ملخص الدرس الثاني
اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّه يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، تَعَلُّمُ هَذِهِ الثَّلاثِ مَسَائِل، والْعَمَلُ بِهِنَّ: الأُولَى: أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا، وَرَزَقَنَا، وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلاً، بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلا﴾[المزمل: 15، 16]. يقول المؤلف رحمه الله تعالى أنه يجب على كل مسلم ومسلمهان يعرف هذه المسائل الثلاث أن الله عز وجل هو الخالق وهذا يعرفه كل البشر كذلك النقطة التى يتميز بها المسلم ويجب على كل مسلم أن يتعلمها أن الله عز وجل لم يتركنا هملا بل أرسل إلينا رسولا والإيمان بالرسل كلهم لا شك فيه أنه ركن من أركان الإيمان العظيمة والإيمان بهم كلهم على وجه الإجمال واجب والإيمان بالنبى عليه الصلاة والسلام على سبيل التفصيل أيضا واجب يعنى هناك فرق بين الإيمان بالأنبياء كلهم والإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام. أما أنهم مرسلون من عند الله عز وجل فهذا يجب على كل إنسان أن يؤمن بذلك المذكورين بأسمائهم فى القرآن وهم خمسة وعشرون نبيا فى سورة الأنعام مذكور ثمانية عشر نبيا والبقية في آيات أخرى لكن الإيمان لا يتوفر إلا فى المسلم فالنصارى مثلا لا يومنون بعيسى ولكن يؤمنون به على أنه جزء من الإله أو ابن الإله واليهود يؤمنون بأنبياؤهم لكن لأن كتبهم قد حرفت فانهم لا يعرفون من هم الأنبياء. كذلك اليهود والنصارى يتفقون بأنهم يكفرن بالنبى عليهالصلاة والسلام ربما بعضهم يقول نعم هو نبى ولكن مجرد الإثبات لا يعنىالإيمان إنه نبى لا يكفى بل لابد من الإيمان بما جاء به من الله عز وجل. أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا، وَرَزَقَنَا، وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلاً، بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ عبارة بسيطه جدا ولكنها تحوى وتشتمل على معانى عظيمه فالله عز وجل خلقنا لعبادته وحده لا شريك له وقال تعالى { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } أى الإ ليوحدون وذكرنا فى بعض الشروح أن اللام هنا هى للتعليل الشرعى وأن الله عز وجل أمتن على عباده بأن أرسل الرسل "رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما" .وجعل الله سبحانه وتعالى طاعة الرسل سببا لدخول الجنة فى يوم القيامةياتي النبي ومعه الرجل والرجلان ويأتى النبى وليس معه أحد والذى معه الرجل والرجلان هم الذين امنوا به والنبى الذى لا يأتى معه أحد لم يؤمن به أحد من قومه. ويأتي موسى عليه السلام ومعه أمة عظيمة كلهم قد امنوا به ويأتى النبى علية الصلاة والسلام أو تأتى أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهم أكثر الأمم وهم من اتبع النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثبت فى صحيح البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل أمتى يدخلون الجنة إلامن أذى قالوا يا رسول الله ومن يأذى قال من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى" فطاعة النبى صلى الله عليه وسلم لا شك أنها واجبه وشرط لدخول الجنة فمن أرادت الجنة فلتطع النبى صلى الله عليه وسلم ولتقف عند كلامه عليه الصلاة والسلام وتعمل بأوامره وتنتهى عن نواهيه وأن تترك حظ النفس تترك حظ نفسها لطاعة النبى صلى الله عليه وسلم فأنه خيرا لها عند ربها. ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلا﴾[المزمل: 15، 16]. كل الأنبياء دعوتهم إلى التوحيد أما فى الشرائع فهم يختلفون ولذلك كلنا نعلم قوله تعالى { وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } والنبى عليه الصلاة والسلا أتى بدين سمح يسير وكانوا بنو اسرائيل عندهم بعض الأحكام الشاقة المتعبة لأنهم شقوا على أنفسهم أو شددوا فشدد الله عز وجل عليهم وانما التيسير أصبح فى هذه الأمة قال المؤلف رحمه الله تعالى: الثَّانِيَةُ: أَنَّ الله لا يَرْضَى أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُ أَحَدُ فِي عِبَادَتِهِ، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ﴾[الجن: 18]. الشرك الأكبر بأنواعه مخرج من الملة سواء كان الإشراك بصنم أو طاغوت أو حتى بأحد الصالحين أو أحد شرك شركا عظيما { إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } فهؤلاء يأتون الى الذين كانوا يعبدوهم فى الدنيا فيتبرؤن منهم كيف تعبدوننا ونحن لا نستحق العبودية وانما نحن خلقا من خلق الله عز وجل. الثَّالِثَةُ: أَنَّ مَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ - صلّى الله عليه وسلم- ، وَوَحَّدَ اللهَ لا يَجُوزُ لَهُ مُوَالاةُ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ قَرِيبٍ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[المجادلة: 22]. أن من أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم ووحد الله فلا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب والدليل قوله تعالى { لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } التوحيد هم الذين يتوجه اليهم قوله لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر فاذا رايت فى نفسك إنك تتبرئين من أعداء الله عز ووجل وإنك توالين الله ورسوله ومن يحبه الله ورسوله ومن يحب الله ورسوله فأعلمى أن ذلك من دلالات إيمانك بالله عز وجل واليوم الآخر وهذه دلاله عظيمة أن يجد الإنسان فى قلبه هذا الشئ من كره لهؤلاء الكفار وذلك من سمات أهل التوحيد أنهم يحبون فى الله ويبغضون فى الله ثبت عن أنس رض الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه ممن سواهما وأن يحب إلا لله وأن يكره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يقذف فى النار وفى الآية نفى للإيمان بالله واليوم الآخر لمن يواد من حاد بالله واليوم الآخر حتى لو كان أبا أو أبنا أو كان غير ذلك من الناس ولكن هناك محبة طبيعية لا علاقة لها بالموالاة مثل الابن لو كان له أب كافر أو الرجل لو كان له زوجة كتابية فهذا مما لا يؤخذ عليه المسلم هذه محبة طبيعية ولكن نحن نريد المحبة الشرعية هى أعظم المحبات ربما يقول شخص مادام أن الأب كافر أنا أحبه محبة طبيعية إذا كفره كيف أتصرف معه نقول تكرهه لكفره حتى الإنسان لا نحبه لذاته ولكن نحبه لأعماله وأنت تمدح الإنسان لأعماله المؤمن نحبه لإيمانه والمؤمنة نحبها لإيمانها والفاسقة نكرهها لفسقها والكافر نكرهه لكفره براهيم عليه السلام كان يخص أباه بدعوته ونوح أستمر مع ابنه حتى حال بينهم الموج فكانا من المغرقين وكان ذلك بسبب الرحمة أم المحبة القلبية الممزوجه بالرحمة وهل نوح عليه السلام لاحق غير ابنه الآية ذكرت أنه بحث عن ابنه حتى دعاه ورفع صوته إليه وهذا لا عيب فيه ولكن كان يكرهه كفره. والنبى محمد عليه الصلاة والسلام أنزل الله عز وجل عليه { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } فأثبت المحبه هنا فقال انك لا تهدى من احببت يعنى أنك تحب عمك وتحب له الهداية ولم ينكرها عليه فهذا دليل على جوازها قال المؤلف رحمه الله تعالى: اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ، أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ. وَبِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ النَّاسِ، وَخَلَقَهُمْ لَهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾[ الذاريات: 56]. وَمَعْنَى ﴿يَعْبُدُونِ﴾: يُوَحِّدُونِ، وَأَعْظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ: التَّوْحيِدُ، وَهُوَ: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ. وَأَعْظَمُ مَا نَهَى عَنْه: الشِّركُ، وَهُوَ: دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئا﴾ [النساء: 36]. وأعظم ما أمر الله به التوحيد وهو إفراد الله بالعبادة وأعظم ما نهى عنه الشرك وهو دعوة غيره معه والدليل قوله تعالى { وَاعْبُدُوا اللَّه وَلاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً } أعظم واجب على كل مسلم اذا هو التوحيد بأن يوحد الله ولا يعبد سواه وهو أعظم طاعة كما أن أعظم ما عصى الله عز وجل به واخطر هو الشرك وهو الذى لا يقبل معه عمل قال الله تعالى {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } وقال سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ } وقال سبحانه عن الكفار {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً }وقال سبحانه وتعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } وفى آية اخرى { فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } كذلك ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها وهذا الحديث عظيم ثبت عن عائشة انها قالت فى صحيح مسلم يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه قال لا ينفعه إنه لم يقل مرة رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين مع ابن جدعان كان من أكرم اناس فى وقته وكان يتصدق كان كثير الصدقات ومع ذلك فانه لم ينفعه ذلك لان بدون الاسلام لا ينفه أى عمل وأيضاً ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال والذى نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يأن اتت ولم يؤمن بالذى أرسلت به إلا كان من أهل النار فهذا دليل على أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل اى عمل الا اذا كان موحدا. |
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملخص الدرس الثاني بسم الله يجب على كل مسلم أن يعرف أن الله هو الخالق الرازق ويتميز المسلم عن غيره بمعرفة الله جل جلاله أنه خلقنا للعبادة وأمرنا بالإيمان بالأنبياء جميعا وبخاتمهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر في القرآن خمسة وعشرون نبيا منهم ثمانية عشر في سورة الأنعام وهذا الإيمان لا يتوفر إلا للمسلمين فالنصارى ءامنوا بعيسى على أنه جزء من الإله وبنو إسرائيل لا يعرفون الأنبياء لأن كتبهم حرفت لكنهم جميعا متفقون على كفرهم بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقد من الله علينا نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالإيمان والتوحيد وجعله سببا لدخول الجنة لا كالمكذبين الذين يدعون أنهم يعترفون بالنبي صلى الله عليه وسلم وما هم بمؤمنين فقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه يوم القيامة يأتي النبي ومعه الرجل والرجلان وهم الذين ءامنوا به ويأتي النبي وليس معه أحد لأنه لم يؤمن به أحد ويأتي موسى عليه السلام ومعه أمته لكن أكثر الأنبياء اتباعا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولقد قال صلى الله عليه وسلم ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل ومن يأبى يا رسول الله قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أن نطيعه فيما أمر ونجتنب ما نهى عنه وزجر أما الرسل فرسالتهم واحدة ودعوتهم واحدة لكن الشرائع مختلفة قال الله عزوجل ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) هذه لام التعليل وليعبدوه يعني يوحدوه التعليل القدري يقع فيما يحبه الله وما لا يحبه أما التعليل الشرعي فلا يقع إلا فيما يحبه الله وأما الحكمة والعلة فإن بينهما فرق فالحكم تستنبط من كفوائد والعلة غالبا تأتي تعبدية ويدور عليها الحكم فأهل التوحيد يحبون في الله ويعادون في الله فخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام دعا أباه للتوحيد وذلك رحمة به لكن كفره وعناده منعه من التوحيد فكانت النتيجة أن جعله الله يوم القيامة ذكر ضبع . قال الإمام في تفسير قول الله تعالى ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ) أي لا تتخذوا المؤمنون للكافرين ظهارا وأنصارا توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين وتدلونهم على عوراتهمفإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيئ يعني برئ من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه وذخوله في الكفر إلا أن تتقوا منهم تقاة إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافونهم أو تخافوهم على أنفسكم فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم وتضمروا لهم العداوة ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر ولا تعينوهم على مسلم بفعل . وقال الإمام الشوكاني في تفسير قوله تعالى ( ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ) قال طائفة من أهل العلم إنها نزلت في الحظ على الهجرة ورفض بلاد الكفر فيكون الخطاب لمن كان من المؤمنين في مكة وغيرها من بلاد العرب نهوا بأن يوالوا الأباء والإخوة فيكونون لهم تبعا في سكنى البلاد. أما ملة إبراهيم فهي الحنيفية والحنيف هو المائل عن الشرك إلى التوحيد وهو المتقرر في عقيدة إبراهيم عليه السلام فبدأ بالبراءة من الشرك وثنى بالتوحيد وهو أعظم واجب على المسلم ولا يصح التوحيد إلا بعد التجرد من الشرك وعبادة غير الله تعالى إلى توحيده وإفراده بالعبادة وأعظم ما عصى الإنسان ربه به الشرك |
جزاكِ الله خيرا غاليتي على هذا النقل الطيب
نفع الله بكِ وبارك فيكِ |
الأصول الثلاثة /الدرس3
الدرس الثالث قال المؤلف رحمه الله : فإذا قيل لك: ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟ فقل: معرفة العبد ربه، ودينه، ونبيه محمد . الأصل الأول: معرفة الرب: فإذا قيل لك:من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه، وهو معبودي ليس لي معبود سواه. والدليل قوله تعالى: الحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْن [الفاتحة:2] وكل من سوى الله عالم، وأنا واحد من ذلك العالم. الشرح : سبق الحديث حول معرفة الله ورسوله ودين الإسلام قال المؤلف رحمه الله : فإذا قيل لك: بم عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، ومن مخلوقاته السموات السبع، والأرضون السبع، ومن فيهن وما بينهما. والدليل قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]، وقوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54].الشرح : معرفة الله تعالى مستقرة في النفوس ، ومعلومة بالفطرة ، وكل المخلوقات تعرف الله تعالى ، وتعلم أنه الخالق الرازق المدبر ، حتى الذين ينفون وجوده إنما يقولونها تكبراً ، قال تعالى : {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ قال المؤلف رحمه الله : والرب هو: المعبود. والدليل قوله تعالى: يَأيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا ربَّكُمُ الذَِّي خَلَقَكُم وَالذِّينَ مِن قَبلكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ(21) الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرضَ فِرَاشًا وَالسَّمآءَ بِنآءً وَأنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَاَءً فَأخرَجَ بِهِ مِن الثَّمراتِ رِزقًا لّكُم فَلاَ تَجعَلُواْ لَلَّهِ أندَادًا وَأنتُم تَعَلُمونَ [البقرة:22،21]. قال ابن كثير رحمه الله تعالى: ( الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة ).الشرح : مما استقر في الفطرة أن الله تعالى هو الخالق ، ومن المستقر في العقول أن الإنسان لابد له من معبود ، والخالق هو المستحق للعبودية ، والمشركون عرفوا أنهم لابد وأن يكون لهم معبود ، لكن لما لم يحافظوا على فطرتهم ، بحثوا عن معبود غير الله ، فعبدوا الأحجار والشجر والنار وغيرها من المخلوقات ، وهذا من تمام التناقض العقلي قال المؤلف رحمه الله : وأنواع العبادة التي أمر الله بها، مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان، ومنه الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها، كلها. والدليل قوله تعالى: وَأنَّ المَسَاجِد لِلَّهِ فَلا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً [الجن:18]. فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر. والدليل قوله تعالى: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]. وفي الحديث: { الدعاء مخ العبادة }. والدليل قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].الشرح : للتعبد لله تعالى صور كثيرة ، ولا يجوز صرف شيء منها لغير الله تعالى ، ومن صرف شيئاً منها لغير الله فقد وقع في الشرك ، وشرط قبول العبادة الأول أن تكون خالصة لله تعالى ، فإن شابها شيء من الشرك بطلت والدعاء من أخص العبادات ، وقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء . رواه أحمد والترمذي وهو صحيح والدعاء فيه كامل الافتقار إلى الله تعالى ، وفيه تمام التوجه له بطلب الحاجة منه دون غيره سبحانه . والدعاء لابد فيه من أمور كي يقبل : 1- الإخلاص لله تعالى ، قال تعالى : ( فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) [ غافر 14 ] 2- المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم والالتزام بهدبه في الدعاء ، ذلك أن الدعاء عبادة والعبادة موقوفة على النص الشرعي . 3- الثقة بإجابة الدعاء 4- التضرع وحضور القلب والخشوع والتذلل لله تعالى :ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف : 55] 5- العزم في المسألة : 6- إطابة المطعم والمأكل والمشرب وغيرها 7- أن يكون الداعي موحداً : 8- أن يعتقد أن الله هو المجيب وحده سبحانه وتعالى 9- عدم القنوط من رحمة الله : 10- ألا يستعجل الإجابة : 11- أن يكون في أمر مشروع : 12- عدم الاعتداء في الدعاء ، والاعتداء في الدعاء له صور عديدة ، منها : أولاً : تعليق الدعاء كمن يعلق الدعاء بالمشيئة ، ثانياً : دعاء المرء على نفسه : ثالثاً : التفصيل في الدعاء : رابعاً : السجع المتكلف قال المؤلف رحمه الله : ودليل الخوف قوله تعالى: فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران:175]. ودليل الرجاء قوله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110]. ودليل التوكل قوله تعالى: وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [المائدة:23]، وقوله: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3]. ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90]. ودليل الخشية قوله تعالى: فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي [البقرة:150].الشرح : الخوف من الله تعالى عبادة عظيمة ، ولا يجوز صرف الخوف كعبادة إلا لله تعالى ، لكن الخوف الطبيعي ، لا يدخل في المحرم ، لأن الإنسان جبل على الخوف ، كما قال تعالى حكاية عن موسى رضي الله عنه في قوله : {فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ }الشعراء21 . والخوف من الله تعالى يجتمع مع كمال محبته والرجاء مع الخوف مكملان لبعضهما ، والرجاء ثقة العبد بربه سبحانه وتعالى ، وحسن ظنه به ، ولابد من الجمع بين الثقة بالله تعالى وحسن والظن به مع الخوف منه سبحانه وتعالى والتوكل على الله تعالى عبادة المؤمنين المتقين ، ومع ما يصيب المسلم من مصائب وابتلاءات فإنه يحتاج إلى التوكل على الله تعالى وبذل الأسباب للخروج من تلك المصائب ، وحتى في حال السراء هو محتاج إلى التوكل ، فهو محتاج إلى ذلك في كل أحواله ، لكن التوكل على الله يتأكد عند الحاجة ، وقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا . رواه أحمد والرغبة فيما عند الله تعالى من الثواب العظيم الجزيل ، ونيل مرضاته وجنته ، والرهبة فيها معنى الخوف من الله تعالى ، واجتماع الرغبة مع الرهبة لا يكون إلا لله تعالى والمراد بالخشوع : غاية التذلل لله تعالى ، مع سكون الجوارح وخضوعها لخالقها . قال المؤلف رحمه الله : ودليل الاستعانة قوله تعالى: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِيْن [الفاتحة:4]. ودليل الاستغاثة قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:9]. ودليل الذبح قوله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:163]. ومن السنة { لعن الله من ذبح لغير الله }. ودليل النذر قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7].الشرح : الاستعانة طلب العون من الله تعالى ، مع تفويض الأمر إليه الاستغاثة : طلب الغوث منه سبحانه وتعالى في الأزمات التي تلم بالمسلم ، قال ابن تيمية رحمه الله : لفظ الغوث والغياث " فلا يستحقه إلا الله فهو غياث المستغيثين فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل . ا.هـ وأما الذبح فلا يجوز صرفه مطلقاً لغير الله تعالى ، فمن ذبح لغير الله فهو مشرك شركاً أكبر مخرج من الملة ، وهو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه ، قال ابن تيمية رحمه الله : وأجل العبادات المالية النحر |
ملخص الدرس الثالث
الأصول الثلاثة التى يجب على الانسان معرفتها
معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الاسلام واذا قيل بم عرفت ربك ؟ فقل من آياته معرفة الله سبحانه وتعالى من مخلوقاته التى خلقها كل المخلوقات تسبح لله سبحانه وتعالى لكن الانسان لا يفقه تسبيح هذه المخلوقات والانسان بعقله يميز بين الأشياء فطلب منه التفكر فى هذه المخلوقات وأيضا التفكر فى نعم الله عليه فيعلم عن الله وكلما ازداد علمه عن الله كلما زادت خشيته من الله, فالعلماء أعرف الناس بالله وهم أخشى الناس لله كعلماء الطب والفيزياء وأيضا علماء الشرع . وكل عالم يتعمق فى هذه المخلوقات يتبين له ضعفه وفقره الى الله . الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة والفطرة الانسانية تبحث عن معمبود فالكافر يعبد معبوده كالحجر والأشجار والنار وهذا من تمام الضياع وأيضا من تمام التناقض العقلى فهم لم يستجيبوا للفطرة , والمسلم يعبد الله وحده . أنواع العبادة التى أمر الله بها كلها ( الاسلام – الايمان – الاحسان – الاستعانة – الاستعاذة ................. لا يجوز صرف منها شىء لغير الله وإلا كان شركا *الدعاء أخص العبادات وهو أكرم شىء على الله سبحانه وتعالى ففيه كامل الافتقار لله وكى يقبل لابد من أمور : 1- الاخلاص لله تعالى 2- المتابعة للنبى صلى الله عليه وسلم والالتزام بهديه فى صيغ الدعاء ويجوز غيرها لكن يكون فى محيط الدعاء 3 -الثقة باجابة الدعاء 4-التضرع وحضور القلب والخشوع والتذلل لله سبحانه وتعالى 5-العزم فى المسألة فالله قادر على كل شىء . 6- إطابة المطعم والمأكل والمشرب وغيرهم 7- أن يكون الداعى موحدا لله 8- أن يعتقد أن الله وحده هو المجيب 9- عدم القنوط من رحمة الله 10- عدم استعجال الإجابة 11- أن يكون فى أمر مشروع كالدعاء بالاثم أو قطيعة الرحم 12-عدم الاعتداء فى الدعاء ( كالسجع فى الدعاء , التفصيل فى الدعاء , تعليق الاجابة على المشيئة ,دعاء المرء على نفسه ) • الخوف عبادة عظيمة لله فالانسان جبل على الخوف , الخوف من الله يكتمل مع كمال محبته فمن خاف من شخص يكرهه إلا الله كلما زاد المسلم خوفا من الله ازداد حبا له وتعظيما له ( خوف العبادة ) • التوكل وهو عبادة المؤمنين المتقين فى السراء والضراء ويتأكد عند الحاجة • الرغبة فيما عند الله • الرهبة وفيها الخوف من الله تعالى فمن رهب من الله يهرب الى الله • الخشوع غاية التذلل لله سبحانه وتعالى مع سكون الجوارح وخضوعها لخالقها • الاستعانة وهى طلب العون من الله بصدق وقلب قريب مع تفويض الأمر اليه • الاستغاثة وهى طلب الغوث منه فى الأزمات • الذبح لا يجوز صرفه مطلقا لغير الله سبحانه وتعالى فهو من أخص العبادات وأجل العبادات المالية. |
جزاك الله خيرا:icony6:
ممتاز |
تلخيص المحاضرة الخامسة
بــــــــسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله :icony6:تلخيص المحاضرة الخامسة :icony6: *الأَصْلُ الثَّالِثُ * مَعْرِفَةُ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ، وَلَهُ مِنَ الِعُمُرِ ثَلاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، مِنْهَا أَرْبَعُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَثَلاثٌ وَعِشْرُونَ نَبِيًّا رَسُولاً. نُبِّئَ بِ﴿اقْرَأ﴾، وَأُرْسِلَ بِ﴿الْمُدَّثِّرْ﴾، وَبَلَدُهُ مَكَّةُ. بَعَثَهُ اللهُ بِالنِّذَارَةِ عَنِ الشِّرْكِ، وَبِالدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾[المدثر: 1ـ7]. وَمَعْنَى: ﴿ قُمْ فَأَنذِرْ ﴾: يُنْذِرُ عَنِ الشِّرْكِ، وَيَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ. ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾: أَيْ: عَظِّمْهُ بِالتَّوْحِيدِ. ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾: أَيْ: طَهِّرْ أَعْمَالَكَ عَنِ الشِّرْكِ. ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾: الرُّجْزَ: الأَصْنَامُ، وَهَجْرُهَا: تَرْكُهَا وَأَهْلَهَا، وَالْبَرَاءَةُ مِنْهَا وَأَهْلَهَا. أَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْرَ سِنِينَ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ، وَبَعْدَ الْعَشْرِ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَواتُ الْخَمْسُ، وَصَلَّى فِي مَكَّةَ ثَلاثَ سِنِينَ، وَبَعْدَهَا أُمِرَ بالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَالْهِجْرَةُ الانْتِقَالُ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلَى بَلَدِ الإِسْلامِ. - هناك واجبات علينا اتجاه نبينا عليه الصلاة و السلام وهي : طاعته ،اتباع أمره ،اجتناب نهيه ، السير على هديه . - وله حقوق علينا تتمثل في محبته اكثر من النفس و الوالدين و الناس أجمعين ،فمن شرط تذوق حلاوة الإيمان محبته صلى الله عليه وسلم . هل ينافي الإيمان محبة النفس أكثر من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ لا شك أنه ينافي كمال الإيمان وهذا بوحي من الله عزو جل فكـــرة كلما ازدادت محبتك للنبي صلى الله عليه وسلم ،ازداد إيمانك . فكـــرة كلما ازداد اتباعك للنبي صلى الله عليه وسلم ازداد إيمانك . :icony6: المحبة النافعة = المحبة القلبية + اتباع نهجه صلى الله عليه وسلم . قال تَعَالَى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّه وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } - كان يرعى الغنم لقريش على قراريط . - اصتصحب في تربيته لزوم الابتلاء ، حتى إذا بلغ أربعين سنة كان قد أبتلي ابتلاءا عظيما ، نقحه الله بهذه الابتلاءات تجهيزا له لحمل الرسالة - قضى في الدعوة إلى الله (23) ثلاثة وعشرون سنة * 13 سنة في مكة كان يقرر فيها العقيدة * 10 سنوات اكمل تقرير العقيدة ثم بين فيها الاحكام الفقهية فكـــرة وكون في مكة أكثر من المدينة بيانا ،كون ان العقيدة يجب أن يُصرف لها أكثر الوقت ، فإذا استقرت النفوس على التوحيد واستقرت العقيدة في القلوب ، كان قبولها للاحكام الشرعية سهلا . - اول ما نزل عليه بداية سورة العلق ،ثم فواتح سورة المدثر . - أول من آمن به ، خديجة ، أبو بكر ، علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم . وَالْهِجْرَةُ فَرِيضَةٌ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلَى بلد الإِسْلامِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَآءتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً ﴾[النساء: 97ـ99]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ﴾[العنكبوت: 56]. قَالَ الْبُغَوِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ:سبب نزول هَذِهِ الآيَةِ فِي المُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِمَكَّةَ ولَمْ يُهَاجِرُوا، نَادَاهُمُ اللهُ بِاسْمِ الإِيمَانِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى الْهِجْرَةِ مِنَ السُّنَّةِ: قَوْلُهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: (لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا). (4) . - لكن الهجرة من مكة انقطعت ولن تعود فعن بن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا هجرة بعد الفتح } أي يقصد بعد مكة . - حكم الهجرة بعد مكة : 1- واجبة : الاصل في الهجرة الوجوب أي ترك بلاد الكفار إلى بلاد الاسلام ، قال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَآءتْ مَصِيراً (97) ﴾[النساء: 97 إلا : * من لم يأمن على نفسه في بلاد الاسلام * لميستطع الخروج من بلاد الكفر لعذر ، قال تعالى : إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً ﴾[النساء يعفى عنهم 2- مستحبة : يستحب الاقامة في بلاد الكفار لمن كان يقوم بالدعوة إلى دين الله ،وقد تهيات له ظروف الدعوة ويامن على نفسه وكان في مقامه مصلحة راجحة . فَلَمَّا اسْتَقَرَّ فِي الْمَدِينَةِ أُمِرَ بِبَقِيَّةِ شَرَائِعِ الإِسْلامِ، مِثلِ: الزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ، وَالأَذَانِ، وَالْجِهَادِ، وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الإِسْلامِ، أَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْرَ سِنِينَ، وَبعدها تُوُفِّيَ ـ صَلواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ ـ وَدِينُهُ بَاقٍ - بعد الهجرة تواصل أذى قريش له . وَهَذَا دِينُهُ، لا خَيْرَ إِلا دَلَّ الأُمَّةَ عَلَيْهِ، وَلا شَرَّ إِلا حَذَّرَهَا مِنْهُ، وَالْخَيْرُ الَّذِي دَلَّهَا عَلَيْهِ التَّوْحِيدُ، وَجَمِيعُ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ، وَالشَّرُ الَّذِي حَذَّرَهَا مِنْهُ الشِّرْكُ، وَجَمِيعُ مَا يَكْرَهُ اللهُ وَيَأْبَاهُ. بَعَثَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَافْتَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعا﴾[الأعراف: 158]. وَكَمَّلَ اللهُ بِهِ الدِّينَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا﴾[المائدة: 3]. وَالدَّلِيلُ عَلَى مَوْتِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾[الزمر: 30، 31]. وَالنَّاسُ إِذَا مَاتُواْ يُبْعَثُونَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾[طه: 55]. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً ﴾[نوح: 17، 18]. وَبَعْدَ الْبَعْثِ مُحَاسَبُونَ وَمَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾[النجم: 31]. وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾[التغابن: 7]. وَأَرْسَلَ اللهُ جَمِيعَ الرُّسُلِ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾[النساء: 165]. فهذه الشريعة التي أرسل بها النبي صلى الله عليه و سلم هي أكمل شريعة واتمها وهي ناسخة لجميع الشرائع السابقة ، فقد قال الله عز وجل (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)(النحل: من الآية89) فليس لأحد حجة بعد اكتمال الشريعة كما ليس لأحد ان يبتدع زيادة على الشرع . - اعظم خير دُلت عليه الأمة هو توحيد الله عزو جل . - أععظم ما حُذرت منه : الشرك . - ما عُبد الله عز و جل بأفضل من التوحيد وتجريد القلب له من عوالق الشرك . قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } سورة سبأ الآية 28 تتضمن هذه الآية خمسة امور مهمة : 1- ان الله ارسل هذا النبي الكريم إلى الناس كافة ،و لا يجوز لأحد من الناس أن يتبع غيره من الانبياء ، لأن شرائع الانبياء السابقة قد نُسخت . 2- أرسل بشيرا ، يبشر الطائعين لوامر الله بالجنة . 3- أرسل نذيرا ، ينذر الظالمين والعاصين من نار وعذاب الله . 4- أكثر الناس لا يؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم . 5- أرسل رحمة للعالمين . :icony6:p1s3 |
سَبْعُونَ (70) فَائِدَةً مِنْ شَرْحِ ثَلَاثَةِ الْأُصُولِ للعصيمِيِّ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ بَعْضُ الْفَوَائِدِ مِنْ تَقْرِيرَاتِ الشَّيْخِ الْجَلِيلِ الْـمُتَفَنِّنِ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعصيمِيِّ عَلَى شَرْحِ ثَلَاثَةِ الْأُصُولِ . * فَائِدَةٌ 01: قال صَالِحٌ الْعَصِيمِيُّ: ثَــلَاثَةَ الْأُصُولِ حِفْظًا أَحْكِمَا **** مَعْ فَهْمِهَا كَيْ مَا تَكُونَ مُسْلِمًا لِأَنَّـهَا جَامِعَةٌ لِأَصْـــلِ مَـــا **** إِسْلَامُـــنَا بِهِ يَــصِحُّ فَـاعْلَمَا * فَائِدَةٌ 02: ذكَر ابنُ بِشْر في عُنْوَانِ الْـمَجْدِ؛ أنَّ إمام الدعوةِ لَـمَّا تعاقدَ مع أميرِ الدِّرعيَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ سُعُودٍ؛ أخذ عليه أن يُلزِمَ أهلَ الدِّرعيةِ بتعلُّم ثلاثةِ الأصُولِ. وكان رحمه الله يكتُبُ إلى جميعِ النَّواحِي مِن أهلِ البُلدانِ أن يَسألُوا النَّاسَ عن هذه الأصُولِ الثَّلاثةِ في كلِّ مسجِدٍ بعدَ صلاة الصُّبْحِ أو بين العِشَاءيْنِ. * فَائِدَةٌ 03: قال الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ الْعَنْقَرِيُّ في رِسَالةٍ: (وَاحرِصُوا على تعلُّمِ ثلاثَةِ الأصُولِ، فإنَّ الذي لا يَعْرِف دِينَه مِن جِنْسِ البهَائمِ)؛ وكان أهلُ العلم يَعدُّون تركَ تعَلُّمِها مِن الـمُنكرَات الوَاقعَةِ، كما قال بعضُ أئمةِ الدعوةِ النَّجديةِ في رسَالةٍ له مذكورةٍ في الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ: (مِن الـمُنكرَاتِ الواقِعةِ: تركُ تعلُّمِ العلمِ، كثَلَاثةِ الأصُولِ). * فَائِدَةٌ 04: ابْتُلِيَتِ الدَّعْوَةُ النَّجْدِيَّةُ بِطَائِفَتَيْنِ: 1 – طَائِفَةٌ جرَّدوهم مِن الانتسابِ إلى مذهب الحنَابلةِ، وسمَّوهم بالوهَّابيَّةِ؛ عَيْبًا لهم وشَيْنًا، ولم يكونُوا -رحمهم اللهُ- يدَّعُون هذا الاسمَ لهم، ولم يكُونُوا يَعرِفُون مِن هذا اللَّقبِ شَيئًا. وليست الوَهَّابيةُ التي يُطلقُها خصُومُ الدَّعوةِ -قدِيمًا وحدِيثًا- إلَّا للتَّنفيرِ من اتباعِ الكتاب والسنةِ؛ كما قال الشَّيْخُ مُلَّا عِمْرَانَ أحَدُ علماءِ فارِسَ من إيَران: إِنْ كَانَ تَابِعُ أَحْمَدٍ مُتَوَهِّـبًا **** فَأَنَا الْـمُقِرُّ بِأَنَّـنِي وَهَّـابِي 2 – وطَائِفَةٌ أخْرَى، وهم الذِين يُعَرُّون أئمَّة الدَّعوة مِن اتِّباع الدَّليلِ، ويَصفُونَهم بأنَّهم حنَابلةٌ مُتعصِّبُون؛ كما وقعَ في كلامِ بعْضِ الـمُتأخِّرينَ. * فلم يكُنِ انْتِسَابُهم لـمذْهَبِ الحنَابلةِ إلَّا لجِهةِ التَّفقُّهِ به، وإذا ظهَر لهم الدَّليلُ أخَذُوهُ ولو خالَفَ الْـمَذْهبَ. * فَائِدَةٌ 05: أَدِلَّةُ الِاعْتِقَادِ: الكتَابُ والسُّنةُ والإِجْماعُ؛ قالَ ابنُ الْقَيِّمِ: وَالْعِلْمُ أَقْسَامٌ ثَلَاثٌ مَــالَـهَا **** مِـنْ رَابِـعٍ وَالْـحَـقُّ ذُو تِبْيَانِ عِلْمٌ بِأَوْصَافِ الْإِلَهِ وَفِعْــلِـهِ **** وَكَــذَلِكَ الْأَسْـمَـاءُ لِلرَّحْمَنِ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ الذِي هُوَ دِينُهُ **** وَجَزَاؤُهُ يَــوْمَ الْـمَعَادِ الثَّانِـي وَالْكُلُّ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ التِي **** جَاءَتْ عَنِ المَبْعُوثِ بِالْفُرْقَانِ وَاللهِ مَا قَالَ امْرُؤٌ مُتَـــحَذْلِقٌ ***** بِسِـوَاهُـمَا إِلَّا مِنَ الْـهَـذَيَانِ * فَائِدَةٌ 06: مِن محَاسِن العِلْمِ: تَكْرارُ جُملِه الـمُهمَّة مرَّةً بعدَ مرَّةٍ. * فَائِدَةٌ 07: مَن عرَضَ في بلدٍ ولَـمْ يتَّخذها وطنًا، وإنَّما أقام فيهَا سِنينَ عدَّة؛ فمِثْلُ هذا لا يُنزَّلُ عليهِ وصْفُ البلدِ؛ وإنَّما يُقالُ فيه: نَزيلُ كذَا وكذا؛ كما يُقالُ: مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُ اليمَنِ. * فَائِدَةٌ 08: العِلْمُ شَرْعًا: إدراكُ خِطاب الشَّرعِ؛ والْعَمَلُ شَرْعًا: ظُهورُ صُورةِ خطابِ الشَّرعِ. * وخِطابُ الشَّرعِ نوعَانِ: 1 – خِطَابٌ خَبَرِيٌّ؛ وظُهُورُ صُورتِهِ: بامتِثَالِ التَّصديقِ. 2 – خِطَابٌ طَلَبِيٌّ؛ وظُهُورُ صُورتِهِ: بِامتِثالِ الأمْرِ والنَّهيِ. * فَائِدَةٌ 09: الدَّعْوَةُ شَرْعًا: هي طلَبُ النَّاسِ كافَّةٍ إلى اتِّباعِ سَبِيل الله الجَامعةِ للخيْرِ علَى بَصيرَةٍ. * فَائِدَةٌ 10: الصَّبْرُ نوعَانِ: 1 – صَبْرٌ عَلَى الْـحُكْمِ الْقَدَرِيِّ؛ والـمُرادُ به: الأقْدَارُ الـمُؤلِـمَةُ التي تَعْرِضُ للعَبْدِ. 2 – صَبْرٌ عَلَى الْـحُكْمِ الشَّرْعِيِّ؛ ويَشْمَلُ الصَّبرَ على إتيَانِ الـمأمُورِ والصَّبْرَ على ترْكِ الـمَحْظُورِ. * فَائِدَةٌ 11: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَالَ الْـمَعَالِي، فَلَابُدَّ أَنْ يَصْبِرَ فِيمَـا يُعَانِي. * فَائِدَةٌ 12: بيَّنَت سورَةُ العَصْرِ أنَّ الناسَ ينقَسِمُون إلى عَسْكرَيْنِ اثنَيْنِ، لا ثَالثَ لهُما: 1 – عَسْكَرُ السُّعَدَاءِ النَّاجِينَ؛ وهمُ الذين حَظَوْا بالصِّفاتِ الأربَعِ (الْـمَذْكُورةِ فِي السُّورةِ). 2 – عَسْكَرُ الْـهَلْكَى الْـخَاسِرِينَ؛ وهم الذين لم يتحلوا بهذه الخصال. * فَائِدَةٌ 13: ذهَب جمَاعةٌ مِن أهلِ العِلْمِ إلى حَدِّ الْعِلْمِ الْوَاجِبِ: بأنَّ كلَّ ما وجَبَ العَمَلُ به؛ فتَقَدُّمُ العلمِ عليهِ واجِبٌ. وقد ذكَرَ هذَا الْقَرَافِيُّ في الْفُرُوقِ، وابْنُ الْقَيِّمِ في مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ، والشَّيْخُ مُحَمَّد عَلِي بْنُ الْحُسَيْنِ في تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ. * فَائِدَةٌ 14: اجتمَع في نسَبِ الْبُخَارِيِّ: اسمُ الأنبيَاءِ الثَّلاثةِ في نسَبِ نبيِّنَا؛ فإنَّ نسَبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى إِبْرَاهِيمَ الْـخَلِيلِ يجتمِعُ فيه هؤلاءِ الثَّلاثةُ مِن الأنبياءِ؛ فمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان أبُوهُ القرِيبُ مِن الأنبياءِ: إِسْمَاعِيلَ، ووالُد إِسْمَاعِيلَ: هُو إِبْرَاهِيمُ. وقد اجتمع هذا في الْبُخَارِيِّ رحمه الله، فهو مُحَمَّدُ بن إِسْمَاعِيلَ بن إِبْرَاهِيمَ. * فَائِدَةٌ 15: الْعِبَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ: امتثَالُ خِطابِ الشَّرعِ الْـمُقتَرنِ بالحُبِّ والذُّلِّ. * وبهذا يتبيَّن الفرقُ بينَ العِبادةِ الشَّرعيَّةِ وبين العبَادةِ البِدْعيَّةِ والشِّركيَّةِ، ويُقال في جِماعِ القَوْلِ فيهَا: أن تَعْلمَ أنَّ العبَادةَ إذا أُطلِقَت فهيَ: تَأَلُّهُ الْقَلْبِ مع الحب والذل. فإذا سُئلتَ عن العبادة من غير نظر إلى المعبود الذي تعلقت به، فإن العبادة: تَأَلُّهُ الْقَلْبِ مَع الحُبِّ والذُّلِّ، وهي نوعانِ: 1 – تَأَلُّهُ الْقَلْبِ لغيْرِ الله، معَ حُبِّهِ والذلِّ له، وهذه هي الْعِبَادَةُ الشِّرْكِيَّةُ. 2 – تَأَلُّهُ الْقَلْبِ لله، مع حبه والذل له، وهذه نوعان: 1 – تَأَلُّهُ الْقَلْبِ لله بامْتِثالِ خِطابِ الشَّرْعِ، مع حبِّهِ والذلِّ له؛ وهذه هيَ الْعِبَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ. 2 – تَأَلُّهُ الْقَلْبِ لله بامتِثَالِ غير خِطابِ الشَّرعِ، معَ حُبِّه والذُّلِّ له؛ وهذه هي الْعِبَادَةُ الْبِدْعِيَّةُ. * فَائِدَةٌ 16: مَجْموعُ دلائلِ القرآنِ والسُّنةِ يدُلُّ على أنَّ الاستغاثةَ بالْـمَخلوقِ جائزةٌ بخمسةِ شُروطٍ: 1 – أَنْ يَكُونَ الْـمُسْتَغَاثُ بِهِ حيًّا؛ فلَا يُسْتَغَاثُ بميِّتٍ. 2 – أَنْ يَكُونَ الْـمُسْتَغَاثُ بِهِ حاضِرًا؛ فلَا يُسْتَغَاثُ بغائِبٍ. 3 – أَنْ يَكُونَ الْـمُسْتَغَاثُ بِهِ قادرا؛ فلَا يُسْتَغَاثُ بمخلُوقٍ فِيمَا لا يَقْدِر عليه إلَّا اللهُ. 4 – أن يُنظَر إلى هذا الْـمُسْتَغَاثِ بِهِ نظَرَ سَببٍ؛ فإن شاءَ اللهُ أمْضَاهُ، وإن شاءَ سلَبَهُ السَّببيَّةَ. * وإذا رفَع العبدُ نظرَ قلبِه فوقَ ما أُذِن فيه شَرعًا فيمَا يتعلَّقَ بالأسْبَاب؛ فإنَّه يقعُ في الشِّركِ؛ والـمأذُونُ به في التَّعلُّقِ بالأسبابِ ما جاء في قولِ الله عزَّ وجلَّ: (وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ)؛ فدلَّت هذه الآية أنَّ الأسبابَ التي يتعاطاهَا العبادُ في بابِ الاستغاثَةِ أو غيرِه يُؤْذَنُ بها بأن تكُونَ مُنزَّلةً هذه الرُّتبةَ، وهي ما جمَعَت معنَيَيْنِ اثنَيْنِ: 1 - الِاسْتِبْشَارُ بِهَا. 2 - اطْمِئنَانُ القلْبِ بهَا. * فإذا زادَ الالتفَاتُ إلى السَّببِ عن هذا القَدْرِ، كان خلافَ الـمأذُونِ به، ووقَع العَبْدُ في الشِّرْكِ، إمَّا الأكبَرِ أو الأصْغَرِ. 5 – أن تكُونَ اسْتِغَاثةُ العَبْدِ بالْـمُسْتَغَاثِ به في شَيْءٍ مأذُونٍ به شَرْعًا. * فَائِدَةٌ 17: مَنْ دعَا غائِبًا لا يَسمَعُ كلامَهُ؛ فإنَّه يكُونُ قد نزَّله مَنْزِلةَ الربِّ الذي يَسْمَعُ مَن بعُدَ كما يَسْمَع مَن قَرُبَ. * فَائِدَةٌ 18: الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ: هو صَرْفُ شيءٍ مِن حقُوقِ الله لغيْرِه يَخْرجُ به العبدُ مِن الإسْلَامِ. * فَائِدَةٌ 19: ليسَ في القُرآنِ -بعدَ الأمْرِ بالتَّوحيدِ والنَّهيِ عن الشِّرك- مِن الأدلةِ أكثرُ مِن أدلَّةِ الولَاء والبراءِ؛ كما بيَّنَهُ حَمَدُ بْنُ عَتِيقٍ في بَيَانِ النَّجَاةِ وَالْفِكَاكِ مِنْ مُوَالَاةِ أَهْلِ الْإِشْرَاكِ. * فَائِدَةٌ 20: النَّاسُ اليومِ في الولاءِ والبراءِ على ثلاثةِ أقسامٍ: 1 – طَائِفَةٌ جَافِيَةٌ مِن الـمُنْتسِبينَ على الإسلامِ، يزعمُون الولاءَ للمُؤمنِين والبَراءَ من الْـمُشْركينَ حربًا للإنسانيَّةِ ومُعَاداةً للحياةِ الـمدَنيَّةِ؛ وهؤلاءِ إمَّا مغمُوسُون في النِّفاقِ، وإمَّا مِن جُهَّال الـمُسلمِين الذينَ لا يدرُون ما يخرُجُ مِن رؤُوسِهم -وإن تعلَّمُوا القراءَةَ والكتَابةَ؛ فإنَّ الكتَابةَ شَيءٌ والعلمَ شيءٌ آخرُ-. وإنما أُتِي هؤلاء؛ مِن اتِّباعِهم لِدِينِ الـمَغضُوبِ علَيهِم والضَّالِّينَ. 2 – طَائِفَةٌ غَالِيَةٌ؛ خرجَت بهذا الأصْلِ العظيمِ مِن الدِّيانةِ عن مَخْرجِه الذِي تُوجِبُهُ الشَّريعةُ الغرَّاءُ إلى ما تُـمْليهِ الآراءُ والأهوَاءُ، بأن يُدخِلَ العبدُ في هذه الْـمَسائلِ ما ليسَ منهَا، أو يَجعلَ ما هو منها فوقَ ما رتَّبَتْهُ الشَّريعةُ. 1 – فَمِثَالُ الْأَوَّلِ (أن يُدخِلَ العبدُ في هذه الْـمَسائلِ ما ليسَ منهَا): مَن يَزْعُم أنَّ مِن الولاءِ للمُؤمِنينَ أن لا تَتعرَّضَ لأحدٍ أخطأَ منهُم؛ وهذا مقَالٌ منقُوضٌ بما تقرَّر عندَ أهل العِلْمِ من أنَّ الردَّ على الْـمُخالِفِ مِن أهل الإسْلَام أصْلٌ مِن أصولِ الدِّينِ. قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (لَـمْ يَزَلِ النَّاسُ يُخَالِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ). 2 – وَمِثَالُ الثَّانِي (أن يَجعلَ ما هو منها فوقَ ما رتَّبَتْهُ الشَّريعةُ): مَن يجعَلُ مِن الولاءِ الْـمُطلَقِ للمُسْلمِين نُصْرةُ الْـمَظلُومِ من الْـمُسْلمِينَ في مُقابلِ عَدُوٍّ لغَيْرِهِ مِنَ الْـمُسْلمِين مِيثَاقٌ معه بلَا قُدرَةٍ. 3 – طَائِفَةٌ أخذَت بالولاءِ والبراءِ؛ على ما تُوجِبُه الشَّريعةُ الغرَّاءُ، لا علَى ما تُـمْليهِ الآراءُ والأهواءُ: فهُم يدِينُون للهِ بالولاءِ الْـمُطلقِ للمُؤمنينَ، والبراءِ مِن الكفرَةِ والْـمُشْركينَ، ويعْلَمُون أنَّ الْـمؤمِنينَ أولياءُ اللهِ وأحِبَّاؤهُ، وأنَّ الكافرِين هم أعداءُ الله وخصُومه وهم الحزبُ الخاسِرونَ. إلَّا أنَّهم يَجْرُون في أمْر الولاءِ للمُؤمنِين والبرَاءِ مِن الكافِرين كمَا بيَّنتْه الشَّريعةُ، فلا يزيدُون ولا يُنقِصون في هذا البابِ إلَّا بقَدْرِ ما جاءت به الشَّريعَةُ * فَائِدَةٌ 21: مِن أبوَابِ قَبولِ الأمرِ والنَّهيِ: أن يُقدَّمَ -بين يدَيْ هذا الأمْرِ والنَّهيِ- الدُّعاءُ للمأمُورِ والـمَنْهيِّ. * فَائِدَةٌ 22: الْـحَنِيفِيَّةُ في الشَّرعِ تُطلق على مَعْنَيَينِ اثنَينِ: 1 – مَعْنًى عَامٌّ: وهو الإسلَامُ. 2 – معْنًى خَاصٌّ: وهو الإقبَالُ على اللهِ بالتَّوحيدِ والـمَيْلُ عمَّا سِواهُ. * فَائِدَةٌ 23: الْـحَنِيفِيَّةُ: دِينُ جَمِيعِ الأنْبِيَاءِ؛ ولكِن أُضِيفت إلى إِبْرَاهِيمَ الْـخَلِيلِ عليه السَّلامُ؛ لأنَّه أكْمَلُ الخلْقِ تحقِيقًا للتَّوحيدِ مع نبيِّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ وإِبْرَاهِيمُ: الأبُ، ومُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: الِابنُ؛ فاستَحَقَّ أن تُنْسَبَ إلى الأَبِ دُون الابْنِ؛ فيقال: مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ على جهةِ التَّشْريفِ له؛ وإن كانَت هي ملَّةَ الأنبيَاء جَميعًا. * قال الشَّيْخُ صَالِحٌ الْعَصِيمِيُّ في الْقَرِيضِ الْـمُبْدَعِ: وَمِـلَّةُ التَّوْحِيدِ نَـصًّا تُنْسَبُ **** إِلَى الْـخَلِيلِ جَـدِّنَا وَتُعْـرَبُ أَنْ تَـلْــزَمَ الْإِفْرَادَ بِالتَّمْجِيدِ **** للهِ رَبِّ الْعَـرْشِ وَالْعَـبِـــيدِ فَـتَعْبُدَ الْإِلَـهَ بِالْإِخْــلَاصِ **** مُسْتَمْسِـكًا بِعُرْوَةِ الْـخَلَاصِ لِأَجْلِ ذَا بْرَاهِيمُ بِالْـحَنِـيفِ **** مُلَقَّبٌ مَعْ تَــابِـعٍ شَــرِيــفِ * فَائِدَةٌ 24: يُطلقُ التَّوْحيدُ في الشَّرعِ على معنَيَينِ: 1 – مَعْنًى عامٌّ: وهو إفرَادُ الله بحقُوقِه، وحقوقُ الله ثلاثةٌ: الْأَوَّلُ: حقُّ الرُّبوبِيةِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) الثَّانِي: حقُّ الألُوهيَّةِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: (فَاعْبُدِ اللهَ مُـخْلِصًا لَهُ الدِّينَ). الثَّالِثُ: حقُّ الْأَسْماءِ والصِّفاتِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَللهِ الْأَسْمَاءُ الْـحُسْنَى فَادْعُوهُ بِـهَا). 2 – مَعْنًى خَاصٌّ: وهو إفْرَادُ اللهِ بالعِبادَةِ، وإنَّما خُصَّ بالإفْرَادِ؛ لجَلالَتِه وعِظَم شأْنِهِ. * فَائِدَةٌ 25: يُطلقُ الشِّرْكُ في الشَّرعِ على معنَيَينِ: 1 – مَعْنًى عامٌّ: وهو صَرْفُ شيءٍ مِن حقُوقِ اللهِ لغَيرِه؛ فمَن صرَفَ شَيئًا مِن الحقُوقِ الْـمُتقدِّمةِ ولو قلِيلًا؛ فقد وقعَ في الشِّركِ. 2 – مَعْنًى خَاصٌّ: وهو صَرْفُ شيءٍ مِن أفعَالِ العِبادِ الـمُتقَرَّبِ بها إلى غَيْرِ اللهِ. * فَائِدَةٌ 26: الْـحَمْدُ: هو الإخبَارُ عن محاسِنِ الـمَحمُودِ معَ حُبِّه وتعظِيمِه؛ وقيلَ: هو الثَّناءُ؛ والأولُ: أصحُّ، وهو الذِي ارتَضَاهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ. وأما الثَّنَاءُ: فهُو تَكرَارُ الْـمحَامدِ مرَّةً بعد مرَّةٍ؛ كما بيَّنَ ذلك ابْنُ الْقَيِّمِ مُطوَّلًا في بَدَائِعِ الْفَوَائِـدِ. * فَائِدَةٌ 27: تُطْلقُ الآيَاتُ على معنَيَينِ: 1 –الْآيَاتُ الشَّرْعِيَّةُ: وهيَ الآياتُ الـمُنزَّلة على الأنبيَاء؛ ومنهُ: التَّوراةُ والإنجِيلُ والزَّبورُ والقُرآن. 2 – الْآيَاتُ الْكَوْنِيَّةُ: وهي الْـمَخلُوقَاتُ التِي خلقَها اللهُ جلَّ وعلَا؛ ومنهُ: اللَّيلُ والنهارُ والشَّمسُ والقمَرُ. * فَائِدَةٌ 28: للسَّلفِ أربعُ عبَاراتٍ في تَفْسِير الاستِواءِ: 1 – الْعُلُوُّ. 2 – الِارْتِفَاعُ. 3 – الصُّعُودُ. 4 – الِاسْتِقْرَارُ. كما نصَّ عليه أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْـمُثَنَّى؛ ثُمَّ تبِعَه طوَائفُ مِن أهل العِلْمِ. * فَائِدَةٌ 29: جرَى على لسَان بعضِ أهل العلْمِ قولُهم في وصْفِ العَرْشِ: (هُو أفضَلُ الـمخلُوقاتِ)، وهذا غلَطٌ؛ فإنَّ أفضَل الـمخلُوقاتِ هو نبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم. * فَائِدَةٌ 30: لا يجُوزُ إطلاقُ (تَبَارَكَ فُلَانٌ)، وصيغةُ (تَبَارَكَ) لا تَصْلُحُ إلَّا للهِ؛ كما بيَّنه ابْنُ الْقَيِّمِ في بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ. * فَائِدَةٌ 31: ذهب جماعَةٌ مِن أهلِ العِلمِ إلى أنَّ مِن معانِي الرَّبِّ: الـمَعْبُودَ؛ مِن هؤلاء: الْقُرْطُبِيُّ، والسُّيُوطِيُّ في مُعْتَرَكِ الْأَقْرَانِ. * ودلائِلُ اللُّغةِ على خلافِ هذَا القولِ؛ فإنَّ الرَّبَّ لا يُعرَفُ في لسَانِ العرَبِ بمَعْنَى الْـمَعْبُودِ. * فَائِدَةٌ 32: القُرآنُ الكريمُ طَافحٌ بأدلَّةِ الرُّبوبيَّةِ التي يُستفَادُ منها الإقرَارُ بالألُوهيَّةِ؛ فإنَّ مَن أقرَّ بالرَّبِّ سُبحانَه خالِقًا مُدبِّرا رازِقًا وجَب عليه أن يُقِرَّ به معْبُودًا مُستحِقًّا للعبادة. وقد ذكَرَ ابْنُ الْوَزِيرِ في تَرْجِيحِ أَسَالِيبِ الْقُرْآنِ عَلَى أَسَالِيبِ الْيُونَانِ عن صاحب كتَاب مَذَاهِبِ السَّلَفِ: أنَّ في القرآنِ خَمسَمائةِ آيةٍ تدُلُّ على الرُّبوبيَّةِ. وإنما مُلئ القُرآنُ الكريمُ بهذه الأدلَّةِ الدالَّة على هذا النَّوعِ؛ لأنَّ دلِيل الرُّبوبيَّةِ قَنطَرةٌ إلى دلِيلِ الألُوهيَّةِ. * فَائِدَةٌ 33: النِّـدُّ؛ ما اجتمَع فيه معنَيانِ: 1 – الشَّبَهُ والـمُماثلَةُ. 2 – الضِّدُّ والـمخالَفةُ. فلا يكونُ الشَّيءُ نِدًّا لغيرهِ حتَّى يكُونَ شبِيهًا له مُـماثِلًا؛ مع وجُود الْـمخَالفةِ والضِّديَّةِ. * فَائِدَةٌ 34: لَيْسَ مِنَ الْأدبِ أَنْ يَضَعَ طَالِبُ الْعِلْمِ كِتَابَهُ في الأَرْضِ، بَلْ يرفَعُه ويُكْرِمُه، وهكذَا كان أهلُ العلمِ لا يتسَاهلُون في هذهِ الأمُورِ ويَعدُّونَها مِن الأمُورِ العظِيمَةِ. وقد دخلَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهُويَه على الْإِمَامِ أَحْمَدَ وبيَدِه كتابٌ، فألْقَى بهِ إسْحَاقُ إلى الأرْضِ؛ فغَضِبَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ وقالَ: (أَهَكَذَا يُفْعَلُ بِكَلَامِ الْأَبْرَارِ؟!). |
فَائِدَةٌ 35: مِن أجمع الآياتِ التي اجتثَّت الشِّركَ مِن أصُولِه قولُ اللهِ تعالَى: (ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْـمُلْكُ وَالذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)؛ فإنَّ هذه الآية دلَّت على إبطالِ الشِّركِ من وجوهٍ أربعةٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أنَّ اللهَ نفَى الْـمُلْكَ عن غيرِه؛ فليسَ لغيرِه مما يُؤلَّه مِن الأوثانِ والأصنَامِ والأشجارِ والأحجارِ مُلْكٌ على وجْهِ الِاستقْلَال؛ وإنَّما الْـمُلْكُ كلُّه للهِ الواحدِ القهَّار؛ كما قال تعالى: (تَبَارَكَ الذِي بِيَدِهِ الْـمُلْكُ). وقد نفَى اللهُ عنهم أقلَّ الْـمُلْكِ بقولِه: (وَالذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ)، والقِطْمِيرُ في قولِ جُمْهورِ أهل العِلْمِ بالتَّفْسِيرِ كابْنِ عَبَّاسٍ وقَتَادَةَ ومُجَاهِدٍ: هي اللُّفافةُ التِي تكُونُ على نواةِ التَّمْر أو الرُّطَب. الْوَجْهُ الثَّانِي: بيانُ أنَّ هذه الآيةَ مِنَ الأصنَامِ والأوثَانِ والأحجَارِ لا تسْمَع دُعاءَ مَن يدعُوهَا؛ وإذا كانت كذلكَ فهي غيرُ جَديرةٍ بأن تكُون مُؤَلَّهةً معظَّمة. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: نفيُ الاستجابَةِ عنهَا ولو أمكَنَ السَّماعُ؛ فلو ظُنَّ أنَّ هذه الآلهةَ تسمَعُ، أو وقَع ذلك مِن شيءٍ منهَا كمدَّعي الولايَةِ، فإنَّه لا يحصُلُ منهم اسْتِجَابةٌ لداعِيهِم؛ لأنَّ الأمْرَ كلَّه للهِ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أنَّ هذه الآلهةَ الْـمُعظَّمةَ يَنْقلِبُ وُدُّها يومَ القيامةِ عِداءً؛ بأن تَكْفُر بشِرْكِ مَن أشركَ بها. * وهذه الآية من سُورةِ فاطِرٍ، تُشْبهُ قولَ الله تعالى في سورةِ الأَحْقَافِ: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَـهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ). * فَائِدَةٌ 36: التَّعبيرُ بخِطاب الشَّرعِ أَوْلَى وأعظمُ من خِطَاب غيرِه؛ كما بيَّنه ابْنُ الْقَيِّمِ في آخرِ كتَابِه: إِعْلَامِ الْـمُوَقِّعِينَ. * فَائِدَةٌ 37: الألْفاظُ الـمنقُولةُ عن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم في مَرتبَةِ الدُّعاءِ مع العبَادةِ: خَمْسَةُ أحادِيثَ: 1 – (الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ). 2 – (الدُّعَاءُ هِيَ الْعِبَادَةُ). 3 – (الدُّعَاءُ أَشْرَفُ الْعِبَادَةِ). 4 – (الدُّعَاءُ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ). 5 – (الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ). وهذه الأحادِيث لا يَثْبُتُ منها شَيءٌ إلَّا الأولُ. * فَائِدَةٌ 38: لا يُقال: (وَفِي لَفْظٍ) (فِي رِوَايَةٍ)؛ إلا إذا كان هذا اللَّفظُ والروايةُ بعضَ الحديثِ الـمتقدِّمِ؛ والعُدولُ عن هذَا غلَطٌ. * فَائِدَةٌ 39: دلَّ قولُ اللهِ تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) على أنَّ الدُّعاءَ عبادةٌ من أربعةِ وجوهٍ: 1 – الأمْرُ بهِ (ادْعُونِي)؛ وكلُّ ما أمَرَ اللهُ به فهو عبادَةٌ. 2 – الوَعْدُ باستِجابَةِ وعْدِ الدَّاعينَ (أَسْتَجِبْ لَكُمْ)؛ ولا تكُونُ الاستجَابةُ إلَّا في مَرْضيٍّ عندَ الله محبُوبٍ له، وكلُّ ما أحبَّهُ الله ورَضِيَه فهُو عِبادةٌ. 3 – التَّصْرِيحُ بذلكَ في قولِه: (عَنْ عِبَادَتِي). 4 – الوَعِيدُ الشَّديدُ في حقِّ مَن عدَلَ عن عبَادةِ الرَّبِّ جلَّ وعلَا واستَكْبَر، بأنَّ الله يُدخِلُه جهنَّمَ دَاخرًا أي: حَقِيرًا. * فَائِدَةٌ 40: يُطلَقُ الدُّعاء في الشَّرعِ على مَعْنَيَينِ اثنَين: 1 – مَعْنًى عَامٌّ: وهو امتِثالُ خِطابِ الشَّرعِ حُبًّا للهِ وذُلًّا، وهو بهذا الْـمَعْنَى يكونُ شاملًا للعبادَةِ كلِّها. 2 – مَعْنًى خَاصٌّ: وهو طلَبُ العبدِ ربَّهُ حُصولَ ما ينْفَعُه ودَوامَه، أو دَفْعَ ما يَضرُّه ورَفْعَه؛ وهو الذِي يُسمِّيه أهلُ العلمِ: دُعاءَ الطَّلَبِ. * فَائِدَةٌ 41: مِن صُوَرِ الشِّرك في الدُّعاء: أن يَدْعُوَ العبدُ حاضِرًا لا يَقدِر على ذلكَ الشَّيءِ الذي يدعُوهُ فيه؛ لأنَّه مِن خصَائص الرَّبِّ جلَّ وعلا، أو يدعُوَ غائبًا أو ميِّتًا، ويَعتقِد أنَّه ينفَعُ مَن دَعَاهُ أو يضُرُّه؛ كلُّ هذا مِن الشِّرك باللهِ تعالَى. كما وقَع مِن أهلِ الجاهليَّةِ الأُولَى، الذِين كانُوا يدعُون الأصنامَ ويزعُمُون أنَّها تَشفَعُ لهم عندَ الله تعَالَى، وهي لا قُوَّةَ لها على نفْعِ غيرِها، فَضلًا عن أن تَنْفعَ غَيرَها، ولو أُريدَ بها مَكْرُوهٌ لا تَنْصُر نَفسَها فَضلًا أن تَنْصُر غيرَها؛ ولذلك كان ادِّعاؤُهم بأنَّ هذه الأصنامَ شُفَعاءُ لهم عندَ الله مِن أعظَمِ الجهلِ والضَّلال؛ فقد جَهِلُوا حقيقَةَ الشَّافعِ -الوثَنِ والصَّنمِ-، كما جهِلُوا حقيقَةَ الـمشفُوعِ إليه وهو الرَّبُّ تبارَكَ وتعَالَى. * فَائِدَةٌ 42: للشَّفاعةِ شرطَانِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: إذْنُ الله بالشَّفاعةِ؛ وهذا الإذْنُ نوعانِ: أَحَدُهُمَا: الإذْنُ القَدرِيُّ بابْتِداءِ الشَّفاعةِ؛ إذا أذِنَ اللهُ بذلك لِـمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، ثمَّ يَتْبَعهُ الشُّفعاءُ. ثَانِيهِمَا: الإذْنُ الشَّرعيُّ، بصَلاحيَّةِ الشَّافعِ أن يَشْفَع، وأهليَّةِ الـمشفُوعِ أن يُشفَع له. الشَّرْطُ الثَّانِي: الرِّضَا عن الشَّافعِ والـمشفُوعِ له. * وقد قصَر بعضُ أهل العلم الرضَا على الـمشفُوعِ له؛ والذي يدلُّ عليه القرآنُ أنَّ الرضَا شرطٌ في الشَّافعِ والـمشفُوعِ له؛ كما قال تعالى: (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِـمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى)؛ وحُذِفَ معمول (يَرْضَى) لِيَعُمَّ، فدلَّ هذا على اندراج الشَّافعِ والـمَشْفُوعِ له في الرضَا. فلابُدَّ مِن الرِّضَا عن الشَّافعِ والـمَشْفُوعِ له؛ وهذا صريحُ عبارةِ جماعةٍ من الْـمُحقِّقينَ، كأَبِي الْعَبَّاسِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ. * فَائِدَةٌ 43: دلَّ قولُ اللهِ تعالى: (فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) على أنَّ الخوْفَ عبادةٌ من وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: الأَمْرُ بهِ في قولِه: (وَخَافُونِ)، وكلُّ ما أمرَ الله بهِ فهو عبادةٌ. الثَّانِي: تعليقُ وصْفِ الإيمَانِ علَى ذلك؛ في قولِه: (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). * فَائِدَةٌ 44: أجْمَعُ ما يُقال في قِسْمةِ الخوفِ؛ بأن يُقال: إنَّ الخوفَ يَنْقَسِم إلى قِسْمَين كبِيرَينِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: خَوْفُ العبادَةِ، وهو الذِي ينْطَوِي على تألُّهِ القلْبِ؛ وهذا قسمَانِ: 1 – خَوْفُ الخالقِ، وهو توحِيدٌ. 2 – خوفُ الْـمخْلُوقِ، وهو تندِيدٌ. الْقِسْمُ الثَّانِي: خوفُ العَادةِ، وهو الذِي لا ينطَوِي على معنَى تألُّهِ القلْبِ، بل له أسبَابٌ توجِبُه؛ فالأصلُ فيه الجوازُ؛ إلَّا في حاليْنِ: 1 – أن يكون السَّببُ الْـمُخوِّفُ ضَعيفًا؛ كمَن يخافُ مِن هوامِّ الأرض الضَّعيفةِ كالخُنفُساء مثلًا، فهذا جُبنٌ، وحُكمُهُ: الكَراهةُ، إلَّا أن يَتعلَّق بحقِّ الله مع القُدرة عليه فإنَّه يكونُ محرَّمًا. 2 – أن يكُون السَّببُ مُتوهَّمًا لا أصْلَ له؛ كمَن يخافُ من الظَّلامِ، لا لأجْلِ ما قد يكونُ فيه، بل للظَّلام ذاتِه، وهذا يكونُ شِركًا أصغرَ؛ لأنه جعلَ ما ليس بِسَببٍ سَببًا؛ فليسَ الظَّلامُ في نفسِه مُوجبًا للخَوفِ، لكن إن خافَ مِن شيءٍ يَقعُ في أثناء الظَّلام فهذا لا يكُون قادِحًا في توحِيدهِ. * ويُشترَط في هذا النَّوع: انْتِفاءُ معرفَةِ سببِ التَّخويفِ؛ فإنَّ الإنسانَ قد يخاف من شيء لا يُخوِّف في الأصل لِعَدم معرفتِه به، فإذا لم تُوجد الـمعرِفةُ لم يكُن هذا مِن جُملةِ الشِّرك الأصغَر. * فَائِدَةٌ 45: خَوْفُ السِّرِّ الذِي ذكرَه بعضُ أئمَّةِ الدَّعوة النَّجْديةِ؛ كالشَّيْخِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ في تَيْسِيرِ الْعَزِيزِ الْـحَمِيدِ، ثُمَّ تَبعَه جماعةٌ، لا يُريدُون به -كما فَهِمَه بعضُ أهل العَصْرِ واسْتنكرَه- بأنَّه هو الخوفُ الذِي يقع في الباطِنِ وفَهِمَ مِن (السِّرِّ) باطِنَ الإنسانِ، واعترضَ على ذلك بأنَّ الخوفَ أصْلًا محلُّه الباطنُ. فإنَّ أئمةَ الدعوةِ لا يُريدُون هذا الْـمَعْنَى، وإنَّما الْـمُرادُ بالسِّرِّ: القُدرةُ على التأثيرِ؛ كما يعتقِدُه بعضُ أهلِ البدع والخرافةِ في معَظَّميهِم مِن أدعياءِ الأولياءِ، بأن يعتقِدُوا بأنَّ لهم قدرةً على التأثيرِ ولو بَعُدُوا؛ فمثلُ هذا يُقال فيه: خوف السِّرِّ. * وهذا هو معنى السِّرِّ الذي يُذكَرُ في كلام أهل البدع؛ كما يُقال في دعائهم: (فُلانٌ قدَّس اللهُ سِرَّهُ)، فإن مرادَهم: عظَّم الله تأثيرَه في النَّفع والضُّرِّ. * والْفُرقان بين دعاءِ أهل السنةِ وأهلِ البدعة في هذا الْـمقَام؛ أنَّ أهلَ السنةِ يقولون في حقِّ الـميِّتِ الْـمُعظَّم: (قدَّس اللهُ رُوحَه) أي: نزَّهها وطَّهرها ورفعَ منزلَتَها؛ وأما أهلُ البدعِ: (فلان قدَّس اللهُ سِرَّهُ) ويُريدون به الْـمَعْنَى الذِي تقدَّم. * فَائِدَةٌ 46: دلَّ قولُ اللهِ تعالى: (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) على أنَّ التَّوكُّلَ عبادةٌ من وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: الأَمْرُ بهِ في قولِه: (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا). الثَّانِي: تعليقُ وصْفِ الإيمَانِ علَيْهِ؛ في قولِه: (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). * فَائِدَةٌ 47: إذا اقتَرنَ الخوفُ بالعملِ فهو: رَهْبَةٌ؛ وإذا اقترن الخوفُ بالعِلمِ فهو: خَشْيةٌ، وإذا اقترنَ الخوفُ بالخضُوع والذلِّ فهو: [خُشُوعٌ]؛ فتجتَمِع في الخوفِ الذِي هو هرُوبُ القلْبِ إلى اللهِ ذُعرًا وفزَعًا، ثم يتزَايدُ بعضُها عن بعضٍ بشيْءٍ مِن الأوصافِ يتغيَّر به حَقيقةُ الشيءِ. * فَائِدَةٌ 48: ذكر ابْنُ الْقَيِّمِ في مَدَارِجِ السَّالِكِينَ أنَّ إنابةَ الخلقِ إلى ربِّهم تَنقَسِم إلى نَوعَيْنِ: 1 – إِنَابَةٍ إِلَى رُبُوبِيَّتِهِ؛ بالإقرارِ به رَبًّـا مُدبِّرا رازِقًا محْيِيًا مُمِيتًا، وهذا مما تجتمِعُ عليه كلمةُ النَّاس جميعًا. 2 – إِنَابَةٍ إِلَى أُلُوهِيَّتِهِ؛ وهذا هو حظُّ أهلِ الإيمَانِ، فهم الذينَ يُنِيبُون إلى ربِّهم عزَّ وجلَّ تَألِـيهًا وتعظِيما وتذَلُّلا له سبحَانهُ وتعالَى. * فَائِدَةٌ 49: مِن قواعِدِ العبَادةِ: أنَّ العبَادةَ إذا تَعلَّقت بالقَلْبِ عَظُمَتْ. * فَائِدَةٌ 50: قولُ القائلِ: (يَا مُعِينُ أَعَنِّي) لا يجوزُ؛ لأنَّه ليسَ مِن أسماءِ الله: (الْـمُعِين)؛ وقد نقلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الإجماعَ على عدمِ جوازِ دُعاءِ الصِّفةِ كالرَّحمةِ والكرَمِ؛ وإذا كانَ هذا في الصِّفَةِ الْـمَبْنِيَّةِ على التَّوْقِيفِ فما بَالُكَ بما كان جاريًا مَجْرَى الخبَر كالْـمُعِينِ والذَّاتِ والشَّيْءِ والْـمَوْجُودِ. * فَائِدَةٌ 51: دلَّ قولُ اللهِ تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ) على أنَّ الاسْتِغاثةَ عبادةٌ من وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: مدْحُ الْـمُؤْمنينَ بهذَا؛ إذْ أخبرَ اللهُ تعالَى عنهُم بأنَّهم استغَاثُوا بهِ؛ في قولِه: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ)، ومَدْحُ العاملِ على عَمَلِه مُؤْذِنٌ بكَوْنِ العمَلِ محبُوبًا عندَ اللهِ، وكلُّ ما أحبَّهُ اللهُ فهو عبادَةٌ. الثَّانِي: ترتيِبُ الِاستجابَةِ عليهَا؛ في قولِه: (فَاسْتَجَابَ لَكُمْ). * فَائِدَةٌ 52: دلَّ قولُ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ: (لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ) على أنَّ الذَّبحَ عِبادةٌ: أنَّ الله ذمَّ مَن ذبَحَ لغيرِهِ بِلَعْنِه؛ فدَلَّ هذا على مَدْحِ مَن ذبَحَ تقرُّبًـا إلى اللهِ. * فَائِدَةٌ 53: استشْكَل جمَاعةٌ مِن أهل العِلْمِ الاسْتِدلالَ بقول الله تعالَى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) على أنَّ النذْرَ عبادةٌ؛ لأنَّ الْـمحَلَّ الْـمَجْعُولَ هو الوفاءُ بالنَّذرِ، أمَّا عقْدُ النَّذْرِ نَفْسُه فليسَ بعبَادةٍ، حتَّى بلغَ القولُ بِبعضِهم -كما هو اختيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ- إلى أنَّ النذرَ محرَّمٌ، وجمهورُ العلماءِ على أنَّه مكروهٌ. وإذا قيلَ: إنَّه مكروهٌ أو محرَّمٌ؛ فإنَّ ذلك يُشْكِلُ جدًّا على عدِّ النَّذرِ عِبَادةً، لأنَّ العِبَادةَ لا تخرُجُ -حالَ الطَّلب- على كَونِها واجبَةً أو مُستحبَّةً. والـمُختَارُ الذي تجتَمِعُ به الأدلَّةُ: أنَّ النذرَ يكُونُ عبادةً بشُروطٍ ثلاثةٍ: 1 – أن يكُونَ مُتعلِّقا بنَفْلٍ لا واجبٍ؛ فمَن نذرَ أن يصُومَ رمضانَ لم يكُن نذرُه عِبادةً يُمدح بها. 2 – أن يكونَ النَّذرُ معيَّنا غيرَ مُبهمٍ؛ لأنَّه إذا أُبْهِم لم يكن قُربة ففيهِ الكفَّارةٌ. 3 – أن لا يكُونَ هذا النَّذرُ مُعلَّقا في مُقابلِ نِعمةٍ، بل يكونُ مُطلَقًا مُرسلًا لا على وجْهِ العِوَضِ. قال الشَّيْخُ صَالِحُ الْعَصِيمِيُّ جَامعًا هذهِ الشُّروطَ: النَّذْرُ نَفْلُهُ بِلَا تَعْلِيقِ ***** مُعَيَّنًا عِبَادَةٌ تَحْقِيقِي * فَائِدَةٌ 54: القدْرُ الواجبُ مِن معرفةِ الربِّ جلَّ وعلا يرجِعُ إلى أربعةِ أصُولٍ: الْأَصْلُ الْأَوَّلُ: مَعرِفةُ وجُودِه؛ فتُؤمِن به موجُودًا غيرَ معدُومٍ. الْأَصْلُ الثَّانِي: مَعرِفةُ ربُوبيَّتِه؛ فتُؤْمِنُ به رَبًّا له الأفعَالُ الكاملَةُ. الْأَصْلُ الثَّالِثُ: مَعرِفةُ ألوهيته؛ فتؤمِنُ به إلَـهًا معبُودا مُستحِقًّا للعبَادةِ، لا يَستحِقُّها سِواهُ. الْأَصْلُ الرَّابِعُ: مَعرِفةُ أسمائِه وصفَاتِه؛ فتؤمِنُ بما أثْبَتَ اللهُ عزَّ وجل لنفسِهِ أو أثبتَهُ له رسُولُه صلَّى الله عليه وسلَّم مِن الأسماءِ والصِّفات. وهذه الأصُولُ الأربعَةُ جامِعةٌ للقَدْرِ الواجبِ على الْـمُسلِم مِن معرفةِ الرَّبِّ جلَّ وعلَا * فَائِدَةٌ 55: لا يصحُّ وصْفُ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بِـ: الشَّارِعِ أو الْـمُشَرِّعِ؛ لأنَّ مَن تدبَّر آياتِ القُرآن التِي وردَ فيهَا ذِكْرُ الشَّرْعِ؛ ليس فيها نِسْبةُ الشَّرعِ لغيرِ اللهِ، فيُستَنبَطُ منها: أنَّ التَّشْرِيعَ حقٌّ للهِ وحْدَه؛ فمَن قال: شَرَعَ لنَا رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كذا وكَذَا؛ فقد أخطَأَ. قال الشَّيْخُ صَالِحُ الْعَصِيمِيُّ: الشَّرْعُ حَقُّ اللهِ دُونَ رَسُولِـهِ **** مَنْ طَالَعَ الْقُرْآنَ دَلِيلَهَا وَجَدْ فَـمَا أَتَى فِي الذِّكْرِ قَطُّ: مُشَرِّعٌ **** أَحْكَـامَنَا غَيْـرُ الْوَاحِدِ الْأَحَدْ وإذَا كان هذا مَـمنُوعًا في حقِّ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فمَنْعُه في حقِّ غيرِه أَوْلَى. * فَائِدَةٌ 56: كان أهلُ العلمِ إذا ختمُوا الكتابَ، وتبيَّن لهم فَوْتٌ لم يقرؤُوه؛ رجَعُوا إلى قرَاءتِه. وَمِنْ طَرِيفِ مَا يُذْكَرُ: ما اتَّفقَ مِن هذا لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ؛ أنَّه قرأ صَحِيحَ مُسْلِمٍ على بعضِ الحُفَّاظِ، فلمَّا انتهَى منهُ كان بعْضُ مَن حَضرَ الكتابَ إلى آخرِه قد فاتَهُ شيءٌ يسِيرٌ مِن أوَّله، فرَغِبُوا مِن الْـحَافِظِ أن يُعِيدَ قراءتَه، فأعَاد؛ فلمَّا فرغَ منه طلَبَ آخرُ فاتَهُ شَيءٌ يسِيرٌ أن يُعيدَه؛ قال الْـحَافِظُ: فانتَهتْ قرَاءتِي حِينَئذٍ إلى قولِ الأعْرَابيِّ في كِتَابِ الْإِيمَانِ مِن صَحِيحِ مُسْلِمٍ: (وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْقُصُ)، فطلب بَعضُ الحاضِرينَ مِن الْـحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ أن يُواصلَ قِراءتَه لأجْل فَوْتٍ فاتَهُ، فقال: (وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْقُصُ). * فَائِدَةٌ 57: الْإِحْسَانُ: إتقَانُ الباطِنِ والظَّاهرِ بعبَادةِ اللهِ في مقَامِ الْـمُشَاهدَةِ أو الْـمُراقَبةِ. * فَائِدَةٌ 58: القدْرُ الواجِبُ مِن معرفةِ دِين الإسلَامِ يرجِعُ إلى ثلاثةِ أصُولٍ: الْأَصْلُ الْأَوَّلُ: الِاعْتِقَادُ؛ وجِمَاعُهُ: أصُولُ الإيمانِ السِّتةِ. الْأَصْلُ الثَّانِي: التَّرْكُ؛ وجِمَاعهُ: أصُولُ الـمحرَّماتِ، وهيَ الخمْسُ الكبرى التِي اتَّفقت عليها الْـمِلَلُ جميعًا، وهي: الفوَاحشُ والإثمُ والبغيُ والشِّركُ والقولُ على اللهِ بغير علمٍ. الْأَصْلُ الثَّالِثُ: الْفِعْلُ؛ وفعلُ العبدِ نوعانِ: 1 – فِعْلُهُ مع ربِّه، وجِمَاعُه: شرَائعُ الإسلامِ الظَّاهرةِ اللَّازمةِ له؛ كالطَّهارةِ والصَّلاة والصِّيامِ. 2 – فِعْلُه معَ غيرِه، وجِمَاعهُ: آدابُ الـمُعاشَرةِ والْـمُعامَلةِ مع الْـمَخلُوقِينَ. * وتفصِيلُ كلِّ ما يجِبُ على كلِّ واحدٍ مِن النَّاس: اختلَفَ فيه أهلُ العلمِ اختِلافًا كثِيرًا، ويَعْسُر ضبطُه لاختلافِ النَّاس في أسبَابِ إيجَابِ العلمِ -كما ذكَر ابْنُ الْقَيِّمِ في مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ-. ولكنْ؛ ضابِطُ العلمِ الواجبِ هو أنَّ كلَّ ما وجَبَ على الْـمُسْلم ِالعَملُ به يَجبُ عليهِ أن يُقدِّم العلمَ به؛ كما اختَارهُ الْقَرَافِيُّ في الْفُرُوقِ، وابْنُ الْقَيِّمِ في مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ، ومُحَمَّدُ عَلِي بْنُ حُسَيْنٍ الْـمَالِكِيُّ في تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ. * فَائِدَةٌ 59: لنَبيِّنا مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أسماءٌ كثِيرةٌ؛ وكثرَةُ الأسماء دالة على شرف الـمسمى، فكان من شرَفِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أن يكُونَ له مِن الأسماءِ ما ليسَ لغيرِهِ مِنَ الأنبِياءِ فَضْلًا عمَّن دُونَهُم مِن الخلقِ. وقَد أُفردَ سَرْدُ أسمَائه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بمصنَّفاتٍ عدَّةٍ، منها: كِتَابٌ لِلْعَلَّامَةِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، اللغَويِّ الـمشهُورِ. * فَائِدَةٌ 60: أشْهَرُ أسمَاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وأعظمُها وأفضَلُها -في أصحِّ قولَيْ أهلِ العلمِ-: هو (مُحَمَّدٌ) الاسمُ الذي سمَّاه به أهلُه، ونزَلَ به القرآنُ الكريمُ، وبعدهُ: (أَحْمَدُ)، فما دُونَه مِن الأسماء على حدٍّ سواءٍ. * فَائِدَةٌ 61: اختلَف أهلُ العلمِ في اسم (قُرَيْشٍ)، فقيل: النَّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ، فكلُّ مَن كان مِن نَسْلِه: قُرَشِيٌّ، وقيل: فِهْرُ بْنُ مَالِكٍ. والقَوْلُ الأوَّلُ: أظهَرُ وأصحُّ. * فَائِدَةٌ 62: تنْقَسمُ العرَبُ إلى قِسْمينِ: 1 – الْعَرَبُ البَائِدةُ؛ كـ: عَادٍ وثَمُودَ وجُرْهُمَ، في قبائلَ تِسعٍ انقضَتْ وانتَهَت مِن قبائلِ العرَب. 2 – الْعَرَبُ البَاقِيَةُ، وهم طَائفتَانِ: 1 - الْعَرَبُ الْـمُسْتَعْرِبَةُ، ويُقال لهَا: الْعَدْنَانِيَّةُ. 2 - الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ، ويُقال لها: الْقَحْطَانِيَّةُ. وكِلَا هاتَيْنِ الطَّائفتَيْنِ هي مِن ذريَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الخَليلِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وهو قولُ جماعةٍ مِن الْـمُحقِّقينَ مِن الْـمُتقَدِّمين والـمُتأخِّرين، منهم: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، والزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، والْبُخَارِيُّ، وابْنُ حَجَرٍ في فَتْحِ الْبَارِي، والْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، والْعَلَّامَةُ ابْنُ بَازٍ. قال الشَّيْخُ صَالِحُ الْعَصِيمِيُّ في مَعَاقِدِ الْأَنْسَابِ: وَانْـسُبْ جَمِيعَ الْعُرْبِ لِلذَّبِـيحِ **** عَدْنَانَ مَعْ قَحْطَانَ فِي الصَّحِيحِ فَهْـوْ أَبُو قَحْـطَانَ فِي قَوْلٍ علِيّ **** دَلِيلُهُ عِنْدَ الْـبُخَارِي مُنْـجَــلِي * فَائِدَةٌ 63: يَنْقَسِم وَحْيُ البعثِ إلى قِسْمينِ: 1 – وَحْيُ النُّبوَّةِ. 2 – وَحْيُ الرِّسَالَةِ. * فَائِدَةٌ 64: هجْرُ الأصنَامِ وسَائرِ الأوثَانِ يرجِعُ إلى أربعَةِ أصُولٍ: 1 – تَرْكُ تِلكَ الأوثانِ وَأَهْلِهَا. 2 – البرَاءةُ منها وَأَهْلِهَا؛ وفِي البَرَاءةِ: زِيادةٌ على التَّركِ. 3 – عَدَاوتُها وَأَهْلِهَا. 4 – فِرَاقُها وَأَهْلِهَا؛ وفي الفِراقِ قَدرٌ زائِدٌ على العدَاوةِ. * فَائِدَةٌ 65: ينْبغِي أن يُنْفقَ العَبْدُ في التَّوحيدِ وقْـتًا عظِيمًا، مُتعَلِّما ومُعلِّما؛ ولهذا كُرِّر الأمرُ على النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بتعلُّمِ التَّوحيدِ بعدَ هِجرَتِه إلى الْـمَدينَةِ فقيلَ له: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْـمُؤْمِنَاتِ)؛ وقد استنبَطَ إمامُ الدَّعوةِ مِن هذه الآيةِ في بعضِ رسَائلِه: الدَّلالةَ على جلالةِ التَّوحيدِ؛ حيثُ أُمر النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -وهو الذِي أقامَ في مكَّةَ ثلاثَ عشْرَةَ سنةً يدعُو النَّاسَ إلى التَّوحيدِ- أُمر بأن يَحْرِصَ على تعلُّمِ التَّوحيدِ. فَمَا عليهِ فِئَامٌ مِن النَّاس مِن التَّهاوُن بأمْرِ التَّوحيدِ، وقولِهم: (التَّوحيدُ فَهِمْناهُ)، هو كما قال إمَامُ الدَّعْوَةِ في كَشْفِ الشُّبُهَاتِ: (وأمَّا قولُهم: التَّوْحِيدُ فَهِمْنَاهُ، فمِن أكبَرِ الجَهْلِ ومِن مكايِدِ الشَّيطانِ). * فَائِدَةٌ 66: لا يُرادُ بتعلُّمِ التَّوحيدِ مُجرَّدُ الـمسائلِ التي تُذكَر في كتُبِه، وأرْفَعُ من ذلكَ: الِالتِفَاتُ إلى الحقَائقِ القَلبِيَّةِ بزيَادتِها وإنْصَاعِها وطَردِ كلِّ شائبَةٍ عنهَا. * فَائِدَةٌ 67: أُمِر العَبدُ بأن تكُونَ آخرُ كلمةٍ مِن كلامهِ هي كَلمةَ التوحيدِ عند احْتِضَارِه، ولا يُوَفَّقُ إلى اللَّهَجِ بهذه الكلمةِ عند الِاحتِضَار إلَّا مَن امتلأَ قلبُه بإجْلَال التَّوحيدِ وتعظِيمِه؛ فإنَّ القُلوبَ ساعةَ الاحتِضَار تُعْصَرُ كما تُعصَرُ الآنيَةُ، فيَخْرُجُ ما فيهَا؛ فإذا عُصِرَ القَلْبُ وكان مليئًا بالتَّوحيدِ خرَجَ التَّوحِيدُ على لسَانِ الـمُتكلِّمِ؛ ولهذا كان النَّبِيُّ صَـلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ في ساعةِ الاحتِضار -مُعْلِنًا كمالَ التَّوحيدِ-: (بَلِ الرَّفِيقُ الأَعْلَى، بَلِ الرَّفِيقُ الأَعْلَى، بَلِ الرَّفِيقُ الأَعْلَى) مُعلِنًا الاسْتِغناءَ عنِ الـمَخَاليقِ، والفزعَ إلى ربِّهم جلَّ وعلَا. * فَائِدَةٌ 68: تُطْلقُ (أُمُّ الْكِتَابِ) على معْنَيَينِ: 1 – مَعْنًى عَامٌّ، وهو اللَّوحُ الْـمَحفُوظُ. 2 – مَعْنًى خَاصٌّ، وهي سورةُ الفَاتحَةِ؛ سُمِّيَت كذلك لأنَّها أجَلُّ ما في اللَّوْحِ الْـمَحفُوظِ مِن كلامِ الرَّبِّ جلَّ وعلَا. * فَائِدَةٌ 69: الهجْرَةُ في صَدْرِ الإسلامِ هِجرتَانِ: 1 – هِجْرةٌ مِن بلَدِ الخَوْفِ إلى بلَدِ الأمْنِ؛ وهيَ الهجرَةُ الأُولَى التي خرَج فيهَا بعضُ أصحَابِ النَّبِيِّ صَـلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم من مكَّةَ متحوِّلين إلى الحبشَةِ؛ تحتَ حُكْمِ الْـملِكِ العادِلِ: النَّجَاشِيِّ. 2 – هِجْرةٌ مِن بلَدِ الكُفْرِ إلى بَلَدِ الإسْلَامِ؛ وهيَ التي اتَّفقَت للنَّبِيِّ صَـلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وأصحابِه بالخرُوجِ من مكَّةَ إلى الـمَدينَةِ بعدَمَا اشتَدَّ عليه أذَى قُرَيْشٍ. * فَائِدَةٌ 70: القَدْرُ الواجِبُ مِنْ معْرِفَة النَّبِيِّ صَـلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، يرجِعُ إلى أربعةِ أصُولٍ: الْأَصْلُ الْأَوَّلُ: مَعْرِفَةُ اسمِه الأوَّلِ (مُحَمَّدٍ) صَـلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ فلا يَضُرُّ الْـمُسْلمَ الجهلُ ببقيَّةِ نَسَبِهِ. الْأَصْلُ الثَّانِي: مَعْرِفَةُ أنَّه لم يكُن مَلِكًا مِن ملُوكِ الأَرْضِ، ولا مَلَكًا مِن ملائكَةِ الرَّحمنِ؛ بل كانَ بشَرًا اصطَفاهُ اللهُ واجتَباهُ، وأنزَل عليه الكتَابَ، وفضَّله بالرِّسالةِ. الْأَصْلُ الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ أنه جاءنَا بالبَيِّنَاتِ والهدَى ودِينِ الحقِّ. الْأَصْلُ الرَّابِعُ: مَعْرِفَةُ أنَّ الذِي دلَّ على صِدْقِه هو كتَابُ اللهِ. * فَائِدَةٌ 71: الطَّاغُوتُ [علَى] صيغَة مِن صِيَغ الْـمبَالغةِ؛ كالْـمَلَكُوتِ والجَبَرُوتِ؛ وأحسَنُ ما قِيلَ في تَعْريفِه: (ما تجاوَزَ به العبْدُ حدَّهُ مِن معبُودٍ أو متبُوعٍ أو مُطاعٍ) وهذا التَّعْرِيفُ ذكرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ في أوائل كتابه إِعْلَامِ الْـمُوَقِّعِينَ. قال الشَّيْخُ صَالِحُ الْعَصِيمِيُّ: وَفَسِّرِ الطَّاغُوتَ مَا تَـجَاوَزَا **** بِهِ الْـعُبَيْدُ حَدَّهُ مُـجَـــاوِزًا مَعْبُودًا اَوْ مَتْبُوعًا اَوْ مُطَاعَا **** مُـحَقَّــقًا مِـنَ الْإِعْلَامِ ذَاعَا أَنْــــوَاعُهُ ثَـلَاثَـةٌ تُشَــاعُ: **** عِـبَــادَةٌ وَطَـاعَــةُ اتِّــبَـاعُ * فَائِدَةٌ 72: يَجوزُ في قولِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (وَذُِرْوَةُ سَنَامِهِ) كَسْرُ الذَّالِ الْـمُعْجمةِ وضَمُّهما، وهما لغَتانِ مشْهُورتَانِ، وذكر بعْضُ الـمُتأخِّرِين –كالشُّمُنِّي- لُغةً ثالثَةً وهيَ الفَتْحُ؛ فتكونُ على هذه اللُّغةِ مُثَلَّثًا: مَكْسُورًا ومَضْمُومًا ومَفْتُوحًا؛ إلَّا أنَّ الكَسْرَ والضَّمَّ أشْهرُ؛ وكأنَّ الفَتْحَ لُغةٌ رَدِيئةٌ؛ إذْ لم يذْكُرْهَا إلَّا بَعضُ الـمُتأخِّرينَ. * فَائِدَةٌ 73: كلَّما كُرِّرت مسَائلُ التَّوحيدِ كان ذلك أنفَعَ للعبْدِ؛ فإنَّها تزدَادُ تحرِيرًا وبيَانًا، كما نَصَّ على هذا الـمَعْنَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ في الْقَاعِدَةِ الْـجَلِيلَةِ فِي التَّوَسُّلِ وَالْوَسِيلَةِ. |
الساعة الآن 11:37 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .