عرض مشاركة واحدة
قديم 15-10-15, 10:06 PM   #4
أَمَةُ الله
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

ثاني صفات عباد الرحمن

& .............. &

&.. الحِلم ..&

وكأنه لما ذكر حالهم مع أنفسهم وأنهم متواضعين غير مستعلين ولا مستكبرين ؛ ذكر حالهم مع الناس وخاصة مع
أهل الجهل والسفه فقال : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا }
أي: إذا سفه عليهم الجهال بالقول السيئ لم يردوا عليهم بمثله، بل يصفحون ولا يقولون إلا خيرًا كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
لا تزيده شدة الجاهل إلا حلمًا.

فهم لا يردون السيئة بالسيئة، وإن كان هذا من حقهم ، إنما يقولون قولًا سديدًا يليق بحالهم وسَمْتِهِمْ.
والجهل هنا في الآية ليس هو الجهل ضد العلم ؛ إنما هو من الجهل ضد الحلم.

& .............. &

فالجاهل في نظر القرآن الكريم هو من عصى الله وغَلَّبَ اتباع الهوى على الحق ،
حينما راودت النسوة يوسف عن نفسه قال:
( وإلا تَصرِف عَني كيدَهُنَّ أصبُ إليهِنَّ وأكُن مِّنَ الجاهِلين )
يوسف 33

وموسى حينما أخبر قومه بأمر الله أن يذبحوا بقرة
( قالوا أتتخِذُنا هُزُوا قالَ أعوذُ باللهِ أن أكونَ مِنَ الجاهِلين ) البقرة 67
أي ممن يهزأون في موضع الجد أو يتكلمون بالسخرية في موضع الحق فهذا شأن الجاهلين ،
وعلى هذا فالجاهل هو العاصي لأنه جهل عظمة ربه ، وهو السفيه قليل العقل سيء الخلق.
فعباد الرحمن لا يشغلون أنفسهم في معركة مع الجاهلين ، فهم ينزهون أنفسهم عن الرد على هؤلاء.

& .............. &

وللنبي -صلى الله عليه وسلم- مشاهد كثيرة في حلمه على الناس وفي دفع السيئة منهم بالحلم منه -صلى الله عليه وسلم- فيقابل السيئة بالحسنة،
ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رجلًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يتقاضاه فأغلظ له،
فَهَمَّ به أصحابه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً ) .

كذلك في الحديث المتفق عليه عن أنس -رضي الله عنه- قال:
( كنت أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه بُرْدٌ نَجرانيٌّ غليظُ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجَبَذَهُ بردائه جَبْذَةً شديدة، فنظرتُ إلى
صفحة عاتق النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أثرت به حاشية الرِّداء من شدة جَبذتِهِ ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك
ثم أمر له بعطاء ) .

& .............. &

ويروي عن الحسن أن رجلاً قال: إن فلاناً قد اغتابك ، فبعث إليه طبقاً من الرطب ، وقال: بلغني أنك أهديت إليّ حسناتك ، فأردت أن أكافئك عليها ، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام.

وقال رجل لحكيم يا قبيح الوجه فقال: ما كان خَلْقُ وجهي إليَّ فَأُحْسِنُهُ.!!!

وقال علي بن يزيد‏:‏ أغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول فأطرق عمر زماناً طويلاً ثم قال‏:‏ أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان فأنال منك اليوم
ما تناله مني غداً.

وسَبَّ رَجلٌ أبا بكر رضي الله عنه فقال‏:‏ ما ستر الله عنك أكثر.

وسَبَّ رَجلٌ الشعبي فقال‏:‏ إن كنت صادقاً فغفر الله لي وإن كنت كاذباً فغفر الله لك‏.‏

و مَرَّ المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام بقوم فقالوا له شراً فقال لهم خيراً فقيل له‏:‏ إنهم يقولون شراً وأنت تقول خيراً فقال‏:‏ كل ينفق مما عنده‏.‏

وكان الشيخ الشعراوي يتعرض للسب والغمز من بعض الكتاب والصحافيين فلما كلموه في الرد عليهم قال: لن أعطيهم شرف الرد عليهم.

& .............. &

ورحم الله من قال:
يخاطبني السفيه بكل قبحٍ * وآبى أن أكون له مجيباً
يزيد سفاهةً و أزيد حلماً * كعودٍ زاده الإحراق طيباً

وآخر يقول:
إذا نطق السفيه فلا تجبه * فخير من إجابته السكوتُ
إذا جاوبته فرجت عنه * وإذا خليته كمداً يموتُ

فهل يمتثل المسلمون ذلك الوصف؟
فكم رأينا من مسلم غضوب، وكم رأينا من ينتقم لنفسه، وينتصر لها، بل وقد يقع بعضهم في عرض آخر، وقد يغتابه، محتجًا بأنه ينتقده ،
وقد
يستبيح بعضهم سباب آخرين لمجرد مخالفته في أسلوب عمل..

& ..............&

من أراد أن يكون من عباد الرحمن فليدع هذه المعارك التي يفتعلها الشيطان ليزرع بها العداوة والبغضاء بين المسلمين.


نسأل الله أن يرزُقنا الحِلم والعِلم والتواضُع وسِعَة الصَّدر.

التعديل الأخير تم بواسطة أَمَةُ الله ; 15-10-15 الساعة 10:13 PM
أَمَةُ الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس