عرض مشاركة واحدة
قديم 01-02-09, 05:40 PM   #10
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
c8 تابع الشريط الثالث ................

المتن :


كتابة القرآن وجمعه


لكتابة القرآن وجمعه ثلاث مراحل :


المرحلة الأولى : في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الاعتماد في هذه المرحلة على الحفظ أكثر من الاعتماد على الكتابة ، لقوة الذاكرة وسرعة الحفظ وقلة الكاتبين ووسائل الكتابة ، ولذلك لم يجمع في مصحف بل كان من سمع آية حفظها ، أو كتبها فيما تيسر له من عسب النخل ، ورقاع الجلود ، ولخاف الحجارة ، وكسر الأكتاف وكان القراء عددا كبيرا.


ففي " صحيح البخاري "([1]) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا يقال لهم : القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم ، وفي الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء رضي الله عنهم .



شرح الشيخ :


كان الناس في عهد رسول اله صلى الله عليه وسلم يعتمدون على الحفظ اكثر من الكتابة , لاربعة اسباب


1" قوة الذاكرة , فانه لا شك ان عند العرب قوة ذاكرة عظيمة , يأتي الشاعر منهم الى المجلس ويتنشد القصيدة تبلغ خمسين بيتا او مئة بيت , مرة واحدة ثم يحفظونها ويتناقلونها


2" سرعة الحفظ , وبينهما فرق , قوة الذاكرة :انه اذا اراد شيئا استحضره بسرعة , اما سرعة الحفظ : يعني يحفظ بسرعة , والناس في هذا اقسام :


1-- سريع الحفظ والنسيان ,


2--بطئ الحفظ والنسيان


3-- بطئ الحفظ سريع النسيان


4--سريعالحفظ بطئ النسيان .


وأحسنهم الرابع ,


3" قلة الكاتبين , الكتبة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلون , لان العرب امة أمية , قال تعالى :


-( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )- [الجمعة/2]


وقال رسول الله صلى اله عليه وسلم :


" انّا أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب ,"


لكن بعد ذلك , بعد الاسلام , صاروا علماء , بل علماء العالم كله ,



4" قلة وسائل الكتابة , الاوراق قليلة والمداد قليل , ولهذا يكتبون في العظام ويكتبون في اللخاف وفي عسف النخل , كما سيأتي


ولذلك لم يجمع في مصحف , بل كان من سمع آية حفظها , أ, كتبها فيما يتيسر له , من عسف النخل ورقاع الجلود ولخاف الحجارة , وغيرها


وكان القرّاء عددا كبيرا , والقرّاء هم الذيم يحفظون القرآن عن ظهر قلب , ففي صحيح البخاري ,


عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا يقال لهم : القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم ، وفي الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء رضي الله عنهم .


وهذا دليل على ان الصحابة يعتمدون على الحفظ أكثر ,



المتن :




المرحلة الثانية : في عهد أبي بكر رضي الله عنه في السنة الثانية عشرة من الهجرة . وسببه أنه قتل في وقعة اليمامة عدد كبير من القراء منهم ، سالم مولى أبي حذيفة ، أحد من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن منهم .


فأمر أبو بكر رضي الله عنه بجمعه لئلا يضيع ، ففي صحيح البخاري" (19)أن عمر بن الخطاب أشار على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن بعد وقعة اليمامة ، فتوقف تورعا ، فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك ، فأرسل إلى زيد بن ثابت فأتاه ، وعنده عمر فقال له أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه ، قال : فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما . رواه البخاري مطولا .


وقد وافق المسلمون أبا بكر على ذلك وعدوه من حسناته ، حتى قال على رضي الله عنه: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر ، رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله .


شرح الشيخ :



الله أكبر . مولى من الموالي , امر الرسول صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من أربعة منهم :


سالم مولى أبي حذيفة , وهو مولى , يؤخذ عنه كلام الله عز وجل , لكن الفضل يؤتيه الله من يشاء ,


وابو بكر الصديق امر بجمع القرآن , وهذا هو الجمع الاول في عهد ابو بكر رضي الله عنه , وقد وافق المسلمون ابا بكر علىذلك , وعدوه من حسناته , حتى قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه : اعظم الناس في المصاحف أجرا ابو بكر


رحمة الله على ابو بكر ,وفي هذا وخزة وطعنة , في صدور الرافضة الذين يبغضون ابو بكر وبعضهم يلعنه والعياذ بالله , فهذا علي الذي يروا فيه انه إمام الأئمة , يقول فيه ذلك , لأن علي بن ابي طالب رجل مؤمن تقي عاقل عادل , فقال الحق , لكن الرافضة على العكس من ذلك , ولذلك يخالفون علي في مسائل , خالفوه في المتعة , وهو رضي الله عنه ممن روى تحريم المتعة , وخالفوه في المسح على الخفين , وهذا يدل على انه انما أتوا به للترويج على العامة وانهم ينتصرون لآل البيت .



المتن :



المرحلة الثالثة : في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في السنة الخامسة والعشرين ، وسببه اختلاف الناس في القراءة بحسب اختلاف الصحف التي في أيدي الصحابة رضي الله عنهم فخيفت الفتنة ، فأمر عثمان رضي الله عنه أن تجمع هذه الصحف في مصحف واحد ؛ لئلا يختلف الناس ، فيتنازعوا في كتاب الله تعالى ويتفرقوا.



شرح الشيخ :


جزاه الله خيرا , أحسن الى الأمة إحسانا لا مثيل له , لو بقيت الصحف وفيها بعض الاختلاف , لكان قتال بين الأمة , والقتال الآن واقع مع اتحاد الصحف لكن اختلفوا في الفهم , واختلفوا بالتأويل , لكن الحمد لله , ان الله حفظ هذا القرآن عزيز , كما قال تعالى :


-( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )- [الحجر/9]



المتن :


ففي " صحيح البخاري " (20)أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان من فتح أرمينية وأذربيجان ، وقد أفزعه اختلافهم في القراءة ، فقال : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ، ففعلت ، فأمر زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وكان زيد بن ثابت أنصاريا والثلاثة قرشيين - وقال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ؛ فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، رد عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق .


شرح الشيخ :


ما هي الصحف التي عند حفصة ؟ الصحف التي جمعها ابو بكر ثم أخذها من بعده عمر رضي الله عنه , ثم جعلها عمر عند حفصة , لان حفصة رضي الله عنها امرأة عاقلة , وهي إحدى أمهات المؤمنين , ولهذا لما وقّف عمر رضي الله أرضه في خيبر جعل الناظر عليه حفصة ومن بعدها أولوا الرأي من آل عمر ,


وقال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش .


لماذا ؟ لان القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ورسول الله من قريش , فغلبت لغة قريش على غيرها .


النقطة الثانية :


يقول :وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق .


كيف يحرق القرآن ؟ نعم درء المفاسد أولى من جلب المصالح , لانه لو بقيت لكان الاختلاف وضلل قوم آخرين


وقد فعل عثمان رضي الله عنه هذا بعد أن استشار الصحابة رضي الله عنهم ، لما روي أبن أبي داود (21)عن على رضي الله عنه أنه قال : والله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملاء منا ، قال : أرى أن نجمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا ، فنعم ما رأيت .


وهذا من عدل أمير المؤمنين رضي الله عنه ,لكي لا يظن الظان ان عثمان تصرف من نفسه , وقوله عن ملئ منا : يعني عن اتفاق منا معه .


وقال مصعب بن سعد(22): أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك ، أو قال : لم ينكر ذلك منهم أحد ،


طيب هل يمكن ان نأخذ من هذا دليلا على ان المصحف اذا لم يكن صالحا للتلاوة ان يحرق ؟


نعم . لكن ينبغي ان يحرق في مكان ويدفن , لان بعض المصاحف اذا احرقتها لا تذهب بعض الحروف , ولهذا ينبغي ان تدفن , وان لم يمكن دفنها فينبغي ان تدق حتى تكون رمادا .


يقول :


وهو من حسنان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه التي وافقه المسلمون عليها ، وكانت مكملة لجمع خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر رضي الله عنه .



المتن :


والفرق بين جمعه وجمع أبي بكر رضي الله عنهما أن الغرض من جمعه في عهد أبي بكر الله عنه تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف ، حتى لا يضيع منه شئ دون أن يحمل الناس على الاجتماع على مصحف واحد ؛ وذلك أنه لم يظهر أثر لاختلاف قراءاتهم يدعو إلى حملهم على الاجتماع على مصحف واحد .


وأما الغرض من جمعه في عهد عثمان رضي الله عنه فهو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد ، يحمل الناس على الاجتماع عليه لظهور الأثر المخيف باختلاف القراءات.


وقد ظهرت نتائج هذا الجمع حيث حصلت به المصلحة العظمى للمسلمين من اجتماع الأمة ، واتفاق الكلمة ، وحلول الألفة ، واندفعت به مفسدة كبرى من تفرق الأمة ، واختلاف الكلمة ، وفشو البغضاء ، والعداوة .


وقد بقي على ما كان عليه حتى الآن متفقا عليه بين المسلمين متواترا بينهم ، يتلقاه الصغير عن الكبير ، لم تعبث به أيدي المفسدين ، ولم تطمسه أهواء الزائغين . فلله الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين .



شرح الشيخ :


اذن ابو بكر جمع المصحف لئلا يضيع , لا لاجل أن يتفقوا على مصحف واحد , ولهذا كان كل من الصحابة مصحفا يقرؤه كما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ,


ام في عهد عثمان فإن الغرض من جمعه , هو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد يحمل الناس على الاجتماع عليه ,


أيهما أوجل ؟


الاول , لكي لا يضيع . والثاني ايضا فيه قوة , لانه لو بقيت هذه المصاحف واختلف الناس في القرآن , صار تفرقا عظيم , وصارت الأمم الأخرى تعيبنا , وتقول : انتم الذين تقولون ان اليهود حرفوا التوراة والنصارى حرفوا الانجيل, وانتم حرفتم القرآن بدليل اختلافكم فيه .









يتبع .....................
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً