عرض مشاركة واحدة
قديم 28-07-22, 04:13 AM   #12
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Mmm

المجلس الحادي عشر
شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبيل
*سبق وقلنا :والإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بمراتبه الأربع وهي:
العلم،ثم الكتابة، ثم المشيئة ، ثم الخلق والإيجاد
، هذه مراتب القدر الأربع التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقدر "العلم، والكتابة، والمشيئة والإرادة، والخلق والإيجاد".
بمعنى أن الله يعلم بأن سيوجد فلان ثم يكتب هذا في اللوح المحفوظ ثم إذا جاء وقت وجوده شاء الله أن يكون ثم بعد ذلك يخلقه جل جلاله وعظم سلطانه .
وتم شرح المراتب الثلاثة الأُوَل .
المرتبة الرابعة: الخلق والإيجاد:

وهو الخالق للأشياء كلها عن مشيئة وعن حكمة وعن علم سابق، هو الخالق لكل شيء كما قال تعالى" اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ "الزمر:62، "هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ "فاطر:3، فهو موجد للأشياء من سماء وأرض وأنهار وبحار وجبال ودواب ومعادن وغير ذلك، فالله الذي أوجدها بمشيئته سبحانه وتعالى قال لها: كوني، فكانت بأمره سبحانه" إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "يس:82. فعلى العبد رجلًا كان أو امرأة على العبد أن يؤمن بهذه الأشياء وأن يعلم أنها حق، ثم يستفيد من ذلك فيعمل ويكدح وهو يعلم أنه لن يخرج من قدر الله، وأن الفضل لله فيما يوفقه له من الخير، وأن له الحكمة فيما يصيبه من الشر، فإن أصابه خير حمد الله وشكره وجد في الخير وسارع إلى الخيرات، وإن أصابه ما يكره قال: قدر الله وما شاء فعل، إن لله وإنا إليه راجعون، وصَبَرَ واحتسب، وعَلِمَ أن هذا ليس عبثًا، بل وقع عن حكمة بالغة، وعن قدر سابق من ربه ؛ فعندها يطمئن ويتعزى، ويقول"إنا لله وإنا إليه راجعون، كما قال سبحانه" وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ "البقرة:155-157.

ثم قد يكون هذا الشيء الذي وقع وهو يكرهه خيرًا له وهو ما يدري، رُب ضارة نافعة، فكم من مصيبة كرهها وصار فيها الخير له والعاقبة الحميدة، كما قال تعالى"فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا "النساء:19، وقال تعالى" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "البقرة:216، ويقول صلى الله عليه وسلم"الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وإنْ أَصَابَكَ شيءٌ، فلا تَقُلْ لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فإنَّ لو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ." صحيح مسلم.
احرص على ما ينفعك يعني في الدنيا والآخرة، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء يعني مما تكره فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان إن أصابك شيء يعني فات المحبوب أو حصل المكروه الذي أنت فار منه فلا تجزع ولا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا وكذا، لو أني عرضته على الطبيب كان يمكن شفي من هذا المرض، لو أنه ما سافر يمكن ما مات في هذا البلد اللي سافر إليها، لو أنه ما راح مع فلان كان كذا وكذا، لا، الأمر قد مضى في علم الله فلا تجزع، ولا تقل: لو، كل شيء بقضاء الله وقدره، اطمئن، واعلم أن الأمر قد فرغ منه، وأن ما شاءه الله كان وإن لم يشأ الناس، وبهذا يحصل للمؤمن الطمأنينة والراحة وراحة الضمير ما لا يحصيه على الكمال إلا الله سبحانه وتعالى، ويحصل له من الخير من الطمأنينة والراحة والفرح ما لا يحصيه إلا الله ؛ فيشكر الله على إنعامه وعلى فضله وإحسانه ويتعزى بعزائه ويصبر على ما أصابه ويعلم أن ذلك من عنده" قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ "التوبة:51.

فالمؤمن هكذا عند المكروه صبور، وعند المحبوب شكور، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كل له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، هكذا المؤمن صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء؛ لأنه يعلم أن الرخاء والنعمة من فضل الله عليه فيشكر الله هو الذي ساق ذلك إليه، ويعلم أن ما أصابه من البلاء عن حكمة بالغة من الله لا عن عبث ولا عن ظلم، فالله لا يظلم مثقال ذرة، بل له الحكمة البالغة في ذلك، فيقول" إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل" قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا "التوبة:51.
ويعلم أن لله أسرارًا وحكمًا لا يدريها العبد فله الحكمة البالغة في كونه جعل الصلوات خمسًا، وجعل الفجر ثنتين، والمغرب ثلاثًا، والعشاء والظهر والعصر أربعًا، له الحكمة في ذلك . ولو شاء لجعلها غير ذلك، هكذا له الحكمة في كون الصيام شهرًا واحدًا في رمضان خاصة بين شعبان وبين شوال ولو شاء لجعله غير ذلك، له الحكمة فيما شرع من جهة الحج وأعمال الحج، ولماذا صار في مكة ولماذا صار في البقاع المعروفة له الحكمة البالغة في أعمال الحج وفي مشاعر الحج وفي جميع ما شرعه هناك، وهكذا في الزكاة ونُصبها في المال كذا والواجب كذا في السَّنة كذا وفي الزرع كذا له الحكمة البالغة فيها سبحانه وتعالى، وهكذا إذا فكر المؤمن في جميع الأمور رأى العجب العجاب مما يعطيه مزيدًا من الإيمان مزيدًا من البصيرة لحكمة الله تعالى، وعظيم علمه وكمال حكمته جل وعلا وكمال إحسانه.
فعلى العبد أن يفكر كثيرًا في هذه الأمور ويتدبر كثيرًا حتى يزداد علمًا وبصيرة، وحتى يعلم أن الله له الحكمة البالغة؛ فيشكره على إحسانه، ويصبر على ما أصابه من الأذى، ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويزداد شكرًا لله في أداء ما شرع من الطاعات، وفي الحذر مما حرم من المعاصي، والوقوف عند حدود الله، هكذا الواجب عليه أن يكون شكورًا مسارعًا للطاعات، مؤديًا لما أوجب الله عليه، نشيطًا في ذلك، حذرًا من كل ما يعوقه عن ذلك، وأن يكون أيضًا حريصًا على ترك المعاصي بعيدًا عنها وعن أسبابها ووسائلها، سائلًا ربه أن يعينه على ذلك، وأن يعيذه من شر نفسه وشيطانه، وأن يعيذه من جلساء السوء وشياطين الإنس والجن، ويصبر على ما شرع الله له وما حرمه الله عليه، فيبتعد عن المحارم، ويسارع إلى الطاعات والخيرات، ويقف عند حدود الله مؤمنًا بالله مؤمنًا بشرعه ، وبهذا يعلم أن الخير كله فيما شرع، وأن البلاء والمحن فيما حرم عليه، فيحذر ذلك ويقف عند حدود الله شاعرًا بأنه عبده وابن أمته وابن عبده يتصرف فيه سبحانه كيف يشاء، فهو الحكيم العليم شرع له ما في النجاة والسعادة ونهاه عما يضره في الدنيا والآخرة، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.الشيخ ابن باز رحمه الله.
الذي ينسب إلى الله الخلق والإيجاد وهذا مبني على الحِكْمَة، فيكون خيرًا بالنسبة لله؛ لأنه خُلِقَ لحكمةٍ لكنه شرٌ بالنسبة للعبد، الكفر والمعاصي شر بالنسبة للعبد الذي باشر المعاصي وفعلها فيتضرر ويعذب عليها، والذي ينسب إلى الله الخلق والإيجاد فهو مبني على الحكمة.
الإيمان بالقدر لا ينافي فعل الأسباب، بل إن فعل الأسباب مما أمر به الشرع، وهو حاصل بالقدر، لأن الأسباب تنتج عنها مسبباتها، ولهذا لما توجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام، ذكر له في أثناء الطريق أنه قد وقع فيها الطاعون، فاستشار الصحابة رضي الله عنهم، هل يستمر ويمضي في سيره، أو يرجع إلى المدينة؟ فاختلف الناس عليه، ثم استقر رأيهم على أن يرجعوا إلى المدينة، ولما عزم على ذلك، جاءه أبو عبيدة عامر بن الجراح، وكان عمر رضي الله عنه يجله ويقدره، فقال: يا أمير المؤمنين، كيف ترجع إلى المدينة، أفرارًا من قدر الله؟ قال رضي الله عنه: نفر من قدر الله إلى قدر الله.
وبعد ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وكان غائبًا في حاجة له، فحدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الطاعون " إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليه"
قال صلى الله عليه وسلم"
إنَّ هذا الوباءَ رِجزٌ أهلكَ اللهُ بهِ الأممَ قبلَكم ، و قد بقيَ منه في الأرضِ شيءٌ ، يَجيءُ أحيانًا و يذهَبُ أحيانًا ، فإذا وقَعَ بأرضٍ فلا تخرُجُوا منها فِرارًا ، و إذا سَمعتُم بهِ في أرضٍ فلا تأتُوها
"الراوي : أسامة بن زيد - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 2253 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
"أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، خَرَجَ إلى الشَّأْمِ، حتَّى إذَا كانَ بسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأجْنَادِ، أبُوعُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ وأَصْحَابُهُ، فأخْبَرُوهُ أنَّ الوَبَاءَ قدْ وقَعَ بأَرْضِ الشَّأْمِ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لي المُهَاجِرِينَ الأوَّلِينَ، فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، وأَخْبَرَهُمْ أنَّ الوَبَاءَ قدْ وقَعَ بالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قدْ خَرَجْتَ لأمْرٍ، ولَا نَرَى أنْ تَرْجِعَ عنْه، وقَالَ بَعْضُهُمْ: معكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وأَصْحَابُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا نَرَى أنْ تُقْدِمَهُمْ علَى هذا الوَبَاءِ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لي الأنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهَاجِرِينَ، واخْتَلَفُوا كَاخْتِلَافِهِمْ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لي مَن كانَ هَا هُنَا مِن مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِن مُهَاجِرَةِ الفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ منهمْ عليه رَجُلَانِ، فَقالوا: نَرَى أنْ تَرْجِعَ بالنَّاسِ ولَا تُقْدِمَهُمْ علَى هذا الوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ في النَّاسِ: إنِّي مُصَبِّحٌ علَى ظَهْرٍ فأصْبِحُوا عليه. قَالَ أبُوعُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ: أفِرَارًا مِن قَدَرِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لو غَيْرُكَ قَالَهَا يا أبَا عُبَيْدَةَ؟ نَعَمْ نَفِرُّ مِن قَدَرِ اللَّهِ إلى قَدَرِ اللَّهِ، أرَأَيْتَ لو كانَ لكَ إبِلٌ هَبَطَتْ وادِيًا له عُدْوَتَانِ، إحْدَاهُما خَصِبَةٌ، والأُخْرَى جَدْبَةٌ، أليسَ إنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بقَدَرِ اللَّهِ، وإنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بقَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَجَاءَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ - وكانَ مُتَغَيِّبًا في بَعْضِ حَاجَتِهِ - فَقَالَ: إنَّ عِندِي في هذا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إذَا سَمِعْتُمْ به بأَرْضٍ فلا تَقْدَمُوا عليه، وإذَا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بهَا فلا تَخْرُجُوا فِرَارًا منه قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ.صحيح البخاري.


الحاصل قول عمر رضي الله عنه: نفر من قدر الله إلى قدر الله، فهذا يدل على أن اتخاذ الأسباب من قدر الله عز وجل، ونحن نعلم أن الرجل لو قال: أنا سأؤمن بقدر الله، وسيرزقني الله ولدًا بدون زوجة، ولو قال هذا لعد من المجانين، كما لو قال: أنا أؤمن بقدر الله ولن أسعى في طلب الرزق، ولم يتخذ أي سبب للرزق، لعد ذلك من السفه.
فالإيمان بالقدر إذن لا ينافي الأسباب الشرعية أو الحسية الصحيحة، أما الأسباب الوهمية التي يدعي أصحابها أنها أسباب وليست كذلك، فهذه لا عبرة بها، ولا يلتفت إليها.
ثم اعلم أنه يرد على الإيمان بالقدر إشكال وليس بإشكال في الواقع، وهو أن يقول قائل: إذا كان فعلي من قدر الله عز وجل فكيف أعاقب على المعصية وهي من تقدير الله عز وجل؟
والجواب على ذلك أن يقال: لا حُجَّة لك على المعصية بقدرِ الله، لأن الله عز وجل لم يجبرك على هذه المعصية، وأنت حين تقدم عليها لم يكن لديك العلم بأنها مُقَدَّرة عليك، لأن الإنسان لا يعلم بالمقدور إلا بعد وقوع الشيء، فلماذا لم تُقَدِّر قبل أن تفعل المعصية، أن الله قدر لك الطاعة، فتقوم بطاعته، وكما أنك في أمورك الدنيوية تسعى لما ترى أنه خير، وتهرب مما ترى أنه شر، فلماذا لا تعامل نفسك هذه المعاملة في عمل الآخرة، أنا لا أعتقد أن أحدًا يقال له: إن لمكة طريقين: أحدهما: طريق مأمون ميسر، والثاني: طريق مُخَوّف صعب، لا أعتقد أن أحدًا يسلك الطريق المخوف الصعب، ويقول: إن هذا قد قُدِّرَ لي، بل سوف يسلك الطريق المأمون الميسر، ولا فرق بين هذا وبين أن يقال لك: إن للجنة طريقًا وللنار طريقًا، فإنك إذا سلكت طريق النار، فأنت كالذي سلك طريق مكة المخوف الوعر، وأنت بنفسك تنتقد هذا الرجل الذي سلك الطريق المخوف الوعر، فلماذا ترضى لنفسك أن تسلك طريق الجحيم، وتدع طريق النعيم، ولو كان للإنسان حُجة بالقدر على فعل المعصية، لم تنتف هذه الحجة بإرسال الرسل وقد قال الله تعالى"رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل" النساء: 165.كتابفقه العبادات للعثيمين

قال الشيخ الألباني: أدلة الوحي تفيد أن للإنسان كسبا وعملًا وقدرة وإرادة، وبسبب تصرفه بتلك القدرة والإرادة يكون من أهل الجنة أو النار.
هذا؛ ويجب التنبه إلى البعد عن الخوض في القدر، عملًا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه: إذا ذُكِرَ القدرُ فأمْسِكُوا. رواه الطبراني وصححه الألباني. إسلام ويب.
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس