- 4 -
301 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ : خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ , وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ , فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ , فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ : أَلَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ ؟ قَالُوا : بَلَى , يَا رَسُولَ اللَّهِ . ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ فَقَالَ : هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ , وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ , وَقَالَ النَّبِيُّ فِيهَا : إنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ )) .
الْبُرْمَةُ : قِدْرٌ منْ حجارَةٍ .
كتابُ النِّكاحِ
302- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ : (( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ , مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَة فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ , وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ , وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ )).
مَعْشَرَ الشَّبَابِ : المَعْشَرِ : همُ الطائفة الذين يشملهم وصف .
الْبَاءَة : الجِمَاع والقُدرة على مؤْنَةِ النكاح .
أَغَضُّ لِلْبَصَرِ : أَشَدُّ غضاً للبصرِ .
وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ : أَشَدُّ إِحصاناً للفَرْجِ .
وِجَاء : الوِجاء : الخِصاء ، وذلك نظراً لأَنَّ الصَّوم يُضْعِف الشَّهوة فَشُبِّهَ بالخِصاءِ .
303 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : (( أَنَّ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لا آكُلُ اللَّحْمَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ . فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا ؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ , وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )) .
304 – عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: (( رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاخْتَصَيْنَا )) .
التَّبَتُّل : ترك النكاح اشتغالاً بعبادة الله تعالى .
305 - عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ , انْكِحْ أُخْتِي ابْنَةَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ : أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ , لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ , وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ لِي . قَالَتْ : إنَّا نُحَدَّثُ أَنَّك تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ ؟ قَالَتْ : قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : إنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي , مَا حَلَّتْ لِي إنَّهَا لابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ , أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلا تَعْرِضْنَ عَلِيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلا أَخَوَاتِكُنَّ . قَالَ عُرْوَةُ وَثُوَيْبَةُ : مَوْلاةٌ لأَبِي لَهَبٍ أَعْتَقَهَا , فَأَرْضَعَتْ النَّبِيَّ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَآهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ فَقَالَ لَهُ : مَاذَا لَقِيتَ ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ : لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ خَيْراً , غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ )) .
الحِيبَةُ : بكسر الحاء : الحالةُ . أهـ
لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ : لستُ بمنفردةٍ بكَ .
رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي : الربيبة : بنتُ الزوجةِ .
306 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (( لا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا , وَلا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا )) .
307 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (( إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ : مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ )) .
308 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْ الشِّغَارِ )). وَالشِّغَارُ : أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ , وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا الصَّدَاقُ .
309 - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : (( أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ , وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ )) .
نِكَاحِ الْمُتْعَةِ : هو أَن يتزوج الرَّجلُ المرأَة إِلى وقتٍ مُحَدَّدٍ .
310 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : (( لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ , وَلا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَكَيْفَ إذْنُهَا قَالَ : أَنْ تَسْكُتَ )).
الأَيِّم : هي من لازوج لها ، وليستْ بِكْراً .
تُسْتَأْمَرَ : يُطلبُ الإِذن منها صريحاً في العقد عليها .
311 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي . فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ . فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ : أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ ؟ لا , حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ , وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ , قَالَتْ : وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَهُ , وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ , فَنَادَى أَبَا بَكْرٍ : أَلا تَسْمَعُ إلَى هَذِهِ : مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ )) .
فَبَتَّ طَلاقِي : طلقني طلاق البتَّة الذي لارجعة فيه .
هُدْبَة الثَّوْبِ : طرَف الثوبِ .
عُسَيْلَتَهُ : كناية عن الجماع ، شبَّه لَذَّتَهُ بلذة العسل وحلاوتِهِ .
312 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : (( مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ : أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعاً ثُمَّ قَسَمَ . وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ : أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثاً ثُمَّ قَسَمَ )) .
قَالَ أَبُو قِلابَةَ : وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ : إنَّ أَنَساً رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ )) .
قَسَمَ : القَسْمُ : هو المبيت عند كلِّ زوجةٍ في نوبَتِها .
313 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (( لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ : إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ , وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإِنَّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ , لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَداً )) .
314 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : (( إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : الْحَمْوُ الْمَوْتُ )).
ولِمُسْلِمٍ : عنْ أَبي الطَّاهِرِ عنِ ابنِ وَهْبٍ قالَ : " سَمِعْتُ اللَّيثَ يقولُ : الحَمْوُ : أَخو الزَّوْجِ ومَاأَشْبَهَهُ منْ أَقاربِ الزَّوْجِ ، ابنِ عَمٍّ ونَحْوِهِ .
الْحَمْوُ الْمَوْتُ : يعني أَنَّ الخلوة بأَقاربِ الزَّوجِ مؤدية إِلى الفتنة والهلاك في الدِّين ، فجعَلَه كهلاك الموتِ
بابُ الصَّدَاقِ
315 – عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ , وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا )) .
صَدَاقهَا : مهرها .
316 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : إنِّي وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ : فَقَامَتْ طَوِيلاً ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , زَوِّجْنِيهَا , إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ . فَقَالَ : هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا ؟ فَقَالَ : مَا عِنْدِي إلا إزَارِي هَذَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إزَارَكَ إنْ أَعْطَيْتَهَا جَلَسْتَ وَلا إزَارَ لَكَ ، فَالْتَمِسْ شَيْئاً قَالَ : مَا أَجِدْ . قَالَ : الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ ، فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ هَلْ مَعَكَ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ )) .
317 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ , وَعَلَيْهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ . فَقَالَ النَّبِيُّ : مَهْيَمْ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً , فَقَالَ : مَا أَصْدَقْتَهَا ؟ قَالَ : وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ : فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ , أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ )) .
رَدْعُ زَعْفَرَانٍ : أَثر صُفْرَةِ الزَّعْفَرانِ .
مَهْيَمْ : مالك وماشأنك .
نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ : مقدارها خمسة دراهم من الذهب .
أَوْلِمْ : اصنع وليمة ، وهي طعام العُرْسِ .
كتابُ الطَّلاقِ
318- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، (( أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ ، فَتَغَيَّظَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : لِيُرَاجِعْهَا , ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ , ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ , فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ , كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ )) .
وَفِي لَفْظٍ : (( حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً , سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا )) .
وَفِي لَفْظٍ (( فَحُسِبَتْ مِنْ طَلاقِهَا , وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ )) .
فَتَغَيَّظَ مِنْهُ : ظهر عليه الغيظ .
قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا : قبل أَن يجامعها .
319 - عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ (( أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ , وَهُوَ غَائِبٌ )) .
وَفِي رِوَايَةٍ : (( طَلَّقَهَا ثَلاثاً - فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ , فَسَخِطَتْهُ . فَقَالَ : وَاَللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ : فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ )) وَفِي لَفْظٍ : (( وَلا سُكْنَى - فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ , ثُمَّ قَالَ : تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي , اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ . فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى , تَضَعِينَ ثِيَابَكَ , فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي . قَالَتْ : فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ : أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أَمَّا أَبُو جَهْمٍ : فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ . وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ : فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ , انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ , فَكَرِهَتْهُ ثُمَّ قَالَ : انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ , فَنَكَحَتْهُ . فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً , وَاغْتَبَطَتْ بِهِ )) .
طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ : طلقها طلاقاً بائناً لارجعة فيه .
فَسَخِطَتْهُ : السخط هو عدم الرضا .
تَعْتَد : تقضي عِدَّتها .
يَغْشَاهَا أَصْحَابِي : يترددون عليها لصلاحِها .وفضلِها .
آذِنِينِي : أَعلميني .
عَاتِقه : العاتق : مابين العُنُقِ والمِنْكَبِ .
صُعْلُوك : فقير .
اغْتَبَطَتْ بِهِ : سُرَّتْ بِهِ .
بابُ العِدَّةِ
العِدَّةُ : هي اسمٌ للمدةِ التي تنتظرُ فيها المرأة وتمتنع عنِ الزواجِ بعد وفاة زوجها أَوطلاقِهِ لها .
320 - عَنْ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ - وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ , وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً - فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ , وَهِيَ حَامِلٌ . فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ , فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا : تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ , فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - فَقَالَ لَهَا : مَا لِي أَرَاك مُتَجَمِّلَةً ؟ لَعَلَّكِ تُرَجِّينَ لِلنِّكَاحِ , وَاَللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْك أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ . قَالَتْ سُبَيْعَةُ : فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ : جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ , فَأَتَيْتُ رَسُولَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي , وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إنْ بَدَا لِي )) .
وقالَ ابنُ شِهابٍ : ولاأَرى بَأْساً أَنْ تَتَزَوَّجَ حينَ وضَعَتْ ، وإِنْ كَانَتْ في دَمِها، غَيْرَ أَنَّهُ لايَقْرَبُها زَوْجُها حتَّى تَطْهُرَ .
فَلَمْ تَنْشَبْ : فلم تلبثْ .
فَلَمَّا تَعَلَّتْ : أَي لمَّا طَهُرَتْ من دمها .
تَجَمَّلَتْ : تزينت وتهيأَت .