عرض مشاركة واحدة
قديم 07-10-10, 08:02 PM   #6
لآلئ الدعوة
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الفصل السابع


إدعاء حق التشريع والتحليل والتحريم
تشريع الأحكام التي يسير عليها العباد في عباداتهم ومعاملاتهم وسائر شئونهم والتي تفصل النزاع بينهم وتنهي الخصومات حق لله تعالى رب الناس وخالق الخلق: (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين)
وهو الذي يعلم ما يصلح عباده فيشرعه لهم. فبحكم ربوبيته لهم يشرع لهم. وبحكم عبوديتهم له يتقبلون أحكامه- والمصلحة في ذلك عائدة إليهم- قال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) وقال تعالى (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي)
واستنكر سبحانه أن يتخذ العباد مشرعا غيره فقال: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)
فمن قبل تشريعا غير تشريع الله فقد أشرك بالله تعالى. وما لم يشرعه الله ورسوله من العبادات فهو بدعة. وكل بدعة ضلالة، قال صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". وما لم يشرعه الله ولا رسوله في السياسة والحكم بين الناس فهو حكم الطاغوت وحكم الجاهلية:
(أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
وكذلك التحليل والتحريم حق لله تعالى لا يجوز لأحد أن يشاركه فيه. قال تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون)
فجعل سبحانه طاعة الشياطين وأوليائهم في تحليل ما حرم الله شركا به سبحانه. وكذلك من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابا من دون الله لقول الله تعالى:
(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية على عدي بن حاتم الطائي رضى الله عنه فقال: يا رسول الله لسنا نعبدهم. قال: "أليس يحلون لكم ما حرم الله فتحلونه. ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟". قال: بلى. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فتلك عبادتهم." فصارت طاعتهم في التحليل والتحريم من دون الله عبادة لهم وشركا وهو الشرك أكبر ينافي التوحيد الذي هو مدلول شهادة أن لا إله إلا الله [فتح المجيد 107]، فان من مدلولها أن التحليل والتحريم حق لله تعالى- وإذا كان هذا فيمن أطاع العلماء والعباد في التحليل والتحريم الذي يخالف شرع الله مع أنهم أقرب إلى العلم والدين، وقد يكون خطؤهم عن اجتهاد لم يصيبوا فيه الحق وهم مأجورون عليه، فكيف بمن يطيع أحكام القوانين الوضعية التي هي من صنع الكفار والملحدين- يجلبها إلى بلاد المسلمين ويحكم بها بينهم- فلا حول ولا قوة إلا بالله. إن هذا قد اتخذ الكفار أربابا من دون الله يشرعون له الأحكام ويبيحون له الحرام ويحكمون بين الأنام.
الفصل الثامن
حكم الانتماء إلى المذاهب الإلحادية والأحزاب الجاهلية
1ـ الانتماء إلى المذاهب الإلحادية كالشيوعية والعلمانية والرأسمالية وغيرها من مذاهب الكفر ردة عن دين الإسلام. فإن كان المنتمي إلى تلك المذاهب يدعي الإسلام فهذا من النفاق الأكبر. فان المنافقين ينتمون إلى الإسلام في الظاهر وهم مع الكفار في الباطن- كما قال تعالى فيهم: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن).
وقال تعالى:
(الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين)
فهؤلاء المنافقون المخادعون: لكل منهم وجهان: وجه يلقى به المؤمنين ووجه ينقلب به إلى إخوانه من الملحدين، وله لسانان أحدهما يقبله بظاهره المسلمون، والآخر يترجم عن سره المكنون: (وإذا لقوا اللذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن)(1)
قد أعرضوا عن الكتاب والسنة استهزاء بأهلهما واستحقارا، وأبوا أن ينقادوا لحكم الوحيين فرحا بما عندهم من العلم الذي لا ينفع الاستكثار منه إلا أشرا واستكبارا. فتراهم أبدا بالمتمسكين بصريح الوحي يستهزءون: (الله يستهزيء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون).
وقد أمر الله بالانتماء إلى المؤمنين: (يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).
وهذه المذاهب الإلحادية مذاهب متناحرة لأنها مؤسسة على الباطل، فالشيوعية تنكر وجود الخالق سبحانه وتعالى وتحارب الأديان السماوية، ومن يرضى لعقله أن يعيش بلا عقيدة وينكر البدهيات العقلية اليقينية فيكون ملغيا لعقله، والعلمانية تنكر الأديان وتعتمد على المادية التي لا موجه لها ولا غاية لها في هذه الحياة إلا الحياة البهيمية؟ الرأسمالية همها جمع المال من أي وجه ولا تقيد بحلال ولا حرام ولا عطف ولا شفقة على الفقراء والمساكين. وقوام اقتصادها على الربا الذي هو محاربة لله ولرسوله. والذي هو دمار الدول والأفراد- وامتصاص دماء الشعوب الفقيرة؟ وأي عاقل فضلا عمن فيه ذرة من إيمان يرضى أن يعيش على هذه المذاهب بلا عقل ولا دين ولا غاية صحيحة من حياته يهدف إليها ويناضل من أجلها. إنما غزت هذه المذاهب بلاد المسلمين لما غاب عن أكثريتها الدين الصحيح وتربت على الضياع وعاشت على التبعية.
2- والانتماء للأحزاب الجاهلية والقوميات العنصرية هو الآخر كفر وردة عن دين الإسلام، لأن الإسلام يرفض العصبيات والنعرات الجاهلية يقول تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من دعا إلى عصبية ، وليس منا من قاتل على عصبيه، وليس منا من غضب لعصبية". وقال صلى الله عليه وسلم إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالأباء، ، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس بنو آدم وآدم خلق من تراب، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى".
وهذه الحزبيات تفرق المسلمين والله قد أمر بالاجتماع والتعاون على البر والتقوى ونهى عن التفرق والاختلاف- وقال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا).
إن الله سبحانه يريد منا أن نكون حزبا واحدا هم حزب الله المفلحون ولكن العالم الإسلامي أصبح بعدما غزته أوروبا سياسيا وثقافيا يخضع لهذه العصبيات الدموية والجنسية والوطنية ويؤمن بها كقضية علمية وحقيقية مقررة وواقع لا مفر منه. وأصبحت شعوبه تندفع اندفاعا غريبا إلى إحياء هذه العصبيات التي أماتها الإسلام والتغني بها وإحياء شعائرها والافتخار بعهدها الذي تقدم على الإسلام وهو الذي يلح الإسلام على تسميته بالجاهلية. وقد من الله على المسلمين بالخروج عنها وحثهم على شكر هذه النعمة.
والطبيعي من المؤمن أن لا يذكر جاهلية تقادم عهدها أو قارب إلا بمقت وكراهية وامتعاض واقشعرار. وهل يذكر السجين المعذب الذي يطلق سراحه أيام اعتقاله وتعذيبه وامتهانه إلا وعرته قشعريرة. وهل يذكر البريء من علة شديدة طويلة أشرف منها على الموت أيام سقمه إلا وانكسف باله وانتقع لونه [من رسالة: (ردة ولا أبا بكر لها) لأبي الحسن الندوي] والواجب أن يعلم أن هذه الحزبيات عذاب بعثه الله على من أعرض عن شرعه وتنكر لدينه كما قال تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض). وقال صلى الله عليه وسلم: "وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم ." إن التعصب للحزبيات يسبب رفض الحق الذي مع الآخرين كحال اليهود الذي قال الله فيهم: (وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم).
وكحال أهل الجاهلية الذين رفضوا الحق الذي جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم تعصبا لما عليه آباؤهم: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا).
ويريد أصحاب هذه الحزبيات أن يجعلوها بديلة عن الإسلام الذي من الله به على البشرية.

يتبع إن شاء الله











توقيع لآلئ الدعوة
[sor2]http://vb.jro7i.net/storeimg/girls-top.net_1338687781_970.jpg[/sor2]
لآلئ الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس