الموضوع: يا طالبة العلم
عرض مشاركة واحدة
قديم 16-05-09, 06:57 PM   #1
أم عبد الرحمن مصطفى
مسئولة فريق العمل الفني
افتراضي يا طالبة العلم

يا طالبة العلم:

إن كنت تشكين من البلاهة في العلم فلا تبتأسين إذا كان فيك بقية من تُقى!

وإن منحك الله دقة في الفهم وحِذقاً في النظر فلا يستخفك الفرح إذا خلا قلبك من الورع!

قال الذهبي: ( قاتل الله الذكاء بلا علم، ورضي الله عن البلاهة مع التقوى ).


يا طالبة العلم:

إذا لم يورثك علمك خشية الله فسيورثك نقيضها: رياءً ونفاقاً!! إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء [فاطر:28].

وإن لم يستبن لك الحال فتفقدين نفسك في موطن الأمر والنهي! وحينها تقفين على الحقيقة!


يا طالبة العلم:

إن رميت العلم وحفظته فما بقي عليك إلا العمل ! وإن استأخرت دونه، وقصرت بك همتك عن بلوغه، فيا الله ما أعظم مصيبتك بعلمك ! وما أشد بليتك بنفسك! فتدبيَّر أمرك، وحاسبي نفسك، وإلا فعودي إلى بيتك، وكوني ناسكة في محراب جدتك فهو خيرٌ لك مما أنت فيه!!


ً يا طالبة العلم:

اجعلي لك ورداً من سير نجوم الهدى ومصابيح الدجى ! لتقوى في موطن الضعف، وتضعف في موطن الكبر!

واستعيني بذلك على إلجام نفسك والمطامنة من كبريائها:

فإذا رأيت من نفسك نبوغاً في علم السنة فاقرئي في ترجمة البخاري! وإن رأيت منها نظراً دقيقاً في الفقه فدونك سيرة الشافعي! وإذا أوحت إليك نفسك ببلوغ القمة في الأصول والمقاصد فدونك الشاطبي!

وإن ظننت يوماً أنك نلت العلوم وحُزت الفنون ! فلا تنسي قول الشافعي ـ في أحمد بن حنبل: ( أحمد إمامٌ في ثمان خصال:إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنَّة!! ).

وإن خادعتك نفسك بأنك معرضة عن الدنيا وزاهدٌة فيها فاقرئي في سيرة إبراهيم الحربي! وإن توهمت أنك ممسكة بناصية الورع فتأملي حياة أيوب وابن سيرين، والحسن البصري!


يا طالبة العلم:

إن كان يخفق قلبك فرحاً عند إبانتك لغامض مسألة، أو كشفك لعويصها، وما يخفق عند سماع النداء للصلاة ! فثقي أنه ليس لك حاسد ! وما مثلك مغبوط ! ففتشي في خبايا نفسك وستجدين مكنون السر فيها!!


يا طالبة العلم:

اخفضي جناح الذل لإخواتك، وكوني رفيقة بهم، واحذري الجفاء والجلافة !وإياك وغمط الناس ورد الحق! واحترسي من داء التعالم والعُجب!! فإنه داء دقيق المسلك، سريع النفوذ ! وأشد ما يكون نفوذاً حال اللجاج والحِجاج!


يا طالبة العلم:

كوني كثيرة الرماد، كريمة المعشر، باسم الثنايا!

وإذا علِمت ـ يوم الطلب ـ أن من أسباب دخول الجنة إطعام الطعام فما بالك اليوم تضيق ذرعاً بزوارك وطلابك؟! يأتي أحدهم إليك مستفتياً أو مستشيراً فتقفين في الباب معترضة! خشية أن يتسلل إلى بيتك فينعم بظلك، أويشرب من ماءك!

وإن اعتذرت بضيق الوقت والحرص عليه فاعلمي أن ما تقضيه في نفع أختكِ خيرٌ لك من كثير مما تشتغلين به !


يا طالبة العلم:

الوقت يمر مرَّ البرق، وصوارف الحق تعرض كل حين، ولا مخرج لك من كل هذا إلا حبل الله المتين، فتشبثي به، واشددي يديك عليه، وأعلمي أن رأس مال العمل هو الإخلاص، فإن اخطأت طريقه فلا تلومي إلا نفسك إن تخطفتك طيور الهوى، أو هوت بك رياح الشهوات في مكان سحيق.


ختاماً يا طالبة العلم:

الطريق مخوف، ولسالكه ثمناً يدفعه من ماله وجسده، ودون الغاية صوارف وقواطع، ولكن في آخره جنة مستطابة،وسعادة دائمة، فتوكلي على الله، وامضي في طريقك،: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69].


منقول
أم عبد الرحمن مصطفى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس