عرض مشاركة واحدة
قديم 23-11-15, 02:19 AM   #2
بنان محمود
| طالبة في المستوى الأول |
افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
فوائد التفسير ( الحزب الأول ) :
* سورة الفاتحة :
- " بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " افتتح الله تعالى كتابه بالبسملة ; ليرشدوا عباده أن يبدؤوا أعمالهم وأقوالهم بها طلباً لعونه وتوفيقه .

- " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ "من هدي عباد الله الصالحين في الدعاء البدء بتمجيد الله والثناء عليه سبحانه ثم ليشرع في الطلب .

-" إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " ذكر {الاستعانة} بعد {العبادة} مع دخولها فيها, لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى. فإنه إن لم يعنه الله, لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر, واجتناب النواهي .

- " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ " الهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام, وترك ما سواه من الأديان, والهداية في الصراط, تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علماً وعملاً.
- دلت السورة على أن كمال الإيمان يكون بإخلاص العبادة لله تعالى وطلب العون منه وحده دون سواه .

*سورة البقرة الآيات من (1-74)


- " ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ " الثقة المطلقة في نفي الريب دليل على أنه من عند الله ; إذ لا يمكن لمخلوق أن يدعي ذلك في كلامه .

- "هدى لِلْمُتَّقِينَ " : لا ينتفع بما في القرآن الكريم من الهدايات العظيمة إلاً المتقون لله تعالى المعظمون له .

- " الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ " من أعظم مراتب الإيمان الإيمان بالغيب ; لأنه يتضمن التسليم لله تعالى في كل ما تفرّد بعلمه من الغيب ، ولرسوله بما أخبر عنه سبحانه .

- " ويقيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ " كثيراً ما يُقرن الله تعالى بين الصلاة والزكاة ; لأن الصلاة إخلاص للمعبود ، والزكاة إحسان للعبيد ، وهما عنوان السعادة والنجاة .

- " وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " الإيمان بالله تعالى وعمل الصالحات يورثان الهداية والتوفيق في الدنيا ، والفوز والفلاح في الأخرى .

- " إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " أن من طَبع الله على قلوبهم بسبب عنادهم وتكذيبهم لا تنفع معهم الآيات وإن عظمت .

-" فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا‏ " بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين‏,‏ وأنه بسبب ذنوبهم السابقة‏,‏ يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها .

-‏ " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ " جمعوا بين العمل بالفساد في الأرض‏ ، وإظهارهم أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح‏,‏ قلبا للحقائق‏,‏ وجمعاً بين فعل الباطل واعتقاده حقًا، وهذا أعظم جناية ممن يعمل بالمعصية‏,‏ مع اعتقاد أنها معصية فهذا أقرب للسلامة‏ ، وأرجى لرجوعه‏.‏

- " اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ " أن إمهال الله تعالى للظالمين المكذبين لم يكن عن غفلة أو عجز عنهم ، بل ليزدادوا إثماً فتكون عقوببتهم أعظم .

-" أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ‏ " بذلوا الهدى رغبة عنه بالضلالة رغبة فيها ، فهذه تجارتهم‏ فبئس التجارة‏ وبئس الصفقة صفقتهم وإذا كان من بذل دينارا في مقابلة درهم خاسراً ، فكيف من بذل جوهرة وأخذ عنها درهما‏ ؟‏ فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة‏ ، واختار الشقاء على السعادة‏ ، ورغب في سافل الأمور عن عاليها ‏؟‏ فما ربحت تجارته‏ ، بل خسر فيها أعظم خسارة‏.‏

- " مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " أن الله تعالى يخذل المنافقين في أشدّ أحوالهم حاجة وأكثرها شدّة ; جزاء نفاقهم وإعراضهم عن الهدى .

- " صُمٌّ‏ " أي‏:‏ عن سماع الخير، ‏" بُكْمٌ‏ "[‏أي‏]‏‏:‏ عن النطق به، ‏" عُمْيٌ‏ " عن رؤية الحق،{‏فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ‏}‏ لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه‏ ، فلا يرجعون إليه ، بخلاف من ترك الحق عن جهل وضلال‏ ، فإنه لا يعقل‏ ، وهو أقرب رجوعا منهم‏.‏

- لما كانوا مبتلين بالصمم‏,‏ والبكم‏,‏ والعمى المعنوي‏,‏ ومسدودة عليهم طرق الإيمان، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ الحسية‏ ، ففيه تحذير لهم وتخويف بالعقوبة الدنيوية‏ ، ليحذروا‏ ، فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم .

- " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " هذه الآية جمعت بين الأمر بعبادة الله وحده‏,‏ والنهي عن عبادة ما سواه‏ ، وبيان الدليل الباهر على وجوب عبادته‏,‏ وبطلان عبادة من سواه‏,‏ وهو ‏[‏ذكر‏]‏ توحيد الربوبية‏,‏ المتضمن لانفراده بالخلق والرزق والتدبير .

- " وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ " عجز الخلق عن الإتيان بمثل سورة من القرآن الكريم يدل على أنه تنزيل من حكيم عليم .

- " وبشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " استحباب بشارة المؤمنين‏ ، وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها ‏[‏وثمراتها‏]‏‏، فإنها بذلك تخف وتسهل ، وأعظم بشرى حاصلة للإنسان‏ توفيقه للإيمان والعمل الصالح ، فذلك أول البشارة وأصلها ، ومن بعده البشرى عند الموت ، ومن بعده الوصول إلى هذا النعيم المقيم نسأل الله أن يجعلنا منهم‏.‏

- " إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مثلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مثلًا يُضِلُّ بِهِ كثيرًا وَيَهْدِي بِهِ كثيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ " الأمثال التي يضربها الله تعالى لا ينتفع بها إلا المؤمنون ; لأنهم هم الذين يريدون الهداية بصدق ، ويطلبونها بحق .

- " الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ " من أبرز صفات الفاسقين نقض عهودهم مع الله ومع الخلق ، وقطعهم لما أمر الله بوصله ، وسعيهم بالفساد في الأرض .

-" وإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السموات وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ‏ "
^العبد إذا خفيت عليه حكمة الله في بعض المخلوقات والمأمورات فالواجب عليه التسليم واتهام عقله ، والإقرار لله بالحكمة .
^ اعتناء الله بشأن الملائكة‏ ، وإحسانه بهم‏ بتعليمهم ما جهلوا‏ ، وتنبيههم على ما لم يعلموه‏.
^ فضيلة العلم .

- " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ " الكبر هو رأس المعاصي ، و أساس كل بلاء ينزل بالخلق ، و هو أول معصية عصي الله بها .

- " فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ .." آدم وذريته‏ أعداء لإبليس وذريته ، ومن المعلوم أن العدو‏ يجد ويجتهد في ضرر عدوه وإيصال الشر إليه بكل طريق‏ وحرمانه الخير بكل طريق ، ففي هذا‏ تحذير لبني آدم من الشيطان .

- ذكر منتهى الإهباط إلى الأرض، فقال‏:‏" وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ‏ " أي‏:‏ مسكن وقرار، ‏" وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ‏" انقضاء آجالكم‏ ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها‏ وخلقت لكم ، ففيها أن مدة هذه الحياة‏ مؤقتة عارضة‏ ليست مسكناً حقيقياً ، وإنما هي معبر يتزود منها لتلك الدار‏ ولا تعمر للاستقرار‏.‏

- "فَتَلَقَّى آدَمُ‏ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ‏ فَتَابَ‏ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ‏ الرَّحِيمِ ‏" الرحيم بعباده‏ ومن رحمته بهم‏ أن وفقهم للتوبة‏ وعفا عنهم وصفح‏ .‏

-" قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏ " انقسام الخلق من الجن والإنس‏ إلى أهل السعادة‏ وأهل الشقاوة‏ ، وفيها صفات الفريقين والأعمال الموجبة لذلك ، وأن الجن كالإنس في الثواب والعقاب‏ كما أنهم مثلهم‏ في الأمر والنهي‏.‏

-‏" يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ‏ " يشمل سائر النعم التي سيذكر في هذه السورة بعضها ، والمراد بذكرها بالقلب اعترافًا‏,‏ وباللسان ثناء‏,‏ وبالجوارح باستعمالها فيما يحبه ويرضيه‏.‏" وَأَوْفُوا بِعَهْدِي‏ " وهو ما عهده إليهم من الإيمان به‏,‏ وبرسله وإقامة شرعه‏.‏" أُوفِ بِعَهْدِكُمْ‏ " وهو المجازاة على ذلك‏.‏

- أمرهم بالأمر الخاص‏ الذي لا يتم إيمانهم‏ ولا يصح إلا به فقال‏:‏ " وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ .. " وهو القرآن الذي أنزله على عبده ورسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمرهم بالإيمان به‏,‏ واتباعه‏" مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ‏ " إشارة إلى أنكم إن لم تؤمنوا به‏ عاد ذلك عليكم‏ بتكذيب ما معكم‏ لأن ما جاء به هو الذي جاء به موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء ، فتكذيبكم له تكذيب لما معكم‏.‏
ذكر المانع لهم من الإيمان‏ ، وهو اختيار العرض الأدنى على السعادة الأبدية، فقال‏:‏ - ‏" وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا‏ " وهو ما يحصل لهم من المناصب والمآكل‏,‏ التي يتوهمون انقطاعها‏,‏ إن آمنوا بالله ورسوله‏,‏ فاشتروها بآيات الله واستحبوها‏,‏ وآثروها‏.‏" وَإِيَّايَ‏ " أي‏:‏ لا غيري ‏" فَاتَّقُونِ‏ " فإنكم إذا اتقيتم الله وحده‏ أوجب لكم تقواه‏ تقديم الإيمان بآياته على الثمن القليل ، كما أنكم إذا اخترتم الثمن القليل‏,‏ فهو دليل على ترحل التقوى من قلوبكم‏.‏

- " وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " نهاهم عن شيئين‏ : عن خلط الحق بالباطل‏,‏ وكتمان الحق ؛ لأن المقصود من أهل الكتب والعلم‏ تمييز الحق‏ وإظهار الحق‏ ليهتدي بذلك المهتدون‏ ويرجع الضالون‏ ، وتقوم الحجة على المعاندين.

-" أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ‏ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ‏ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ‏ " من أمر غيره بالخير ولم يفعله‏ أو نهاه عن الشر فلم يتركه‏ ، دل على عدم عقله وجهله‏ خصوصًا إذا كان عالما بذلك‏ قد قامت عليه الحجة‏.‏

- " وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ .. " أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها بالصبر بجميع أنواعه، وهو الصبر على طاعة الله حتى يؤديها ، والصبر عن معصية الله حتى يتركها‏ ، والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها .

- " وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ " الصلاة سهلة عليهم خفيفة ؛ لأن الخشوع‏ وخشية الله‏ ، ورجاء ما عنده يوجب له فعلها‏ منشرحاً صدره لترقبه للثواب‏ وخشيته من العقاب ، بخلاف من لم يكن كذلك‏ .

- ‏" وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ.. وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ "
^عِظَمُ نعم الله وكثرتها على بني إسرائيل، ومع هذا لم تزدهم إلا تكبُّرًا وعنادًا.
^ سعة حِلم الله تعالى ورحمته بعباده ، وإن عظمت ذنوب
هم .

- " وَمَا ظَلَمُونَا‏ " يعني بتلك الأفعال المخالفة لأوامرنا لأن الله لا تضره معصية العاصين‏ ، كما لا تنفعه طاعات الطائعين" وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ‏" فيعود ضرره عليهم‏.‏
بنان محمود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس