ملتقى طالبات العلم

ملتقى طالبات العلم (https://www.t-elm.net/moltaqa/index.php)
-   روضة القرآن وعلومه (https://www.t-elm.net/moltaqa/forumdisplay.php?f=89)
-   -   درر مـن كتاب الفوائد للأمام ابن قيّم الجوزية (https://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?t=50613)

رقية مبارك بوداني 02-07-12 04:04 PM

درر مـن كتاب الفوائد للأمام ابن قيّم الجوزية
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
حبيباتي هيا ننتفع بكتاب قيم ذو فائدة عظيمة

من كتاب الفوائد للإمام ابن قيم الجوزية

كتاب في الوعظ فريد من نوعه، فقد عودنا مؤلفه الإبداع بكل مؤلفاته، فابن قيم الجوزية في هذا الكتاب يتناول آية أو جزء آية فيفسرها تفسيرا لم يسبقه أحد إليه أو جزءا من حديث أو حتى كلمة فيه فيبرع في إخراج المعاني القيمة والحكم المفيدة بسبك رائع وأسلوب عظيم راق .
بإذن الله نتدارسه على أجزاء متتالية



قال الشيخ الإمام, محي السنّة قامع البدعة, أبو عبد الله الشهير بابن قيّم الجوزيّة رحمه الله تعالى :

قاعدة جليلة ( شروط الانتفاع بالقرآن)
إذا أردت الإنتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه وألق سمعك وأحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليهفإنه خطاب منه لكَ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم : قال تعالى

http://www.elazhar.com/quran/image/50_037.gif
(سورة قّ الآية-37 )
وذلك أن تمام التأثير لمَّا كان موقوفا على 1- مؤثر مقتض 2- ومحل قابل 3- وشرط لحصول الأثر 4- وإنتفاء المانع الذي يمنع منه , تضمّنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدلّه على المراد :
فقوله تعالى { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى } (قّ:37) إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى ههنا , وهذا هو المؤثر .
وقوله تعالى { لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ } فهذا هو المحل القابل , والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله كما قال تعالى { إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّا }(يس:69-70) أى حي القلب .
وقوله تعالى : { أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ } أى وجه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له , وهذا شرط التأثر بالكلام .
وقوله تعالى { وَهُوَ شَهِيدٌ } أى شاهد القلب حاضر غير غائب .

قال ابن قتيبة ""استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساه ""وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله .
فإذا حصل المؤثر وهو القرآن والمحل القابل وهو القلب الحي ووجد الشرط وهو الإصغاء وانتفى المانع وهو إشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شىء آخر حصل الأثر وهو الإنتفاع والتذكر.


صاحب القلب الحي
( فإن قيل ) إذا كان التأثير إنما يتم بمجموع هذه فما وجه دخول أداة أو في قوله تعالى { أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ } والموضع موضع واو الجمع لا موضع أو التى هي لأحد الشيئين . قيل هذا سؤال جيد والجواب عنه أن يقال خرج الكلام بأو باعتبار حال المخاطب المدعو فإن من الناس من يكون حي القلب واعيه تام الفطرة فإذا فكر بقلبه وجال بفكره دله قلبه وعقله على صحة القرآن وأنه الحق وشهد قلبه بما أخبر به القرآن فكان ورود القرآن على قلبه نوراً على نور الفطرة وهذا وصف الذين قيل فيهم { وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقّ } (سبأ :6) وقال في حقهم


فهذا نور الفطرة على نور الوحي . وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي .

قال ابن القيم وقد ذكرنا ما تضمنت هذه الآية من الأسرار والعبر في كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطّلة الجهميّة :
فصاحب القلب يجمع بين قلبه وبين معاني القرآن , فيجدها كأنها قد كتبت فيه , فهو يقرأها عن ظهر قلب .
ومن الناس من لا يكون تام الاستعداد ,واعي القلب ,كامل الحياة فيحتاج إلى شاهد يميّز له بين الحق والباطل ,ولم تبلغ حياة قلبه ونوره وزكاء فطرته مبلغ صاحب القلب الحي الواعي , فطريق حصول هدايته أن يفرغ سمعه للكلام , وقلبه لتأمّله , والتفكر فيه , وتعقل معانيه , فيعلم حينئذ أنه الحق .
فالأول : حال من رأى بعينيه ما دُعِيَ إليه وأُخْبِرَ به .
والثاني : حال من علم صدق المخبر وتيقنه وقال يكفيني خبره فهو في مقام الإيمان , والأول في مقام الإحسان .
هذا قد وصل إلى علم اليقين وترقى قلبه منه إلى منزلة عين اليقين , وذاك معه التصديق الجازم الذي خرج به من الكفر ودخل به في الإسلام .

فعين اليقين نوعان : نوع في الدنيا ونوع في الآخرة : فالحاصل في الدنيا نسبته إلى القلب كنسبه الشاهد إلى العين . وما أخبرت به الرسل من الغيب يعاين في الآخرة بالأبصار وفي الدنيا بالبصائر فهو عين يقين في المرتبتين .

بإذن الله نلتقي في جزء آخر


مما راق لي....

رقية مبارك بوداني 02-07-12 04:25 PM

تفسير العي والشاهد عليه
ثم انتقل سبحانه إلى تقرير النبوّة بأحسن تقرير, وأوجز لفظ , وأبعده عن كل شبهة وشك ,
فأخبر أنه أرسل إلى قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وقوم فرعون رسلا فكذّبوهم, فأهلكهم بأنواع الهلاك
قال تعالى:
http://www.elazhar.com/quran/image/50_012.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/50_013.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/50_014.gif
الآية( 12-14) ق
, وصدق فيهم وعيده الذي أوعدتهم به رسله إن لم يؤمنوا , وهذا تقرير لنبوّتهم ولنبوة من أخبر بذلك عنهم , من غير أن يتعلّم من معلّم ولا قرأه في كتاب , بل أخبر به إخبارا مفصّلا مطابقا لما عند أهل الكتاب .
ولا يرد على هذا إلا سؤال البهت والمكابرة على جحد الضروريات , بأنه لم يكن شئ من ذلك , أو أن حوادث الدهر ونكباته أصابتهم كما أصابت غيرهم , وصاحب هذا السؤال يعلم من نفسه أنه باهت مباهت جاحد لما شهد به العيان, وتناقلته القرون قرنا بعد قرن, فإنكاره بمنزلة إنكار وجود المشهورين من الملوك والعلماء والبلاد النائية .
ثم عاد سبحانه إلى تقرير المعاد
بقوله:{ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ } ق15,
يقال لكل من عجز عن شئ : عيي به فلان بهذا الأمر, قال الشاعر:
عيـوا بأمرهـم, كمـا ------ عـيت ببيضتـها الحمـامة

ومنه قوله تعالى:{ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ } الأحقاف33.
قال ابن عبّاس : يريد أفعجزنا, وكذلك قال مقاتل.
قلت: هذا تفسير بلازم اللفظة, وحقيقتها أعم من ذلك,
فإن العرب تقول: أعياني أن أعرف كذا وعييت به إذا لم تهتد لوجهه ولم تقدر على معرفته وتحصيله
فتقول: أعياني دواؤك إذا لم تهتد له, ولم تقف عليه . ولازم هذا المعنى العجز عنه .
والبيت الذي استشهدوا به شاهد لهذا المعنى , فان الحمامة لم تعجز عن بيضتها, ولكن أعياها إذا أرادت أن تبيض أين ترمي بالبيضة, فهي تدور وتجول حتى ترمي بها , فإذا باضت أعياها أين تحفظها وتودعها حتى لا تنال , فهي تنقلها من مكان إلى مكان وتحار أين تجعل مقرّها,
كما هو حال من عي بأمره فلم يدر من أين يقصد له ومن أين يأتيه, وليس المراد بالإعياء في هذه الآية التعب, كما يظنّه من لم يعرف تفسير القرآن ,
بل هذا المعنى هو الذي نفاه سبحانه عن نفسه في آخر السورة
بقوله:{ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ } ق38.
ثم أخبر سبحانه أنّهم:{ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } ق15.
أي أنهم التبس عليهم إعادة الخلق خلقا جديدا, ثم نبههم على ما هو من أعظم آيات قدرته وشواهد ربوبيّته وأدلّة المعاد وهو خلق الإنسان, فإنه من أعظم الأدلة على التوحيد والمعاد .

http://upload.arabia4serv.com/images...00pxc2illg.gif
تفسير قوله أقرب إليه من حبل الوريد

http://www.elazhar.com/quran/image/50_016.gif
( الآية 16 ق )
وأي دليل أوضح من تركيب هذه الصورة الآدميّة بأعضائها وقواها وصفاتها, وما فيها من اللحم والعظم والعروق والأعصاب والرباطات والمنافذ والآلات والعلوم والإرادات والصناعات , كل ذلك من نطفة ماء.

فلو أنصف العبد لاكتفى بفكره في نفسه, واستدل بوجوده على جميع ما أخبرت به الرسل عن الله وأسمائه وصفاته . ثم أخبر سبحانه عن إحاطة علمه به , حتى علم وساوس نفسه , ثم أخبر عن قربه إليه بالعلم والإحاطة وأن ذلك أدنى إليه من العرق الذي داخل بدنه , فهو أقرب إليه بالقدرة عليه والعلم به من ذلك العرق . وقال شيخنا: المراد بقول " نحن", أي ملائكتنا ,
كما قال تعالى :{ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } القيامة18.
أي إذا قرأه عليك رسولنا جبريل.
قال: ويدل عليه قوله :{ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ } ق17.
فقيد القرب المذكور بتلقّي الملكين, ولو كان المراد به قرب الذات لم يتقيد بوقت تلقي الملكين فلا حجة في الآية لحلولي ولا معطّل .
ثم أخبر سبحانه أن على يمينه و شماله ملكين يكتبان أعماله وأقواله, ونبه بإحصاء الأقوال وكتابتها على كتابة الأعمال , التي هي أقل وقوعا, وأعظم أثرا من الأقوال, وهي غايات الأقوال ونهايتها .

ثم أخبر عن القيامة الصغرى فقال تعالى :
http://www.elazhar.com/quran/image/50_019.gif
(الآية 19 ق)

, وهي سكرة الموت , وأنها تجيء بالحق , وهو لقاؤه سبحانه وتعالى , والقدوم عليه , وعرض الروح عليه , والثواب والعقاب الذي تعجل لها قبل القيامة الكبرى .

http://upload.arabia4serv.com/images...00pxc2illg.gif
استشهاد الله الحفظة على العبد من أكمل العدل

ثم ذكر القيامة الكبرى بقول:
http://www.elazhar.com/quran/image/50_020.gif
( الآية 20 ق )

ثم أخبر عن أحوال الخلق في هذا اليوم, وأن كل أحد يأتي الله سبحانه وتعالى ذلك اليوم ومعه سائق يسوقه , وشهيد يشهد عليه , وهذا غير شهادة جوارحه , وغير شهادة الأرض التي كان عليها له وعليه , وغير شهادة رسوله والمؤمنين .

فإن الله سبحانه وتعالى يستشهد على العبد الحفظة والأنبياء والأمكنة التي عملوا عليها الخير والشر, والجلود التي عصوه بها , ولا يحكم بينهم بمجرّد علمه , وهو أعدل العادلين وأحكم الحاكمين .

ولهذا أخبر نبيه أنه يحكم بين الناس بما سمعه من إقرارهم, وشهادة البيّنة , لا بمجرّد علمه فكيف يسوغ لحاكم أن يحكم بمجرد علمه من غير بيّنة ولا إقرار.

ثم أخبر سبحانه أن الإنسان في غفلة من هذا الشأن الذي هو حقيق بأن لا يغفل عنه , وأن لا يزال على ذكره وباله ,
وقال: { فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا } ق22,
ولم يقل عنه , كما قال: { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ } هود 110،
ولم يقل في شك فيه , وجاء هذا في المصدر وإن لم يجئ في الفعل فلا يقال غفلت منه ولا شككت منه كأن غفلته وشكه ابتداء منه, فهو مبدأ غفلته وشكّه, وهذا أبلغ من أن يقال في غفلة عنه وشك فيه, فإنه جعل ما ينبغي أن يكون مبدأ التذكرة واليقين ومنشأهما مبدأ للغفلة والشك.

ثم أخبر أن غطاء الغفلة والذهول يكشف عنه ذلك اليوم
فقال تعالى:
http://www.elazhar.com/quran/image/50_022.gif
( الآية 22 ق)

كما يكشف غطاء النوم عن القلب فيستيقظ , وعن العين فتنفتح . فنسبة كشف هذا الغطاء عن العبد عند المعاينة كنسبة كشف غطاء النوم عنه عند الانتباه .

ثم أخبر سبحانه أن قرينه , وهو الذي قرن به في الدنيا من الملائكة , يكتب عمله .
فقال تعالى:
http://www.elazhar.com/quran/image/50_023.gif
( الآية 23 ق)

وقوله يقول لمّا يحضره: هذا الذي كنت وكّلتني به في الدنيا قد أحضرته وأتيتك به , هذا قول مجاهد. وقال ابن قتيبة: المعنى: هذا ما كتبته عليه وأحصيته من قوله وعمله حاضر عندي. والتحقيق أن الآية تتضمّن الأمرين, أي هذا الشخص الذي وكلت به وهذا عمله الذي أحصيت عليه .
فحينئذ يقال:{ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ } ق24,
وهذا إما أن يكون خطابا للسائق والشهيد , أو خطابا للملك الموكل بعذابه وإن كان واحدا. وهو مذهب معروف من مذاهب العرب في خطابها, أو تكون الألف منقلبة عن نون التأكيد الخفيفة , ثم أجري الوصل مجرى الوقف .


رقية مبارك بوداني 02-07-12 04:27 PM

اختصام الإنسان وشيطانه أو ملكه
ثم ذكرسبحانه وتعالى صفات هذا الملقى فذكر له ست صفات:

(أحدها) أنه كفّار لنعم الله وحقوقه, كفار بدينه وتوحيده وأسمائه وصفاته, كفّار برسله وملائكته, كفار بكتبه ولقائه .

(الثانية) أنه معاند للحق يدفعه جحدا وعنادا.

(الثالثة) أنه منّاع للخير, وهذا يعم منعه للخير الذي هو إحسان إلى نفسه من الطاعات والقرب إلى الله والخير الذي هو إحسان إلى الناس, فليس فيه خير لنفسه, ولا لبني جنسه كما هو حال أكثر الخلق.

(الرابعة) أنه مع منعه للخير معتد على الناس, ظلوم غشوم معتد عليهم بيده ولسانه .

(الخامسة) أنه مريب, أي صاحب ريب وشك, ومع هذا فهو آت لكل ريبة, يقال: فلان مريب, إذا كان صاحب ريبة .

(السادسة) أنه مع ذلك مشرك بالله , قد اتّخذ مع الله إلها آخر يعبده, ويحبه, ويغضب له, ويرضى له, ويحلف باسمه, وينذر له, ويوالي فيه, ويعادي فيه,

فيختصم هو وقرينه من الشيطان, ويحيل الأمر عليه, وأنه هو الذي أطغاه وأضله.
فيقول قرينه: لم يكن لي قوّة أن أضلّه وأطغيه, ولكن كان في ضلال بعيد, اختاره لنفسه, وآثره على الحق,
كما قال إبليس لأهل النار: { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي } إبراهيم 22.

وعلى هذا, فالقرين هنا هو شيطانه, يختصمان عند الله. وقالت طائفة: بل قرينه ها هنا هو الملك , فيدعي عليه أنه زاد عليه فيما كتبه عليه وطغى , وأنه لم يفعل ذلك كله, وأنه أعجله بالكتابة عن التوبة, ولم يمهله حتى يتوب,

فيقول الملك: ما زدت في الكتابة على ما عمل ولا أعجلته عن التوبة: { وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ } ق27.
فيقول الرب تعالى:{ لا تَخْتَصِمُوا لَدَي } ق28.

وقد أخبر سبحانه عن اختصام الكفار والشياطين بين يديه في سورتي [الصافّات] 27-38, و [الأعراف]37-39.
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.elazhar.com/quran/image/37_027.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_028.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_029.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_030.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_031.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_032.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_033.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_034.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_035.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_036.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_037.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/37_038.gif
الصافات (27-38)

بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.elazhar.com/quran/image/7_037.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/7_038.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/7_039.gif
الأعراف (37-39)


رقية مبارك بوداني 02-07-12 04:30 PM

وأخبر سبحانه وتعالى عن اختصام الناس بين يديه في سورة [الزمر]56-60.
بسم الله الرحمن الرحيم
أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسرَتَى عَلىَ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ(56)
http://www.elazhar.com/quran/image/39_057.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/39_058.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/39_059.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/39_060.gif
الزمر (56-60)




ثم أخبر سبحانه أنه لا يبدّل القول لديه, فقيل: المراد بذلك قوله:{ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاس أَجْمَعِينَ } هود119.ووعده لأهل الإيمان بالجنة, وأن هذا لا يبدل ولا يخلف.
قال ابن عبّاس: يريد ما لوعدي خلف لأهل طاعتي ولا أهل معصيتي. قال مجاهد: قد قضيت ما أنا قاض. وهذا أصح القولين في الآية.

وفيها قول آخر: أن المعنى ما يغيّر القول عندي بالكذب والتلبيس كما يغيّر عند الملوك والحكّام. فيكون المراد بالقول قول المختصمين, وهو اختيار الفراء وابن قتيبة,
قال الفراء: المعنى ما يكذب عندي لعلمي بالغيب.
وقال ابن قتيبة:أي ما يحرف القول عندي ولا يزاد فيه ولا ينقص منه.قال:لأنه قال القول عندي, ولم يقل قولي, وهذا كما قال لا يكذب عندي.
فعلى القول الأوّل يكون قوله:{ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } ق29, من تمام قوله:{ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيّ } ق29.في المعنى,
أي ما قلته ووعدت به لا بد من فعله.ومع هذا فهو عدل لا ظلم فيه ولا جور.
وعلى الثاني يكون قد وصف نفسه سبحانه بأمرين. أحدهما: أن كمال علمه واطلاعه يمنع من تبديل القول بين يديه وترويج الباطل عليه. وكمال عدله وغناه يمنع من ظلمه لعبيده.

ثم أخبر سبحانه عن سعة جهنّم وأنها كلّما ألقى فيها : { وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } ق30. وأخطأ من قال أن ذلك للنفي, أي ليس من مزيد,
والحديث الصحيح يردّ هذا التأويل. الحديث:[عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم: "يلقى في النار وتقول هل من مزيد, حتى يضع قدمه فتقول: قط قط"]البخاري 8\460 رقم 4848,4849[وكذلك في صحيح مسلم. وعن أبي هريرة يرفعه," يقال لجهنّم هل امتلأت؟ وتقول هل من مزيد؟ فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها فتقول: قط قط"].

رقية مبارك بوداني 02-07-12 04:35 PM

ونستكمل الفوائد للإمام ابن قيّم الجوزية ( سورة ق )


بسم الله الرحمن الرحيم

http://www.elazhar.com/quran/image/50_031.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/50_032.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/50_033.gif
سورة ق(31-33)
ثم أخبر سبحانه وتعالى عن تقريب الجنة من المتقين,
وأن أهلها هم الذين اتصفوا بهذه الصفات الأربع:
(إحداها): أن يكون أوابا, أي رجّاعا إلى الله من معصيته إلى طاعته, ومن الغفلة عنه إلى ذكره.
قال عبيد بن عمير: الأوّاب الذي يتذكر ذنوبه ثم يستغفر منها. وقال مجاهد: هو الذي إذا ذكر ذنبه في الخفاء استغفر منه.
وقال سعيد بن المسيّب: هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب.

(الثانية): أن يكون حفيظا قال ابن عبّاس لما ائتمنه الله عليه وافترضه.
وقال قتادة: حافظ لما استودعه الله من حقّه ونعمته.
ولما كانت النفس لها قوّتان: قوة الطلب وقوة الإمساك, كان الأواب مستعملا لقوة الطلب في رجوعه إلى الله ومرضاته وطاعته. والحفيظ مستعملا لقوة الحفظ في الإمساك عن معاصيه ونواهيه.

فالحفيظ الممسك نفسه عما حرّم عليه, والأوّاب المقبل على الله بطاعته.

(الثالثة) قوله: { مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْب } ق33, يتضمن الإقرار بوجوده وربوبيته وقدرته وعلمه واطلاعه على تفاصيل أحوال العبد.
ويتضمن الإقرار بكتبه ورسله وأمره ونهيه.
ويتضمن الإقرار بوعده ووعيده ولقائه, فلا تصح خشية الرحمن بالغيب إلا بعد هذا كله.

(الرابعة) قوله : { وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ } ق33. قال ابن عباس : راجع عن معاصي الله, مقبل على طاعة الله .
وحقيقة الإنابة عكوف القلب على طاعة الله ومحبته والإقبال عليه .

ثم ذكر سبحانه جزاء من قامت به هذه الأوصاف بقوله:
http://www.elazhar.com/quran/image/50_034.gif

http://www.elazhar.com/quran/image/50_035.gif

سورة ق (34-35)


ثم خوّفهم بأن يصيبهم من الهلاك ما أصاب من قبلهم وأنهم كانوا أشد منهم بطشا ولم يدفع عنهم الهلاك شدّة بطشهم, وأنهم عند الهلاك تقلّبوا وطافوا في البلاد, وهل يجدون محيصا ومنجى من عذاب الله؟. قال قتادة: حاص أعداء الله فوجدوا أمر الله لهم مدركا.

بسم الله الرحمن الرحيم

http://www.elazhar.com/quran/image/50_036.gif
سورة ق(36)

وقال الزجاج : طوّفوا وفتّشوا فلم يروا محيصا من الموت. وحقيقة ذلك أنهم طلبوا المهرب من الموت فلم يجدوه.


ثم أخبر سبحانه أن في هذا الذي ذكر:
http://www.elazhar.com/quran/image/50_037.gif
سورة ق(37)

ثم أخبر بقوله تعالى :
http://www.elazhar.com/quran/image/50_038.gif
سورة ق(38)
أنه سبحانه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيّام ولم يمسه تعب ولا إعياء تكذيب لأعدائه من اليهود, حيث قالوا أنه استراح في اليوم السابع .


ثم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالتأسي به سبحانه وتعالى في الصبر على ما يقول أعداؤه فيه, كما أنه سبحانه صبر على قول اليهود أنه استراح: "ولا أحد أصبر على أذى يسمعه منه".

ثم أمره بما يستعين به على الصبر بقوله تعالى :
http://www.elazhar.com/quran/image/50_039.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/50_040.gif
سورة ق(39-40)
وهو التسبيح بحمد ربه قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وبالليل وأدبار السجود. فقيل هو الوتر. وقيل: الركعتان بعد المغرب.
والأول قول ابن عباس, والثاني قول عمر وعلي وأبي هريرة والحسن بن علي وإحدى الروايتين عن ابن عباس .

وعن ابن عباس رواية ثالثة أنه التسبيح باللسان أدبار الصلوات المكتوبات .


ثم ختم السورة بذكر المعاد بقوله تعالى :
http://www.elazhar.com/quran/image/50_041.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/50_042.gif
سورة ق(41-42)
ونداء المنادي برجوع الأرواح إلى أجسادها للحشر. وأخبر أن هذا النداء من مكان قريب يسمعه كل أحد:{ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَق }42 ق . بالبعث ولقاء الله تعالى : { يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ }44 ق .
كما تشقق عن النبات, فيخرجون: سراعا من غير مهلة ولا بطء : ذلك حشر يسير عليه سبحانه .

ثم أخبر سبحانه وتعالى بقوله : http://www.elazhar.com/quran/image/50_045.gif
سورة ق (45)
أنه عالم بما يقول أعداؤه, وذلك يتضمّن مجازاته لهم بقولهم إذا لم يخف عليه, وهو سبحانه يذكر علمه وقدرته لتحقيق الجزاء.
ثم أخبره أنه ليس بمسلط عليهم ولا قهّار ولم يبعث ليجبرهم على الإسلام ويكرههم عليه, وأمره أن يذكر بكلامه من يخاف وعيده فهو الذي ينتفع بالتذكير, وأما من لا يؤمن بلقائه ولا يخاف وعيده ولا يرجو ثوابه, فلا ينتفع بالتذكير.



سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
مع فوائد آخرى بإذن الله


رقية مبارك بوداني 02-07-12 04:46 PM

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1298837147.gif
فائدة جليلة
قوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.elazhar.com/quran/image/67_015.gif
المُلك (15)

أخبر سبحانه أنه جعل الأرض ذلولا منقادة للوطء عليها وحفرها وشقّها والبناء عليها, ولم يجعلها مستصعبة ممتنعة على من أراد ذلك منها.
وأخبر سبحانه أنه جعلها مهادا وفراشا وبساطا وقرارا وكفاتا (بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم من قول الشعبي) .
وأخبر أنه دحاها وطحاها وأخرج منها ماءها ومرعاها, وثبّتها بالجبال, ونهج فيها الفجاج والطرق, وأجرى فيها الأنهار والعيون , وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها, ومن بركتها أن الحيوانات كلها وأرزاقها وأقواتها تخرج منها.
ومن بركتها أنك تودع فيها الحب تخرجه لك أضعاف أضعاف ما كان ومن بركتها أنها تحمل الأذى على ظهرها وتخرج لك من بطنها أحسن الأشياء وأنفعها, فتوارى منه كل قبيح وتخرج له كل مليح. ومن بركتها أنها تستر قبائح العبد وفضلات بدنه وتواريها وتضمّه وتؤويه, وتخرج له طعامه وشرابه, فهي أحمل شئ للأذى وأعوده بالنفع, فلا كان من التراب خيرا منه و أبعد من الأذى وأقرب إلى الخير.

والمقصود أنه سبحانه جعل لنا الأرض كالجمل الذلول الذي كيفما يقاد ينقاد. وحسن التعبير بمناكبها عن طرقها وفجاجها لما تقدّم من وصفها بكونها ذلولا, فالماشي عليها يطأ على مناكبها وهو أعلى شئ فيها, ولهذا فسرت المناكب بالجبال كمناكب الإنسان وهي أعاليه.
قالوا: وذلك تنبيه على أن المشي في سهولها أيسر.
وقالت طائفة: بل المناكب الجوانب والنواحي, ومنه مناكب الإنسان لجوانبه, والذي يظهر أن المراد بالمنكب الأعالي. وهذا الوجه الذي يمشي عليه الحيوان هو العالي من الأرض دون الوجه المقابل له, فان سطح الكرة أعلاها, والمش إنما يقع في سطحها, وحسن التعبير عنه بالمناكب لما تقدّم من وصفها بأنها ذلول.

ثم أمرهم أن يأكلوا من رزقه الذي أودعه فيها, فذلّلها لهم ووطّأها, وفتق فيها السبل والطرق التي يمشون فيها, وأودعها رزقهم فذكر تهيئة المسكن للانتفاع والتقلب فيها بالذهاب والمجيء, والأكل مما أودع فيه للساكن.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1298836880.gif
ثم نبّه بقوله:{ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } المُلك 15, على أنّا في هذا المسكن غير مستوطنين ولا مقيمين بل دخلناه عابري سبيل فلا يحسن أن نتخذه وطنا ومستقرّا, وإنما دخلناه لنتزوّد منه إلى دار القرار, فهو منزل عبور لا مستقر حبور, ومعبر وممر, لا وطن مستقر.

فتضمّنت الآية الدلالة على ربوبيّته ووحدانيّته, وقدرته وحكمته ولطفه, والتذكير بنعمه وإحسانه, والتحذير من الركون إلى الدنيا, واتخاذها وطنا ومستقرا, بل نسرع فيها السير إلى داره وجنّته. فلله ما في ضمن هذه الآية من معرفته وتوحيده, والتذكير بنعمه, والحث على السير إليه , والاستعداد للقائه , والقدوم عليه , والإعلام بأنه سبحانه يطوي هذه الدار كأنها لم تكن , وأنه يجيء أهلها بعدما أماتهم وإليه النشور.


رقية مبارك بوداني 02-07-12 04:48 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

حياكن الله أخواتي الحبيبات

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1298836880.gif

فائدة

سورة الفاتحة تضمنت كمال الإنسان وسعادته

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1299191910.gif


للإنسان قوتان: قوة علمية نظرية, وقوة عملية إرادية.
وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوتيه العلمية والإرادية .

واستكمال القوة العلمية إنما يكون بمعرفة فاطره وبارئه ومعرفة أسمائه وصفاته ومعرفة الطريق التي توصل إليه ومعرفة آفاتها ومعرفة نفسه ومعرفة عيوبها. فبهذه المعارف الخمسة يحصل كمال قوته العلمية. وأعلم الناس أعرفهم بها وأفقههم فيها.

واستكمال القوة العملية الإرادية لا تحصل إلا بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد, والقيام بها إخلاصا وصدقا ونصحا وإحسانا ومتابعة وشهودا لمنّته عليه, وتقصيره هو في أداء حقّه.
فهو مستحيي من مواجهته بتلك الخدمة لعلمه أنها دون ما يستحقّه عليه ودون ذلك. وأنه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونته. فهو مضطر إلى أن يهديه الصراط المستقيم الذي هدى إليه أولياءه وخاصّته, وأن يجنّبه الخروج عن ذلك الصراط, إما بفساد في قوته العلمية فيقع في الضلال, وإما بفساد في قوّته العملية فيوجب له الغضب.
فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور, وقد تضمنّتها سورة الفاتحة وانتظمتها أكمل انتظام.

فإن قوله تعالى :{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }الفاتحة(2-4) , يتضمّن الأصل الأوّل وهو معرفة الرب تعالى ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله.
والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى, وهي اسم ( الله والرب والرحمن). فاسم (الله) متضمّن لصفات الألوهيّة, واسم (الرب) متضمّن لصفات الربوبية, واسم (الرحمن) متضمن لصفات الإحسان والجود والبر. ومعاني أسمائه تدور على هذا.

وقوله :{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } الفاتحة5, يتضمّن معرفة الطريق الموصلة إليه, وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبّه ويرضاه, واستعانته على عبادته.

وقوله :{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }الفاتحة 6, يتضمّن بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم, وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة إلا بهداية ربه له كما لا سبيل له إلى عبادته إلا بمعونته ، فلا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته .

وقوله :{ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } الفاتحة7, يتضمّن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم, وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحراف إلى الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد, والانحراف إلى الطرف الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل .

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1298836880.gif
فأوّل السورة رحمة وأوسطها هداية وآخرها نعمة.
وحظ العبد من النعمة على قدر حظّه من الهداية, وحظّه منها على قدر حظّه من الرحمة, فعاد الأمر كلّه إلى نعمته ورحمته.والنعمة والرحمة من لوازم ربوبيّته, فلا يكون إلا رحيما منعما وذلك من موجبات الهيّته, فهو الإله الحق, وإن جحده الجاحدون وعدل به المشركون.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1298836880.gif
فمن تحقّق بمعاني الفاتحة علما ومعرفة وعملا وحالا فقد فاز من كماله بأوفر نصيب, وصارت عبوديّته عبوديّة الخاصّة الذين ارتفعت درجتهم عن عوام المتعبّدين, والله المستعان.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك


رقية مبارك بوداني 02-07-12 04:57 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

http://upload.arabia4serv.com/images...00pxc2illg.gif
فائدة
الرب سبحانه وتعالى يدعو عباده في القرآن إلى معرفته من طريقين:
أحدهما: النظر في مفعولاته.

ثانيهما: التفكر في آياته وتدبّرها, فتلك آياته المشهودة وهذه آياته المسموعة المعقولة.
فالنوع الأوّل كقوله:
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.elazhar.com/quran/image/2_164.gif
البقرة (164)
وقوله:
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.elazhar.com/quran/image/3_190.gif
آل عمران (190)
وهو كثير في القرآن.
والثاني كقوله:{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن } النساء82.
وقوله:{ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْل } المؤمنون68.
وقوله:{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِه } ص29, وهو كثير أيضا .
فأمّا المفعولات فإنها دالّة على الأفعال, والأفعال دالّة على الصفات.

فإن المفعول يدل على فاعل فعله, وذلك يستلزم وجوده وقدرته ومشيئته وعلمه لاستحالة صدور الفعل الاختياري من معدوم أو موجود لا قدرة له ولا حياة ولا علم ولا إرادة. ثم ما في المفعولات من التخصيصات المتنوّعة دالّة على إرادة الفاعل, وأن فعله ليس بالطبع بحيث يكون واحدا غير متكرر.
وما فيها من المصالح والحكم والغايات المحمودة دال على حكمته تعالى.
وما فيها من النفع والإحسان والخير دال على رحمته.
وما فيها من البطش والانتقام والعقوبة دال على غضبه.
وما فيها من الإكرام والتقريب والعناية دال على محبّته.
وما فيها من الإهانة والإبعاد والخذلان دال على بغضه ومقته.
وما فيها من ابتداء الشيء في غاية النقص والضعف ثم سوقه إلى تمامه ونهايته دال على وقوع المعاد.
وما فيها من أحوال النبات والحيوان وتصرف المياه دليل على إمكان المعاد.
وما فيها من ظهور آثار الرحمة والنعمة على خلقه دليل على صحّة النبوّات.
وما فيها من الكمالات التي لو عدمتها كانت ناقصة دليل على أن معطي تلك الكمالات أحق بها.
فمفعولاته أدل شيء على صفاته وصدق ما أخبرت به رسله عنه, فالمصنوعات شاهدة تصدق الآيات المسموعات, منبّهة على الاستدلال بالآيات المصنوعات .
قال تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.elazhar.com/quran/image/41_053.gif
فصّلت (53)
أي أن القرآن حق فأخبر أنّه لا بد أن يريهم من آياته المشهودة ما يبيّن لهم أن آياته المتلوّة حق. ثم أخبر بكفاية شهادته على صحة خبره بما أقام من الدلائل والبراهين على صدق رسوله .
فآياته شاهدة بصدقه, وهو شاهد بصدق رسوله بآياته, فهو الشاهد والمشهود له, وهو الدليل والمدلول عليه .
فهو الدليل بنفسه على نفسه كما قال بعض العارفين: كيف أطلب الدليل على ما هو دليل لي على كل شيء؟ فأي دليل طلبته عليه فوجوده أظهر منه.
ولهذا قال الرسل لقومهم: { أَفِي اللَّهِ شَكٌّ }إبراهيم 10, فهو أعرف من كل معروف, وأبين من كل دليل.

فالأشياء عُرفت به في الحقيقة وإن كان عُرف بها في النظر والاستدلال بأحكامه وأفعاله عليه .

http://upload.arabia4serv.com/images...00pxc2illg.gif

لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير


رقية مبارك بوداني 02-07-12 05:03 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


- من لم ينتفع بعينه لم ينتفع بأذنه .

- للعبد ستر بينه وبين الله, وستر بينه وبين الناس, فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله, هتك الستر الذي بينه وبين الناس .

- للعبد رب هو ملاقيه وبيت هو ساكنه, فينبغي له أن يسترضي ربّه قبل لقائه ويعمّر بيته قبل انتقاله إليه .

- إضاعة الوقت أشد من الموت, لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة, والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها .

- الدنيا من أولها إلى آخرها لا تساوي غم ساعة, فكيف بغم العمر .

- محبوب اليوم يعقبه المكروه غدا, ومكروه اليوم يعقبه المحبوب غدا.

- أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها وأنفع لها في معادها .

- كيف يكون عاقلا من باع الجنّة بما فيها شهوة ساعة .

- يخرج العارف من الدنيا ولم يقضي وطره من شيئين: بكاؤه على نفسه, وثناؤه على ربّه .

- المخلوق إذا خفته استوحشت منه وهربت منه, والرب تعالى إذا خفته أنست به وقربت إليه .

- لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله سبحانه أحبار أهل الكتاب ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذم المنافقين .

- دافع الخطرة, فإن لم تفعل صارت فكرة. فدافع الفكرة, فان لم تفعل صارت شهوة. فحاربها, فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمّة, فإن لم تدافعها صارت فعلا, فإن لم تتداركها بضدّه صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها.

- التقوى ثلاث مراتب: إحداها: حمية القلب والجوارح عن الآثام والمحرّمات. الثانية: حميتها عن المكروهات. الثالثة: الحمية عن الفضول وما لا يعني. فالأولى تعطي العبد حياته, والثانية تفيد صحته وقوته, والثالثة تكسبه سروره وفرحه وبهجته .

غموض الحق حين تذب عنه """"""" يقلل ناصر الخصم المحق
تضل عن الدقيـق فهوم قوم """"""" فتقضي للمجلّ على المدقّ

بالله أبلـغ ما أسعى وأدركـه """"""" لا بي ولا بشفيـع لي من النــاس
إذا أيست وكاد اليأس يقطعني """"""" جاء الرجاء مسرعا من جانب اليأس

- من خلقه الله للجنّة لم تزل هداياها تأتيه من المكاره, ومن خلقه الله للنار لم تزل هداياها تأتيه من الشهوات .

- لما طلب آدم الخلود في الجنة من جانب الشجرة عوقب بالخروج منها. اقرأ الآيات
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.elazhar.com/quran/image/7_019.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/7_020.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/7_021.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/7_022.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/7_023.gif
http://www.elazhar.com/quran/image/7_024.gif

الأعراف (19-24)


- ولما طلب يوسف الخروج من السجن من جهة صاحب الرؤية لبث فيها بضع سنين.اقرأ الآية
http://www.elazhar.com/quran/image/12_042.gif

يوسف 42

- إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستّة مشاهد:
الأوّل:مشهد التوحيد, وأن الله هو الذي قدّره وشاءه وخلقه, وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
الثاني: مشهد العدل, وأنه ماض فيه حكمه, عدل فيه قضاؤه.
الثالث: مشهد الرحمة, وأن رحمته في هذا المقدور غالبة لغضبه وانتقامه, ورحمته حشوه (أي ظاهره بلاء وباطنه رحمة ) .
الرابع: مشهد الحكمة, وأن حكمته سبحانه اقتضت ذلك, لم يقدّره سدى ولا قضاه عبثا.
الخامس : مشهد الحمد, وأن له سبحانه الحمد التام على ذلك من جميع وجوهه .
السادس: مشهد العبوديّة, وأنه عبد محض من كل وجه تجري عليه أحكام سيّده وأقضيته بحكم كونه ملكه وعبده, فيصرفه تحت أحكامه القدريّة كما يصرفه تحت أحكامه الدينيّة, فهو محل لجريان هذه الأحكام عليه .

- قلّة التوفيق وفساد الرأي, وخفاء الحق, وفساد القلب, وخمول الذكر, وإضاعة الوقت, ونفرة الخلق, والوحشة بين العبد وبين ربّه, ومنع إجابة الدعاء, وقسوة القلب, ومحق البركة في الرزق والعمر, وحرمان العلم, ولباس الذل, وإهانة العدو, وضيق الصدر, والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت, وطول الهم والغم, وضنك المعيشة, وكسف البال... تتولّد من المعصية والغفلة عن ذكر الله, كما يتولّد الزرع عن الماء, والإحراق عن النار. وأضداد هذه تتولّد عن الطاعة .

تنبيه ( ذكر حكم بالغات )
اللــــهم وفقنا لما تحبه وترضاه يارحمن يارحيم

رقية مبارك بوداني 02-07-12 05:14 PM

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



اللــه لا إله إلا هو الحي القيوم
ما هو أعجب العجاب !!!
من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه .

وأن تسمع داعيه, ثم تتأخر عن الإجابة .
وأن تعرف قدر الربح في معاملته, ثم تعامل غيره .
وأن تعرف قدر غضبه, ثم تتعرّض له.
وأن تذوق ألم الوحشة ثم لا تطلب الأنس بطاعته .
وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه, ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته .
وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره, ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه , والإنابة إليه .
وأعجب من هذا علمك أن لابد لك منه , وأنك أحوج شيء إليه , وأنت عنه معرض , وفيما يبعدك عنه راغب .
اللــه لا إله إلا هو الحي القيوم


ما أخذ العبد ما حرم عليه إلا من جهتين:
إحداهما: سوء ظنه بربه, وأنه لو أطاعه وآثره لم يعطه خيرا منه حلال ,
والثانية: أن يكون عالما بذلك , وأن من ترك لله شيئا أعاضه خيرا منه (أعطاه خيرا منه), لكن تغلب شهوته صبره, وهواه عقله .
فالأول من ضعف علمه,
والثاني من ضعف عقله وبصيرته .
قال يحيى بن معاذ: من جمع الله عليه قلبه, في الدعاء لم يرده
قلت : إذا اجتمع عليه قلبه وصدقت ضرورته وفاقته, وقوي رجاؤه, فلا يكاد يرد دعاؤه .


http://upload.arabia4serv.com/images...00pxc2illg.gif

اللهم اِهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وقِنا واصرف عنا شر ما قضيت , إنك تقضي ولا يُقضى عليك ..
إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت , تباركت ربنا وتعاليت , لك الحمد على ما قضيت , ولك الشكر على ما أعطيت ,
نستغفرك اللــهم من جميع الذنوب والخطايا ونتوب إليك .





رقية مبارك بوداني 02-07-12 05:16 PM

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1303859870.gif
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1303860183.gif
- لما رأى المتيقظون سطوة الدنيا بأهلها, وخداع الأمل لأربابه, وتملك الشيطان قياد النفوس, ورأوا الدولة للنفس الأمارة , لجأوا إلى حصن التضرّع والالتجاء , كما يأوي العبد المذعور إلى حرم سيده. (شهوات الدنيا ك "لعب الخيال", ونظر الجاهل مقصور على الظاهر فأما ذو العقل فيرى ما وراء الستر).
لاح لهم المشتهى, فلما مدوا أيدي التناول بان لأبصار البصائر خيط الفخ , فطاروا بأجنحة الحذر,
وصوبوا إلى الرحيل الثاني: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} يس 26,

تلمح القوم الوجود ففهموا المقصود فأجمعوا الرحيل قبل الرحيل وشمروا للسير في سواء السبيل, فالناس مشتغلون بالفضلات, وهم في قطع الفلوات, وعصافير الهوى في وثائق الشبكة ينتظرون الذبح. (وقع ثعلبان في شبكة, فقال أحدهما للآخر: أين الملتقى بعد هذا ؟ فقال: بعد يومين في الدباغة) .
تالله ما كانت الأيام إلا مناما, فاستيقظوا وقد حصلوا على الظفر. ما مضى من الدنيا أحلام, وما بقي منها أماني, والوقت ضائع بينهما.


http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1303860183.gif
- كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه, وولد لا يعذره, وجار لا يأمنه, وصاحب لا ينصحه, وشريك لا ينصفه, وعدو لا ينام عن معاداته, ونفس أمارة بالسوء, ودنيا متزيّنة, وهوى مرد, وشهوة غالبة له, وغضب قاهر, وشيطان مزين, وضعف مستول عليه.
فإن تولاه الله وجذبه إليه انقهرت له هذه كلها, وان تخلى عنه ووكله إلى نفسه اجتمعت عليه فكانت الهلكة .

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1303860183.gif
- لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة اليهما, واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما, وعدلوا إلى الآراء والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ , عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم, وظلمة في قلوبهم, وكدر في أفهامهم, ومحق في عقولهم.
وعمتهم هذه الأمور وغلبت عليهم, حتى ربي فيها الصغير, وهرم عليها الكبير, فلم يروها منكرا.فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن, والنفس مقام العقل, والهوى مقام الرشد, والضلال مقام الهدى, والمنكر مقام المعروف, والجهل مقام العلم, والرياء مقام الإخلاص, والباطل مقام الحق, والكذب مقام الصدق، والمداهنة مقام النصيحة, والظلم مقام العدل. فصارت الدولة والغلبة لهذه الأمور, وأهلها هم المشار إليهم وكانت قبل ذلك لأضدادها وكان أهلها هم المشار إليهم .
فإذا رأيت دولة هذه الأمور قد أقبلت, وراياتها قد نصبت, وجيوشها قد ركبت, فبطن الأرض والله خير من ظهرها, وقلل الجبال خير من السهول, ومخالطة الوحش أسلم من مخالطة الناس.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1303860183.gif
- اقشعرّت الأرض وأظلمت السماء, وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة, وذهبت البركات, وقلّت الخيرات, وهزلت الوحوش, وتكدرت الحياة من فسق الظلمة, بكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة, وشكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح. وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه, ومؤذن بليل بلاء قد ادلهمّ ظلامه. فاعزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح. وكأنكم بالباب وقد أغلق, وبالرهن وقد غلق وبالجناح وقد علق
{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } الشعراء 227.
اشتر نفسك اليوم, فإن السوق قائمة, والثمن موجود, والبضائع رخيصة, وسيأتي على تلك السوق والبضايع يوم لا تصل فيها إلى قليل ولا كثير:
{ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ } التغابن 9, { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ } الفرقان 27.


إذا أنت لم ترحل بزاد من التقـى *** وأبصرت يوم الحشر من قد تزودا
ندمت على أن لا تكـون كمثـله *** وأنك لم ترصد كمـا كان أرصدا


رقية مبارك بوداني 02-07-12 05:20 PM



التوحيد مفزع أعدائه وأوليائه:

فأما أعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } العنكبوت 65.

وأما أولياؤه فينجيهم من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها. ولذلك فزع إليه يونس, فنجّاه الله من تلك الظلمات , { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} الأنبياء .

وفزع إليه أتباع الرسل فنجوا به مما عذب به المشركون في الدنيا وما أعد لهم في الآخرة .


ولما فزع إليه فرعون, عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق, لم ينفعه, { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)} يونس , لأن الإيمان عند المعاينة لا يقبل .

هذه سنة الله في عباده , فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد ولذلك كان دعاء الكرب* بالتوحيد ودعوة ذي النون* { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)} الأنبياء التي ما دعا بها مكروب إلا فرّج الله كربه بالتوحيد .

فلا يلقى في الكرب العظام إلا الشرك ولا ينجي منها إلا التوحيد, فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها. وبالله التوفيق.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1306350932.gif

(فائدة)

اللذة تابعة للمحبة, تقوى بقوتها وتضعف بضعفها, فكلما كانت الرغبة في المحبوب والشوق إليه أقوى كانت اللذة بالوصول إليه أتم والمحبة والشوق تابع لمعرفته والعلم به ,

فكلما كان العلم به أتم كانت محبته أكمل, فإذا رجع كمال النعيم في الآخرة وكمال اللذة إلى العلم والحب, فمن كان يؤمن بالله وأسمائه وصفاته ودينه أعرف, كان له أحب, وكانت لذته بالوصول إليه ومجاورته والنظر إلى وجهه وسماع كلامه أتم .


وكل لذة ونعيم وسرور وبهجة بالإضافة إلى ذلك كقطرة في بحر, فكيف يؤثر من له عقل لذة ضعيفة قصيرة مشوبة بالآلام على لذة عظيمة دائمة أبد الآباد؟!



وكمال العبد بحسب هاتين القوتين: العلم والحب, وأفضل العلم العلم بالله, وأعلى الحب الحب له, وأكمل اللذة بحسبهما. والله المستعان


http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1306350932.gif
(قاعدة)
طالب الله والدار الآخرة لا يستقيم له سيره وطلبه إلا بحبسين.


حبس قلبه في طلبه ومطلوبه, وحبسه عن الالتفات إلى غيره. وحبس لسانه عما لا يفيده, وحبسه على ذكر الله وما يزيد في إيمانه ومعرفته.


وحبس جوارحه عن المعاصي والشهوات, وحبسها على الواجبات والمندوبات ,


فلا يفارق الحبس حتى يلقى ربه فيخلصه من السجن إلى أوسع فضاه وأطيبه. ومتى لم يصبر على هذين الحبسين وفر منهما إلى فضاء الشهوات أعقبه ذلك الحبس الفظيع عند خروجه من الدنيا,
فكل خارج من الدنيا إما متخلص من الحبس وإما ذاهب إلى الحبس. وبالله التوفيق.


ودّع ابن عون رجلا فقال : عليك بتقوى الله, فإن المتقى ليست عليه وحشة .

وقال زيد بن أسلم : كان يقال: من اتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا .

وقال الثوري لابن أبي ذئب : إن اتقيت الله كفاك الناس, وإن اتقيت الناس لن يغنوا عنك من الله شيئا.

وقال سليمان بن داود : أوتينا مما أوتي الناس ومما لم يؤتوا , وعلّمنا مما علّم الناس ومما لم يعلموا, فلم نجد شيئا أفضل من تقوى الله في السر والعلانية, والعدل في الغضب والرضا, والقصد في الفقر والغنى.

وفي الزهد للإمام أحمد أثر إلهي: " ما من مخلوق اعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماوات والأرض دونه, فإن سألني لم أعطه, وإن دعاني لم أجبه, وإن استغفرني لم أغفر له. وما من مخلوق اعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السماوات والأرض رزقه, فإن سألني أعطيته, وإن دعاني أجبته, وإن استغفرني غفرت له"


http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1306350932.gif

(فائدة جليلة)

جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله وحسن الخلق, لأن تقوى الله تصلح ما بين العبد وبين ربه, وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه.


فتقوى الله توجب له محبة الله, وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1306350932.gif


رقية مبارك بوداني 02-07-12 05:32 PM

( أصول الخطايا كلها ثلاثة )
دخل الناس النار من ثلاث أبواب:
باب شبهة أورثت شكا في دين الله.
وباب شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته.
وباب غضب أورث العدوان على خلقه.
أصول الخطايا كلها ثلاث:
الكبر: وهو الذي أصار إبليس إلى ما أصاره.
والحرص: وهو الذي أخرج آدم من الجنة.
والحسد: وهو الذي جرّأ أحد ابني آدم على أخيه.
فمن وقي شر هذه الثلاثة فقد وقى الشر. فالكفر من الكبر, والمعاصي من الحرص, والبغي والظلم من الحسد.
جعل الله بحكمته كل جزء من أجزاء ابن آدم, ظاهرة وباطنة, آلة لشيء إذا استعمل فيه فهو كماله.
فالعين آلة للنظر. والأذن آلة للسماع. والأنف آلة للشم.
واللسان للنطق. والفرج للنكاح.
واليد للبطش. والرجل للمشي.
والقلب للتوحيد والمعرفة. والروح للمحبة.
والعقل آلة للتفكر والتدبر لعواقب الأمور الدينية والدنيوية وإيثار ما ينبغي إيثاره وإهمال ما ينبغي إهماله.
أخسر الناس صفقة من اشتغل عن الله بنفسه, بل أخسر منه من اشتغل عن نفسه بالناس.
في السنن من حديث أبي سعيد يرفعه "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان, تقول: اتق الله, فإنما نحن بك, فان استقمت استقمنا, وإن اعوججت اعوججنا"
قوله:" تكفر اللسان", قيل: معناه تخضع له(1), وفي الحديث: أن الصحابة لما دخلوا على النجاشي لم يكفروا له, حديث دخول الصحابة على النجاشي أخرجه أحمد في المسند 1\202, 5\290, عن أم سلمة بإسناد صحيح, وابن هشام في السيرة. أي لم يسجدوا له ويخضعوا.
ولذلك قال له عمرو بن العاص : أيها الملك إنهم لا يكفرون لك.
وإنما خضعت للسان لأنه بريد القلب وترجمانه والواسطة بينه وبين الأعضاء. وقولها:"إنما نحن بك", أي نجاتنا بك وهلاكنا بك, ولهذا قالت :" فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا".
-----------------

(1) قال إبن الأثير في النهاية بعد ما أورد من الحديث أي تذل وتخضع , والتكفير هو أن ينحني الإنسان ويطأطئ رأسه قريبا من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه .



رقية مبارك بوداني 02-07-12 05:33 PM

تفسير قوله صلى الله عليه وسلم " إتقوا الله وأجملوا في الطلب "
جمع النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " فاتقوا الله وأجملوا في الطلب". بين مصالح الدنيا والآخرة, ونعيمها ولذاتها إنما يُنال بتقوى الله .
وراحة القلب والبدن , وترك الاهتمام والحرص الشديد والتعب والعناد والكد والشقاء في طلب الدنيا, إنما ينال بالإجمال في الطلب,
فمن اتقى الله فاز بلذة الآخرة ونعيمها, ومن أجمل في الطلب استراح من نكد الدنيا وهمومها,
فالله المستعان .

قد نادت الدنيا على نفسها *** لو كان في ذا الخلق من يسمع
كم واثق بالعيش أهلكتـه *** وجـامع فرقت مـا يجــمع


http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1298836880.gif
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } العنكبوت 69.
علق سبحانه الهداية بالجهاد, فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا,
وأفرض الجهاد جهاد النفس, وجهاد الهوى, وجهاد الشيطان, وجهاد الدنيا فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته, ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد.
قال الجنيد : والذين جاهدوا أهواءهم فينا بالتوبة لنهدينهم سبل الإخلاص, ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنا, فمن نُصر عليها نُصر على عدوه, ومن نُصرت عليه نُصر عليه عدوه


http://upload.arabia4serv.com/images...00pxc2illg.gif


العداوة بين الشيطان والملك والعقل والهوى والنفس والقلب
ألقى الله سبحانه العداوة بين الشيطان وبين الملك, والعداوة بين الهوى وبين العقل, والعداوة بين النفس الأمارة وبين القلب .
وابتلى العبد بذلك وجمع له بين هؤلاء, وأمد كل حزب بجنود وأعوان, فلا تزال الحرب سجالا ودولا بين الفريقين, إلى أن يستولي أحدهما على الآخر, ويكون الآخر مقهورا معه.
فإذا كان الفوز للقلب والعقل والملك فهنالك السرور والنعيم واللذة والبهجة والفرح قرة العين وطيب الحياة وانشراح الصدر والفوز بالغنائم .
وإذا كان الفوز للنفس والهوى والشيطان فهنالك الغموم والهموم والأحزان وأنواع المكاره وضيق الصدر وحبس الملك.


رقية مبارك بوداني 02-07-12 05:41 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1298837012.gif
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1298836880.gif

أعلى الهمم في طلب العلم علم الكتاب والسنة
أعلى الهمم في طلب العلم, طلب علم الكتاب والسنة, والفهم عن الله ورسوله نفس المراد, وعلم حدود المنزل.
وأخّس همم طلاب العلم, قصر همته على تتبع شواذ المسائل, وما لم ينزل, ولا هو واقع, أو كانت همته معرفة الاختلاف, وتتبع أقوال الناس, وليس له همة إلى معرفة الصحيح من تلك الأقوال. وقلّ أن ينتفع واحد من هؤلاء بعلمه.
وأعلى الهمم في باب الإرادة أن تكون الهمة متعلقة بمحبة الله والوقوف مع مراده الديني الأمري.
وأسفلها أن تكون الهمة واقفة مع مراد صاحبها من الله, فهو إنما يعبد لمراده منه لا لمراد الله منه,
فالأول: يريد الله ويريد مراده,

والثاني: يريد من الله وهو فارغ عن إرادته.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1298836880.gif
علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم ويدعونهم إلى النار بأفعالهم, فكلما قالت أقوالهم للناس: هلمّوا , قالت أفعالهم: لا تسمعوا منهم. فلو كان ما دعوا إليه حقا كانوا أول المستجيبين له, فهم في الصورة أدلاء وفي الحقيقة قطّاع طرق.
http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1298836880.gif
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وجنبنا اقترابه


رقية مبارك بوداني 02-07-12 05:56 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


http://upload.arabia4serv.com/images...00pxc2illg.gif

أصول المعاصي كلها ثلاثة
أصول المعاصي كلها, كبارها وصغارها, ثلاثة:
تعلق القلب بغير الله, وطاعة القوة الغضبية, والقوة الشهوانية, وهي الشرك والظلم والفواحش.

http://upload.arabia4serv.com/images...00pxc2illg.gif

فغاية التعلق بغير الله شرك وأن يدعى معه إله آخر.
وغاية طاعة القوة الغضبية القتل.
وغاية طاعة القوة الشهوانية الزنا.
ولهذا جمع الله سبحانه بين الثلاثة في قوله: { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ } وهذه الثلاثة يدعو بعضها إلى بعض, فالشرك يدعو إلى الظلم والفواحش .


كما أن الإخلاص والتوحيد يصرفهما عن صاحبه, قال تعالى: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } فالسوء: العشق, والفحشاء: الزنا.
وكذلك الظلم يدعو إلى الشرك والفاحشة, فإن الشرك أظلم الظلم,
كما أن أعدل العدل التوحيد. فالعدل قرين التوحيد, والظلم قرين الشرك,
ولهذا يجمع سبحانه بينهما. أما الأول ففي قوله:{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ }
وأما الثاني فكقوله تعالى:{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }.
والفاحشة تدعو إلى الشرك والظلم, ولا سيما إذا قويت إرادتها ولم تحصل إلا بنوع من الظلم والاستعانة بالسحر والشيطان.
وقد جمع سبحانه بين الزنا والشرك في قوله: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }.


فهذه الثلاثة يجر بعضها إلى بعض ويأمر بعضها ببعض. ولهذا كلما كان القلب أضعف توحيدا وأعظم شركا كان أكثر فاحشة وأعظم تعلقا بالصور وعشقا لها.
ونظير هذا قوله تعالى:{ فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }. فأخبر أن ما عنده خير لمن آمن به وتوكل عليه, وهذا هو التوحيد.
ثم قال:{ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ } فهذا اجتناب داعي القوة الشهوانية.
ثم قال:{ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }, فهذا مخالفة القوة الغضبية,


فجمع بين التوحيد والعفة والعدل التي هي جماع الخير كله.


اللــــهم يـا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك





رقية مبارك بوداني 02-07-12 06:17 PM


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

حال من أصبح وليس همه إلا الله وعكسه

إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمل الله سبحانه حوائجه كلها, وحمل عنه كل ما أهمه, وفرغ قلبه لمحبته, ولسانه لذكره, وجوارحه لطاعته.

http://www.islamup.com/download.php?img=139034
وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمله الله همومها وغمومها وأنكادها! ووكله إلى نفسه, فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق, ولسانه عن ذكره بذكرهم, وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم, فهو يكدح كدح الوحش في خدمة غيره, كالكير ينفخ بطنه ويعصر أضلاعه في نفع غيره.
فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته.
قال تعالى:{ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }الزخرف 36.

http://www.islamup.com/download.php?img=139034
قال سفيان بن عيينة : لا تأتون بمثل مشهور للعرب إلا جئتكم به من القرآن.
فقال له قائل: فأين في القرآن "أعط أخاك تمرة فإن لم يقبل فأعطه جمرة ؟"
فقال في قوله:{ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً }.


اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك


رقية مبارك بوداني 02-07-12 06:18 PM

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1327689511.gif
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الرحمة المهداه وعلى آله وصحبه أجمعين
http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1327690317.gif

الإيمان واليقين
الإيمان له ظاهر وباطن, وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح. وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته.
فلا ينفع ظاهر لا باطن له وإن حقن به الدماء وعصم به المال والذريّة, ولا يجزىء باطن لا ظاهر له إلا إذا تعذّر بعجز أو إكراه أو خوف هلاك.

فتخلف العمل ظاهرا مع عدم المانع دليل على فساد الباطن وخلوّه من الإيمان, ونقصه دليل نقصه, وقوته دليل قوته. فالإيمان قلب الإسلام ولبه
واليقين قلب الإيمان ولبه.
وكل علم وعمل لا يزيد الإيمان واليقين قوة فمدخول, وكل إيمان لا يبعث على العمل فمدخول.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1327690317.gif

التوكل على الله سره وحقيقته
التوكل على الله نوعان أحدهما: توكل عليه في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية, أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية.
والثاني: التوكل على الله في حصول ما يحبه هو ويرضاه من الإيمان واليقين والجهاد والدعوة إليه. وبين النوعين من الفضل مالا يحصيه إلا الله.

فمتى توكل عليه العبد في النوع الثاني حق توكله كفاه النوع الأول تمام الكفاية.

ومتى توكل عليه في النوع الأول دون الثاني كفاه أيضا, لكن لا يكون له عاقبة المتوكل عليه فيما يحبه ويرضاه.

فأعظم التوكل عليه التوكل في الهداية, وتجريد التوحيد, ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاد أهل الباطل, فهذا توكل الرسل وخاصّة أتباعهم.

والتوكل تارة يكون توكل اضطرار وإلجاء, بحيث لا يجد العبد ملجأ ولا وزرا إلا التوكل, كما إذا ضاقت عليه الأسباب وضاقت عليه نفسه وظن أن لا ملجأ من الله إلا إليه, وهذا لا يتخلف عنه الفرج والتيسير البتة.
وتارة يكون توكل اختيار, وذلك التوكل مع وجود السبب المفضي إلى المراد, فإن كان السبب مأمور به ذم على تركه. وإن قام بالسبب, وترك التوكل, ذم على تركه أيضا,
فإنه واجب باتفاق الأمة ونص القرآن, والواجب القيام بهما, والجمع بينهما.
وإن كان السبب محرما, حرم عليه مباشرته, وتوحد السبب في حقه في التوكل, فلم يبق سبب سواه, فإن التوكل من أقوى الأسباب في حصول المراد, ودفع المكروه, بل هو أقوى الأسباب على الإطلاق.
وإن كان السبب مباحا نظرت هل يضعف قيامك به التوكل أو لا يضعفه؟ فإن أضعفه وفرق عليك قلبك وشتت همك فتركه أولى, وإن لم يضعفه فمباشرته أولى؛ لأن حكمة أحكم الحاكمين اقتضت ربط المسبب به فلا تعطل حكمته مهما أمكنك القيام بها,
ولا سيما إذا فعلته عبودية, فتكون قد أتيت بعبودية القلب بالتوكل, وعبودية الجوارح بالسبب المنوي به القربة.
والذي يحقق التوكل القيام بالأسباب المأمور بها, فمن عطلها لم يصح توكله كما أن القيام بالأسباب المفضية إلى حصول الخير يحقق رجاءه, فمن لم يقم بها كان رجاؤه تمنيّا, كما أن من عطّلها يكون توكله عجزا وعجزه توكلا.

وسر التوكل وحقيقته هو اعتماد القلب على الله وحده, فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون إليها
, كما لا ينفعه قوله: توكلت على الله, مع اعتماده على غيره وركونه إليه وثقته به, فتوكل الإنسان شيء وتوكل القلب شيء, كما أن توبة اللسان مع إصرار القلب شيء, وتوبة القلب وإن لم ينطق اللسان شيء فقول العبد: توكلت على الله, مع اعتماد قلبه على غيره, مثل قوله: تبت إلى الله, وهو مصر على معصيته مرتكب لها.



رقية مبارك بوداني 02-07-12 06:20 PM

شكوى الجاهل من الله
الجاهل يشكو الله إلى الناس, وهذا غاية الجهل بالمشكو والمشكو إليه, فإنه لو عرف ربه لما شكاه, ولو عرف الناس لما شكا إليهم. ورأى بعض السلف رجلا يشكو إلى رجل فاقته وضرورته, فقال: يا هذا, والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك,

وفي ذلك قيل:

" وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم "


والعارف إنما يشكو إلى الله وحده. وأعرف العارفين من جعل شكواه إلى الله من نفسه لا من الناس, فهو يشكو من موجبات تسليط الناس عليه,


فهو ناظر إلى قوله تعالى
:{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى 30],
وقوله
:{ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ }[ النساء 79 ],
وقوله
:{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران 165].

فالمراتب ثلاثة:

أخسها أن تشكو الله إلى خلقه,

وأعلاها أن تشكو نفسك إليه,

وأوسطها أن تشكو خلقه إليه.

رقية مبارك بوداني 02-07-12 06:21 PM

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1329415486.gif
(((فائدة جليلة )))


قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} الأنفال 24,

فتضمنت هذه الآية أمورا, أحدها: أن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ورسوله, فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له, وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات.
فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهرا وباطنا. فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا, وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان.
ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم, فإن كل ما دعا إليه فيه الحياة, فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة, وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول صلى الله عليه وسلم.
قال مجاهد: {لِمَا يُحْيِيكُمْ } يعني للحق,
وقال قتادة: هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة.
وقال السدي: هو الإسلام أحياهم به بعد موتهم بالكفر.
وقال ابن إسحاق وعروة بن الزبير: واللفظ له:{ لِمَا يُحْيِيكُمْ } يعني للحرب التي أعزكم الله بها بعد الذل, وقوّاكم بعد الضعف, ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم. كلها من ابن كثير 2\297. وكل هذه عبارات عن حقيقة واحدة وهي القيام بما جاء به الرسول ظاهرا وباطنا.
قال الواحدي: والأكثرون على أن معنى قوله:{ لِمَا يُحْيِيكُمْ } هو الجهاد. وهو قول ابن إسحاق واختيار أكثر أهل المعاني.
قال الفراء: إذا دعاكم إلى إحياء أمركم بجهاد عدوكم يريد إنما يقوي بالحرب والجهاد, فلو تركوا الجهاد ضعف أمرهم واجترأ عليهم عدوهم.

قلت: الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة.
أما في الدنيا فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد.
وأما في البرزخ فقد قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} آل عمران 169.
وأما في الآخرة فإن حظ المجاهدين والشهداء من حياتها ونعيمها أعظم من حظ غيرهم.
ولهذا قال ابن قتيبة: { لِمَا يُحْيِيكُمْ } يعني الشهادة.
وقال بعض المفسرين: { لِمَا يُحْيِيكُمْ } يعني الجنة. فإنها دار الحيوان وفيها الحياة الدائمة الطيبة. حكاه أبو علي الجرجاني.
والآية تتناول هذا كله, فإن الإيمان والإسلام والقرآن والجهاد يحيي القلوب الحياة الطيبة. وكمال الحياة في الجنة, والرسول داع إلى الإيمان وإلى الجنة, فهو داع إلى الحياة في الدنيا والآخرة.
والإنسان مضطر إلى نوعين من الحياة:
حياة بدنه التي بها يدرك النافع والضار ويؤثر ما ينفعه على ما يضرّه. ومتى نقصت فيه هذه الحياة ناله من الألم والضعف بحسب ذلك. ولذلك كانت حياة المريض والمحزون وصاحب الهم والغم والخوف والفقر والذل دون حياة من هو معافى من ذلك.
وحياة قلبه وروحه التي بها يميز بين الحق والباطل والغي والرشاد والهوى والضلال, فيختار الحق على ضده. فتفيده هذه الحياة قوة التمييز بين النافع والضار في العلوم والإرادات والأعمال. وتفيد قوة الإيمان والإرادة والحب للحق, وقوة البغض والكراهة للباطل. فشعوره وتمييزه وحبه ونفرته بحسب نصيبه من هذه الحياة, كما أن البدن الحي يكون شعوره وإحساسه بالنافع والمؤلم أتم, ويكون ميله إلى النافع ونفرته عن المؤلم أعظم. فهذا بحسب حياة البدن, وذاك بحسب حياة القلب.
فإذا بطلت حياته بطل تمييزه. وإن كان له نوع تمييز لم يكن فيه قوة يؤثر بها النافع على الضار.

كما أن الإنسان لا حياة له حتى ينفخ فيه الملك, الذي هو رسول الله (الملك الذي ينفخ الروح في الإنسان بأمر الله), من روحه, فيصير حيا بذلك النفخ. وكان قبل ذلك من جملة الأموات. وكذلك لا حياة لروحه وقلبه حتى ينفخ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من الروح الذي ألقى إليه,
قال تعالى: { يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} النحل2,
وقال :{ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} غافر 15,
وقال:{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} الشورى 52.
فأخبر أن وحيه روح ونور, فالحياة والاستنارة موقوفة على نفخ الرسول الملكي, فمن أصابه نفخ الرسول الملكي ونفخ الرسول البشري حصلت له الحياتان. ومن حصل له نفخ الملك دون نفخ الرسول حصلت له إحدى الحياتين وفاتته الأخرى, قال تعالى:{ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا }الأنعام 122, فجمع له بين النور والحياة كما جمع لمن أعرض عن كتابه بين الموت والظلمة. قال ابن عباس وجميع المفسرين: كان كافرا ضالا فهديناه.
وقوله تعالى:{ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ }
يتضمن أمورا: أحدها: أنه يمشي في الناس بالنور وهم في الظلمة, فمثله ومثلهم كمثل قوم أظلم عليهم الليل فضلوا ولم يهتدوا للطريق. وآخر معه نور يمشي في الطريق ويراها ويرى ما يحذره فيها.
وثانيها: أنه يمشي فيهم بنوره فهم يقتبسون منه لحاجتهم إلى النور.
وثالثها: أنه يمشي بنوره يوم القيامة على الصراط إذا بقي أهل الشرك والنفاق في ظلمات شركهم ونفاقهم.

رقية مبارك بوداني 02-07-12 06:23 PM

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1330881447.gif
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1330880784.gif
تفسير قوله تعالى:
{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}
البقرة 216,
وقوله عزّ وجلّ:{ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} النساء 19.

فالآية الأولى في الجهاد الذي هو كمال القوة الغضبية,

والثانية في النكاح الذي هو كمال القوة الشهوانية.

فالعبد يكره مواجهة عدوه بقوته الغضبية خشية على نفسه منه, وهذا المكروه خير له في معاشه ومعاده, ويحب الموادعة والمتاركة, وهذا المحبوب شر له في معاشه ومعاده.

وكذلك يكره المرأة لوصف من أوصافها وله في إمساكها خير كثير لا يعرفه. ويحب المرأة لوصف من أوصافها وله في إمساكها شر كثير لا يعرفه.


http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1330880784.gif
فالإنسان كما وصفه به خالقه ظلوم جهول, فلا ينبغي أن يجعل المعيار على ما يضرّه وينفعه ميله وحبه ونفرته وبغضه, بل المعيار على ذلك ما اختاره الله له بأمره ونهيه. فأنفع الأشياء له على الإطلاق طاعة ربه بظاهره وباطنه, وأضر الأشياء عليه على الإطلاق معصيته بظاهره وباطنه, فإذا قام بطاعته وعبوديته مخلصا له فكل ما يجري عليه مما يكره يكون خيرا له, وإذا تخلى عن طاعته وعبوديته فكل ما هو فيه من محبوب هو شر له.

(( فمن صحت له معرفة ربه والفقه في أسمائه وصفاته, علم يقينا أن المكروهات التي تصيبه والمحن التي تنزل به فيها ضروب من المصالح والمنافع التي لا يحصيها علمه ولافكرته, بل مصلحة العبد فيما يكره أعظم منها فيما يحب )).


http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1330880784.gif
فعامة مصالح النفوس في مكروهاتها, كما أن عامة مضارها وأسباب هلكتها في محبوباتها.

فانظر إلى غارس جنة من الجنات خبير بالفلاحة غرس جنة وتعاهدها بالسقي والإصلاح حتى أثمرت أشجارها, فأقبل عليها يفصل أوصالها ويقطع أغصانها لعلمه أنها لو خليّت على حالها لم تطب ثمرتها, فيطعمها من شجرة طيبة الثمرة, حتى إذا والتحمت بها واتحدت وأعطت ثمرتها أقبل يقلمها ويقطع أغصانها الضعيفة التي تذهب قوتها, ويذيقها ألم القطع والحديد لمصلحتها وكمالها, لتصلح ثمرتها أن تكون بحضرة الملوك. ثم لا يدعها ودواعي طبعها من الشرب كل وقت, بل يعطشها وقتا ويسقيها وقتا, ولا يترك الماء عليها دائما وإن كان ذلك أنضر لورقها وأسرع لنباتها. ثم يعمد إلى تلك الزينة التي زينت بها من الأوراق فيلقي عنها كثيرا منها, لأن تلك الزينة تحول بين ثمرتها وبين كمال نضجها واستوائها كما في شجر العنب ونحوه. فهو يقطع أعضاءها بالحديد, ويلقي عنها كثيرا من زينتها, وذلك عين مصلحتها. فلو أنها ذات تمييز وإدراك كالحيوان, لتوهمت أن ذلك إفساد لها وإضرار بها, وإنما هو عين مصلحتها.


وكذلك الأب الشفيق على ولده العالم بمصلحته, إذا رأى مصلحته في إخراج الدم الفاسد عنه, بضع جلده وقطع عروقه وأذاقه الألم الشديد. وإن رأى شفاءه في قطع عضو من أعضائه أبانه عنه (أي قطعه), كل ذلك رحمة به وشفقة عليه. وإن رأى مصلحته في أن يمسك عنه العطاء لم يعطه ولم يوسع عليه, لعلمه أن ذلك أكبر الأسباب إلى فساده وهلاكه. وكذلك يمنعه كثيرا من شهواته حمية له ومصلحة لا بخلا عليه.


http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1330880784.gif
فأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وأعلم العالمين, الذي هو أرحم بعباده منهم بأنفسهم ومن آبائهم وأمهاتهم,
إذا أنزل بهم ما يكرهون كان خيرا لهم من أن لا ينزله بهم, نظرا منه لهم وإحسانا إليهم ولطفا بهم, ولو مكنوا من الاختيار لأنفسهم لعجزوا عن القيام بمصالحهم علما وإرادة وعملا, لكنه سبحانه تعالى تولى تدبير أمورهم بموجب علمه وحكمته ورحمته, أحبوا أم كرهوا, فعرف ذلك الموقنون بأسمائه وصفاته فلم يتهموه في شيء من أحكامه, وخفي ذلك على الجهال به وبأسمائه وصفاته, فنازعوه تدبيره, وقدحوا في حكمته, ولم ينقادوا لحكمه, وعارضوا حكمه بعقولهم الفاسدة وآرائهم الباطلة وسياساتهم الجائرة, فلا لربهم عرفوا, ولا لمصالحهم حصلوا, والله الموفق.
ومتى ظفر العبد بهذه المعرفة سكن في الدنيا قبل الآخرة في جنة لا يشبه نعيمها إلا نعيم جنة الآخرة,
فإنه لا يزال راضيا عن ربه, والرضا جنة الدنيا ومستراح العارفين, فإنه طيب النفس بما يجري عليها من المقادير التي هي عين اختيار الله له, وطمأنينتها إلى أحكامه الدينية,
وهذا هو
الرضا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا. وما ذاق طعم الإيمان من لم يحصل له ذلك.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1330880784.gif

وهذا الرضا هو بحسب معرفته بعدل الله وحكمته ورحمته وحسن اختياره, فكلما كان بذلك كان به أرضى. فقضاء الرب سبحانه في عبده دائر بين العدل والمصلحة والحكمة والرحمة, لا يخرج عن ذلك البتة
كما قال صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور
: " اللهم إني عبدك, ابن عبدك, ابن أمتك, ناصيتي بيدك, ماض فيّ حكمك, عدل في قضاؤك, أسألك بكل اسم هو لك, سميت به نفسك, أو أنزلته في كتابك, أو علّمته أحدا من خلقك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك, أن تجعل القرآن ربيع قلبي, ونور صدري, وجلاء حزني, وذهاب همي وغمي, ما قالها أحد قط إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله مكانه فرجا". قالوا: أفلا نتعلمهن يا رسول الله؟ قال: " بلى ينبغي لمن يسمعهن أن يتعلمهن".

والمقصود قوله "عدل فيّ قضاؤك", وهذا يتناول كل قضاء يقضيه على عبده من عقوبة أو ألم وسبب ذلك, فهو الذي قضى بالسبب وقضى بالمسبب وهو عدل في هذا القضاء. وهذا القضاء خير للمؤمن كم قال صلى الله عليه وسلم:" والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له, وليس ذلك إلا للمؤمن".
قال العلامة ابن القيم: فسألت شيخنا "الإمام الجليل ابن تيمية" هل يدخل في ذلك قضاء الذنب؟ فقال: نعم بشرطه فأجمل في لفظة "بشرطه" ما يترتب على الذنب من الآثار المحبوبة لله من التوبة والانكسار والندم والخضوع والذل والبكاء وغير ذلك.



رقية مبارك بوداني 02-07-12 06:28 PM

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332232651.jpg
(فائدة)

لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا, ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بعد نظرين صحيحين:

النظر الأول في الدنيا
وسرعة زوالها وفنائها واضمحلالها ونقصها وخسّتها, وألم المزاحمة عليها والحرص عليها, وما في ذلك من الغصص والنغص والأنكاد, وآخر ذلك الزوال والانقطاع مع ما يعقب من الحسرة والأسف, فطالبها لا ينفك من هم قبل حصولها, وهم في حال الظفر بها, وغم وحزن بعد فواتها. فهذا أحد النظرين.
أما النظر الثاني في الآخرة
وإقبالها ومجيئها ولا بد, ودوامها وبقائها, وشرف ما فيها من الخيرات والمسرات والتفاوت الذي بينه وبين ما ها هنا فهي كما قال سبحانه:{ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } [الأعلى 17 ].
فهي خيرات كاملة دائمة, وهذه خيالات ناقصة منقطعة مضمحلة. فإذا تم له هذان النظران آثر ما يقتضي العقل إيثاره, وزهد فيما يقتضي الزهد فيه.
فكل أحد مطبوع على أن لا يترك النفع العاجل واللذة الحاضرة إلى النفع الآجل واللذة الغائبة المنتظرة, إلا إذا تبين له فضل الآجل على العاجل وقويت رغبته في الأعلى الأفضل فإذا آثر الفاني الناقص كان ذلك إما لعدم تبين الفضل له, وإما لعدم رغبته في الأفضل.
وكل واحد من الأمرين يدل على ضعف الإيمان وضعف العقل والبصيرة. فإن الراغب في الدنيا الحريص عليها المؤثر لها إما أن يصدّق بأن ما هناك أشرف وأفضل وأبقى, وإما أن لا يصدّق, فإن لم يصدق بذلك كان عادما للإيمان رأسا, وإن صدّق بذلك ولم يؤثره كان فاسد العقل سيء الاختيار لنفسه. وهذا تقسيم حاضر ضروري لا ينفك العبد من أحد القسمين منه.

فإيثار الدنيا على الآخرة إما من فساد الإيمان, وإما من فساد العقل. وما أكثر ما يكون منهما.


http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332232781.gif

ولهذا نبذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهره هو وأصحابه وصرفوا عنها قلوبهم, وأطرحوها ولم يألفوها, وهجروها ولم يميلوا إليها, وعدّوها سجنا لا جنّة. فزهدوا فيها حقيقة الزهد,
ولو أرادوها لنالوا منها كل محبوب ولوصلوا منها إلى كل مرغوب.
فقد عرضت عليه مفاتيح كنوزها فردّها, وفاضت على أصحابه فآثروا بها ولم يبيعوا حظهم من الآخرة بها, وعلموا أنها معبر وممر لا دار مقام ومستقر, وأنها دار عبور لا دار سرور, وأنها سحابة صيف تنقشع عن قليل, وخيال طيف ما استتم الزيارة حتى آذن بالرحيل.

قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" مالي وللدنيا, إنما أنا كراكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها" أخرجه الترمذي في الزهد 4\508(2377),وابن ماجه وأحمد والسيوطي.
وقال
:" ما الدنيا في الآخرة إلا كما يدخل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بما ترجع". أخرجه مسلم في الجنة 4\2193 رقم 55 [2858], والترمذي وابن ماجه.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332232781.gif
وقال خالقها سبحانه
: { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }[يونس 24,25]

فأخبر عن خسة الدنيا وزهد فيها, وأخبر عن دار السلام ودعا إليها.

وقال تعالى
:{ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً } [الكهف 45,46]

وقال تعالى
:{ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [الحديد20]

وقال تعالى
:{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } [آل عمران 14,15]

وقال تعالى
:{ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ } [الرعد 26]

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332232781.gif

وقد توعّد سبحانه أعظم الوعيد لمن رضي بالحياة الدنيا واطمأن بها وغفل عن آياته ولم يرج لقاءه, فقال
:{ إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [يونس 7,8]

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332232781.gif
وعيّر سبحانه من رضي بالدنيا من المؤمنين, فقال:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ } [التوبة 38]
وعلى قدر رغبة العبد في الدنيا ورضاه بها يكون تثاقله عن طاعة الله وطلب الآخرة,


http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332232781.gif
ويكفي في الزهد في الدنيا قوله تعالى
:{ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ } [الشعراء 205-207]

وقوله
:{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } [يونس 45]

وقوله
: { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ } [الأحقاف 35]

وقوله تعالى
:{ يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا. فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا. إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا. إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا. كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } [النازعات 42-46]

وقوله
:{ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ } [الروم 55]

وقوله
: { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [المؤمنون 112-114]

وقوله
:{ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً } [طه 102-104]

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332232781.gif
والله المستعان وعليه التكلان.




رقية مبارك بوداني 02-07-12 06:33 PM

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1330881447.gif

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين
http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332961851.gif


(قاعدة )
بيان أساس كل خير

أساس كل خير أن تعلم أن ما شاء الله كان, وما لم يشأ لم يكن.

فتتيقن حينئذ أن الحسنات من نعمه, فتشكره عليها, وتتضرّع إليه أن لا يقطعها عنك, وأن السيئات من خذلانه وعقوبته, فتبتهل إليه أن يحول بينك وبينها, ولا يكلك في فعل الحسنات وترك السيئات إلى نفسك.


وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد, وكل شر فأصله خذلانه لعبده,
وأجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك,
وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك,
فإذا كان كل خير فأصله التوفيق, وهو بيد الله لا بيد العبد,
فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه.

فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له, ومتى أضلّه عن المفتاح بقي باب الخير مرتجا دونه.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332961851.gif


قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني لا أحمل هم الإجابة, ولكن هم الدعاء, فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه.
وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في
ذلك يكون توفيقه سبحانه وإعانته.
فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم, والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك,
فالله سبحانه أحكم الحاكمين وأعلم العالمين, يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به, والخذلان
في مواضعه اللائقة به وهو العليم الحكيم,
وما أتى من أتى إلا من قبل إضاعة الشكر وإهمال الافتقار والدعاء, ولا ظفر من ظفر بمشيئة الله وعونه إلا بقيامه بالشكر وصدق الافتقار والدعاء.


وملاك ذلك الصبر فإنه من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد, فإذا قطع الرأس فلا بقاء للجسد.

ماضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله. خلقت النار لإذابة القلوب القاسية.
أبعد القلوب من الله القلب القاسي. إذا قسا
القلب قحطت العين.
قسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: الأكل والنوم والكلام والمخالطة.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332961851.gif


اللــهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك



رقية مبارك بوداني 02-07-12 06:35 PM

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1330881447.gif

حكم بالغات وفوائد حسان

- كما أن البدن إذا مرض لم ينفع فيه الطعام والشراب, فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات لم تنجح فيه المواعظ.

- من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهوته.

- القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله بقدر تعلقها بها.


- القلوب آنية الله في أرضه, فأحبها إليه أرقها وأصلبها وأصفاها.

- شغلوا قلوبهم بالدنيا, ولو شغلوها بالله والدار الآخرة لجالت في معاني كلامه وآياته المشهودة ورجعت إلى أصحابها بغرائب الحكم وطرف الفوائد.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332961851.gif


- إذا غذي القلب بالتذكر, وسقي بالتفكّر, ونقي من الدغل, رأى العجائب وألهم الحكمة.

- ليس كل من تحلى بالمعرفة والحكمة وانتحلها كان من أهلها, بل أهل المعرفة والحكمة الذين أحيوا قلوبهم بقتل الهوى. وأما من قتل قلبه فأحيى الهوى, فالمعرفة والحكمة عارية على لسانه.


- خراب القلب من الأمن والغفلة, وعمارته من الخشية والذكر.

- إذا زهدت القلوب في موائد الدنيا قعدت على موائد الآخرة بين أهل تلك الدعوة, وإذا رضيت بموائد الدنيا فاتتها تلك الموائد.


- الشوق إلى الله ولقائه نسيم يهب على القلب يروح عنه وهج الدنيا.
http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332961851.gif


- من وطّن قلبه عند ربه, سكن واستراح, ومن أرسله في الناس اضطرب واشتد به القلق.


- لا تدخل محبة الله في قلب فيه حب الدنيا إلا كما يدخل الجمل في سم الإبرة.

- إذا أحب الله عبدا اصطنعه لنفسه واجتباه لمحبته, واستخلصه لعبادته, فشغل همه به, ولسانه بذكره, وجوارحه بخدمته.


- القلب يمرض كما يمرض البدن, وشفاؤه في التوبة والحمية, ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر, ويعرى كما يعرى الجسم, وزينته التقوى, ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن, وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة والخدمة.

- إياك والغفلة عمن جعل لحياتك أجلا ولأيامك وأنفاسك أمدا ومن كل سواه بد ولا بد لك منه.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332961851.gif


- من ترك الاختيار والتدبير في طلب زيادة دنيا أو جاه أو في خوف نقصان أو في التخلص من عدو, توكلا على الله وثقة بتدبيره له وحسن اختياره له, فألقى كنفه بين يديه, وسلم الأمر إليه, ورضي بما يقضيه له, استراح من الهموم والغموم والأحزان. ومن أبى إلا تدبيره لنفسه, وقع في النكد والنصب وسوء الحال والتعب, فلا عيش يصفو, ولا قلب يفرح, ولا عمل يزكو, ولا أمل يقوم, ولا راحة تدوم. والله سبحانه سهّل لخلقه السبيل إليه وحجبهم عنه بالتدبير, فمن رضي بتدبير الله له, وسكن إلى اختياره, وسلّم لحكمه, أزال ذلك الحجاب, فأفضى القلب إلى ربه, واطمأن إليه وسكن.

- المتوكل لا يسأل غير الله ولا يرد على الله ولا يدخر مع الله من شغل بنفسه شغل عن غيره, ومن شغل بربه شغل عن نفسه.


- الإخلاص هو ما لا يعلمه ملك فيكتبه ولا عدو فيفسده ولا يعجب به صاحبه فيبطله.

- الرضا سكون القلب تحت مجاري الأحكام.


- الناس في الدنيا معذّبون على قدر هممهم بها.
http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332961851.gif


- للقلب ستة مواطن يجول فيها لا سابع لها: ثلاثة سافلة, وثلاثة عالية. فالسافلة: دنيا تتزين له, ونفس تحدثه, وعدو يوسوس له. فهذه مواطن الأرواح السافلة التي لا تزال تجول فيها. والثلاثة العالية: علم يتبين له, وعقل يرشده, وإله يعبده. والقلوب جوّالة في هذه المواطن.


- إتباع الهوى وطول الأمل مادة كل فساد, فإن اتّباع الهوى يعمي عن الحق معرفة وقصدا, وطول الأمل ينسي الآخرة, ويصد عن الاستعداد لها.

- لا يشم عبد رائحة الصدق ويداهن نفسه, أو يداهن غيره.


- إذا أراد الله بعبد خيرا جعله معترفا بذنبه, ممسكا عن ذنب غيره, جوادا بما عنده, زاهدا فيما عند غيره, محتملا لأذى غيره, وإن أراد به شرا عكس ذلك عليه.

- الهمّة العليّة لا تزال حائمة حول ثلاثة أشياء تعرف لصفة من الصفات العليا تزداد بمعرفتها محبة وإرادة. وملاحظة لمنة تزداد بملاحظتها شكر أو طاعة وتذكر بذنب تزداد بتذكره توبة وخشية. فإذا تعلّقت الهمّة بسوى هذه الثلاثة جالت في أودية الوساوس والخطرات.

http://www.almeske.net/upload/aln3esa-1332961851.gif


- من عشق الدنيا نظرت إلى قدرها عنده فصيرته من خدمها وعبيدها وأذلّته. ومن أعرض عنها نظرت إلى كبر قدره فخدمته وذلّت له.

- إنما يقطع السفر ويصل المسافر بلزوم الجادّة وسير الليل, فإذا حاد المسافر عن الطريق, ونام الليل كله, فمتى يصل إلى مقصده؟


رقية مبارك بوداني 02-07-12 06:38 PM

http://im19.gulfup.com/2012-05-31/1338495735601.gif
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين

http://im19.gulfup.com/2012-05-31/1338495735962.gif
لوازم من آثر الدنيا من أهل العلم

كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها, فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه, في خبره وإلزامه, لأن أحكام الرب سبحانه كثيرا ما تأتي على خلاف أغراض الناس, ولا سيما أهل الرئاسة.

والذين يتبعون الشهوات فإنهم لا تتم لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيرا, فإذا كان العالم والحاكم محبين للرئاسة, متبعين للشهوات, لم يتم لهما ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق, ولا سيما إذا قامت له شبهة, فتتفق الشبهة والشهوة, ويثور الهوى, فيخفى الصواب, وينطمس وجه الحق.


وإن كان الحق ظاهرا لا خفاء به ولا شبهة فيه, أقدم على مخالفته وقال: لي مخرج من التوبة.


وفي هؤلاء وأشباههم قال تعالى:
{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَات}[ 59 مريم].

وقال تعالى فيهم أيضا
:{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}[ 169 الأعراف].

فأخبر سبحانه أنهم أخذوا الغرض الأدنى مع علمهم بتحريمه عليهم وقالوا سيغفر لنا, وان عرض لهم عرض آخر أخذوه فهم مصرون على ذلك, وذلك هو الحامل لهم على أن يقولوا على الله غير الحق, فيقولون هذا حكمه وشرعه ودينه وهم يعلمون أن دينه وشرعه وحكمه خلاف ذلك, أو لا يعلمون أن ذلك دينه وشرعه وحكمه؟ فتارة يقولون على الله ما لا يعلمون, وتارة يقولون عليه ما يعلمون بطلانه,


http://im19.gulfup.com/2012-05-31/1338495735962.gif
وأما الذين يتقون فيعلمون أن الدار الآخرة خير من الدنيا, فلا يحملهم حب الرئاسة والشهوة على أن يؤثروا الدنيا على الآخرة. وطريق ذلك أن يتمسكوا بالكتاب والسنة, ويستعينوا بالصبر والصلاة, ويتفكروا في الدنيا وزوالها وخستها, والآخرة وإقبالها ودوامها,

http://im19.gulfup.com/2012-05-31/1338495735962.gif

وهؤلاء لا بد أن يبتدعوا في الدين مع الفجور في العمل فيجتمع لهم الأمران, فإن اتّباع الهوى يعمى عين القلب, فلا يميز بين السنة والبدعة, أو ينكسه فيرى البدعة سنة, والسنة بدعة.

فهذه آفة العلماء إذا آثروا الدنيا, واتبعوا الرئاسات والشهوات.


وهذه الآيات فيهم إلي قوله:
{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ } 175[-176 الأعراف].

فهذا مثل عالم السوء الذي يعمل بخلاف علمه.


http://im19.gulfup.com/2012-05-31/1338495735883.gif


رقية مبارك بوداني 02-07-12 06:41 PM

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الرحمة المهداه وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين






نبدأ بما وقفنا عنده فيما سبق


قوله تعالى : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ } 175[-176 الأعراف].




فهذا مثل عالم السوء الذي يعمل بخلاف علمه.


ذم العالم الذي لم يعمل بعلمه


وتأمّل ما تضمنته هذه الآية من ذمه, وذلك من وجوه:




أحدها: أنه ضل بعد العلم, واختار الكفر على الإيمان عمدا لا جهلا.




وثانيها: أنه فارق الإيمان مفارقة من لا يعود إليه أبدا, فإنه انسلخ من الآيات بالجملة, كما تنسلخ الحية من قشرها, ولو بقي معه منها شيء, لم ينسلخ منها.




وثالثها: أن الشيطان أدركه ولحقه, بحيث ظفر به وافترسه, ولهذا قال: { فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَان}, ولم يقل تبعه, فإن معنى أتبعه أدركه ولحقه, وهو أبلغ من تبعه لفظا ومعنى.




ورابعها:أنه غوي بعد الرشد. والغي: الضلال في العلم والقصد, وهو أخص بفساد القصد والعمل كما أن الضلال أخص بفساد العلم والاعتقاد. فإذا أفرد أحدهما دخل فيه الآخر, وإن اقترنا فالفرق ما ذكر.




وخامسها: أنه سبحانه لم يشأ أن يرفعه بالعلم فكان سبب هلاكه, لأنه لم يرفع به فصار وبالا عليه, فلو لم يكن عالما لكان خيرا له وأخف لعذابه.




وسادسها: أنه سبحانه أخبر عن خسة همته, وأن اختار الأسفل الأدنى على الأشرف الأعلى.




وسابعها: أن اختياره للأدنى لم يكن عن خاطر وحديث نفس, ولكنه كان عن إخلاد إلى الأرض, وميل بكليّته إلى ما هناك, وأصل الإخلاد اللزوم على الدوام كأنه قيل: لزم الميل إلى الأرض, ومن هذا يقال: أخلد فلان بالمكان إذا لزم الإقامة به, قال مالك بن نويرة


بأبناء حي من قبائل مالك وعمرو بن يربوع أقاموا فأخلدوا


وعبّر عن ميله إلى الدنيا بإخلاده إلى الأرض, لأن الدنيا هي الأرض وما فيها وما يستخرج منها من الزينة والمتاع.




وثامنها: أنه رغب عن هداه, واتبع هواه, فجعل هواه إماما له, يقتدي به ويتبعه.




وتاسعها: أنه شبهه بالكلب الذي هو أخس الحيوانات همة, وأسقطها نفسا, وأبخلها وأشدها كلبا, ولهذا سمي كلبا.




وعاشرها: أنه شبه لهثه على الدنيا, وعدم صبره عنها, وجزعه لفقدها, وحرصه على تحصيلها, بلهث الكلب في حالتي تركه والحمل عليه بالطرد, وهكذا. هذا إن ترك فهو لهثان على الدنيا, وإن وعظ وزجر فهو كذلك. فاللهث لا يفارقه في كل حال كلهث الكلب. قال ابن قتيبة: كل شيء يلهث فإنما يلهث من إعياء أو عطش إلا الكلب في حال الكلال (الأكل), وحال الراحة, وحال الري, وحال العطش, فضربه الله مثلا لهذا الكافر فقال: إن وعظته فهو ضال, وإن تركته فهو ضال, وإن تركته فهو ضال كالكلب إن طردته لهث, وإن تركته على حاله لهث. وهذا التمثيل لم يقع بكل كلب, وإنما وقع بالكلب اللاهث, وذلك أخس ما يكون وأشنعه.


اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا





الساعة الآن 09:42 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .