عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-08, 12:55 AM   #18
أم الخير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

كيف يكون الشخص مفتاحًا للشر؟

قد يكون الشخص مفتاحًا للشر بأن يكون معتادًا أن يكون ناجحًا ومميزًا ، فلما يأتي للطلب ويجد نفسه في لحظة غير قادر على النجاح ، أو لا يفهم، أو أحيانًا يجد كل ما يُطرح واضح بالنسبة له، فيصرح بذلك فيؤثر على غيره، وربما من أجل هواه فقط يقنع هذا وهذا وهذا بأننا غير محتاجين لهذا العلم، أو لهذه المفاهيم ، وهو غير صادق في قوله ، وإنما كل مراده تنفيذ هواه.
ماذا نفعل من أجل أن نصلح المسألة؟
بقدر ما نستطيع نتعلق بالله أن يُصحح نياتنا.
فمن أهم الحواجز: عدم الصدق في الطلب .
ما معنى ذلك ؟
لم يجد مكانًا يذهب إليه إلا مجالس الطلب فدخل فيها .
نقول: مثل هذا – الذي دخل أول الأمر في الطلب وتعلّم وفهم وعلم أنه لابد أن يصحح نيته - فقد بلغته الحجة ، فماذا يحتاج الآن؟
يحتاج أن يُجاهد نفسه .
فلا يُتصور أن العلم ينقل الإنسان، ويضعه في مكان آخر، هو يتغذى بالعلم، فلو أهمل نيته ، فهل سيُفَعّل العلم في قلبه؟! هذا مثل من يقول إننا حين نذهب للحرم نجد أنفسنا معظّمين ، ولما نذهب للمشاعر ( منى ومزدلفة ) نجد أنفسنا مؤمنين!!
نقول: الأرض لا تبارك أحدًا، وإنما ارحل من بلدك وأنت معظِّم، تجد أثره وأنت هناك.
وكذلك العلم، خذه واستوعبه وبه عالج قلبك، فلا تغيّب الصدق عن حياتك وتفكيرك وأنت طالب علم، مثلما تُجاهد نفسك في االدقائق التي تصلي فيها، جاهد نفسك في الأربع ساعات التي تأتيها للطلب، فطلب العلم من أعظم أنواع العبادات، ولن تستوعب هذه المسألة إلا إذا قررتها في ذهنك مرة واثنين وثلاثة ومائة، فلما تجلس في حلقة الطلب فكأنك تصلي قيام الليل ، أو تصوم الإثنين والخميس، أو تذهب لعمرة نافلة.
في هذه العبادات ماذا تفعل؟ تجاهد نفسك على ألا تُرائي، على ألا تكون كاتمًا للعلم، ولا يكون مبعثك فاسدًا.
كذلك عند طلبك العلم جاهد نفسك؛ لكن لأن الوقت يطول في الطلب أربع ساعات في اليوم وطوال الأسبوع ولمدة سنة ننسى المجاهدة فيصبح الطلب عادة من العادات التي نمارسها، فيصير الدخول والخروج للطلب أمر عادي بالنسبة لنا.
إن الإخلاص في هذا الزمن أصعب من الزمن السابق؛ لأن الناس في الزمن السابق ما كانوا يجتمعون للطلب والعلم إلا من كان على الحقيقة طالبًا، وربما دخل فيهم من لهم أغراض أخرى، لكن لم يكن سائدًا عندهم أن الناس كلهم طلاب علم ، ولا يخرج للطلب لأن أهله قالوا له: اخرج ؛ كما يحصل الآن في التعليم العام ، أو يخرج لئلا يكون جاهلاً والناس متعلمون .
فالآن أنت تريد أن تغير كل هذا التفكير الذي عشته في السابق، فتصير درجة المجاهدة الآن أصعب من درجة المجاهدة فيما مضى.
ومن أعظم المشاكل أن العلم أصبح اليوم مصدرًا للتكسب .
فقد يتعلم الشخص ويتخرج ويذهب لمدرسة تحفيظ، ويجد مدرسة تحفيظ أخرى فيُعلم فيها، يَدرس في المعهد ويجد مكان آخر فيُدرس فيه، وهكذا .
فكلما زاد الزمن كلما زادت فتن القلب الذي تفتن طالب العلم.
من أجل ذلك: ليكن محركك الإخلاص.
أما إذا كنت تدرس من أجل أن تجاري العلماء، وتماري السفهاء، فالزم بيتك أسلم لك.
والذي لم يدخل في قلبه محبة الطلب، نقول له: عش الطلب تحبه . ولا بأس بذلك.
لكن الذي يأتي وفي تفكيره شيء غير الطلب، وتعلّم وبقيت هذه الشائبة في قلبه ، فيخشى على هذا الشخص أن يقبض منافقًا؛ لأن النفاق إظهار شيء وإبطان شيء آخر، فيأتي للطلب ويتكلم بلسان العلم وهو في نهاية المطاف يقول ما لا يعتقد ، لذلك نقول :- هذا الوصف مخيف وأثره ترك الطلب ، لذلك لا بد أن نذكر أنفسنا، نحمد الله أننا أتينا حلقة الطلب، فهذا من فضل الله علينا، لكن اعلم أن هذا بلاء .
كم من أشخاص كانوا مجتمعين على الطلب وبعد ذلك فرقتهم نياتهم.
من فضل الله وحده أن يكثر عدد الطلاب، ومن فضل الله أن يبقى المجتمع يشعر بقيمة الطلب، كل هذا من فضل الله علينا .
لكن أنت اسأل نفسك لماذا أتيت ؟
ومن أجل ماذا بقيت في هذا المكان ؟
وتقدمت من أجل ماذا ؟
وجاهدت كل المشاكل من أجل ماذا ؟
كل هذا يحتاج إلى إجابة.
هناك أناس اعتادوا الاستيقاظ في الصباح ، والذهاب إلى مكان حتى الظهر ، والمذاكرة في البيت ، هذا أسلوبهم في الحياة، لذلك نحن بحاجة إلى أن نراجع الباعث على خروجنا والتحاقنا بالطلب.
فقد يكون الباعث على التعلم ضعيف، وقد يكون الباعث هو الرغبة في السير مع الركب فقط، فالبواعث الغير صادقة لا تنتهي.
كن صادقـًا تنجو.فالحل: المجاهدة ، واعلم أن هذه المجاهدة لها من الدرجات العلا ما وعد الله بها {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }[العنكبوت:69]
هذا هو الذي يمهد الطريق بينك وبين بلوغك الطلب.


يتبع*
أم الخير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس