عرض مشاركة واحدة
قديم 23-05-11, 11:24 PM   #16
ام الشيماء
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 31-01-2010
العمر: 60
المشاركات: 615
ام الشيماء is on a distinguished road
افتراضي

زينب بنت جحش رضي الله عنها



تحدثنا فيما مضى عن كوكبة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
وها نحن أولاء نلتقي مع إحدى تلك النسمات العطرة
بما جمعته سيرتها من صفاء نفسٍ ونقاوة سريرة
تلكم هي أم المؤمنين زينب بنت جحش
بن رياب بن يعمر الأسدي
وأمها أمية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأخوها عبدالله بن جحش أول أمير في الإسلام
وُلدت سنة 33ق هـ ، وكان اسمها "برَّة"
فسماها النبي صلى الله عليه وسلم زينب
وكانت تكنى : أم الحكم
وهي إحدى المهاجرات الأول




تزوجها زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم
ليعلمها كتاب الله وسنة رسوله
ثم زوّجها الله من السماء لنبيه صلى الله عليه وسلم
سنة ثلاث من الهجرة
وأنزل الله فيها قوله
{وَإِذْتَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ
أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ
وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ
فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ
فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا
وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا }(1)
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيداً
ودُعي "زيد بن محمد "
فلما نزل قوله تعالى
{ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَأَقْسَطُ عِنْدَاللَّهِ}(2)
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم
امرأة زيدٍ بعد أن طلقها زيد
وهدم ما كان معروفاً عند الجاهلية من أمر التبني

ومنذ اختارها الله لرسوله
وهي تفخرُ بذلك على أمهات المؤمنين
وتقول كما ثبت في البخاري
(زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ
وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ ) (3)
وسماها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الزواج
"زينب"
وأطعم عليها يومئذٍ خبزاً ولحماً )

وفي شأنها أنزل الله تعالى الأمر بإدناء الحجاب
وبيان ما يجب مراعاته من حقوق نساء
النبي عليه الصلاة والسلام

كانت رضي الله عنها من سادة النساء
ديناً وورعاً ، وجوداً ومعروفاً ، محضن اليتامى ومواسية الأرامل
قد فاقت أقرانها خَلْقاً وخُلقاً
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور زينب
ويمكث معها ، ويشرب العسل عندها
فغارت بعض نسائه ، وأردن أن يصرفنه عن ذلك
قال الإمام مسلم في صحيحه
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، قال حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ
أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ
يُخْبِرُ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تُخْبِرُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ
فَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا
قَالَتْ فَتَوَاطَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا مَا دَخَلَ عَلَيْهَا
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَلْتَقُلْ إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ
فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا
عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ فَنَزَلَ
( لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ إِلَى قَوْلِهِ إِنْ تَتُوبَا )( التحريم -1 )
لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا )
( التحريم - 3)
لِقَوْلِهِ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا "(4)


ومن مناقبها رضي الله عنها
أنها أثنت على عائشة أم المؤمنين خيراً
عندما استشارها رسول الله صلى الله عليه وسلم
في حادث الإفك ، ففي الحديث قالت عائشة
" وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ
عَنْ أَمْرِي فَقَالَ يَا زَيْنَبُ مَا عَلِمْتِ مَا رَأَيْتِ
فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي
وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا خَيْرًا
قَالَتْ وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ" (5)


ومن مناقبها أنها كانت ورعةً قوّامة
تديم الصيام ، كثيرة التصدق وفعل الخير
وكانت من صُنَّاع اليد ، تدبغ و تخرز ، ثم تتصدَّق بثمن ذلك
وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم
على كثرة تصدقها وكنَّى عن ذلك بطول يدها
، فعن عائشة أم المؤمنين قالت
: ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا
قَالَتْ فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا
قَالَتْ فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ
لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَدَّقُ ) (6)

وقد أحسنت عائشة رضي الله عنها في الثناء على زينب
إذ قالت : ولم أر امرأة قط خيراً في الدين من زينب
وأتقى لله ، وأصدق حديثاً ، وأوصل للرحم ، وأعظم صدقة
وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تصدق به
وتقرب به إلى الله تعالى


ولقد بلغ من حبّها للعطاء أنها قالت حين حضرتها الوفاة
" إني قد أعددت كفني
فإن بعث لي عمر بكفن فتصدقوا بأحدهما
وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بإزاري فافعلوا "


وعن برزة بنت رافع رضي الله عنها قالت
" لما خرج العطاء بعث عمر بن الخطاب إلى زينب بنت جحش
بعطائها ، فأتيت به ونحن عندها .
فقالت : ما هذا ؟
قلت : أرسل به إليك عمر
قالت : غفر الله له ، والله لغيري من إخواتي
كانت أقوى على قسم هذا مني
فقلنا لها : إن هذا لك كله
فقالت : سبحان الله .
فجعلت تستر بينها وبينه بجلبابها أو بثوبها
ثم قامت توزّعه وتقول لنا : اذهب به إلى فلان
من أهل رحمها وأيتامها
حتى بقيت بقيّة تحت الثوب
فأخذنا ما تحت الثوب ، فوجدناه بضعة وثمانين درهماً
ثم رفعت يديها ثم قالت : اللهم لا يدركني عطاء لعمر
بعد عامي هذا أبداً "
فكانت حقاً أول زوجاته صلى الله عليه وسلم لحوقاً به
حيث توفيت سنة 20 للهجرة وقد جاوزت الخمسين عاماً
وصلى عليها عمر بن الخطاب
وصُنع لها نعشٌ وكانت أول امرأة يُفعل معها ذلك
ودُفنت بالبقيع ، فرضي الله عنها وعن أمهات المؤمنين
هنا
يتـــــبع
~~~
(1) ( الأحزاب :37 ) - (2) (الأحزاب:5)
~~~
(3) صحيح البخاري - كتاب التوحيد
باب إن يمين الله ملأى
لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار - رقم 6984
~~~
(4)صحيح مسلم بشرح النووي - كِتَاب الطَّلَاقِ

باب بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له - رقم 1474
~~~

(5) صحيح البخاري - كتاب الشهادات

باب تعديل النساء بعضهن بعضا - رقم 2518

~~~
(6) صحيح مسلم بشرح النووي - كِتَاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ
بَاب مِنْ فَضَائِلِ زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - رقم 2452

ام الشيماء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس