عرض مشاركة واحدة
قديم 10-09-14, 12:56 AM   #1
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي ||…اغسلي قلبك ِ بالتسامح .. ||






لا شك أن الشجرة التي أمامك إن كانت طيبة تجدها تطرح أطيب الثمر، و إن كانت خبيثة تجدها تطرح

أخبث الثمر، فانظري أيها الفطنة، لأي شجرة تقصدين؟ و تحت أيهما تستظلين؟ و أي الثمار تأكلين؟

قيل: ( من ثمارهم تعرفهم، هل تجني من الشوك عنباً ، أم من العوسج تيناً ) ؟!

الكل منا يخطئ و يذنب لكننا بحاجة كبيرة إلى من يحلم و يصفح علينا

كم قسونا! بل كم تجاوزنا الحدود! لكن آخر ما يبقى هو أجمل و أطيب شيء و هو التسامح

كوني دومًا كـ عبق الزهور

بألوانها الجميلة و المختلفة

احسني لمن حولكِ حتى لو قسوا عليكِ .. و إن غرسوا في داخلك شوكة وأنتِ أهديتهم زهورًا

أقولها لكِ حبيبتي "لله" احسني إليهم

أعلم جيدًا كم هي مؤلمة تلك اللحظات، مؤسفة حقًا لكن ..

لا تبالي، فكل ما يكون لله هو حُلو المذاق، فَ اعطيهم زهورًا أخرى لعلهم يحسنون إليكِ

لكنك لا تنتظرين ذاك الإحسان، بل رضى من أمركِ بالتسامح والإحسان.

قيل: الحقيقة أن التسامح متى ما كان أقوالاً لا تدعمها السلوكيات، ومواعظ وكلمات لا تبرهن عليها

الأفعال، كان التسامح ضرباً من ضروب التدجيل والزيف لترويج البضائع اللفظية، إنه من السهل - يا

سادتي - أن ننمق الكلمات والعبارات ونرصف بها شوارع الأوراق، ونزيف بها رسومات فنية جميلة،

لكنها في النهاية تبقى حبيسة الإطار، ومسجونة في حدود الألفاظ الزائفة، إن القانون الحقيقي

لكلمة التسامح هي : الثمرة السلوكية العملية في الحياة، نعم .. من ثمارهم تعرفهم

فكما قلنا أحبتي .. هل تجني من الشوك عنبًا أم من العوسج تينًا؟!

كلمات جميلة سنقولها جميعًا بترنم عذب، و بالطبع ثمار ذاك الخلق العذب ستكشفنا جميعًا

و ترهقنا بل قد تفعل أكثر من ذلك .. لماذا؟

هذا حبيبتي؛ لأننا كما يقولون وقّعنا على ورقة شيك بها مبلغ عظيم لا نستطيع سداده، و هو

التسامح!

نعم الاختلاف أمر طبيعيّ و حتميّ في هذا الكون، بل هو سنة إلهية

{ولا يزالون مختلفين} [هود: 118]

دعيني أهمس في أذنيكِ بقاعدة جميلة في التسامح لـ شيخ الإسلام ابن تيمية:

" أحللت كل مسلم عن إيذائه لي"

لقد كان لسان حال شيخ الإسلام مع أعدائه : من ضاق صدره عن مودتي، وقصرت يده عن معونتي

كان الله في عونه وتولى جميع شؤونه، وإن كل من عاداني وبالغ في إيذائي لا كدر الله صفو أوقاته

ولا أراه مكروهاً في حياته، وإن كل من فرش الأشواك في طريقي، وضيق عليّ السبل، ذلل الله له

كل طريق وحالفه النجاح والتوفيق.

الإنسان في الغالب يفرح إذا سمع بموت أحد خصومه، وأحيانا يتشفى بذلك !
لكن ابن تيمية يختلف عن هؤلاء .. لقد ُبلغ يوماً بوفاة أشد خصومه عداوة له وهجوماً عليها، بُلغ ذلك

عن طريق أقرب تلاميذه له، والذي بلغه وهو فرح بذلك.

فماذا كان موقف شيخ الإسلام ابن تيمية ؟

يقول عنه تلميذه البار الإمام الحافظ ابن قيم الجوزية :
( كان يدعو لأعدائه، ما رأيته يدعو على واحد منهم، وقد نعيت إليه يوماً أحد معارضيه الذي كان يفوق

الناس في إيذائه وعدائه، فزجرني، وأعرض عني، وقرأ : "إنّا لله وإنا إليه راجعون" وذهب لساعت

ه إلى منزله، فعزى أهله، وقال : " اعتبروني خليفة له ، ونائباً عنه، وأساعدكم في كل ما تحتاجو

ن إليه" وتحدث معهم بلطف وإكرام بعث فيهم السرور، فبالغ في الدعاء لهم حتى تعجبوا منه) .

الله أكبر ... من يطيق ما تطيقه يا ابن تيمية ؟!

( ماذا يصنع أعدائي بي ؟ أنا جنتي وبستاني في صدري ، أين رحت فهي معي لا تفارقني ، أنا

حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة )

أخيرًا حبيبتي تذكري جيدًا {إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر}




مماراق لي...



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس