عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-10, 04:58 PM   #9
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي خوف السلف الصالح على أنفسهم من النفاق

خوف السلف الصالح على أنفسهم من النفاق :
كان سلفنا الصالح (رحمهم الله) - مع عمق إيمانهم وكمال علمهم ـ يخافون النفاق أيما خوف ، فقد أخرج البخاري - تعليقاً - أن ابن أبي مليكة رحمه الله قال : (أدركت ثلاثين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كلهم يخاف النفاق على نفسه).
قال الحافط ابن حجر [الفتح1/111] : (والصحابة الذين أدركهم ابن أبي مليكة، مـن أجلِّهـم: عائشـة، وأختها أسمـاء، وأم سلمـة ، والعبادلة الأربعـة، وأبو هريرة،... فهؤلاء ممن سمع منهم، وقد أدرك بالسن جماعة أجلّ من هؤلاء، كعليّ، وسعد بن أبي وقاص، وقد جزم بأنهم كانوا يخافون النفاق في الأعمال، ولم ينقل عن غيرهم خلاف ذلك، فكأنه إجماع، وذلك لأن المؤمن قد يعرض عليه في عمله ما يشوبه مما يخالف الإخلاص، ولا يلزم من خوفهم من ذلك وقوعه منهم..).
وكان أبو الدرداء (رضي الله عنه) إذا فرغ من التشهد ـ في الصلاة ـ يتعوذ بالله من النفاق، ويكثر التعوذ منه، فقال له أحدهم: ومالك ـ يا أبا الدرداء ـ أنت والنفاق؟، فقال دعنا عنك، فو الله إن الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة فيُخلع منه [5]
وكان الحسن البصري رحمه الله يقول : (ما خافه -النفاق- إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق) [أخرجه البخاري تعليقاً] [6].
وسئل الإمام أحمد : ما تقول فيمن لا يخاف على نفسه النفاق؟ قال: (ومن يأمن على نفسه النفاق) ؟! [7].
يقول ابن القيم : (وبحسب إيمان العبد ومعرفته يكون خوفه أن يكون من أهل هذه الطبقة، ولهذا اشتد خوف سادة الأمة وسابقيها على أنفسهم أن يكونوا منهم، فكان عمر يقول لحذيفة: ناشدتك الله، هل سماني رسول الله مع القوم؟ فيقول: لا، ولا أزكي بعدك أحداً [8]، يعني لا أفتح عليّ هذا الباب في تزكية الناس، وليس معناه أنه لم يَبرأ من النفاق غيرك) [9].
فتأمل رحمك الله ما عليه أولئك الأسلاف الأبرار من خوف شديد من النفاق ودواعيه، ثم انظر إلى حال الأكثرين منا في هذا الزمان، فمع ضعف الإيمان وغلبة الجهل تجد الأمن من النفاق والغفلة عنه!.. فالله المستعان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[5] أخرجه الفريابي في (صفة المنافق)، ص69، وقال الذهبي في السير (6/382): إسناده صحيح.
[6] وأخرجه الخلال في السنة، 5/68.
[7] انظر: جامع العلوم والحكم، لابن رجب، 2/493.
[8] كان عمر الفاروق (رضي الله عنه) يخاف من نفاق العمل لا نفاق الكفر، كما أن عمر يخاف هذا النفاق الأصغر على نفسه في الحال وليس عند الموت فحسب، انظر تفصيل ذلك في جامع العلوم، 2/492، وفتح الباري، 1/90.
[9] طريق الهجرتين، ص 409


د.عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف



توقيع طالبة الرضوان
سبحان الله،والحمد لله،ولا إله إلا الله،والله أكبر ..
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس