عرض مشاركة واحدة
قديم 04-01-17, 05:52 PM   #58
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

فَصْل

يَجُوزُ الجَمْعُ بَيْنَ الظّهْرَيْنِ، وَبَيْنَ العِشَاءَيْنِفِي وَقْتِ إِحَدَاهُمَا فِي سَفَرِ قَصْرٍ، وَلِمَرِيضٍ يَلْحَقُهُ بِتَرْكِهِ مَشَقَّةٌ، وَبَيْنَ العِشَاءَيْنِ، لِمَطَرِ يَبُلّ الثِّيَابَ، وَوَحْلٍ، وَرِيحٍ شَدِيدَةٍ بَارِدَةٍ، وَلَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ، أَوْ فِي مَسْجِدِ طَرِيقِهِ تَحْتَ سَابَاطٍ. وَالأَفْضَلُ فِعْلُ الأَرْفَقِ بِهِ مِنْ تَأخِيرٍ وَتَقْدِيمٍ، فَإِنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الْأولَى اشْتُرِطَ نِيَّةُ الجَمْعِ عِنْدَ إِحْرَامِهَا، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إِلّا بِقَدْرِ إِقَامَةٍ وَوُضُوءٍ خَفِيفٍ، وَيَبْطُلُ بِرَاتِبَةٍ بَيْنَهُمَا، وَأَنْ يَكُونَ الْعُذْرُ مَوْجُودًا عِنْدَ افْتِتَاحِهِمَا وَسَلَامِ الْأولَى، وَإِنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثّانِيَةِ اشْتُرِطَ نِيَّةُ الجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأولَى، إِنْ لَم يَضِقْ عَنْ فِعْلِهَا، وَاسْتِمرَارُ العُذْرِ إِلَى دُخُولِ وَقْتِ الثّانِيَةِ.


_________________________________
قوله: «فصل» يعني: في الجمع.
قوله: «يجوز الجمع بين الظهرين» هما الظهر والعصر،«و بين العشائين» هما المغرب والعشاء «في وقت إحداهما» أي الأولى أو الثانية، أو في الوقت الذي بينهما.
قوله: «في سفر قصر» هذا أحد الأسباب المبيحة للجمع، وهو سفر القصر سواء كان نازلًا أو سائرًا، وكذا يجوز الجمع «لمريض»أيّ مرض سواء كان صداعًا في الرأس، أو وجعًا في البطن، أو الجلد، أو غير ذلك، إذا كان «يلحقه بتركه مشقة» أما لو لم يلحقه مشقة، فإنه لا يجوز له الجمع، والمشقة أن يتأثر بالقيام والقعود إذا فرق الصلاتين، أو كان يشق عليه أن يتوضأ لكل صلاة، والمشقات متعددة([1]).
ويجمع «وبين العشائين»لا بين ظهرين «لمطر يبل الثياب» لكثرته وغزارته؛ فإن كان مطرًا قليلًا لا يبل الثياب، فإن الجمع لا يجوز، ويجمع لـ«وحل» وهو الزلق والطين؛ وإن لم يكن المطر ينـزل، ويجمع لـ«ريح شديدة باردة»، ولا يُشْتَرط أن تكون في ليلة مظلمة، والمراد بالريح الشديدة ما خرج عن العادة، وأما الريح المعتادة، فإنها لا تبيح الجمع، والمراد بالبرودة: ما تشق على الناس.
وله الجمع في هذه الأعذار «ولو صلى في بيته أو في مسجد طريقه تحت ساباط»والساباط: السقف، هذا إذا كان من أهل الجماعة وذلك لئلا تفوته الجماعة، أما إذا كان يصلي في بيته لمرض، وهو لا يحضر المسجد، فلا يجوز له أن يجمع؛ لأنه لا يستفيد شيئًا، أو كانت امرأة، فإنه لا يجوز لها الجمع من أجل المطر؛ لأنها لا تستفيد بالجمع شيئًا، فهي ليست من أهل الجماعة.
قوله: «والأفضل»لمن يباح له الجمع «فعل الأرفق به من تأخير وتقديم» فإن كان التأخير أرفق فليؤخر، وإن كان التقديم أرفق فلْيُقَدِّم، وقد استثنى أهل المذهب جمع عرفة؛ فالأفضل فيه التقديم، ومزدلفة فالأفضل فيه التأخير.
قوله: «فإن جمع في وقت الأولى اشترط نية الجمع عند إحرامها»فلو فرض أنه دخل في الأولى وهو لا ينوي الجمع، ثم في أثناء الصلاة بدا له أن يجمع، فإن الجمع لا يصح، والصحيح أنه لا يشترط نية الجمع عند إحرام الأولى، والذي يشترط هو وجود السبب عند الجمع؛ فالصحيح أن له أن ينوي الجمع ولو بعد سلامه من الأولى، ولو عند إحرامه في الثانية ما دام السبب موجودًا ([2]).
قوله: «ولا يفرق بينهما إلا بقدر إقامة ووضوء خفيف»، أي: يشترط أن لا يفرق بين المجموعتين في جمع التقديم إلا بمقدار إقامة ووضوء خفيف.
«ويبطل»الجمع بصلاة «راتبة بينهما» أي بين الصلاة الأولى والثانية، أي: لو جمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم، فلما صلى المغرب صلى راتبة المغرب، فإنه لا جمع حينئذ؛ لوجود الفصل بينهما بصلاة، ولو فصل بينهما بفريضة، فبعد أن صلى المغرب ذكر أنه صلى العصر بلا وضوء فصلى العصر، فلا جمع؛ لأنه إذا أبطل الجمع بالراتبة التابعة للصلاة المجموعة فبطلانه بصلاة أجنبية من باب أولى، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا يشترط الموالاة بين المجموعتين، والأحوط ألا يجمع إذا لم يوال بينهما لكن رأي شيخ الإسلام له قوته([3]).
ويشترط كذلك في جمع التقديم «أن يكون العذر»المبيح للجمع «موجودًا عند افتتاحهما»أي الأولى والثانية «وسلام الأولى»، ويشترط كذلك أن يكون موجودًا إلى انتهاء الثانية في غير جمع مطر ونحوه، بشرط أن يخلفه وحل.
فلو لم ينـزل المطر مثلًا إلا في أثناء الصلاة، فإنه لا يصح وإذا لم ينـزل إلا بعد تمام الصلاة الأولى، أي: كانت السماء مغيمة ولم ينـزل المطر، وبعد أن انتهت الصلاة الأولى نزل المطر، فإن الجمع لا يصح، والصحيح أنه لا يُشْتَرط وجود العذر إلا عند السلام من الأولى، فلو لم ينزل المطر مثلًا إلا في أثناء الصلاة، فإنه يصح الجمع على الصحيح، بل لو لم ينزل إلا بعد تمام الصلاة الأولى، أي: كانت السماء مغيمة ولم ينزل المطر. وبعد أن انتهت الصلاة الأولى نزل المطر، فالصحيح أن الجمع جائز على هذا القول الراجح([4]).
ويشترط كذلك في جمع التقديم الترتيب؛ بأن يبدأ بالأولى ثم بالثانية.
قوله: «وإن»نوى «جمع في وقت الثانية اشترط نية الجمع في وقت الأولى»؛ لأنه لا يجوز أن يؤخر الصلاة عن وقتها بلا عذر إلا بنية الجمع حيث جاز.
قوله: «إن لم يضق» الوقت «عن فعلها» فإن ضاق عن فعلها لم يصح الجمع.
ولابد من «استمرار العذر إلى دخول وقت الثانية» فإن لم يستمر، فالجمع حرام، ولم يذكر الموالاة إشارة إلى عدم اشتراط الموالاة؛ لأن الموالاة في جمع التأخير ليست بشرط.


_________________________________
([1]) قال أبو بطين (1/186): «فأما الجمع لأجل المطر بين الظهر والعصر، فالصحيح أنه لا يجوز؛ قيل لأحمد: هل يجمع بين الظهر والعصر في المطر؟ فقال: لا، ما سمعته، اهـ شرح، قال في الإنصاف: واختار الشيخ أن الجمع بين الظهر والعصر يجوز للمطر». اهـ.

([2]) المذهب ما ذكره المصنف، كما في شرح منتهى الإرادات (1/299)، وما صححه الشيخ قول ذكره في الإنصاف (2/341).

([3]) المذهب أن الموالاة تشترط، كما في شرح منتهى الإرادات (1/299)، وذكر في الإنصاف (2/343) أن الشيخ تقي الدين لا يشترط الموالاة في الجمع.

([4]) المذهب ما ذكره المصنف، كما في شرح منتهى الإرادات (1/300).



توقيع أم إبراهيم السلفية
[CENTER] [CENTER][CENTER][B][COLOR=fuchsia][FONT=&quot]وما من كــاتب إلا سيلقى .. .. .. كتابته وإن فنيت يـــداه[/FONT][/COLOR][/B][/CENTER]
[/CENTER]
[CENTER][CENTER][B][COLOR=fuchsia][FONT=&quot]فلا تكتب بحظك غير شيء .. .. .. يسرك في القيامة أن تراه[/FONT][/COLOR][/B][/CENTER]
[/CENTER]
[/CENTER]
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس