عرض مشاركة واحدة
قديم 11-06-08, 08:16 PM   #2
مروة عاشور
|نتعلم لنعمل|
f2

لاشك أن منزلة القلب في البدن منزلة عظيمة إذ هو الملك وباقي الأعضاء جنوده يأتمرون بأمره ويستعملها فيما شاء فهي تحت عبوديته وقهره وتكتسب منه الاستقامة والزيغ وتتبعه فيما يعقده من العزم أو يحله فإن صلح القلب صلحت الجوارح وإن فسد القلب فسدت الجوارح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".

كما أن الخطاب القرآني كثيرا ما يخاطب القلوب (( أم لهم قلوب لا يعقلون بها )) و قال الله تعالى (( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)).بل القلب هو الميزان غداً يوم القيامة كما قال تعالى ((إلا من أتى الله بقلب سليم )).

ولما كان القلب معرض للفتن كم في حديث حذيفة بن اليمان :" تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب لم يشربها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين قلب أسود مرباداً كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه وقلب أبيض فلا تضره فتنة مادامت السموات والأرض


ولقد بين العلامة ابن القيم في كتابه "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" صفات القلبين المريض والسليم وعلامات الصحة والمرض فقال رحمه الله (1/83-89):

"الباب العاشر
في علامات مرض القلب وصحته

وقال أبو الحسين الوراق حياة القلب في ذكر الحي الذي لا يموت والعيش الهني الحياة مع الله تعالى لا غير ولهذا كان الفوت عند العارفين بالله أشد عليهم من الموت لأن الفوت انقطاع عن الحق والموت انقطاع عن الخلق فكم بين الانقطاعين

وقال آخر من قرت عينه بالله تعالى قرت به كل عين ومن لم تقر عينه بالله تقطع قلبه على الدنيا حسرات

وقال يحيى بن معاذ من سر بخدمة الله سرت الأشياء كلها بخدمته ومن قرت عينه بالله قرت عيون كل أحد بالنظر إليه

ومن علامات صحة القلب أن لا يفتر عن ذكر ربه ولا يسأم من خدمته ولا يأنس بغيره إلا بمن يدله عليه ويذكره به ويذاكره بهذا الأمر

ومن علامات صحته أنه إذا فاته ورده وجد لفواته ألما أعظم من تألم الحريص بفوات ماله وفقده

ومن علامات صحته أنه يشتاق إلى الخدمة كما يشتاق الجائع إلى الطعام والشراب

ومن علامات صحته أنه إذا دخل في الصلاة ذهب عنه همه وغمه بالدنيا واشتد عليه خروجه منها ووجد فيها راحته ونعيمه وقرت عينه وسرور قلبه

ومن علامات صحته أن يكون همه واحدا وأن يكون في الله

ومن علامات صحته أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعا من أشد الناس شحا بماله

ومنها أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل فيحرص على الإخلاص فيه والنصحية والمتابعة والإحسان ويشهد مع ذلك منة الله عليه فيه وتقصيره في حق الله

فهذه ست مشاهد لا يشهدها إلا القلب الحي السليم


جزاك الله خيرا أختي الحبيبة المكية

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا قلوبا صحيحة خاشعة منيبة راضية مرضية ترجو رحمته وتخاف عذابه إنه هو الرحمن الرحيم.



توقيع مروة عاشور

إذا انحدرت في مستنقع التنازلات في دينك
فلا تتهجم على الثابتين بأنهم متشددون . .
بل أبصر موضع قدميك
لتعرف أنك تخوض في الوحل

التعديل الأخير تم بواسطة مروة عاشور ; 11-06-08 الساعة 08:18 PM
مروة عاشور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس