عرض مشاركة واحدة
قديم 27-12-15, 01:34 AM   #32
أم محمد التميمي
|طالبة في المستوى الثاني 2|
Ah11 بسم الله الرحمن الرحيم

[OVERLINE] الدرس السادس:
[/OVERLINE]
باب ما جاء في الرقى والتمائم :
نلاحظ هنا أن المؤلف خرج عن طريقته في التبويب فقال رحمه تعالى :( باب ما جاء في الرقى والتمائم) .
سؤال الشيخ : أين محل خروج المؤلف رحمه الله تعالى عن طريقته وعادته ؟ ما الشيء الذي إختلف في تبويب المؤلف ؟ .
الجواب : لم يذكر الحكم يعني قال :( باب ما جاء في الرقى والتمائم ) ، ولم يبين لنا هل الرقى والتمائم من التوحيد أو من عكسه أي من الشرك .
والسبب في ذلك أن الكلام عن الرقى و التمائم كلام فيه تفصيل ، فلا يحكم عليه بكونه شركا من حيث القطع هكذا مجردا ، ولا يحكم عليه كون هذا الأمر من التوحيد هكذا قطعا مجردا و إنما الأمر فيه تفصيل .
فالرقى مثلا إن كانت بشيء شرعي نحو الأذكار و القرآن وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كالدعاء وغيره، فإن ذلك أجازه الشرع بل ربما حث عليه وندب إليه ، في مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من إستطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل " .
و إذا كانت الرقى متضمنة بشيء من البدع أو الشركيات فإنه حينئذ يحكم عليها بحسبها، إما رقية مبتدعة أو رقية شركية .
قال باب ما جاء في الرقى والتمائم ،ثم ذكر بعد ذلك حديث الصحيح .
وفي قوله ( في الصحيح ) : هذه العبارة يطلقها أهل العلم و يريدون بها ما أخرجه البخاري .وكأن هذه اللفظة خاصة بما أخرجه البخاري .يعني أصبحت كلمة الصحيح هكذا مجردة علما على صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى لكونه أصح الكتب المصنفة بعد كتاب الله تعالى . ولكن هذا ليس محل تسليم فالمالكية مثلا ينازعون في هذا فيقولون أن موطأ الإمام مالك أصح من البخاري، لكن الذي عليه جمهور الأئمة أن الصحيح هو صحيح الإمام البخاري . و أنه أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى .
فقوله المؤلف في( الصحيح ) :إما أنه قصد في الحديث الصحيح و إما أنه قصد في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ،وكلا الوصفين يصح عن حديث أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه .
في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه : أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، فأرسل رسولا :" أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت "
هذا الحديث فيه هدي نبوي كريم وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام في الحل و ترحال في السفر والحضر شأنه وديدنه أنه
يترقب أحوال أصحابه من نواحي الشرعية وغيرها حرصا منه صلى الله عليه وسلم على صحة وسلامة ما يتعلق بأمور دينهم ودنياهم ، فلما كان معه أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه في هذا السفر أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسولا لأمر هذا الأمر بأن " لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت "

قلادة : أي ما يقلد على العنق .وما يربط به العنق .
وكان من عادة بعض العرب أنهم يجعلون على عنق البعير قلادة أو وتر أو شيئا ظنا منهم أن هذا الشيء الذي قلده البعير أنه يقيه من العين . ولما كانت الأنعام تعني من كرائم أموال العرب فكانت الوحوش تهفو إليها من جهة وكان ملاكها يخافون وقوع الضرر بسب أعين العائنين و حسد الحاسدين ، فمضت بعض طرائق العرب في جعل القلائد و الأوتار و الأزمة جمع زمام على هذه البدن أو الأنعام حتى تصرف العين بزعمهم يعني كأنهم تعلقوا بهذا الأمر الذي قلده البعير أنه قادر على دفع النقمة أو على رفع البلاء .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينظر في إذا وجد بعير أو دابة في رقبتها قلادة من وتر فإن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بقطعها
وهذا القطع من باب إزالة المنكر، والأمر في إزالة المناكر دائر على ثلاثة أحوال كما لا يخفى كالقادة و الأئمة وسلاطين وولاة الأمور يجب عليهم إزالة المنكر بأيديهم ، وكل من له سلطة وجب عليه إزالة المنكر بيده فإن لم يستطع فبلسانه وهذه طريقة أهل العلم و الوعي والتنبيه و الأئمة والخطباء والدعاة ، فإن إنكار المناكر يكون بألسنتهم ومن لا يستطع لاهذا ولا ذاك من عامة الناس فينكر المنكر بقلبه .
شاهد أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بقطع هذه الأمور لأنها لا تنبغي وكونها لا تنبغي إما أنه يتعلق بتعليقها وقوع الشرك والعياذ بالله ،أو لأنها وسيلة لحصول الشرك و العياذ بالله . لاحظو الأمرمن إحدى الحالين :
- إما يكون شرك في ذاتها بحسب إعتقاد من علقها .
- وإما أن تكون وسيلة لشرك و العياذ بالله .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الرقى والتمائم و التولة شرك " . (راوه أحمد و أبوداود) .
الرقى : كلمة عامة والمراد بها العزائم ،والرقى والعزائم هي الأمر الذي يقرأ على المريض سواء من الأدعية أو من الأذكار أومن القرآن .
وفي هذا الحديث حين قال إن الرقى والتمائم والتولة شرك. هذا في العموم ،أو هذا الحكم يخرج منه ما رخص الشرع فيه فإن الدليل قد رخص في الرقية من العين ومن الحمى ، وقد برز النبي عليه الصلاة والسلام الرقية .
وعند تعريفنا للرقية نقول :
الرقية : هي أدعية و أذكار تقرأ على المريض مع النفث بنية الشفاء . وأما
التمائم : فهي جمع تميمة ، والتميمة هي ما يعلق لرفع البلاء أو دفعه .
طيب : إذا كان ذلك كذلك وقد صدر المؤلف هذا الأثر الذي فيه الحكم (( إن الرقى ...إلى آخره ..شرك ))
- هل تكون الرقية على الإطلاق شركا .؟
نقول : لا
لماذا ؟
لأن الرقى تنقسم إلى رقى جائزة و رقى غير جائزة .
أما الرقية الجائزة : فهي الرقية الشرعية التي كانت من القرآن و الأذكار، هذه أجازها النبي صلى الله عليه وسلم بدليل قوله : " لا بأس برقى ما لم تكن شركا " .
والنوع الثاني الرقية الغير الجائزة : وهي الرقية الشركية التي ليست لا من القرآن ولا من الأدعية الشرعية ، والدليل على عدم شرعيتها عموم قوله " إن الرقى والتمائم و التولة شرك " ولقوله عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم :
" لا بأس برقى ما لم تكن شركا " .
طيب : التمييز بين الرقية الشرعية والرقية الغير شرعية بهذا الاعتبار ربما يكون واضحا ولكن نزيده وضوحا حين نقول إن الرقية الشرعية تكون جائزة بشروط منها:
* أن تكون من الوارد قرآنا أو ذكرا أو سنة أو دعاء .
* أن تكون بلسان عربي مبين يعني تكون مفهومة وليس تماتم أو طلاسم .
* أن يعتقد الراقي و المرقي أنها سبب و أن الرقية لا تشفي بذاتها ومن شروطها كذلك أن يتضمن إستعمالها التوكل على الله عزوجل .
والبعض يشترط أن يكون الراقي عدلا يعني من أهل العدالة فلا يعرف بشعوذة أو سحر أو إلى آخره .
طيب : مادمنا في ذكر الرقية وقد ذكرنا الحديث السبعين الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ، أن من صفاتهم أنهم
" لايسترقون " .
فهل الأفضل أن يطلب الإنسان الرقية أم أن يتكأ على توكله ؟ .
ما من شك أن ترك طلب الرقية أفضل ، لكن هذه الفضيلة أيضا تتفاوت ، فترك طلب الرقية أفضل من طلب الرقية .
و البدء برقية من نعتقد أنه يحتاج إليها دون أن يطلبها أيضا أفضل من وجه آخر ، لأن في ذلك رفع للبلاء أو المساعدة في رفع البلاء عن المسلم .
وما دمنا في ذكر الرقية فإن من المسائل الملتفة بالرقية مسألة أخذ الأجرة على الرقية .
هل يجوز أخذ الأجرة على الرقية ؟
الصواب : يجوز أخذ الإنسان الأجرة عن الرقية لعدة أدلة منها : حديث أني سعيد الخدري رضي الله عنه في لديغ الحي فإنهم اشترطوا قطيعا من شياه ثم لما أخذوها تحرجوا أن يأكلوا حتى سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجازهم وقال : إضربوا لي منها بسهم.
ولقول النبي عليه الصلاة والسلام :" لا إن أكلوا برقية باطل فقد أكلت برقية حق " .
فجواز أخذ الأجرة على الرقية هو الصحيح ، لكن واقع الناس اليوم في المغالاة و الاشتراطات الباهضة و إمتهان هذا الأمر هو الذي إظطر أحيانا بعض المفتين أن يمنعوا منه بسب الخلل الذي حصل في التعامل مع الرقية .
ثم إن الرقية قد تكون مباشرة بأن يقرأ على الإنسان المريض الآيات والأذكار وينفث عليه .
وقد تكون بالقراءة على الماء الزيت العسل إلى آخره .
وقد تكون بكتابة الرقية مثلا على ورق بزعفران ثم غمسه في الماء وشرب هذا الماء وهذا الذي يسميه العامة المحو هذا يعني أجازه بعض أهل العلم ومنعه البعض الأخر ، ولجوازه شروط :
- أن تكون الكتابة بماء طاهر
- وأن يحترم القرآن وإلى آخره .
والمسألة التي يختلف فيها أهل العلم هي في مسألة كتابة القرآن الكريم ثم تعليق هذا المكتوب (وسيكون معنا في التمائم)
إذا حديث ابن مسعود قال : " إن الرقى والتمائم و التولة شرك "
قلنا إن :الرقى : جمع رقية
وأما التمائم : فهي تمائم من القرآن أي أن يكتب القرآن ثم يعلق على أعناق الصبيان .أو يجعل في السيارات أو في البيوت .
و أما التولة : فهي الأمر الذي يصنع لتقريب بين الزوجين . وهذا أقرب بسحر المحبة لأن الناس يعتقدون أن هذه التولة تقرب الرجل من زوجته و المرأة من زوجها .
وعموما التمائم فسرها المؤلف بشيء يعلق على الأولاد يتقون به العين ، وغالب هذا المعلق خاصة عند المسلمين يكون بشيء مكتوب بالقرآن ، وقد وقع الخلاف بين السلف رحمهم الله تعالى في جواز كتابة القرآن وتعليقه فبعضهم أجاز والبعض منع كما أشار إلى ذلك الحافظ الحكمي رحمه الله تعالى في سلم الوصول .
والذين منعو ا ، منعوا لإن فيه إمتهان للقرآن الكريم خاصة إذا أستخدم مع الصبيان الذين ربما لوثوه بالنجاسة أو دخلوا فيه في الأماكن القذرة وغير المحترمة .
قال والتولة : وهي شيء يعلقونه على الزوج زعما أن ذلك يقرب الزوجة إلى زوجها والزوج إلى امرأته . وهذا مقطوع بأنه محرم ، فإذا هوإما شرك أكبر إذا تعلق الإنسان بهذا النوع بذاتها لأنه إعتقد فيها ما يجب إعتقاده في المولى سبحانه وتعالى . وإذا تعلق بها بإعتبارها سبب فإنه لا يصل إلى حد الشرك الأكبر لكنه يكون من قبيل الشرك الأصغر لأنه تعلق بسب لم تقره الشريعة ولا يقره أيضا أحوال الناس . فهو لا سبب شرعي ولا سبب قدري ، وهذا يقع في المجتمعات الجاهلة و المجتمعات البدائية وعند كثير من الفلاحين و الريفيين كما أشار إلى ذلك الإمام الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة قال : ( ولا يزال عليه فئام من الناس في شام اليوم لاسيما بعض الفلاحين والقرويين إلى آخره ..) .

يتبع غدا إن شاء الله باقي كل الدرس .
إن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي والشيطان
أستغفر الله و أتوب إليه .




توقيع أم محمد التميمي
أم محمد التميمي غير متواجد حالياً