عرض مشاركة واحدة
قديم 07-10-10, 08:01 PM   #4
لآلئ الدعوة
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الفصل الثاني

السحر والكهانة والعرافة
كل هذه الأمور أعمال شيطانية محرمة. تخل بالعقيدة أو تناقضها لأنها لا تحصل إلا بأمور شركية.
ا- فالسحر عبارة عما خفي ولطف سببه:
سمي سحرا لأنه يحصل بأمور خفية لا تدرك بالأبصار- وهو: عزائم ورقى وكلام يتكلم به وأدوية وتدخينات. وله حقيقة. ومنه ما يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وتأثيره بإذن الله الكوني القدري- وهو عمل شيطاني- وكثير منه لا يتوصل إليه إلا بالشرك والتقرب إلى الأرواح الخبيثة بما تحب والتوصل إلى استخدامها بالإشراك بها- ولهذا قرنه الشارع بالشرك حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات قالوا وما هي؟ قال: الإشراك بالله والسحر" الحديث. فهو داخل في الشرك من ناحيتين:
الناحية الأولى: ما فيه من استخدام الشياطين والتعلق بهم والتقرب إليهم بما يحبونه ليقوموا بخدمة الساحر. فالسحر من تعليم الشياطين- قال تعالى:
(ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر)
الثانية: ما فيه من دعوى علم الغيب ودعوى مشاركة الله في ذلك. وهذا كفر وضلال قال تعالى: (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق) أي نصيب وإذا كان كذلك فلا شك أنه كفر وشرك يناقض العقيدة ويجب قتل متعاطيه. كما فعل جماعة من أكابر الصحابة رضى الله عنهم- وقد تساهل الناس في شأن الساحر والسحر وربما عدوا ذلك فنا من الفنون التي يفتخرون بها ويمنحون أصحابها الجوائز والتشجيع. ويقيمون النوادي والحفلات والمسابقات للسحرة ويحضرها آلاف المتفرجين والمشجعين. وهذا من الجهل بالدين والتهاون بشأن العقيدة وتمكين للعابثين بها.
2ـ الكهانة والعرافة
وهما ادعاء علم الغيب ومعرفة الأمور الغائبة كالأخبار بما سيقع في الأرض وما سيحصل. وأين مكان الشيء المفقود. وذلك عن طريق استخدام الشياطين الذين يسترقون السمع من السماء. كما قال تعالى: (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون) وذلك أن الشيطان يسترق الكلمة من كلام الملائكة فيلقيها في أذن الكاهن ويكذب الكاهن مع هذه الكلمة مائة كذبة فيصدقه الناس بسبب تلك الكلمة التي سمعت من السماء. والله المنفرد بعلم الغيب. فمن ادعى مشاركته في شيء من ذلك بكهانة أو غيرها أو صدق من يدعي ذلك فقد جعل لله شريكا فيما هو من خصائصه. والكهانة لا تخلو من الشرك. لأنها تقربٌ إلى الشياطين بما يحبون. فهي شرك في الربوبية من حيث ادعاء مشاركة الله في علمه. وشرك في الألوهية من حيث التقرب إلى غير الله بشيء من العبادة. وعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد-صلى الله عليه وسلم ".
ومما يجب التنبيه عليه والتنبه له: أن السحرة والكهان والعرافين يعبثون بعقائد الناس بحيث يظهرون بمظهر الأطباء فيأمرون المرضى بالذبح لغير الله- بأن يذبحوا خروفا صفته كذا وكذا أو دجاجة. أو يكتبون لهم الطلاسم الشركية والتعاويذ الشيطانية بصفة حروز يعلقونها في رقابهم أو يضعونها في صناديقهم أو في بيوتهم. والبعض الآخر يظهر بمظهر المخبر عن المغيبات وأماكن الأشياء المفقودة. بحيث يأتيه الجهال فيسألونه عن الأشياء الضائعة فيخبرهم بها أو يحضرها لهم بواسطة عملائه من الشياطين- وبعضهم يظهر بمظهر الولي الذي له خوارق وكرامات كدخول النار ولا تؤثر فيه. وضرب نفسه بالسلاح. أو وضع نفسه تحت عجلات السيارة ولا تؤثر فيه. أو غير ذلك من الشعوذات التي هي في حقيقتها سحر من عمل الشيطان يجرى على أيدي هؤلاء للفتنة. أوهي أمور تخيلية لا حقيقة لها بل هي حيل خفية يتعاطونها أمام الأنظار كعمل سحرة فرعون بالحبال والعصى- قال شيخ الإسلام في مناظرته للسحرة البطائحية الأحمدية (الرفاعية) قال: (يعني شيخ البطائحية) ورفع صوته: نحن لنا أحوال وكذا وكذا. وادعى الأحوال الخارقة كالنار وغيرها واختصاصهم بها. وأنهم يستحقون تسليم الحال إليها لأجلها- قال شيخ الإسلام: فقلت ورفعت صوتي وغضبت: أنا أخاطب كل أحمدي من مشرق الأرض إلى مغربها. أي شيء فعلوه في النار فأنا أصنع مثل ما تصنعون ومن احترق فهو مغلوب. وربما قلت: فعليه لعنة الله- ولكن بعد أن تغسل جسومنا بالخل والماء الحار- فسألني الأمراء والناس عن ذلك. فقلت: لأن لهم حيلا في الاتصال بالنار يصنعونها من أشياء من دهن الضفادع وقشر النارنج وحجر الطلق فضج الناس بذلك- فأخذ يظهر القدرة على ذلك فقال: أنا وأنت نُلف في بارية بعد أن تطلى جسومنا بالكبريت. فقلت فقم. وأخذت أكرر عليه في القيام إلى ذلك. فمد يده يظهر خلع القميص. فقلت: لا. حتى تغتسل بالماء الحار والخل فأظهر الوهم على عادتهم فقال: من كان يحب الأمير فليحضر خشبا. أو قال حزمة حطب فقلت: هذا تطويل وتفريق للجمع ولا يحصل به مقصود. بل قنديل يوقد وأدخل أصبعي وأصبعك فيه بعد الغسل ومن احترقت أصبعه فعليه لعنة الله أو قلت فهو مغلوب. فلما قلت ذلك تغير وذل- انتهى. والمقصود منه بيان أن هؤلاء الدجالين يكذبون على الناس بمثل هذه الحيل الخفية.[مجموع الفتاوى 11/ 465- 446].

الفصل الثالث

تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارات والقبور وتعظيمها
لقد سد النبي صلى الله عليه وسلم كل الطرق المفضية إلى الشرك وحذر منها غاية التحذير. ومن ذلك مسألة القبور فقد وضع الضوابط الواقية من عبادتها والغلو في أصحابها ومن ذلك:
ا- أنه قد حذر صلى الله عليه وسلم من الغلو في الأولياء والصالحين. لأن ذلك يؤدي إلى عبادتهم. فقال صلى الله عليه وسلم: "إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو". وقال: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم. إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ".
2- وحذر صلى الله عليه وسلم من البناء على القبور- كما روى أبو الهيجاء الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضى الله عنه: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لا تدع تمثالا إلا طمسته. ولا قبرا مشرفا إلا سويته). ونهى عن تجصيصها والبناء عليها.
عن جابر رضى الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبر. وأن يقعد عليه. وأن يبنى عليه بناء).
3- وحذر صلى الله عليه وسلم من الصلاة عند القبور. عن عائشة رضى الله عنها قالت: لما نُزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه. فإذا اغتم بها كشفها. فقال وهو كذلك: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". يحذر ما صنعوا ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا. وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا وان من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد. ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك ". واتخاذها مساجد معناه الصلاة عندها وان لم يبن مسجد عليها. فكل موضع قصد للصلاة فيه فقد اتخذ
مسجدا. كما قال صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" فإذا بني عليها مسجد فالأمر أشد.
وقد خالف أكثر الناس هذه النواهي وارتكبوا ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فوقعوا بسبب ذلك في الشرك الأكبر. فبنوا على القبور مساجد وأضرحة ومقامات. وجعلوها مزارات تمارس عندها كل أنواع الشرك الأكبر من الذبح لها ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم وصرف النذور لهم وغير ذلك. قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ومن جمع بين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبور وما أمر به ونهى عنه وما كان عليه أصحابه. وبين ما عليه أكثر الناس اليوم رأى أحدهما مضادا للآخر مناقضا له بحيث لا يجتمعان أبدا. فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة إلى القبور وهؤلاء يصلون عندها. ونهى عن اتخاذها مساجد وهؤلاء يبنون عليها المساجد ويسمونها مشاهد. مضاهاة لبيوت الله. ونهى عن إيقاد السرج عليها وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها ونهى عن أن تتخذ عيدا وهؤلاء يتخذونها أعيادا ومناسك ويجتمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر. وأمر بتسويتها- كما روى مسلم في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضى الله عنه: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته). وفي صحيحه أيضا عن ثمامة بن شفي: قال: (كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بقبره فسوي. ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها) وهؤلاء يبالغون في مخالفة هذين الحديثين ويرفعونها عن الأرض كالبيت ويعقدون عليها القباب- إلى أن قال: فانظر إلى هذا التباين العظيم بين ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصده من النهي عما تقدم ذكره في القبور وبين ما شرعه هؤلاء وقصدوه. ولا ريب أن في ذلك من المفاسد ما يعجز العبد عن حصره- ثم أخذ يذكر تلك المفاسد- إلى أن قال: ومنها: أن الذي شرعه النبي كب عند زيارة القبور إنما هو تذكر الآخرة والإحسان إلى المزور بالدعاء له والترحم عليه والاستغفار وسؤال العافية له. فيكون الزائر محسنا إلى نفسه وإلى الميت. فقلب هؤلاء المشركون الأمر وعكسوا الدين وجعلوا المقصود بالزيارة الشرك بالميت ودعاؤه والدعاء به وسؤال حوائجهم واستنزال البركات منه ونصره لهم على الأعداء ونحو ذلك. فصاروا مسيئين إلى أنفسهم وإلى الميت ولو لم يكن إلا بحرمانه بركة ما شرعه تعالى من الدعاء له والترحم عليه والاستغفار له. انتهى. [إغاثة اللهفان 1/ 214- 215- 217]
وبهذا يتضح أن تقديم النذور والقرابين للمزارات شرك أكبر. سببه مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحالة التي يجب أن تكون عليها القبور. من عدم البناء عليها. وإقامة المساجد عليها- لأنها لما بنيت عليها القباب وأقيمت حولها المساجد والمزارات ظن الجهال أن المدفونين فيها ينفعون أو يضرون. وأنهم يغيثون من استغاث بهم ويقضون حوائج من التجأ إليهم فقدموا لهم النذور والقرابين. حتى صارت أوثانا تعبد من دون الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد" وما دعا بهذا
الدعاء إلا لأنه سيحصل شيء من ذلك في غير قبره صلى الله عليه وسلم وقد حصل في كثير من بلاد الإسلام أما قبره فقد حماه الله ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم. وإن كان قد يحصل في مسجده شيء من المخالفات من بعض الجهال أو الخرافيين. لكنهم لا يقدرون على الوصول إلى قبره صلى الله عليه وسلم. لأن قبره في بيته وليس في المسجد وهو محوط بالجدران- كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله في نونيته:
فأجاب رب العالمين دعاءه وأحاطه بثلاثة الجدران


يتبع إن شاء الله








توقيع لآلئ الدعوة
[sor2]http://vb.jro7i.net/storeimg/girls-top.net_1338687781_970.jpg[/sor2]
لآلئ الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس