المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معوقات في طريق العلم الشرعي


أمةالله
26-08-06, 08:44 PM
معوقات في طريق العلم الشرعي

للشيخ صالح بن غانم السدلان

من المعوقات في طريق العلم الشرعي : تـرك العمـل بالعـلم :

ترك العمل بالعلم يكون على قسمين :

الأول : ترك الائتمار بالواجبات الشرعية ، وترك الانتهاء عن المحرمات ، وهذا كبيرة من الكبائر ، وعليه تُحمل الآيات والأحاديث المتوعدة مَن تركَ العمل بالعلم .

الثاني: ترك المستحبات والوقوع في المكروهات ، وهذا يذم لما ورد في الوعيد لمن وقع فيه ، يقول ابن الجوزي – رحمه الله - : " والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به ؛ ففاتته لذات الدنيا وخيرات الآخرة ، فقدم مفلسا مع قوة الحجة فيه ، فالعملُ بالعلم مدعاةٌ لحفظه وثباته ، وعدمُ العمل به مدعاةٌ لضياعه ونسيانه "

ومن المعوقات أيضا : الاعتماد على الكتب دون العلماء :

يرى بعض من أفاء الله عليه من العلم من نفسه قدرة على أخذ العلم من بطون الكتب ، دون الرجوع إلى العلماء في توضيح عباراته وحل مشكلاته ؛ وهذا داء عُضال ابتلينا به ، قال الإمام الشافعي – رحمه الله - : " من تفقه من بطون الكتب ضيّع الأحكام ".

ومن المعوقات في طريق العلم الشرعي : أخذ العلم عند الأصاغر:

وهذه ظاهرة فشت ، وهي أن كثيراًَ من طلاب العلم يأخذونه من صغار الأسنان وهو داء عُضال ؛ لأن أخذ العلم عن صغار الأسنان الذين لم ترسخ لهم قدم في العلم ولم تَشِب لحاهم فيه مع وجود من هو أكبر منهم سناً وأرسخ قدما يُضعف أساس المبدأ ، ويحرمه من خبرة العلماء المشهود لهم بالعلم والفضل ، واكتساب أخلاقهم التي قوّاها العلم والزمن ،

يقول ابن مسعود – رضي الله عنه – " لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم ، فإذا أخذوه عن صغارهم وشرارهم هلكوا " .
وذهب ابن قتيبه – رحمه الله – إلى أن الصغار صغار الأسنان ، فقال عن أثر ابن مسعود : " يُريد : لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ ، ولم يكن علماؤهم الأحداث ؛ لأن الشيخ قد زالت عنه متعة الشباب وحدّته وعجلته واصطحب التجربة والخبرة ، ولا يدخل عليه في علمه الشبهة ، ولا يغلب عليه الهوى ، ولا يميل به الطمع ، ولا يستزلّه الشيطان استزلال الحدث ؛ فمع السن الوقار والجلال والهيبة ، والحدث قد تدخل عليه هذه الأمور التي أمنت على الشيخ فإذا دخلت عليه وأفتى هلك و أهلك " .

وعن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : " قد علمت متى صلاح الناس ومتى فسادهم ، إذا جاء الفقه من قبل الصغير استعصى عليه الكبير ، وإذا جاء الفقه من الكبير تابعه الصغير فاهتديا " .

وعن أبي الأحوص عن عبدالله – رضي الله عنهما – قال : " إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في كباركم ، فإذا كان العلم في صغاركم سفّه الصغير الكبير "
وهذا الحكم ليس على إطلاقه فقد أفتى ودرس جمع من الصحابة والتابعي في صغرهم بحضرة الأكابر ،فإذا وجد الصغير وظهرت رصانته في العلم ، وأُمنت منه الفتنه : فليؤخذ عنه ، فمن أراد العلم من منابعه الأصلية فهاؤم العلماء الكبار الذين شابت لحاهم وذبلت قواهم فليلزموهم قبل أن يفقدوهم .

إننا في زمان اختلّ فيه معيار كثير من العامة في تقييم العلماء ، فجعلوا كل من وعظ موعظة بليغة ، أو ألقى محاضرة هادفة ، أو خطب مرتجلا يوم الجمعة ، عالماً يُرجع إليه في الإفتاء !! ويُؤخذ عنه العلم !

وهذه ظاهرة مزرية ؛ فليحذر طالب العلم من أخذ العلم عن هؤلاء ، وعدم رفعهم إلى منازل العلماء .

ومن المعوقات في الطلب أيضا : عدم التدرج في أخذه :

والتدرج سنة من سنن الله في الكون ، مُخالفتها في باب العلم الشرعي : باب شر كبير ، وضلال مستطير .

ومن المعوقات في طريق العلم الشرعي : الغرور والعُجب والكبر :

معصية الله تعالى عائقة عن نيل العلم الشرعي ؛ لأن العلم نور من الله يقذفه في قلوب من شاء من عباده ، ولا يجتمع في قلب نور وظلمة ، ولذا يقول ابن مسعود – رضي الله عنه - : " إني لأحسب أن الرجل ينسى العلم قد علمه بالذنب يعمله " . ويرحم الله الإمام الشافعي حيث قال :


شكوت إلى وكيع سوء حفظي = فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نـــور = ونور الله لا يُهــدى لــعاصي

فالتكبر والتعاظم والغرور والعُجب من أقبح الصفات التي يتلبس بها طالب العلم ؛ فيزدري هذا ، ويترفع عن هذا ، ويتبختر في مشيته ، ويتشدّق في حديثه ... إلى غير ذلك من صفات العُجب التي نهى الله تعالى عنها : (( ولا تمش في الأرض مرحا ً ..إن الله لا يحب كل مختال فخور )).

قال في( تهذيب الإحياء) : " من أعظم الآفات وأغلب الأدواء : الكبر بالعلم ، وأبعدها عن قبول العلاج ؛ ذلك لأن قدر العلم عظيم عند الله ، عظيم عند الناس ، وهو أعظم من قدر المال والجمال وغيرهما " .

فيجب على طالب العلم أن يعلم أن حجة الله على أهل العلم آكد ، وأنه يحتمل من الجاهل ما لا يحتمل عُشرُه من العالم ، فإن من عصى الله عن معرفة وعلم فجنايته أفحش ؛ إذ لم يقض نعمة الله عليه في العلم .

ومن المعوقات في طريق العلم الشرعي : استعجــــال الثمر :

بعض الناس يظن أن العلم لقمة سائغة ، أو جرعة عذبة ، سرعان ما تظهر نتائجها ، وتتبين فوائدها ، فيأمل في قرارة نفسه أنه بعد مضي سنة - أو أكثر أو أقل - سيصبح عالما نحريرا لا يُشق غباره ولا يُدرك شأوه !

وهذه نظرة خاطئة وتصور فاسد وأمل كاسد ، أضراره وخيمة ، ومفاسده عظيمة ؛ إذ يُفضي بما لا تحمد عقباه من القول على الله بغير علم ، والثقة العمياء بالنفس ، وحب العلو والتصدر ، وغالبا ما ينتهي مطافه إلى هجر الانتساب للعلم وأهله ، لأن العلم بعيد المرام لا يُصاد بالسهام ولا يرى في المنام ولا يدركه إلا من اعتضد الدفاتر وحمل المحابر وقطع القفار وواصل في الطلب الليل والنهار .

ومن العوائق في طلب العلم الشرعي : دنـــوُّ الهمّـــــة :

من الطلاب من هو قليل البضاعة يكتفي بقليل من الأحاديث ولا يتعداها ، وبضع آيات من القرآن لا يبرحها ، بضاعته في العلم قليلة ، قد قعدت به همّتُه فمحقت مواهبه ، وأزالت بهاء نبوغه ، يقنع بيسير من المعلومات ويأنف من القراءة والمطالعة ، ويتشاغل عن الطلب والتحصيل ،

قال الفراء – رحمه الله -: " لا أرحم أحدا كرحمتي لرجلين : رجل طلب العلم ولا فهم له ، ورجل يفهم ولا يطلب ! وإني لأعجب ممن في وسعه أن يطلب العلم ولا يتعلم "
فينبغي للعاقل ألا يبغي بالعلم بدلا ، ومن أنس في نفسه النبوغ والذكاء لا يتشاغل بسواه أبدا ، وإلا فما أشد خسارته ! وما أعظم مصيبته !

على طالب العلم أن يتحلى بالصبر والجد والمثابرة ، وبهذا السبيل يستطيع التحصيل ، فمن طلب شيئا وجدّ وجد ، ومن قرع الباب ولجّ ولج ، وبقدر ما تتعنّى تنال ما تتمنى .


وبقدر الكد تكتسب المعـالي = ومن طلب العلا سهر الليالي
تروم العـز ثـم تنام ليـلا = يغوص البحر من طلب اللآلي

وقد قيل للشعبي : من أين لك هذا العلم كله ؟ قال : " بنفي الاعتماد ، والسير في البلاد ، وصبر كصبر الجماد ، وبكور كبكور الغراب " .

والمثابرة على طول طريق التعلم عنوان الهمة .

ومن عوائق طلب العلم الشرعي : التسويف والتمني :

قيل لبعض الحكماء : من أسوأ الناس حالا ؟ قال : " من بَعُدت همته ، واتسعت أمنيته ، وقصرت آلته ، وقلت مقدرته ، فليدع الأماني الكاذبة ، والخيالات الكاسدة وأحلام اليقظة التي تضيّع الوقت وتطيش في الميزان " . انتهى


تم نقله : مجلة الأصالة .............العدد/ 24....السنة الرابعة....صفحة55-61

مسلمة لله
26-08-06, 10:55 PM
بارك الله فيك أخية
كلمات حقا رائعة
أسأل الله أن ينفعنا بها
وألا يحرمنا من هذا الفضل العظيم

~إشراقـــة قلب~
27-08-06, 07:17 AM
عدت والشوق يسبقني..


كلمات فعلا" تستحق التأمل..

لاحرمتم اجرها

أمةالله
27-08-06, 06:16 PM
مسلمة لله

~إشراقة قلب~

جزاكن الله خيراً على المرور

ملحوظة: أرجو من الأخوات اللاتي يجدن صعوبات في سبيل طلبهن للعلم أن يشاركننا بذكر بعض هذه الصعوبات لعلنا يفيد بعضنا البعض بخبراتنا في هذا المجال.

أبرار
16-11-06, 12:42 PM
مشكووووووورة أختي على هذه المعلومات القيمة

الغريبة الراحلة
17-11-06, 05:42 AM
نعم أختي الفاضلة..

هناك صعوبات أخرى ولكن الأصعب هو نفس طالب العلم.. وصدقه في طلبه

أما أختك مزنه فتواجهها صعوبات عدة أهمها عدم توفر دروس لطلبة العلم بالمنطقة ..

و لا يوجد من يهتم ولا يفكر..نظرا للبيئة البدوية .. و الطموح المحدود..

وإن كان النت يساعدني لكن لا يتوفر بشكل دائم..وكذلك ظروف أخرى

كالتعب و كثرة المشاغل بأهلي و والداي..

رغم النت عندي الآن إلا أن نظام الإختبارات لا يناسبني و أحب أقرأ أكثر من الحفظ

لأن عندي حفظ القرآن و التفسير أهم وهو شاغلي الآن..لأني أجد صعوبة بالحفظ و يسبب لي

بعض المشاكل.. كالإعياء أحيانا..لذلك أقتصرت الطريق بالقراءة ..

وأسأل الله تعالى أن ييسر لي ويفتح لي ..ولكم

وجزاك الله خير..

ام جهاد
06-03-07, 12:03 AM
جزاكن ا لله خيراطلب من الله يساعدني على طلب العلمورد22

أمةالله
06-03-07, 12:23 AM
أختي الكريمة/ أم جهاد

نبدأ خلال أيام قليلة إن شاء الله تعالى حفظ متن الأربعين النووية إستعداداً للدورة العلمية الرابعة.

تابعينا وشاركي معنا.

ويمكن تصفح قسم حلية طالبة العلم ففيه الكثير من المواضيع التي قد تفيدك في مراحل البداية، ونحن إن شاء الله موجودات لمساعدتك إن احتجت لشيء.

ام جهاد
06-03-07, 12:54 AM
جزاكي ا لله خير يااخيتي الكريمة المساعدة انا لاعرف عن الانترنت الا التصفح فقط احب القراءةاجو مسعدتي اللهم زدني علما نافعا

خلود أم يوسف
20-05-11, 02:26 AM
أحسن الله إليكم وجزاكم خيرا