المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ~ مِن شَرح [ القواعِـدِ الأربَع ] للشيخ : عُمَر العِيد ~


رقية مبارك بوداني
21-03-14, 03:43 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif



~ مِن شَرح [ القواعِـدِ الأربَع ] للشيخ : عُمَر العِيد ~

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy47.png


إنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمدَه، ونستعينُ بِهِ، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ تعالى مِن شرور
أنفُسنا وسيئاتِ أعمالِنا. مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادِيَ له.
وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عَبدُه ورَسُولُه.

وبعــد..

أيًّامًا عِشناها هُنا (http://www.almeske.net/vb/t32193.html) و هُنا (http://www.almeske.net/vb/t33094.html) بين العِلم والعَقيدة.

وهُنا سنعيشُ- بإذن الله- مع شيءٍ من:

~ شرح ( القواعِـد الأربَـع ) للشيخ : عُمر بن سعود العِيد ~

.. والشَّرحُ من تفريغي ..

بإمكانِكُنَّ قِـراة المَتن وتحميله مِن [ هُنا (http://www.saaid.net/Anshatah/dorah/9.pdf) ] .


http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy64.png

فأسألُ اللهَ- تعالى- أن ينفعني وإيَّاكُنَّ بما سيأتي مِن كَلِماتٍ هنا،
وأن يَرزُقنا العِلمَ النَّافِعَ والعَملَ الصَّالِحَ ويُوفِّقنا لِمَا يُحِبُّ ويَرضى.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy64.png



http://www.muslmh.com/vb/images/ehdaa_smilies/eh_s%2817%29.gif وحيَّاكُنَّ اللهُ مُتابعاتٍ ومُستفيداتٍ ()
مما راق لي نقله ..

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 03:45 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


مُؤلِّفُ مَتن (القواعِد الأربع) هو الإمام مُحمد بن عبد الوهَّاب.
وُلِدَ هذا العالِم (محمد بن عبد الوَهَّاب) في بلدة العُيَيْنَة،
سنة ألفٍ ومائة وخمسة عشر، في بيتِ عِلمٍ وشَرَفٍ ودِين.
حَفِظَ القُرآنَ قبل بُلوغِهِ عَشر سنواتٍ رَحِمَه الله، ودَرَسَ الفِقهَ،
وقرأ في كُتُبِ الحديثِ والتَّفسير، وجَدَّ في طلبِ العِلمِ ليلاً ونَهارًا،
وكان مِن دُعاة الإصلاح.
ومُنذُ نُعومةِ أظفاره كان يُفكِّرُ في إصلاح أُمَّتِهِ ومُجتمعِهِ.
ولهذا عَلِمَ أنَّ الإصلاحَ لا يكونُ إلَّا بعِلم؛ فأَسَّسَ نَفْسَهُ عِلميًّا،
بل ورحل في طلبِ العِلمِ إلى نَجْد (نواحي نَجْد التي عاش فيها)،
ثُمَّ انطلق إلى مكة، ثُمَّ سار إلى المدينةِ وقرأ على عُلمائِها،
ثُمَّ انطلق إلى العِراق ودِمشق وغيرها، وإلى الشامِ يستفيدُ عِلمًا،
ويقرأ كُتُبًا، ويُؤسِّسُ نَفْسَه.

ثُمَّ بعدها رَجَعَ مُنطلِقًا بعد أن حَصَّلَ العِلمَ؛ لِيُصلِحَ أُمَّتَه.
وواجه ما واجه مِن الوقوفِ في وَجهه مِن أقربِ الناسِ إليه مِمَّن يُحيطُ به،
سَواءً مِن أُسرتِهِ أو مِن المُجتمع الذي هو فيه، ولكنْ يَسَّرَ اللهُ له ما لم يُيَسِّر لغيره،
فانطلق بعد أن اتَّفَقَ مع الإمام محمد بن سعود رَحِمَه الله،
فاتَّحَدا جميعًا على قضية الإصلاح، فذاكَ بسِلاحِهِ وسِنانِهِ،
والشيخُ- رَحِمَه اللهُ- بعِلمِهِ وبَيانِهِ، فخرجت لنا هذه الدعوةُ المُباركة؛
وهِيَ دعوةُ الشيخ محمد بن عبد الوَهَّاب رَحِمَه الله.

لا نرتضي أن نُسَمِّيها "الدَّعوة الوَهَّابية"، وكان الأَوْلَى أن تُسَمَّى "الدَّعوة المُحَمَّدِيَّة"،
فعبد الوَهَّاب لم يكن هو الدَّاعِيَة لهذه العقيدة، ولا هو الذي جاهَدَ ونافَحَ عنها.
وهذا مِن جَهل مَن يَنسِبُ الدعوةَ إلى غيره، وهذا لا شَكَّ بأنَّه مُصطلَحٌ غيرُ صحيح،
وليس عليه دليل، لا مِن عقلٍ ولا مِن أصلٍ عِلميٍّ حتى يُقالَ إنَّ الشيخَ
محمد بن عبد الوَهَّاب- رَحِمَه الله- هو الذي أَسَّسَ هذه الدعوةَ الوَهَّابيَّة.

وَوُصِمَت هذه الدَّعوة بشُبُهاتٍ، وأُلْحِقَ بها أمورٌ لسنا بِصَدَدِ الدِّفاعِ والكلامِ عنها،
حتى أصبحَ كُلُّ مَن يُنكِرُ التَّوَسُّلَ والطَّوافَ بالقُبُورِ ودُعاءَ الأمواتِ والذَّبْحَ لهم وغيرَه،
مُجرَّد أن يَنطِقَ الإنسانُ بتوجيهٍ يُقالُ عنه: "أنتَ وَهَّابِيٌّ" مُباشرةً،

بل أَعْجَبُ مِن ذلك حين يُتَرجَمُ.
تقولُ إحدى الطوائِف حين ترجمَت لشيخ الإسلام ابن تيمية:
"ويُعتَبَرُ ابنُ تيمية أحدَ الدُّعاةِ الكِبار للوَهَّابية".

والعَجَبُ: أين ابنُ تيمية- رَحِمَه الله- مِن الشيخ محمد بن عبد الوَهَّاب؟!
هذا يَدُلُّ على أنَّ التَّعَصُّبَ يُعمِي.

ولو سألتَهم: ماذا تَقصِدون بالوَهَّابية؟ وما المُرادُ بهذا المُصطلح؟
لا يعرفون إلَّا أنَّه وَصْفُ ذَمٍّ يُطلَقُ على كُلِّ مَن دَعَا إلى العقيدةِ الصحيحةِ
المُوافِقَةِ لِكِتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

وُفِّقَ شيخُ الإسلامِ محمد بن عبد الوَهَّابِ- رَحِمَه الله- لِمُؤلَّفاتٍ جميلةٍ عجيبة،
وليست غريبةً على الشيخ محمد بن عبد الوَهَّاب، فقد سار على مَنهجِ السَّلَف.
وما أحوَجَنا إلى القراءةِ في كُتُبِ السَّلَفِ المُتقدِّمةِ في مسائل الاعتقاد!

وحين تتأمَّلُ في الكُتُبِ المُتقدِّمةِ ترى أنَّها لا تَعدو عن آيةٍ وحديثٍ وعن فائدةٍ
واستنباط، ليست مُشقشقةً ولا مُلِئَت بعِلم الكلام وتعقيداتِهِ، وإنَّما تَجِدُ دليلاً
مِن كِتابٍ وسُنَّةٍ، ثُمَّ استنباط.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

ومِن الَّلطائِفِ: أنَّ بعضَ العُلَماءِ كانوا في حلقاتِهم ودروسِهم رُبَّما دَعَوا
على الشيخ محمد بن عبد الوَهَّابِ، ورُبَّما نَفَّروا الناسَ منه.

وكان بعضُ الحُكماءِ والعُقلاءِ يقول: ذهبتُ إلى بعضٍ مِن هؤلاءِ العُلَماءِ
بكِتابِ التَّوحيدِ، جَرَّدتُه مِن غِلافِهِ، فطلبتُ منه أن يقرأ في الكِتابِ وأن يُقَيِّمَه ،
وبعد يومين أو ثلاثةٍ إذا هو يُثني على الكِتابِ وعلى مُؤلِّفِهِ، فيقولُ:
ليس فيه شئٌ إلَّا دليلٌ مِن كِتابٍ وسُنَّة. قال: فأعطيتُه الغِلافَ، فلَمَّا قرأ عَجِبَ،
وأصبحَ بدلاً مِن أن يَدعُوَا على الشيخ- رَحِمَه الله- يدعوا له في بدايةِ
كُلِّ درسٍ وفي نهايتِهِ.

وهذا يُعطينا- أيُّها الأحبةُ- أنَّ التَّعَصُّبَ يُعمِي عن الحَقِّ،
ورُبَّما التقليدُ لأئمةِ الضلالِ دُونَ المعرفة والبَيِّنة، هذا سَبَبٌ
للصَّدِّ عن الكِتابِ والسُّنَّة، وعَمَّا كان عليه سَلَفُ الأُمَّةِ.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

كُتُبُ الشيخ محمد بن عبد الوَهَّابِ- رَحِمَه الله- تَتَمَيَّزُ بأنَّها تُوحِي عن واقعٍ
يَعيشُه، وكأنَّها مُعالَجةٌ لِمَا وُجِدَ في عصره مِن الانحرافات، ولا يعني أنَّها
لا تُناسِبُ عُصورًا جاءت بعد، وإنَّما هِيَ أُسُسٌ اعتقاديةٌ لا بُدَّ أن يتعرَّفَ
عليها المسلمُ، وأن يتعلَّمَها؛ لِتُصبِحَ عقيدتُهُ صحيحةً مُوافِقةً لِكتابِ اللهِ
ولِسُنَّةِ رسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

مِن أعظمِ كُتُبِه: (كِتابُ التَّوحيد)؛ ذلك الكِتابُ العظيمُ الذي سار على طريقةِ
السَّلَفِ في التأسيس، مُجَرَّد أن يَذكرَ البابَ مُستنبِطًا، كطريقةِ الإمام البُخاريِّ-
رَحِمَه الله- حين يَستنبِط مسائلَ الفِقه والأحكام، فيُصَدِّرَها في بِدايةِ أحاديثِ النبيِّ-
صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- بالأبواب، ثُمَّ كان الشيخُ- رَحِمَه الله- يَسرِدُ بعد ذلك آيةً
أو حديثًا، ثُمَّ يَذكُرُ المسائلَ، وهذه المسائلُ هِيَ لُبُّ الكِتاب، وهِيَ الاستنباطاتُ
مِن الآياتِ والأحاديثِ التي ذكرها المُؤلِّفُ.

كثيرٌ من الناس- أيُّها الأحِبَّةُ- يقرأون (كتابَ التَّوحيد)، ويَنسون أن يقرأوا
المسائلَ التي بعدها، ويحفظون (كتاب التَّوحيد) ولا يُريدون أن يَحفظوا
تلك المسائل، نعتبِرُ ذلك جَهلاً منهم، فالأَوْلَى أن تُقرأ هذه المسائلُ وتُربَطَ
بالآيةِ والحديث؛ حتى يَعلمَ الإنسانُ كيف استنبطَ الشيخُ- رَحِمَه اللهُ
تعالى- هذه الفوائِدَ والدُّرَر مِمَّا ذَكَرَه من النصوص الشرعية.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

وله كُتُبٌ مُتعدِّدة، مِنها: "كَشْفُ الشُّبُهات"، و "مُختصَر الكبائِر"،
و "ثلاثة الأصول"، و "مُختصَر زاد المَعاد"، و "مُختصَر سِيرة النبيِّ
صلَّى الله عليه وسلَّم"، وغيرها من كُتب، وله فتاوى.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

تُوفِّيَ- رَحِمَه الله- بعد أن قام بجِهادٍ عَجيبٍ، وبذلٍ وتضحيةٍ،
وتعرَّضَ للقَتل مِرارًا رَحِمَه الله. تُوفِّيَ عام ألفٍ ومائتين وسِتَّةٍ مِن الهِجرة،
رَحِمَه الله رحمةً واسعة، وغَفَر اللهُ له، وجَمعنا وإيَّاكم وإيَّاه في جَنَّاتِ عَدْنٍ.

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 03:47 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


أيُّ عَملٍ لا ينطلِقُ مِن عقيدةٍ يُصبِحُ عَملاً خَواءً، أو عَملاً بلا رُوح،
ولا يَستفيدُ الإنسانُ منه الفائدةَ الكُبرى. لكنْ إذا انطلق الإنسانُ بعقيدته،
نفعه اللهُ بها نَفعًا عَظيمًا. ولِهذا نحتاجُ أن نُبيِّنَ أنَّ هذه العقيدة لها منزلةٌ عظيمةٌ
بالنسبةِ للفنون الأخرى والعلوم الأخرى. ولِهذا يقولُ العُلماءُ رَحِمَهم اللهُ تعالى:
‹‹ إنَّ عِلمَ الاعتقاد وتعلُّمَه أعظمُ وأفضلُ مِن تعلُّم الفنون الأخرى ›› .
والسَّببُ: قالوا: ‹‹ شَرَفُ العِلم بشَرَفِ المَعلوم ›› .

كُتُب الاعتقادِ تُعرِّفُنا بربِّنا الذي خَلَقَنا ورَزَقَنا ويُحيينا.
ولن يَعبُدَ الإنسانُ رَبَّه عن طريق الهَوَى، ولا عن طريق الذَّوْق،
كما تعملُه بَعضُ طوائِف الصُّوفيَّة، ولا بالاستنباطاتِ،
وإنَّما نأخُذُها مِن كِتابٍ وسُنَّةٍ. ولن يَستطيعَ الإنسانُ أن يَعبُدَ رَبَّه
بدونِ أن يكونَ له مَرْجِعٌ ومُستنَدٌ مِنَ الشَّرع مِن كِتاب الله وسُنَّةِ
رَسُوله صلَّى الله عليه وسلَّم.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

ثُمَّ يقولُ العُلماءُ رَحِمَهم اللهُ تعالى: ‹‹ كُلُّ فَنٍّ يَشرُفُ بما يتعلَّقُ به ›› .
الحَديثُ يُعرِّفُنا بما جاء عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، التَّفسيرُ يُعرِّفُنا بالقُرآن،
العقيدةُ تُعرِّفُنا بالرَّبِّ سُبحانه وتعالى. فشَرَفُ العِلمِ بشَرَفِ المَعلوم. ولِهذا،
اللهُ- سُبحانه وتعالى- قَدْرُهُ في نُفُوسنا أعظمُ وأجلُّ مِن كُلِّ شيءٍ في هذا الكون.

ولِهذا- أيُّها الأحِبَّة- والِدُكَ منزلتُه يَجِبُ أن تكونَ أعظمَ مِن عَمِّكَ،
مِن خالِكَ، وعَمُّكَ يَجِبُ أن تكونَ منزلتُه أعلى في نَفْسِكَ مِن ابن عَمِّكَ؛
لأنَّه كُلَّما كان الشيءُ أقربَ، كان أعظمَ وأعلى وأجلَّ.

ثُمَّ إذا تأمَّلتَ مسائلَ الاعتقادِ تأمُّلاً سريعًا تَعجَب. العَقيدةُ هِيَ التي يَدخُلُ
بها الإنسانُ في الإسلام. العَقيدةُ هِيَ أولُ ما يَجِبُ عليكَ أيُّها الحبيب.
فأولُ ما يَجِبُ علينا: شهادةُ أن لا إلهَ إلَّا الله وأنَّ مُحمَّدًا رَسُولُ الله.
ليس الواجِبُ علينا أن نقرأ القُرآنَ، أو أن نُصلِّيَ، أو نتعلَّمَ التَّفسيرَ
أو التَّخريج أو حِفظَ المُتون والحَديث، وإنَّما أولُ ما يَجِبُ علينا
"التَّوحِيد".

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

ومِن اللطائِف- أيُّها الأحِبَّة- أنَّ عِلمَ الاعتقادِ لا يستغني عنه الإنسانُ
طَرفةَ عَيْن. المَسائِلُ الأُخرى؛ الصلاة، الصيام، صلَّيْنا الفَجرَ، ليس أحدٌ
يُطالِبُنا بالصلاة، انتهَى. ننتظِرُ الظُّهرَ بالنسبةِ للوجوب، لكنَّ العقيدةَ،
ما أقولُ: مِن الفجر عِندي عقيدة وفي الضُّحَى لا أحتاجُ إلى عقيدةٍ
أصلاً، بل هِيَ تستمِرُّ معكَ، فما تنقطِع عنكَ طَرفةَ عَيْن، ولِهذا جاءت
في قول اللهِ تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (*) لَا شَرِيكَ لَهُ ﴾ الأنعام/162-163. حياتُكَ كُلُّها يَجِبُ أن
تكونَ للهِ تعالى، في مَطعَمِكَ، ومَشربكَ، ومَلبسكَ، وفي مَسكنكَ، بل في
نومِكَ واستيقاظِكَ. ولِهذا قال أحدُ السَّلَفِ: ‹‹ إنِّي لأَحتسِبُ نَوْمَتي كما
أحتسِبُ قَوْمَتي في مِيزاني يَوم القِيامة ››.

ومِن هذا نقولُ: مَن يَستغني عن التَّوحيد ؟! بل قال العُلماءُ: ‹‹ إنَّ
العقيدة هِيَ أولُ الأمرِ وآخِرُه ›› ، (( أُمِرتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا:
لا إله إلَّا الله )) رواه مُسلِم.

فأولُ ما يُبدَأ بلا إله إلَّا الله، وآخِرُهُ: (( مَن كان آخِرُ كلامِه لا إله إلا اللهُ،
دخل الجنَّةَ )) صحيح الجامع. ولِهذا سمَّاها اللهُ رُوحًا، ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ﴾ الشورى/52.
هذا الإيمانُ هو الرُّوح، ﴿ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ ﴾
الشورى/52. سُمِّيَت العقيدةُ نُورًا؛ فإنَّ الإنسانَ إذا آمَن أصبح يُبصِرُ بنُور
اللهِ تعالى، ويرزُقه اللهُ بصيرةً يُميِّزُ فيها بين الحَقِّ والباطِل، ويُميِّزُ بين
الشِّركِ والتَّوحيد، ويُميِّزُ كذلك بين الكُفر والإلحادِ والإيمان، يُصبِحُ عند
الإنسان بَصيرة، والنُّورُ هذا نحتاجُه أن يُوجَدَ في قلوبنا، في زَمَنٍ وُجِدَ
عند الناس عَمَىً، فأصبحوا لا يُميِّزونَ بين حَقٍّ وباطِلٍ، وانحرافٍ وضلال،
ما ندري ما نهايتُه. وتُصبِحُ العقيدةُ من المسائل العُظمَى التي يَحتاجُها
الإنسانُ طِيلةَ حياتِهِ، ولن يَستغنيَ الإنسانُ عن العقيدةِ أبدًا.

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 03:48 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif
تعريفُ العقيدة في اللغة:
يقولُ العُلماءُ: إنَّ العقيدةَ مأخوذةٌ مِن الشَّدِّ والجَزْمِ والرَّبْطِ،
وجاءت في قول اللهِ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ المائدة/1،
﴿ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ﴾ المائدة/89؛ بمعنى أنَّه مُوثَّق.
ولِهذا جاء عَقدُ البيع، وعَقدُ النِّكاح، وعَقدُ التِّجارة.
وتأتي العقودُ تدلُّ على شيءٍ مِن الإلزام،
ليس الأمرُ أن يأتيَ الإنسانُ يتعاقَدُ مع غيره، ثُمَّ يتركه مُباشرةً،
ليس له خِيارٌ في ذلك.
وبالنسبةِ للمعاني الاصطلاحِيَّة، فهِيَ مُتعدِّدة.
ولِهذا يقولُ العُلماءُ: مِنها حُكمُ الذِّهنِ الجازِم،
إذا طابَقَ الواقِعَ كان صحيحًا، وإذا خالَفَ الواقِعَ كان فاسِدًا.
ومسائِلُ الاعتقادِ ما هِيَ مسائل تردُّدٍ.
وبَعضُ العُلماءِ يُعرِّفُها، فيقولُ: أمورٌ وقضايا لا تقبَلُ الجِدالَ ولا المُناقشة.
العقيدةُ: ما يَدِينُ الإنسانُ به رَبَّه مِمَّا يتعلَّقُ بأصول الإيمان السِّتَّة وما يُلحَقُ بها.
http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy64.png

* مَزايا العَقيدة الإسلامِيَّة:
1- الوضُوح:
نحنُ نقولُ: سَل عن كُلِّ شيء، وإذا لم يُفسِّر لكَ الشيخُ شيئًا، فلا تقبَل منه شيئًا.
ودليلُ هذه المزيَّة: قولُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (( تركتكم على البيضاء،
ليلُها كنهارها، لا يزيغ عنها بَعدي إلَّا هالِك )) صحيح الجامع،
وحين قال النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- في آخِر حياته في حَجَّة الوداع:
(( وأنتم تُسألون عَنِّي، فما أنتم قائِلون؟ )) قالوا: نشهَدُ أنَّكَ قد بلَّغتَ
وأدَّيْتَ ونَصحتَ. رواه مُسلِم، بل ثبت عن النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم-
بسندٍ صحيحٍ أنَّه قال: (( إِنَّهُ لم يكنْ نبيٌّ قبلي، إلَّا كان حقًّا عليْهِ أنْ يَدُلَّ أمتَهُ
على ما يعلَمُهُ خيرًا لهم، ويُنْذِرَهُمْ ما يعلَمُهُ شرًا لهم )) صحيح الجامع.
ومحمدٌ- صلَّى الله عليه وسلَّم- هو أفضلُ الأنبياءِ والرُّسُل،
فما وُجِدَ شيءٌ تركه النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- مِن مسائل الاعتقاد
إلَّا وقد بيَّنه.
http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

2- العَقيدةُ الإسلامِيَّةُ عَقيدةٌ فِطريَّة:
وسُبحان الله! مسائِلُ العقيدةِ تُناسِبُ فِطَر الناس.
إذا كانت الفِطرة ليس فيها شُبُهات، وليست مُختلطة بالشَّهَوَاتِ،
وليس فيها شُكوك، فإنَّها تقبلُ العقيدةَ مُباشرةً. والدليلُ على ذلك قولُه تعالى:
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ
بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ﴾ البقرة/22. هذه كُلُّها تُحرَّك في الفِطرة في نُفوس الناس.
بَعدَها: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ البقرة/22؛ يعني كأنَّه يُقال:
إذا عَرفتَ أنَّ اللهَ خَلَقَكَ ورَزَقَكَ ويُطعِمُكَ ويَسقيكَ، فلماذا تعبُد غيرَه؟!
مَن المُخاطَب؟ إنَّها الفِطرة. وحِين يقولُ الأعرابيُّ: ‹‹ البَعرةُ تدُلُّ على البَعير،
والأثرُ- يعني مواطئ الأقدام- تدُلُّ على المَسير ›› ، فيقولُ: ‹‹ سماءٌ ذاتُ أبراج،
وأرضٌ ذاتُ فِجاج، أفلا تدُلُّ على اللطيف الخبير؟! ›› ، نقولُ: بلَى. هذه هِيَ الفِطرة.
ولهذا النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- ما كان يَعقِدُ مع المُشركين مُناظراتٍ
ومُناقشاتٍ وجلساتٍ طويلةً ليُقنِعَهم، بل تأتي الأسئلة: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ لقمان/25، ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ الزخرف/87، ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ
الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴾ الواقعة/68-69، ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ
أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ﴾ الواقعة/71-72، ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ
تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴾ الواقعة/58-59. ولهذا قال النبيُّ- صلَّى الله عليه
وسلَّم- في الحديث الصحيح: (( كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه،
أو يُنَصِّرانِه، أو يُمَجِّسانِه )) رواه البُخاريّ ومُسلِم واللفظ للبُخاريّ. لم يَقُل النبيُّ
صلَّى الله عليه وسلَّم: (أو يُسلِمانه) ؛ لأنَّ الأصلَ أنَّه على الإسلام.
ومِن هُنا انبنى على هذه المسألة: أطفال المُشركين إذا ماتوا صِغارًا،
أين يكونُ مصيرُهم؟ أإلى الجنَّةِ أم إلى النار؟ أصَحُّ الأقوالِ أنَّهم من أهل الجنَّة،
وهذا رَجَّحه شيخُنا العلَّامة ابن باز رَحِمَه الله، على أطفال المُشركين إذا ماتوا
فهم إلى الجنَّة. ويستدلُّ لذلك بما ثبت في الصحيح، أنَّ النبيَّ- صلَّى الله عليه
وسلَّم- رأى إبراهيم ليلة الإسراء والمِعراج، وحولَه أطفالُ المُسلمين والمُشركين.
ويقولُ العُلماءُ: السَّببُ أنَّهم وُلِدُوا على الفِطرةِ، وإذا بلَغوا تميَّز؛ ذَهَبَ هذا يَهوديًّا،
وذاك نصرانيًّا، وذاك بُوذِيًّا، وذاك هُندوسِيًّا، إلى غيره. فعند ذلك يُحكَمُ عليهم
إنْ ماتوا على ما هم عليه إمَّا بجنَّةٍ أو نارٍ إذا كانت بلَغَتهم دعوةُ الإسلام.
http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

3- العَقيدةُ الإسلامِيَّةُ عَقيدةٌ ثابتةٌ على مَرِّ العُصورِ والدُّهور:
أصولُ الإيمانِ السِّتَّة عندنا جاءت في حديث عُمر- رَضِيَ الله عنه- الذي رواه
حِين جاء جِبريل عليه الصَّلاةُ والسَّلام.
(أخبِرني عن الإيمان)، فإذا به يُجيبُ بالأصول السِّتَّة. نحنُ في زمننا أصولُنا سِتَّة،
لا نحتاجُ زيادةً ولا نُقصانًا، ولسنا كالعقائِد الأخرى- كالنصرانيَّة- كُلَّما مَرَّ قرنان
أو ثلاثة، اجتمع المَجْمَعُ الكنائسيُّ في العالَم لتطوير العقيدة لتُناسِبَ العَصرَ
الذي هم فيه. نحنُ ما عندنا شيءٌ نأتي به من عندنا، ما لم يكُن على ما كان
عليه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. ودليلُ ذلك قولُ النبيِّ صلَّى الله عليه
وسلَّم: (( مَن عَمِلَ عَملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ )) الحَديثُ المُتواتِرُ الصَّحيح،
(( مَن أحدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ )). ولهذا قال النبيُّ صلَّى الله
عليه وسلَّم: (( قدْ تركتُكم على البيضاءِ، ليلُها كنهارِها ، لا يزيغُ عنها بَعدي إلَّا
هالِكٌ )) صحيح الجامع.
ومِن هُنا نَصِلُ ونقولُ: ليس لعالِمٍ من العُلماء، ولا لحَاكِمٍ من الحُكَّام،
ولا لمَجْمَعٍ من المَجامِع الدِّينيَّةِ، أن يَزيدَ في مسائل الاعتقاد، أو يُنقِصَ منها،
ولو قاله مَن قاله فلا نقبل. وقال الإمامُ مالك: ‹‹ كُلٌّ يُؤخَذُ من قولِهِ ويُرَدُّ إلَّا
صاحب هذا القبر ›› صلَّى الله عليه وسلَّم. وكان أئمةُ الإسلام يُحذِّرون من
الزيادةِ في مسائل الاعتقاد. ونُربَطُ دائمًا بما كان عليه سَلَفُ الأُمَّة.
http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

4- عَقيدةُ الإسلام عَقيدةٌ مُبَرْهَنَةٌ:
بمعنى أنَّها تُتبِعُ قضاياها وجُزئيَّاتِها بنُصوصِ الكِتاب والسُّنَّة، وهذا مِن نِعمةِ الله تعالى.
نستطيعُ أن نصِلَ إلى نتيجةٍ- أيُّها الأحِبَّة- فنقولُ: أيُّ مسألةٍ اعتقاديَّةٍ لا تَجِدُ لها
مُستندًا من كتابٍ ولا سُنَّةٍ، فلا تأخُذ بها. ويُعطينا أنَّنا على قُوَّةٍ ومتانةٍ،
ما نأتي به مِن هَوَى، ولا نقولُ: هذا ما قاله الشيخُ، ولا هذه عقيدةُ الشيخ،
بدُون أن يأتيَ ببيِّنةٍ وبُرهان. وجاءت في قول الله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا
مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ﴾ البقرة/111، أعطونا دليلاً.
الجنَّةُ والنَّارُ مربوطةٌ بمسائل العقيدة، لن يدخُل أحدٌ الجنَّةَ أو النَّارَ دُونَ أن يكونَ له
عقيدةٌ، إمَّا اتِّباعًا أو تَركًا.
ومُجمَلُ هذه المَزيَّة: العَقيدةُ الإسلاميَّةُ توقيفيَّةٌ.
ويُقصَدُ بالتَّوقيفيَّةِ: أنَّ مَدارها على الكِتاب والسُّنَّة.
ما الفائدةُ من هذه المَزيَّة؟ أنَّه لا نقبَلُ اجتهاداتِ العُلماءِ في مسائل الاعتقاد.
http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

5- مسائِلُ العَقيدةِ لا تدخُلها العقول:
لأنَّ العقلَ إطارُه مَحدودٌ وضعيف، ولا يُمكنُ أن يَصِلَ إليه أصلاً.
http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

6- العَقيدةُ الإسلامِيَّةُ عَقيدةٌ وَسَط:
وَسَطٌ بين العقائِدِ المُنحرفة، وَوَسَطٌ بين المِلَل والنِّحَل والإديان،
وهذا نِعمةٌ مِن اللهِ تعالى.

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 03:56 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


يقولُ العُلماءُ: القاعِدةُ: هِيَ ما يُبنَى عليها غيرُها.

ويقولون في معناها الاصطلاحِيِّ: الأصلُ الذي يتفرَّعُ منه مسائل كثيرة.

هذه القواعِدُ التي يُريدُ أن يذكُرها المُؤلِّفُ، ليست قواعِدَ الاعتقادِ كُلِّيَّةً،
وإنَّما هِيَ قواعِدُ أربع فقط، وإلَّا فإنَّ قواعِدَ الاعتقادِ كثيرة.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

بدأ المُؤلِّفُ- رَحِمَه اللهُ- هذه القواعِد بهذا الدُّعاءِ العَظيم. وما أحوجَنا إلى أن ندعُوَا
اللهَ تعالى أن يتولَّانا في الدُّنيا والآخِرة! وجاءَت بسُؤال الله، ثُمَّ وُصِفَ الرَّبُّ- سُبحانه
وتعالى- بهذه الصِّفاتِ العَظيمة؛ [ أسألُ اللهَ الكَريمَ رَبَّ العَرشِ العَظيم ].

الإنسانُ في حاجةٍ إلى أن يكونَ اللهُ وَلِيَّه، ولن يكونَ ذلك إلَّا إذا بَحثتَ أنتَ
عَمَّا يُحِبُّه اللهُ تعالى، واستقمتَ على دِينه، وسِرتَ على صِراطه المُستقيم.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

• نتيجةُ هذه الوِلاية:
- أنَّ الإنسانَ لا يُصابُ بما يَكرهُه أبدًا، ولا يَحزَن لِمَا أصابَه،
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ﴾ آل عمران/139.

- مَن تولَّاه اللهُ، فإنَّه يَسعَدُ في الدُّنيا والآخِرة، ويُصبِحُ في سعادةٍ لا يَشقَى بَعدها،
كما قال إبراهيمُ بن أدهم: ‹‹ واللهِ إنَّا لَفي سعادةٍ، لو عَلِمَ عنها المُلوكُ وأبناءُ
المُلوكِ، لَجَالَدُونا عليها بالسّيوف ››.

- مَن تولَّاه اللهُ تعالى، فإنَّه يَهدِيه صِراطَه، ويُوفِّقه للعَمل الصَّالِح،
بل ويَجعَل أعمالَه كُلَّها في مَرضاتِهِ.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

• ثَمرةُ الوِلايةِ في الآخِرة:
- أنَّه يُسهِّلُ عليه العَرضَ على اللهِ تعالى.
- يُرحَمُ يَومَ القيامةِ.
- أنَّ اللهَ يَغفِرُ له.
- أنَّ اللهَ يَقيه مِنَ النَّار.
- العُبُورُ على الصِّراطِ كاللحظة.
- دُخُولُ الجنَّةِ.

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 03:58 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


ثُمَّ قال المُؤلِّفُ بَعدها: [ وأن يَجعلَكَ مُباركًا أينما كُنتَ ] .
هذه نعتبِرُها غايةَ المَطلَب؛ أن يكونَ الإنسانُ مُباركًا أينما كان.
أن يكونَ وقتُ الإنسان كُلُّه في طاعةِ الله. تَجِده في بِرٍّ، وصِلةِ أرحامٍ،
وفي إحسانٍ للجِيران وزيارةٍ، وفي دَعوةٍ ونُصحٍ، وفي ذِكرٍ وعِبادةٍ وقيامٍ
وغيره.

ويقولُ العُلماءُ: إنَّ البركةَ أينما كان، تكونُ بَركةً في العُمُر، فيُصبِحُ وقتُ الإنسان
يَعملُ فيه ما لا يَعمل في غيره. وسُبحان الله، تمثَّلَت في شيخ الإسلام ابن تيمية
رَحِمَه الله. قالوا: إنَّ شيخَ الإسلام- رَحِمَه الله- لو قُسِّمَت كُتُبُه على عُمُره،
وُجِدَ أنَّه يَكتُبُ يوميًّا مائة صفحة.

قالوا: ومِن البَركةِ: البَركةُ في رِزْقِ العَبدِ. ليست العِبرةُ بكَثرةِ المال.
كم من إنسانٍ أُعطِيَ من الأموال الطائلةِ، ولكنَّه منزوع البَركة!

قالوا: ومِن المُباركة: أن يُباركَ اللهُ في عِلم الإنسان.

قالوا: ومِن البَركةِ كذلك: أن يُباركَ في عَمل العَبد.

قالوا: ومِن البَركةِ: أن يَجعلَ اللهُ للعَبدِ بَركةً في ذُرِّيَّتِهِ.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

ثُمَّ دَعَا لنا بدُعاءٍ آخَر: [ وأن يَجعلَكَ مِمَّن إذا أُعطِيَ شَكَرَ ] .

يقولُ العُلماءُ: إنَّ الدُّعاءَ مِن العُبُوديَّة، ومِن مَظاهِرها.

أُمِرنا أن لا نَذِلَّ لأحدٍ كائنًا مَن كان، إلَّا للهِ سُبحانه وتعالى،
ولا ندعوا أحدًا، ورِزْقُ اللهِ تعالى بيدِهِ لا بيدِ الخَلْقِ إطلاقًا.
ولهذا يقولُ العُلماءُ: إنَّ السُّؤالَ مَذَلَّةٌ.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

مِن مَظاهِر العُبُوديَّةِ: هذه الثَّلاث التي ذَكَرَها المُؤلِّفُ:
[ إذا أُعطِيَ شَكَرَ، وإذا ابتُلِيَ صَبَرَ، وإذا أذنَبَ استغفَرَ ] .
هذا يَدُلُّ على أنَّ الإنسانَ عَبدٌ للهِ تعالى.

يقولُ العُلماءُ قاعِدةً جَميلةً: ‹‹ كُلَّما أحدَثَ اللهُ لَكَ نِعمةً، فأَحدِث له شُكرًا
وزيادةً في العِبادة ›› .

ضِدَّ الشُّكر أن يَكفُرَ الإنسانُ النِّعمة، وأن يُنكِرَها، وأن يَصرِفَها لِغَير اللهِ تعالى.
ولهذا مَن تنكَّرَ، كانت سببًا لِشَقاوتِهِ في الدُّنيا وفي الآخِرة، واللهُ يقولُ:
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾
إبراهيم/7.
ولهذا يَجِبُ على الإنسان أن يَزيدَ الشُّكرَ للهِ تعالى دائمًا.
ولا يكونُ الشُّكرُ فقط بالِّلسانِ، وإنَّما:
أفادتكمُ النَّعماءُ مِنِّي ثلاثةً .. يَدي ولِساني والضَّميرُ المُحَجَّبَا

يَجِبُ أن يكونَ الشُّكرُ من القلب، فتعترِفَ أنَّها من اللهِ وليست منكَ،
واللهُ يقولُ: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ النحل/53. ويكونُ الشُّكرُ
بلِسانِكَ: (( إن اللهَ ليَرضى عن العبدِ أن يأكلَ الأكلةَ، فيحمدَه عليها ))
رواه مُسلِم. ويكونُ الشُّكرُ بكلامِكَ وجَوارحكَ؛ بالعِبادةِ والطاعةِ،
فيُصبِحُ الإنسانُ على خَيرٍ في الدُّنيا والآخِرة.

شُكرُ النّعمةِ يكونُ عند العَطاءِ، كما قال اللهُ لآل داود: ﴿ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ
شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ سبأ/13، واللهُ يقولُ: ﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا
يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ الزمر/7.
وشُكرُ النّعمةِ- كما قُلنا- يكونُ بالقلبِ: بالإقرارِ والاعترافِ،
وبالِّلسانِ: بالذِّكرِ والحَمْدِ، وبالجَوارحِ: بالعَملِ بطاعةِ اللهِ تعالى.


http://www.almeske.net/vb/images/thank-up.png

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 03:59 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


ثُمَّ يقولُ المُؤلِّفُ رَحِمَه الله: [ وإذا ابتُلِيَ صَبَرَ ].
وكأنَّ حالَ الناسِ إمَّا أن يكونَ الإنسانُ مُنعَّمًا ومُعطَى مالاً ومُعطَى نِعمًا،
وإمَّا أن يكونَ غيرَ مُعطَى (مَحرومًا)، أو أنَّه يَعصي، فلا يَخلو الإنسانُ من أحدها،
كأنَّها أمران: إمَّا مالٌ وخَيرٌ وإمَّا ضِدُّه.

وتُصبِحُ المسألةُ في قضيَّةِ ما يُعطيه اللهُ للعَبدِ قاعِـدة:
"إعطاءُ اللهِ للعَبدِ، ليس دليلاً على حُبِّ اللهِ تعالى للعَبدِ".

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

* ما الذي يُبتلَى به النَّاسُ؟
= يُبتلَى النَّاسُ بالمَصائِبِ؛ حوادِث، أمراض.
ويُبتلَى النَّاسُ بالمَكارِه (يعني: بما يكرهونه).
ومِن الابتلاءِ كذلك: اعتداءُ الكُفَّار والمُنافقين.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

* مَوقِفُنا من هذه المَصائِب:
الصَّبرُ. وليس العِلاجُ في المُواجهةِ مُباشرةً، ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ
كُفُّواأَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ﴾ النساء/77.

ونحتاجُ أن نعلَمَ- أيُّها الأحِبَّةُ- قاعِـدةً: ما يُمكنُ أن يَحدُثَ لأُمَّةِ الإسلامِ
من هذا الواقع أيًّا كان بجميع وسائله، يُشعرنا بأنَّ عندنا خَللاً من الدَّاخِل،
لكنْ مُشكلتنا التزكية.

لِمَ تسلَّطَ الكُفَّارُ على أُمَّةِ الإسلام؟
عندنا الخلل.
هل نحنُ مِمَّن يُفتِّشُ عن الخلل الذي عنده؟
أم نقولُ: يا رَبَّنا، لماذا ندعوكَ واتَّبعناكَ ونُصلِّي لكَ، لماذ يَحدُث لنا هذا؟

ويُبتلَى سيِّدُ الخَلْقِ على الإطلاق، يَسقُطُ في الحُفرة،
وتدخلُ حلقتا المِغفر في وَجْنَتَيْه، ويُشجُّ في جَبينه صلَّى الله عليه وسلَّم،
ويُنزِلُ اللهُ لَمَّا قال الصحابةُ: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا
قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا ﴾ آل عمران/165؛ يعني: كيف يكونُ وفينا رسولُ اللهِ-
صلَّى الله عليه وسلَّم- والعَشرة المُبشَّرونَ بالجنَّةِ، وفينا أهلُ بَدرٍ
الذين قال اللهُ فيهم: ((اعملوا ما شِئتم، فقد غَفرتُ لكم)) مُتفقٌ عليه؟!
فيهم هؤلاء، ﴿ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ آل عمران/165.

هل نحنُ نقولُ: هذا مِن عند أنفُسنا؟!
أم نقولُ: نحنُ قد كَمُلَ الإيمانُ عندنا وليس عندنا خلَلٌ؟!

مَوقِفُنا من هذا البَلاءِ هو الصَّبرُ.
والصَّبرُ- يقولُ العُلماءُ- هو حَبْسُ النَّفْسِ عن التَّسَخُّطِ والقنوطِ،
وحَبْسُ اللسان عن الشكوى، وحَبْسُ الجَوارح عَمَّا يُنافي الصَّبرَ.





http://www.almeske.net/vb/images/thank-up.png (http://www.almeske.net/vb/t38372-2.html#)

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:00 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif

[ اعلَم أرشدكَ اللهُ لِطاعتِهِ ]
والرَّشادُ ضِدّ الغَيّ، ويُقالُ: فُلانٌ راشِد، وفُلانٌ غاوٍ.
ولا شَكَّ أنَّ الرَّشادَ يُحصِّلُ الإنسانُ به الخيرَ والنَّفعَ في الدُّنيا وفي الآخِرة.

وهو سألَ اللهَ تعالى لنا أن يُرشِدَنا لطاعته؛
فإنَّ الخيرَ أن يُستعمَلَ العَبدُ في طاعةِ الله تعالى،
وإلَّا فإنَّه لا يُوجَدُ أحدٌ ليس له عَمل، بل كُلُّ الناسِ يعملون،
لكنْ مِن الناسِ مَن يعملُ بطاعةِ الله تعالى ويجتهِدُ فيها،
ومِن الناسِ مَن يعملُ ويجتهِدُ في المعاصي، كما قال النبيُّ
صلَّى الله عليه وسلَّم:
(( كُلُّ الناسِ يَغدُو، فبايِعٌ نفسَه، فمُعْتِقُها أو مُوبِقُها )) رواه مُسلِم.



http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


ثُمَّ ذَكَرَ المُؤلِّفُ [ أنَّ الحنيفيَّةَ مِلَّةُ إبراهيم ] عليه الصَّلاةُ والسَّلام.
وقد ذَكَرَ اللهُ تعالى هذه الحنيفيَّةَ وأمرنا بها،
﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾
النحل/123.

ونَجِدُ أنَّ مُحمدًا- صلَّى الله عليه وسلَّم- أُمِرَ باتِّباعِ إبراهيم،
وإبراهيمُ- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- هو أبو الأنبياء،
والأنبياءُ- عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ- بَعدَه كُلُّهم مِن نَسْلِهِ،
إلى نهايتهم مُحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم.

وإبراهيمُ- كما ذَكَرَ اللهُ تعالى- ليس يَهوديًّا ولا نَصرانيًّا،
﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا
وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ آل عمران/67.

وإبراهيمُ- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- هو سَيِّدُ الحُنفاءِ وأبو الأنبياءِ.

والمقصودُ بالحَنيفِ: المائِلُ عن الشِّركِ، والمُقبِلُ على اللهِ تعالى،
المُعرِضُ عَمَّا سِواه. وإبراهيمُ- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- تميَّزَ
بهذه الحنيفيَّة.

والإقبالُ على اللهِ تعالى كما في قوله تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
الأنعام/162.

الإقبالُ بأن تكونَ أعمالُكَ كُلُّها خالِصةً لوَجه اللهِ تعالى.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

[ مِلَّةُ إبراهيم ] عليه الصَّلاةُ والسَّلام: كأنَّ المِلَّةَ يُقصَدُ بها الدِّين.
ومِلَّةُ إبراهيم عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: [ أن تعبُدَ اللهَ وَحدَه مُخلِصًا له الدِّينَ ] .
هذا هو الذي جاء به إبراهيم، وهذا الذي جاء به مُحمد،
بل ونستطيعُ أن نقولَ: وهو الذي جاءت به الأنبياءُ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ.





http://www.almeske.net/vb/images/thank-up.png (http://www.almeske.net/vb/t38372-2.html#)

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:03 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif

العِبادةُ في اللغة: هِيَ الذُّلُّ والخُضُوعُ.
ومِن هُنا قيل: طريقٌ مُعبَّد؛ يعني: طريقٌ مُذلَّل.

وفي الاصطلاح لها تعريفان:
التعريفُ الأولُ ذَكَرَه شيخُ الإسلام ابن تيمية رَحِمَه الله:
‹‹ كمالُ الذُّلِّ مع كمال المَحبَّة ››.

والتعريفُ الثاني كذلك ذَكَرَه شيخُ الإسلام:
‹‹ أنَّها اسمٌ جامِعٌ لِكُلِّ ما يُحِبُّه اللهُ ويَرضاه ››.
وجاءت "كُلّ" لتشملَ كُلَّ ما أمر اللهُ تعالى به،
وما يأمُرُ اللهُ به هو الذي يُحِبُّه سُبحانه وتعالى ويَرضاه.
‹‹ اسمٌ جامِعٌ لِكُلِّ ما يُحِبُّه اللهُ ويَرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ››.

والشيءُ الظاهِر: كالصَّلاة، والَّلفظ (التسبيح والتهليل والدُّعاء والتعليم).
وبالنسبةِ للأفعال: الركوع، والسجود، والطواف، والجِهاد، وتعليم العِلم،
والسَّفر في طلب العِلم.

قالوا: إنَّ الأقوالَ الباطنة هِيَ النيَّات.
والأعمال الباطنة قالوا: هِيَ أعمالُ القلوب.
ويُقصَدُ بأعمال القلوب هُنا: المَحبَّة والخَوف والرَّجاء والتَّوكُّل.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

يقولُ العُلماء: العُبوديَّةُ للهِ تعالى ليس الناسُ فيها سَواسية، بل هم درجات.

ثُمَّ يقولُ العُلماءُ رَحِمَهم اللهُ تعالى: إنَّ العُبوديَّةَ تنقسِمُ في أصلِها إلى قِسمين:
عُبوديَّة خاصَّة: وهِيَ التي تكونُ لأهل الإيمان،
وعُبوديَّة عامَّة: وهِيَ التي يدخلُ فيها الخَلْقُ كُلُّهم.

العُبوديَّة الخاصَّة كما في قول الله تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ
عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾ الفرقان/63، ﴿ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ﴾ الأنبياء/26،
﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ ﴾ الجن/19، ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ الإسراء/1.
هذه عُبوديَّةٌ خاصَّة، وهِيَ تشريفٌ من اللهِ تعالى للعَبدِ أن يُعطيَه اللهُ هذه العُبوديَّة.

ولهذا مَن كان عَبدًا للهِ، فإنَّ اللهَ يَرفَعُ منازلَه دُنيا وآخِرة.

أمَّا العُبوديَّة العامَّة فيدخُل فيها المُسلِم والكافِر.
واللهُ قال في كتابه: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ
عَبْدًا ﴾ مريم/93.

هل يَخرجُ أحدٌ عن العُبوديَّةِ العامَّة؟ عن التَّصريفِ والمُلكِ والقَهر والتَّدبير؟
ما يَخرُج أحدٌ عنها. حتى الكافِر ما يستطيعُ أن يتصرَّفَ من نَفسِه،
لا يستطيعُ أن يَرزُقَ نفسَه، ولا أن يُحييَ نَفسَه، ولا أن يَشفِيَ نَفسَه،
ولا أن يُعطِيَ نَفسَه شيئًا، بل كُلُّ ذلك للهِ وَحدَه لا شريكَ له.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

ذَكَرَ العُلَماءُ هُنا في مسألة "العَبوديَّة" أنَّ أشرفَ ما يُطلَقُ على الإنسان
أنَّه " عَبدٌ" .

وإذا اعترفَ الإنسانُ بالعُبوديَّةِ، رَفَعَهُ اللهُ تعالى بها.
بل كُلَّما حَقَّقَ العُبوديَّةَ للهِ تعالى، فإنَّ له منازلَ دُنيا وآخِرة.

ولهذا مُحمدٌ- صلَّى الله عليه وسلَّم- أليس هو أفضلُ الخَلْقِ على الإطلاق؟
بلَى، ومع ذلك وَصَفَه اللهُ بأنَّه عَبْدٌ، ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ الإسراء/1.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

في قوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ الذاريات/56.
لا شَكَّ بأنَّ هذا هو الهَدف مِن خَلْقِ العِباد.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

يقولُ العُلماءُ: إنَّ الأنبياءَ- عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ- جميعًا دَعَوا إلى عِبادةِ اللهِ
وَحدَه، ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾
الأعراف/85، ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ الأعراف/73.

محمد- صلَّى الله عليه وسلَّم- دَعَا إلى العُبوديَّة.

مِن عَهدِ آدم إلى قيام السَّاعةِ والناسُ يُطالَبون بالعُبوديَّةِ للهِ تعالى.
ولكنْ تلك العُبوديَّة يَجِبُ أن تُفهَمَ بمفهومِها الواسِع، ليس بمفهومها
الضَّيِّق الذي يَعيشُه الناسُ في واقعنا.

الناسُ يقولون: أهَمُّ شيءٍ الصَّلاة، وكأنَّنا لا نعرفُ العُبوديَّةَ إلَّا في المَسجد
وإذا أذَّنَ المُؤذِّنُ. ولكنْ بمفهومها الشامِل يأتينا المفهوم العامُ المطلَق.
أنتَ يَجِبُ أن تكونَ عَبدًا للهِ بسَمعِكَ، عَبدًا للهِ ببَصرِكَ، عَبدًا للهِ بلِسانِكَ،
عَبدًا للهِ بجَوارِحِكَ، بل بكُلِّ شيءٍ عندكَ يَجِبُ أن تكونَ عَبدًا للهِ تعالى.

وإذا عِشنا هذا المفهومَ العام للعُبوديَّةِ، ستجِدُكَ في بيتِكَ أنتَ عَبدًا للهِ تعالى،
في غُرفتِكَ التي تنامُ فيها أنتَ عَبدًا للهِ تعالى، في سُوقِكَ، في سَفَرِكَ،
في حَضَرِكَ، في صِحَّتِكَ، في مَرَضِكَ، ما تخرُج عن مفهوم العُبوديَّةِ
إطلاقًا.





http://www.almeske.net/vb/images/thank-up.png (http://www.almeske.net/vb/t38372-2.html#)

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:03 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif

يقولُ العلماءُ: مسائِلُ العُبوديَّةِ ومسائل التَّوحيدِ لا يَحدُثُ فيها نَسخٌ أبدًا.
أمَّا مسائلُ الحلال والحرام والأوامِر والنَّواهي والواجبات والمُستحبَّات،
فالأنبياءُ- عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ- يختلفون فيها.
ولهذا نحنُ في شريعتِنا جُعِلَت لنا الأرضُ مَسجِدًا وطَهورًا، أمَّا في الشَّرائِع
السابقة فليس لهم هذا الأمرُ، لا يُمكن أن يُصلَّيَ إلَّا في الكنيسةِ
أو في مَواطِن التَّعبُّدِ عندهم.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

ثُمَّ قال المُؤلِّفُ رحِمَه الله: [ فإذا عَرفتَ أنَّ اللهَ خَلَقَكَ لِعِبادتِهِ ].
فاللهُ- سُبحانه وتعالى- قد خلَقَنا للعُبوديَّة، والمقصودُ بها العُبوديَّة
الخاصَّة، وأنَّكَ ما خُلِقتَ لأجل أن تأكُلَ وتشربَ وتتوظَّفَ وتبنيَ بيتًا وتشتريَ
أرضًا إلى غيره، إنَّما خُلِقتَ لتحقيق هذه العُبوديَّةِ. هذه الأمورُ سَخَّرَها اللهُ
تعالى للعَبدِ؛ ليَصرِفَها في عِبادةِ اللهِ تعالى.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

ثم يقولُ: [ العِبادة لا تُسمَّى عِبادةً إلَّا مع التَّوحيد ].
وكأنَّه يقولُ: هذا من شروطِ قبول العِبادة. ولن تكونَ عَبدًا للهِ تعالى العُبوديَّةَ
الخاصَّةَ التي فيها التَّشريفُ للعَبدِ، إلَّا أن تكونَ مبنيَّةً على التَّوحيد.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

قال العُلماءُ رَحِمَهم اللهُ تعالى: العِبادةُ لا تُقبَلُ من العَبدِ إلَّا بشَرطين،
ومنهم مَن قال: لا تُقبَلُ إلَّا بثلاثةِ شروطٍ:

- الشرطُ الأول: أن تكونَ العِبادةُ خالِصةً لوَجه اللهِ تعالى؛ بمعنى ألَّا يكون
فيها شِرك. فأنتَ حين تُصلِّي، أتُريدُ أن ينظُرَ اللهُ إليكَ، ويَعلمُ ما في قلبِكَ
من الصِّدق؟ أم تقومُ تُزيِّنُ صلاتَكَ من أجل أن يَراكَ الناسُ؟ أقرأتَ القُرآنَ
ليُقالَ: قارئ؟ أأنفقتَ المالَ ليُقالَ: هذا جَواد؟ أجاهَدتَ في سبيل اللهِ ليُقالَ:
هذا جَريءٌ (يعني: شُجاع)؟ أم أنَّكَ عمِلتَ هذا العَملَ خالِصًا لوَجه اللهِ تعالى؟

ولهذا العِبادةُ إذا قارنها شيءٌ من الشِّركِ، أفسدَها مُباشرةً. واللهُ قد قال لرسولِهِ
صلَّى الله عليه وسلَّم: ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ الزمر/65.

فإذا كان مُحمدٌ- وهو أفضلُ الخَلْقِ- سيَحبَطُ عَملُهُ بالشِّركِ، فمَن دُونَه مِن بابِ
أَوْلَى أن تحبَطَ أعمالُهم.

- الشرطُ الثاني: المُتابعةُ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: وأيُّ عِبادةٍ لا يُتأسَّى فيها
بالرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلَيست مقبولةً. (( وصلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي ))
رواه البُخاريُّ، (( خُذُوا عَنِّي مناسِكَكم، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بعد عامِي
هذا )) صحيح الجامع.

- الشرطُ الثالث: أن يكونَ العَملُ مبنيًّا على عَقيدةٍ صحيحةٍ.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

وهُنا يقولُ المُؤلِّفُ رَحِمَه اللهُ تعالى: [ كما أنَّ الصَّلاةَ لا تُسمَّى صلاةً إلَّا
مع الطَّهارة ]، ولذلك إذا أحدَثَ الإنسانُ في أثناءِ صلاتِهِ فَسَدَت صلاتُه.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

المُؤلِّفُ- رَحِمَه الله تعالى- بعد أن بيَّنَ العِبادةَ والتَّوحيدَ، جاء لَكَ بالمُقابِل.
ويُقالُ: وبِضِدِّها تتبيَّنُ الأشياءُ.

والمُؤلِّفُ- رَحِمَه الله تعالى- أرسَى لنا قاعِدةً؛ وهِيَ: أنَّكَ خُلِقتَ للعِبادةِ.
وأعظَمُ ما يَجِبُ أن يُهتمَّ به هو التَّوحِيد.





http://www.almeske.net/vb/images/thank-up.png (http://www.almeske.net/vb/t38372-2.html#)

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:06 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


يقولُ المُؤلِّفُ: [ فإذا عَرفتَ أنَّ الشِّركَ إذا خالَطَ العِبادةَ أفسدَها،
وأحبَطَ العَملَ، وصار صاحِبُه من الخالِدِين ].
الشِّركُ في أصلِهِ في اللغة يقتضي المُشارَكَة؛ بمعنى أن يَعبُدَ اللهَ ويَعبُدَ معه غيرَه.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

ينقسِمُ الشِّركُ إلى قِسمين:
- القِسمُ الأول: الشِّركُ الأكبرُ: وهو أن يَصرِفَ شيئًا من العِباداتِ التي
هِيَ خالِصةٌ لوَجه اللهِ لِغَيره، كالذَّبحِ والنَّذر، ثُمَّ تأتي العِباداتُ الأُخرى: الركوعُ
والسّجودُ وغيرُه إذا صرفَها لغير اللهِ تعالى. هذا يُسمَّى مُشرِكًا شِركًا أكبر،
ويدخُلُ فيه الطوافُ وغيرُه.

- القِسمُ الثاني: الشِّركُ الأصغر: وهو ما وَرَدَ تسميتُه شِركًا، ولم يَصِل
إلى حَدِّ الأكبر. مِثل: الحَلِف بغير الله، (( مَن حَلَفَ بغيرِ اللهِ، فقد كَفَرَ
أو أشركَ )) السلسلة الصحيحة. ويُعتبَرُ مِثلَ قوله صلَّى الله عليه وسلَّم:
(( إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عليكم الشِّركُ الأصغرُ )) قالوا: وما الشِّركُ الأصغرُ؟
قال: (( الرِّياءُ )) السلسلة الصحيحة، وفي رواية: (( يقومُ الرجلُ فيُصلي،
فيُزيِّنُ صلاتَه لِمَا يَرَى مِن نَظَرِ الناسِ إليه )) حسَّنه الألبانيُّ. هذا ليس
مُخرِجًا من المِلَّة.

ومِن العُلماءِ مَن أدخل قِسمًا ثالثًا، وسمَّاه: الشِّرك الخَفِيّ،
ويُسمِّيه بعضُهم بشِركِ الألفاظِ. مِثل: لولا الكَلْبُ لَسُرِقَ الغَنَم،
ومِثلُه: لولا البَطُّ في الدَّار لَسَرَقنا اللصوصُ.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

الشِّركُ الخَفِيُّ والأصغرُ في الأحكامِ سَواء، أمَّا الأكبرُ فَفَرقٌ بينه وبين الأصغر.

ونُعطي قاعِدةً: "هُناكَ فَرقٌ بين الشِّركِ الأكبر والأصغر، والكُفر الأكبر
والأصغر، والنِّفاق الاعتقاديِّ والنِّفاق العَمليِّ، وكذلك بين الرِّدَّةِ وبين
المعاصي كبائر الذنوب". هناك فروقٌ بينها، نسردُها سريعةً:

1- أنَّ الشِّركَ الأكبرَ تَحبَطُ الأعمالُ معه كُلِّيَّةً. أمَّا الشِّركُ الأصغرُ فلا
يُحبِطُ إلَّا العَملَ الذي قارنه. والدَّليلُ: ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾
الزمر/65، العَملُ مُطلقًا، ليس على الجُزءِ الذي شاركَه.

2- أنَّ الشِّركَ الأكبرَ يُخرِجُ من الإسلام. أمَّا الأصغرُ فلا يُخرِجُ صاحِبَه
من الإسلام.

3- أنَّ صاحِبَ الشِّركِ الأكبر لا يَغفِر اللهُ له أبدًا؛ لقول الله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ النساء/48.
شارِبُ الخَمر، الزَّاني، القاتِل، يُمكِنُ أن يُغفَرَ له، لكن الذي يُشرِكُ باللهِ
ليس له مغفرةٌ إطلاقًا، بخِلافِ الأصغر، فالمسألةُ فيها خِلافٌ بين أهل العِلم.
مِنهم مَن يَرَى أنَّ صاحِبَ الشِّركِ الأصغر كالكبائر تحت المَشيئة، ومنهم مَن
يَرَى أنَّه لا يُمكِنُ أن يُغفَرَ له لعُمومِ الآيةِ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ﴾
النساء/48، والآيةُ لم تُفصِّل بين أكبرٍ وأصغر. ومنهم مَن قال إنَّه يُوازَن بين
حسناتِهِ وسيئاتِهِ، فإذا كانت حسناتُه أكثرَ غُفِرَ له، وإنْ كانت سيئاتُه أكثرَ
فليس داخِلاً تحت المَشيئة.

4- أنَّ صاحِبَ الشِّركِ الأكبر مُخلَّدٌ في النَّار؛ يعني خالِدًا مُخلَّدًا فيها.
ولهذا هؤلاء هم الذين تُوصَدُ عليهم النَّارُ ولا يَخرجون منها أبدًا،
وجاءت النصوصُ ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ هود/107، دليلٌ على أنَّه
لا خروجَ لهم من النار أصلاً؛ بسبب شِركِهم الذي فعلوه.

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:08 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


• القاعِـدةُ الأولى:

المُؤلِّفُ- رَحِمَه الله تعالى- هُنا يُريدُ أن يُبيِّنَ أنَّ الكُفَّارَ الذين قاتلهم
النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- كانوا يُقِرُّونَ بتوحِيدِ الرُّبوبيَّة. والرُّبوبيَّةُ
يُقِرُّ به المُسلِمُ والكافِرُ، بل حتى البهائِمُ تُقِرُّ بربوبيَّةِ اللهِ تعالى،
وما يُوجَدُ أصلاً على وجه الأرضِ مَن يُنكِرُ رُبوبيَّةَ اللهِ تعالى.

يقولُ المُؤلِّفُ إنَّ كُفَّارَ قُريشٍ كانوا مُقِرِّينَ بأنَّ اللهَ هو الخالِقُ، الرَّازِقُ،
المُدبِّرُ، المُصرِّفُ لهذا الكون، ومع هذا الإقرار لم ينفعهم في دخولهم
الإسلام، ليسوا بمُسلمين بالإقرار بذلك، وما حَكَمَ لهم النبيُّ- صلَّى الله
عليه وسلَّم- بالإسلام، والسَّبَبُ: لأنَّ الخَلَلَ عندهم- كما سيأتي- في
الأُلوهِيَّةِ، ولم يكُن في الرّبوبيَّةِ.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

الرَّبُّ في اللغةِ: يُطلَقُ على التنشئةِ بالتَّدرُّج، ولهذا يُقالُ للمتزوِّجِ: هذا
رَبُّ أُسرةٍ. وعبد المُطَّلِب قال: "أنا رَبُّ الإبل، وللبيتِ رَبٌّ يَحميه".
واللهُ يَكلؤنا بالليل والنَّهارِ سُبحانه وتعالى.

مَن الذي يُطعِمُنا ويَسقينا؟ مَن الذي يَرزُقُنا في هذه الحياةِ الدُّنيا؟
هو اللهُ سُبحانه وتعالى. ليس مِنَّا شيءٌ إطلاقًا.

ولهذا قال العُلماءُ: بالنسبةِ للرُّبوبيَّةِ، فأدِلَّتُها دَلَّ عليها الكِتابُ والسُّنَّةُ
والفِطرةُ والعَقلُ. بل حتى العَربيُّ الجاهِليُّ يَعترِفُ بأنَّ اللهَ إله؛ فهو يقولُ:
‹‹ البَعرةُ تدُلُّ على البَعير، والأثَرُ يَدُلُّ على المَسير، سماءٌ ذاتُ أبراج، وأرضٌ
ذاتُ فِجاج، أفلا تَدُلُّ على الَّلطيفِ الخَبير؟! ›› بلَى، تدُلُّ عليه سُبحانه وتعالى.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

هل يُوجَدُ مَن أشركَ في الرُّبوبيَّةِ؟ نقولُ: نعم. ولهذا قالوا لهُودٍ عليه الصَّلاةُ
والسَّلامُ: ﴿ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ ﴾ هود/54.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

قال العُلماءُ في تعريف الرّبوبيَّةِ: لها تعريفان:

- التَّعريفُ الأول: إفرادُ اللهِ بأفعالِهِ؛ كالخَلْقِ، والإحياءِ، والإماتةِ، إلى غيره.

- التَّعريفُ الثاني: هو الإقرارُ والاعترافُ بأنَّ اللهَ هو الخالِقُ، الرَّازِقُ، المالِكُ،
المُتصرِّفُ وَحدَه لا شريكَ له.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

يقولُ العُلماءُ رَحِمَهم اللهُ تعالى: الأنبياءُ والرُّسُلُ- عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ-
دَعَوا إلى أقسام التَّوحيدِ الثلاثة؛ دَعَوا إلى الألُوهيَّةِ، ودَعَوا إلى الرُّبوبيَّةِ،
ودَعَوا إلى الأسماءِ والصِّفاتِ، ولكنَّ التركيزَ على الأُلُوهِيَّةِ أكبر وأعظَم. بل
إنَّ الشِّركَ الذي وَقَعَ في البَشريَّةِ أغلَبُه وجُلُّه في الألُوهِيَّةِ.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

= قاعِـدة: توحيدُ الرُّبُوبيَّةِ يَستلزِم توحيدَ الألُوهِيَّةِ.
والدَّلِيلُ على ذلك قولُه تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً
وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ﴾ البقرة/22، هذا
كُلُّه رُبُوبيَّة. بَعدَها يَلزَم: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ البقرة/22.
دائمًا تُذكَرُ الرّبوبيَّةُ في القُرآن ليس مقصودًا لذاتِها، وإنَّما لنقل النَّاسِ إلى
الألُوهِيَّةِ.







http://www.almeske.net/vb/images/thank-up.png (http://www.almeske.net/vb/t38372-3.html#)

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:10 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


• القاعِـدةُ الثَّانيـة:

المُؤلِّفُ يُبيِّنُ لنا شُبهةَ الكُفَّار حين أشركوا معه غيرَه. فلَمَّا قيل لهم:
لماذا تُشركون؟ ولماذا تصرِفون شيئًا من العِبادةِ لغير الله تعالى؟
جاء الرَّدُّ منهم أنَّه ما دَعوناهم وتوجَّهنا إليهم إلَّا لطَلب القُربةِ والشَّفاعةِ.
ومع ذلك، فهؤلاء الذين طلبوا القُربةَ والشَّفاعةَ سمَّاهم اللهُ تعالى مُشركين،
ولم يَجعلهم مُوَحِّدين، وحَكَمَ اللهُ تعالى عليهم بالخُلُودِ في النار، مع أنَّهم
يُقِرُّونَ برُبوبيَّةِ اللهِ تعالى. فدَلَّ على أنَّ الرُّبوبيَّةَ وَحدَها لا تنفع.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

= الشَّفاعةُ: هِيَ طلبُ الخير للغَير.

= أركانُ الشَّفاعةِ: مشفوعٌ له - وشافِعٌ - ومشفوعٌ عِندَه - وموضوع الشَّفاعة.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

يقولُ العُلماءُ: الشَّفاعةُ في أصلِها تنقسِمُ إلى قِسمين:
شفاعةٌ مُثبَتَة، وشفاعةٌ منفِيَّة.

- الشَّفاعةُ المنفيَّة: هِيَ التي جاءت في قول اللهِ تعالى: ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ
مِنْحَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ غافر/18، وفي قولِهِ تعالى: ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ
شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ المدثر/48.

- الشَّفاعةُ المُثبَتَة: هِيَ التي جاءت في قوله تعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ
عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ البقرة/255.

ومُحمدٌ- صلَّى الله عليه وسلَّم- يقولُ: (( أنا سيِّدُ ولدِ آدمَ يومَ القيامةِ،
وأوَّلُ مَن ينشقُّ عنه القبرُ، وأوَّل شافعٍ وأوَّلُ مُشفَّعٍ )) رواه مُسلِم.

ويومَ القيامةِ يَشفَعُ الأنبياءُ والملائِكةُ والصَّالِحون، ويَشفَعُ الشُّهداءُ.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

= الشَّفاعةُ المُثبتَةُ تنقسِمُ إلى قِسمين في أصلِها:

= شفاعةٌ خاصَّةٌ بالنبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- لا يشركه فيها أحد.

= وشفاعةٌ عامَّةٌ لرسول اللهِ- صلَّى الله عليه وسلَّم- ولغيره.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

* الشَّفاعةُ الخاصَّةُ بمُحمدٍ- صلَّى الله عليه وسلَّم- أنواع:

- أوَّلُها: شفاعةُ النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- لِعَمِّه أبي طالِب.
الأصلُ أنَّ الكافِرَ ما يُشفَعُ له إطلاقًا، ولكنْ استُثنِيَ عَمُّ النبيِّ-
صلَّى الله عليه وسلَّم- دُون غيره.

- الشَّفاعةُ الثانية الخاصَّةُ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: شفاعتُه
في المَوقِفِ الأعظَم، وهو المَقام المَحمود.

- الشَّفاعةُ الثالثة: هِيَ شفاعةُ النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- لأهل الجنَّةِ
في دخول الجنَّةِ، ويكونُ مُحمدٌ- صلَّى الله عليه وسلَّم- هو أوَّل داخِلٍ
للجنَّةِ، ولن يدخُلَ أحدٌ الجنَّةَ إلَّا بشَفاعتِهِ.

بَعضُ العُلماءِ أضافَ إليها قِسمًا آخَر؛ وهو شفاعة النبيِّ- صلَّى الله عليه
وسلَّم- في السَّبعين الذين يدخلون الجنَّةَ بغير حِسابٍ ولا عذاب. وقالوا
إنَّها من خصائص النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

* أمَّا القِسمُ الآخَرُ: فهو الشَّفاعاتُ العامَّةُ، التي يكونُ فيها النبيُّ-
صلَّى الله عليه وسلَّم- ويكونُ معه غيرُه من الأنبياءِ والملائِكةِ والصَّالحين
وغيرهم. مِثل:
- الشَّفاعة في عَدم دخول بعض أقوامٍ استحقُّوا النارَ ألَّا يدخلوها،فيُشفَع لهم،
فلا يَدخلوها.
- الشَّفاعةُ كذلك في أقوامٍ أن تُرفَعَ درجاتُهم في الجنَّاتِ
(وهِيَ خاصَّةٌ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم).
- الشَّفاعةُ في أقوامٍ دخلوا النارَ،فيَخرجون من النار (وهِيَ مُطلَقة).

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

= شُـرُوطُ الشَّفاعـة:

ذَكَرَ العُلَماءُ لها شَرطَيْن:

1- إذنُ اللهِ تعالى للشَّافِع: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ البقرة/255.

2- الرِّضا عن المَشفوعِ له وعن الشَّافِع: ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ﴾
الأنبياء/28.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

الشَّفاعةُ منها ما يكونُ حقًّا، ومنها ما يكونُ باطِلاً.

ما يكونُ باطِلاً: حين قال الكُفَّارُ: ﴿ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ يونس/18،
هذه باطِلة.

ويكونُ حقًّا: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ البقرة/255،
﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ﴾ الأنبياء/28،
﴿ إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُلِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ النجم/26.
هذا حَقٌّ.

إذا اختلَّ شَرطٌ من هذه الشُّروطِ، لا تتحقَّقُ الشَّفاعةُ إطلاقًا.







http://www.almeske.net/vb/images/thank-up.png (http://www.almeske.net/vb/t38372-3.html#)

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:11 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


• القاعِـدةُ الثَّالِثـة:

في هذه القاعدةِ أراد المُؤلِّفُ- رَحِمَه الله تعالى- أن يُبيِّنَ أنَّ النبيَّ-
صلَّى الله عليه وسلَّم- بُعِثَ في زَمنٍ كانت الآلِهةُ فيه مُتعدِّدة،
وأنَّ كُفَّارَ قُريشٍ أو مُشركي العَرب لم يَكُن الشِّركُ عندهم نوعًا واحدًا،
بل مِن هؤلاء الناس مَن يَعبُدُ الملائكةَ، ومنهم مَن يَعبُدُ الأنبياءَ،
ومنهم مَن يَعبُدُ الصَّالحين، ومَنهم مَن يَعبُدُ الأحجارَ، ومنهم مَن يَعبُدُ الأشجارَ،
ومنهم مَن يَعبُدُ الشمسَ والقمر، ومع ذلك قاتَلَهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

* مِن سلبيَّاتِ الشِّركِ وأباطيله:
- أنَّ أهلَه مُتفرِّقون في عِباداتِهم، لا يَجتمعون على ضابِطٍ واحدٍ أبدًا،
ولا يسيرون على أصل، وإنَّما يسيرون على أهوائهم ودعاياتِ المُضلِّين.
ولهذا قال اللهُ تعالى مُشبِّهًا المُشرِكَ: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ
مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ
لَا يَعْلَمُونَ ﴾ الزمر/29.

http://muslmh.com/save/70/data/Fassselllyy66.png

أُمِرنا أن نُقاتِلَ المُشركينَ جميعًا، فالمُشرِكُ ما يُقبَل منه الجِزْيَةُ إطلاقًا.
ولهذا النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- ما قَبِلَ مِن مُشركي العَرب الجِزيَة،
وإنَّما قَبِلَ الجِزيَةَ من اليَهود والنَّصارَى، وكذلك من المَجوس،
مَن عداهم فليس إلَّا السَّيْف أو الإسلام.

القِتالُ إنَّما شُرِعَ ليكونَ الدِّينُ للهِ تعالى، ليس المقصود هو قتل الكافِر
أبدًا، إنَّما المقصود أن يُسلِمَ الكافِر. وجاء الجِهادُ لأنَّ أقوامًا وقفوا
في وجه الإسلام ألَّا ينتشِر، فيُستأصَلُ مَن يَقِفُ حتى يَصِلَ الخيرُ إلى
الغَير ويَصِلَ إلى الناس جميعًا. والدَّليلُ على أنَّ الإسلامَ لا يُريدُ قتلَ
الكافِرِ لذاته أصلاً قولُ اللهِ تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ
لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ النساء/94.
وفي حَديثِ أُسامة بن زيد رَضِيَ الله عنه وأرضاه: كان في سَرِيَّة،
وإذا بهم وهو مع اثنين مِن الصّحابة لَحِقوا مُشرِكًا لأجل قتله، ففَرَّ منهم
المُشرِك، ثُمَّ لاذ بأصل شجرةٍ- يعني اختبأ مِن ورائِها أو صعد عليها-
ولَمَّا قَرُبَ المُسلمون منه- أُسامة ومَن معه- قال: أشهدُ أن لا إله إلَّا اللهُ
وأنَّ مُحمدًا رسولُ الله. فالذين مع أُسامةِ رَجعوا، وانطلَقَ أُسامة ليَقتُلَه.
فقالوا له: كيف تقتُلُه يا أُسامة؟! قال: واللهِ ما قالها إلَّا خوفًا من بارقة
السَّيْف ( لمَّا رأى السَّيفَ على رقبته قالها، وإلَّا ليس صحيحًا. لماذا لم يَقُلها
قبل القِتال؟ وإنَّما هو كذَّاب ). فقتلَه أُسامة. أُخبِرَ النبيُّ صلَّى الله عليه
وسلَّم، فتمعَّرَ وجهُه، وغَضِبَ غَضبًا شديدًا، ثُمَّ قال له: (( أقتلتَه بعد أن
قال: لا إله إلَّا الله؟ )) قال: يا رسولَ اللهِ، واللهِ ما قالها إلَّا تعوُّذًا؛ يعني:
خائفًا من السَّيف. قال له الرسولُ: (( أشققتَ عن قلبه؟ كيف بكَ إذا
جاءت لا إله إلَّا الله تحاجُّكَ يومَ القيامة؟! )). قال أُسامةُ رَضِيَ الله عنه:
تمنَّيتُ أنِّي ما أسلمتُ إلَّا هذه اللحظة، مِن شِدَّة غَضَبِ النبيِّ- صلَّى الله
عليه وسلَّم- عليه.

إذًا، الإسلامُ لا يُريدُ قتلَ الكُفَّار، وإنَّما يُريدُ هِدايتَهم.







http://www.almeske.net/vb/images/thank-up.png (http://www.almeske.net/vb/t38372-3.html#)

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:11 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


• القاعِـدةُ الرَّابِعـة:

المُقارنةُ بين مُشركي زمن المُؤلِّف وزمننا وبين المُشركين في الأُمَم السابقة.
والمُؤلِّفُ- رَحِمَه الله تعالى- لم يَقصِد الحَصرَ في الفرق بينهما. ولهذا قال:
[ أنَّ مُشركي زماننا أغلظُ شِركًا مِن الأوَّلِين ] ، فذكر سببًا واحدًا؛ لأنَّ الأوَّلين
يُشركون في الرَّخاءِ، أمَّا في حال الشَّدائد، فإنَّهم يلَجئون إلى اللهِ مُباشرةً.
والسَّابقونَ الأوَّلون إذا أصابتهم المصائِبُ- مِن حوادِث، ومِن بلاءٍ، ومِن غَرَقٍ،
ومِن أمراضٍ، ومِن غيرها- فتلقائيًّا يَرجعون إلى الله. والدَّليلُ على ذلك ما ذَكَرَه
الله تعالى في كتابه: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾
العنكبوت/65، كأنَّهم في حال الفُلكِ الأمواجُ تتلاطَمُ بهم، والمياه من تحتهم،
وليس ثَمَّةَ طُرُقٌ للنَّجاة، فهُنا يلجأون إلى الله مُباشرةً، ﴿ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ ﴾
العنكبوت/65. ويُفهَمُ منه أنَّ مَن يكونُ على اليابسةِ آمَنُ مِمَّن يكونُ في وَسَطِ
البحر، فإنَّ البِحارَ ليس كُلٌّ يستطيعُ السِّباحةَ، وحتى لو استطاع السِّباحةَ، فإنَّه
رُبَّما تخطَّفته الأسماكُ، ورُبَّما ما استطاعَ أن يَصِلَ إلى بَرِّ الأمان أصلاً، فقد
يَسبَحُ مُدَّةَ ساعة وساعتين ورُبَّما أربع، لكنْ بَعدَها ينقطِعُ به الأملُ فيَغرق.
ولهذا يَدعون الله وَحدَه لا شريكَ له دُونَ غيره، فيتركون آلِهتَهم التي كانوا
يعبدون من أشجارٍ وأحجارٍ وغيرها.

ثُمَّ قال: [ ومُشركو زماننا شِركُهم دائمًا في الرَّخاءِ والشِّدَّة ].

ومِن الفرق كذلك عِندنا: أنَّ مُشركي زماننا عِندهم مِن العِلم ما لم يكُن عند
المُشركين السابقين. فالسابقون وقعوا في الشِّركِ وهم على جَهل، أمَّا مُشركو
زماننا يُوجَدُ الشخصُ مُشركًا وتخصُّصُه شرعيٌّ، ويَحمِلُ شهاداتٍ عالية.







http://www.almeske.net/vb/images/thank-up.png (http://www.almeske.net/vb/t38372-3.html#)

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:12 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


القواعِـدُ الأربـع تدورُ حول قضيَّةِ التَّوحيـد والشِّـركِ.

وبِناءً عليه نفهمُ أمورًا مُتعَدِّدة:

أولاً: أنَّ الأصلَ في البَشريَّةِ أنَّ اللهَ خَلَقَهم على التَّوحيد، وفَطَرَهم عليه،
فآدمُ- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- ومَن بَعده عَشرة قرون كانوا على التَّوحيد،
وأنَّ الأصلَ في البَشريَّةِ أنَّهم مُوَحِّدونَ وليسوا بمُشركين، والدَّليلُ على ذلك:
قولُ النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما يَرويه عن رَبِّهِ: (( وإنِّي خَلَقْتُ
عِباديحُنَفَاءَ كُلَّهم، وإنَّهم أتتهم الشياطينُ فاجتالتهم عن دِينهم )) رواه
مُسلِم.

ويَشهَدُ لذلك قولُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (( كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ،
فأبواه يُهَوِّدانِه، أو يُنَصِّرانِه، أو يُمَجِّسانِه )) رواه البُخاريّ ومُسلِم واللفظ للبُخاريّ.

لم يَقُل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (أو يُسلِمانه) ؛ لأنَّ الأصلَ أنَّ البَشريَّةَ
خُلِقَت على التَّوحيد، وأنَّ الشِّركَ طارئٌ على الناس. وانبنى على هذه المسألةِ
أنَّ مَن مات مِن أطفال المُشركين، الصَّحيحُ مِن أقوال أهل العِلم أنَّهم مِن أهل
الجنَّة.

ثانيًا: أوَّلُ شِركٍ وَقَعَ في البَشريَّةِ كان في قوم نُوحٍ، ولهذا يُعتَبَرُ نُوحٌ هو أوَّلُ
الأنبياءِ والرُّسُلِ، وإنْ كان الصَّحيحُ أنَّ آدمَ يُعتَبَرُ نبيِّاً رسولاً؛ وذلك أنَّ آدمَ-
عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- كان اللهُ يُوحِي إليه ليُبلِّغَ أولادَه بما يُريدُ اللهُ تعالى
منهم مِن العِبادةِ وأنواعِها، ويُبيِّنُ لهم الحلالَ مِن الحرام، ويُبيِّنُ لهم شيئًا
مِن التَّشريع، وما كان ذلك إلَّا عن طريق الوَحْي. ولكنَّ نُوحًا- عليه الصَّلاةُ
والسَّلامُ- هو أوَّلُ الأنبياءِ؛ ذلك أنَّ نُوحًا- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- هو أوَّلُ
نبيٍّ بُعِثَ للناس بعد وقوع الشِّركِ في الناس، وتُعتَبَرُ أُمَّتُه هِيَ أوَّل الأُمَم
انحرافًا عن التَّوحيد.

ثالثًا: أوَّلُ شِركٍ وَقَعَ في البَشريَّةِ كان بسبب الغُلُوِّ في الصَّالِحين.

رابعًا: أنَّ الشِّركَ هو أعظَمُ ذنبٍ عُصِيَ اللهُ به، ولَمَّا سُئِل النبيُّ صلَّى الله عليه
وسلَّم: أيُّ الذنبِ أعظمُ؟ قال: (( أن تَجعلَ للهِ نِدًّا وهو خَلَقَك )) مُتفقٌ عليه.
﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ لقمان/13. ويُقابِلُه أعظمُ
عَملٍ صالِحٍ يُتقَرَّبُ إلى اللهِ تعالى به؛ وهو التَّوحيد.

خامسًا: أنَّ الشِّركَ ضِدَ كلمة التَّوحيد كُلِّيَّةً.

سادسًا: أنَّ الأنبياءَ- عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ- جميعًا إنَّما كانت دَعوتُهم
جُلُّها وأغلبُها مُتركِّزةً على تقرير التَّوحيد ومُحاربةِ الشِّركِ.





http://www.almeske.net/vb/images/thank-up.png (http://www.almeske.net/vb/t38372-3.html#)

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:13 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


مِن أسبابِ وجـودِ الشِّـركِ في النَّاس:

- الغُلُوُّ في الصَّالِحين، وهذا أوَّلُ شِركٍ وَقَعَ في البَشريَّةِ.

- عَدمُ سَدِّ الذرائِع المُوصلةِ إلى الشِّركِ، وهو التَّساهُل فيها.

- التَّقليدُ الأعمَى، ذَكَرَه اللهُ تعالى في قوله: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا
عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾ الزخرف/23.

- الجَهلُ؛ ويُقصَدُ به الجَهلُ بالتَّوحيدِ وبما يُضادُّه.
(المُشركونَ السَّابقونَ أعلَمُ بكلمةِ التَّوحيدِ مِن كثيرٍ مِن النَّاس في زماننا).

- عَدمُ الدَّعوةِ إلى التَّوحيدِ، وعَدمُ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عن المُنكر
في قضايا الشِّرك.

- تعطيلُ العَقل وعَدمُ إعمالِهِ، وفي الآياتِ: ﴿ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ الأعراف/65،
﴿ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ الأنبياء/67، ﴿ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ يونس/3. كأنَّه يُخاطِبُ
العَقل. لماذا لا تنقادُ للتَّوحيد؟! فإذا عُطِّلَ العَقلُ عن أن يُعمَل العَمل الصَّحيح
أو كان العَقلُ فيه شيءٌ من الشُّبُهاتِ والشُّكوكِ، فلا شَكَّ أنَّ الناسَ يقعونَ
في أوحال الشِّركِ ويخوضون فيه.

رقية مبارك بوداني
21-03-14, 04:14 PM
http://muslmh.com/save/70/data/Three-qwa3d-banner.gif


العُلماءُ- رَحِمَهم اللهُ تعالى- يقولون: إنَّ الشِّركَ الأكبرَ له أنواعٌ خَمسة،
وبَعضُهم يَزيدُ في ذلك.

- فمنه ما يُسمَّى بشِركِ الدَّعوةِ أو الدُّعاءِ؛ وهو الذي قال اللهُ فيه:
﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ
جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ غافر/60. فمَن دَعَا غيرَ اللهِ تعالى، فهو مُستكبِر.

- ومِن الشِّركِ ما يُسمَّى بشِركِ القَصدِ والإرادة: وهو ما يتعلَّقُ بقولِهِ تعالى:
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴾
الكافرون/1-3، وفي قوله تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا
نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ
فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
هود/15-16؛ لأنَّهم يُريدونَ الدُّنيا. وجاءت في قول الله تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ
لَهُ ﴾ الأنعام/162-163.

- منها كذلك: شِركُ الطاعة: وهو يُوجَدُ على مَرِّ العصور والدُّهور.
أليس اللهُ يقول: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ الأنعام/57،
﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ الشورى/21،
وفي قول الله تعالى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ التوبة/31.
وجاءت في قول الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾
الأحزاب/67.

- مِن الشِّركِ: شِركُ المَحبَّة: جاء في قول الله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ
مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ البقرة/165.

- مِن الشِّركِ ما يُسمَّى: شِركُ الخَـوف: وهو ما يُسمَّى " خَوف السِّرِّ"،
والأصلُ: اللهُ تعالى يقولُ: ﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
آل عمران/175، ﴿ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ﴾ البقرة/150.
ويقولُ العُلماءُ: إنَّ الخَوفَ في أصلِهِ- يعني يُقصَدُ به- ( الشِّركيّ)
خوف السِّرّ؛ وهو الخَوفُ الاعتقاديُّ.
قالوا: وكذلك الخَوف العَمليّ الذي يُؤدِّي إلى تركِ شيءٍ من الواجباتِ،
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ آل عمران/173، دَلَّ على أنَّهم صَدَقوا
مع الله، فلَجأوا إليه، فكَشَفَ اللهُ عنهم ما هم فيه؛ ﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ
وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ﴾ آل عمران/174، كان هذا
ثمرة التَّوحيد؛ أنَّ قلوبَهم تعلَّقَت بالله، فأبدلَهم اللهُ بهذه الطُّمأنينة.

أمَّا ما يُسمَّى "الخَوف الطبيعيّ"، فهذا لا يُنكَر على الإنسان.

- ثُمَّ نَجِدُ بَعضَ العُلماءِ يُضيفُ مِن الشِّركِ النَّوعَ السادس، وهو: الشِّرك في التَّوكُّل.
ولهذا قال الله تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ الفرقان/58،
﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ إبراهيم/12،
﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ المائدة/23.
التَّوكُّلُ: هو اعتمادُ القلبِ على اللهِ تعالى.

أروى آل قشلان
29-03-14, 04:23 PM
نقل مبارك .. أحسن الله إليكِ أختي أم حاتم ونفع بكِ



• القاعِـدةُ الأولى:
المُؤلِّفُ- رَحِمَه الله تعالى- هُنا يُريدُ أن يُبيِّنَ أنَّ الكُفَّارَ الذين قاتلهم
النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- كانوا يُقِرُّونَ بتوحِيدِ الرُّبوبيَّة. والرُّبوبيَّةُ
يُقِرُّ به المُسلِمُ والكافِرُ، بل حتى البهائِمُ تُقِرُّ بربوبيَّةِ اللهِ تعالى،
وما يُوجَدُ أصلاً على وجه الأرضِ مَن يُنكِرُ رُبوبيَّةَ اللهِ تعالى
،،،

أُشكل عليَّ قول الشيخ - حفظه الله -

وما يُوجَدُ أصلاً على وجه الأرضِ مَن يُنكِرُ رُبوبيَّةَ اللهِ تعالى.

أحسب أن هناك فئات أنكرت توحيد الربوبية ، وإن كانت نادرة؛
كفرعون، والدهرية، والطبائعيين، والقائلين بالمصادفة كالملحدين .
نسأل الله العافية
والله أعلم.