عرض مشاركة واحدة
قديم 15-02-09, 02:27 PM   #19
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
Icon62 تابع تفريغ الشريط الخامس ....



فالمهم ان الله تعالى قال :
(( نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ))
مبين لكل شئ , لكن اما على وجه صريح او على وجه الايماء والاشارة .
وقال تعالى :
(( فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه ))
اذا قرآناه – فاتبع : يخاطب من ؟
الرسول عليه الصلاة والسلام
لكن هل الله تعالى هو من يقرؤه عليه ؟ لا , جبريل عليه السلام , لكن لما كان جبريل عليه السلام رسولا من رب العالمين صارت قراءته كقراءة الله تعالى
أطلق الله تعالى الفعل على نفسه والمراد هو الرسول , لان الرسول مبلغ عن ربه , ومن هنا نصل الى فائدة عظيمة في قوله تعالى :
((ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم ))
لو قال قائل : ان الله تعالى على العرش في السماء وهؤلاء في الارض تحت الشجرة , كيف الجمع ؟
كيف يبايعون الله ؟
نقول نعم يبايعون الله لانهم يبايعون الرسول ومبايعة رسوله مبايعة له جل وعلا ,
وكذلك قوله يد الله فوق ايديهم , يد من فوق ايديهم ؟
يد الرسول عليه الصلاة والسلام , لكن لما كانت يد رسوله صارت كأنها يد الله تعالى .
وحينئذ لا اشكال في الآية .
خلافا لمن لجلج وعجعج وقال ان هذه الآية مشكلة , هذه تدل على ان الله تعالى في كل شئ وفي كل مكان , فيقال : لما كانت يد رسوله اطلق عليها انها يده عز وجل , كما ان قراءة جبريل للقرآن : لما كانت بارسال من الله تاعالى انه هو الذي قرأ
(( ثم ان علينا بيانه )) بيانه لماذا ؟ لفظا ام معنى ؟. الاثنين معا .
وأمثلة هذا النوع كثيرة منها قوله تعالى :
( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(الشورى: الآية 11)
حيث اشتبه على أهل التعطيل ، ففهموا منه انتفاء الصفات عن الله تعالى ، وأدعوا أن ثبوتها يستلزم المماثلة ، واعرضوا عن الآيات الكثيرة الدالة على ثبوت الصفات له ، وأن إثبات أصل المعنى لا يستلزم المماثلة .
هذه ال]ة استدل بها المعطلة على نفي الصفات عن الله تعالى , وقالوا : أي صفة تثبتها وفي المخلوق مثلها فقد مثلت , فلا تثبت العين ولا الوجه ولا الرجل ولا الساق ... ول فعلت ذلك لمثلت .
فاشتبه عليهم المعنى , ولم ينظروا الى الآيات الكثيرة التي فيها اثبات صفات الله تعالى .
ومنها قوله تعالى
( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)
حيث اشبته على الوعيدية ( وهم الخوارج والمعتزلة ) ، ففهموا منه أن قاتل المؤمن عمدا مخلد في النار ، لكن الخوارج أشجع من المعتزلة , قالوا انه كافر , والمعتزلة قالوا انه ليس كافر , بل هوفي منزلة بين منزلتين , كيف ؟ والله جعل الخلق قسمين :
(( فمنكم كافر ومنكم مؤمن ))
لكن هذا سببه الرجوع الى العقل والاعراض عن النص , ولهذا بعض العلماء يسمي المعتزلة : عقلاء المبتدعة .
وهل هذا صحيح ان المعتزلة هم عقلاء المبتدعة ؟
لا
1" المبتدعة لا عقل لهم , خالفوا العقل بقدر ما فعلوا من البدع
2" ان العقل يقتضي التزام النص لا مخالفته .
على كل حال ان هؤلاء الوعيدية فهموا ان قاتل المؤمن عمدا كافرا مخلدا في النار وطردوا ذلك في جميع أصحاب الكبائر ، واعرضوا عن الآيات الدالة على أن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله تعالى .
والدليل قوله تعالى :
(( ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ))
ومن المناسبات الجيدة الطيبة ان هذه الآية ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)
وقعت بين آيتين كلتاهما تدل على ان ما دون الشرك فهو تحت المشيئة .
قوله تعالى :
(( ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما ))
ثم جاءت آيات القتل , ثم قوله تعالى :
(( ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ))
اذن الآية لا تدل على ان قاتل النفس مخلدا في نار جهنم , لان الآيات الاخرى والنصوص الاخرى تدل على ان ما دون الشرك تحت المشيئة .
لكن في الواقع ان فيها اشكال :
قوله تعالى في الآية (( خالدا فيها ))
لان الاصل في الخلود هو الدوام , واذا ذكر التعبير فهو من باب التوكيد .
فيقال :
هذا من جنس النصوص التي فيها الوعيد , فالقتل سبب لهذا لكن اذا وجد المانع انتفى مفعول السبب .
وتجدونها ظاهرا في اسباب الارث والمواريث , القرابة من اسباب الارث واذا كان القريب كافرا والميت مسلما امتنع الارث .
فلا شهادة الا بوجود شروطها وانتفاء الموانع , فاذا قال قائل : ان كان هذا لا يتحقق بوجود المانع , ما الفائدة ؟
قلنا الفائدة امران :
1" التغليظ في الوعيد , اسلوب جرى على لسان العرب , وان لم تنزل العقوبة بالفاعل , حتى صار في عرفنا الآن تقول الام لولدها : والله ان فعلت هذا لاكسر رجلك ... هل تصدق بانه اذا فعل سوف تكسر رجله ؟ هذا التغليظ في الوعيد وهو مما جاءت به اللغة العربية .
2" انه ربما يكون قتله للمؤمن عمدا سببا لكفره واذا كفر استحق الخلود في النار
ولهذا جاء في الحديث ** لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما **
يعني في سعة من دينه ما لم يصب دما حراما ضاق عليه الدين وربما فر منه .
ومنها قوله تعالى :
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحج:70)
ألم تعلم : هذه تؤول الى : قد علمت .
لان الهمزة هنا للتقليل مثلها قوله تعالى :
(( ألم نشرح لك صدرك ))
يعني قد شرحنا لك صدرك .
في الآية كل ما هو في السماء والارض فهو معلوم عند الله تعالى من صغير وكبير ومن عظيم وحقير .
, ان ذلك في كتاب او ان ذلك العلم في كتاب وهو اللوح المحفوظ .
حيث اشتبه على الجبرية ، ففهموا منه أن العبد مجبور على عمله ، وادعوا أنه ليس له إرادة ولا قدرة عليه ، وأعرضوا عن الآيات الدالة على أن للعبد إرادة وقدرة ، وأن فعل العبد نوعان : اختياري ، وغير اختياري .
الجبرية استدلوا بنصوص القضاء والقدر على الجبر , والغريب ام نفس استدلالهم دليل عليهم .
نقول : انتم تخاطبونني , هل تشعرون انكم مجبورون ؟ ان كان كذلك فقولكم لا حكم له لان المكره لا حكم لقوله ولا لفعله , وانتم الآن خاصمتم انفسكم .
نقول : انتم الآن تحاجوننا بان الانسان مجبر على عمله لا اختيار له .
حجتكم الآن هل هي باختياركم او مجبورون عليها ؟
ان قالوا : باختيارنا , فانهم خاصموا انفسهم , وان قالوا :مجبرين , قلنا : ايضا هذا خصم لكم , لان المجبر لا حكم لقوله
ولهذا لو اكره الانسان على الكفر لم يكن كافرا .
وهناك نصوص كثيرة تدل على ان للعبد ارادة وقدرة , لكنها اشتبهت عليهم
والراسخون في العلم أصحاب العقول ، يعرفون كيف يخرجون هذه الآيات المتشابهة إلى معنى يتلاءم مع الآيات الأخرى ،فيبقى القرآن كله محكما لا اشتباه فيه .
والحمد لله .
ولهذا ينبغي للانسان ان يسأل الله تعالى دائما ان يهديه للحق
وانظر الى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح قيام الليل وهو اول صلاة يصليها بعد النوم . يقول :
اللهم رب جبريل وميكائيل واسرائيل فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق .
وهو الرسول عليه الصلاة والسلام
يسأل الله تعالى ان يهديه لما اختلف فيه من الحق
فأنت ايضا اسأل الله تعالى دائما ان يهديك لما اختلف من الحق , سواء في العقائد او في العمليات ,لان الانسان بشر يجهل كثيرا وينسى كثيرا
وقد قال تعالى :
(( وما أوتيتم من العلم الا قليلا ))
لا تعتمد على ذكاءك ولا على حفظك ولا على كثرة علومك , اعتمد على الله واسال الله ان يهديك لما اختلف الناس فيه من الحق .
المتن :
الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه
لو كان القرآن كله محكما لفاتت الحكمة من الاختبار به تصديقا وعملا لظهور معناه ، وعدم المجال لتحريفه ، والتمسك بالمتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، ولو كان كله متشابها لفات كونه بيانا ، وهدى للناس ، ولما أمكن العمل به ، وبناء العقيدة السليمة عليه ، ولكن الله تعالى بحكمته جعل منه آيات محكمات ، يرجع إليهن عند التشابه ، وآخر متشابهات امتحانا للعباد ، ليتبين صادق الإيمان ممن في قلبه زيغ ، فإن صادق الإيمان يعلم أن القرآن كله من عند الله تعالى ، وما كان من عند الله فهو حق ، ولا يمكن أن يكون فيه باطل ، أو تناقض لقوله تعالى: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42)
وقوله تعالى (لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية 82) .
وأما من في قلبه زيغ ، فيتخذ من المتشابه سبيلا إلى تحريف المحكم واتباع الهوى في التشكيك في الأخبار والاستكبار عن الأحكام ، ولهذا تجد كثيرا من المنحرفين في العقائد والأعمال ، يحتجون على انحرافهم بهذه الآيات المتشابهة .
شرح الشيخ :
الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه
يقول لو كان القرآن كله محكما لفاتت الحكمة من الاختبار به تصديقا وعملا لظهور معناه .
وهذا صحيح لو كان القرآن كله محكما ما فيه تشابه لفاتت الحكمة من الاختبار , لان المتشابه يختبر به العبد , هل يأخذ به او يرده الى المحكم .
يقول :
وعملا لظهور معناه , وعدم المجال لتحريفه ، والتمسك بالمتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، ولو كان كله متشابها لفات كونه بيانا ، وهدى للناس ، ولما أمكن العمل به ، وبناء العقيدة السليمة عليه ، ولكن الله تعالى بحكمته جعل منه آيات محكمات ، يرجع إليهن عند التشابه ، وآخر متشابهات امتحانا للعباد ، ليتبين صادق الإيمان ممن في قلبه زيغ ، فإن صادق الإيمان يعلم أن القرآن كله من عند الله تعالى ، وما كان من عند الله فهو حق ، ولا يمكن أن يكون فيه باطل ، أو تناقض
لقوله تعالى:
(لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42)
وقوله تعالى
(لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية 82) .
اذن الحكمة هي الامتحان , امتحان الناس هل يؤمنون بالمحكم والمتشابه . او يهلكون عند المتشابه
وأما من في قلبه زيغ ، فيتخذ من المتشابه سبيلا إلى تحريف المحكم واتباع الهوى في التشكيك في الأخبار والاستكبار عن الأحكام ، ولهذا تجد كثيرا من المنحرفين في العقائد والأعمال ، يحتجون على انحرافهم بهذه الآيات المتشابهة .
قد يقول قائل : لماذا لم يجعل الله القرآن كله محكما ؟
نقول من أجل الامتحان والاختبار , لانه لا يمكن معرفة المؤمن حقا من غيره اذا كان القرآن كله محكما , لانه كلا سيؤمن به .
ولماذا لم يكن كله متشابها ؟
لانه لو كان كذلك لم يكن هدى للناس ولا فرقانا بين الباطل والحق , ولاصبح الناس في شك في عقائدهم وفي أعمال جوارحهم .
يتبع <<<<<<
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً