عرض مشاركة واحدة
قديم 04-03-12, 08:26 PM   #22
سارة بنت محمد
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 09-05-2009
المشاركات: 663
سارة بنت محمد is on a distinguished road
افتراضي

الصنف الثاني من أقسام الناس
وهؤلاء هم نفاة المعاني الظاهرة، وهم معطلة سواء كانوا من أهل التأويل أو التفويض.

وكان مبدأ ظهورهم هو الجهم بن صفوان نقلا عن شيخه الجعد بن درهم

لذا خطب خالد القسري الملقب بقصاب الزنادقة، في يوم العيد فقال: ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم، فإنه يزعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا"

ثم نزل من على المنبر فقتله.

ولا شك أن الجهمية هم غلاة المعطلة، وبلغ ببعضهم القول أنه ليس لله اسم ولا صفة.

وورث هذا الإرث المعتزلة أولا، وظهر مذهبهم في عهد المأمون فيما يعرف بفتنة خلق القرآن، التي ثبت فيها الإمام أحمد حتى قيل: أبو بكر ليوم الردة وأحمد ليوم البدعة.

ثم نشأ مذهب وسط بين أهل الحديث أهل السنة والمعتزلة، على يد أبي الحسن الأشعري، الذي كان ربيبا للجبائي شيخ المعتزلة ففارقه، وانتشر المذهب ونسب إليه، في حين أن آخر أمر أبي الحسن الأشعري اعتناق مذهب السنة بكامله.

ولا يخفى أن مذهب المعطلة في نشأته إنا أريد به المكر بالإسلام وأهله وإفساد الدين من داخله، بخلطه بعقائد أهل الكلام والفلسفة اليونانية، فإنهم لما لم يقدروا على مقاومة المد الإسلامي بالسيف، أظهر بعض المنافقين الإسلام وظل يعيث في الأذهان فسادا، تارة بالتشيع وتارة بالخروج وتارة بالتجهم ونفي الصفات.

وكان هؤلاء أحوج ما يكون لدرة عمر بن الخطاب التي تشفي العي فاقد العقل، ولكن كان قتل عمر كسرا لباب منع الدولة الإسلامية من الفتن دهرا بإذن الله ولطفه، ثم اقتضت حكمة الرب جل وعلا أن تظل الحرب قائمة بين المتمسكين بالسنة وبين غيرهم حتى يميز الخبيث من الطيب، ويبلوا الله الأمة أيهم تظل الطائفة المنصورة التي تقاتل على الحق حتى يأتي وعد الله وهم على ذلك.


ومما لابد من ذكره في هذا المقام، أن نفاة الصفات قد انتسب لهم من أهل العلم السابقين من انتسب، وزل في هذا الموطن من زل ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك مانعا من أخذ العلم منهم والدعوة لهم بالتجازو والغفران فإن أهل العلم بين الأجر والأجرين في اجتهاداتهم.

وفي حين أن الطائفة التي ابتدأت هذا الشغب، لم تكن سليمة النوايا والطوية، إلا أن هناك من كانت همته تنزيه الرب جل وعلا، والسبب في نفيهم المعاني الظاهرة للآيات هي الظن الخاطئ أنها موجبة للتمثيل السابق ذكره، فصدق من قال أن من اعتنق مذهب التعطيل فقد وقع في التمثيل أولا ثم أراد تنزيه الخالق عما علق بذهنه هو فاستقبحه، فوقع في التعطيل

وكلاهما طرفي نقيض والوسط العدل الخيار هو مذهب أهل السنة والجماعة.

وجدير بالذكر أنه لو نفى هؤلاء القوم صريح الآيات دون تأويل فهو الكفر الصراح البواح بالإجماع لا يخالف في ذلك مخالف، ولكن لما كان قصدهم التنزيه، وأقروا بالخضوع للقرآن وإيمانهم به، ولكن تأولوا المعاني أو فوضوا معناها كما سيأتي، فهو عذر مانع من التكفير - بصفة عامة.
وللمسألة تفصيلات دقيقة تحتاج لبسط ليس ها هنا موضعه، فقط أردنا الإشارة لهذه النقطة على عجالة.

إذن قسم نفاة المعاني الظاهرة بقولون : ليس المعنى الظاهر مراد في هذه النصوص، لأن ذلك موجب للتشبيه، ويجب تنزيه الرب عن التشبيه، فنفوا المعاني الظاهرة المعروفة من لغة العرب ثم
انقسموا إلى قسمين يجمعهم هذا البيت لصاحب الجوهرة الأشعري المذهب:
يقول:

وكل نص أوهم التشبيه.....أوله أو فوض ورم تنزيه

فقسم أوّل المعاني، وقسم فوض معانيها

ويجمع القسمين جزمهما بأن المعنى الظاهر غير مراد.

فاحفظ هذه القاعدة ففيها الفرق بين الواقفة وبين المفوضة وسيأتي بإذن الله.


يتـــبع بإذن الله بالحديث عن مذهب أهل التأويل.
أذكر إخواني ممن يتابع بأبيات الشاطبي رحمه الله تعالى :
أخي أيها المجتاز نظمي ببابه....ينادي عليه كاسد السوق أجملا
وظن به خيرا وسامح نسيجه....بالاغضاء والحسنى وإن كان هلهلا
وسلم لإحدى الحسنيين إصابة ....والاخرى اجتهاد رام صوبا فأمحلا
وإن كان خطئا فادّاركه بفضله....من الحلم وليصلحه من جاد مقولا.


فما كان من خطأ فمني ومن الشيطان والله تعالى منه براء وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سارة بنت محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس