عرض مشاركة واحدة
قديم 21-03-14, 03:48 PM   #4
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

تعريفُ العقيدة في اللغة:
يقولُ العُلماءُ: إنَّ العقيدةَ مأخوذةٌ مِن الشَّدِّ والجَزْمِ والرَّبْطِ،
وجاءت في قول اللهِ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ المائدة/1،
﴿ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ﴾ المائدة/89؛ بمعنى أنَّه مُوثَّق.
ولِهذا جاء عَقدُ البيع، وعَقدُ النِّكاح، وعَقدُ التِّجارة.
وتأتي العقودُ تدلُّ على شيءٍ مِن الإلزام،
ليس الأمرُ أن يأتيَ الإنسانُ يتعاقَدُ مع غيره، ثُمَّ يتركه مُباشرةً،
ليس له خِيارٌ في ذلك.
وبالنسبةِ للمعاني الاصطلاحِيَّة، فهِيَ مُتعدِّدة.
ولِهذا يقولُ العُلماءُ: مِنها حُكمُ الذِّهنِ الجازِم،
إذا طابَقَ الواقِعَ كان صحيحًا، وإذا خالَفَ الواقِعَ كان فاسِدًا.
ومسائِلُ الاعتقادِ ما هِيَ مسائل تردُّدٍ.
وبَعضُ العُلماءِ يُعرِّفُها، فيقولُ: أمورٌ وقضايا لا تقبَلُ الجِدالَ ولا المُناقشة.
العقيدةُ: ما يَدِينُ الإنسانُ به رَبَّه مِمَّا يتعلَّقُ بأصول الإيمان السِّتَّة وما يُلحَقُ بها.

* مَزايا العَقيدة الإسلامِيَّة:
1- الوضُوح:
نحنُ نقولُ: سَل عن كُلِّ شيء، وإذا لم يُفسِّر لكَ الشيخُ شيئًا، فلا تقبَل منه شيئًا.
ودليلُ هذه المزيَّة: قولُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (( تركتكم على البيضاء،
ليلُها كنهارها، لا يزيغ عنها بَعدي إلَّا هالِك ))
صحيح الجامع،
وحين قال النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- في آخِر حياته في حَجَّة الوداع:
(( وأنتم تُسألون عَنِّي، فما أنتم قائِلون؟ )) قالوا: نشهَدُ أنَّكَ قد بلَّغتَ
وأدَّيْتَ ونَصحتَ. رواه مُسلِم، بل ثبت عن النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم-
بسندٍ صحيحٍ أنَّه قال: (( إِنَّهُ لم يكنْ نبيٌّ قبلي، إلَّا كان حقًّا عليْهِ أنْ يَدُلَّ أمتَهُ
على ما يعلَمُهُ خيرًا لهم، ويُنْذِرَهُمْ ما يعلَمُهُ شرًا لهم ))
صحيح الجامع.
ومحمدٌ- صلَّى الله عليه وسلَّم- هو أفضلُ الأنبياءِ والرُّسُل،
فما وُجِدَ شيءٌ تركه النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- مِن مسائل الاعتقاد
إلَّا وقد بيَّنه.

2- العَقيدةُ الإسلامِيَّةُ عَقيدةٌ فِطريَّة:
وسُبحان الله! مسائِلُ العقيدةِ تُناسِبُ فِطَر الناس.
إذا كانت الفِطرة ليس فيها شُبُهات، وليست مُختلطة بالشَّهَوَاتِ،
وليس فيها شُكوك، فإنَّها تقبلُ العقيدةَ مُباشرةً. والدليلُ على ذلك قولُه تعالى:
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ
بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ﴾
البقرة/22. هذه كُلُّها تُحرَّك في الفِطرة في نُفوس الناس.
بَعدَها: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ البقرة/22؛ يعني كأنَّه يُقال:
إذا عَرفتَ أنَّ اللهَ خَلَقَكَ ورَزَقَكَ ويُطعِمُكَ ويَسقيكَ، فلماذا تعبُد غيرَه؟!
مَن المُخاطَب؟ إنَّها الفِطرة. وحِين يقولُ الأعرابيُّ: ‹‹ البَعرةُ تدُلُّ على البَعير،
والأثرُ- يعني مواطئ الأقدام- تدُلُّ على المَسير ››
، فيقولُ: ‹‹ سماءٌ ذاتُ أبراج،
وأرضٌ ذاتُ فِجاج، أفلا تدُلُّ على اللطيف الخبير؟! ››
، نقولُ: بلَى. هذه هِيَ الفِطرة.
ولهذا النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- ما كان يَعقِدُ مع المُشركين مُناظراتٍ
ومُناقشاتٍ وجلساتٍ طويلةً ليُقنِعَهم، بل تأتي الأسئلة: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾
لقمان/25، ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾
الزخرف/87، ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ
الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴾ الواقعة/68-69، ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ
أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ﴾
الواقعة/71-72، ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ
تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴾
الواقعة/58-59. ولهذا قال النبيُّ- صلَّى الله عليه
وسلَّم- في الحديث الصحيح: (( كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه،
أو يُنَصِّرانِه، أو يُمَجِّسانِه ))
رواه البُخاريّ ومُسلِم واللفظ للبُخاريّ. لم يَقُل النبيُّ
صلَّى الله عليه وسلَّم: (أو يُسلِمانه) ؛ لأنَّ الأصلَ أنَّه على الإسلام.
ومِن هُنا انبنى على هذه المسألة: أطفال المُشركين إذا ماتوا صِغارًا،
أين يكونُ مصيرُهم؟ أإلى الجنَّةِ أم إلى النار؟ أصَحُّ الأقوالِ أنَّهم من أهل الجنَّة،
وهذا رَجَّحه شيخُنا العلَّامة ابن باز رَحِمَه الله، على أطفال المُشركين إذا ماتوا
فهم إلى الجنَّة. ويستدلُّ لذلك بما ثبت في الصحيح، أنَّ النبيَّ- صلَّى الله عليه
وسلَّم- رأى إبراهيم ليلة الإسراء والمِعراج، وحولَه أطفالُ المُسلمين والمُشركين.
ويقولُ العُلماءُ: السَّببُ أنَّهم وُلِدُوا على الفِطرةِ، وإذا بلَغوا تميَّز؛ ذَهَبَ هذا يَهوديًّا،
وذاك نصرانيًّا، وذاك بُوذِيًّا، وذاك هُندوسِيًّا، إلى غيره. فعند ذلك يُحكَمُ عليهم
إنْ ماتوا على ما هم عليه إمَّا بجنَّةٍ أو نارٍ إذا كانت بلَغَتهم دعوةُ الإسلام.

3- العَقيدةُ الإسلامِيَّةُ عَقيدةٌ ثابتةٌ على مَرِّ العُصورِ والدُّهور:
أصولُ الإيمانِ السِّتَّة عندنا جاءت في حديث عُمر- رَضِيَ الله عنه- الذي رواه
حِين جاء جِبريل عليه الصَّلاةُ والسَّلام.
(أخبِرني عن الإيمان)، فإذا به يُجيبُ بالأصول السِّتَّة. نحنُ في زمننا أصولُنا سِتَّة،
لا نحتاجُ زيادةً ولا نُقصانًا، ولسنا كالعقائِد الأخرى- كالنصرانيَّة- كُلَّما مَرَّ قرنان
أو ثلاثة، اجتمع المَجْمَعُ الكنائسيُّ في العالَم لتطوير العقيدة لتُناسِبَ العَصرَ
الذي هم فيه. نحنُ ما عندنا شيءٌ نأتي به من عندنا، ما لم يكُن على ما كان
عليه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. ودليلُ ذلك قولُ النبيِّ صلَّى الله عليه
وسلَّم: (( مَن عَمِلَ عَملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ )) الحَديثُ المُتواتِرُ الصَّحيح،
(( مَن أحدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ )). ولهذا قال النبيُّ صلَّى الله
عليه وسلَّم: (( قدْ تركتُكم على البيضاءِ، ليلُها كنهارِها ، لا يزيغُ عنها بَعدي إلَّا
هالِكٌ )) صحيح الجامع.
ومِن هُنا نَصِلُ ونقولُ: ليس لعالِمٍ من العُلماء، ولا لحَاكِمٍ من الحُكَّام،
ولا لمَجْمَعٍ من المَجامِع الدِّينيَّةِ، أن يَزيدَ في مسائل الاعتقاد، أو يُنقِصَ منها،
ولو قاله مَن قاله فلا نقبل. وقال الإمامُ مالك: ‹‹ كُلٌّ يُؤخَذُ من قولِهِ ويُرَدُّ إلَّا
صاحب هذا القبر ›› صلَّى الله عليه وسلَّم. وكان أئمةُ الإسلام يُحذِّرون من
الزيادةِ في مسائل الاعتقاد. ونُربَطُ دائمًا بما كان عليه سَلَفُ الأُمَّة.

4- عَقيدةُ الإسلام عَقيدةٌ مُبَرْهَنَةٌ:
بمعنى أنَّها تُتبِعُ قضاياها وجُزئيَّاتِها بنُصوصِ الكِتاب والسُّنَّة، وهذا مِن نِعمةِ الله تعالى.
نستطيعُ أن نصِلَ إلى نتيجةٍ- أيُّها الأحِبَّة- فنقولُ: أيُّ مسألةٍ اعتقاديَّةٍ لا تَجِدُ لها
مُستندًا من كتابٍ ولا سُنَّةٍ، فلا تأخُذ بها. ويُعطينا أنَّنا على قُوَّةٍ ومتانةٍ،
ما نأتي به مِن هَوَى، ولا نقولُ: هذا ما قاله الشيخُ، ولا هذه عقيدةُ الشيخ،
بدُون أن يأتيَ ببيِّنةٍ وبُرهان. وجاءت في قول الله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا
مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ﴾
البقرة/111، أعطونا دليلاً.
الجنَّةُ والنَّارُ مربوطةٌ بمسائل العقيدة، لن يدخُل أحدٌ الجنَّةَ أو النَّارَ دُونَ أن يكونَ له
عقيدةٌ، إمَّا اتِّباعًا أو تَركًا.
ومُجمَلُ هذه المَزيَّة: العَقيدةُ الإسلاميَّةُ توقيفيَّةٌ.
ويُقصَدُ بالتَّوقيفيَّةِ: أنَّ مَدارها على الكِتاب والسُّنَّة.
ما الفائدةُ من هذه المَزيَّة؟ أنَّه لا نقبَلُ اجتهاداتِ العُلماءِ في مسائل الاعتقاد.

5- مسائِلُ العَقيدةِ لا تدخُلها العقول:
لأنَّ العقلَ إطارُه مَحدودٌ وضعيف، ولا يُمكنُ أن يَصِلَ إليه أصلاً.

6- العَقيدةُ الإسلامِيَّةُ عَقيدةٌ وَسَط:
وَسَطٌ بين العقائِدِ المُنحرفة، وَوَسَطٌ بين المِلَل والنِّحَل والإديان،
وهذا نِعمةٌ مِن اللهِ تعالى.






توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس