عرض مشاركة واحدة
قديم 22-03-07, 09:44 PM   #1
أم أســامة
~ كن لله كما يُريد ~
افتراضي " السؤال أهميته وفوائده..لا يفتك يا طالب العلم "

" السؤال أهميته وفوائده..لا يفتك يا طالب العلم "

(1)

ما أهمية السؤال ؟


من تأمل القرآن هداه ، ومن تدبر آياته بلغ غاية مناه ، ومن عمل به أفلح ونجح ، في الدارين ، ففيه الخبر والقصة ، والأمر والنهي ، والأدب والخلق ، والبلاغة والحكمة ، والتربية والتزكية فانظر
* لقوله تعالى : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "{1}
حيث أمر الله – عزوجل - بسؤال أهل العلم في هذه الآية متى ما جهل المرء أمرا ، ولو لم يكن من أهمية السؤال إلا أن الله أمر به في محكم التنزيل لكان كافيا في الحرص عليه ، والأمر للوجوب ، فمن جهل وجب عليه السؤال .

* وقال ابن عباس : أصاب رجلا جرح في عهد رسول الله - - ، ثم احتلم فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات ، فبلغ ذلك رسول الله - - فقال :" قتلوه قتلهم الله ، ألم يكن شفاء العي السؤال "{2}

* قال أمية بن الصلت :
وقد يقتل الجهل السؤال ويشتفي *** إذا عاين الأمر المهم المعاين
وفي البحث قدما والسؤال لذي العمى *** شفاء ، وأشفى منه ما تعاين {3}

ولو تتبعنا سير العلماء لوجدنا للسؤال دورا في تحصيلهم :
* قيل للأصمعي : بم نلت ما نلت ؟
قال : بكثرة سؤالى ، وتلقي الحكمة الشرود.{4}
والأصمعي أعلم أهل زمانه باللغة ولهجات العرب ، وهو يكشف سر هذا العلم ويرده لكثرة السؤال.

* ودعا معاوية بن أبي سفيان دعبلا النسابة ، فسأله عن العربية ، وسأله عن النجوم فإذا رجل عالم فقال : يا دعبل !!
من أين حفظت هذا ؟
قال : حفظت بقلب عقول ، ولسان سؤول .{5}
فلا ينفعك كثرة السؤال إن لم تعِ وتعقل ما تسمع.

* وقال ابن شهاب : العلم خزانة مفاتيحها المسألة .
* قال الخليل : العلوم أقفال والسؤالات مفاتيحها {6}.
فإذا ملكت المفتاح فتحت ما شئت ، وهو بين يديك .

وسل الفقيه تكن فقيها مثله *** من لم يسع في علم بفقه يمهر
وتدبر الذي تعنى به *** لا خير في علم بغير تدبر{7}
فلأهمية السؤال أمر الله تعالى به ، واتخذه الحذاق مطية لنيل مآربهم من العلم.

(2)

فلماذا لا تسأل يا طالب العلم ؟



بعد أن بان لك أهمية السؤال ، ولماذا نجد من بين طلبة العلم من يستنكف عن السؤال رغم حاجته إليه ؟
أتدري ما الذي يمنعه عن السؤال ؟
إنه أحد أمرين ذكرهما مجاهد حين قال:
*" لا يتعلم العلم 1-مستحيٍ ولا 2- مستكبر" .{8}

* قدم رجل على ابن المبارك ، وعنده أهل الحديث ، فاستحيى أن يسأل ، وجعل أهل الحديث يسألونه ، فنظر ابن المبارك إليه فكتب بطاقة وألقاها إليه فإذا فيها
إن تلبست عن سؤالك عبد الله *** ترجع غدا بخفي حنين
فأعنت {9} الشيخ بالسؤال تجده *** سلسا يلتقيك بالراحتين
وإن لم تصح صياح الثكالى *** قمت عنه وأنت صفر اليدين {10}

فالرجل منعه حياؤه ، ورغم أنه لم يسأل فهذا ابن المبارك قد نصح له فأرشده إلى ترك الحياء ، وطرح السؤال والمزاحمة به .

* وقال عبد العزيز بن عمر : ماشيء إلا وقد علمت منه ، إلا أشياء كنت أستحي أن أسأل عنها ، فكبرت وفيّ جهالتها .{11}

فالسؤال الذي تستحيي من طرحه تظل جاهلا بجوابه وتكبر سنك ، وأنت مازلت جاهلا به ، بل ربما يسألك طلابك السؤال نفسه إن كنت معلما ، أو يسألك من استقر عنده طلبك للعلم ، فلا مناص من موقف يشعرك بالحرج ، إما أن تتخطاه بين يدي شيخك تاركا حياءك ، أو تتلبس به أمام من يحسبك أهلا للسؤال ، فاختر لنفسك أي الموقفين؟!.

* وقال علي – رضي الله عنه - : خمس احفظوها لو ركبتم الإبل لأنضيتموها {12} قبل أن تصيبوهن ،
ومنها : ولا يستحي جاهل أن يسأل ..{13}

فخذها وصية ذهبية من ابن عم رسول الله وصهره ، قدمها لك خبرة سنين طويلة لو سافرت في طلبها لأنضيت الإبل قبل إدراكها ، ولا تحتج بأنه – رضي الله عنه – استحي في أحد المواقف أن يسأل فهو له عذره :
* قال – رضي الله عنه - : كنت رجلا مذاءً فأمرت المقداد أن يسأل النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فقال : فيه الوضوء .{14}
فهو - رضي الله عنه - إنما منعه أن ابنة رسول الله - - تحته ، وهذه المسألة تتعلق بالفروج ، فالأدب اللائق أن لا يباشره بالسؤال ، ورغم ذلك فقد أناب غيره في السؤال .

* وقال الحسن : من استتر عن طلب العلم بالحياء لبس للجهل سرباله {15} ، فاقطعوا سرابيل الجهل عنكم بدفع الحياء في العلم ، فإن من رق وجهه ، رق علمه.{16}
فالحياء أول موانع السؤال ، وكما رأيت أنه ذم في هذا الموضع ، ولك في نساء الأنصار - رضي الله عنهن - أسوة وقدوة.
* قالت عائشة – رضي الله عنها - : نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين .{17}
وذلك لسؤالهن عن ما أشكل عليهن من أمر دينهن .

* وقال الخليل : الجهل منزلة بين الحياء والأنفة .{18}

والأنفة أو الكبر المانع الثاني من السؤال ، فلما كانت نفسه عنده أفضل من غيره - لعلو منصب ، أو شرف نسب ، أو كبر سن - ترك السؤال .



توقيع أم أســامة
:

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِى صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا »
سنن ابن ماجه .


قـال ابـن رجب ـ رحمـه الله ـ: «من مشى في طاعة الله على التسديد والمقاربة فـليبشر، فإنه يصل ويسبق الدائب المجتهد في الأعمال، فليست الفضائل بكثـرة الأعمـال البدنية، لكن بكونها خالصة لله ـ عز وجل ـ صواباً على متابعة السنة، وبكثرة معارف القلوب وأعمالها. فمن كان بالله أعلم، وبدينه وأحكامه وشرائعه، وله أخوف وأحب وأرجى؛ فهو أفضل ممن ليس كذلك وإن كان أكثر منه عملاً بالجوارح».


" لا يعرف حقيقة الصبر إلا من ذاق مرارة التطبيق في العمل , ولا يشعر بأهمية الصبر إلا أهل التطبيق والامتثال والجهاد والتضحية "

:
أم أســامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس