عرض مشاركة واحدة
قديم 17-11-11, 11:50 PM   #12
الغريبة في الحياة
|نتعلم لنعمل|
c4

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
للفائدة :شرح ابن العثيمين رحمه الله :
التمثيل و التحريف و التعطيل و التكييف

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان على يوم الدين مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته أنهم يثبتون لله تعالى كل ما أثبته لنفسه من الأسماء وكلما أثبته لنفسه من الصفات على وجه ليس فيه تحريف ولا وتعطيل ولا تكييف ولا تمثيل و لنضرب لهذا مثلا قال الله تبارك وتعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) فيقول أهل السنة والجماعة أن معنى الآية الكريمة أن الله استوى على العرش أي علا عليه لكن كيف علا الله أعلم لا نكيف صفاته لكن نؤمن بمعناها فنقول الرحمن على العرش استوى أي علا عليه علوا يليق بجلاله وعظمته ويجتنبون طريق أهل البدع الذين يحرفون الكلم عن مواضعه فيقولون الرحمن على العرش استوى أي استولى ولا شك أن هذا صرف للكلام عن ظاهره بلا دليل ولا شك أيضا أنه يستلزم لوازم باطلة لأننا إذا قلنا استوى بمعنى استولى لزم أن يكون العرش قبل خلق السماوات والأرض ملكا لغير الله وأن الله استولى عليه بعد ذلك ولزم أيضا أن يقال إنه يصح أن تقول إن الله استوى على الأرض لأنه مستول عليها وهذا أمر باطل ومثال ثاني قول الله تبارك وتعالى (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) قال أهل التعطيل الذين يحرفون الكلم عن مواضعه المراد بوجه الله ثوابه وليس المراد به وجهه الذي هو صفة من صفاته عز وجل من صفاته الخبرية التي لا مدخل للعقل فيها وليست معنوية بل هي صفة خبرية نظيرها بالنسبة لنا بعض منا وجزء منا فيقال هذا خلاف ظاهر الآية الكريمة وخلاف ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى من بعدهم فوجهه الله تعالى هو وجهه والثواب شيء آخر ثم أين المقارنة كل من عليها فان ويبقى وجه ربك أين المقارنة بكون المراد العمل فالآيات هذه لا تناسب ما قبلها حتى يقال أنها من العمل أي لا تناسب ما قبلها من حيث تفسيرها بالثواب ومن ذلك أيضا قول الله تبارك وتعالى لإبليس (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) قالوا المراد باليد هنا القدرة فيقال سبحان الله كل البشر خلقهم الله بقدرته ثم هل القدرة تتبعض وتتعدد القدرة صفة واحدة يستطيع بها القادر أن يفعل بلا عجز وقس على هذا كثيرا فأهل السنة والجماعة يقولون كلما سمى الله به نفسه فالواجب علينا إثباته وكلما وصف الله به نفسه.

فالواجب علينا إثباته لكن يجب أن يكون إثباتنا هذا منزها عن التمثيل وعن التكييف بمعنى أن نثبت لله هذه الصفة وننفي أن يكون مماثلا للعباد في هذه الصفة وكذلك نثبت لهذه الصفة ولا نكيفها لا نقول كيفيتها كذا وكذا ولهذا لما سأل الإمام مالكا رجل فقال يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال يا هذا الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة فقال رحمه الله الكيف غير معقول يعني لا يمكن أن ندركه بعقولنا وإذا كنا لا ندركه بعقولنا لزم أن نعتمد في ذلك على النقل ولم ينقل لا في القرآن ولا في السنة كيفية استواء الله تبارك وتعالى على عرشه وعلى هذا فتكون كيفية الاستواء مجهولة وليست معلومة لنا نعم

-------------

منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات منهج وسط بين أهل التعطيل وأهل التثميل فأهل التمثيل قوم أكدوا لله الصفات لكن بالغوا في أثبتها وغلوا في ذلك وجعلوها من جنس صفات المخلوقين فانحرفوا بذلك عن الصراط المستقيم لأن الله سبحانه وتعالي يقول في كتابه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ويقول جل ذكره (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) ويقول سبحانه وتعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ويقول عز وجل (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) والقسم الثاني معطلة عطلوا الله سبحانه وتعالي من صفاته التي أثبتها لنفسه ونفوها عنه وحرفوا من اجل ذلك نصوص الكتاب والسنة وعطلوها من المراد بها بحجج هي شبه في الحقيقة وليست بحجج حكموا في ذلك عقولهم وجعلوا يثبتون لله ما اقتضت عقولهم إثباته وينكرون ما لم تقتضي عقولهم إثباته فظلموا في ذلك وصاروا هو الحاكمين علي الله وليس كتاب الله هو الحاكم بينهم فأنكروا ما وصف الله به نفسه وقالوا ليس لله وجه ليس لله عين وليس لله يد وقالوا أيضا لا ليس لله فرح وليس لله غضب وليس لله عجب وقالوا أيضا ليس لله فعل لا استواء على العرش ولا نزول إلى السماء الدنيا بل بالغوا حتى قالوا ان الله ليس عاليا فوق خلقه و إنما علوه علوا صفة وعلو معنوي وليس علوا ذاتيا وبالغ بعضهم فقالوا ان الله سبحانه وتعالي لا يقال انه فوق العالم ولا تحت العالم ولا يمين ولا شمال ولا متصل ولا منفصل وأتوا بأقوال يعجب منها المرء ويقول كيف يكون هذا مقتضى العقول.

أما أهل السنة والجماعة فانهم يثبتون لله تعالي ما أثبته من الأسماء والصفات إثباتا حقيقيا مع مثل المماثلة أي مماثلة المخلوقين فيقولون نثبت لله كل ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات أي فيثبون لله الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر ويثبتوا لله الأفعال المتعلقة بمشيئته كالاستواء علي العرش والنزول إلى السماء الدنيا والإتيان بالفصل بين العباد ويثبتون الله الفرح والضحك والعجب ويثبتون لله الحكمة والرحمة وغير ذلك من ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلي الله عليه واله وسلم لكن من غير تحريف ولا تعقيد ويقول لهؤلاء الذين أنكروا ما أثبته لله لنفسه وحكموا علي الله بعقولهم يقولون إنما إذا سلمنا جدلا ان ما نفيتموه لا يدل عليه العقل فانه قد دل عليه السمع والسمع دليل شرعي نتفق وإياكم عليه علي ان الكتاب والسنة هما الدليلان بإثبات ما أثبته عن نفسه ونفي ما نفيه عن نفسه وكونكم تقولون ان إثبات شيء ما من هذه الصفات يقتضي التمثيل والتشبيه نقول لكم وانتم حين أكدتموه يقتضي علي قاعدتكم أنكم مشبهة ممثلة فأي فرق بين من يقول ان الله سمعا وبصرا ومن يقول ان لله رحمة وان لله وجها وان الله... العرش ان كان ما أكدتموه لا يدخل في التمثيل فما أكدناه نحن لا يدخل في التمثيل وان كان ما أثبتناه يقتضي التمثيل فما أثبتموه يقتضي التمثيل والتفريق بين هذا وهذا تحكم وتناقض والواجب على المرء ان لا يتقدم بين يدي الله ورسوله لنفي ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله أو إثبات ما لم ما لم يثبته الله لنفسه ولا أثبته له رسوله الواجب في هذا الأمر يعني في باب الأسماء والصفات ان يتلقى من الكتاب والسنة لأنه من الأمور التي لا مجال للعقل فيها والعقل لا يدرك ما يجب لله من الأسماء والصفات أو يجوز أو يمتنع وان كان العقل قد يدرك من حيث الإجمال أن الله موصوف بصفات الكمال ولا بد ولكن تفاصيل ذلك لا يعلم إلا عن طريق السمع.

وخلاصة القول ان مذهب أهل السنة والجماعة واثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكيف ولا تمثيل ونفي ما نفى الله عن نفسه من الصفات والسكوت عما لم يرد به بنفي ولا إثبات لان هذا هو مقتضى السمع ومقتضى العقل فنسأل الله تعالي ان يتوفانا علي عقيدة أهل السنة والجماعة



توقيع الغريبة في الحياة
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبرهيم إنك حميد مجيد و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد
الغريبة في الحياة غير متواجد حالياً