عرض مشاركة واحدة
قديم 25-08-08, 12:46 PM   #16
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
افتراضي الشريط الثالث -- الوجه الثاني

تابع الفصل الثاني <<<<<



محتوى الشريط :


- أمور ست لا بد من الطالب مراعاتها، وبيان كل منها.


- بيان ما يبدأ به الطالب في مدارسة العلم وحفظه.




المتن :


فأمامك أمور لابد من مراعاتها في كل فن تطلبه:


1-حفظ مختصر فيه.


2-ضبطه على شيخ متقن.


3-عدم الاشتغال بالمطولات وتفاريق المصنفات قبل الضبط والإتقان لأصله.


4-لا تنتقل من مختصر إلى آخر بلا موجب، فهذا من باب الضجر.


5-اقتناص الفوائد والضوابط العلمية.


6-جمع النفس للطلب والترقي فيه، والاهتمام والتحرق للتحصيل والبلوغ إلى ما فوقه حتى تفيض إلى المطولات بسابلة موثقة.





شرح الشيخ :



هذه الأمور لا بد من مراعاتها كما قال الشيخ ,



اولا حفظ مختصر فيه :
فمثلا اذا كنت تطلب النحو فاحكم مختصرا فيه , ان كنت مبتدءا فلا أرى أحسن من متن الآجرومية , لأنه واضح وجامع وحاصل وفيه بركة , ثم متن الألفية ,لأنها خلاصة علم النحو , كما قال هو نفسه : أحصى من الكافية الخلاصة كما اقتضى فينا الى خصاصة .


في الفقه : احفظ زاد المستقلب لان هذا الكتاب مختوم في الشروح والحواشي والتدريس , وان كان بعض المتون الأخرى أحسن منه بوجه ,لكن هو أحسن منها من وجه آخر من حيث كثرة المسائل الموجودة فيه


في الحديث : متن عمدة الأحكام وإن ترقيت فبلوغ المرام , وان كنت تقول اما هذا أو هذا , فبلوغ المرام أحسن لأنه أكثر , ولأن الحافظ بن حجر رحمه الله يبين درجة الحديث وهذا مفقود عند عمدة الأحكام , وان كان درجة الحديث فيه معروفة لانه لم يضع في هذا الكتاب الا ما اتفق عليه الشيخان , البخاري ومسلم .


في التوحيد : من أحسن ما قرأنا كتاب التوحيد لشيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب , وقد يسر الله تعالى في الآونة الأخيرة , من خرج أحاديثه وبين ما في بعضها من ضعف , والحق أحق أن يتبع .


في الأسماء والصفات : من أحسن ما قرأت العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام بن تيمية , فهي كتاب جامع مبارك ومفيد .


خذ من كل فن تريد طلبه كتابا مختصرا فيه واحفظه .



ثانيا : ضبطه على شيخ متقن :



ولو قال ضبطه وشرحه لكان أولى , لأن المقصود ضبطه وتحقيق ألفاظه وماكان زائدا أو ناقصا وكذلك الشرح , استشرح هذا المتن على شيخ متقن وكما قلنا فيما سبق :


انه يجب أن يضاف الى الإتقان صفة أخرى وهي الأمانة .


لأن هذا من أهم ما يكون , وانتم تعلمون أن ذكر القوة والأمانة في القرآن متعدد, لأن عليهما مدار العمل , فقد قال العفريت من الجن :


" أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عله لقوي أمين "


وقالت بنت صاحب مدين :


" يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين "


وقال تعالى في وصف جبريل عليه السلام :


" ذي قوة عند ذي الغرش مكين * مطاع ثم َّ أمين "


فعلى هذا القوة والأمانة تبنى الأعمال كلها ,فلا بد من شيخ متقن ويكون أمينا .




الثالث : عدم الاشتغال بالمطولات ,
وهذه الفقرة مهمة جدا لطالب العلم .


ان يتقن المختصرات أولا حتى ترسخ العلوم في ذهنه , ثم بعد ذلك يذهب الى المطولات , لكن بعض الطلبة قد يغرض فيطالع المطولات ,وإذا جلس مجلسا قال : قال صاحب المغني ... قال صاحب الاحصاء .... قال صاحب الحاوي ....


ليظهر أنه واسع الاطلاع , وهذا خطأ . نحن نقول ابدأ بالمختصرات أولا حتى ترسخ العلوم في ذهنك , ثم إذا من َّ الله عليك فاشتغل بالمطولات , ولهذا قال :



عدم الاشتغال بالمطولات وتفاريق المصنفات قبل الضبط والإتقان لأصله


أي لأصل ذلك العلم .


وانتبهوا لهذه المسألة , إياكم أن تشغلوا بالمطولات قبل إتقان ما دونه , وقياس ذلك بالأمر المحسوس أن ينزل من لم يتعلم السباحة الى بحر عميق ,



رابعا يقول :


لا تنتقل من مختصر إلى آخر بلا موجب، فهذا من باب الضجر



وهذه أيضا آفة , يعني التنقل من مختصر الى آخر أو من كتاب فوق المختصر الآخر , آفة عظيمة تقطع على الطالب طلبه , وتضيع عليه أوقاته , كل يوم له كتاب , با أحيانا كل ساعة له كتاب , وهذا خطأ .


إذا عزمت على أن يكون قرارك الكتاب الفلاني , فاستمر فيه .


لاتقل أقرأ فصلا من هذا الكتاب ثم أنتقل الى آخر , فإن هذا مضيعة الوقت ويكون بلا موجب , اما إذا كان هناك موجب كما لو لم تجد أحد يدرسك هذا المختصر ورأيت شيخا متقنا وموثوقا بأمانته يدرس مختصرا آخر فهذا موجب , لا حرج عليك أن تنتقل من هذا الى ذاك.



خامسا : اقتناص الفوائد والضوابط العلمية .



وهذا أيضا من اهم ما يكون , الفوائد التي لا تكاد تطرأ على الذهن , أو التي يندر ذكرها والتعرض لها , أو التي تكون مستجدة تحتاج الى بيان الحكم فيها , هذه اقتنصها واضبطها بالكتاب وقيدها , لا تقل هذا أمر معلوم عندي ولا حاجة لأن اقيدها , لا ماأنساها , فإنك سرعان ما تنسى , وكم من فائدة تمر بالانسان يقول هذه سهلة لا تحتاج الى قيد , ثم بعد مدة وجيزة يتذكرها ولا يجدها , لذلك احرص على اقتناص الفوائد التي يندر ويتجدد وقوعها .



كذلك الضوابط , احرص على الاهتمام بالضوابط , فمن الضوابط ما يذكره الفقهاء تعليلا للأحكام ,وتبني عليها الأحكام , فهذه أيضا احتفظ بها , ولولا أني سمعت أن بعض الإخوان الآن يتتبع هذه الضوابط ويحررها لكنت من الحسن أن نكلف أحدكم للقيام بهذا العمل .


تتبع القول من أوله الى آخره , كلما يذكر علة تدونها , فإنه ينبني عليها مسائل كثيرة , يكون هناك ضابط يدخل تحته جزئيات كثيرة , مثلا :


إذا شك في طهارة الماء من نجاسته فإنه يبني على اليقين , هذه تعتبر حكما وأيضا ضابطا .


يعلل ذلك : لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان , إذا شك في نجاسة ماء طاهر فهو طاهر ,أو بطهارة نجس فهو نجس .


فلو أن الانسان كلما مر عليه مثل هذه التعليلات حررها وضبطها ,ثم حاول في المستقبل أن يبني عليها مسائل جزئية كان في هذا فائدة كثيرة له ولغيره .



-سادسا : جمع النفس للطلب والترقي فيه، والاهتمام والتحرق للتحصيل والبلوغ إلى ما فوقه حتى تفيض إلى المطولات بسابلة موثقة.


أي أن الانسان يجمع نفسه للطلب فلا يشتتها يمينا ويسارا , يوم يقول مثلا اريد أن أفتح مكتبة , ويوم ثاني يقول لا أبيع الخضار .....



هذا غير صحيح . يجب أن تجمع النفس على الطلب , مادمت مقتنعا بأن هذا منهجك وسبيلك فاجمع نفسك عليه , وأيضا اجمع نفسك على الترقي فيه , فكر بما وصل اليه علمك من مسائل واطلاع حتى تترقى شيئا فشيئا ,


واستعن بمن تثق به من زملائك وإخوانك , فيما إذا احتجت المسألة الى استعانة , ولا تستحي أن تقول يا فلان ساعدني على تحقيق هذه المسألة , ومراجعة الكتب ...


لا , الحياء لا يعيب أحد , فلا ينال العلم مستحي ولا مستكبر , وأما قوله :



-والاهتمام والتحرق للتحصيل والبلوغ إلى ما فوقه :
أي أن يكون الانسان عنده شغف شديد , تتحرق نفسه لينال ما هو فوق منزلته التي هو فيها حتى تفيض إلى المطولات بسابلة موثقة.


المتن :


وكان من رأي ابن العربي المالكي[1] أن لا يخلط الطالب في التعليم بين علمين، وأن يقدم تعليم العربية والشعر والحساب، ثم ينتقل منه إلى القرآن.


شرح الشيخ :


وهذا ليس على إطلاقه , بل يجب أن يقيد , ولعل ابن خلدون يقيده , فإن لم يفعل قيدنا ما يحتاج الى قيد .



المتن :


لكن تعقبه بن خلدون بأن العوائد لا تساعد على هذا، وأن المقدم هو دراسة القرآن الكريم وحفظه؛ لأن الولد ما دام في الحجر؛ ينقاد للحكم، فإذا تجاوز البلوغ؛ صعب جبره.


أما الخلط في التعليم بين علمين فأكثر؛ فهذا يختلف باختلاف المتعلمين في الفهم والنشاط.



شرح الشيخ :



نعم هذا ما نريده , قوله رحمه الله أنك تقدم تعليم العربية , هذا قد يكون مسلما بالنسبة لمن لا يتقن العربية , وذلك لأنه لا يمكن أن يقرأ القرآن إلا إذا تعلم العربية , أما من كان عربيا فليس من المعقول أن يقول تعلم العربية , وتوسع فيها والشعر والحساب , كيف يقدم الشعر والحساب على القرآن ؟


هذا ليس بمسلم , كذلك قوله : لا يجمع بين علمين , فيقال إن الناس يختلفون في الفهم والاستعداد , فقد يكون سهلا على المرء أن يجمع بين علمين , وقد يكون من الصعب أن يجمع بين علمين , كل انسان طبيب نفسه , إذا رأى من نفسه قدرة وقوة فلا بأس أن يجمع بين علمين , ولكن ليحذر نشاط البدء , لأن نشاط البدء بمنزلة السكر ,فإن بعض الناس أول مايبدأ يجد نفسه نشيطا نشيطا , فيريد أن ينتهي من العلوم جميعا فإذا به ينقص على الوراء , لأنه كبَّر اللقمة , ومن كبَّر اللقمة لا بد أن يغص , حتى ولو وجدت من نفسك قدرة وقوة لا تكلفها مالا تطيق ,اتزن حتى تستمر .



المتن :



وكان من أهل العلم من يدرس الفقه الحنبلي في ”زاد المستنقع” للمبتدئين، و ”المقنع” لمن بعدهم للخلاف المذهبي، ثم ”المغني” للخلاف العالي، ولا يسمح بالطبقة الأولى أن تجلس في درس الثانية وهكذا؛ دفعاً للتشويش.



شرح الشيح :



نعم صحيح , من أهل العلم من يفعل ذلك , إذا كان يدرس الفقه الحنبلي يدرس زاد المستقنع لأن المستقنع هو اختصار للمقنع , ثم ينتقل الى تدريس المقنع , لأن المقنع يذكر فيه الروايتين والقولين والوجهين , بدون تعليل ولا دليل , فقط ليطلع الطالب على أن هناك خلاف في المسائل , بعضهم ينتقل الى الكافي قبل المقنع لأنه يذكر فيه خلاف المذهبين مع الأدلة وبهذا يمتاز عن المقنع , ثم بعد ذلك المغني , لان في المغني الخلاف ليس مع الامام ابن أحمد بل مع عامة المذاهب .


فهو يترقى من هذا الى هذا , الامام رحمه الله سلك هذا المنهج , لكن له كتاب قبل المقنع سماه عمدة الفقه , فيها مختصر أقل بكثير من زاد المستقنع من حيث المسائل لطنا تشتمل على بعض الدلائل . يعني ليست جافة كزاد المستقنع بل فيها أدلة .


فالحاصل أن المعلم يرتقي بالطلبة درجة فدرجة حتى يتقنوا ما تعلموه .



قال : لا يصح للطبقة الاولى أن تجلس في الثتنية وهكذا , دفعا للتشويش ,


ولكن بالنسبة لي النقطة الأخيرة لا أستطيع , أجمع بين الصغير والكبير فيما ندرسه من الكتب , وسبب ذلك أن الطلاب عندنا يتواردون شيئا فشيئا , ولو رأينا الوافدين لأهملنا حق السابقين , لو قلنا مثلا :


إذا جاء ناس جدد , رجعنا في زاد المستقنع الى كتاب الطهارة , ووصلنا مثلا فيه الى كتاب الصلاة . وفي العام الثاني , وفد جماعة , فماذا نعمل ؟


لو رجعنا مع الطهارة , كان في هذا ظلما للسابقين , وسنبقى دائما من اول الطهارة الى الصلاة , هذا ما نستطيع , لذلك نرجو منكم العذر , الا أنه من الطلبة السابقين جلس الى الطلبة الوافدين في بعض المختصرات , وهذا من نعمة الله جل وعلا على الجميع .



[1] -”تراجم الرجال ”للخضر حسين (ص105) و”فتاوى شيخ الإسلام” ابن تيمية (23 / 54 55) مهم.



يتبع >>>>



توقيع إيمان مصطفى عمر
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس