عرض مشاركة واحدة
قديم 19-09-23, 02:49 PM   #45
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Mo

من آية 240 إلى آية 242 .

وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "240.
لقد شرع الله لكم فيما شرع من أحكام، أن على المسلّم قبل أن يحضره الموت أن يوصِي لزوجته التي على قيد الحياة بما تنتفع به انتفاعًا مستمرًا لمدة حول من وفاته، ولا يصح أن يخرجها أحد من مسكن الزوجية.المراد بقوله: مَّتَاعًا ما تتمتع به الزوجة من السكن والنفقة بعد وفاة زوجها بوصية منه.إِلَى الْحَوْلِ :للتنصيص على أن هذه المدة تمتد حولًا كاملًا منذ وفاة زوجها، إذ كلمة حول تدل على التحول أي حتى تعود الأيام التي حدثت فيها الوفاة.وقوله " غَيْرَ إِخْرَاجٍ "حال من أزواجهم أي غير مخرجات من مسكن الزوجية، فلا يصح لورثة الميت أن يخرجوهن من مسكن الزوجية بغير رضاهن، لأن بقاءهن في مسكن الزوجية حق شرعه الله لهنَّ، فلا يجوز لأحد أن يسلبه منهن بغير رضاهن.
فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ: فَإِنْ خَرَجْنَ من منزل الزوجية برضاهن ورغبتهن فَلا إثم عليكم أيها المسلمون فيما فعلن في أنفسهن من أمور لا ينكرها الشرع كالتزين والتطيب والتزوج بعد انتهاء عدتها وهي أربعة أشهر وعشرة أيام.
وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ:أي: عزيز في انتقامه ممن تعدى حدوده، إذ هو القاهر فوق عباده، حكيم فيما شرع لهم من آداب وأحكام فينبغي أن يمتثل الناس أوامره ويجتنبوا ما نهاهم عنه. الوسيط.
وللعلماء في تفسير هذه الآية اتجاهان مشهوران:أما الاتجاه الأول: فيرى أصحابه أن هذه الآية منسوخة لأنها توجب على الزوج حين مشارفة الموت أنْ يوصِي لزوجته بالنفقة والسكنى حولًا، ويجب عليها الاعتداد حولًا، وهي مُخَيَّرة بين السُّكنى في بيته حولًا ولها النفقة، وبين أن تخرج منه ولا نفقة لها، ولم يكن لها ميراث من زوجها.
قالوا: وكان هذا الحكم في ابتداء الإسلام. وقد نُسخ وجوب الوصية بالنفقة والسكنى بآية المواريث وبحديث " لا وصية لوارث"
قال أبو أمامة الباهلي :سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ في خُطبتِهِ عامَ حجَّةِ الوداعِ "إنَّ اللَّهَ قد أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ، فلا وصيَّةَ لوارثٍ"الراوي : أبو أمامة الباهلي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم : 2210 - خلاصة حكم المحدث : صحيح ,
حيث جعل لها الربع أو الثمن عوضًا عن النفقة والسكنى .لقوله تعالى"وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُمِمَّا تَرَكْتُم ..." النساء:12.
ونسخ وجوب العدة حولًا بقوله- تعالى- قبل ذلك وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"البقرة:234. .الآية.قالوا: ومما يشهد لذلك ما أخرجه أبو داود والنسائي: عن ابنِ عبَّاسٍ، في قولِه" وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ "نُسِخَ ذلِكَ بآيةِ الميراثِ مِمَّا فرضَ لَها منَ الرُّبعِ والثُّمن، ونسخَ أجلَ الحولِ، أن جُعِلَ أجلُها أربعةَ أشْهرٍ وعشرًا"الراوي : عكرمة مولى ابن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم : 3545 - خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح .الدرر السنية.
وجمهور المفسِّرين على أنَّ هذه الآية منسوخةٌ حكمًا بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وقيل النفقة كذلك منسوخةٌ بآية المواريث.يُنظر: الناسخ والمنسوخ:للنحاس :ص: 239، والناسخ والمنسوخ: لابن حزم (ص: 29)، والوجيز: للواحدي :ص: 176، وتفسير ابن كثير:1/658-659.
أما الاتجاه الثاني: فيرى أصحابه أن هذه الآية محكمة وليست منسوخة وممن ذهب إلى هذا الاتجاه التَّابعيُّ الجليلُ مُجاهدُ بنُ جَبرٍ فقد قال ما ملخصه: دلت الآية الأولى وهي " يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا" على أن هذه عدتها المفروضة تعتدها عند أهل زوجها. ودلت هذه الآية بزيادة سبعة أشهر وعشرين ليلة على العدة السابقة تمام الحول، وأن ذلك من باب الوصية للزوجات أن يمكن من السكنى في بيوت أزواجهن بعد وفاتهم حولًا كاملًا ولا يُمْنَعْنَ من ذلك لقوله تعالى " غَيْرَ إِخْراجٍ" فإذا انقضت عدتُهُنَّ بالأربعة أشهر والعشر- أو بوضع الحمل- واخترن الخروج والانتقال من ذلك المنزل فإنهن لا يُمْنَعْنَ من ذلك لقوله تعالى " فَإِنْ خَرَجْنَ" .ومن المفسرين الذين أيدوا هذا الاتجاه الإمام ابن كثير ،كما أيده أيضًا الإمام الفخر الرازي في تفسيره.الوسيط.
وجُمهورُ أهلِ العِلمِ إلى أنَّه يجِبُ على المرأةِ أن تعتَدَّ في البيتِ الذي كانت تَسكُنُ فيه عند مَوتِ زَوجِها.الدرر السنية.
"وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ" 241.
وَلِلْمُطَلَّقَاتِ :وقد اختلف أهل العلم في المعنية بهذه الآية من المطلقات.
فقال بعضهم: عني بها الثيِّبات اللواتي قد جومعن. قالوا: وإنما قلنا ذلك، لأن -الحقوق اللازمة للمطلقات غير المدخول بهن في المتعة، قد بينها الله تعالى ذكره في الآيات قبلها, فعلمنا بذلك أن في هذه الآية بيان أمر المدخول بهن في ذلك.
وقال آخرون: بل في هذه الآية دلالة على أن لكل مطلقة متعة، وإنما أنزلها الله تعالى ذكره على نبيه صلى الله عليه وسلم، لما فيها من زيادة المعنى الذي فيها على ما سواها من آي المتعة, إذ كان ما سواها من آي المتعة إنما فيه بيان حكم غير الممسوسة إذا طلقت, وفي هذه بيان حكم جميع المطلقات في المتعة.
.تفسير الطبري.
حكم المتعة:
اختلف العلماء هل المتعة في الآية على الوجوب أم على الندب؟
فمنهم من قال:إن كان الطلاق بعد الدخول ، لم تجب المتعة عند جمهور الفقهاء ، بل تستحب .
المتعة تجب للمطلقة قبل الدخول، إذا لم يكن لها مهر محدد عند العقد. لقوله تعالى " لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ " البقرة/236 .
وذهب جماعة من أهل العلم إلى وجوب المتعة لكل مطلقة، وهو أحد قولي الشافعي، ورواية عن أحمد، ومذهب الظاهرية، وأبي ثور، وقال به من السلف سعيد بن جُبير، والزُّهْرِي وقَتَادة والضَّحَّاك، واختاره ابن جرير الطبري، وابن تيمية، والحافظ ابن حجر.ا.هـ.في موقع الإسلام سؤال وجواب-وينظر: تفسير ابن كثير :1/ 660, الإنصاف :8/ 302، المحلى :10/3 ، تفسير الطبري :4/ 301، مصنف عبد الرزاق 7/70، مجموع الفتاوى :32/ 27.
وقيل: إن المتعة مستحبة للجميع وليست واجبة لأحد من النساء وهو مذهب المالكية. كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم.
وسبب الخلاف بين الفقهاء في وجوب المتعة أو استحبابها هو أنه قد ورد في القرآن الكريم آيات كريمة ظاهرها التعارض، فمنها ما يوجب المتعة على الإطلاق، ومنها ما يوجب المتعة عند عدم ذكر المهر المفروض لها، ومنها ما لم ينص على المتعة أصلا فلهذا وقع الخلاف بين الفقهاء.كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم.
"كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" 242.
ختم- سبحانه - هذه الآيات المتعلقة بأحكام الأسرة بقوله: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.
أي: مثل هذا البيان الحكيم الواضح الذي بيَّنَ الله لكم به الأحكام السابقة، يبين لكم جميع آياته. الآيات أي العلامات الهادية إلى الحق . وأحكامه التي أنتم في حاجة إليها. تعقلون: أي تتدبرون الأشياء وتذعنون لما أودع فيها من الحِكم والمصالح إذعانًا يكون له الأثر في الأعمال.

وبعد ذلك ينتقل الحديث إلى علاج قضية إيمانية وهو أن الله حين يقدر قدرًا لا يمكن لمخلوق أن يفلت من هذا القدر كما هو مبين في الآية التالية.
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس