معالي
12-08-09, 03:25 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أما بعد
هذا بحث قام به احد طلاب العلم ,فأحببت أن أنقله لكم لمسيس الحاجة إليه
فهذا ملخص حول علم مناهج البحث في العقيدة ، وهو علم حادث التسمية يهتم إجمالاً بدراسة دلائل المسائل العقدية ، ونظراً لأهميته –في نظري- وحثاً للأخوة المختصين في مجال دراسة العقيدة والفرق على الإدلاء بدلوهم في هذا الجانب ، فسأذكر فيما يلي إشارات مختصرة حول هذا العلم أسأل الله تعالى أن ينفع بها .
................................................
( مناهج البحث في العقيدة )
المنهج في اللغة :
المنهج لفظ مشتق من النهج تدور معانيه اللغوية حول الوضوح ، والاستبانة ، والاستقامة في الطريق.
يقول ابن فارس:( النهج: الطريق . ونهج لي الأمر : أوضحه ، وهو مستقيم المنهاج ... والجمع المناهج ..)([1]).
ويقول الفيروز آبادي:(استنهج الطريق صار نهجاً ، وفلان نهج سبيل فلان ، أي سلك مسلكه)([2]).
المنهج في الاصطلاح :
ويعرَّف المنهج في اصطلاح البحث العلمي بعدة تعريفات منها :
1- هو الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم ، بواسطة طائفة من القواعد العامة ، تهيمن على سير العقل ، وتحدد عملياته ، حتى يصل إلى نتيجة معلومة([3]).
2- الطريقة التي يتعين على الباحث أن يلتزم بها في بحثه ، باتباع مجموعة من القواعد العامة التي تهيمن على سير البحث ، ويسترشد بها الباحث في سبيل الوصول إلى الحلول الملائمة لمشكلة البحث([4]).
3- هو القانون أوالقاعدة التي تحكم أي محاولة للدراسة العلمية في أي مجال([5]).
وهذه التعريفات قريبة المعنى وإن اختلفت في اللفظ ، لأن مدارها على القواعد التي يسير عليها الباحث أو تسيِّره في سبيل بحث المسائل العلمية وصولاً للنتيجة الحقيقية .
- علم مناهج البحث في العقيدة :
هو علم يعنى بدراسة دلائل المسائل التي تذهب إليها كل فرقة أوطائفة أو مذهب من حيث مصادرهم ، وطريقتهم في الاستدلال ، وموقفهم من مصادر غيرهم ، وطريقتهم في دراسة العقيدة([6]).
أو يمكن أن يقال: إنه العلم الذي يعنى بدراسة الأصول والقواعد التي يُلتزم بها في مسائل الاعتقاد تلقياً وتقريراً .
- أهميـة المنهج في دراسة العلوم -إجمالاً-:
يرتبط المنهج ارتباطاً جذرياً بالعلوم ، ذلك أن شرط قيام العلم وتقدمه ، أن تكون هناك طريقة صحيحة تطوى تحتها شتات الوقائع ، والمفردات المبعثرة هنا وهناك ، بغية تفسير ما قد يوجد بينها من روابط أو علاقات ، تنظمها قوانين محددة .
وإن تأخر العلوم ناشيء – في العادة – عن تأخر المناهج ، بمعنى أن لا تكون هناك مناهج محددة وواضحة متفق عليها ، فيسير كل عالم – في فنه – على غير هدى وبصيرة يخبط خبط عشواء ، دون أن يصل إلى نتيجة مفيدة فتتعارض القضايا ، وتضطرب المسائل.
فتقدم العلم وتأخره مرتهن بمسألة المنهج ، يدور معها وجوداً وعدماً ، ولذا يمكن أن يقال: إن المنهج يحفظ للعلم نظامه واتساقه ، كما إنه يضبط العقل البشري ، والأعمال الذهنية بقواعد ثابتة ، بحيث تعينه على الوصول إلى الحقيقة فيما يبحثه من موضوعات ([7]).
- أهمية المنهج في مجال البحث العقدي :
وتتجلى أهمية المنهج العلمي في مجال العقيدة من خلال عدة أمور منها :
1- التوجيهات الشرعية في الكتاب والسنة التي تحث على سلوك السبيل القويم ، والطريق الصحيح في التماس العقيدة ، فمن ذلك قوله تعالى: ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ..)الأنعام/153 .
2- ذمه تعالى لمنهج الكفار وطريقتهم في مقابلة العقيدة الصحيحة التي جاءت بها الرسل عليهم السلام من عند الله تعالى ، كما قال سبحانه:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ)البقرة /170.
3- اشتمال كثير من النصوص الشرعية التي تعرض للعقيدة على أنواع من الأدلة العقلية التي تمثل مسالك منهجية لبحوث العقيدة ، حيث اشتملت على المسائل مع الدلائل في هذا المجال ، مما يدل على أهمية ارتباط الموضوع بالمنهج في العقيدة ، فمن ذلك:
قوله تعالى ملجئاً منكري وجوده سبحانه إلى قوانين الفطرة الإنسانية الأصلية:(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)الطور /35-36 . وكالأدلة التي ساقها سبحانه في تقرير قضية البعث مثل قياس التمثيل ، وقياس الأولى في أواخر سورة (يس) من قوله سبحانه:(وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ.. ) يس /78 إلى آخر السورة .
4- ومما يبين أهمية المنهج في المجال العقدي ، أن أساس الفُرقة التي ظهرت بين الطوائف والفرق الإسلامية ، هو تباين المناهج العقدية بين المنتسبين للإسلام ، وبعد كثير منهم عن المنهج الصحيح في تلقي العقيدة وتقريرها([8]).
- ومما تقدم يظهر أمران :
الأول: أن أصول هذا العلم موجودة في النصوص الشرعية ، الدالة على أهمية البحث عن المنهج الحق في المعتقد واتباعه ، والابتعاد عن المنهج الباطل فيه واطراحه .
الثاني: مدى الحاجة إلى الدراسات المتخصصة في مجال دراسة المناهج العقدية ، لبيان الحق فيها من الباطل ، وذلك وفق قواعد علمية يسير عليها الباحث ، وصولاً إلى نتيجة البحث الحقيقية .
- ولابد بعد هذا من التنبيه إلى أهمية أن تتسم هذه الدراسات في مجال المناهج العقدية بضوابط البحث العلمي عموماً ، ومنها :
1- الرجوع إلى مصادر العقائد المبحوثة ، والأمانة في النقل ، والدقة في العزو ، ونسبة الآراء إلى أهلها([9]).
2- التجرد للحق ، ونبذ الهوى والتعصب لغير الحق.
3- العدل والإنصاف والتزام آداب الخطاب . --------------------------------------------------------------------------------
([1]) معجم مقاييس اللغة ، (5/361) .
([2]) القاموس المحيط ، ص266 .
([3]) انظر: مناهج البحث العلمي ، د. عبدالرحمن بدوي ، ص5 .
([4]) انظر : أزمة البحث العلمي في العالم العربي ، د. عبدالفتاح خضر ، ص11 .
([5]) انظر: منهج البحث العلمي عند العرب في مجال العلوم الطبيعة والكونية ، د. جلال محمد موسى ، ص 273 .
([6]) انظر : مناهج البحث في العقيدة ، د. يوسف السعيد ، ص263 .
([7]) انظر : المصدر السابق ، ص 273 .
([8]) انظر : مناهج البحث في العقيدة الإسلامية في العصر الحاضر ، د . عبدالرحمن الزنيدي ، ص 19-24 .
([9]) انظر : مناهج البحث في العقيدة ، د. يوسف السعيد ، ص288 . رياض العمري
__________________
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أما بعد
هذا بحث قام به احد طلاب العلم ,فأحببت أن أنقله لكم لمسيس الحاجة إليه
فهذا ملخص حول علم مناهج البحث في العقيدة ، وهو علم حادث التسمية يهتم إجمالاً بدراسة دلائل المسائل العقدية ، ونظراً لأهميته –في نظري- وحثاً للأخوة المختصين في مجال دراسة العقيدة والفرق على الإدلاء بدلوهم في هذا الجانب ، فسأذكر فيما يلي إشارات مختصرة حول هذا العلم أسأل الله تعالى أن ينفع بها .
................................................
( مناهج البحث في العقيدة )
المنهج في اللغة :
المنهج لفظ مشتق من النهج تدور معانيه اللغوية حول الوضوح ، والاستبانة ، والاستقامة في الطريق.
يقول ابن فارس:( النهج: الطريق . ونهج لي الأمر : أوضحه ، وهو مستقيم المنهاج ... والجمع المناهج ..)([1]).
ويقول الفيروز آبادي:(استنهج الطريق صار نهجاً ، وفلان نهج سبيل فلان ، أي سلك مسلكه)([2]).
المنهج في الاصطلاح :
ويعرَّف المنهج في اصطلاح البحث العلمي بعدة تعريفات منها :
1- هو الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم ، بواسطة طائفة من القواعد العامة ، تهيمن على سير العقل ، وتحدد عملياته ، حتى يصل إلى نتيجة معلومة([3]).
2- الطريقة التي يتعين على الباحث أن يلتزم بها في بحثه ، باتباع مجموعة من القواعد العامة التي تهيمن على سير البحث ، ويسترشد بها الباحث في سبيل الوصول إلى الحلول الملائمة لمشكلة البحث([4]).
3- هو القانون أوالقاعدة التي تحكم أي محاولة للدراسة العلمية في أي مجال([5]).
وهذه التعريفات قريبة المعنى وإن اختلفت في اللفظ ، لأن مدارها على القواعد التي يسير عليها الباحث أو تسيِّره في سبيل بحث المسائل العلمية وصولاً للنتيجة الحقيقية .
- علم مناهج البحث في العقيدة :
هو علم يعنى بدراسة دلائل المسائل التي تذهب إليها كل فرقة أوطائفة أو مذهب من حيث مصادرهم ، وطريقتهم في الاستدلال ، وموقفهم من مصادر غيرهم ، وطريقتهم في دراسة العقيدة([6]).
أو يمكن أن يقال: إنه العلم الذي يعنى بدراسة الأصول والقواعد التي يُلتزم بها في مسائل الاعتقاد تلقياً وتقريراً .
- أهميـة المنهج في دراسة العلوم -إجمالاً-:
يرتبط المنهج ارتباطاً جذرياً بالعلوم ، ذلك أن شرط قيام العلم وتقدمه ، أن تكون هناك طريقة صحيحة تطوى تحتها شتات الوقائع ، والمفردات المبعثرة هنا وهناك ، بغية تفسير ما قد يوجد بينها من روابط أو علاقات ، تنظمها قوانين محددة .
وإن تأخر العلوم ناشيء – في العادة – عن تأخر المناهج ، بمعنى أن لا تكون هناك مناهج محددة وواضحة متفق عليها ، فيسير كل عالم – في فنه – على غير هدى وبصيرة يخبط خبط عشواء ، دون أن يصل إلى نتيجة مفيدة فتتعارض القضايا ، وتضطرب المسائل.
فتقدم العلم وتأخره مرتهن بمسألة المنهج ، يدور معها وجوداً وعدماً ، ولذا يمكن أن يقال: إن المنهج يحفظ للعلم نظامه واتساقه ، كما إنه يضبط العقل البشري ، والأعمال الذهنية بقواعد ثابتة ، بحيث تعينه على الوصول إلى الحقيقة فيما يبحثه من موضوعات ([7]).
- أهمية المنهج في مجال البحث العقدي :
وتتجلى أهمية المنهج العلمي في مجال العقيدة من خلال عدة أمور منها :
1- التوجيهات الشرعية في الكتاب والسنة التي تحث على سلوك السبيل القويم ، والطريق الصحيح في التماس العقيدة ، فمن ذلك قوله تعالى: ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ..)الأنعام/153 .
2- ذمه تعالى لمنهج الكفار وطريقتهم في مقابلة العقيدة الصحيحة التي جاءت بها الرسل عليهم السلام من عند الله تعالى ، كما قال سبحانه:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ)البقرة /170.
3- اشتمال كثير من النصوص الشرعية التي تعرض للعقيدة على أنواع من الأدلة العقلية التي تمثل مسالك منهجية لبحوث العقيدة ، حيث اشتملت على المسائل مع الدلائل في هذا المجال ، مما يدل على أهمية ارتباط الموضوع بالمنهج في العقيدة ، فمن ذلك:
قوله تعالى ملجئاً منكري وجوده سبحانه إلى قوانين الفطرة الإنسانية الأصلية:(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)الطور /35-36 . وكالأدلة التي ساقها سبحانه في تقرير قضية البعث مثل قياس التمثيل ، وقياس الأولى في أواخر سورة (يس) من قوله سبحانه:(وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ.. ) يس /78 إلى آخر السورة .
4- ومما يبين أهمية المنهج في المجال العقدي ، أن أساس الفُرقة التي ظهرت بين الطوائف والفرق الإسلامية ، هو تباين المناهج العقدية بين المنتسبين للإسلام ، وبعد كثير منهم عن المنهج الصحيح في تلقي العقيدة وتقريرها([8]).
- ومما تقدم يظهر أمران :
الأول: أن أصول هذا العلم موجودة في النصوص الشرعية ، الدالة على أهمية البحث عن المنهج الحق في المعتقد واتباعه ، والابتعاد عن المنهج الباطل فيه واطراحه .
الثاني: مدى الحاجة إلى الدراسات المتخصصة في مجال دراسة المناهج العقدية ، لبيان الحق فيها من الباطل ، وذلك وفق قواعد علمية يسير عليها الباحث ، وصولاً إلى نتيجة البحث الحقيقية .
- ولابد بعد هذا من التنبيه إلى أهمية أن تتسم هذه الدراسات في مجال المناهج العقدية بضوابط البحث العلمي عموماً ، ومنها :
1- الرجوع إلى مصادر العقائد المبحوثة ، والأمانة في النقل ، والدقة في العزو ، ونسبة الآراء إلى أهلها([9]).
2- التجرد للحق ، ونبذ الهوى والتعصب لغير الحق.
3- العدل والإنصاف والتزام آداب الخطاب . --------------------------------------------------------------------------------
([1]) معجم مقاييس اللغة ، (5/361) .
([2]) القاموس المحيط ، ص266 .
([3]) انظر: مناهج البحث العلمي ، د. عبدالرحمن بدوي ، ص5 .
([4]) انظر : أزمة البحث العلمي في العالم العربي ، د. عبدالفتاح خضر ، ص11 .
([5]) انظر: منهج البحث العلمي عند العرب في مجال العلوم الطبيعة والكونية ، د. جلال محمد موسى ، ص 273 .
([6]) انظر : مناهج البحث في العقيدة ، د. يوسف السعيد ، ص263 .
([7]) انظر : المصدر السابق ، ص 273 .
([8]) انظر : مناهج البحث في العقيدة الإسلامية في العصر الحاضر ، د . عبدالرحمن الزنيدي ، ص 19-24 .
([9]) انظر : مناهج البحث في العقيدة ، د. يوسف السعيد ، ص288 . رياض العمري
__________________