الموضوع: خسرت حمر النعم
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-04-10, 10:04 AM   #7
زينب من المغرب
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 26-01-2010
المشاركات: 120
زينب من المغرب is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
كان في الحاضرين إثنين من الأزواج، زوجين بسيطين وآخرين يبدوان حديثي عهد بالزواج. أما في مقابلي كانت تجلس بنت.
وداخل هذا المثلت من الحضور بدأت تبدو لي مفارقات كثيرة.
ولعل الفرق الصارخ كان في طريقة جلوس كلا الزوجين إلى بعضهما البعض.
التقطت الصورة وأشحت بنظري بعيدا.
كان البسيطين يجلسان جنبا إلى جنب والزوج يحدث زوجته بصوت خافت لا تكاد تسمعه، لم ينقطع هذا الحديث إلا بحلول دورها في المعاينة.
لا أدري لماذا كلما نظرت إلى هذا النوع من البساطة أرى الصدق والفطرة النقية تتجلى أمامي، ولعل طريقة جلوس الزوجين الآخرين زادت في حدة هذا الرؤية.
إذ جلسا مع فارق بسيط بينهما، وكان الزوج صامتا بينما هي كانت تحمل مجلة من الطاولة وتقلب صفحاتها بطريقة توحي أنها ليس مستمتعة البتة بالنظر فيها.
فقلت سبحان الله، لماذا تفضل مطالعة ذلك الغباء بدل محادثة زوجها، أليست بحاجة إلى صوته في خلال هذا الإنتظار الطويل؟؟ أوليست بكلامه تستطيع نسيان كل هم الدنيا؟؟ أوليس هو ذاك الذي يأتي إلى جبل مسؤولياتها المضنية ويمسحه بجملة واحدة تدخل السرور على قلبها؟؟
عندما زارني المرض في مرة، كنت أكره الجلوس وحدي، وكان كلما زارني أحد أبقيه إلى جانبي ورغم الصعوبة التي كنت أجدها في الكلام إلا أنني كنت أصر على الحديث في مواضيع لا بل وأدخل في نقاشات، حتى أنه في خلال إحدى الزيارات العائلية لي استغللت الفرصة وبدأت أحدثهم عن التوحيد وعن زيارة القبور والسادات التي تغوص بها ثقافتنا المغربية، والتي لا أدري لماذا لا يكاد ينتهي سيل الداعين إليها حتى يظهر سيل جديد يضاعف السابق .وكانت هذه من المواضيع التي تستنزفني وأنا في كامل عافيتي وحين خضتها في مرضي كانت عاقبتها أنني أحسست بإعياء شديد بعد أن ذهب الجميع وحين حاولت النهوض سقطت مغشيا علي. فبدأت أمي تجلس بجانبي عند كل زيارة وكلما هممت بالحديث تقاطعني حتى أن البعض إن سألني عن حالتي تسبقني إلى جوابه.
إن المرض لا يأتي وحده ولكنه يحمل الوحشة والوحدة في جناباته، يخيفك من الفراغ والهدوء والصمت.
في المرض تكون أشد حاجة عن أي وقت آخر لمن يروي لك القصص والروايات ويلفك بعطف الكلمات، تحتاج لمن يصنع من كلماته عالما تهرب به من مرضك إليه.
وكم تتجلى عظمة هذا الدين الذي ننتسب إليه ونجهل مزاياه.
هذا الدين الذي اعتنى بنا أصحاء ومرضى، نائمين ومستيقضين غائبين وحاضرين، أحياء وأموات....؛
أجل ديني الذي يعطيني الله فيه فرصة عيادته وهو الله جلت قدرته وتقدست أسماؤه ويقول لي، فيما رواه عنه حبيبه وصفيه صلى الله عليه وآله وسلم: " يا ابن آدم ! مرضت فلم تعدني . قال : يا رب ! كيف أعودك ؟ وأنت رب العالمين . قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده . أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ؟ "
يا لرحمتك يا رب؛ نعوده فنجدك ونؤنس مريضا مشتاقا لأنيس.
ويالحظك الطيب أيها المريض فأنت مستأنس بالرحمان
ويالضعف بصرنا عن إدراك مدى جمال هذا الدين.
وللحديث بقية ان شاء الله تعالى
زينب من المغرب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس