يا رياح النصر هبي
أين أجدك أيها النصر ، يا أيها الغائب الحاضر ؟
أأنت قريب فأناجيك ، أم بعيد فأناديك ، قل لي ما الذي يجلبك ؟
تعب من الاحتجاج اللسان ، وتفطر من الحزن الجنان ، وخارت من غدر العدو الأبدان ، وتبدلت الأفراح إلى أحزان .
أيّ مكر اجتمع ؟
يهود وصليب ، وقف في وجهه كل حبيب ، يدافع بروحه وماله وأهله منادياً أهل النفوذ والسلطان ، ولكن ما من مجيب !
أيّ قوة تحمي الباطل ، أكانوا حين صنعوا تلك الأسلحة يعّدونها لنا ؟
أكانوا حين يدرسون ويتفوقون ويخترعون يريدون محونا ؟
الله الله يا أمة العرب ، الله الله يا أمة الإسلام لا تهابي مكراً ولا قوة ، فالله خير الماكرين ، وهو خير الناصرين ، وهو مع الصابرين .
اشتاقت أنفسنا إلى النصر ، وباتت ترقب الفرج ، كأرض تشققت من الجفاف ، فباتت بارتقاب الغيث ، ولا يكون الغيث بعد القحط إلا بتوبة خالصة من كل ذنب ، ولا يكون إلا بالخروج متجردين من قواتنا إلى قوة العزيز الحكيم ، ولا يكون إلا بخروج الجميع إلى صعيد واحد ، ويكون بردّ المظالم ، ووصل الأرحام وتحري الحلال وإنهاء المظالم ، وإعداد القوّة ، والاجتماع على قلب واحد ، هكذا رسم لنا ربّنا طريقه ، وأمرنا بسلوكه ووعدنا عندها بالنصر أو الشهادة .
إلهي ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا ، إلهي تبنا إليك من الغفلة والضلال قاقبلنا ، إلهي سامحنا على الانحلال ، والانصياع إلى النفس الأمارة بالسوء .
إلهي ها هي قوافل المجاهدين تعبر أمامنا بنور وضّاء ، فاقبلهم عندك ولا تحرمنا أجرهم ولا تفتّنا بعدهم ، هم عرفوا الحق وتمسكوا به ، وعزفوا عن الاسترخاء والاستخذاء شحذوا هممهم وصانوا دينهم ، ودافعوا في سبيلك عن حقهم في أرضهم وذوداً عن عرضهم ، ذاقوا ألوان العذاب سجن وتشريد وإبعاد ، وتفكير في شأن الأمة وصلاحها ، لله درهم ما تركوا لنا حجة نعتذر بها أمام الله ، وجوههم وضيئة ، وأنفسهم هنيئة ، وقلبهم كبير وسع هموم الأمة ، وهمتهم عالية تحدت قوى الشر والطغيان ففازوا_ بإذن الله _ بروح وريحان ........
لم يكن همهم مال وجاه وسلطان ، لم يكن همهم الركون إلى الحياة ، تجاوزت اهتماماتهم حدود أنفسهم وأسرتهم ، فانطلقوا يدافعون عن حقّهم ، سالت دماؤهم الزكيّة ، غطت وجه أرضهم ، فملأت الأرض مسكاً فوّاحاً ، ورفرفت أرواهم في سماء عالية ، إنهم يبغون رضاء الرحمن إنهم يطلبون الجنان .
أنتم الملوك أيّها الشهداء ، فقد ملكتم قلوب الناس ، وانساقت إليكم الجماهير متوحدة النداء تعرب عن حبها وانتمائها ، نعم كلنا من هذه الكوكبة المضيئة ، نعم إننا مثلهم ، نؤمن بحق وجودنا على أرضنا أعزّة لا أذلّة ، أقوياء لا جبناء ، مرفوعي الهامة التي لا تسجد إلا لخالقها
إننا نؤمن أن النصر موجود ، ونعرف مكانه إنّه عند الله ( وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم )
سنعود إليك يا ربنا تائبين ضارعين ، نعدك أننا لن ترانا في موقف مشين ، نعدك أن ترانا على درب الجهاد قائمين وقاعدين كل في خندقه ، وكل يسد ثغرة من ثغور الإسلام ، وكلنا قد هجر الملذة والمذلة والهوان .
نعوذ بنور وجهك أن نخلد إلى المعاصي ، وأن نستمرئ الجهل ، وأن نتبع أهل الضلال ، نؤمن أنك ناظر إلينا ، ونخجل أن يكون لنا تصرّف يتنافى مع رفعة ما يفعله المجاهدون ، فنحن لك عابدون ، وعلى طريقهم سائرون .
المصدر: شبكة مشكاة