عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-11, 02:41 PM   #6
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

احذري الحفظ العقيم


(تدبر القرآن )


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين..
القرآن الكريم...كلام الله عز وجل, وهو كتابنا الخالد, ودستورنا المنزه عن العيب والنقائص...
القرآن الكريم هو النور والضياء, إذ به تستضيء لنا الدروب, وتشرق لنا الحياة قال تعالى{وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشـَـاءُ مِنْ عِبَادِنَا}الشورى
القرآن الكريم هو حبل الله المتين فبه تحصل الهداية والنجاة قال تعالى{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } الإسراء
ولذلك يجد المتأمل في سيرة سلفنا الصالح كيف كان الاهتمام بهذا الوحي العظيم...
اهتماماً لم يقف عند مجرد الحفظ لحروفه وآياته, بل الأمر عندهم أعظم من هذا بكثير...
فقد أخذوه بحقه... تلاوة وحفظاً, وتدبراً وفهماً, وتطبيقاً وعملاً.
في وقت صببنا جل اهتمامنا بالحفظ المجرد, الخالي من البحث والتأمل...
وليس المقصود بهذا أننا ندعو لترك حفظه وتلاوته وتجويده؛ ففي ذلك أجر كبير, لكن ما نطمح إليه ونبحث عنه التوازن بين الحفظ والتلاوة والتجويد من جهة وبين الفهم والتدبر, ومن ثم العمل به من جهة أخرى كما كان عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى ...

التدبر عند حافظة الوحيين:
تحفظ حافظة الوحيين قول باريها عز وجل حيث قال{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبَابِ
وهي كذلك تعلم من خبر نبيها عليه الصلاة والسلام حين نزل قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}آل عمران
فقال صلى الله عليه وسلم: "ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها". صحيح الترغيب
فلنتوقف لحظات أيتها المباركة عند هذين الموردين..نقف وقفة تأمل ومحاسبة دقيقة لأنفسنا المقصرة...نحن أهل القرآن لكن هل قمنا بحق القرآن على الوجه الأتم؟؟؟ أم مجرد كل اهتمامنا هو حفظ الآيات حفظاً عقيماً خالياً من التدبر والتأمل؟؟؟

ماذا نقصد بتدبر القرآن؟
التدبر بشكل عام هو النظر في عواقب الأمور وما تؤول إليه.
وتدبر القرآن: هو تفهم معاني ألفاظه ومقاصد آياته, والتفكر فيما تدل عليه؛ ليتعظ القلب وتخشع النفس وتهتدي بنوره, وتخضع لأوامره, وينشرح الصدر للعمل الصالح.

درجات تدبر القرآن الكريم:
الدرجة الأولى: التفكر والنظر والاعتبار, قال تعالى{كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون}البقرة
الدرجة الثانية: التأثر وخشوع القلب, قال تعالى {إن الذين أُتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا*ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا* ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}الإسراء
الدرجة الثالثة: الاستجابة والخضوع لله, ,هذا من أعظم مقاصد التدبر, وقد قال تعالى {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون} الأنعام
الدرجة الرابعة: استخراج الحكم, واستنباط الأحكام.

علامات تدبر القرآن الكريم:
هذه العلامات تحدث الله عنها عز وجل في كتابه, مبيناً حال عباده الصالحين مع كلام ربهم.
يصف لنا بكل دقة وجلاء, كيف تعاملوا مع الوحي الذي يُتلى عليهم, ويحفظونه في صدورهم...قال الله في وصفهم:
* {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }المائدة
* {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}الأنفال
* {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً* وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} الإسراء
* {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} الفرقان
* {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}الزمر

فتحصل من الآيات السابقة سبع علامات هي:
1- انسكاب العبرات خشية وتلذذاً.
2- وجل وخشية تستقر في القلب.
3- زيادة ملحوظة في الإيمان.
4- السجود تعظيماً لله عز وجل.
5- اجتماع القلب والفكر أثناء التلاوة والاستماع.
6- قشعريرة البدن من خشية الله وتعظيمه.
7- ثم يعقبها الرجاء والسكينة.
فهنيئاً لمن كان هذا حاله مع كلام ربه, هنيئاً له تلك اللذة والأنس التي تتسرب إلى قلبه, هنيئاً له فهو يعيش مع القرآن عيشة حقيقة, تختلف وتبتعد كما بين المشرقين عمن يعيش مع القرآن وهمه آخر السورة, يقلب صفحات المصحف وتمر به الآية تلو الآية والقلب منشغل غافل لاهٍ, حارماً نفسه من ثمرات عظيمة..

يتبع بإذن الله ....



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..



التعديل الأخير تم بواسطة رقية مبارك بوداني ; 04-05-11 الساعة 05:31 PM
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس