عرض مشاركة واحدة
قديم 29-11-15, 06:27 PM   #10
اماني شرقاوي
معلمة بمعهد خديجة - رضي الله عنها -
 
تاريخ التسجيل: 28-04-2013
المشاركات: 354
اماني شرقاوي is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم

" يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون
يذكر الله تعالى بني إسرائيل نعمه عليهم وإحسانه فقال: " يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ " المراد بإسرائيل, يعقوب عليه السلام.
والخطاب مع فرق بني إسرائيل, الذين بالمدينة وما حولها, ويدخل فيهم من أتى بعدهم, فأمرهم بأمر عام فقال " اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ " , وهو يشمل سائر النعم, التي سيذكر في هذه السورة بعضها.
والمراد ذكرها بالقلب, اعترافا, وباللسان, ثناء, وبالجوارح, باستعمالها فيما يحبه ويرضيه.
" وَأَوْفُوا بِعَهْدِي " وهو ما عهده إليهم من الإيمان به, وبرسله, وإقامة شرعه.
" أُوفِ بِعَهْدِكُمْ " وهو المجازاة على ذلك.

<h1>" وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون "

</h1>ثم أمرهم بالسبب الحامل لهم على الوفاء بعهده, وهو الرهبة منه تعالى, وخشيته وحده,ثم أمرهم بالأمر الخاص, الذي لا يتم إيمانهم, ولا يصح إلا به فقال: " وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ " وهو القرآن
وذكر الداعي لإيمانهم فقال " مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ " أي: موافقا له لا مخالفا ولا مناقضا.
وأيضا فإن في قوله " مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ " إشارة إلى أنكم إن لم تؤمنوا به, عاد ذلك عليكم, بتكذيب ما معكم, لأن ما جاء به هو الذي جاء به موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء.
وأيضا, فإن في الكتب التي بأيدكم, صفة هذا النبي الذي جاء بهذا القرآن والبشارة به.
فإن لم تؤمنوا به, كذبتم ببعض ما أنزل إليكم, ومن كذب ببعض ما أنزل إليه, فقد كذب بجميعه.
كما أن من كفر برسوله, فقد كذب الرسل جميعهم.
فلما أمرهم بالإيمان به, نهاهم وحذرهم عن ضده وهو الكفر به فقال: " وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ " أي: بالرسول والقرآنثم ذكر المانع لهم من الإيمان, وهو اختيار العرض الأدنى على السعادة الأبدية فقال " وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا " وهو ما يحصل لهم من المناصب والمآكل, التي يتوهمون انقطاعها, إن آمنوا بالله ورسوله, فاشتروها بآيات الله واستحبوها, وآثروها.
" وَإِيَّايَ " أي: لا غيري " فَاتَّقُونِ " فإنكم إذا اتقيتم الله وحده, أوجبت لكم تقواه, تقديم الإيمان بآياته على الثمن القليل.
كما أنكم, إذا اخترتم الثمن القليل, فهو دليل على ترحل التقوى من قلوبكم.

<h1>" ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "

</h1>ثم قال " وَلَا تَلْبِسُوا " أي: تخلطوا " الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ " فنهاهم عن شيئين, عن خلط الحق بالباطل, وكتمان الحقلأن المقصود من أهل الكتب والعلم, تمييز الحق, وإظهار الحق, ليهتدي بذلك المهتدون, ويرجع الضالون, ومن لبس الحق بالباطل, فلم يميز هذا من هذا, مع علمه بذلك, وكتم الحق الذي يعلمه, وأمر بإظهاره, فهو من دعاة جهنم,

<h1>" وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين "

</h1>ثم قال " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ " أي: ظاهرا وباطنا " وَآتُوا الزَّكَاةَ " مستحقيها.
" وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ " أي: صلوا مع المصلين.
فإنكم إذا فعلتم ذلك مع الإيمان برسل الله وآيات الله, فقد جمعتم بين الأعمال الظاهرة والباطنة, وبين الإخلاص للمعبود, والإحسان إلى عبيده وبين العبادات القلبية البدنية والمالية,.
وقوله " وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ " أي: صلوا مع المصلين, ففيه الأمر بالجماعة للصلاة ووجوبها.
وفيه أن الركوع, ركن من أركان الصلاة لأنه عبر عن الصلاة بالركوع.


<h1>" أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون "

</h1>" أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ " أي: بالإيمان والخير " وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ " أي تتركونها عن أمرها بذلك, والحال " وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ " .
وسمي العقل عقلا لأنه يعقل به ما ينفعه من الخير, وينعقل به عما يضره.
وذلك أن العقل يحث صاحبه, أن يكون أول فاعل لما يأمر به, وأول تارك لما ينهى عنه.


<h1>" واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين "

</h1>أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها بالصبر بجميع أنواعه.
وهو الصبر عن معصية الله حتى يتركها, والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها.
فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه, معونة عظيمة على كل أمر من الأمور, ومن يتصبر يصبره الله.
وكذلك الصلاة, التي هي ميزان الإيمان, وتنهى عن الفحشاء والمنكر, يستعان بها على كل أمر من الأمور " وَإِنَّهَا " أي: الصلاة " لَكَبِيرَةٌ " أي: شاقة " إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ " .
فإنها سهلة عليهم خفيفة, لأن الخشوع, وخشية الله, ورجاء ما عنده, يوجب له فعلها, منشرحا صدره, لترقبه للثواب, وخشيته من العقاب.
بخلاف من لم يكن كذلك, فإنه لا داعي له يدعوه إليها, وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه.
والخشوع هو: خضوع القلب وطمأنينته, وسكونه لله تعالى, وانكساره بين يديه, ذلا وافتقارا, وإيمانا به وبلقائه.

<h1>" الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون "

</h1>ولهذا قال " الَّذِينَ يَظُنُّونَ " أي: يستيقنون " أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ " فيجازيهم بأعمالهم " وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ " فهذا الذي خفف عليهم العبادات وأوجب لهم التسلي في المصيبات, ونفس عنهم الكربات, وزجرهم عن فعل السيئات.


<h1>" يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين "

</h1>ثم كرر على بني إسرائيل التذكير بنعمته, وعظا لهم, وتحذيرا وحثا.

<h1>" واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون "

</h1>وخوفهم بيوم القيامة الذي " لَا تَجْزِي " فيه أي: لا تغني " نَفْسٌ " ولو كانت من الأنفس الكريمة كالأنبياء والصالحين " عَنْ نَفْسٍ " ولو كانت من العشيرة الأقربين " شَيْئًا " لا كبيرا ولا صغيرا وإنما ينفع الإنسان عمله الذي قدمه.
" وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا " أي: النفس, شفاعة لأحد بدون إذن الله ورضاه عن المشفوع له, ولا يرضى منه العمل إلا ما أريد به وجهه وكان على السبيل والسنة.
" وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ " أي: فداء " ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب " ولا يقبل منهم ذلك " وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ " أي: يدفع عنهم المكروه.


<h1>" وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم "

</h1>هذا شروع في تعداد نعمه على بني إسرائيل على وجه التفصيل فقال: " وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ " أي: من فرعون وملأه وجنوده وكانوا قبل ذلك " يَسُومُونَكُمْ " أي: يولونهم ويستعملونهم والمعنى يذيقونكم.
" سُوءَ الْعَذَابِ " أي أشده بأن كانوا " يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ " خشية نموكم.
" وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ " أي: فلا يقتلونهن فأنتم بين قتيل ومذلل بالأعمال الشاقة مستحيي على وجه المنة عليه والاستعلاء عليه فهذا غاية الإهانة فمن الله عليهم بالنجاة التامة وإغراق عدوهم وهم ينظرون لتقر أعينهم.
" وَفِي ذَلِكَ " أي: الإنجاء " بَلَاءٌ " أي: إحسان " مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ " .
فهذا مما يوجب عليكم الشكر والقيام بأوامره.

<h1>" وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون "

</h1>ثم ذكر منته عليهم بوعده لموسى أربعين ليلة لينزل عليهم التوراة المتضمنة للنعم العظيمة والمصالح العميمة.
ثم إنهم لم يصبروا قبل استكمال الميعاد حتى عبدوا العجل من بعده, أي ذهابه.
" وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ " تعلمون بظلمكم, قد قامت عليكم الحجة, فهو أعظم جرما وأكبر إثما

<h1>" ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون "

</h1>ثم إنه أمركم بالتوبة على لسان نبيه موسى بأن يقتل بعضكم بعضا فعفا الله عنكم بسبب ذلك " لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " الله.

<h1>" وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون "

</h1>" وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً " وهذا غاية الجرأة على الله وعلى رسوله.
" فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ " إما الموت أو الغشية العظيمة.
" وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ " وقوع ذلك, كل ينظر إلى صاحبه.


<h1>" وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "

</h1>ثم ذكر نعمته عليكم في التيه والبرية الخالية من الظلال وسعة الأرزاق فقال " وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ " وهو اسم جامع لكل رزق يحصل بلا تعب ومنه الزنجبيل والكمأة والخبز وغير ذلك.
" وَالسَّلْوَى " طائر صغير يقال له السماني طيب اللحم فكان ينزل عليهم من المن والسلوى ما يكفيهم ويقيتهم " كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ " أي: رزفا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين, فلم يشكروا هذه النعمة, واستمروا على قساوة القلوب وكثرة الذنوب.
" وَمَا ظَلَمُونَا " يعني بتلك الأفعال المخالفة لأوامرنا لأن الله لا تضره معصية العاصين, كما لا تنفعه طاعات الطائعين.
" وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " فيعود ضرره عليهم.
اماني شرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس