أكملي نص الحديث بعد حفظه:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ) رواه أحمد، ورواه الترمذي وقال: "هذا حديث حسن". |
أحسنت بارك الله فيك خديجة
|
تغسيل الميت, وتكفينه, والصَّلاة عليه, ودفنه* (1-1) وهذا الفصل وإن كان عملاً لا يفعله الميِّت وإنما يُفعل به, ولكن يحسُن بنا أن نذكره؛ ليعرف الميِّت ماذا سيُفعل به في هذه اللحظات, وليتفقَّه في ذلك قبل مفارقة الدنيا, ويعلم الأحكام التي تُفْعَل في الميت قبل دخول القبر. حكم غسل الميت, وتكفينه, والصَّلاة عليه, ودفنه: - حُكمها: فرض كفاية, إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين, بإجماع العلماء -رحمهم الله-(1). - ودليل غسله: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في الذي وقصته ناقته يوم عرفة, فقال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»(2). وحديث أم عطية -رضي الله عنها-, قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- للنساء اللاتي غسَّلن ابنته: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا, أَوْ خَمْسًا, أَوْ سَبْعًا, أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ»(3). - ودليل تكفينه: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- المتقدِّم, وفيه: «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ». ووجه الدلالة: أنَّ الحديثين السابقين فيهما الأمر بغسل الميت, وتكفينه, والأمر يقتضي الوجوب, لكنه وجوب كفائي؛ لأنَّ المقصود حصول التغسيل والتكفين, وليس المراد أنَّ كل أحد من المخاطبين مأمور بذلك. - ودليل الصلاة عليه: فعله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حيث كان يُصلِّي على الأموات باستمرار, وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»(4), وقال: «قَدْ تُوُفِّيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ الْحَبَشِ, فَهَلُمَّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ»(5), وصلَّى على المرأة التي رُجمت(6). - ودليل دفنه: قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21], فالله -عزَّ وجل-أكرم الميت بدفنه, فلم يُلْقَ للسِّباع والطيور؛ لتأكله, أو ليتأذى به الناس, بل امتن عليه بذلك, وتقدَّم الإجماع على أنَّ غسل الميت, وتكفينه, والصلاة عليه, ودفنه فرض كفاية, إذا فعلها من يكفي سقط الإثم عن الباقين, وإذا لم يفعلها أحد أَثِمَ الجميع. مَن أولى الناس بغسل الميت؟ الصحيح: أنَّ أولى النَّاس به وصيُّه, أي: الذي أوصى أن يُغسِّله. ويدلّ على أحقيَّة الوصيّ: أن أبا بكر أوصى أن تغسِّله زوجته أسماء -رضي الله عنهما-, أخرجه مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة، وهو أثر مُرسَل لكن له عِدَّة طرق تقوِّيه, وأنس بن مالك -رضي الله عنه- أوصى أن يغسِّله محمد بن سيرين ففعل -رحمهما الله- أخرجه ابن سعد في الطبقات, فالصحيح أنَّ الوصي يُقدَّم على غيره، ثُم أقاربه الأصول كالجد, والأب قبل الفروع, وهم الأبناء وإن نزلوا, ثم إخوانه, ثم بقيَّة أقاربه وذوي رحمه, وهذا الترتيب إنما يُحتاج إليه عند المشاحة, والمنازعة فيمن يُغسِّل الميت، وفي عصرنا اليوم لا مشاحة في ذلك؛ لوجود أناس متبرعين يتولون تغسيله وتكفينه. ------- (1) انظر: مراتب الإجماع لابن حزم (ص34). (2) رواه البخاري برقم (1265), رواه مسلم برقم (1206). (3) رواه البخاري برقم (1259), رواه مسلم برقم (939). (4) رواه البخاري برقم (2289), رواه مسلم برقم (1619). (5) رواه البخاري برقم (1320), رواه مسلم برقم (952). (6) رواه مسلم برقم (1695). [hr]#960387[/hr] *من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] سؤال الدرس: غسل الميت, وتكفينه, والصلاة عليه, ودفنه فرض كفاية، ما المقصود بفرض كفاية؟ |
غسل الميت, وتكفينه, والصلاة عليه, ودفنه فرض كفاية، ما المقصود بفرض كفاية؟
أي أنه إذا فعلها من يكفي سقط اﻹثم عن الباقين، وإذا لم يفعلها أحد أثم الجميع. |
ممتازة
|
تغسيل الميت, وتكفينه, والصَّلاة عليه, ودفنه* صِفة غسل الميَّت باختصار. (1-2) أولاً: إذا بدأ المُغسِّل بالتغسيل ستر عورة الميت, وجرَّده من ثيابه, وستره عن أعين الناس. وستر العورة (واجب)، قال ابن قدامة -رحمه الله-: "بلا خلاف"(1). فيستر ما بين السُّرَّة والركبة بقماش ونحوه، ثم يُجرِّده من ثيابه. ثانيًا: يلفّ الغاسل على يده خرقة, أو يلبس قفازين ويُنجِّي الميت, فيغسل فرجه وينقيه بالماء, ولا يحل له أن يمس عورته بلا حائل إذا كان له أكثر من سبع سنوات. ثالثًا: ثم ينوي التغسيل, فيبدأ بالتسمية, ثم يوضئ الميت كوضوء الصلاة. ويدل على ذلك: حديث أم عطية وتغسيلها ومن معها -رضي الله عنهن- لزينب بنت النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لهن: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا, وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا»(2). - وصفة ذلك: بأن يأخذ الغاسل خرقة مبلولة يجعلها على أصبعيه, يدخل أصبعيه في فمه, ويمسح أسنانه برفق, وكذلك يمسح أنفه بأن يدخل أصبعيه في منخريه, وينظفهما برفق، ثم يغسل وجهه ويتم الوضوء كما هو معروف. وفي الوضوء عند تنظيف فمه وأنفه؛ يحرص ألَّا يدخل في فم الميت ولا أنفه ماء؛ لئلا يُحرِّك نجاسة ساكنة, أو يخرج شيئًا عند التكفين. رابعًا: ثم يَشرع في غسل الميت. وغسل الميت يكون كما يلي: 1- يُغسل رأسه برغوة السدر, أو الصابون. لحديث أم عطية -رضي الله عنها-، وفيه: قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «اغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»(3), وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في الرجل الذي وقصته راحلته بعرفة فمات, قال النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»(4). 2- ثم يغسل شقه الأيمن, ثم الأيسر, ثم جميع بدنه بالماء. وغسل الشق الأيمن يكون بغسل وجهه وما يليه من الجهة اليمنى, وكذلك جهة الجسم اليمنى وقدمه اليمنى, وإذا أراد أن يغسل الجهة اليمنى من الأسفل فإنه يرفع الميت من الجهة اليمنى, فيقلبه على جنبه الأيسر, فيغسل شقه الأيمن من الأسفل: الظهر والأليتين وأسفل القدم اليمنى. وغسل الشق الأيسر يكون بنفس طريقة غسل الشق الأيمن, والبدء بالشق الأيمن سُنَّة ثابتة. ويدل على ذلك: حديث أم عطية -رضي الله عنها- المتقدّم وفيه: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا, وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا». ثم يغسل جميع بدنه بالماء، وهذه الغسلة هي التي تذهب ما تَعلَّق بالجسد من السدر ونحوه من المنظفات إن استعمله, فما أعظمها من عبرة وأنت تُقَلَّبُ في مغسلة الأموات, بعدما كنت حيَّاً تُقَلِّبُ جسدك حيث تشاء. - الواجب غسلة واحدة, ويُسَنُّ ثلاثًا. فيُفعل ما تقدَّم من غسله بالسِّدر, والماء, والبدء بالشِّق الأيمن, ثم الأيسر, ثم يفيض على سائر جسده كل ذلك ثلاث مرات, وأمَّا الوضوء فلا يُكرَّر. ويدلّ على ذلك: حديث أم عطية -رضي الله عنها- المتقدِّم, وفيه: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا, أَوْ خَمْسًا, أَوْ سَبْعًا, أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ»(5), وهذا يدل على أنَّ الأفضل ثلاث غسلات، ولو حصل التنظيف بمرَّة واحدة أجزأ ذلك؛ لحديث ابن عباس-رضي الله عنهما- المتقدّم: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»(6), والحديث مطلق، والثلاث أفضل, وغالبًا لا يحصل الإنقاء بغسلة واحدة, فلذا الأفضل أن يجعلها ثلاثًا وهو قول جمهور العلماء -رحمهم الله-، وقد يحتاج الجسم أكثر من ثلاث على حسب المصلحة في الزيادة. والأفضل قطع الغسل على الوتر, كما جاء في الحديث: «ثَلَاثًا, أَوْ خَمْسًا, أَوْ سَبْعًا», وكذلك إن زاد قطَعَها على وتر, وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين -رحمه الله-(7). وأمَّا إذا حصل الإنقاء بثلاث غسلات, فإنها لا تُشْرَع الزيادة عليها؛ لأن الزيادة راجعة للمصلحة التي يقدِّرُها الغاسل, حيث قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إِنْ رَأَيْتُنَّ», ولأنه حصل المقصود وهو: التطهير. - يجعل في الغسلة الأخيرة كافورًا. والكافور نوع من الطيب أبيض يُدَقُّ ويُجْعَل في الإناء الذي يغسل به آخر غسلة, وجعله في الغسلة الأخيرة سُنَّة ثابتة, ويدلّ على ذلك: حديث أم عطية -رضي الله عنها- المتقدِّم, وفيه: «وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا, أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ». وذكر الشوكاني -رحمه الله- من الحِكَم التي في الكافور :"تبريد وقوة نفوذه, وخاصة في تصلب بدن الميت، وطرد الهوام عنه، وردع ما يتحلل من الفضلات، وإسراع الفساد إليه، وإذا عدم قام غيره مقامه مما فيه هذه الخواص, أو بعضها"(8). 3- ثم ينشَّف الميِّت بثوب ونحوه, ويُقص شاربه, وتقلَّم أظفاره, ويؤخذ شعر إبطيه, وهذه تفعل إن كانت طويلة طولًا فاحشًا وإلَّا فَلَا. - المرأة يُضْفَر شعرها ثلاثة قرون, ويُسدل وراءها. ضفر الشَّعر إدخال بعضه في بعض، وثلاثة قرون -أي: ضفائر- وهذه سُنَّة ثابتة. ويدلّ على ذلك: حديث أم عطية -رضي الله عنها- المتقدِّم: "أَنَّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– ثَـلَاثَةَ قُرُونٍ"(9). وفي رواية للبخاري:«وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا»(10), وفي رواية ابن حبان أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمرهن بذلك حيث قال النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «وَاجْعَلْنَ لَهَا ثَلَاثَة قُرُون»(11). 4- وبعد ذلك تُلبَسُ أيها الميت ملابس لم تعهدها من قبل, وبطريقة تختلف عما كنت تعتاده, فهي ملابس لا تختارها, ولا تستطيع أن تلبسها بنفسك,كيف؟ وقد ودَّعت دنياك الفانية إلى أُخْراك الباقية؟! ------- (1) انظر: في المغني (369/3). (2) رواه البخاري برقم (1254), رواه مسلم برقم (939). (3) رواه البخاري برقم (1265), رواه مسلم برقم (1206). (4) رواه البخاري برقم (1254), رواه مسلم برقم (939), واللفظ للنسائي برقم (1886). (5) رواه البخاري برقم (1259), رواه مسلم برقم (939) . (6) رواه البخاري برقم (1265), رواه مسلم برقم (1206). (7) انظر: الممتع (280/5). (8) انظر: نيل الأوطار (32/4) . (9) رواه البخاري برقم (1260), رواه مسلم برقم (939). (10) رواه البخاري برقم (1263). (11) رواه ابن حبان (304/7). [hr]#960387[/hr] *من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] سؤال الدرس: الواجب غسلة واحدة للميت, ويُسَنُّ ثلاثًا، هل يكرر الوضوء فيها أيضًا؟ |
الواجب غسلة واحدة للميت, ويُسَنُّ ثلاثًا، هل يكرر الوضوء فيها أيضًا؟
ﻻ، الوضوء ﻻ يكرر. |
أحسنت
|
تغسيل الميت, وتكفينه, والصَّلاة عليه, ودفنه* صفة تكفين الميت باختصار. (1-3) أولا: يستحب تكفين الرجل بثلاث لفائف بيضاء. ويدلُّ على ذلك: أ- حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ, بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ, لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ, وَلاَ عِمَامَةٌ"(1). ومِن الذين كفنوا النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أبو بكر, وعمر -رضي الله عنهما-, وقد أمرنا النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- باتباع سنتهما. ب- حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ؛ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ, وَكَفِّنُوا فِيـهَا مَوْتَـاكُمْ»(2), ويجوز أن يُكفَّن الميِّت بغير الأبيض,كما يجوز أن يكفَّن بلفافة واحدة تكفيه, لكن هذا خلاف السُّنة. ثانيًا: يستحب تجمير هذه اللفائف. والتجمير: هو التبخير, سمي بذلك؛ لأنه يوضع في الجمر، ومن الأفضل كما يقول أهل العلم أن تُرشَّ هذه اللفائف قبل التبخير بماء, أو دهن, أو ماء الورد؛ لأن ذلك يسبب مسك الرائحة وثباتها على اللفائف. ويدلّ على التجمير: أ- ما رواه أحمد, وابن حبان, والحاكم وصححه أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إِذَا أَجْمَرْتُمُ الْمَيِّتَ, فَأَجْمِرُوهُ ثَلَاثًا»(3), ويشهد له فعل الصحابة -رضي الله عنهم- كما سيأتي. ب- ورود ذلك عن بعض الصحابة, كأسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- (4), وأبي هريرة -رضي الله عنه-(5). قال ابن المنذر -رحمه الله-: " وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يستحبون إجمار ثياب الميت"(6), وينبغي التنبّه إلى أن الميت المحْرِم يُستثنى من ذلك؛ لقول النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم–: «وَلَا تُحَنِّطُوهُ»(7). ثالثًا: تبْسط اللفائف بعضها فوق بعض, ويجعل الحنوط فيما بينها. والحنوط: هي أخلاط من الطيب تُصنع للأموات, ولا تسمى (حنوطًا) إلا إذا صُنعت للميت. ويجعل الحنوط بين الأكفان, بين الأولى والثانية, وبين الثانية والثالثة. والدليل على وضع الحنوط: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في الذي وقصته دابته, فمات, قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «وَلَا تُحَنِّطُوهُ», وهذا يدلّ على أنَّ من عادتهم تحنيط الأموات, إلا أنه يُستثنى المُحْرِم. رابعًا: ثم يوضع الميت على اللفائف الثلاث مستلقيًا. هكذا يوضع جسدك الذي يشعُّ الآن حيويةً ونشاطًا, ففي ذلك الحين يكون كالخشبة, لا روح فيه ولا حِرَاك, فيُحمل ليُوضع على تلك اللفائف, نسأل الله حسن العمل والختام. خامسًا: يؤخذ من الحنوط بقطن, ويضع القطن بين إليتي الميت, ويُشدّ فوقها بخرقة. ومن الأفضل أخذ حنوط بقطن, ووضعه بين إليتي الميت, والتعليل: ليردَّ ما يخرج من دبره عند تحريكه, فإنَّ الغالب في الخارج أنه كريه الرائحة جدًا, وهذا الحنوط يُبعِد هذه الرائحة. سادسًا: يُجعل الباقي من الحنوط على منافذ وجهه, ومواضع سجوده. منافذ الوجه هي: العينان, والمنخران, والشفتان، وزاد صاحب الروض المِرْبع -رحمه الله- الأذنين, ومواضع السجود, وهي: الجبهة, والأنف, والكفان, والركبتان, وأطراف القدمين. والتعليل: بالنسبة لمنافذ الوجه؛ لئلا تدخله الهوام, فالحنوط يطردها, وأمَّا مواضع السجود فتشريفًا لها,كما ذكر أهل العلم؛ لأنها باشرت السجود لله -تعالى-، وليس في هذا سُنَّة ثابتة على وجه الخصوص. فالوارد هو: تحنيط الميت دون تخصيص موضع دون آخر، ولكن بعضها ربما له عِلَّة, كمنافذ الوجه. وزاد بعضهم: مغابن الجسم كالإبطين, وطي الركبتين, والسُّرَّة, والأمر في هذا واسع. سابعًا: ثم يرُّد طرف اللفافة العُليا على شِقّه الأيمن, وطرفها الآخر من فوقه على الشِّق الآخر, ثم الثانية, ثم الثالثة. أي: نردُّ طرف اللفافة العليا التي تحت الميت مباشرة على شِقّه الأيمن, ثم نأخذ الطرف الأيسر ونرده على شِقِّه الأيسر؛ ليكون فوق الطرف الأول, ولو عُكِس بأن بُدئ بالطرف الثاني قبل الأول فالأمر واسع، ثم نفعل بالثانية هكذا، ثم الثالثة هكذا, ويُجعل أكثر الزائد من كفنه عند رأسه؛ لشَرَفه. ولقول النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- كما في حديث خباب بن الأرت -رضي الله عنه- في تكفين مُصعب بن عمير, حينما قصرت النمرة: «ضَعُوهَا مِمَّا يَلِي رَأْسَهُ, وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرَ»(8), والإذخر نبات معروف، وإذا كان الزائد من الكفن كثيرًا جعلناه عند الرأس, وعند الرجلين, فهذا أفضل؛ لأنه أثبت للكفن. ثامنًا: ثُم تعقد هذه اللفائف, وتُحَلُّ في القبر. والتعليل: لئلا ترتخي هذه اللفائف, وتتفرق, ولم يأتِ عددٌ معيَّن لهذه العقد, فَيُرجع فيه إلى الحاجة, وأقل الحاجة: عقدتان, الأولى: عند رأسه, والأخرى: عند قدميه, وإن احتاج في الوسط اثنتين, أو ثلاث فلا بأس. والعناية بإحسان تكفين المسلم من السُّنة, فقد جاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؛ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ»(9), وتطبيق السُّنة فيه أبلغ الإحسان. وأما المرأة فقيل: تكفَّن بخمسة أثواب: إزار, وخمار, وقميص, ولفافتين, وقيل: كالرجل بثلاث لفائف. ما سبق هو: بيان الأفضل في تكفين الميت، والواجب من ذلك أن يُستَر جميعه, ولو بثوب واحد. وبعد ذلك تُؤخذ إلى حيث الصلاة عليك, جسدك في قِبلَة المصلين, جسد بلا روح, وأرواح المصلين بأجسادهم عليك قائمة تدعو, وعليك تترحم، فيا تُرى كم من الرَّحمات ستبلغها؟ تغمدني الله وإياك بواسع رحمته. ------- (1) رواه البخاري برقم (1264), رواه مسلم برقم (941). سحولية: بضم أوله, ويُروى بفتحه أيضًا, نسبه إلى: (سَحول) قرية باليمن, تُصنع بها هذه اللفائف، وجاء في رواية (يمانية). والكُرسف: هو القطن. (2) رواه أحمد برقم (2219), رواه أبو داود برقم (3878), رواه الترمذي برقم (994), وقال: "حسن صحيح". (3) رواه أحمد برقم (14540), رواه ابن حيان (301/7), رواه الحاكم (506/1), وصححه النووي في المجموع (196/5). (4) انظر: مصنف عبد الرزاق (417/3) . (5) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (256/3). (6) انظر: الأوسط (369/5) . (7) رواه البخاري برقم (1265), رواه مسلم برقم (1206). (8) رواه البخاري برقم (4082), رواه مسلم برقم (940). (9) رواه مسلم برقم (943). [hr]#960387[/hr] *من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] سؤال الدرس: ما هو الحنوط؟ |
ما هو الحنوط؟
أخلاط من الطيب تصنع للأموات، ولا تسمى حنوطا إلا إذا صنعت للأموات. |
أحسنت خديجة ما شاء الله عليك
بالنسبة للدرس التالي سأضعه ليلاً إن شاء الله وأعتذر لك على التأخير |
أحسن الله إليكم.
ﻻ عليكم أختي الفاضلة، بارك الله فيكم وجزاكم خيرا. |
تغسيل الميت, وتكفينه, والصَّلاة عليه, ودفنه* صِفة الصلاة على الميت باختصار. (1-4) · أين يقف الإمام بالنسبة للميت في صلاة الجنازة؟ السُّنة أن يقف الإمام عند رأس الرجل, وعند وسط المرأة. ويدلّ على ذلك: أ- حديث أنس -رضي الله عنه-: أنه صلى على جنازة رجل فقام عند رأسه، وعلى جنازة امرأة فقام وسطها فقيل له: أهكذا كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يفعل؟ قَالَ: "نَعَمْ"(1). ب- حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: "صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا"(2). وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن حديث أنس -رضي الله عنه-: "إسناده جيد، وهو حُجَّة قائمة على التفرقة"(3). أي: التفرقة بين الرجل والمرأة، والصبي يُلحق بالرجال فيُقام عند رأسه، والجارية بالنساء فيقام عند وسطها. · يُكبِّر أربع تكبيرات, يقرأ بعد الأولى الفاتحة بعدما يستعيذ, ويبسمل. ويدل على مشروعية التكبيرات الأربع: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نَعَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِيَّ, ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ, فَكَبَّرَ أَرْبَعًا"(4)، وأيضاً روي من حديث جابر -رضي الله عنه- في الصحيحين(5), وهذه التكبيرات الأربع فرض باتفاق الأئمة. · ثم يستعيذ, ويبسمل, ثم يقرأ الفاتحة سِرّاً. ويدلّ على ذلك: أ- حديث أبي أمامة سهل -رضي الله عنه- قال: "السُّنة فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ: أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً, ثُمَّ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا, وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْآخِرَةِ"(6). ب- حديث طلحة بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ, وَجَهَرَ حَتَّى أَسْمَعَنَا, فَلَمَّا فَرَغَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَسَأَلْتُهُ, فَقَالَ: سُنَّةٌ وَحَقٌّ"(7), ومعنى "سُنَّة" أي: طريقة مأخوذة عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-, وليس المقصود أنها مستحبة, فأراد أن يعلِّم من وراءه ذلك. · ثم يُكبِّر للثانية, ويصلِّي على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-. ونقل ابن هبيرة -رحمه الله- الإجماع على مشروعية الصلاة على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعد التكبيرة الثانية(8). · ثم يكبِّر للثالثة, ويدعو للميت. ونقل ابن هبيرة -رحمه الله- الإجماع على ذلك(9). · وينبغي أن يُخلِص للميت بالدعاء. ويدلّ على ذلك: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-, أنَّ النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم– قال: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَـاءَ»(10)، وفيه: (محمد بن إسحاق) مدلِّس, وقد عنعن, لكنه لا يضرّ؛ لأنه صرَّح بالتحديث عند ابن حبان من طريق آخر. والمراد بإخلاص الدعاء له: أن يخص الميت بالدعاء؛ لأن المقصود من الصلاة أن ينتفع هذا الميت من الدعاء، وأيضًا من الإخلاص في الدعاء له أن يدعو له بحضور قلب؛ لأنه موضع يُرجى فيه قبول الدعاء للميت. * فـائدة: يستحسن مراعاة الضمير حال الدعاء, فإن كان المقدَّم من الأموات اثنين قال: "اللهم اغفر لهما...", وإن كانوا جماعة قال: " اللهم اغفر لهم...", وإن كُنّ جماعة نسوة قال: "اللهم اغفر لهن...", وإن كانوا ذكوراً وإناثاً يُغلِّب جانب الذكورية, فيقول: " اللهم اغفر لهم...", وهكذا في بقية الأدعية. · ثم يُكبِّر للرابعة, ثم يسلِّم عن يمينه واحدة. ونقل ابن هبيرة -رحمه الله- الإجماع على التكبيرة الرابعة, والسلام بعدها واحدة عن يمينه(11). · السُّنة لمن صلَّى على جنازة أن يرفع يديه مع كل تكبيرة. أولًا: تكبيرة الإحرام. ورفع اليدين في تكبيرة الإحرام مُجْمَع على مشروعيته. قال ابن المنذر -رحمه الله-: "أجمع أهل العلم على أنَّ المصلِّي على الجنازة يرفع يديه مع التكبيرة الأولى"(12). ثانيًا: بقيَّة التكبيرات. على قولين: الحنابلة, والشافعية: يُشرع رفع اليدين فيها، وعند الحنفية, والمالكية: لا يستحب. والأظهر-والله أعلم-: مشروعية رفعهما مع كل تكبيرة. ويدلّ على ذلك: أ- حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- أنَّ النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "كان إذا صلى على الجنازة رفع يديه في كل تكبيرة وإذا انصرف سلَّم" رواه الدارقطني في عِلَلِه(13), وأعلَّه بـ: (عمر بن شبة), وهو ثقة, وثَّقه الدارقطني, وابن حبان(14), ووثَّقه غيرهم, إلا أنه خالف جمع الثقات الذين رووه موقوفًا. قال الدارقطني -رحمه الله -: "هكذا رفعه عمر بن شبة، وخالفه جماعة فرووه عن يزيد بن هارون موقوفًا, وهو الصواب". وصحَّح الرفع الشيخ ابن باز -رحمه الله- فقال: "والأظهر: عدم الالتفات إلى هذه العِلَّة؛ لأنَّ عمر المذكور ثقة، فيقبل رفعه؛ لأن ذلك زيادة من ثقة، وهي مقبولة على الراجح عند أئمة الحديث"(15). ب- أنه صح عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْجَنَازَةِ"(16), وهذا الأثر ظاهر الاستدلال لِمَا يُعلَم من ابن عمر-رضي الله عنهما- شدة تحريه للسُّنَّة, ومثل هذا لا يأتي من اجتهاد, ولا يفعله ابن عمر-رضي الله عنهما- إلَّا بتوقيف من النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-. ج- أنه جاء رفع اليدين مع كل تكبيرة عن جمع من الصحابة, كابن عباس، وأنس بن مالك، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم-(17), وجاء عن جمع من التابعين كعطاء، وعمر بن عبدالعزيز، والزهري، وسعيد بن المسيب, وعروة بن الزبير -رحم الله الجميع-(18). *فائدة: قال شيخنا ابن عثيمين -رحمه الله-: "والترتيب بين أركان صلاة الجنازة واجب, فيبدأ بالفاتحة، ثم الصلاة على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ثم الدعاء, فلا يقدِّم بعضها على بعض، وكذلك تكميل التكبيرات الأربع, فإن سلَّم من ثنتين ساهيًا أكمل مع القرب، وأعاد مع البعد"(19). · وبعد ذلك تُحْملُ على أعناق الرجال؛ لتوضع في حفرة حيث تُغَيَّب عن الشمس, فيحتملك الرجال وهم مشفقون, وعليك يترحمون. ------- (1) رواه أحمد برقم (13114), رواه أبو داود برقم (3194), رواه الترمذي برقم (1034), رواه ابن ماجه برقم (1494), وقال الترمذي : "حديث حسن ", وصححه الألباني في أحكام الجنائز (ص109). (2) رواه البخاري برقم (1331), رواه مسلم برقم (964). (3) انظر: تعليقه على الفتح (201/4). (4) رواه البخاري برقم (1318), رواه مسلم برقم (951). (5) رواه البخاري برقم (3879), رواه مسلم برقم (952). (6) رواه النَّسائي برقم (1990), وصححه النووي (في الخلاصة 975/2), و(في المجموع 233/5) وقال: "رواه النسائي بإسناد على شرط الشيخين, وأبو أمامة هذا صحابي", وصححه الحافظ ابن حجر (في الفتح 204/3). (7) رواه البخاري برقم (1335), واللفظ للنسائي برقم (1989). (8) انظر: الإفصاح (190/1). (9) انظر: الإفصاح (190/1). (10) رواه أبو داود برقم (3199). (11) انظر: الإفصاح (190/1). (12) انظر: الإجماع (ص46). (13) انظر: نصب الراية (285/2). (14) انظر: في الثقات (446/8). (15) انظر: التعليق على فتح الباري (190/3), وانظر: فتاوى ابن باز (148/13). (16) رواه البخاري معلَّقاً في صحيحه: باب سنة الصلاة على الجنازة رقم (56), ووصله ابن أبي شيبة (491/2), وعبد الرزاق (470/3), والبيهقي (44/4). (17) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (296/3), وسنن البيهقي (44/4). (18) انظر جامع الترمذي (388/3), ومصنف ابن أبي شيبة (296/3), وسنن البيهقي (44/4), وفتاوى ابن باز (148/13). (19) انظر: الممتع (342/5). [hr]#960387[/hr] *من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] سؤال الدرس: اشرحي صفة الصلاة على الميت فيما لا يزيد عن ثلاثة أسطر. |
اشرحي صفة الصلاة على الميت فيما لا يزيد عن ثلاثة أسطر.
يقف الإمام عند رأس الميت إن كان رجلا أو صبيا، وعند الوسط إن كانت إمرأة أو جارية. يُكبِّر أربع تكبيرات: يُكبِّر التكبيرة الأولى ثم يستعيذ ويبسمل ثم يقرأ الفاتحة سرا، ثم يُكبِّر للثانية ثم يُصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ثم يُكبِّر للثالثة ثم يدعو للميت وينبغي أن يُخلِص له في الدعاء "أي يخصه بالدعاء" ، ثم يُكبِّر للرابعة ثم يُسلِّم عن يمينه تسليمة واحدة. ويُسن رفع اليدين عند كل تكبيرة. |
ممتازة خديجة
ومن إخلاص الدعاء له أن يدعو له بحضور قلب وخضوع وخشوع، لأنه موضع يرجى فيه قبول الدعاء للميت. |
تغسيل الميت, وتكفينه, والصَّلاة عليه, ودفنه* (1-5) يُسَنّ الإسراع في المشي بالجنازة. وهذا باتفاق العلماء؛ لحديث أبي هريرة -رحمه الله- عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ, فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً؛ فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا, وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ؛ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ»(1). وضابط الإسراع: أن يكون فوق المشي المعتاد ولا يزيد على ذلك, فالإسراع الشديد غير مراد؛ لأنه يُتعب المشيِّعِين, وأيضاً قد ينزل معه من الميت شيء يلوث الكفن، وكذلك التباطؤ الشديد غير مراد؛ لأن فيه مخالفة للسُّنَّة. قال ابن القيِّم -رحمه الله-: "وأمَّا دبيب الناس اليوم خطوة خطوة فبدعة مكروهة, مخالفة للسُّنَّة, ومتضمَّنة للتشبه بأهل الكتاب (اليهود)"(2). كيف يسير الماشي, والراكب مع الجنازة؟ أولاً: الماشي الأظهر -والله أعلم-: أنَّ الأمر واسع, إن شاء مشى أمامها, أو خلفها, لكن يكون قريباً منها؛ ليُسمَّى تابعاً لها وبكل الجهات وردت آثار عن الصحابة -رضي الله عنهم-. ويدلّ على ذلك: أ- حديث المغيرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ, وَالْمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا, وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَرِيبًا مِنْهَا»(3). ب- حديث أنس -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ, وَعُمَرَ, يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ, وَخَلْفَهَا"(4). قال الألباني: "وهذا سند صحيح على شرط الشيخين"(5). ج- وأيضاً حتى يتوسع المشيِّعون, ولا يلزمون جهة واحدة فربما يشقّ ذلك عليهم، وروى البخاري معلَّقًا: "عَنْ أَنَس بْن مَالِك -رضي الله عنه- أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَشْي فِي الْجِنَازَة فَقَالَ: أَمَامهَا وَخَلْفهَا، وَعَنْ يَمِينهَا وَشِمَالهَا، إِنَّمَا أَنْتُمْ مُشَيِّعُونَ"(6), ووصله ابن المنذر -رحمهما الله-(7). ثانيًا: الراكب. الأظهر -والله أعلم-: أنَّ السُّنة للراكب أن يكون خلف الجنازة. ويدلّ على ذلك: أ- حديث المغيرة -رضي الله عنه- السابق, وفيه :«الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ». ب- ولأن الراكب إذا كان أمام الجنازة آذى الناس بخلاف ما لو كان خلفهم. * فائدتان: الأولى: الأفضل لمن تبع جنازة ألّا يكون راكبًا, فالأفضل أن يكون ماشيًا؛ لحديث ثوبان -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِيَ بِدَابَّةٍ وَهُوَ مَعَ الْجَنَازَةِ فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَهَا, فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بِدَابَّةٍ فَرَكِبَ, فَقِيلَ لَهُ, فَقَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَمْشِي, فَلَمْ أَكُنْ لِأَرْكَبَ وَهُمْ يَمْشُونَ, فَلَمَّا ذَهَبُوا رَكِبْتُ»(8). أما الركوب بعد الانصراف منها فجائز؛ للحديث السابق, ولذا كَرِه بعض أهل العلم الركوب في التشييع, ولم يكرهوه في الانصراف منها. الثانية: جاء في فضل تشييع الجنازة فضل عظيم ينبغي للمسلم أن يجتهد في تحصيله ولا يتوانى، وهو ما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا؛ فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنْ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ»(9). وفي رواية أخرى: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ, وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ». قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ»(10). ------- (1) رواه البخاري برقم (1315), رواه مسلم برقم (944). (2) انظر: زاد المعاد (517/1). (3) رواه أبو داود برقم (3180), رواه الترمذي برقم (1011), رواه النَّسائي برقم (1944), رواه ابن ماجه برقم (1481), وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". (4) أخرجه الطحاوي (278/1). (5) انظر: أحكام الجنائز (ص74). (6) انظر: فتح الباري (182/3). (7) انظر: الأوسط (383/5). (8) رواه أبو داود برقم (3177) وصححه الألباني في أحكام الجنائز (ص75). (9) رواه البخاري برقم (47). (10) رواه البخاري برقم (1325), رواه مسلم برقم (945). [hr]#960387[/hr] *من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] سؤال الدرس: ما ضابط الإسراع بالجنازة؟ |
ما ضابط الإسراع بالجنازة؟
أن يكون مشيا فوق المعتاد، ولا يزيد على ذلك. فالإسراع الشديد غير مراد؛ لأنه قد يُتعِب المشيعين، وأيضا قد ينزل معه من الميت شيء يلوث الكفن. وكذلك التباطؤ الشديد غير مراد؛ لأن فيه مخالفة للسنة. |
أحسنت خديجة وفقك الله وبارك فيك
|
تغسيل الميت, وتكفينه, والصَّلاة عليه, ودفنه* (6-1) يُسَنّ لمن يُدْخِل الميت أن يقول: بسم الله، وعلى مِلَّة رسول الله. باتفاق الأئمة الأربعة، رحمهم الله. ويدلّ على ذلك: حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إِذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي الْقَبْرِ فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(1)، وأعلَّه الدارقطني(2)، وأيضاً البيهقي(3)، بأنَّ الحديث موقوف على ابن عمر، وتفرَّد برفع الحديث: (همَّام بن يحيى)، وهو ثِقَّة، لكن من هو أوثق:كشعبة، وهشام الدستوائي، روياه موقوفًا على ابن عمر -رضي الله عنهما-، ولو كان موقوفًا، فالأظهر -والله أعلم- أن له حكم الرفع؛ لأنّ مثله لا يقال بالرأي، وعليه كما هو مذهب الأئمة الأربعة -رحمهم الله- يُسَنَّ لمن يُدخِل الميت قبره أن يقول عند ذلك: "بسم الله، وعلى مِلَّة رسول الله، أو على سُنَّة رسول الله" - أي: على شريعته، وطريقته. يُسَنّ أن يُسجَّى قبر المرأة عند إنزالها. فيُسَنّ أن يغطى قبر المرأة عند إدخالها القبر. ويدلّ على ذلك: أ- إجماع العلماء على ذلك. قال ابن قدامة -رحمه الله-: "لا نعلم في استحباب تغطية القبر خلافًا بين أهل العلم"(4). ب- لأنَّ ذلك أسترُ لها؛ ولأن المرأة عورة، فقد يبدو شيئًا أثناء إنزالها القبر. وأمَّا الرجل فلا يُسَنّ أن يغطى قبره عند إنزاله. يوضع الميت على شِقّه الأيمن، مستقبل القِبلَة. من الأفضل وضعه على شِقّه الأيمن مستقبل القِبلَة، ولا دليل صحيح مخصِّص لذلك، لكنه (أمر)؛ كما ذكر ذلك ابن حزم -رحمه الله-، جرى عليه عمل المسلمين من عهد النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى يومنا هذا، ولازال العمل عليه مستمرًا إلى عصرنا هذا (5). ------- (1) رواه أحمد برقم (4812)، رواه أبو داود برقم (3213)، رواه النَّسائي في عمل اليوم والليلة (ص586)، وابن حبان (367/7)، وصححه الألباني في الإرواء، ولفظ أبي داود، وابن حبان: "وعلى سنة رسول الله". (2) انظر: العلل (409/12). (3) انظر: السنن الكبرى (55/4). (4) انظر: المغني (431/3). (5) انظر: المحلَّى (173/5). [hr]#960387[/hr] *من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] سؤال الدرس: إن كان لديك سؤال أو استشكال فيما سبق دراسته، فأرجو أن تضعيه لنرسله للشيخ |
بارك الله فيكم.. لدي سؤال بعد إذنكم:
هل يشترط لمن أرادت الدخول على الميت أو المشاركة في تغسيله وتكفينه أن تكون خالية مما يوجب لها الطهارة الكبرى؟ أحسن الله إليكم. |
جواب الشيخ عبد الله الفريح حفظه الله على سؤالك:
لا يشترط. |
تغسيل الميت, وتكفينه, والصَّلاة عليه, ودفنه* (7-1) من الذي يتولَّى دفن الميت؟ إن كان له وصي فإنه هو الأولى بذلك,كأن يوصي الميت بأن يدفنه فلان فيُقدَّم الوصي, ثم الأقارب إن كانوا يُحسِنون الدفن, فإن لم يكونوا كذلك أو لا يريدون النزول للقبر, فيدفنه أي واحد من الناس, وإذا كان الميت امرأة فلا يُشترط أن يدخلها القبر أحد محارمها, بل يجوز أن ينزلها أي شخص, ولو كان أجنبيًا. ويدل على ذلك: حديث أنس -رضي الله عنه- قال: شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ, فَقَالَ: «هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفْ اللَّيْلَةَ؟», فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ:أَنَـا. قَالَ: «فَانْزِلْ فِي قَبْرِهَا» فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا فَقَبَرَهَا(1). وقلنا بتقديم الأقارب في الدفن على غيرهم إن لم يكن هناك وصيٌّ؛ لأن الذين تولوا دفن النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أقاربه العباس, وعلي, والفضل, وصالح مولى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-, -رضي الله عنهم-؛ ولأنَّ الأقارب أولى به, وأستر لأحواله. ثمَّ ينصب على الميِّت اللَّبن؛ وهو: المضروب من طين, فإذا وُضع الميت نُصب عليه اللَّبن, ويُسد بالطين حتى لا يقع عليه التراب؛ لحديث سعد -رضي الله عنه- الذي تقدّم: "الْحَدُوا لِي لَحْدًا, وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا, كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"(2). * فـائدة: جاء في استحباب المشاركة في دفن الميت بأن يحثوا المسلم على القبر حثيات, آثار كثيرة عن الصحابة -رضي الله عنهم– والتابعين -رحمهم الله- فيُسَن أن يشارك المسلم في ذلك من غير مزاحمة ومضايقة, فالأظهر سنية الحثو مطلقًا، وأمَّا تقييده بثلاث ففيه خلاف في صحته, ولا يصحُّ أي ذكر أثناء حثو التراب, وكل ما ورد فهو ضعيف. يُسَنّ أن يرفع القبر قدر شِبْر مسنَّمًا. والشِّبْر: هو ما بين طرفي الأصبعين: الخنصر, والإبهام, عند التفريج المعتاد(3). ومسنَّمًا: أن يُجْعَل كالسنام, بحيث يكون وسطه بارزًا على أطرافه، وضد المسنَّم: المسطَّح, وهو المبسوط في أعلاه كالسطح. وفي هذه المسألة ثلاث سُنَن: 1- سنية رفع القبر كيلا يساوي الأرض, حتى يعرف أنه قبر, فيُترَّحم على صاحبه, ولا يهان, وسيأتي دليل رفع القبر، منها: رفع قبر النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- مسنَّمًا، ولمجيء آثار كثيرة عن الصحابة -رضي الله عنهم- تبيِّن أنَّ العمل عندهم رفع القبر. 2- سنيَّة أن يكون هذا الرفع مقدار شبر تقريبًا. ويستدل لذلك؛ بالنَّهي عن أن يكون القبر مرتفعًا ارتفاعًا ظاهرًا, بحديث علي -رضي الله عنه- أنه قال لأبي الهياج الأسدي: "أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ -وفي رواية: وَلَا صُورَةً إِلَّا طَمَسْتَهَا- وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ"(4). 3- سنية أن يكون القبر مُسَنَّماً . ويدلّ على ذلك: ما رواه سفيان التمَّار: "أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسَنَّمًا"(5). ------- (1) رواه البخاري برقم (1342), "لم يقارف": أي: لم يجامع. (2) رواه مسلم برقم (966). (3) انظر: القاموس المحيط (2/631). (4) رواه مسلم برقم (969). (5) رواه البخاري برقم (1390). [hr]#960387[/hr] *باختصار يسير من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] سؤال الدرس: مما استفدتيه من الدرس: يُسن رفع القبر قدر ........، ......... |
اقتباس:
|
مما استفدتيه من الدرس:
يُسن رفع القبر قدر شبر، و يُسن أن يكون القبر مسنما. |
ما شاء الله
أحسنت خديجة |
تغسيل الميت, وتكفينه, والصَّلاة عليه, ودفنه* (8-1) السُّنة عند الفراغ من دفن الميت: أن يستغفر المشيِّعون للميت عند القبر, ويدعوا له بالتثبيت. فيأمر أحدهم الحاضرين بذلك؛ لحديث عثمان -رضي الله عنهم- قال: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ, وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ, وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ, فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ»(1). ماذا يحدث للميت إذا انصرف عنه دافنوه؟ إذا دُفِن الميِّت, وانصرف عنه أصحابه, سمع قرع نعالهم وهم منصرفون, وهنا مفارقة عظيمة من حالين: بين حال من سيخرج من المقبرة؛ ليكمل مسيرته في حياته الدنيا بعد دفن ميته, فيخالط أهله, والناس كما هو معتاد, وبين ذلك الذي في حفرة القبر, وهو يسمع قرع نعال أولئك الأحياء الذين انصرفوا, وحاله مقبل على حياة أخروية برزخية, فلا أهل يخالطهم, ولا مال, ولا صاحب, ولا أنيس, ولا جليس, وحيدًا فريدا، نسأل الله -تعالى- السلامة من فتنة تلك الحفرة. ويدلّ على ذلك: حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِـعَ فِي قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ, يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَـذَا الرَّجُلِ؟...»(2). * فـائدة: (البرزخ) في كلام العرب هو: الحاجز بين الشيئين, قال تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً}[الفرقان: 53], أي: حاجزًا, و(البرزخ) في الشريعة هو: الدار التي بعد الموت, وقبل البعث, قال تعالى: {وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون: 100 ], قال مجاهد -رحمه الله-: "هو ما بين الموت والبعث". وقيل للشعبي -رحمه الله-: مات فلان, قال: "ليس هو في دار الدنيا, ولا في الآخرة"(3). ------- (1) رواه أبو داود برقم (3221), وجوَّد إسناده النووي (في المجموع 292/54). (2) رواه البخاري برقم (1338), رواه مسلم برقم (2870). (3) انظر: التذكرة للقرطبي (ص 177). [hr]#960387[/hr] *باختصار يسير من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] سؤال الدرس: ما هو البرزخ؟ |
ما هو البرزخ؟
البرزخ في كلام العرب: هو الحاجز بين شيئين، قال تعالى: [ وجعل بينهما برزخا ] أي حاجزا. والبرزخ في الشريعة: هو الدار التي بعد الموت وقبل البعث، قال تعالى: [ ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ]. |
أحسنت بارك الله فيك خديجة
|
فصل في: القبر* (1-1) للقبر ضغطة. إذا وضع العبد في القبر ضغطه القبر ضغطة، وهي ضغطة لازمة لابد منها لكل إنسان، لا ينجو منها أحدٌ صغيرًا كان أو كبيرًا، صالحًا كان أو طالحًا، فقد دلَّت الأحاديث أنه لو نجا منها أحد لنجا منها الصحابي الجليل سعد بن معاذ -رضي الله عنه- الذي اهتز لموته عرش الرحمن -سبحانه-، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفًا من الملائكة. فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول اللَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال عن سعد بن معاذ -رضي الله عنه-: «هذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبُوَابُ السَّمَاءِ، وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؛ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ»(1)، وقال الشيخ الألباني -رحمه الله-: "وسنده صحيح على شرط مسلم"(2). وفي مسند الإمام أحمد -رحمه الله- من حديث عائشة -رضي الله عنها- عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً لَوْ كانَ أَحَدٌ ناجيًا منها، نَجَا سَعْدُ بْنُ مُعاذٍ»(3). قال الألباني -رحمه الله-: "إسناده صحيح"(4). وللقبر ظُلْمَة. فعن أَبِي هريرة -رضي الله عنه- أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ -أَوْ شَابًّا-، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللّهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فَسَأَلَ عَنْهَا -أَوْ عَنْهُ- فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: «أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي!»، قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا -أَوْ أَمْرَهُ-. فَقَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِها» فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاَتِي عَلَيْهِمْ»(5). ------- (1) رواه النسائي برقم (2057). (2) انظر: في مشكاة المصابيح (49/1). (3) رواه أحمد برقم (24663). (4) انظر: صحيح الجامع (236/2). (5) رواه مسلم برقم (956). [hr]#960387[/hr] *من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] سؤال الدرس: هل هذه العبارة صحيحة أم فيها خطأ؟ لا ينجو من ضغطة القبر أحد. |
هل هذه العبارة صحيحة أم فيها خطأ؟
لا ينجو من ضغطة القبر أحد. العبارة صحيحة. |
أحسنت خديجة بارك الله فيك
|
فصل في: القبر* (1-2) فتنة القبر ثابتة بالكتاب، والسُّنَّة، والإجماع. فمِن الكتاب: قول الله -تعالى-: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم:27]. ومن السُّنة: أ- حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ: يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم:27]»(1)، وهذه الآية الكريمة، والحديث الشريف يدلان على أنه ليس كل إنسان يثبت عند ذلك السؤال، وإنما المؤمن فقط، نسأل الله -تعالى- الثبات، والسداد. ب- وحديث أسماء بنت أبي بكر-رضي الله عنهما- في حديث صلاة الكسوف، وفيه: قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ...»(2). ج- وحديث عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ...»(3)، والأحاديث في هذا كثيرة، وأجمع السلف -رحمهم الله- على إثبات فتنة القـبر. ما هي فتنة القبر؟ وكيف تكون؟ فتنة القبر؛ هي: سؤال الملكين، يسألان العبد ثلاثة أسئلة: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟. ويدلّ على ذلك: حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- وتقدَّم بعضه، وفيه قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن العبد المؤمن: « ... فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُك؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَافْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا، وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، قَالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي...». وقال عن العبد الكافر: « ... وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ، هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ، هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ، هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوهُ لَهُ مِنْ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا، وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُك الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَةََ». والحديث تقدَّم تخريجه، وسيأتي عند مسألة: إثبات نعيم القبر، وعذابه أدلّة أخرى. ما اسم الملَكَين الَّذَيْن يسألان الميت؟ روى الترمذي في سننه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ -أَوْ قَالَ: أَحَدُكُمْ- أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ: لِأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالْآخَرُ النَّكِيرُ، فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ، فَيَقُولَانِ: نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثْلَهُ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلْأَرْضِ: الْتَئِمِي عَلَيْهِ، فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلَاعُهُ، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ»(4). *فائدة: من أهل العلم من أنكر تسميتهما بـ (منكَر، ونكير)؛ لأنهما اسمان لا يليقان بالملائكة، الذين وصفهم الله -تعالى- بأوصاف الثناء، فضعَّفوا الحديث السابق، ورُدَّ هذا القول بـ : أنَّ تسميتهما بذلك ليس لأنهما منكران من حيث ذواتهما، وإنما من حيث أن الميت لا يعرفهما فينكِرْهما، كما قال إبراهيم -عليه السلام- لأضيافه الملائكة: {قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} [الذاريات: 25]؛ لأنه لا يعرفهم. وكلمة (مُنْكَر) بفتح الكاف على الصحيح؛ ولذا يقول السيوطي -رحمه الله-: وضبط منكَر بفتح الكاف ** فلست أدري فيه من خلافِ وبعد الفتنة يكون المصير والحال في القبر، إمَّا إلى نعيم، نسأل الله من فضله، وإمَّا إلى عذاب، نسأل الله -سبحانه- السلامة والعافية. ------- (1) رواه البخاري برقم (4699). (2) رواه البخاري برقم (922)، رواه مسلم برقم (584). (3) رواه البخاري برقم (6368)، رواه مسلم برقم (2723). (4) صححه ابن حِبَّان (386/7)، وحسَّنه الألباني. [hr]#960387[/hr] *باختصار يسير من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] سؤال الدرس: ما هي فتنة القبر؟ |
ما هي فتنة القبر؟
هي سؤال الملكين، يسألان العبد ثلاثة أسئلة: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟. |
أحسنت
|
فصل في: القبر* (1-3) عذاب القبر, ونعيمه ثابت بالكتاب, والسُّنَّة, والإجماع. فمِنْ الكتاب: قوله تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ{45}النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٥ – ٤٦ ]، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: "هذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السُّنة على عذاب البرزخ في القبور". ومن السُّنة أحاديث كثيرة منها حديث البراء -رضي الله عنه- -وقد تقدَّم- ومنهـا: أ- حديث أنس -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ, وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ», قَالَ:«يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ», قَالَ: «فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ», قَالَ: «فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ». قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا»...، وأما الكافر أو المنافق فيقول: «لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ, فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ, ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ, فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيـْنِ»(1). ب- وحديث عائشة -رضي الله عنها- في الصحيحين أنَّ النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال لها: «عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ»(2). جـ - وأجمع السلف -رحمهم الله- على إثبات عذاب القبر. عذاب القبر يسمعه كل شيء إلا الجنّ, والإنس. ويدلّ على ذلك: ما تقدم من حديث أنس -رضي الله عنه- المتفق عليه, وفيه قال النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ, فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيـْنِ»(3) فإن قيل: لماذا أخفى الله -عزَّ وجل- عذاب القبر؟ فالجواب -رعاك الله-: أنَّ الله -تعالى- أخفى عذاب القبر؛ لعدة حِكَم منها: 1- رحمته جلَّ وعلا بعباده، إذ لو كشف العذاب لهم؛ لتنكد عيشهم, وتواصلت أحزانهم. 2- أنَّ في كشف العذاب فضيحة للميت. 3- أنَّ في كشف العذاب عدم تَدَاُفن الناس بعضهم لبعض، فلو كُشِفَ العذاب لَمَا دفن أحدٌ ميتًا؛ خوفًا من سوء العاقبة، كما قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «فَلَوْلاَ أَنْ لاَ تَدَافَنُوا؛ لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»(4). ------- (1) رواه البخاري برقم (1338), رواه مسلم برقم (2870). (2) رواه البخاري برقم (1372), رواه مسلم برقم (584)، رواه النسائي برقم (1309). (3) رواه البخاري برقم (1338), رواه مسلم برقم (2870). (4) رواه مسلم برقم (2867) من حديث أنس -رضي الله عنه-. [hr]#960387[/hr] *باختصار من كتاب: ( فقه الانتقال من دار الفرار إلى القرار) للشيخ د. عبد الله بن حمود الفريح [hr]#960387[/hr] طالبة العلم : ما معنى: ( لا دريت ولا تليت ) التي قرأتيها في الحديث؟ |
ما معنى: ( لا دريت ولا تليت ) التي قرأتيها في الحديث؟
ﻻ أدري ما معناها. هل يسمح بالرجوع لكتب شروحات اﻷحاديث للبحث عن المعنى؟ بارك الله فيكم. |
حياك الله خديجة
نعم، هو سؤال خارجي لتنمية شيء من البحث لدى طالبة العلم خاصة أنها وردت في حديث نبوي، وأيضا لأن المعنى فيه ذكرى للمؤمن. |
حياكم الله وبياكم إدارتنا الكريمة
نعم إن شاء الله بارك الله فيكم وجزاكم خيرا |
ما معنى: ( لا دريت ولا تليت ) التي قرأتيها في الحديث؟
قيل : معناه لا تلوت يعني القرآن ، أي : لم تدر ولم تتل . أي : لم تنتفع بدرايتك ولا بتلاوتك ، كما قال : { فلا صدق ولا صلى } ( القيامة : 13 ) . قيل : معناه لا اتبعت الحق . وقيل : لا اتبعت ما تدري .قيل : معناه : ولا أتبعت الناس بأن تقول شيئا يقولونه . وقيل : لا قرأت فقلبت الواو ياء للمزاوجة أي : ما علمت بنفسك بالاستدلال ، ولا اتبعت العلماء بالتقليدوقراءة الكتب . قيل: لا دريت ولا تليت ، أصله : ولا تلوت ، فقلبت الواو ياء لازدواج الكلام ، ومعناه : الدعاء عليه . أي : لا كنت داريا ولا تاليا . المصدر: مختصر بتصرف من: بدر الدين محمود بن أحمد العيني ، عمدة القاري شرح صحيح البخاري ، ص: 144، 145 ج: 8، المكتبة الشاملة. |
أحسنت وبارك الله فيك خديجة
وأعتذر على تأخري بالنسبة لجملة (ولا اتبعت الناس بأن تقول شيئا يقولونه) غير صحيحة طبعا وإنما الصحيح: "( ولا تليت ) أي ولا تبعت من حقق الأمر على وجهه أي تقليد غير المحق لا ينفع وإنما ينفع تقليد أهل التحقيق ففيه أن تقليد أهل التحقيق نافع " [حاشية السندي] |
الساعة الآن 10:41 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .