عرض مشاركة واحدة
قديم 27-04-23, 10:56 PM   #19
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
^

المجلس الثامن عشر

شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبيل
*وَالإيمَانُ بِعَذَابِ القَبْرِ،وَأَنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُفْتَنُ في قُبُورِهَا وَتُسْأَلُ عَنِ الإيمَانِ وَالإِسْلامِ،وَمَنْ رِبُّهُ؟وَمَنْ نَبِيُّهُ؟،وَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ كَيْفَ شَاءَ اللهُ-عَزَّ وَجَلَّ-،وَكَيْفَ أَرَارَدَ،وَالإيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ.
الشرح:الحياة التي يعيشها الإنسان تنقسم إلى ثلاثة أقسام :-الحياة الدنيا ، والتي تنتهي بالموت .- حياة البرزخ ، وهي التي تكون بعد الموت إلى قيام الساعة .- حياة الآخرة ، وهي التي تكون بعد قيام الناس من قبورهم إما إلى جنةٍ ، نسأل الله من فضله ، وإما إلى نار والعياذ بالله .فالحياة البرزخية هي التي تكون بعد موت الإنسان إلى بعثه ، وسواء قُبِر أو لم يُقبر أو احترق أو أكلته السباع ، والذي يدل على هذه الحياة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت بعدما يوضع في قبره يسمع قرع نعال أهله ، كما جاء في الحديث ."إنَّ المَيتَ إذا دُفِنَ ، سمِعَ خَفْقَ نعالِهِم إذا ولَّوْا عنهُ مُنصَرِفينَ"الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم1967- خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر-وهذه الحياة البرزخية إما أن تكون نعيمًا وإما أن تكون جحيمًا ، والقبر فيها إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران .إنَّما القبرُ روضةٌ من رياضِ الجنَّةِ أو حفرةٌ من حفرِ النَّارِ" الراوي : أبو سعيد الخدري- المحدث : ابن حجر العسقلاني - المصدر : تخريج مشكاة المصابيح -الصفحة أو الرقم: 5/74 - خلاصة حكم المحدث : حسن كما قال في المقدمة.واختلف العلماء في صحة نسبة الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه صحيح المعنى .
"كانَ عُثمانُ بنُ عفَّانَ إذا وَقفَ على قَبرٍ يبكي حتَّى يبَلَّ لحيتَهُ ، فقيلَ لَهُ : تذكرُ الجنَّةَ والنَّارَ ، ولا تبكي ، وتَبكي مِن هذا ؟ قالَ : إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، قالَ : إنَّ القبرَ أوَّلُ مَنازلِ الآخرةِ ، فإن نجا منهُ ، فما بعدَهُ أيسرُ منهُ ، وإن لم يَنجُ منهُ ، فما بعدَهُ أشدُّ منهُ قالَ : وقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : ما رأيتُ مَنظرًا قطُّ إلَّا والقَبرُ أفظَعُ منهُ"الراوي : هانئ مولى عثمان -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم- 3461 خلاصة حكم المحدث : حسن.
فقال عُثمانُ رَضِي اللهُ عنه مُفسِّرًا لسبَبِ بُكائِه عِندَ القبرِ "إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: إنَّ القبرَ أوَّلُ مَنزِلٍ مِن مَنازِلِ الآخِرةِ"، أي: أوَّلُ مَنازِلِها في السُّؤالِ والحِسابِ والثَّوابِ أو العِقابِ، "فإنْ نَجا مِنه" أي: مِن الحسابِ والعقابِ فيه، "فما بَعْدَه"، أي: مِن الْمَنازِلِ مِن حشْرٍ وعرْضٍ، ومُرورٍ على الصِّراطِ ونحْوِه، "أيْسَرُ مِنه"، أي: لو أنَّه كان مِن الْمُنَعَّمين في القبرِ ففي ذلك دَلالةٌ على نَجاتِه مِن باقي المنازِلِ الأُخْرى حتَّى يَدخُلَ الجنَّةَ، أو بمعنًى آخَرَ: كان ضَمانًا واستِبْشارًا في دخولِ الجنَّةِ، "وإن لم يَنجُ منه"، أي: شَمِلَه عذابُ القبرِ ونال مِنه، "فما بَعْدَه أشَدُّ مِنه"، أي: كان لذلك دَلالةٌ على أنَّه لن يَنجُوَ مِن باقي مَنازِلِ الآخرةِ.
ويغني عنه أيضًا حديث البراء المشهور في عذاب القبر ونعيمه .والذي يدل على النعيم والعذاب فيها ، قول الله تعالى عن قوم فرعون " النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ"سورة غافر/46.
فبيَّن الله تعالى أن آل فرعون يُعرضون على العذاب صباحًا ومساءً مع أنهم ماتوا ، ومن هذه الآية أثبت العلماء عذاب القبر .قال ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور .تفسير ابن كثير " 4 / 82 . هنا -
*قال صلى الله عليه وسلم "
ما من شيءٍ لمْ أكُنْ أُرِيتُهُ ، إلَّا رأيتُهُ في مَقامِي هذا ، حتى الجنَّةَ والنارَ ، ولَقدْ أُوحِيَ إليَّ أنَّكمْأنَّكُمْ تُفْتَنُونَ في قُبُورِكُمْ، مِثلَ أوْ قرِيبًا من فِتنةِ المسيحِ الدَّجالِ ، يُؤتَى أحدُكمْ فيُقالُ لهُ : ما عِلْمُكَ بِهذا الرجلِ ؟ فأمّا المؤمِنُ أوِ المُوقِنُ ، فيَقولُ : هوَ مُحمدٌ رَسولُ اللهِ ، جاءَنا بِالبيِّناتِ والهُدَى ، فأجَبْنا وآمَنّا ، واتَّبَعْنا ، هوَ مُحمدٌ - ثلاثًا - ، فيُقالُ لهُ: نَمْ صَالِحًا، قدْ علِمْنا إنْ كُنتَ لَمُوقِنًا به ، وأمَّا المنافِقُ أو المُرتابُ ، فيَقولُ : لا أدْرِي ، سمِعتُ الناسَ يَقولونَ شيئًا فقُلتُهُ"الراوي : أسماء بنت أبي بكر-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 5722 خلاصة حكم المحدث : صحيح

في الحديثِ: إثباتُ سؤالِ القبرِ للمؤمِن والمنافقِ والكافرِ.وفيه: إثباتُ عذابِ القبرِ، وهو مذهبُ أهلِ السنَّةِ والجماعة."أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: إنَّ أحَدَكُمْ إذَا مَاتَ عُرِضَ عليه مَقْعَدُهُ بالغَدَاةِ والعَشِيِّ، إنْ كانَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، وإنْ كانَ مِن أهْلِ النَّارِ فَمِنْ أهْلِ النَّارِ، فيُقَالُ: هذا مَقْعَدُكَ حتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ."الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- - الصفحة أو الرقم: 1379 - خلاصة حكم المحدث :صحيح


"إذا خَرَجَتْ رُوحُ المُؤْمِنِ تَلَقَّاها مَلَكانِ يُصْعِدانِها. قالَ حَمَّادٌ: فَذَكَرَ مِن طِيبِ رِيحِها وذَكَرَ المِسْكَ. قالَ: ويقولُ أهْلُ السَّماءِ: رُوحٌ طَيِّبَةٌ جاءَتْ مِن قِبَلِ الأرْضِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وعلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ، فيُنْطَلَقُ به إلى رَبِّهِ عزَّ وجلَّ، ثُمَّ يقولُ:انْطَلِقُوا به إلى آخِرِ الأجَلِ. قالَ: وإنَّ الكافِرَ إذا خَرَجَتْ رُوحُهُ، قالَ حَمَّادٌ وذَكَرَ مِن نَتْنِها، وذَكَرَ لَعْنًا، ويقولُ أهْلُ السَّماءِ رُوحٌ: خَبِيثَةٌ جاءَتْ مِن قِبَلِ الأرْضِ. قالَ فيُقالُ:انْطَلِقُوا به إلى آخِرِ الأجَلِ. قالَ أبو هُرَيْرَةَ: فَرَدَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَيْطَةً كانَتْ عليه، علَى أنْفِهِ، هَكَذا."الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 2872 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر -
الشرح:
هَذا حديثٌ عَظيمٌ في خُروج رُوحِ المُؤمنِ والكافرِ وعُروجِهما إلى السَّماءِ، وما في رُوحِ المُؤمنِ من طِيبٍ، وما في رُوح الكافرِ مِن خُبثٍ.
فيُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بمبدأِ خُروجِ الرُّوحِ؛ فإنَّه إذا خَرجَتْ رُوحُ المؤمنِ تَلقَّاها مَلكانِ يُصعِدانِها، قال حمَّادٌ: وهوَ أَحدُ رُواة هذا الحديثِ، فذَكر مِن طيبِ رِيحها، وذِكرِ المِسكِ، يَعني أنَّ ريحَها طَيِّبٌ، ويَقولُ أَهلُ السَّماء: رُوحٌ طيِّبةٌ جاءتْ مِن قِبَلِ الأرضِ، صلَّى اللهُ عليكِ وعلى جَسدٍ كنتِ تَعمُرينَه، أي: أَثنى عَليك في الملأِ الأَعلى عندَ المَلائكةِ المُقرَّبين. فيَنطلِقُ به إلى رَبِّه عزَّ وجلَّ، ثُمَّ يَقولُ: انطَلِقوا به إلى آخرِ الأَجلِ.يَعني: اذهَبوا برُوحِه إلى المَكانِ الَّذي أُعدَّ لَها إلى وقتِ القيامةِ، ثُمَّ أَخبرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عن رُوحِ الكافرِ، فَقال: وإنَّ الكافرَ إذا خَرجتْ رُوحُه- قالَ حمَّادٌ: وذَكرَ مِن نَتْنِها، وذَكر لَعْنًا- ويَقولُ أهلُ السَّماء: رُوحٌ خبيثةٌ جاءتْ مِن قِبَلِ الأرضِ. قال فيُقال: انطَلِقوا به إلى آخِرِ الأَجلِ، يَعني:اذهَبوا برُوحِه إلى المَكانِ الَّذي أُعِدَّ لَها إلى وقتِ القيامَةِ. ثُمَّ قال أَبو هُريرةَ: فردَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ريطةً، كانتْ عليهِ، وهي مِلاءةٌ، وقيلَ: كلُّ ثوبٍ رقيقٍ، فردَّها على أَنفِه، فكأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كوشفَ لَه، وشَمَّ مِن نَتنِ رِيحِ رُوحِ الكافرِ، ففَعلَ ذلكَ هَكذا، أي: يُمثِّلُ أبو هُريرةَ ذلكَ الفعلَ .- الدرر -

"مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَبْرَيْنِ، فَقالَ: إنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، أمَّا أحَدُهُما فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وأَمَّا الآخَرُ فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ ثُمَّ أخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ في كُلِّ قَبْرٍ واحِدَةً، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هذا؟ قالَ: لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عنْهما ما لَمْ يَيْبَسَا"الراوي : عبدالله بن عباس- المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 218 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر -الشرح:القَبْرُ هو أولُ مَنازِل الآخِرَةِ، والعذابُ والنعيمُ فيه حقٌّ.
وفي هذا الحديثِ: يُخبِرُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأحدِ الأعمالِ المُوجِبة لعَذابِ القَبْرِ، حيث مَرَّ على حائطٍ من حِيطَانِ المَدِينَةِ أو مَكَّةَ، والحائِطُ: هو البُسْتان إذا كان له سُورٌ، فسَمِع صوتَ إنسانَيْن يعذَّبان في قُبورِهما، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "يُعَذَّبانِ، وما يعذَّبان في كَبِيرٍ" يعني: لا يعذَّبان في أمرٍ كبيرٍ في نَظرِكم، وإنْ كان هو في الحقيقةِ كَبِيرًا عند اللهِ تعالى؛ ولذلك قال صلَّى الله عليه وسلَّم"بَلَى"، أي: إنَّه كَبِيرٌ في الحقيقةِ.
وسببُ عذابِهما كما أَخْبَر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أنَّ أحدَهما كان لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِه، يَعنِي: لا يَسْتَبْرِئُ منه ولا يَتَحفَّظُ مِن أن يُصِيبَه منه. والآخَرُ كان يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ بين الناسِ، أي: يَنقُل كلامَ غيرِه بقَصْدِ الإضرارِ وإيقاعِ الخِلافِ والوَقِيعَةِ بين الناسِ.
ثُمَّ دَعَا صلَّى الله عليه وسلَّم بِجَرِيدَةٍ، فكَسَرها نِصفَيْن، ووَضَع على قَبْرِ كلِّ واحدٍ منهما جزءًا منها، فقيل له: لِمَ فعلتَ هذا؟ فقال صلَّى الله عليه وسلَّم"لَعَلَّهُ أن يُخَفَّفَ عنهما ما لم يَيْبَسَا، أو إلى أنْ يَيْبَسَا"، أي: لعلَّ الله تعالى أن يُخَفِّفَ عنهما العذابَ إلى أن يَجِفَّ الجَرِيدُ الذي وَضَعه صلَّى الله عليه وسلَّم على قبرَيْهما.
وفي الحديثِ:إثباتُ عذابِ القبرِ، وأنَّه حقٌّ يَجِبُ الإيمانُ والتَّسليمُ به.
وفيه:التَّحذِيرُ مِن مُلابَسةِ البَوْل، ويَلتحِق به غيرُه مِنَ النَّجاساتِ في البَدَن والثَّوْب.
وفيه:النَّهيُ عن النَّمِيمَةِ.الدرر -فوائد هامة :وَقَدْ اِسْتَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَضْعَ النَّاس الْجَرِيد وَنَحْوه فِي الْقَبْر عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيث وَقَال عن هذا الحديث : هُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ دَعَا لَهُمَا بِالتَّخْفِيفِ مُدَّة بَقَاء النَّدَاوَة , لا أَنَّ فِي الْجَرِيدَة مَعْنًى يَخُصّهُ , وَلا أَنَّ فِي الرَّطْب مَعْنًى لَيْسَ فِي الْيَابِساهـ . وعلى هذا ، يكون ذلك خاصًّا بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فلا يستحب لأحد أن يضع جريدة ولا غيرها على القبر . جاء في فتاوى اللجنة الدائمة : " إن وضع النبي صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلََّم الجريدة على القبرين ورجاءه تخفيف العذاب عمن وضعت على قبريهما واقعة عين لا عموم لها في شخصين أطلعه الله على تعذيبهما ، وأن ذلك خاص برسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلََّم ، وأنه لم يكن منه سنة مطَّرَدة في قبور المسلمين وإنما كان مرتين أو ثلاثًا على تقدير تعدد الواقعة لا أكثر ، ولم يعرف فعل ذلك على أحد من الصحابة ، وهم أحرص المسلمين على الاقتداء به صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلََّم ، وأحرصهم على نفع المسلمين ، إلا ما روي عنبُرَيْدة الأسلمي : أنه أوصى أن يجعل في قبره جريدتان ، ولا نعلم أن أحدًا من الصحابة رضي الله عنهم وافق بُرَيْدة على ذلك "اهـ . وهكذا لا تجوز الكتابة على القبور ولا وضع الزهور عليها للحديثين المذكورين ؛ وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن تجصيص القبور والبناء عليها والقعود عليها والكتابة عليها "اهـ. مجلة البحوث الإسلامية :68/50. الإسلام سؤال وجواب.
"عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ القَبْرِ، فَقالَتْ لَهَا:أعَاذَكِ اللَّهُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَذَابِ القَبْرِ، فَقالَ: نَعَمْ، عَذَابُ القَبْرِ قالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إلَّا تَعَوَّذَ مِن عَذَابِ القَبْرِ."الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1372 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر-وفي الحديثِ:أنَّ عذابَ القبرِ حقٌّ، وأنَّه ليسَ بِخاصٍّ بِهذه الأمُّة.
وفيه:التَّحدُّثُ عَن أهلِ الكتابِ إذا وافقَ قولَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه:التَّوقُّفُ عَن خبرِهم حتَّى يُعرفَ أَصِدْقٌ هو أم كذِبٌ.
وفيه:التَّعوُّذ مِن عذابِ القبرِ عَقيبَ الصَّلاةِ؛ لأنَّه وقتُ إجابةِ الدَّعوةِ.الدرر-

"اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ والهَرَمِ، وأَعُوذُ بكَ مِن عَذابِ القَبْرِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ."الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6367- خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر-"كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدْعُو ويقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِن عَذَابِ القَبْرِ، ومِنْ عَذَابِ النَّارِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ."الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 1377 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر-
*يَحكي زيدُ بنُ ثابتٍ رضِي اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بينما كان في حائطٍ"بيْنَما النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ، علَى بَغْلَةٍ له وَنَحْنُ معهُ، إذْ حَادَتْ به فَكَادَتْ تُلْقِيهِ، وإذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ، أَوْ خَمْسَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ، قالَ: كَذَا كانَ يقولُ الجُرَيْرِيُّ، فَقالَ: مَن يَعْرِفُ أَصْحَابَ هذِه الأقْبُرِ؟ فَقالَ رَجُلٌ: أَنَا، قالَ:فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ؟ قالَ: مَاتُوا في الإشْرَاكِ، فَقالَ: إنَّ هذِه الأُمَّةَ تُبْتَلَى في قُبُورِهَا، فَلَوْلَا أَنْ لا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِن عَذَابِ القَبْرِ الذي أَسْمَعُ منه ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، فَقالَ:تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن عَذَابِ النَّارِقالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن عَذَابِ النَّارِ، فَقالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن عَذَابِ القَبْرِ، قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن عَذَابِ القَبْرِ، قالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِنَ الفِتَنِ، ما ظَهَرَ منها وَما بَطَنَ قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ منها وَما بَطَنَ، قالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن فِتْنَةِ الدَّجَّالِ قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن فِتْنَةِ الدَّجَّالِ."الراوي : زيد بن ثابت - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2867 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-إنَّ هذه الأمَّةَ تُبتَلى: أي: تُمتحنُ ثُمَّ تُنعَّمُ أو تُعذَّبُ.في الحديثِ: ثبوتُ سماعِ البهائمِ لِأصواتِ المعذَّبِينَ في القبورِ.
وفيه: الأمرُ بِالاستعاذةِ مِن عذابِ القبرِ والفتنِ والنَّارِ وفتنةِ الدَّجَّالِ.
وفيه:ثبوتُ عذابِ القبر.

صفة نعيم القبر وعذابه
حديث البراء بن عازب
"خرَجْنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في جِنازةِ رجلٍ منَ الأنصارِ، فانتَهينا إلى القبرِ ولمَّا يُلحَدْ، فجلسَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وجَلَسنا حولَهُ كأنَّما على رءوسِنا الطَّيرُ، وفي يدِهِ عودٌ ينْكتُ بِهِ في الأرضِ، فرفعَ رأسَهُ، فقالَ:استَعيذوا باللَّهِ من عذابِ القبرِ مرَّتينِ، أو ثلاثًا، زادَ في حديثِ جريرٍ ها هنا وقالَ: وإنَّهُ ليسمَعُ خفقَ نعالِهم إذا ولَّوا مدبرينَ حينَ يقالُ لَهُ: يا هذا، مَن ربُّكَ وما دينُكَ ومن نبيُّكَ ؟ قالَ هنَّادٌ: قالَ:ويأتيهِ ملَكانِ فيُجلِسانِهِ فيقولانِ لَهُ: مَن ربُّكَ ؟ فيقولُ: ربِّيَ اللَّهُ، فيقولانِ: ما دينُكَ ؟ فيقولُ: دينيَ الإسلامُ، فيقولانِ لَهُ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكم ؟ قالَ: فيقولُ: هوَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فيقولانِ: وما يُدريكَ ؟ فيقولُ: قرأتُ كتابَ اللَّهِ فآمنتُ بِهِ وصدَّقتُ ،زادَ في حديثِ جريرٍ: فذلِكَ قولُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ "يُثبِّتُ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا" فينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن قَد صدقَ عَبدي، فأفرِشوهُ منَ الجنَّةِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى الجنَّةِ، وألبسوهُ منَ الجنَّةِ قالَ:فيأتيهِ من رَوحِها وطيبِها قالَ: ويُفتَحُ لَهُ فيها مدَّ بصرِهِ .
قالَ: وإنَّ الْكافرَ فذَكرَ موتَهُ قالَ: وتعادُ روحُهُ في جسدِهِ، وياتيهِ ملَكانِ فيُجلسانِهِ؛ فيقولانِ: من ربُّكَ ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ لَهُ: ما دينُكَ ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكُم ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فُينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن كذَبَ، فأفرشوهُ منَ النَّارِ، وألبِسوهُ منَ النَّارِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى النَّارِ، قالَ: فيأتيهِ من حرِّها وسمومِها ،قالَ:ويضيَّقُ عليْهِ قبرُهُ حتَّى تختلِفَ فيهِ أضلاعُهُ، زادَ في حديثِ جريرٍ قالَ: ثمَّ يقيَّضُ لَهُ أعمى أبْكَمُ معَهُ مِرزبَةٌ من حديدٍ لو ضُرِبَ بِها جبلٌ لصارَ ترابًا، قالَ:فيضربُهُ بِها ضربةً يسمَعُها ما بينَ المشرقِ والمغربِ إلَّا الثَّقلينِ فيَصيرُ ترابًا، قالَ:ثمَّ تعادُ فيهِ الرُّوحُ"الراوي : البراء بن عازب - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود -الصفحة أو الرقم: 4753 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.قال اللهِ عزَّ وجَلَّ"يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ"إبراهيم: 27، أي: يُوفِّقُ اللهُ الذينَ آمَنوا به في الدُّنيا ويَهديهِم إلى صَوابِ الجَوابِ والحَقِّ في الدُّنيا، وعندَ السُّؤال في القَبرِ، وعِند اللهِ تعالى."إلا الثَّقلَين"، أي: يَسمَعُ صُراخَه كُلُّ الخَلائقِ إلَّا الإنسَ والجِنَّ؛ فإنَّ اللهَ جعَلَ بينهما وبين هذا العذابِ حِجابًا فلا يَسْمعونَه.
"فَيصيرُ تُرابًا"، من شِدَّة الضَّربةِ التي تَسحَقُه فَيتَحوَّلُ إلى تُرابٍ، قال"ثُمَّ تُعادُ فيه الرُّوحُ"؛ وذلك لِيعادَ له العَذابُ.
وفي الحديثِ: التَّنبيهُ إلى فَضلِ الإيمان ومَغبَّةِ الكُفرِ في القَبرِ وبَعدَ المَوتِ.
وفيه: بيانُ أنَّ في القَبر نَعيمًا للمُؤمنِ، وعَذابًا للكافِرِ.
فالواجب على كل مسلم ومسلمة الاطمئنان إلى ما أخبر به الله عز وجل ، وأخبر به رسوله عليه الصلاة والسلام ، وأن يصدق بذلك على الوجه الذي أراده الله عز وجل ، وإن خفي على العبد بعض المعنى ، فلله الحكمة البالغة سبحانه
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس