عرض مشاركة واحدة
قديم 21-03-14, 04:06 PM   #11
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي




يقولُ المُؤلِّفُ: [ فإذا عَرفتَ أنَّ الشِّركَ إذا خالَطَ العِبادةَ أفسدَها،

وأحبَطَ العَملَ، وصار صاحِبُه من الخالِدِين ].
الشِّركُ في أصلِهِ في اللغة يقتضي المُشارَكَة؛ بمعنى أن يَعبُدَ اللهَ ويَعبُدَ معه غيرَه.



ينقسِمُ الشِّركُ إلى قِسمين:

- القِسمُ الأول: الشِّركُ الأكبرُ: وهو أن يَصرِفَ شيئًا من العِباداتِ التي
هِيَ خالِصةٌ لوَجه اللهِ لِغَيره، كالذَّبحِ والنَّذر، ثُمَّ تأتي العِباداتُ الأُخرى: الركوعُ
والسّجودُ وغيرُه إذا صرفَها لغير اللهِ تعالى. هذا يُسمَّى مُشرِكًا شِركًا أكبر،
ويدخُلُ فيه الطوافُ وغيرُه.

- القِسمُ الثاني: الشِّركُ الأصغر: وهو ما وَرَدَ تسميتُه شِركًا، ولم يَصِل

إلى حَدِّ الأكبر. مِثل: الحَلِف بغير الله، (( مَن حَلَفَ بغيرِ اللهِ، فقد كَفَرَ
أو أشركَ )) السلسلة الصحيحة. ويُعتبَرُ مِثلَ قوله صلَّى الله عليه وسلَّم:
(( إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عليكم الشِّركُ الأصغرُ )) قالوا: وما الشِّركُ الأصغرُ؟
قال: (( الرِّياءُ )) السلسلة الصحيحة، وفي رواية: (( يقومُ الرجلُ فيُصلي،
فيُزيِّنُ صلاتَه لِمَا يَرَى مِن نَظَرِ الناسِ إليه )) حسَّنه الألبانيُّ. هذا ليس
مُخرِجًا من المِلَّة.

ومِن العُلماءِ مَن أدخل قِسمًا ثالثًا، وسمَّاه: الشِّرك الخَفِيّ،
ويُسمِّيه
بعضُهم بشِركِ الألفاظِ. مِثل: لولا الكَلْبُ لَسُرِقَ الغَنَم،
ومِثلُه: لولا البَطُّ في الدَّار لَسَرَقنا اللصوصُ.



الشِّركُ الخَفِيُّ والأصغرُ في الأحكامِ سَواء، أمَّا الأكبرُ فَفَرقٌ بينه وبين الأصغر.


ونُعطي قاعِدةً: "هُناكَ فَرقٌ بين الشِّركِ الأكبر والأصغر، والكُفر الأكبر

والأصغر، والنِّفاق الاعتقاديِّ والنِّفاق العَمليِّ، وكذلك بين الرِّدَّةِ وبين
المعاصي كبائر الذنوب". هناك فروقٌ بينها، نسردُها سريعةً:

1- أنَّ الشِّركَ الأكبرَ تَحبَطُ الأعمالُ معه كُلِّيَّةً. أمَّا الشِّركُ الأصغرُ فلا

يُحبِطُ إلَّا العَملَ الذي قارنه. والدَّليلُ: ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾
الزمر/65، العَملُ مُطلقًا، ليس على الجُزءِ الذي شاركَه.

2-
أنَّ الشِّركَ الأكبرَ يُخرِجُ من الإسلام. أمَّا الأصغرُ فلا يُخرِجُ صاحِبَه

من الإسلام.

3-
أنَّ صاحِبَ الشِّركِ الأكبر لا يَغفِر اللهُ له أبدًا؛ لقول الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ النساء/48.
شارِبُ الخَمر، الزَّاني، القاتِل، يُمكِنُ أن يُغفَرَ له، لكن الذي يُشرِكُ باللهِ
ليس له مغفرةٌ إطلاقًا، بخِلافِ الأصغر، فالمسألةُ فيها خِلافٌ بين أهل العِلم.
مِنهم مَن يَرَى أنَّ صاحِبَ الشِّركِ الأصغر كالكبائر تحت المَشيئة، ومنهم مَن
يَرَى أنَّه لا يُمكِنُ أن يُغفَرَ له لعُمومِ الآيةِ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ﴾
النساء/48، والآيةُ لم تُفصِّل بين أكبرٍ وأصغر. ومنهم مَن قال إنَّه يُوازَن بين
حسناتِهِ وسيئاتِهِ، فإذا كانت حسناتُه أكثرَ غُفِرَ له، وإنْ كانت سيئاتُه أكثرَ
فليس داخِلاً تحت المَشيئة.

4- أنَّ صاحِبَ الشِّركِ الأكبر مُخلَّدٌ في النَّار؛ يعني خالِدًا مُخلَّدًا فيها.

ولهذا هؤلاء هم الذين تُوصَدُ عليهم النَّارُ ولا يَخرجون منها أبدًا،
وجاءت النصوصُ ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ هود/107، دليلٌ على أنَّه
لا خروجَ
لهم من النار أصلاً؛ بسبب شِركِهم الذي فعلوه.





توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس