المتن :
المرجع في تفسير القرآن
يرجع في تفسير القرآن إلى ما يأتي :
أ- كلام الله تعالى : فيفسر القرآن بالقرآن ، لأن الله تعالى هو الذي أنزله ، وهو أعلم بما أراد به . ولذلك أمثلة منها :
1-قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس:62)
فقد فسر أولياء الله بقوله في الآية التي تليها : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس:63)
شرح الشيخ :
لا يمكن ان تجد تفسيرا احسن من هذا , اللهم اجعلنا من أولياؤك , الذين آمنوا وكانوا يتقون , آمنوا بقلوبهم واتقوا بجوارحهم , هؤلاء هم أولياء الله , وقد قال شيخ الاسلام رحمه الله :
من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا .
فاذا ادعى مدع انه ولي لله , وقال انا ولي لله , قلنا القرآن يكذبك , بماذا ؟ فالله تعالى يقول : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)
والله تعالى يقول : -( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )- [النجم/32]
وانت الآن زكيت نفسك ولم تتق الله فلست بولي .
واذا قال انه من اولياء الله وانه يحل له ان يتزوج خمسين امرأة وان يأخذ ما اصطفى له من أموال الناس , نقول انت الآن من أعداء الله , اين الايمان والتقوى الذي تستحق ان تكون بهما وليا لله ؟ وسمعت انه يوجد في بعض البلاد من يفعل ذلك , يدعي انه ولي لله , ولكن هؤلاء أشار اليهم شيخ الاسلام رحمه الله : بأنهم قوم من الصوفية يقولون ان هذه العبادات يؤمر بها العامة , فهي وسيلة حتى يصلوا الى الغاية , فإذا وصلوا الى الغاية سقطت عنهم كالانسان المسافر يشد الرحل ويدني البعير ويحمل الزاد فإذا وصل , باع البعير .
ذكر ان عبد الرحمن الجيلاني رحمه الله , رأى في المنام نورا عظيما عظيما وسمع منه صوتا , يقول :
يا عبد القادر , وصلت الى الغاية فلا صلاة عليك , فقال له : كذبت ولكنك شيطان ,
يقول : فتمزق من فوره . فصار هذا النور من تخيلات الشيطان .
بالعودة الى الآية نقول: ان تفسير أ,لياء الله هم الذين آمنوا وكانوا يتقون , واما جزاؤهم بانه لا خوف عليهم ولا يحزنون على ما مضى, لانهم قد ملؤوا ما مضى بالايمان والتقوى , ولاحزن يكون على فوات المحبوب اما هؤلاء فقد عمروا أوقاتهم بالايمان والتقوى . اللهم اجعلنا منهم .
المتن :
2- قوله تعالى : (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ) (الطارق:2)
فقد فسر الطارق بقوله في الآية الثانية : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (الطارق:3) .
شرح الشيخ :
قوله تعالى : -( والسماء والطارق )- [الطارق/1]
هل هو للقسم ام للعطف ؟ للقسم أحسن من كونه عطف , لانه لو كانت عطف صارما بعدها تابعا لما قبلها , واذا كانت قسما صار ما بعدها مستقلا , اما تفسير الطارق فقد فسرها بانها النجم الثاقب , الثاقب هو الثاقبة للظلام بنوره ولهذا لو انك في البر ليس به اي نور لوجدت ظلك بنور بعض النجوم , ومعنى الثاقب ايضا اي الثاقب للشياطين , كما في قوله تعالى :
-( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )- [الصافات/10]
لو قال قائل : الطارق هو الطارق الذي يطرق أهله ليلا , نقول كذبت , ان الله تعالى قال هو النجم الثاقب .
المتن :
3- قوله تعالى : (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) (النازعـات:30) فقد فسر دحاها بقوله في الآيتين بعدها : (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا) (النازعـات:31)(وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) (النازعـات:32).
شرح الشيخ :
الله تعالى ذكر في سورة فصلت انه خلق السماوات بعد الارض , كما قال ز وجل :
-( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين )- [فصلت/9]
-( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين )- [فصلت/10]
-( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )- [فصلت/11]
قال عز وجل :
-( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها )- [النازعات/27]
نقف بعد قولنا أأنتم أشد خلقا أم السماء ثم نقول بناها
لانه لو وصلنا اختلف المعنى , ثم فصل الله تعالى بقوله :
-( رفع سمكها فسواها )- [النازعات/28]
-( أخرج منها ماءها ومرعاها )- [النازعات/31]
-( والأرض بعد ذلك دحاها )- [النازعات/30]
بين الله تعالى الدحو بقوله : أخرج منها ماءها مرعاها والجبال أرساها , متاعا لكم ولأنعامكم .
يتبع الشريط الرابع .............