عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-08, 07:28 PM   #48
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

آثار الإيمان بهذين الاسمين :
1-إن الله سبحانه وتعالى هو الشكور والشاكر على الإطلاق ، الذي يقبل القليل من العمل ويعطي الكثير من الثواب مقابل هذا العمل القليل.
ولذلك نهينا أن نستصغر شيئاً من أعمال البر ، ولو كان شيئاً يسيراً ، فقد قال  لأبي ذر  : (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)
وحث على عمل الصالحات ، صغيرها وكبيرها فإن الله لا يضيع شيئاً ، فقال  : (اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فإن لم تجد فبكلمة طيبة)
وحث الناس على الصدقة ـ عند قدوم قوم من مضر أصابتهم الفاقة والفقر فقال : (تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره ، حتى قال : ولو بشق تمرة)
وبين تعالى أنه يضاعف الأعمال الصالحة أضعافاً كثيرة بقدر ما يشاء وذلك فضله يؤتيه من يشاء ، قال تعالى : مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة:261) .

وقال سبحانه : إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (النساء:40)
وقال تعالى : وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (الشورى: من الآية23)
وقال سبحانه : مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (الحديد:11) ، وغيرها من الآيات الكثيرة.
وعن أبي هريرة  الله عنه قال : قال رسول الله  : (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل) ( ) ، أي : أن الله يربيها له كما يربي أحدكم مهره.
وعن أبي مسعود الأنصاري قال : جاء رجل بناقة مخطومة فقال : هذه في سبيل الله . فقال رسول الله  : (لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة)
ومن عظيم شكره سبحانه لعباده وفضله وكرمه عليهم أنه يضاعف لهم الحسنات فقط ، أما السيئات فإنها تكتب كما هي ولا تتضاعف ، قال تعالى : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (الأنعام:160).
وقال تعالى : مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (غافر:40) .
2-ومما يجب معرفته أن ما يقدمه المسلم في تقربه إلى الله سبحانه ، من صلاة وصيام وصدقة وجهاد ، وغيرها من أعمال البر المحدودة بالأعمار القصيرة والتي يتخللها التقصير والسهو والنسيان ، لا يمكن بحال أن تكون ثمناً للجنة السرمدية ،
بما فيها من مباهج وزخارف ولذات ، أو أن تنقذه من جحيم النار ولهيبها. فعن عائشة زوج النبي  قالت : قال رسول الله  : (سددوا وقاربوا وأبشروا ، فإنه لن يدخل الجنة أحداً عمله) قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : (ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله منه برحمة ..)
وفي رواية : (لا يدخل أحداً منكم عمله الجنة ولا يجيره ، من النار ولا أنا إلا برحمة من الله)
فدخول العبد الجنة وفوزه بها ، ونجاته من النار إنما هو بفضل الله ورحمته.
3-إن الله سبحانه شكره واجب على كل مكلف ، كما قال تعالى : فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (البقرة:152) .
وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (البقرة:172) .
وقال تعالى : فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (النحل:114) .
وقال سبحانه : كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ (سبأ : 15) .
قال القرطبي : "إن للشكر ثلاثة أركان :
1-الإقرار بالنعمة للمنعم.
2-والاستعانة بها على طاعته.
3-وشكر من أجرى النعمة على يده تسخيراً منه إليه.
وهذا الركن الثالث ، لم أره لأحد ممن تكلم على الشكر ـ فيما أعلم والله أعلم ـ فله الحمد على ما ألهم وفهم وعلم" أهـ
وزاد عليها المحقق ابن القيم فقال
: "والشكر مبني على خمس قواعد :
1- خضوع الشاكر للمشكور 2-، وحبه له ، 3-واعترافه بنعمته ، 4-وثناؤه عليه بها ،5- وأن لا يستعملها فيما يكره .
فهذه الخمس على أساس الشكر ، وبناؤه عليها ، فمتى عدم منها واحدة اختل من قواعد الشكر قاعدة.
وكل من تكلم في الشكر وحده ، فكلامه إليها يرجع ، وعليها يدور
قلت : أما الإقرار بها ومعرفتها وذكرها على الدوام والتحدث بها ، فقد أمر الله تعالى به عباده في غير ما آية :
فقال سبحانه : وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ (البقرة: من الآية231)
وقال : يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (البقرة:47) .
وقال : وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً (آل عمران: من الآية103)
وقال : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)(فاطر: من الآية3) )وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (الضحى:11)
وفي "المدارج" قال صاحب المنازل : "الشكر اسم لمعرفة النعمة لأنها السبيل إلى معرفة المنعم ، ولهذا سمى الله تعالى الإسلام والإيمان في القرآن : شكراً".
قال ابن القيم : فمعرفة النعمة ركن من أركان الشكر ، لا أنها جملة الشكر كما تقدم ، لكن لما كان معرفتها ركن الشكر الأعظم الذي يستحيل وجود الشكر بدونه ، فجعل أحدهما اسماً للآخر
وقد جاء في الحديث ما يبين عظمة تذكر النعمة والاعتراف بها وهو قوله  : "سيد الاستغفار أن يقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك عليّ ، وأبوء لك بذنبي ، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يسمي فهو من أهل الجنة"
قال الطيبي : "أعترف أولاً بأنه أنعم عليه ، ولم يقيده لأنه يشمل أنواع الإنعام ، ثم أعترف بالتقصير وأنه لم يقم بأداء شكرها ، ثم بالغ فعده ذنباً في التقصير وهضم النفس" أهـ
ويكرر  الاعتراف بالنعمة في أدبار الصلوات في قوله : " ... له النعمة والفضل وله الثناء والحسن ...
وقد حث  على التحدث بنعم الله تعالى فقال : (من أبلى بلاءً فذكره فقد شكره وإن كتمه فقد كفر
قال ابن القيم : "الثناء على المنعم المتعلق بالنعمة نوعان :
1- عام 2-وخاص ، فالعام : وصفه بالجود والكرم والبر والإحسان وسعة العطاء ونحو ذلك.
والخاص : التحدث بنعمته والإخبار بوصولها إليه من جهته ، كما قال تعالى : وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (الضحى:11) .
وفي هذا التحديث المأمور به قولان :
أحدهما : أنه ذكر النعمة والإخبار بها ، وقوله : أنعم الله عليّ بكذا وكذا.
والتحدث بنعمة الله شكره ، كما في حديث جابر مرفوعاً : (من صنع إليه معروف فليجز به ، فإن لم يجد ما يجزي به فليثن ، فإنه إذا أثنى فقد شكره ، وإن كتمه فقد كفره ، ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبي زور)
فذكر أقسام الخلق الثلاثة :
أ-شاكر النعمة المثني بها.
ب-والجاحد لها والكاتم لها.
ج-والمظهر أنه من أهلها وليس من أهلها ، فهو متحل بما لم يعطه.
وفي أثر آخر مرفوع : (من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، والتحدث بنعمة الله شكر ، وتركه كفر ، والجماعة رحمة والفرقة عذاب
والقول الثاني : أن التحدث بالنعمة المأمور به في هذه الآية هو الدعوة إلى الله ، وتبليغ رسالته ، وتعليم الأمة.
قال مجاهد : هي النبوة. قال الزجاج : "أي بلغ ما أرسلت به وحدث بالنبوة التي آتاك الله" أ هـ
فإظهار النعمة والتحدث بها من صفات المؤمنين الشاكرين ، وأما أن يكتم المرء النعمة ، ويظهر أنه فاقد لها إما بلسان الحال أو المقال ، فهو كفر لها ، وهو من صفات الكافرين الجاحدين.
وإنما سمي الكافر كافراً لأنه يغطي نعمة الله التي أسبغها عليه ويجحدها ولا يقر بها
وقد وصفهم الله بذلك في كتابه العزيز فقال : يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (النحل:83)
وقال : أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (النحل: من الآية71)
وقال : أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (النحل: من الآية72)
بل وربما نسبوا نعم الله تعالى التي أعطاهم إلى أنفسهم وعلمهم وخبرتهم ، قال تعالى : فَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ * قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (الزمر:49-51) .
ومعنى عَلَى عِلْمٍ أي : بوجوه المكاسب والتجارات ، بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ أي : هذه النعم التي أوتيتها فتنة تختبر بها وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ لا يعلمون أن إعطائهم المال اختبار ، قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني الكفار من قبلهم كقارون وغيره حيث قال : إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي (القصص: من الآية78) ، فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ أي : لم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئاً.
ثم قال تعالى : أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الزمر:52) أي : ألم يعلموا أن مصدر نعمتهم التي هم فيها هو الله سبحانه وتعالى : وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ (النحل: من الآية53) وأنه تعالى يبسطها على من يشاء ويحبسها عمن يشاء ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أي : لا ينتفع بهذا ويتدبره إلا أهل الإيمان والعلم.
ب-وأما الاستعانة بها ـ أي النعم ـ على طاعة الله ، فهو ما يقتضيه الشرع والعقل ، فإن من أحسن إليك بشيء لا يجوز أن تقابله بالإساءة إليه ، ومن فعل ذلك فهو في نظر الناس وقح نذل ناكر للجميل ، وجاحداً له ، فكيف إذا استعان بإحسانه على الإساءة إليه ، فهو أشد وقاحة وجحوداً للجميل.
والنعم التي في الدنيا إنما خلقت أصلاً ليستعين بها أهل الإيمان على طاعة الرحمن، وأما أهل الكفر والفجور فإنها محرمة عليهم لأنهم يستعينون بها على معصية الله. قال تعالى : قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (الأعراف:32) ، فقوله تعالى : الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وقوله : قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا يعني أنها خلقت لهم لا لغيرهم ، لأنهم يستعينون بها على طاعته.



توقيع ورده الياسيمن
[URL="http://www.manhag.net/ola/details.php?file=204"]
[/URL][URL="http://www.manhag.net/ola/details.php?file=204"]
[/URL]

[SIZE=5][COLOR=purple][I]إذا ذبلت رياحين القلب؛ فحتمًا ستجده تواقًا للعودة إلى الحياة. وإذا سئمت من الخلق جفاءهم، وتراكمت عليك الهموم والأحزان؛ لا تتردد في أن تستعيد البهجة؛ فالطريق إلى السعادة يبدأ بكلام الله. [/I][/COLOR][/SIZE]
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس