عرض مشاركة واحدة
قديم 01-08-12, 02:12 PM   #2
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

الثاني:

باب البر والصلة


البِر: بكسر الموحدة هو التوسع في فعل الخير. والبر بفتحها التوسع في الخيرات وهو من صفات الله تعالى.
والصِلة: بكسر الصاد المهملة مصدر وصله كوعده، في النهاية: تكرر في الحديث ذكر صلة الأرحام وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن تعدّوا وأساءوا، وضد ذلك قطيعة الرحم. ا هــــ.

عنْ أبي هُريرة رضي اللّهُ عنهُ قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ أَحَبَّ أَن يُبْسَطَ لهُ في رزقهِ، وأَنْ يُنْسَأ في أَثره فَلْيصلْ رَحِمَهُ" أَخرجه البُخاري.
(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "من أحبَّ أن يبسط) مغير صيغته: أي يبسط الله (لهُ في رزْقهِ) أي يوسع له فيه (وأَنْ يُنسأَ لهُ) مثله في ضبطه. بالسين المهملة مخففة أي يؤخر له (في أَثرهِ) بفتح الهمزة والمثلثة فراء أي أجله (فليصل رحمهُ" أخرجه البخاري).
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة : "أن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأجل" وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً "صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار" وأخرج أبو يعلى من حديث أنس مرفوعاً "إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر ويدفع بهما ميتة السوء" وفي سنده ضعف.
قال ابن التين: ظاهر الحديث أي حديث البخاري معارض لقوله تعالى: {فأذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} ( الاعراف 34 , النحل 61 ) قال: والجمع بينهما من وجهين.

أحدهما: أن الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة،
وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة،
وصيانته عن تضييعه في غير ذلك،
ومثل هذا ما جاء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقاصر أعمار أمته بالنسبة إلى أعمار من مضى من الأمم فأعطاه الله ليلة القدر.
وحاصله أن صلة الرحم تكون سبباً للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل فكأنه لم يمت.
ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع به من بعده بتأليف ونحوه، والصدقة الجارية عليه، والخلف الصالح.

وثانيهما: أن الزيادة على حقيقتها وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، والذي في الآية بالنسبة إلى علم الله كأن يقال للملك مثلاً: إن عمر فلان مائة إن وصل رحمه وإن قطعها فستون وقد سبق في علمه أنه يصل أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر والذي في علم الملك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقص، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} ( الرعد 39 ) والمحو والاثبات بالنسبة إلى مافي علم الملك ومافي أم الكتاب وأما الذي في علم الله فلا محو فيه البته ويقال له : القضاء المبرم ويقال الاول القضاء المعلق
والوجه الاول أليق فإن الاثر مايتبع الشئ فإذا أخر حسن أن يحمل على الذكر الحسن بعد فقد المذكور ورجحه الطيبي وأشار إليه في الفائق ويؤيده ماأخرجه الطبراني في الصغير بسند ضعيف عن أبي الدرداء قال ذكر عند رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم من وصل رحمه أنسى له في أجله فقال إنه ليس زياده في عمره قال تعالى: {فأذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} ( الاعراف 34 , النحل 61 ) ولكن الرجل تكون له الذرّية الصالحة يدعون له من بعده" وأخرجه في الكبير مرفوعاً من طريق أخرى.
وجزم ابن فورك بأن المراد بزيادة العمر نفي الآفات عن صاحب البر في فهمه وعقله، قال غيره: في أعم من ذلك وفي علمه ورزقه.
ولابن القيم في كتاب الداء والدواء كلام يقضي بأن مدة حياة العبد وعمره هي مهما كان قلبه مقبلاً على الله ذاكراً له مطيعاً غير عاص فهذه هي عمره.
ومتى أعرض القلب عن الله تعالى واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياة عمره، فعلى هذا معنى أنه ينسأ له في أجله أي يعمر الله قلبه بذكره وأوقاته بطاعته،

---------------------------------

ــــ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهُما عن النَّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "رِضى الله في رِضى الوالِدين، وسَخْطُ الله في سَخْطِ الوالدين". أخرجه الترمذي، وصحَّحه ابنُ حبان، والحاكم.
وعن عبدُ الله بن عَمْرو بنِ العاص رضي الله عنهما عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: رِضا الله في رِضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم.
الحديث دليل على وجوب إرضاء الولد لوالديه وتحريم إسخاطهما
فإن الأول فيه مرضاة الله،
والثاني فيه سخطه
فيقدم رضاهما على فعل ما يجب عليه من فروض الكافية كما في حديث ابن عمر "أنه جاء رجل يستأذنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في الجهاد فقال: أحي والداك؟ قال: نعم، قال ففيهما فجاهد"، وأخرج أبو داود من حديث أبي سعيد "أن رجلاً هاجر إلى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم من اليمن فقال: يا رسول الله إني قد هاجرت قال: هل لك أهل باليمن؟ فقال: أبواي، قال: أذنا لك؟ قال: لا قال: فارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما" وفي إسناده مختلف فيه وكذلك غير الجهاد من الواجبات.

وإليه ذهب جماعة من العلماء كالأمير حسين ذكره في الشفاء والشافعي
فقالوا: يتعين ترك الجهاد إذا لم يرض الأبوان إلا فرض العين كالصلاة فإنها تقدم وإن لمن يرض بها الأبوان بالإجماع.
وذهب الأكثر الى أنه يجوز فعل فرض الكفاية والمندوب وإن لم يرض الأبوان ما لم يتضرر بسبب فقد الولد، وحملوا الأحاديث على المبالغة في حق الوالدين وأنه يتبع رضاهما ما لم يكن في ذلك سخط الله كما قال تعالى {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا {لقمان15

قلت: الآية إنما هي فيما إذا حملاه على الشرك ومثله غيره من الكبائر، وفيه دلالة على أنه لا يطيعهما في ترك فرض الكفاية والعين، لكن الإجماع خصص فرض العين.

وأما إذا تعارض حق الأب وحق الأم فحق الأم مقدم لحديث البخاري "قال رجل: يا رسول الله من أحق بحسن صحبتي؟ قال: أمك ــــ ثلاث مرات ــــ ثم قال: أبوك" فإنه دل على تقديم رضا الأم على رضا الأب.
قال ابن بطال: مقتضاه أن يكون للأم ثلاث أمثال ما للأب قال: وكأن ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع.
قلت: وإليه الإشارة بقوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً} ( الاحقاف 15 ) ومثلها: {حملته أمه وهناً على وهن}. لقمان 14 )


قال القاضي عياض: ذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل على الأب في البر، ونقل الحارث المحاسبي الإجماع على هذا،

واختلفوا في الأخ والجد من أحق ببره منهما؟ فقال القاضي: الأكثر الجد وجزم به الشافعية.
ويقدم من أدلى بسببين على من أدلى بسبب، ثم القرابة من ذوي الرحم، ويقدم منهم المحارم على من ليس بمحرم، ثم العصبات، ثم المصاهرة، ثم الولاء، ثم الجار، وأشار ابن بطال إلى أن الترتيب حيث لا يمكن البر دفعة واحدة.

وورد في تقديم الزوج ما أخرجه أحمد والنسائي وصححه الحاكم من حديث عائشة "سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي الناس أعظم حقاً على المرأة قال: زوجها، قلت: فعلى الرجل؟ قال: أمه" ولعل مثل هذا مخصوص بما إذا حصل التضرر للوالدين فإنه يقدم حقهما على حق الزوج جميعاً بين الأحاديث.


------------------------------------


وعَنْ ابن مَسْعُود رضي اللّهُ عنْهُ قال: قال رسولُ اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ دَلَّ على خير فلَهُ مِثْلُ أَجْر فاعله" أَخرَجَهُ مُسْلمٌ.

دل الحديث على أن الدلالة على الخير يؤجر بها الدال عليه كأجر فاعل الخير،
وهو مثل حديث "من سن سنّة حسنة في الإسلام كان له أجرها وأجر من عمل بها"
والدلالة تكون بالإشارة على الغير بفعل الخير،
وعلى إرشاد ملتمس الخير على أنه يطلبه من فلان،
والوعظ والتذكير وتأليف العلوم النافعة.
ولفظ خير يشمل الدلالة على خير الدنيا والآخرة فلله درّ الكلام النبوي ما أشمل معانيه وأوضح مبانيه ودلالته على خير الدنيا والآخرة.


--------------------------------


وَعَنْ ابن عُمرَ رضي الله عَنْهُما عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ: "مَن اسْتعاذكمْ بالله فأَعيذوه، ومَنْ سألكمْ بالله فأَعطوهُ ومَنْ أَتى إليكم معْروفاً فكافئُوهُ فإنْ لم تجدوا فادعوا له" أَخْرجهُ البيْهَقِيُّ.
وقد أخرجه أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم وفيه زيادة: "ومن استجار بالله فأجيروه، ومن أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه
" وفي رواية "فإن عجزتم عن مكافأته فادعوا له حتى تعلموا أن قد شكرتم. فإن الله يحب الشاكرين"
وأخرج الترمذي وقال: حسن غريب "ومن أعطي عطية فوجد فليجز بها فإن لم يجد فليْثن، فإن من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر ومن تحلى بباطل فهو كلابس ثوبي زور".

والحديث دليل على أن من استعاذ بالله من أي أمر طلب منه غير واجب عليه فإنه يعاذ ويترك ما طلب منه أن يفعل، وأنه يجب إعطاء من سأله بالله وإن كان قد ورد أنه لا يسأل بالله إلا الجنة.
فمن سأل من المخلوقين بالله شيئاً وجب إعطاؤه إلا أن يكون منهياً عن إعطائه،
وقد أخرج الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح إلا شيخه ــــ وهو ثقة على كلام فيه ــــ من حديث أبي موسى الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ملعون من سأل بوجه الله؛ وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجراً" بضم الهاء وسكون الجيم أي أمراً قبيحاً لا يليق،
ويحتمل ما لم يسأل سؤالاً قبيحاً أي بكلام يقبح، ولكن العلماء حملوا هذا الحديث على الكراهة، ويحتمل أنه يراد به المضطر، ويكون ذكره هنا أن منعه مع سؤاله بالله أقبح وأفظع، ويحمل لعن السائل على ما إذا ألح في المسألة حتى أضجر المسؤول.
ودل الحديث على وجوب المكافأة للمحسن، إلا إذا لم يجد فإنه يكافئه بالدعاء، وأجزأه إن علم أنه قد طابت نفسه أو لم تطب به، وهو ظاهر الحديث.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس