عرض مشاركة واحدة
قديم 23-02-13, 04:11 PM   #2
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي كيف تتكون الشخصية العلمية لطالب العلم؟

....

12- أن يبتعد عن التقاط الشواذ من الأقوال، وتبني الآراء المهجور؛ إنما يتعلم كيفية رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء، وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها.


13- ألا ينتمي لحزب أو جماعة؛ فإن طالب العلم إذا انتمى إلى حزب أو جماعة، ينشغل عن تحصيل العلم، ويتفرغ للدفاع عن قضايا جماعته، وتبرير ما يصدر عنها من أفعال وأقوال، كما هو مشاهد.


14- الحرص على معرفة أصول المسائل وقواعدها وقيد كل شيء يمر به من هذا القبيل فقد قيل:"من حُرم الأصول حُرم الوصول"؛ فنبغي أن يتلقى القواعد والأصول التي تتفرع عليها المسائل الجزئية؛ لأن الذي يتعلم على المسائل الجزئية لا يستطيع أن يهتدي إذا أتته معضلة فيعرف حكمها؛ لأنه ليس عنده أصل.
[مستفاد من كلام الشيخ ابن عثيمين من "كتاب العلم"].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "مجموع الفتاوى" (10/368):"فإن معرفة أصول الأشياء ومبادئها ومعرفة الدين وأصله وأصل ما تولد فيه من أعظم العلوم نفعاً".
وقال أيضاً في "منهاج السنة" (5/83):"لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزيئات كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات، فيتولد فساد عظيم".
وقال القرافي -رحمه الله- في "الذخيرة" (1/34):"من كان أعلم بالأصل كان أعلم بالفرع ".


15- ينبغي أن يكون صاحب أناة وتؤدة، وترك عجلة، حافظاً لدينه، حريصاً على استطابة مأكله، متورعاً عن الشبهات. [ينظر: الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/333)]


16- أن يكون مواظباً على مروءته، له حلم، ووقار، وسكينة، قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في "إعلام الموقعين" (6/107):"فليس صاحب العلم والفتيا إلى شيء أحوج منه إلى الحلم والسكينة والوقار، فإنها كسوة علمه وجماله، وإذا فقدها كان علمه كالبدن العاري من اللباس".
وأخرج الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/156) بإسناد صحيح، عن الإمام مالك -رحمه الله- أنه قال:"إن حقاً على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية، وأن يكون متبعاً لأثر من مضى قبله
ومن نصائح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- لطالب العلم:"إياك أن تفتح على نفسك باب الامتهان، فإن ذلك يذهب الهيبة من قلوب الناس فلا يهابوك ولا يهابون العلم الذي تأتي به".[من شرح كتاب "حلية طالب العلم" (ص/45)].


17- عليه أن يحفظ فضل شيوخه وأساتذته، ويعلم أنه حسنة من حسناتهم.


18- أن يعلم أن اقتضاء العلم العمل، أي عليك العمل بالعلم الذي تعلمته، قال تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد:19]. قال البخاري في "صحيحه" في كتاب العلم: باب العلم قبل القول والعمل.
لقول الله تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} فبدأ بالعلم.
قال العيني -رحمه الله- في "عمدة القاري":"أي هذا باب في بيان أن العلم قبل القول والعمل أراد أن الشيء يعلم أولاً ثم يقال ويعمل به، فالعلم مقدم عليهما بالذات، وكذا مقدم عليهما بالشرف؛ لأنه عمل القلب وهو أشرف أعضاء البدن.
قوله:"فبدأ بالعلم": أي بدأ الله تعالى بالعلم أولاً حيث قال: :{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ}، ثم قال:{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ}، الاستغفار إشارة إلى القول والعمل، والخطاب وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم فهو متناول لأمته".
فينبغي أن يعمل طالب العلم بعلمه عقيدة وعبادة، وأخلاقاً وآداباً ومعاملةً؛ لأن هذا هو ثمرة العلم وهو نتيجة العلم، وحامل العلم كالحامل لسلاحه، إما له وإما عليه.
[مستفاد من "كتاب العلم" للشيخ ابن عثيمين]، قال الخطيب البغدادي في مقدمة كتابه:"اقتضاء العلم العمل":"ثم إني موصيك يا طالب العلم بإخلاص النية في طلبه، وإجهاد النفس على العمل بموجبه، فإن العلم شجرة والعمل ثمرة، وليس يعد عالماً من لم يكن بعلمه عاملاً، وقيل:العلم والد والعمل مولود، والعلم مع العمل، والرواية مع الدراية فلا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشاً من العلم، ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصراً في العمل ولكن أجمع بينهما، وإن قل نصيبك منهما، وما شيء أضعف من عالمٍ ترك الناس علمه لفساد طريقته، وجاهل أخذ الناس بجهله لنظرهم إلى عبادته.
وهل أدرك من السلف الماضين الدرجات العلى إلا بإخلاص المعتقد، والعمل الصالح، والزهد الغالب في كل ما راق من الدنيا. وكما لا تنفع الأموال إلا بإنفاقها، كذلك لا تنفع العلوم إلا لمن عمل بها، وراعى واجباتها فلينظر امرؤ لنفسه، وليغتنم وقته".
انتهى بتصرف.


19- ألا يكون حريصاً على التصدر والتأليف والتصنيف مبكراً، ومن حكيم كلام شيخ الشافعية بخراسان، الإمام أبو الطيب، سهل بن محمد بن سليمان بن محمد، الصعلوكي النيسابوري، المتوفى سنة أربع وأربعمائة:
"من تصدر قبل أوانه، فقد تصدى لهوانه". [سير أعلام النبلاء (17/208)].
وشرح ذلك الشيخ ابن عثمين -رحمه الله- بقوله:"ممل يجب الحذر منه، أن يتصدر الإنسان قبل أن يكون أهلاً للتصدر؛ لأنه إذا فعل ذلك كان دليلاً على عدة أمور:
الأول: إعجابه بنفسه، حيث تصدّر فهو يرى نفسه علم الأعلام.
الثاني: أن ذلك يدل على عدم فقهه ومعرفته بالأمور، وإذا الناس رأوه متصدراً، أوردوا عليه من المسائل ما يبين عواره.
الثالث: أنه إذا تصدر قبل أن يتأهل، لزمه أن يقول على الله ما لا يعلم؛ لأن غالب من كان هذا قصده لا يبالي أن يحطم العلم وأن يجيب عن كل ما سئل عنه.
الرابع: أن الإنسان إذا تصدر فإنه في الغالب لا يقبل الحق؛ لأنه يظن بسفهه أنه إذا خضع لغيره، وإن كان معه الحق كان هذا دليلاً على أنه ليس بأهل في العلم".
وقد استشرى في زماننا داء التصدر قبل التأهل بين طلبة العلم، ومن أسبابه انتشار القنوات الفضائية، وكذلك تشجيع بعض طلبة العلم الكبار تلامذته على التصنيف المبكر.


20- أن يكون حريصاً ما أمكنه أن يعرف رأي علماء عصره ومشايخه فيه، فيطمئن لما حصله من العلم، فأخرج الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (2/325) عن خلف بن عمر، صديق كان لمالك، قال: سمعت مالك بن أنس -رحمه الله- يقول:"ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني: هل يراني موضعا لذلك؟ سألت ربيعة، وسألت يحيى بن سعيد، فأمراني بذلك، فقلت له: يا أبـا عبد الله لو نهوك، قال: كنت أنتهي، لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه".


21- أن يتذكر دائماً عند بحث المسائل وتحريرها، قول الله عز وجل:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}:قال العلامة السعدي -رحمه الله- في "تيسير الكريم الرحمن":"فكل عالم فوقه من هو أعلم منه، حتى ينتهي العلم إلى عالم الغيب والشهادة".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "مجموع الفتاوى" (16/418):"ومن ظن أن ما لا يعلمه هو لا يعلمه غيره كان من جهله. فلا ينفي عن الناس إلا ما علم انتفاؤه عنهم، وفوق كل ذي علم عليم أعلم منه، حتى ينتهي الأمر إلى الله تعالى". وهنا يحسن بنا أن أذكر أقوال العلماء الدالة على تأكيدهم على هذا المعنى، عند بحثهم في بعض المسائل قال الإمام البغوي -رحمه الله- في "شرح السنة" (1/265):"وقد يفتح الله تعالى على المتدبر والمتفكر فيه من التأويل والمعاني ما لا يفتح على غيره، :{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}".
وقال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله- في "التمهيد" (18/47):"فهذا الذي حضرني على ما فهمته من الأصول ووعيته وقد أديت اجتهادي في تأويل حديث هذا الباب كله ولم آل وما أبرئ نفسي وفوق كل ذي علم عليم وبالله التوفيق".
وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في "تهذيب السنن" :"فهذا ما أدى إليه الجهد في هذه المسألة :{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}". وقال محدث العصر الألباني -رحمه الله- في "الضعيفة" (3/682):"هذا ما وصل إليه علمي، :{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} فمن كان عنده شيء نستفيده منه قدمه إلينا إن شاء الله، وجزاه الله خيراً".


22- ألا يغلق نفسه على عالم واحد، أو على علماء بلده، بل يبحث عن العالم بالكتاب والسنة، بفهم سلف الأمة، وبهذا يتجنب أهل البدع والأهواء، وأصحاب المناهج المنحرفة في كل زمان ومكان. ثم إن وسائل الاتصال أصبحت متنوعة، ومتاحة، تجعل التلقي أكثر سهولة ويسر.


فهذه بعض خصال طالب العلم، التي وقفت عليها في ثنايا كلام أهل العلم، لم أرع فيها الترتيب غالباً، ولا أدعي العصمة، ولا الابتكار أو الإتيان بالجديد، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه، سائلاً المولى سبحانه وتعالى أن يأخذ بأيدينا ويهدينا إلى الحق الذي اختلف فيه الناس، إنه يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتبه: ساعد بن عمر غازي



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..



التعديل الأخير تم بواسطة أروى آل قشلان ; 23-10-13 الساعة 05:24 PM سبب آخر: تقسيم الموضوع
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس