قال المصنف :
فسَاقَ مسلم إسناد الحديث السابق إلى سمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة ..
وساق أحاديث أخرى مرفوعة , وآثار موقوفة فى التحذير عن التحديث بما لايُعرف صحته > .
# صحيح الترغيب والترهيب -1- ص42- رقم 8- ) :
قال المصنف تحت عنوان :
مناقشة اصطلاح المنذرى وبيان ما فيه من الإجمال والغموض:
< قلتُ :
فهو بهذا البيان قد جعل أحاديث كتابه قسمين :
= الأول : ما صدره بلفظ ( عن ) المشعر بقوته .
= والآخر : ما صدره بلفظ ( روى ) المشعر بضعفه .
ثم أنه أدخل فى القسم الأول ثلاثة أنواع من الحديث وهى :
( الصحيح والحسن وما قاربهما ) ,
وأدخل فى القسم الآخر ثلاثة أنواع أيضا وهى:
( الضعيف والضعيف جدا والموضوع ) .
فهذا التقسيم محير عير مُفهم , بل هو يدع القارىء ضائعا بين أنواعه الثلاثة فى كل من القسمين , لايدرى أى نوع منها هو المراد !!! .
----------------
(20) تأثيم الإمام مسلم لمن يروى عن الضعيف ولا يبين حاله ولو فى الترغيب والترهيب
وأصرح منه قوله بعد بحث هام فى وجوب الكشف عن معايب رواة الحديث ؛ وذكر أقوال الأئمة فى ذلك ؛
قال (1/29) :
" وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلى الأخبار ؛ وأفتوا بذلك لما فيه من عظيم الخطر؛ إذ الأخبار فى أمر الدين إنما تأتى بتحليل أو تحريم ؛ أو أمر أو نهى ؛ أو ترغيب أو ترهيب ؛
فإذا كان الراوى لها ليس بمعدن للصدق والأمانة ؛ ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه (عرف أنه ليس عنده صدق ولاأمانة)؛ ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته ؛
كان آثما بفعله ذلك , غاشا لعوام المسلمين؛
إذ لايؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها ؛ ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها ؛
مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ؛
ولا أحسب كثيرا ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف والأسانيد المجهولة؛ ويعتد بروايتها بعد معرفته بما فيها من التوهن والضعف ؛ إلا أن الذى يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التكثر بذلك عند العوام ؛ ولأن يقال : ما أكثر ماجمع فلان من الحديث وألف من العدد !!
ومن ذهب فى العلم هذا المذهب , وسلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه وكان بأن يسمى جاهلا ؛أولى من أن ينسب إلى علم " .
(21) عاقبة التساهل برواية الأحاديث الضعيفة وكتم بيانها
والحقيقة ؛ أن تساهل العلماء برواية الأحاديث الضعيفة ساكتين عنها قد كان من أكبر الأسباب القوية التى حملت الناس على الابتداع فى الدين ؛ فإن كثيرا من العبادات التى عليها كثيرا منهم اليوم إنما أصلها اعتمادهم على الأحاديث الواهية ؛ بل والموضوعة كمثل :
= التوسعة يوم عاشوراء ؛ (الحديث 617 و618 ) " ضعيف الترغيب " ؛
= وإحياء ليلة النصف من شعبان ؛ وصوم نهارها,الحديث (624)
= وغيرها وهى كثيرة جدا ,
تجدها مبثوثة فى كتابى " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السىء فى الأمة " ؛
وساعدهم على ذلك تلك القاعدة المزعومة القائلة بجواز العمل بالحديث الضعيف فى الفضائل
غير عارفين أن العلماء المحققين قد قيدوها بقيدين اثنين :
# (أ) أحدهما حديثى : وقد سبق تفصيله ؛
وخلاصة ذلك :
< أن كل من يريد العمل بحديث ضعيف ينبغى أن يكون على علم بضعفه لأنه لايجوز العمل به إذا كان شديد الضعف>
ولازم هذا الحد من العمل بالأحاديث الضعيفة وانتشارها بين الناس ؛ لو قام أهل العلم بواجب بيانها.
# (ب) القيد الفقهى :
وأما القيد الآخر وهو الفقهى:فهذا أوان البحث فيه؛فأقول :
قد دندن الحافظ ابن حجر حوله فى الشرط الثانى المتقدم ( ص48) بقوله :
"" وأن يكون الحديث الضعيف مندرجا تحت أصل عام "
إلا أن هذا القيد غير كاف فى الحقيقة ؛لأن غالب البدع تندرج تحت أصل عام ؛ ومع ذلك فهى غير مشروعة ؛ وهى التى يسميها الإمام الشاطبى بالبدع الإضافية؛ وواضح أن الحديث الضعيف لاينهض لإثبات شرعيتها ؛ فلابد من تقييد ذلك بما هو أدق منه كأن يقال :
{أن يكون الحديث الضعيف قد ثبت شرعية العمل بما فيه بغيره مما يصلح أن يكون دليلا شرعيا ؛ وفى هذه الحالة لا يكون التشريع بالحديث الضعيف ؛ وغاية ما فيه زيادة ترغيب فى ذلك العمل مما تطمع النفس ؛ فتندفع إلى العمل أكثر مما لو لم يكن قد روى فيه هذا الحديث الضعيف }
قال شيخ الإسلام ابن تيمية فى"مجموع الفتاوى " (1/251) :
[وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعى ؛ وروى فى فضله حديث لايعلم أنه كذب ؛ جاز أن يكون الثواب حقا , ولم يقل أحد من الأئمة إنه يجوز أن يجعل الشىء واجبا أو مستحبا بحديث ضعيف ومنقال هذا فقد خالف الإجماع ]
يُتْبَعُ