عرض مشاركة واحدة
قديم 07-05-15, 12:21 AM   #19
محمد العويد
حفظه الله تعالى
 
تاريخ التسجيل: 31-12-2011
المشاركات: 2,757
محمد العويد is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت الطفولة مشاهدة المشاركة


الدرس العاشر

- ليس من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم اللعن وقد نهانا عن اللعن
فكيف نجمع بين حديث عائشة المذكور في الدرس وبين نهيه صلى الله عليه وسلم عن اللعن ؟ وهل يجوز لعن غير المسلمين ؟


وجزاكم الله خير
لعن الكفار وأصحاب الفجور في العموم جائز، واللعن في هذا المعنى في النصوص كثير، كما في قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78
وكما في قوله تعالى: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً }الأحزاب61
وأما لعن المعين ففيه تفصيل: لعن من يتصف بالشيء المحرم جائز وهذا له أدلة، كما في لعن النامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة وغيرها كثير في الشرع
وأما لعن شخص بعينه فلا يجوز على القول الراجح من أهل العلم
إلا إذا كان الشخص بعينه ملعون في الشرع كما في إبليس عند قوله تعالى:{لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }النساء118، فهذا يجوز لعنه ،ومع ذلك فلا يستحب لعنه لأننا لم نؤمر بلعنه
وأما لعن النبي صلى الله عليه وسلم لأحد من الناس فتفصيله على النحو التالي:
ابتداء فالنبي صلى الله عليه وسلم حسن الخلق وقد زكاه الله تعالى في كتابه بقوله سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم4
ولم يكن عليه الصلاة والسلام لعاناً كما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً» رواه مسلم
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابًا، وَلاَ فَحَّاشًا، وَلاَ لَعَّانًا، كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ المَعْتِبَةِ: «مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ» رواه البخاري
وأما ما ثبت من لعنه كما في حديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ، لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، مَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ: «وَمَا ذَاكِ» قَالَتْ: قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا، قَالَ: " أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟ قُلْتُ: اللهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا " رواه مسلم
ففي الحديث قوله : اللهم إنما أنا بشر، فهو بشر يصدر منه عليه الصلاة والسلام ما يصدر من بعض الناس، ومع ذلك فلعنه لأي أحد لا يستحق اللعن ينقلب له زكاة وأجراً، وهذا أمر لا يتم لأحد من البشر غيره فلا يقاس عليه أحد من الناس، ويكون لعن غيره لمعين محرماً ، لأن المشارطة في الحديث خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأما غيره فلا ينقلب لعنه زكاة وأجراً ويبقى على تحريمه.
واللعن الصادر منه صلى الله عليه وسلم كان لأمور شرعية وقد ثبت عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنَ الْقِرَاءَةِ، وَيُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: «اللهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ، اللهُمَّ الْعَنْ لِحْيَانَ، وَرِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ»، ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَمَّا أُنْزِلَ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] رواه البخاري
ففي الحديث أن اللعن كان بسبب أذية تلك الأحياء له ولصحابته، ومع ذلك فقد ترك طريق اللعن بعد نزول الآية
والمسلمة مأمورة بنزاهة اللسان وعدم الانجراف وراء اللعن وألا يصدر منها إلا الكلام الحسن
وفقنا الله وإياكم لحفظ اللسان وبقية الجوارح
محمد العويد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس