد الله تعالى بما سمى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله 
ومراد المؤلف هنا : توحيد الألوهية ، وهو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي  واستباح دماءهم وأموالهم وأرضهم .
 فهذا التوحـيد ( الألوهية ) هو أول دعوة الرسل , وأول منازل الطريق , وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل.
قال تعالى : ﴿ لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ﴾
وقال هود  لقومه : ﴿ اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ﴾ .
وقال  : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) . متفق عليه
فضــائـل التوحيــد :
1 ـ أنه أكبر دعامة للرغبة في الطاعة .
لأن الموَحِّد يعمل لله سبحانه وتعالى ، وعليه فهو يعمل سراً وعلانية ، أما غير الموحد كالمرائي مثـلاً ، فإنه يتصدق ويصلي ويذكر الله إذا كان عنده من يراه فقط ، ولهـذا قال بعض السـلف : ( إني لأود أن أتقرب إلى الله بطاعة لا يعلمها إلا هـو ) .
2 ـ أن الموحدين لهم الأمن وهم مهتدون .
كما قال تعالى : ﴿ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ﴾ .
قوله تعالى : ﴿ لم يلبسوا ﴾ أي لم يخلطوا .
قوله تعالى : ﴿ بظلم ﴾ الظلم هنا مقابل الإيمان وهو الشرك .
3 ـ أن التوحيد يكفر الذنوب .
عن أنس رضي الله عنه قال : سمعت رسـول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قال الله تعالى : يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ) . رواه الترمذي
لأن حسنة التوحيد عظيمة تكفر الخطايا الكبيرة إذا لقي الله وهو لا يشرك به شيئاً .
4 ـ إن من فضل التوحيد أنه سبب لدخول الجنة بغير حساب .
لحديث ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( عرضت علي الأمم فرأيت النبي ... فنظرت فإذا سواد عظيم ، فقيل لي هذه أمتك ، ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ... ثم قال : هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) . متفق عليه
5 ـ أن الله أثنى على الأنبياء بتوحيدهم وسلامتهم من الشرك .
قال تعالى : ﴿ إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين ﴾
وقال تعالى : ﴿ والذين هم بربهم لا يشركون ﴾
م / ( وأعظم ما نهى عنه الشـرك, وهو دعوة غيره معه, والدليل قوله تعالى : ﴿ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ﴾) .
أعظم ما نهى الله عنه الشرك :
 لأنه أعظم ذنب عصي الله به ، وأي ذنب أعظم من أن يجعل مع الله شريك في ألوهيته أو ربوبيته أو أسمائه وصفاته .
 وهو هضم للربوبية وتنقص للألـوهية ، وسـوء ظن برب العالمين ، وهو أقبح المعاصي ، لأنه تسوية المخلوق الناقص بالخالق الكامل من جميع الوجوه .
ولذلك رتب الله عليه أموراً كبيرة :
1. أن الله أخبر أنه لا يغفره لمن لم يتب منه .
قال تعالى : ﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾ .
2. أن الله أخبر أن الله حرم الجنة على المشرك ، وأنه مخلد في النار .
قال تعالى : ﴿ إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ﴾ .
3. أن الشرك يحبط جميع الأعمال .
قال تعالى : ﴿ ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ﴾ .
4. أن المشرك حلال الدم والمال .
5. أن الشرك أكبر الكبائر .
قال تعالى : ﴿ إن الشرك لظلم عظيم ﴾ .
م / قال تعالى ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) .
هذا أمر بعبادة الله عز وجل والأمر يقتضي الوجوب ، وتحريم أن يشرك مع الله شيء .
وقوله ( شيئاً ) نكرة في سياق النهي ، فتعم كل شيء ، لا نبياً ولا ملكاً ولا ولياً ، بل ولا أمراً من أمور الدنيا ، فالإنسان إذا كان همه الدنيا كان عابداً لها كما قال ؟؟؟ ( تعس عبد الدينار ، تعس غبد الدرهم ، تعس عبد الخميلة ) .
م / فإذا قيل لك : ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها ؟ فقل : معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمداً صلى الله عليه وسلم .
( فإذا قيل لك ) أي سألك سائل ، والمؤلف رحمه الله أورد هذه المسألة بصيغة السـؤال وذلك من أجل أن يتنبه الإنسان لها ، لأنها مسألة عظيمة وأصول كبيرة .
الأصــول : جمع أصل ، والأصل لغة : ما يبنى عليه غيره ، أو ما يتفرع عنه غيره ، كأصل الجدار .
وإنما قال ( هذه هي الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها ) ، لأنها هي الأصول التي يُسأل عنها المرء في قبره إذا دفن وتولى عنه أصحابه كما ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم ، أتاه ملكان فيقعدانـه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبـد الله ورسـوله ، فيقال له : أنظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله تعالى به مقعداً من الجـنة فـيراهما جميعاً ، وأما المنافق والكافر فيقال له :
ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقـول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال : لا دريت ولا تليت ، ويضـرب بمطارق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعـها من يليه إلا الثقلين ) . رواه البخاري
م / ( فإذا قِيلَ لَكَ مَنْ رَبُّكَ ؟ فقلْ رَبِّيَ اللهُ الذي ربَّاني وربَّى جميع العالََمين بنعمه ، وهـو معبودي ليسَ لي معبودٌ سِـواهُ ، والدليل قوله تعالى : ﴿ الحمدُ لله ربِّ العالَمين ﴾ وكلُّ ما سوى اللهِ عَالَمٌ وأنَا واحدٌ مِنْ ذلكَ العالَم ) .
هذا الأصل الأول :
( فإذا قيل لك من ربك ) أي : من خالقك ورازقك ومعبودك الذي ليس لك معبود سواه .
( فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين ، قال تعالى : ﴿ الحمد لله رب العالمين ﴾ )
أي ربي الله ، والتربية عبارة عن الرعاية التي يكون بها تقويم المربي ، فالله عز وجل هو الذي رباني ورعاني وأمدني بالنعم كما أنه رب جميع العالمين .
والعالَـمين :جمع عالـَمْ ، وهو كل موجود سوى الله عز وجل .
قال الشيخ السعدي رحمه الله : ( ﴿ رب العالمين ﴾ الرب : هو المربي جميع العالمين ، وهم من سـوى الله ، بخلقه إياهم وإعداده لهم الآلات وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة التي لو فقدوها لم يكن لهم البقاء ، فما بهم من نعمة فمنه تعالى ) .
وتربية الله لخلقه نوعان : عامة وخاصة
فالعامــة : هي خلقه للمخلوقين ، ورزقهم ، وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا .
والخاصـة : تربية لأوليائه , فيربيهم بالإيمان ويوفقهم له , ويكملهم ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه .
وحقيقتها : تربية التوفيق لكل خير , والعصمة من كل شر , ولعل هذا المعنى هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب .
( وهو معبودي ليس لي معبود سواه ) أي وهو الذي أعبده وأتذلل له خضوعاً ، ومحبةً وتعظيماً , أفعل ما يأمرني به , وأترك ما ينهاني عنه فليس لي أحد أعبده سوى الله تعالى ، لأنه هو الذي رباني فهو المستحق للعبادة .
( وكل ما سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم )
عالم : جمع عوالم , وعالمون , فالوجود قسمان : رب , ومربوب
فالـرب : هو المالك سبحانه المتفرد بالربوبية , والإلهية .
والمربوب : هو العالم , وهو كل من سوى الله من جميع الخلائق .
وأنا أيها الإنسان واحد من جملة تلك المخلوقات المربوبة المتعبدة , بأن يكون الله وحده هو معبودها وحده .
م / ( فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ فقل بآياته ومخلوقاته ، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ومن مخلوقاته السموات السبع والأرضـون السبع ، وما فيهن وما بينهما ، قال تعالى : ﴿ ومن آياته الليل والنـهار والشمس والقمر ﴾. وقوله تعالى : ﴿ إن ربكم الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ﴾ ) .
أي : فإذا قال لك قائل : بم استدللت به على معرفتك معبودك وخالقك ؟
فقل : بآياته ومخلوقاته التي نصبها دلالة على وحدانيته وتفرده بالربوبية والإلهية .
والآيات : جمع آية ، والآية : العلامة والدلالة والبرهان والحجة .
والمخلوقات : جمع مخلوق ، وهو ما أوجد بعد العدم .
وآيات الرب سبحانه هي : دلالاته وبراهينه التي بها يعرفه العباد ، ويعرفون أسماءه وصفاته ، وتوحيده وأمره ونهيه .
قال الشاعر :
فواعجباً كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحــريكـة وفي كل تسكينة أبداً شاهـد
وفي كل شـيء له آيــة تدل على أنـه واحـد
فآيات الله كثيرة , ومخلوقاته عظيمة ، كلها تدل على أنه الرب العظيم ، وأنه الخلاق العليم وأنه المستحق لأن يعبد ، وأنه الذي يخلق ما يشاء ، ويعطي ويمنع وينفع ويضر ، بيده كل شيء سبحانه وتعالى ، فهو المستحق بأن نعبده بطاعته ودعائه .
( ومن آياته الليل والنهار ) . فهذ من أعظم الآيات الدالة على أنه مستحق للعبادة .
قال تعالى ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) .
وقال تعالى ( واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) .
وقال تعالى ( وسخر لكم الليل والنهار ) .
فوجه كونهما من آيات الله :
أولاً : تعاقبهما، فهذا يذهب، وهذا يأتي بعده بانتظام كامل وتناسق بديع.
ثانياً : اختلافهما بالطول والقصر .
﴿ ومن آياته الشمس والقمر ﴾
الشمس ونورها وإشراقها ، والقمر وضياؤه وتقدير منازله في ملكه واختلاف سيره في سمائه ، وكونهما يجريان هذا الجريان المتقن ، قال تعالى : ﴿ لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ﴾ كل هـذا يدل على وحدانية موجبها تعالى وتقدس .
( ومن مخلوقات الله السموات السبع والأرضون السبع ) أي ومن أعظم آياته المشاهدة بالأبصار السموات والأرضون .
قال تعالى ( الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء ) .
وقال تعالى ( والسماء ذات الحبك ) .
وقال تعالى ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج ) .
السموات : السبع وسعتها وارتفاعها ولطافتها واتساعها وكواكبها السيارة والثوابت ، ودوران ملكها وارتفاعها بغير عمد من تحتها ولا علائق من فوقها .
والأرضون السبع في كثافتها وانخفاضها وجبالها وبحارها وقفارها وهوائها وما فيها من المنافع ، وسعة أرجائها وما فيها من أصناف المخلوقات من الحيوانات والنباتات وسائر الموجودات وغير ذلك دال على وحدانية الباري جل جلاله ، وعلى تفرده بالخلق والتدبير .
شرح الآية :
( ومن آياته ) الدالة على كمال قدرته ، وعلى اسنتحقاقه لعبودية .
( الليل والنهار واللشمس والقمر ) سبق معنى ذلك .
( لا تسجدوا للشمس ولا للقمر ) فإنهما مدبران مسخران مخلوقان .
( واسجدوا لله الذي خلقهن ) أي اعبدوه وحده ، لأنه الخالق العظيم ، ودعوا عبادة ما سواه من المخلوقات .
( إن كنتم إياه تعبدون ) فخصوه بالعبادة وإخلاص الدين لله .
الآية الثانية :
( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ) ابتداء من الأحد ونهاية في يوم الجمعة ..
( ثم استوى على العرش ) أي علا وارتفع . والعرش مخلوق عظيم
( يغشي الليل النار يطلبه حثيثاً ) أي : يغطي كل واحد منهما الآخر فيذهب ظلام هذا بضياء هذا، وضياء هذا بظلام هذا. وكل منهما يطلب الآخر طلبًا ( حثيثاً ) أي : سريعًا لا يتأخر عنه بل إذا ذهب هذا جاء هذا. وإذا جاء هذا ذهب هذا .
( والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ) أي : مذلالات جارية في مجاريها بتسخير الله تعالى .
( ألا له الخلق والأمر ) يعني : أن الله – جل وعلا – متفرد بالخلق ومتفرد بالأمر، فله الخلق الذي صدرت عنه جميع المخلوقات، وله الأمر المتضمن للشرائع والنبوات .
م / ( والرب هو المعبود , والدليل قوله تعالى : ﴿ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ، الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلـوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ﴾ قال ابن كثير : الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة ) .
معنى كلمة الرب في أصل اللغة : مشتقة من التربية ، وهي إصلاح شؤون الغير ورعاية أمره ، ومنه قوله تعالى : ﴿ وربائبكم اللاتي في حجوركم ﴾ ، فسمى بنت الزوجـة ربيـبة لتربـية الزوج لها .
وتطلق كلمة الرب على المالك والمصلح .
وتطلق على المعبود ، أي هو الذي يستحق أن يعبد ، أو هو الذي يعبد لاستحقاقه للعبادة .
# لماذا كان الله هو الرب المعبود وحده دون سواه ؟
هناك دليل نقلي ودليل عقلي .
أما الدليل النقلي :
فقوله تعالى : ﴿ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم ... ﴾ .
شرح الآية :
قوله تعالى ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ) هذا أول أمر في القرآن الكريم ، وهو الأمر بعبادة الله عز وجل ، لأنه هو الخالق لجميع الناس ، والخالق من العدم هو المستحق للعبادة .
( لعلكم تتقون ) قال السعدي : يحتمل : أن المعنى : إذا عبدتم الله وحده ، اتقيتم بذلك سخطه وعذابه ، لأنكم أتيتم بالسبب الدافع لذلك ، ويحتمل : أن يكون المعنى أنكم إذا عبدتم الله صرتم من المتقين الموصوفين بالتقوى ، وكلا المعنيين صحيح ، وهما متلازمان . وقيل : المعنى خلقكم لتتقوه .
( الذي جعل لكم الأرض فراشاً ) هذا من باب تعديد أصناف النعم ، فجعل الله الأرض فراشاً موطئاً يستقر عليها استقراراً كاملاً .
( والسماء بناء ) أي جعلها بمنزلة البناء وبمنزلة السقف ، كما قال تعالى ( وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً ) .
( وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم ) المراد بقوله ( السماء ) العلو ، لأن المطر ينزل من السحاب .
أي أنزل من السماء مطراً عذباً فراتاً أنزله سبحانه بقدرته ، فأخرج بذلك المطر أنواع الثمر والفواكه والخضار .
( فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ) أنداداً : جمع ند ، وهو الكفء والنظير والمثيل . ، أي فلا تجعلوا لله أشباهاً ونظراء من المخلوقين فتعبدونهم كما تعبدون الله ، وتحبونهم كما تحبونه ، وهم مثلكم مخلوقون مرزوقون مدبرون ، وأنتم تعلمون : أن الله ليس له شريك ولا نظير ، لا في الخلق والرزق والتدبير ، ولا في الألوهية والكمال .


وأما الدليل العقلي :
فإن من معاني كلمة ( رب ) المعبود ، والمعبود هو الإله ، والإله هو المتصف بجميع الصفات الكاملة والقدرات الباهرة حتى لا يعجزه شيء ، ولا يلحقه عيب أو نقص ، وهذه المرتبة لا ينالها مخلوق على الإطلاق ، لأن كل مخلوق مهما عظمت منزلته فهو عاجز وناقص لا محالة ، فلزم أنه لا إله إلا الله كما لزم أنه لا معبود سوى الله ، كما لزم أنه لا رب سوى الله



توقيع أم اليمان
.....
قال نبينا -عليه الصلاة والسلام - : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله تبارك وتعالى : تُريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تُبَيِّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجينا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل . رواه مسلم .
.....

التعديل الأخير تم بواسطة مسلمة لله ; 01-02-07 الساعة 08:12 AM
أم اليمان غير متواجد حالياً  
قديم 26-01-07, 11:09 AM   #2
الكلمة الطيبة
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 25-08-2006
المشاركات: 375
الكلمة الطيبة is on a distinguished road
افتراضي

بارك الله فيك اختنا الغالية ام اليمان

وجعله الله فى ميزان حسناتك

وجزى الله عنا شيخنا خير الجزاء .. وختم بالباقيات الصالحات اعمالنا

********

**********
الكلمة الطيبة غير متواجد حالياً  
قديم 27-01-07, 12:40 AM   #3
بشـرى
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

شكر الله لكم ، ونفع بكم ..



توقيع بشـرى
قال ابن قتيبه - رحمه الله- :كان طالب العلم فيما مضى يسمع ليعلم, ويعلم ليعمل, ويتفقه في دين الله لينتفع وينفع, وقد صار الآن: يسمع ليجمع, ويجمع ليذكر, ويحفظ ليغلب ويفخر..
بشـرى غير متواجد حالياً  
قديم 27-01-07, 11:48 AM   #4
حاملة نور القرآن
~مشارِكة~
افتراضي

بارك الله فيك اختنا الغالية ام اليمان



توقيع حاملة نور القرآن
[SIZE="5"][COLOR="Blue"][CENTER]لا إله إلا انت سبحانك انى كنت من الظالمين[/CENTER][/COLOR][/SIZE]
حاملة نور القرآن غير متواجد حالياً  
قديم 28-01-07, 03:22 PM   #5
شـروق
~ عابرة سبيل ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ,,,,

جزاك الله كل خيرأختي أم اليمان و بارك الله لك في جهودك



توقيع شـروق
{ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى }
.
.
شـروق غير متواجد حالياً  
قديم 31-01-07, 03:48 PM   #6
شموع لا تنطفئ
~مشارِكة~
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا



شموع لا تنطفئ



توقيع شموع لا تنطفئ
[CENTER]ورد22
أحبكم في الله
شموع لا تنطفئ[/CENTER]
شموع لا تنطفئ غير متواجد حالياً  
قديم 01-02-07, 01:32 AM   #7
أمة الرحمان
~نشيطة~
افتراضي

بارك الله فيكم وسدد خطاكم

ارجو تصحيح الاية التالية في هذا الموضع
5 ـ أن الله أثنى على الأنبياء بتوحيدهم وسلامتهم من الشرك .
قال تعالى : ﴿ إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين ﴾

وإضافة كلمة لله بعد كلمة قانتا

وجزاكم الله خيرا
أمة الرحمان غير متواجد حالياً  
قديم 01-02-07, 02:50 AM   #8
أمة الرحمان
~نشيطة~
افتراضي

وفي قوله ايضا
وقوله تعالى : ﴿ إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ﴾ )
إضافة كلمة استوى
أمة الرحمان غير متواجد حالياً  
قديم 01-02-07, 08:08 AM   #9
مسلمة لله
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بارك الله فيك أمة الرحمان
نأسف على الخطأ
تم التصحيح



توقيع مسلمة لله
[FRAME="7 10"]ما دعوة أنفع يا صاحبي ** من دعوة الغائب للغائب
ناشدتك الرحمن يا قارئا ** أن تسأل الغفران للكاتب
[/FRAME]
مسلمة لله غير متواجد حالياً  
قديم 05-02-07, 12:46 AM   #10
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكن أخواتي : الكلمة الطيبة ، بشـرى ، حاملة نور القرآن ، الزهراء ، شموع لا تنطفئ

وفقكن الله وسدد خطاكن

أختي امة الرحمان جزاك الله خير الجزاء وشكرًا جزيلاً لك على التنبيه
وجزاك الله كل خير أختي مسلمة لله وشكر الله لك
أحسن الله إليكما
أم اليمان غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:23 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .