عرض مشاركة واحدة
قديم 24-08-06, 11:31 AM   #2
أم هشام
نفع الله بك الأمة
افتراضي تابع : أنواع التوحيد في القرآن

9- التوحيد في آية الكرسي‏:‏

آية الكرسي‏:‏ ‏﴿‏اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو الحَيُّ القَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولاَ نَومٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَواتِ ومَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ومَا خَلْفَهُمْ ولاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَواتِ والأَرْضَ ولاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وهُو العَلِيُّ العَظِيمُ‏﴾‏‏:‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 255‏]‏

هذه أعظم آية في كتاب الله عز وجل، تشتمل على ربوبية الله وعبادته وعلى أسماء الله وصفاته، جمع الله فيها بين النفي والإثبات‏:‏ نفي النقائص والعيوب عنه، وإثبات الكمال له سبحانه وتعالى‏.‏

وفي أولها توحيد الألوهية‏:‏ ‏﴿‏اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو‏﴾‏ أي‏:‏ لا معبود بحق إلا هو‏.‏ ثم ذكر توحيد الربوبية بقوله‏:‏ ‏﴿‏الحَيُّ القَيُّومُ‏﴾‏ وهذا فيه إثبات الحياة والقيومية لله‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولاَ نَومٌ‏﴾‏‏:‏ هذا نفي، نفى الله عن نفسه النقص والعيب، من صفات النقص المنفية ‏(‏النوم والسِّنة‏)‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏﴿‏لَّهُ مَا فِي السَّمَواتِ ومَا فِي الأَرْضِ‏﴾‏‏:‏ هذا إثبات لربوبيته، فهو مالك السماوات والأرض ومن فيهن‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏﴾‏‏:‏ هذا نفي، نفى أن يشفع أحد عنده إلا بإذنه؛ وذلك لكمال عظمته سبحانه وتعالى‏.‏ وأن أحدًا لا يجرؤ أن يشفع عنده إلا بعد إذنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏﴿‏يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ومَا خَلْفَهُمْ‏﴾‏‏:‏ هذا إثبات، فيه إثبات كمال العلم لله عز وجل، يعلم كل شيء‏:‏ الماضي والحاضر والمستقبل، لا يخفى عليه شيء، علمه شامل محيط‏.‏

قوله‏:‏ ‏﴿‏ولاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ‏﴾‏‏:‏ هذا نفي، نفى عن الخلق أن يعلموا شيئًا من علم الله، إلا بما أطلعهم الله عليه، وإلا فإنهم لا يعلمون الغيب، لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَواتِ والأَرْضَ‏﴾‏‏:‏ الكرسي مخلوق من مخلوقات الله، وهو مخلوق عظيم، السماوات والأرض بالنسبة إليه كسبعة دراهم ألقيت في فلاة –وهي الصحراء الواسعة- أو في ترس –وهو صحن كبير- ما تكون سبعة دراهم في فلاة أو في ترس‏؟‏‏!‏ فكرسي الله جل وعلا أكبر من السماوات والأرض، وهو غير العرش، والعرش أعظم من الكرسي‏.‏
وما الكرسي في العرش إلا كحلقة حديد ألقيت في أرض فلاة‏.‏

هذا الكرسي، فكيف بعرش الرحمن سبحانه وتعالى‏؟‏‏!‏

إذن فالمخلوقات بالنسبة لله صغيرة جدًا وليست بشيء‏.‏ وإذا كان مخلوق من مخلوقات الله -وهو الكرسي- وسع السماوات والأرض وهو دون العرض، فالله جل وعلا أعظم من كل شيء‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏ولاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا‏﴾‏ أي‏:‏ لا يشق عليه سبحانه ولا يثقله، ولا يكرثه حفظ السماوات والأرض، وحمايتهما من الفساد والتغير، وإمساكهما ‏﴿‏وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ‏﴾‏ ‏[‏الحج‏:‏ 65‏]‏، ‏﴿‏رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا‏﴾‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 2‏]‏ ‏﴿‏إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَواتِ والأَرْضَ أَن تَزُولا‏.‏‏.‏‏﴾‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 41‏]‏ والله سبحانه ليس محتاجًا إلى السماوات والأرض، ولا إلى العرش، ولا إلى الكرسي، وليس محتاجًا إلى المخلوقات، وإنما مخلوقاته هي المحتاجة إليه سبحانه وتعالى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏وهُو العَلِيُّ‏﴾‏ بذاته وقدره وقهره فوق عباده ‏﴿‏العَظِيمُ‏﴾‏ الجامع لصفات العظمة والكبرياء‏.‏

فهذه الآية اشتملت على أنواع التوحيد الثلاثة‏.‏

10- التوحيد في سورة الكافرون والإخلاص‏:‏

في القرآن الكريم سور اختصت بتوحيد الألوهية مثل‏:‏ ‏﴿‏قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ‏.‏ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ‏.‏ ولاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ‏.‏ ولاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ‏.‏ ولاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ‏.‏ لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ‏﴾‏ هذه السورة مخصصة لتوحيد الألوهية، توحيد العبادة‏.‏

وسبب نزولها هو‏:‏ أن المشركين طلبوا من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعبدوا ربه سنة، وهو يعبد آلهتهم سنة (5)(4)‏ فأنزل الله هذه السورة في البراءة من عبادة الأوثان وتخصيص الله جل وعلا بالعبادة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ‏﴾‏ كرر هذه الجمل للتأكيد‏.‏
وقوله‏:‏ ‏﴿‏لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ‏﴾‏ هذا من باب البراءة وتيئيس المشركين من هذا المطمع‏.‏

وفي القرآن أيضًا سورة خاصة بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات، هي‏:‏ سورة الإخلاص ‏﴿‏قُلْ هُو اللَّهُ أَحَدٌ‏.‏ اللَّهُ الصَّمَدُ‏.‏ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ‏.‏ ولَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ‏﴾‏، فيها نفي وفيها إثبات، نفي النقائص عن الله، وإثبات صفات الكمال له سبحانه وتعالى، كما في آية الكرسي‏.‏ وهذه السورة خالصة في صفات الله عز وجل، ولهذا جاء أن صحابيًا كان يكثر قراءة هذه السورة، فسئل عن ذلك‏؟‏ فقال‏:‏ إني أحبها؛ لأنها صفة الرحمن، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال‏:‏ ‏(‏أخبروه أن الله تعالى يحبه‏)‏. (5)



يتبع إن شاء الله



توقيع أم هشام
من العجائب ، أن البركات التي تنزل على العلم ، تنزل على المجتهد حتى الذي اجتهد في تقليب صفحات الكتاب !!

******************************************
إذا حدّثت ففتش ، وإذا كتبت فقمِّش
******************************************
أم هشام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس