عرض مشاركة واحدة
قديم 16-12-08, 09:12 AM   #18
ام البراءوحمزة
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-01-2008
المشاركات: 5,333
ام البراءوحمزة is on a distinguished road
افتراضي

درجات العفو من الكتاب والسنة
مشاهد التوحيد

إنَّ منْ مشاهدِ التوحيدِ عند الأذيَّةِ ( استقبالِ الأذى من الناسِ ) أموراً :
أولُها مشهدُ العَفْوِ :
وهو مشهدُ سلامةِ القلبِ ، وصفائهِ ونقائِه لمنْ آذاك ، وحبُّ الخيرِ وهي درجةٌ زائدةٌ . وإيصالُ الخَيْرِ والنَّفعِ له ، وهي درجة أعلى وأعظمُ ، فهي تبدأ بكظْمِ الغَيْظِ ، وهو : أنْ لا تُؤذي منْ آذاك ، ثمَّ العفو ، وهو أنْ تسامحهُ ، وأنْ تغفرَ له زلَّتهُ . والإحسانِ ، وهو : أنْ تبادله مكان الإساءةِ منه إحساناً منك ، قوله تعالى´ (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ).
وفي الأثرِ : (( إنَّ الله أمرني أنْ أصِلَ منْ قطعني ، وأنْ أعفو عمَّنْ ظلمنِي وأنْ أُعطي منْ حَرَمَنِي )) .

ومشهدُ القضاءِ : وهي أنْ تعلم أنه ما آذاك إلا بقضاءٍ من اللهِ وقَدَرٍ ، فإنَّ العبد سببٌ من الأسبابِ ، وأنَّ المقدر والقاضي هو اللهُ ، فتسلِّمَ وتُذْعن لمولاك .

ومشهدُ الكفارةِ :
وهي أنَّ هذا الأذى كفارةٌ منْ ذنوبك وحطٌّ منْ سيئاتِك ، ومحوٌ لزلاّتِك ، ورفعةٌ لدرجاتِك ،قال تعالى ( فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ).
من الحكمةِ التي يؤتاها كثيرٌ من المؤمنين ، نَزْعُ فتيلِ العداوةِ ،قال تعالى( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( المسلمُ منْ سلِم المسلمون منْ لسانِه ويدهِ )) .
أيْ : أن تَلْقَى منْ آذاك بِبِشر وبكلمةٍ لينةٍ ، وبوجهٍ طليقٍ ، لتنزع منهُ أتون العداوةِ ، وتطفئ نار الخصومِة,قال تعالى ( وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ).
كٌن ريِّق البِشْرِ إنَّ الحُرَّ شيمتُهُ
صحيفةٌ وعليها البِشْرُ عنوانُ


ومنْ مشاهدِ التوحيدِ في أذى منْ يؤذيك :

مشهدُ معرفةِ تقصيرِ النفسِ :
وهو انَّ هذا لم يُسلَّطِ عليك إلا بذنوبٍ منك أنت,قال تعالى ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ )´(وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ )
وهناك مشهدٌ عظيمٌ ، وهو مشهدٌ تحمدُ الله عليهِ وتشكرُه ، وهو : أنْ جعلك مظلوماً لا ظالماً .

وبعضُ السلفِ كان يقولُ : اللهمَّ اجعلْني مظلوماً لا ظالماً .
وهذا كابنْيْ آدم ، إذ قال خيرُهما ,فى قوله تعالى: ( لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ).
وهناك مشهدٌ لطيفٌ آخرُ ، وهو : مشهدُ الرحمةِ وهو :
إن ترْحَمَ منْ آذاك ، فإنهُ يستحقُّ الرحمةَ ، فإنَّ إصراره على الأذى ، وجرأته على مجاهرةِ اللهِ بأذيةِ مسلمٍ : يستحقُّ أن ترقَّ لهُ ، وأنْ ترحَمَهُ ، وأنْ تنقذه من هذا ،قوله صلى الله عليه وسلم (( انصرْ أخاك ظالماً أو مظلوماً )) .

ولمَّا آذى مِسْطَحٌ أبا بكرٍ في عِرْضِهِ وفي ابنتِهِ عائشة ، حلف أبو بكرٍ لا ينفقُ على مسطحٍ ، وكان فقيراً ينفقُ عليه أبو بكرٍ ، فأنزل اللهُ : ( وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ). قال أبو بكرٍ : بلى أُحِبُّ أن يغفرَ اللهُ لي . فأعاد له النفقة وعفا عنهُ .

وقال عيينهُ بنُ حِصْنٍ لعمر : هيهِ يا عمرُ ؟ والله ما تعطينا الجَزْلَ ، ولا تحكمُ فينا بالعدْلِ . فهمّ به عمرُ ، فقال الحرُّ بنُ قيس : يا أمير المؤمنين ، إنَّ الله يقول ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )، قال : فواللهِ ما جاوزها عمرُ ، وكان وقَّفاً عند كتابِ اللهِ .

وقال يوسُفُ إخوتِهِ : (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
وأعلنها الرسول صلى الله عليه مسلم في الملأِ فيمنْ آذاهُ وطرده وحاربه منْ كفارِ قريش ، قال : (( اذهبُوا فأنتمُ الطلقاءُ )) قالها يوم الفتحِ ، وفيِ الحديثِ : (( ليس الشديدُ بالصُّرَعَةِ ، إنَّما الشديدُ الذي يملكُ نفسه عندَ الغضبِ )) .
قال ابنُ المباركِ :

إذا صاحبت قوماً أهل وُدٍّ
فكْن لهمُ كذي الرَّحِمِ الشفيقِ



ولا تأخذْ بزلَّةِ كلِّ قومٍ
فتبقى في الزمانِ بلا رفيقِ



المصدر (لا تحزن - للشيخ عائض القرني)-منقول من موقع نور الإسلام



توقيع ام البراءوحمزة
[frame="2 80"]
عدت إليكن بفضل الله
[/frame]
ام البراءوحمزة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس